عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 2 )
راعي الأوله
عضو نشط
رقم العضوية : 90
تاريخ التسجيل : 22 - 04 - 2003
الدولة :
العمر : 47
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 53 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : راعي الأوله is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
كُتب : [ 27 - 04 - 2003 ]

بداية الجزء الثاني

((فــنــــــــاء و..........)))

مر عام ومائة عام والف عام والف ألف عام بليت الأجساد في قبورها وتحولت الى تراب وامتدت المدينة الى المقابر القديمه فصارت القبور مساكن ثم بليت المساكن ثم بليت المساكن وعادت قبورا تعاقبت دورة الحياة حتى نفخ فى الصور فصعق من في السماوات والأرض ألا من شاء الله.......
فنى الأحياء جميعا وتكاملت عدة الموتى....
خلت من سكانها الأرض والسماوات فصاروا خامدين بعد حركتهم فلا حس يسمع ولاصوت يهمس ولاشخص يرى ولا كائن يدب على الأرض أو يعبر السماء...
صفرت الرياح فى الأرض التى خلت الأن من جنس البشر...
مات الخلآئق وبقى رب الخلائق منفردا بجلاله مستعليا بأنواره قائما بنفسه مستغنيا بذاته عمن سواه...
قهر الموت كل حي وبقى الجبار الأعلى على عرشه سبحانه مرت أزمنه وأزمنه..
ثم شاء الله تبارك وتعالى أن ينفخ أسرافيل في بوقه النفخه الثانية فأمره أن يفعل..
التقم اسرافيل البوق ونفخ فيه وهو يتمتم..
(وما قدرا الله حق قدره..والأرض جميعا قبضته يوم القيامه والسماوات مطويات بيمينه سبحانه ةتعالى عما يشركون)
كانت هذه النفخه أمرا من الله تعالى أن يبدأ يوم القيامة أطول يوم فى تاريخ الكون لقد عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الأنسان اليوم تموت السموات والأرض والجبال ويستيقظ الأنسان من موته ليسأل عن أمانته.
كان مشهد موت الكون رائعا ورهيبا معا...
بدأ اليوم بتحطيم القوانين الحاكمه للكون..وأنفرط عقد النظام المحكم الذى سير المجرات أحقابا وأزمنه حين بدأ الكون يموت صدر الأمر الى الموتى المكلفين أن يقوموا من الموت.
لم يكد الأمر يصدر لهم حتى أطاعوا جميعا ونهضوا من الموت كانت عظامهم قد تحللت وفنيت وصارت ترابا من تراب الأرض ودخلت أجسادهم ملايين التحولات والتبدلات فمن لحم ودم وعظام الى سيقان وردة الى أبريق خزفي الى فحم فى باطن الأرض الى ماسه مشتعلة الى تراب...
كان كل شئ ينتهي الى تراب رغم هذا كله لم يكد الأمر الألهي يصدر الى الموتى بالقيام من الموت حتى قاموا عادوا من العدم الى الوجود كما قلبوا قبل ذلك من العدم ونهض مسرور ومقرور.

(( قيـــا مـــة المـو تــى))

تشققت الأرض عن قبور موتاها وبدأوا ينهضون زوجت الأرواح للأجساد زواجا مؤبدا هذه المرة وأعيد وصل تيار الوعى الذي أنقطع كانوا جميعا عرايا مغبرين بالتراب حفاة...
نهض مسرور داخل قبره فوجد مقرور يقف جواره..
سأل مسرور بصلف:من أنت...وماذا تفعل هنا؟
قال مقرور محدثا نفسه:ياألهي ألم نكن موتى؟
دفعت كلمة مقرور في نفس مسرور خوف مفاجئ ارتعش دم مسرور في عروقه وعاد يسأل: ليس وجهك غريب على ألست الرجل الذي حكمنا عليه تهمة الخيانه..؟
قال مقرور: نعم أيها السيد الأعظم ألست السيد الأعظم ..لقد حوكمت بتهمة الخيانه كما تقول كنت أومن بيوم القيامه وها نحن نقوم من الموت....
قال مسرور مكابرا: كنا نحلم أيها الأحمق كان هذا حلما مخيفا أين قائد الحرس؟ أين كبير البصاصين..؟؟

فى قاع روحه تأرجح أحتمال واحد أن يكون مقرور صادقا لعله مات حقا ولم يكن ما رأه حلما مخيفا كما يظن أن مشهد الزائر الغامض الذي سقاه كأس الموت لم يكن حلما كما أن مشهد العذاب في قبره كان أقسى من أن يكون حلما يبدو أنه مات وقام من الموت أخافته هذه الفكرة أكثر مما أخافه اى شئ أخر...

وتأمل مسرور ملامح مقرور وأحس بالندم فجأة هذا رجل مسكين لا يبدو عليه التأمر فكيف حاكمه بهذه التهمه وأمر بأعدامه لقد تسرع في الحكم عليه لقد تسرع قليلا لكن كيف كان أن يصدقه وكل التقارير التى تأتيه من وزرائه وقادة جنده كانت تؤكد العكس تماما....
لاحظ مسرور أنه يسير كان هناك ألاف الموتى الذين بعثوا من نفس القبر وازدحموا في أتجاه الفتحه التى توصل الى الأرض..
تسأل مسرور بينه وبين نفسه : الى أين أسير مسرعا هكذا من الذي أمرني أن أقوم اين ملابسي وقصري اين خدمي وجنودي من الذى أمرني أن أنهض ومن الذي يحرك أقدامي أين سلطاني...؟

خرجا من الشق وسارا على الأرض كانت الشمس تختلف عن الشمس القديمه كانت تقرب من الأرض وتحتضر فى نفس الوقت دهم مسرور خوف غامض ولاحظ هناك أثنين يعرفهما يسيران أمامه وخلفه كان الذى يسير أمامه يقود الطريق دون أن يتكلم أو يقول شيئا وبدا أنه يسوقه سوقا أما الذى كان يسير خلفه فكان يبدو أنه ملتصق به مثل التصاق الشاهد بالجاني...
أدرك مسرور أنه ليس حرا في السير كما يحب أدرك أنه مقبوض عليه.

(( أنفجــــــــار البحر))

توقف مسرور فسأله السائق: لماذا توقفت؟
رد مسرور حانقا: أين تذهبان بي؟
لم يجبه السائق ودفعه الشهيد في ظهره وقال: ألا ترى اننا جميعا مأمورون؟ تحرك أنك تعطل الطريق...

وعاد مسرور يسير...

كان مقرور يسير بجواره كانت حركة مقرور أبطئ قليلا من حركة مسرور ولم يكن مقرور يزيد على قوله : ياألهي ياألهي كان يطمئن نفسه بالتشبث بذكرى خالقه كان مقرور هو الأخر قد أدرك أنه موضع حراسه جيدة من كائن يسوقه وكائن يمشي خلفه كظله والتفت مقرور لأحدهما وسأله هامسا: ماذا يحدث؟
قال له الكائن بود شديد: هذه بداية القيامة...
قال مقرور: أذا كان هذا الهول هو بدايتها فكيف تكون النهايه.
قال له الكائن: اسرع قليلا في سيرك..
وعادوا يسيرون..
كانت الأرض تمتلئ بالخارجين من القبور فوجا بعد فوج وأمه بعد أمة وشعبا بعد شعب وأختلط خروج الموتى بنهاية العالم الذى عرفوه...
اشار أحد المبعوثين من موتهم وصرخ: أنظروا الى البحر..
أتجهت الأنظار الى البحر كان البحر يحتضر بطريقته الخاصه أن هوائه العليل وموجه البارد يتحولان الأن الى دخان وأنفجارات كانت تمزق صدر الهواء بصوت راعد مزلزل...
وبدأ البحر ينفجر أن كل ذره من ذرات المياه وكل نواة من نويات ذراته كانت تنفجر...وها هو الهواء البحري العليل يتحول الى صهد ناري أزرق وها هو الموج المائي يتحول الى نار...

ووقف مسرور ومقرور وسط الحشد يتأملون مايحدث كان هؤلاء يعرفون أن الماء يطفئ النار عرفوا هذه البدايهيه من حياتهم يعرفون أن الماء يطفئ النار وهاهو الأمر البديهى يسفر عن وجهة الأن أن الماء لا يطفئ النار الأن أنما يتحول الى نار وأندفع الحشد البشري مبتعدا عن البحر..

وتزايد عدد الخارجين من القبور كثر الخلق وأحتشدو وبدا أن الأرض تتشقق عن الأجيال لا نهائيه من البشر رجال ونساء وأطفال وشيوخ وجوه مختلفه والوان مختلفه وألسنه مختلفه وتعبيرات من الروع مختلفه حشد هائل راح يتسع ويمتد ويستطيل ويكبر....
كانت هناك سلسلة من الجبال عند نهاية المشهد وكانت الجبال تعترض امتداد البشر وتزايدهم وصار مقرور ومسرور الأن نقطتين وسط هذا الحشد البشري الهائل...

((نســـف الجبــال))

أقترب الحشد البشري من الجبال...
كان مسرور مذهولا تماما من مشهد انفجار البحر وتحول أمواجه الى نار ودخان أما مقرور فقد تأكد الأن أنه كان ميتا ثم بعث من الموت لقد صدق مقرور أذن...
كيف استطاع رجل واحد أن يعرف حقيقة خفيت عن نظام بأكمله واقترب مسرور من مقرور وقد بات يحس الأن بلون من الطمأنينه جواره...
سأل مسرور: ما معنى ما يحدث؟
قال مقرور: أنها القيامه
قال مسرور معتذرا: لقد كنت على حق ارجو ألا تكون غاضبا بسبب أعدامك.
لم يرد مقرور بشئ كان شعوره بالعجب أكبر من شعوره بالهول أما مسرور فلقد أعتبر صمت مقرور عداء مضمرا فتحرك بعيدا عنه فى قاع روحه كان مسرور يوقن أن خطرا داهما يحدق به ولقد حاول الأفلات أكثر من مرة من حارسيه وكان يميل فجأة جهة اليمين أو جهة اليسار ثم يندس فى الحشد البشري ويسرع السير ثم يجري ثم يعاود السير فيكتشف أن أحد حارسيه أمامه والثاني خلفه.
كانا يلتصقان به بشكل خفى وأدركه اليأس وفكر أنه يجب أن يستعين بأحد لو كان قائد جيشه وكبير البصاصين أو رئيس العسس معه الأن لتغير الموقف على الأقل كان يحس ببعض الأمن والأمان وراح يتلفت بوجهه بحثا عنهما لكنه أدرك عقم المحاوله لقد كان يبحث كمن يبحث عن أبرة في وسط البحر..
وتكامل أحساس مسرور أنه سجين يقاد وسط حشد هائل يقادون مثله الى أين لا أحد يدري.
أقترب الحشد البشري من الجبال فوقع أمر مدهش.
أقتلعت اليد القدرة الخفيه الجبال من مكانها ورفعتها أمام هذا الحشد الهائل وأخلت بذلك الطريق أمامه ليتسع.
وارتفعت رؤوس البشر تنظر الى الجبال راحت الجبال تمر مر السحاب ثم بدات تنفجر أنفجارات متتاليه كل نواة صخريه كانت تنفجر كنواة وتؤدي ألى أنفجارات نوويه لغيرها..
وتحولت الجبال الى شئ يشبه الصوف المنقوش الذى تحول الى دخان لم يلبث أن تبدد صارت الأرض قاعا صفصفا لاترى فيها عوجا ولاأمتا استوت الأرض حين نسفت الجبال فلم يعد فيها أنخفاض ولا بروز ولاميل ولا تعرج ثمة امتداد واحد مستوي مخيف..
وأنساحت كتله من البشر في المكان الذى خلا بموت الجبال.

((حشر الوحـــوش))

مادت الأرض حين اقتلعت أوتادها الجبلية مثلما تميد خيمة في الصحراء قد نزعت أوتادها وتركت وحيدة منفردة أمام رياح الصحراء الشتائيه العاتية وتضارب البشر وتخبطوا ومالوا مع ميل الأرض كان واضحا أن الجبال قد نسفت بشكل اباد مادتها من الوجود وكان واضحا أن ما يحدث هو بداية لشئ هائل لم يحدث بعد وبدأ الحشد البشري يرتعش بنغم واحد هو الهول..
قال مقرور لنفسه: رحمتك يارب لطفك يارب...
أما مسرور فكان يحس بهول الموت يأتيه من كل جانب ولا موت هناك ولا راحه...

من شقوق الأرض كان البشر يخرجون ومن ارجاء الكون كان الجن يحشرون ومن فجاج الأرض كانت الوحوش تخرج.
كان مشهد الجن الجن وهو يتقدم عن يمين البشر مخيفا لقد ظهر هولهم بظهور صورهم الحقيقيه ولكن هولهم لم يؤثر فى البشر فقد كان هول ما يجري هو العنصر الحاكم للموقف وبدأ الجن في ذهول مما يجري حولهم في الكون الذى طالما تسابقوا بين كواكبه ولعبوا فى خلائه......
وأقبلت كتله الوحوش عن يسار البشر كان عدد الوحوش يزيد كل لحظه وهم يخرجون من الآرض ويسيرون وقد نكسوا
رؤوسهم من الهول حشرت جميع الوحوش أسود ونمور وصقور ووعول وكلاب وخراف وجميع أشكال الحيونات وأقبلت مجموعه من الأسود نحو مسرور توقف مسرور عن سيره وأدركه رعب غامض لقد اصطاد في حياته مجموعه من الأسود لعل من بين هؤلاء أحدهم وقد جاء ينتفم منه...
عبرت الأسود مسرور وتجاوزت مكانه وانطلقت تجري مندفعه لاحظ بين هذه الأسود خروف صغير كان يجري هو الأخر لاحظ أن الأسود لم تلتفت الى الخروف الصغير كما أن الأسود لم تخيف هذا الخروف...كان واضحا أن الهول النازل على الأرض قد حبس الوحوش عن صفاتها الوحشية أو أنساها صفاتها الغريزيه..
وها هو الأسد يجري جوار الأسد يجري جوار الوعل فلا يشتهى افتراسه ولا يفكر فيه ولا يراه من فرط ما يحسه من هول..
وتصاعد الهول بحشر الجن والوحوش..
كان مسرور ومقرور الأن قد التصق بعضهما ببعض وبدأ مسرور يحس بلون من الخوف لم يعرفه قبل ذلك...
التفت الى مقرور وسأله كم لبثنا موتى أقصد كم لبثنا أحياء قبل الموت أقصد كم لبثنا أحياء وموتى..
قال مقرور: الله أعلم أن أحساسي أننا لبثنا اياما وربما ساعات.

((اللحظات الأخـــــــــــيرة))

كان ما يجري أكبر من أحتمال الجن والبشر والوحوش وكانت الأرض لم تزل تخرج كل من دب عليها منذ هبوط سيدنا أدم اليها....
وأدرك الحشد يوم الحشر أنهم يشهدون نهاية عالمهم الذى عاشوا فيه حين كانوا أحياء وعرفوه حين كانوا يدبون فوقه.
أن عالما بأكمله يتهاوى محطما أمامهم..
البحار تنفجر والجبال تنسف والقمر يتحطم والنجوم تهوى باردة والشمس تقترب من الأرض وقد هوت فى الفراغ بعد ان تحررت من القوانين التى كانت تمسك بها...
وأدرك الحشد المحشور الذى نهض من الموت أنه يشاهد اللحظات الأخيرة فى الكون الذى عرفوه...
وقعقع صوت حطام الكون كله وهو يهوى ساجدا لله الواحد القهار..
فهم الحشد أن الكون يسجد لخالقه..
فهموا هذا جميعا بلا أستثناء وأضيف الى الهول الخارجي هول نفسي وهم يقتربون من اللحظه الفاصلة.
واقتربت الشمس من الأرض..
وأقترب مسرور من مقرور مروعا وقال: ما الذي يحدث للشمس..؟
كان مقرور يتأمل الشمس وهى تندفع بجرمها فى الفضاء قادمه نحو الآرض وهى تكبر كلما اقتربت ومنعه الهول أن يجيب..
وأشتدت الحرارة حين اقتربت الشمس من الأرض وبدأ الخلائق جميعا يعرقون كان العرق ينحدر من أجسادهم جميعا الى الارض وأختلط العرق بالتراب بصهد الأنفجارات الكونية حتى أحس مسرور أنه يسير فى ماء يغلي..
ثـقلت حركة اقدامه فنظر تحته فاذا بالماء يرتفع من الأرض حتى ركبتيه ونظر الى مقرور فوجده يعرق لكن عرقه لم يكن بهذه الوفره فملآته الدهشة..
واقتربت الشمس من الأرض أكثر وثقلت حركة مسرور أكثر ونظر تحت قدميه فأذا الماء يبلغ صدره ونظر الى مقرور فاذا الماء عند كعبيه وبدأ مسرور يحس أنه سيغرق بدا يحس أنه يموت وملآه هذا الأحساس بسراب واهن من الأمل أن الموت راحه كبرى أذا قيس بما يحسه الأن ولكنه كان يدرك أن الموت اصبح أمنية مستحيله..
وارتفع الماء الى رقبته ورغم ذلك ظل يسير كانت فكرة أنه يمكن أن يغرق فى عرقه تبدو له اقسى من قدرته على فهمها..
وأقتربت الشمس أكثر فأكثر...
وقدح الحول زمام الخلق فاندفعوا يفرون...

((فـــرار))

أقتربت الشمس أكثر وأكثر ومادت الأرض أكثر وأكثر وبدأ الخلق يفرون بعضهم يفر من بعض من هول ما يحدث فقد مسرور اثر مقرور واندفع يجري في تجاة اليسار أختلط ألأنس والجن بالوحوش والطير...

أن اصوات الأنفجار وانقلاب الأوضاع وانهيار عناصر الكون واهتزاز الأرض واضطرابها كان يدفع الجميع الى الفرار...
جرى مسرور مذعورا يريد النجاة بنفسه...
أنتهى الأمر ومات الأمر داخله الأمل فى النجاة أدرك هذا وهو يجري قاصدا لاشئ كان يجري يائسا مدركا أن الجري والوقوف سواء.........
فجأة شاهد قائد جنده وكبير البصاصين جواره اندلع داخله فرح مؤقت وصرخ يناديهما...
التقت اليه قائد الجند فكان وجه منقلبا من الفزع ولم يبد عليه أن تعرف عليه صرخ ينادي كبير البصاصين أن ينقذه ولكن كبير البصاصين صرخ فيه وهو يعدوا مبتعدا..
-نفسي نفسي
عاد يصرخ عليه ولكنه اختفى وهو يلعن مسرور ويسبه..وأنطفأ الفرح داخل مسرور وملآة الفزع أدرك أن سلطانه قد هلك كما أدرك انه مثل فأر يتخبط داخل مصيدة هائلة من الأنفجارات الكونية...
وأنشأ مسرور يجري على غير هدى مرة فى أتجاه اليمين ومرة فى أتجاه الشمال ولكنه دائما كان يجري الى الأمام مر جواره مقرور ففر منه مر بجوار أمه وأبيه فلم يتوقف عندهما مر جوار رئيس العسس ووزيره الأول فلم يرهما ألا صورتين من الرعب كان يفر من أبيه وأمه وأخيه وصاحبته وبنيه وأدرك مسرور أن أحدا لن ينقذه كما أدرك أنه لن ينقذ أحدا انغرس الأحساس الأول في قلبه مثل نصل بارد مسموم ولم يعبأ بالأحساس الثاني كثيرا كما أنه لم يعد يجري الأن بهدف...

لم يعد يفر الأن بهدف أنما هو يفر من فراره ذاته وقد حولته مرعبات القيامه الى شئ يختلج بالخوف ويدور حول نفسه يائسا كان مقرور هو الأخر يفر من هول ما يقع وأن كان يدعو فى قرارة قلبه أن يكشف الطيف هذا الهول بلطفه..

لم يعد الجن جنا هم الأخرون أن كل قدراتهم الخارقه تنكسر أمام هول القيامه فاذا هم يفرون مع من يفر دون ان يعرفوا الى أين..أما الوحوش فكانت تلتصق بالناس والجن علها تجد عندهم الأمن ولكنها كانت تفزع أكثر كلما شهدت فزع الناس وفرارهم..
ومادت الأرض أكثر فأكثر وكبر الفزع وصار الفرار اليائس المذعور هو نبض الكائنات جميعا..

((ظهور الملائكة))

ظلت الأرض تخرج موتاها وتسلمهم الى ظهرها حتى لم يعد فى جوفها أحد وأكتمل بعث أهل الأرض من الأنس والجن والشياطين والوحوش والسباع والأنعام والهوام..

حين تكامل المشهد واستوى الجميع فى موقف الحشر بدأ الكون يدخل مرحلة احتضاره الأخير...
بدأت الأرض تدك دكا دكا وتناثرت نجوم المجرات من فوقها وطمست الشمس وبدأت تبرد تحول لون من الصفر الوهاج الى اللون الأحمر ثم دلف اللون الأحمر الى اللون الأزرق ثم ذابت الزرقه فى لون رصاصى سرعان ماتحول الى السواد...

وراحت الشمس تصدر أصواتا ممزقه وهى تنفجر محتضرة فى سماء يوم الحشر وبرق بصر الخلق ثم ساد الكون كله ظلام دامس..
انطفأت نجوم المجرات وهلكت الشمس وطمس القمر وساد الظلام..
وتوقف أهل الحشر فى أماكنهم من الهول..
لم يعد هناك من يجرى...
أن مسرور يرتعش الأن من البرد بعد أن كان يتفصد عرقا من الحر أن جليد أسود موحشا يزحف عليه من جميع الجهات نظر فى أتجاه مقرور فلم يره ولم يستطيع أن يميز أحدا وهبطت السماء الدنيا الى الأرض وبدأت تتشقق هى الأخرى ثم صدر الأمر الألهي الى قوانينها الحاكمة أن تنحل فانحلت وانفطرت السماء وهى تهوى ممزقة محتضرة وقد كشطتها يد القدرة القادرة...
كان المشهد موت السماوات والمجرات مهولا...
ذابت السماء حتى صارت كالمهل تحولت الى لون الفضة التى تخالطها صفرة الفزع ثم تغير لونها حتى صارت وردة كالدهان مثل لون الفرس الأحمر الذى يعدو هناك ثم انسكبت حمرتها فى الفضاء وانشقت السماء عن ابواب مفتوحة من وراء أبواب السماء التى أنفتحت ظهر الملائكة وهم يقدسون الله ويسبحونه وقد ملك الخوف نفوسهم رهية من الموقف..
تأمل مسرور ما يجري وقلبه يدق بعنف مثل طبل أجوف قادم من بعيد وهو يحمل أخطار عذاب بائس....
لم يعرف مسرور كم من الوقت مضى عليهم فى هذا الهول لم يعرف كم من الوقت مر منذ أن قام من الموت ختى تشققت السماء وكان أكثر ما يدهشه أنه لم يزل حيا رغم كل ماشاهده ولمع فى أعماقه شعورا بأنه لن يموت بعد الأن وأفزعه هذا الشعور أكثر مما أفزعه هول القيامه أما مقرور فكان يسبح باسم اللطيف وهو يرتعد............

((نسى فنسي))

كم من الوقت مر على يوم القيامه؟

هل مرت عشرة ألاف سنة هل مرت خمسون الف سنه عل مر يوم حقا أسئلة ترددت فى صدر مسرور رغم أدراكه أنها كلها أسئلة بلا معنى أن تعاقب الليل والنهار وظهور الشمس والقمر كانا بمثابة ساعة كونية تدل على الوقت ويعرف منها البشر حساب الأيام والسنين وها هى الشمس تموت وها هىالساعة تهوى محطمه..
أنتهى الأمر وخرج الوقت على حدود الوقت وتوقف الأدراك عن الأدراك حين وقع هذا أنحدار الملائكة من أبواب السماء المفتوحة بعظيم أجسادهم ووهج أجنحتهم وهم يرتعشون فى أنوارهم خوفا من الجبار الأعلى وبدا وا ضحا من خشية الملائكة ورهبتهم أن الله تبارك وتعالى قد غضب ووسط الظلام الكوني السائد لم يكن يضئ المشهد غير أنوار الملائكة وهم ينزلون عن السماوات صفوفا صفوفا كانوا جميعا يرتعشون رهبة وخشوع وأدرك أهل الحشر جميعا هذه الحقيقة أدركوا أن الله سبحانه وتعالى قد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثلة وأفسح الهول الكوني مكانه لهول نفسي بدت جواره أهوال حقبة القيامة باهتة شاحبة عديمة الأثر تسربل الملائكة بأجنحتهم ونكسوا رءوسهم ووقفوا صفوفا حول أهل المحشر وتأمل الناس الملائكة وأحسوا بالضأله والخشوع والرهبة وخشعت الأصوات للرحمن فلاتسمع ألا همسا وراح الضجيج الصادر من بلايين الأنس والجن والوحوش ينحسر حتى ذاب فى صوت تنفس الخلائق الثقيل وكشطت السماء أكثر وأكثر حتى تلاشت تماما كما تلاشت الأرض القديمة اختفت مادة السماء وذابت مادة الأرض ووقف المبعوثون من موتهم على أرض الحشر ثمت أرض بلون الفضه الشاحبة لم يرتكب أحد فوقها خطيئة.
(وأشرقت الأرض بنور ربها)

بعد أن قضت فى الظلام وقتا خرج عن الحدود الوقت أضئ المشهد بنور جديد ليس ضوء الشمس ولانور القمر ثمة نور لاعهد للخلق به نور ألهي لم يكد المشهد يضئ بهذا النور المقدس حتى فقد مسرور بصره أعمى نور الله تعالى بصره كما أعمى أبصار الكافرين وأراد مسرور أن يصرخ من الفزع ولكن شيئا داخلة دفن صرخته فى صدره فترددت مثل عواء مذبوح فى أعماق روحه أيقن بالهلاك وتمتم لنفسه – ربي لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا.
قال: كذلك أتتك أياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى..
((وأشــرقــت الأرض))

((وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لايظلمون))
.............
استقبل مقرور نور الله تعالى مثلما يستقبل الغريق نسائم النجاة والخلاص وأحس أن قلبه يهدأ فى هذا النور الهادي الجديد وأتسعت المسافات بين أهل الحشر فجأة ووقف كل مخلوق أمام ملائكة الحساب وحمل الملائكة المقربون كتابا عظيما وضع أمام الجميع وزاد خشوع الأصوات للرحمن وظهر جبريل فسد الأفاق بهيبته وأجنحته ونادى جبريل عليه السلام وسط صمت الحاكم: لمن الملك اليوم؟

وبلغت القلوب حناجر الخلق ورد أهل الحشر: بانكسار النفوس ورهبة القلوب:لله الواحد القهار...
قال جبريل عليه السلام بصوت سمعه الموقوفون جميعا: لقد كانت أنسابكم فى الدنيا تقدمكم وتؤخركم وكان الثراء يقدكم ويؤخر وكان الملوك والأمراء يقدمون ويؤخرون اليوم يضع الله تبارك وتعالى أنسابكم ويرفع نسبه لا أنساب اليوم سوى التقوى وسلامة القلوب وهذا معيار الفضل الوحيد اليوم..
أحس مقرور أن فزعه يسكن راح يتأمل عظمة جبريل وبهاءه ويسأل نفسه: أن كان جبريل بكل عظمته وجلاله عبدا لله فكيف تكون عظمة الرب المعبود..

نصبت الموازين للخلق وجئ بالنبيين والشهداء فتصدروا قومهم وبدا الحساب أدرك مقرور أنه يواجه محاكمه كان قلقا لايعرف هل قبل الله توبته أم ردها فى وجهه وكان يتمتم باسم اللطيف فى قلبه ليسكن روعه وأحس مقرور أن الأمل الوحيد الباقي لديه أن يلطف به اللطيف الرحيم...
أما مسرور فكان قلبه هواء...
أن رعب الذى يصفر يجعل عويل الرياح الشتائية وسط الغابات شديد الأيناس اذا قيس الى عويل الخوف فى نفسه أدرك مسرور أنه يقف موقف محاكمه بين يدي الله وأنه سيحاسب بعد قليل عن جرائمه لقد عاش ومات وبعث وهاهو يقف للحساب لم تكن هذة الحقيقه تعرض له فى حياته لم يكن يتوقف عندها كان مشغولا بالسلطه والحكم والذهب والهوى ولم يكن يصدق ما يحدث له الأن يمكن أن يحدث وبدأ الملائكة يسلمون أهل الحشر من الأنس والجن كتـب أعمالهم ومد مسرور يده وراء ظهره فوضع فيها ملائكة الحساب كتابا غريبا كتابا يعرض بالصوت والصورة كل دقائق حياة المرء من يوم ولادته الى ساعة موته..

نهاية الجزء الثاني


...............راعي الأوله................
رد مع اقتباس