رد : أهل السنة والجماعة
كُتب : [ 15 - 05 - 2008 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الصفات المميزة لأهل السنة والجماعة
الـحـمـد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبيه محمد ، وعلى آله و صحبه أجمعين ، أما بعد : فحديث الإفــتـراق من الأحاديث المشهورة ، أخرجه كثير من أصحاب الحديث في كتبهم ، وهو كما قال عنه الحاكم : هذا حديث كثر في الأصول ومن أجمع ألـفـاظــه ، ما رواه عوف بن مالك الأشجعي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « افـتـرقـــت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة وسبعين في النار ، وافترقت الـنـصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، فإحدى وسبعين في النار ، وواحدة في الجنة ، والذي نفسي بـيـده لـتـفـتـرقـن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، فواحدة في الجنة ، واثنتان وسبعون في النار . قيل : يا رسول الله من هم ؟ قال : الجماعة ».
وأولى من يؤخذ منه تفسير كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم صحابته الكرام - رضي الله عنهم أجمعين -.
وتفسير الجماعة المرادة في هذا الحديث فسره العالم الرباني والصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
فعن عمرو بن ميمون قال : قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقع حبه في قلبي ، فلزمته حتى واريته في التراب بالشام . ثم لزمت أفقه الناس بعده عبد الله بن مسعود ، فذكر يوماً عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال : صلوها في بيوتكم ، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة . قال عمرو بن ميمون : فقيل لعبد الله بن مسعود : وكيف لنا بالجماعة ؟ فقال لي : يا عمرو بن ميمون إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة ، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك .
وعن الحسن البصري قال : الــسـنـة ، والذي لا إله إلا هو ، بين الغالي والجافي ، فاصبروا عليها رحمكم الله ؛ فإن أهل الــســنــة كانوا أقل الناس فيما مضى ، وهم أقل الناس فيما بقي ؛ الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم ، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم ، فكذلك إن شاء الله فكونوا .
وعلى ضــوء مــا سبق ذكره ، فإن تعريف أهل السنة والجماعة يمكن أن يقال بأنهم : من وافق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً على منهاج الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين -.
ومن خلال النظر في منهج أهل السنة ، وفي حال أهل البدع نجد أن لأهل السنة خصائص ومميزات تميزهم عن غيرهم ، وهذه الخصائص والمميزات نتيجة للمنهج العقدي الذي يتميزون به عن غيرهم .
ولذلك فإننا نذكر هنا أهم مميزات وخصائص عقيدة أهل السنة والجماعة :
أولاً : الاهتمام بكتاب الله – عز وجل – حفظا وتفسيرا وتلاوة ، والاهتمام بالحديث معرفة وفهماً وتمييزاً لصحيحه من سقيمه ، لأنهما مصدر التلقي .
ثانياً : العمل إنما يكون بالعلم ، فالعلم ، فالعلم ليس غاية ، وإنما هو وسيلة للعمل به .
قال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [ فاطر : 28 ]
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إنما العلم الخشية ، فمن أوتي شيئاً من العلم ولم يؤت مثله من الخشوع فهو مخدوع .
ثالثاً : الدخول في الدين كله ، والإيمان بالكتاب بكله ، فيؤمنون بنصوص الوعد ونصوص الوعيد ، وبنصوص الإثبات ونصوص التنزيه ، ويجمعون بين الإيمان بقدر الله ، وإثبات إرادة العبد ومشيئته وفعله ، كما يجمعون بين العلم والعبادة ، وبين القوة والرحمة ، وبين الأخذ بالأسباب ، وبين صدق التوكل على الله .
رابعاً : الاتباع ، وترك الابتداع ، ونبذ الفرقة والاختلاف في الدين .
خامساً : الاقتداء والاهتداء بأئمة الهدى العدول المقتدى بهم في العلم والعمل والدعوة ، وهم الصحابة ومن سار على نهجهم ، ومجانبة من خالف سبيلهم .
سادساً : الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق ، وتوحيد صفوفهم على التوحيد والاتباع ، وإبعاد كل أسباب النزاع والخلاف بينهم .
ومن هنا ؛ لا يمَيَّزون على الأمة في أصول الدين والاعتقاد باسم سوى : (( السنة والجماعة ))، ولا يوالون ولا يعادون على رابطة سوى الإسلام والسنة .
سابعاً : التوسط
فهم في الاعتقاد وسط بين فرق الغلو وفرق التفريط ، وهم في الأعمال والسلوك وسط بين المفرِّطين ، والمفْرطين .
ثامناً : الدعوة إلى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر ، والجهاد بمفهومه الواسع الشامل وضوابطه الشرعية ، وإحياء السنة بنشر العلم ، وإيجاد القدوة والدعوة إلى ذلك ، والعمل لتجديد الدين ، وإقامة شرع الله وحُكمه في كل صغيرة وكبيرة .
تاسعاً : الإنصاف والعدل :
فهم يراعون حق الله تعالى لا حق النفس أو الطائفة ، ولهذا لا يغالون في مُوَال ، ولا يَجورون على مُعاد ، ولا يَغمِطون ذا فضل فضله أيَّا كان .
عاشراً : التوافق في الأفهام والتشابه في المواقف رغم تباعد الأقطار والأعصار ، وهذا من ثمرات وِحدة المصدر والتلقي .
حادي عشر : الإحسان ، والرحمة ، وحسن الخلق مع الخلق كافة .
ثاني عشر : النصيحة لله ، ولكتابه ، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأئمة المسلمين وعامتهم .
ثالث عشر : الاهتمام بأمور المسلمين ، ونصرتهم ، وموالاتهم ، وأداء حقوقهم ، وكفُّ الأذى عنهم ، مع دوام الدعاء لهم .
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم اهدنا صراطك المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين
آمين ، وصلى الله على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين .
|