عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
مغلي الوطن
عضو
رقم العضوية : 33483
تاريخ التسجيل : 25 - 12 - 2008
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 17 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : مغلي الوطن is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Lightbulb من روائع الطنطاوي 2

كُتب : [ 13 - 06 - 2009 ]

المستقبل الحق
ينقضي العام , فتظن أنك عشته , وأنت في الحقيقة قد مته , لا تعجبوا من هذا ودعوني أوضح الفكرة بالمثال :
أنت كالموظف الذي منح إجازته السنوية شهرا كاملا , إذا قضى فيها عشرة أيام يكون قد خسر منها عشرة أيام فصار الشهر عشرين , فإذا مر عشرون صار الشهر عشرا , فإذا تم الشهر انقضت الإجازة فكأنها لم تكن . فالمستقبل في الدنيا شيء لا وجود له , إن يوم لن يأتي أبدا , لأنه إن جاء صار [ حاضرا ] وطفق صاحبه يفتش عن " مستقبل " آخر يركض وراءه .
إنه ( كما قلت مرة) مثل حزمة الحشيش المعلقة بخشبة مربوطة بسرج الفرس تلوح أمام عينيه فهو يعدو ليصل إليها , وهي تعدو معه فلا يدركها أبدا .
إن المستقبل الحق في الآخرة , فأين منا من يعمل له ؟ بل أين من يفكر فيه ؟ !
وقد يكون هذا الذي أقوله ( فلسفة ) ولكنها فلسفة واقعية إنها حقائق لا يفكر فيها أحد منا .
نحن كالمسافر في الباخرة أو في الطائرة , همه الغرفة الجميلة , أو المقعد المريح , ويركب في الدرجة الأولى ويأكل أطيب الطعام , ويتصفح الجرائد والمجلات , وينقل بصره فيما حوله أو تحته من المشاهد , ولكن هذا كله لأيام السفر , وأيام السفر معدودة , أفما كان خيرا له لو فكر فيما يريحه في إقامته الدائمة في البلد الذي يمضي إليه ؟ أما كان أنفع له لو تحمل بعض المتاعب في ليالي السفر القليلة ووفر ماله ليشتري به الراحة في سنوات الإقامة الطويلة ؟
أم شغلته متعة السفر عن التفكير في سبب السفر , وجمال الطريق عن غاية الطريق ؟ الحياة سفر , فكم من الناس يسأل نفسه لم السفر ؟ وإلى أين الرحيل ؟ كم منا من يسأل ما الحياة ؟ ولماذا خلقنا ؟ وإلام المصير ؟


الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله


رد مع اقتباس