شابت لحانا ما لحقنا هوانا = عزي لمن شابت لحاهم على ماش
كُتب : [ 12 - 08 - 2008 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
= : (( شابت لحانا ما لحقنا هوانا = عزي لمن شابت لحاهم على ماش )) : =
إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : هذا بيت شعري بالغ الشهرة نرددة بين حين و اّخر دون أن نفكر في قائلة وفي السطور القادمة سنحاول التعرف على الشاعر الذي أطلق هذة الصرخة . ذكر الباحث / سليمان النقيدان رحمه الله في مؤلفة القيم عن شعراء بريدة قائلا : هذا البيت لشاعر يدعى / مبارك بن مرجان عاش أواسط نجد وتوفي قبل تسعين عاما من يومنا هذا . ولد مبارك سنة 1275هجرية ميلاديا عام 1859 في عين ابن فهيد ( بالقصيم ) كان مملوكا أسود البشرة لاّل فهيد من الأساعدة ثم إنهم أعتقوة لوجة الله بعد ذلك وقيل في رواية أخرى أنة كان مملوكا لاّل مجلاد شيوخ الدهامشة من قبيلة عنزة . وعاش شاعرنا في الأسياح وكان فقير الحال يعمل في المزارع طوال اليوم مقابل رزمة من سنابل القمح يعود بها إلى زوجتة اّخر النهار لتطحنها وتصنع منها وجبة يقتاتون منها ؛ وفوق ذاك الفقر الذي عانى منة / مبارك بن مرجان كان مصابا بالعقم فلم يرزق بذرية تعينة عند الكبر وهو يصور معاناتة في أبياتة المشهورة التي ذكرنا أحدها قبل سطور وهو يقول فيها :
شابت لحانا مالحقنا هوانا
= عزي لمن شابت لحاهم على ماش
صرنا نكد وكدنا ما كــفانا
= عيشة وزا يالله على الكر نعتاش
نبي نغرب كان ربي رشانا
= وإلا نطوش بمصر من عرض ما طاش
ويشيرا النقيدان إلى أن هذة الأبيات اختطلت لدى بعض الرواة بقصيدة أخرى للشاعر / فهد الخرينق وأولها يقول :
والله يالولا الفقر يزوي حشانا
= لأزمي كما يزمي على البير غطاش
كما تنسب أبيات / مبارك بن مرجان الثلاثة إلى الشاعر الكريم الشيخ / مناحي بن معدل السهلي والله أعلم . وتجدر الإشارة إلى ما ذكرة الأستاذ / ابراهيم اليوسف من أن هذة الأبيات قالها / مبارك بن مرجان في سنة من سنوات الجدب الشديدة التي مرت على أهل نجد من بادية وحاضرة وسميت بأسماء عديدة منها ( سنة الجوع ) و ( سنة السلاق ) و ( سنة سحبة ). ومن المواقف الطريفة التي تدل على فقر شاعرنا ( مبارك ) وسلاطة لسانة حتى تجاه من يماثلونة في اللون ما يحكي من أنة كان يسير في بعض الطرقات ويعاني العطش الشديد والإجهاد فمرت بة بعض الجواري اللاتي يعلمن عند أسيادهم يحملن قربة الماء العذبة من مورد ( المطوعية ) جنوب العين فطلب منهن شربة ماء تروي ظمأه ؛ فرفضن التوقف لة وبعد ذلك مرت بة بعض النساء الحرائر من فكرر عليهن الطلب فتوقفن لة وأسقينة من الماء فصور هذا الموقف بأبيات تقارن بين تواضع الحرائر وقسوة الجواري علية فقال :
يا ليت من يقعد على الجسر راصود
= أقعد على الجسر الجنوبي لحالي
نبي نعزل البيض عن لمة السود
= ونضرب الطرش الجهام الشمالي
عساة يجفل جفلة لين أبا الدود
= والثانية يجفل ولالة توالي
الراس منهن كنة الكبن ملبود
= وإلا عراد في شخانيب جالي
المشط منهن يشكي الكد والكود
= وباقي سنونة صار فيهن ميالي
ومن الطرائف التي يتداولها الناس عن شاعرنا ما ذكر عن علاقتة بزوجتة التي كانت امرأة مدبرة ولكنها كانت دائمة القلق من احتمالية زواج ( مبارك ) بإمرأة أخرى بسبب مسألة العقم التي لم تكن المسؤلة عنها وذات يوم جاءت ( دلالة ) عجوز تدور على البيوت وتبيع ما تحتاجة النساء من أدوات زنية وتمكنت من اقتاع زوجة ( مبارك بن مرجان ) بأن تقتني بعض الأشياء لكي تحلو في عين زوجها ولم تطلب مقابل سوى ما يوجد في البيت من طعام ؛ بالعفل حصل ذلك وفي اّخر النهار عاد شاعرنا مبارك متعبا من البحث المضني دون جدوى طوال النهار عن عمل في المزارع ورجع خالي الوفاض معتمدا على ما تختزنة الزوجة في البيت من طعام ؛ لمثل هذة الظروف وعندما عاد وجد زوجتة متزينة بالكحل والرهش ( البودرة ) والقلائد الرخيصة ؛ وتتغنج علية بهذة الزينة بينما البيت لا يحتوي على لقمة واحدة تسد الرمق !! ولكن الزوجة لم تهتم بجوع شاعرنا بل راحت تسألة عن رأية في زينتها وجمالها . موقف كوميدي كهذا فجر شاعرية ابن مرجان ومضى يصفق يدية يمينا وشمالا . وهو يقول :
أنا حلصت غمر ما يشالي
= تاجي دلالة تاخذ حصيلة
تجي للبيت عند أم العيالي
= وتمدحها لما تغدي دليلة
تقول العنق يا عنق الغزالي
= ولك خد ولك عنق وجديلة
ألا يالعبد رح صوب الشمالي
= تحوش المال وأنعام فضلية
تراك بنجد ما تسوى ريالي
= ولا تسوى ولا خوصة فسيلة
ملاحظة : كل أشعار / مبارك بن مرجان قليلة ومتقطعة وذلك راجع لتعلقه وحبه أن يحقق شيئ في السفر مع تجار العقيلات إلى بلاد الشام فقد كانت هذة أول وسائل تحقيق الثراء التي تراود سكان القصيم المعروفين في الطموح والجرأة في التجارة والأسفار . وفي السنوات الأخيرة من حياتة شارك شاعرنا سنة 1333 هجرية 1915 للميلاد في معركة ( جراب ) ضمن جيش الملك / عبدالعزيز وقال هذة الأبيات يرثي بعض ممن قتلوا في المعركة من أقاربه ومعارفه قائلا :
الله يا يوم حضرناة بجراب
=. عساة ما يجري على المسلميني
كم واحدن عض الأصابع بالأنياب
= من حر ما يوجس من المارتيني
أول بكايه ولد عمي ذياب
=. واّخر بكاي على الطيبيني
ليت الفقيدة بالبنادق وبركاب
= وعيالنا وأهل النضا سالميني
أنا حضرتة يوم ثارن الأطواب
= والى ذكرتة طار عني اليقيني
وبعد هذة المعركة بثلاث سنوات توفي شاعرنا / مبارك بن مرجان سنة 1338 هجرية ميلاديا عام 1919. رحمه الله عز وجل وأسنكه فسيح جناته . منقول بتصرف يسير وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|