(( 25 ))
مرحباً بكم من جديد وأشكركم على المتابعة ...
أيها الأحبة ، بالطبع لست أكره أسامة ابن لادن ، ولست أحقد عليه ، بل ولا أحمل في قلبي عليه شيء للنفس ولذاتي ، فهو صحيح أنه لم يصبني كشخص بأذى ولم يصب لي قريب كذلك بأذى ، ولكنه دفع برجال من الأمة إلى الهلكة دون إثخان في العدو وبدم بارد ، وأهداهم إلى الموت المحقق على طبق من ذهب لأعداء الدين ، مستغلاً في ذلك كله شعبيته الخرقاء وشهرته التي صنعها الأعداء كي يصبح ابن لادن تلك الشماعة الكبيرة باسم الإسلام يعلق عليها كل حدث ويحارب بها الإسلام في كل مكان وبقعة ، ومن ثم يخرج لنا أسامة أبن لادن كي يترحم على هؤلاء الذين غدر بهم وضللهم وانسحب من أرض المعركة كي ينجو مما وقعوا فيه من حتف فهو القائد وأما الجند فلا بأس فغيرهم كثير ومن السهل استدراج أغبياء كثير على شاكلتهم بأهازيج النصر وأناشيد العزة التي سيصنعها لهم ويحلمون بها ، والحجة في ذلك كله الجهاد ، فالجهاد دون أسامة ليس بحق ، والجهاد هو ما أمر به أسامة لا غيره ، وكأن أسامة المشرع للأمة في ذروة سنام دينها ، والنهاية يبدأ أسامة ابن لادن يدخل من يشاء في رحمته كي يقول مهوناً على الأمة أن هؤلاء قضوا شهداء في جنة عدن ، ونسي هو أنه ألقاهم بيديه إلى التهلكة ولم يقف معهم في الميدان كي ينال هذه الشهادة التي طالما هو تمناها ويفر منها ؟؟؟ متناقضات لا يجيب عليها من طمس الله على بصيرته بحب سلبي لهذا الرجل جعل هذا الحب أسامة ماجداً لا يخطئ ولا يزل ، وكأنه نبي مرسل أو ملك مقرب ، أو تتالت الرؤى في تأييد حكم السماء له ، أو أن علماء الأمة أفتوا بالإجماع أن ولي أمرنا أسامة ... وهيهات هيهات ..
نعم لست أكرهك يا أسامة أبن لادن ، ولكنني أنهج نهج أهل السنة والجماعة في الحب والبغض ، ذلك الحب الذي تعلمناه والبغض الذي استقيناه من نصوص الشريعة في الكتاب والسنة ، أن نحب الرجل نحبه في الله بقدر ما فيه من خير ، ونبغض الرجل بغضاً في الله بقدر ما فيه من شر وبعد وغرور وتفرد عن جماعة المسلمين وشذوذ عن العلماء الصادقين ...
من السهل أن نجد الرجل ذو هيبة في المظهر وذو عذوبة في اللسان ، وقوي في الخطابة ، ويجيد دمج الأدلة وتدوير النصوص لصالحه ، فتلك أصلاً ليست من الصعب على أي إنسان أن يجيدها ، بل إن أهل النفاق قد ذكر الله فيهم أنك إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ... فأين العجب ، ولكن هنا يكمن المصاب يوم أن نتبع المظاهر ونبتدع الأفعال دون الرضوخ إلى حكم الله وما أنزل ..
أسامة ابن لادن لا شك أن جميعنا كنا نكن له المحبة في الله يوم أن كان مجاهداً في أفغانستان ضد الجيش الأحمر الروسي ، ولكن بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ، نهج أسامة نهجاً آخر ، وكان هذا النهج مبيتاً في داخله منذ أن انتهت أزمة الخليج الأولى إبان غزو صدام للكويت ، والذي غضب فيه أسامة أبن لادن غضباً شديداً حيث طرح فكرة أن يدافع هو وبعض من معه عن المملكة ضد غزو العراق ، وهذا الأمر الذي لا ريب أنه قوبل بالرفض حيث كانت أفغانستان معركة لم تنتهي بعد ، ونقل معمعة أولئك الرجال هناك من كل حدب وصوب لمملكتنا الحبيبة لم تكن مستساغة أصلاً لا عقلاً ولا واقعاً فجنود صدام بعدته وعتاده على مشارف الخفجي وهل ننتظر حتى تكون السعودية أفغانستان جديدة لابن لادن ورجاله ، وهل سيكون العالم في أمان بهذه الخطوة البعيدة الواقعية ولا يقرها إلا من سفهت أحلامه ؟؟ ، وهو الأمر الذي أحال أسامة إلى الخروج من المملكة غاضباً ، كي يصبح تفكيره في أفغانستان تفكيراً همجياً وأنانياً ، ففي داخله يترعرع غضب كبير نحو المملكة العربية السعودية ، وبدأ يعد في تنظيمه العدة للاتجاه بأعماله إلى خارج أفغانستان في تنظيم القاعدة الذي كان يحسبه تنظيماً سرياً من الصعب أن يتم اختراقه ، في حين أن هذا التنظيم معلومة أسسه ومشهورة طرقه ، ومنتشرة خططه ، وواضحة نواياه ، فهي ترمي إلى زعزعة أمن العالم الإسلامي بحجة أن حكامه كفرة وطواغيت وأن علمائه عملاء وركنوا إلى الدنيا ، فلم يبقي ابن لادن لأحد قدم صدق إلا من نهج نهجه ونهل من فكره وتشبع من نظرته للأمور ، ومن خالفه فذلك من المغضوب عليهم والمبعدين ولا تستغرب إذا ما هدد بطرده من التنظيم ...
فأوامر أسامة ابن لادن في تنظيمه القاعدة لا يقال لها كلمة ( لا ) فيأمر من يأمر بالذهاب إلى السعودية لتعلم الحاسوب مثلاً فيذهب وعليه أن يترك أرض أفغانستان لهذا الهدف لأنه يجهزه للغد القريب ، ويأمر من يأمر لتعلم اللغة في الخارج فيذهب ، ومن يتعلم الطيران فيذهب ، وووو هكذا بدعم قوى منه منتشرة في العالم العربي والإسلامي يحركها بأموال لطالما جمعها في حربه بأفغانستان ، والعجيب أن الكثيرين يظنون أن ثروة أسامة ابن لادن ذهبت معه في كهوفه وتنقلت معه عبر الحدود ، وهذا ليس بصحيح البتة ، فما قام به أسامة ابن لادن وتنظيمه هو جمع الأموال الطائلة التي كانت تتدفق على أفغانستان في حسابات بنكية ، ومن ثم أرسل شباباً من تنظيمه من الخليج العربي والدول الإسلامية كي يشغلون هذه الأموال وينمونها كي تكون جاهزة للغد القريب الذي يحلم فيه أسامة ابن لادن بسيطرته على العالم ومن ثم يقوم بتبديل حكوماته حسب نظرته ورؤيته للأمور ، ولكن مع كون أن تم من خان ابن لادن من رجاله وفر بالمال وسرق ، ومن سيلاحقه أصلاً فذلك مال من المحال أن يقوم ابن لادن المطالبة به ، وصعق ابن لادن في ضربات كثيرة من تنظيمه أثرت فيه كثيراً وأنهكت من قواه ...
ومن ثم يجب أن ندرك أن أسامة ابن لادن لم يكن يصل إلى ما وصل إليه إلا بيد عون من العدو الذي مهد لصناعة شبح أسمه أسامة ابن لادن ، لأن ابن لادن في الآونة الأخيرة ضعف فعلاً ولكنه ضعف تم تلاشيه بتغذية من العدو حتى فعل فعلته المرتقبة من عدوه وتحت نظر الأعداء كي يحقق لهم الهدف ومن ثم تثور ثائرة الكفر ويصبح أبن لادن في معزل بعد استخدامه للغرض المراد ومن ثم يصور هو أنه يستطيع أن يضرب في كل مكان وتحت كل سماء وفوق كل أرض وهو في كهفه الذي لو كان محطة فضائية ويملك فيها شهباً لم يستطيع أن يفعل ما يقال أنه فعل ، وأول المصدقين لفعاله هو ولعله اغتر كثيراً بصيته الذي انتشر في مشارق الأرض ومغاربها ، وأعجب بصوره التي تملئ شاشات التلفزة ، وظن فعلاً أنه هو وراء كل شيء ، وأن من يفعل هذه الأفاعيل هم رجال له كانوا قد عقدوا العزم على مواصلة نهجه الذي نهجه بالقتل والتفجير في كل مكان بحجة القضاء على التواجد الغربي في بلاد المسلمين وإن أنقطع اتصالهم به إلا أنهم على عهده ماضون ، ومن هؤلاء الماضون من نبصرهم اليوم قد أحالوا أحلام ابن لادن إلى حقيقة هي نقل المعركة إلى بلاد الحرمين كي يرد أسامة الصاع بالصاع كما يظن ..
أسامة ابن لادن أبغضه في الله نعم لأنه أهدر في الأمة من الطاقات والأموال ما يفوق الوصف في سبيل تحقيق غايات غريبة وأهداف غير واضحة المعالم ، وكل ذلك بجهل مطبق يدل على تشتت فكره وعدم استراتيجية في العمل لكون هذا العمل مبني على غير علم وفهم للدين ، فكلنا يعلم أن ليس في حياة أسامة ابن لادن شيخ واحد نهل من على يديه العلم ، ولم نسمع أن أسامة ابن لادن أصبح من الراسخين في العلم كي يفتي لنا ويحل ويحرم ويكفر ويدخل في دين الله من يشاء أفواجا ويخرج من يشاء ، ولكن شيخه ومفتيه الظواهري إبراهيم الذي تتلمذ في مدرسة مصر أرض الكنانة ويا لها من مدرسة ثائرة بين ما يسمى الإخوان ونهج الجهاد ومن ثم التكفير الذي جمع بينهما ، وبدأ أسامة يصرح على لسان شيخه الظواهري ما يتعلمه منه على حرف ، ومن ثم ما أكثر أن يصر أسامة على رأيه وكأنه الذي لا يخطئ ولا يزل وللأسف الشديد ...
ويتبين ذلك جلياً من خلافاته الشديدة مع رجال الجهاد الفضلاء ، ممن جاهدوا في سبيل الله على علم وبصيرة لا على تخبط وجهل في الدين بحماسة لا تبقي ولا تذر
وكان من أشد المخالفين لأسامة ابن لادن ومنهجه في تنظيمه تنظيم القاعدة هما رجلان وليس هما الوحيدان بالطبع ، الأول : الشيخ الشهيد عبدالله عزام والذي قتل رحمه الله في عملية اغتيال كلنا يعلمها ، والثاني الشيخ جميل الرحمن السلفي المنهج الذي اهتم بالتوحيد والدعوة الحقة وفتح المدارس التعليمية على نهج السلف ، والذي قتل على يد رجل مصري ينتمي إلى حزب قلب الدين حكة يار .. ولعلي أتطرق لقصة مقتل الشيخ جميل لاحقاً ...
الشيخ عبدالله عزام رحمه الله تعالى وتقبله هو وابنه في عليين ...
بالطبع كلنا يعلم من هو الشيخ عبدالله عزام رحمه الله ، فهو عالم جليل علمه معلوم لكل من يعرفه ، فهو الدكتور عبدالله عزام دكتور الفقه الذي بدأ تدريسه في الأردن ومن ثم في السعودية ومن ثم في باكستان ومن ثم التحق بصفوف المجاهدين في أفغانستان ، وكان الشيخ عبدالله عزام هو القلب النابض للعرب من جميع أنحاء العالم العربي ، فهو الفقيه والمحدث عن علم ، متبع غير مبتدع ، ناصح لله ولرسوله لا يخاف في الله لومة لائم ، هو الصدر الحنون والقلب الطيب الذي يحتوي الجميع ، غير أنه في الحق سيفاً على الباطل يبصر ببصيرة العلم والفهم للكتاب والسنة ، فمؤلفاته تخبر عن عمق علم هذا الرجل والتي تجاوزت مجموعة كتبه على المئة والخمسين كتاب طبعت في سلسلة في باكستان ، وأما أشرطته ففاقت الـ ( 1500 ) شريط رحمه الله تعالى ..
الشيخ سلفي المنهج ولا ريب ، وسلفي على تأصيل معتدل ومتزن ووسطية كان قد بدأها يوم أن لم يبدأها البعض إلا اليوم ، حتى يحتار فيه المخالط وفي فكره الذي تفرد به من أين هو ، أسلفي أم إخواني أم جهادي أم ...
وقالوا أن الشيخ عبدالله عزام محسوب على الإخوان المسلمين ، وأنا أقول نعم يظن البعض أن كل من التحق بتيار الجهاد وصفوف القتال قي سبيل الله بدا وكأنه من الإخوان المسلمين حيث أن وسائل الإعلام قد أبقت على هذه النظرة في أذهان كل مستمع ، وحينما نطلق الإخوان نطلقه من بداية تاريخهم في مصر ومن ثم في أنحاء المعمورة في مدرسة حسن البنا وسيد قطب ، ولن أتحدث عن جهبذين لهما مالهما وعليهما ما عليهما ، ولن أخوض في أقوال العلماء في شطحات في المعتقد لبعض الإخوان المسلمين ومخالفات شرعية كثيرة ، وسياسات الاغتيال والقتل والتكفير والهجرة ممن نسبت إليهم ومن ثم أحيلت إلى تيار الجهاد الإسلامي في مصر والحقيقة أن الجميع يلقي على الآخر تبعات سقطاته ، وأظن أنه منذ أن خرجت وسائل الإعلام وانفتحت أبصرنا ما فيه الكفاية من بيان لنهج الإخوان ناهيكم عن مؤلفات عدة وأقوال للعلماء في هذا الصدد ومنها قول العلامة ابن باز وعتابه على الإخوان في قلة جهدهم في الدعوة والتصحيح والنهج الصحيح في نبذ البدع والجهل ، وقد قالها منظر الإخوان المسلمين منذ أيام واعترف على قناة السعودية الأولى وهو في مصر أنهم فعلاً كانوا يعيشون واقعاً خطأ ويرتكبون أفعالاً خطيرة ، وقال بعدما رجعت لطلب العلم أبصرت أنني كنت في جهل كبير وكنت أستغرب مما كنا نفعله كإخوان مسلمين ، وأعاد سبب تأييد الكثيرين لهم إلى العاطفة الجياشة تجاه قضيا المسلمين من قبل الناس دون الرجوع إلى الكتاب والسنة ، فتغلب الحماسة على العقل والنصوص ، وهذا دليل جهل الكثيرين في أمور دينهم والتي أشغلتهم عنها أمور دنياهم .
للحديث بقية ،،،،