 غير متصل
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|
رقم العضوية : 12388 |
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007 |
الدولة : ذكر |
العمر : |
الجنس : |
مكان الإقامة : نجد العذية |
عدد المشاركات : 20,738 [+] |
آخر تواجد : [+] |
عدد النقاط : 49 |
قوة الترشيح :  |
|
|
قيس وليلى وجبل التوباد
كُتب : [ 28 - 03 - 2007 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فإنه قلما يوجد من لم يسمع بهذا الجبل المشهور جدا الذي أصبح رمزا للحب العذري وإن وجد من لم يسمع به فمن المؤكد أنه سمع أو قرأ عن / قيس بن الملوح الخفاجي ومحبوبته / ليلى العامرية والذين عاشا في زمن الخليفة الأموي / مروان بن الحكم في حدود السنة الخامسة والستين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التسليم يقع هذا الجبل في قرية الغيل التي تقع على مسافة 35 كم شمال غرب مدينة الأفلاج التي يعود عمرها لآلاف السنين التي قال فيها أمرؤ القيس الكندي :-
بعيني ظعن الحي لمـا تحملـوا
= لدى جانب الأفلاج من جنب تيموا
وقال فيها / لبيد بن ربيعة رضي الله عنه :-
فتكلم بتلكم غير فخر عليكم
= وبيت على الأفلاج ثم مقيم
وبالمناسبة فإن الأفلاج تحمل اسمين الأفلاج هو الأسم العربي للفلج الذي ينقل المياه في الأراضي وهو شبيه بالساقي لكنه تحت الأرض ويكثر في سلطنة عمان حالياً واسم ليلى ويقال أن المدينة سميت بليلى نسبة إلى ليلى العامرية معشوقة قيس وابنة عمه وتخليدآ لتلك القصه وهما يعودان لقبيلة بني خفاجة والأخيل كما أن هذه القرية تقع على مسافة تزيد على350 كيلو متراً من الرياض ناحية الجنوب الغربي ويقول / قيس بن الملوح مخاطبآ جبل التوباد بهذه القصيدة الجميلة :-
وأجهشت للتوباد حيـن رأيتـه
= وكبـر للرحمـن حيـن رآنـي
وأذرفت دمع العين لما عرفتـه
= ونادى بأعلى صوتـه فدعانـي
فقلت له أيـن الذيـن عهدتهـم
= حواليك في خصب وطيب زمان
فقال مضوا واستودعوني بلادهم
= ومن ذا الذي يبقى من الحدثـان
وإني لأبكي اليوم من حذري غداً
= فراقـك والحـيـان مؤتلـفـان
وفي عرض الجبل يوجد هذا السور القديم الذي يبلغ عرضه في القاعدة حوالي المتر وأكثر وكنت أتساءل كيف رفعت هذه المواد الطينية لبنائه، وهي على سفح جبل، بقي من هذا السور أجزاء لم تتهدم استغل أحد المهتمين عدم اهتمام الجهات المختصة ليكتب عليه جبل التوباد ليعرفه الزائرون .
وكما قلت لكم فإن المنطقة بعمرها الطويل جداً كانت مسرحا لحضارات قديمة وهذه المقبرة القديمة جداً والتي يكثر بها القبوربشكل لم أراها حتى في المدن الكبيرة القديمة ويقترب من المقبرة شرقاً سور منيع وعال جداً وهو امتداد لنفس السورالذي يمتد إلى جزء من جبل التوباد هنا جزء صغير من المقبرة والتي لا تتناسب حاليا مع عدد سكان القرية وهذا دليل قوي وكبير بأن هذه القرية كانت أكبر من ذلك بكثير .
كان أبناء العمومة قيس وليلى طفلين صغيرين يرعيان البهم صغار الماعز والغنم على سفوح هذه الجبال فأعجب بها، وأعجبت به وقال فيها / قيس بن الملوح :-
تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ
= ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
= إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
كبرا معاً وكبرحبهما لكن العواذل لم يتركوهم يتممون هذا الحب بالزواج فبدؤوا يشون بهما لأهل ليلى حتى منعوها عنه في أعلى هذا الجبل يوجد غار صغير عرف بغار ( قيس وليلى ) حيث ترددت مقولة أنهما كانا يلتقيان هناك لكن قد لا يصح هذا القول مقارنة بالوضع الذي يحيطهما فمن الطبيعي أنه عند صعودك لهذا الجبل فإنك سترى ومن مسافة بعيدة ولذا من الصعب أن يترافقان معاً لهذا الغار هنا قمة الجبل الشرقية وهي الطريق المتدرج للنزول وإلى الخلف يبدأ الجبل بالإرتفاع قليلاً حتى يكاد يكشف جميع المنطقة المحيطة به وهذا يتعارض مع السرية التي كان ينشدها المحبين آنذاك كما يلاحظ ارتفاع النخيل الذي يقدر عمره بمئات السنين وكثرته في هذا الوادي الذي تقع فيه قرية الغيل الذي ذكرها قيس في عدد من قصائده ومنها :-
أتت ليلة بالغيـل يـا أم مالـك
= لكم غير حب صادق ليس يكذب
وقال قيس أيضآ في الغيل :-
كأن لم يكن بالغيل أو بطن أيكـة
= أو الجزع من تول الاشاءة حاضر
هنا يظهر السفح الجنوبي للجبل وتظهر مزارع النخيل القديمة جدًا وتلاحظون جغرافية هذه القرية القديمة التي يحدها جبلين من الشمال ومن الجنوب وعلى مسافة طويلة جدا .
الجهة الشرقية من الجبل ويظهر جزء من المقبرة وأجزاء بعيدة من السور الكبير الذي يحمي القرية قديماً .
ويقع بوسط قمة جبل التوباد غار يسمى غار قيس وليلى وهو عبارة عن فتحة صغيرة تقع في منتصف الجبل بمساحة لا تتجاوز أربعة أمتار، يقال : أن قيس وليلى يجلسان فيه ويتبادلان الشعر والغزل وقد كتب على أحد الصخور بجوار الغار بيت لإحدى قصائد / قيس بن الملوح المشهورة تخليدا للقصة المشهورة عندما مر بجوار جبل التوباد وتذكر بنت عمه ليلى العامرية والأيام الجميلة التي قضياها معا عندما كانا صغيرين يرعيان البهم على سفوح جبل التوباد بعد أن حرم من رؤيتها وزواجها قال / قيس بن الملوح مخاطبآ ليلى :-
تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ
= ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
= إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
فأجابته ليلى باكية لما سمعت شعره :-
كلانا مظهر للناس بغضاً
= وكل عند صاحبه مكيـن
تخبرنا العيون بما أردنـا
= وفي القلبين ثم هوى دفين
فلما سمع مقالتها خر مغشياً عليه, فلما أفاق قال :-
صريع من الحب المبرح والهوى
= وأي فتى من علة الحب يسلـم
ففطن جلساؤه عند ذلك فأخبروا أباها, فحجبوها عنه وعن سائر الناس، وقدموه إلى الخليفه فأهدرالخليفه دمه إن هو زارها فلما حجبت عنه أنشأ / قيس بن الملوح يقول :-
ألا حجب عني ليلى والى أمرها
= عليّ يمنياً جاهـلاً لا أزورهـا
وأوعدني فيهـا رجـال أبوهـم
= أبي وأبوها ثخنت لي صدورها
على غير شيء غير أني أحبها
= وإن فؤادي عند ليلـى أسيرهـا
وإني إذا حنّت إلى الإلف إلفهـا
= همّا بفؤادي حيث حنت سحورها
ولما عرف عنه بين القبائل حبه لابنة عمه وولعه بها قام أبوه واخوته وبنو عمه وأهل بيته فأتوا أبا ليلى وسألوه بالرحم والقرابة والحق العظيم أن يزوجها منه, وأخبروه أنه ابتلي بها فأبى أبو ليلى وحلف فأخرجه أبوه إلى مكة كي يدعو الله في بيته الحرام أن يعافيه مما ابتلي فيه فلما قدما مكة قال له أبوه : يا قيس تعلق بأستار الكعبة ففعل فقال : قل اللهم ارحني من ليلى وحبها فقال قيس : اللهم منّ عليّ بليلى وقربها, فضربه أبوه, فانشأ يقول :-
دعا المحرمون الله يستغفرونـه
= بمكة شعثاً كي تمحـى ذنوبهـا
وناديت يا رحمن أول سؤلتـي
= لنفسي ليلى ثم أنـت حسيبهـا
وإن أعط ليلى في حياتي لم يتب
= إلى الله عبـد توبـة لا أتوبهـا
فأخذ أبوه بيده إلى محفل من الناس, فسألهم أن يدعوا الله له بالفرج فلما أخذ الناس في الدعاء له فانشأ يقول :-
ذكرتك والحجيج لهم ضجيج
= بمكة والقلوب لها وجيـب
أتوب إليك يا رحمـن ممـا
= عملت فقد تظاهرت الذنوب
فأما من هدى ليلى وتركـي
= زيارتهـا فإنـي لا أتـوب
وكيف وعندها قلبي رهيـن
= أتوب إليك منهـا أوانيـب
ومرض الشاعر العاشق مرضاً كبيراً وازدادت علته وتعسر علاجه وأعيا الأطباء دواؤه ولم ينجح فيه الدواء وصار إلى أسوأ حال من توحشه في الصحاري فشق ذلك على ليلى وأذهلها فدعت بغلام وكتبت إليه : بسم الله الرحمن الرحيم والله يا ابن عمي إن الذي بي أضعاف ما بقلبك ولكن وجدت السترة أبقى للمودة وأحمد في العاقبة :-
فلو أن ما ألقى وما بي من الهوى
= بأرعـن ركنـاه صفـاً وحديـد
تقطع مـن وجـد وذاب حديـده
= وأمسى تراه العين وهـو عميـد
ثلاثون يومـاً كـل يـوم وليلـة
= أمـوت وأحيـا إن ذا لشـديـد
فأجابها قيس عن كتابها بعدة أبيات منها :-
وجدت الحب نيراناً تلظـى
= قلوب العاشقين لهـا وقـود
فلو كانت إذا احترقت تفانت
= ولكن كلما احترقـت تعـود
كأهل النار إذا نضجت جلودٌ
= أعيدت للشقاء لهـم جلـود
وبينما هو في أودية الغيل وهو حزين كئيب إذ مر به فارسان فنعيا إليه ليلى وقالا : مضت لسبيلها فخر قيس مغشياً عليه, فلما أفاق مضى حتى دخل الحي بعدما لم يكن يمر به إلا من بعيد, فأتى أهل بيتها فعزاهم فعزوه فقال : دلوني على قبرها, فلما عرفه رمى بنفسه على القبر والتزمه وأخذ يقول فيها القصائد والأشعار وأصبح قيس هائماً في الصحراء لا يرجع إليه عقله إلا بذكر ليلى ورثائها حتى يغشى عليه .
ويقول أحد الأعراب : فلما أن بكرت إليه وطلبته فلم أقدر عليه فانصرفت إلى الحي وأعلمتهم فقام إخوته وبنو عمه وأهل بيته فطلبناه يومنا وليلنا, فلما أصبحنا هبطنا إلى وادٍ كثير الحجارة والرمل إذا به ( ميتاً ) وقد كان خط بإصبعه عند رأسه هذين البيتين من الشعر :-
توسد أحجار المهامـة والقفـر
= ومات جزِع القلب مندمل الصدر
فياليت هذا الحب يعشـق مـرة
= فيعلم ما يلقى المحب من الهجر
فرثيناه وعلت أصواتنا بالبكاء وحملناه إلى الحي, فبكى عليه الغريب والقريب وكل من سمع باسمه يوماً ثم غسلناه وكفناه ودفناه إلى جانب قبر ليلى مات العاشق الولهان دون أن ينعم بابنة عمه وماتت العاشقة الولهانة دون أن تنعم بابن عمها وهذا حال المحبين دموع, وآهات, وسهر وأنيين, وجراح ومع ذلك لا يتوبون أبداً وقد قال فيه أمير الشعراء / أحمد شوقي قصيدة مشهورة جدا منها :-
جبل التوباد حيـاك الحيـا
= وسقى الله صبانـا ورعـا
فيك ناغينا الهوى في مهده
= ورضعناه فكنت المرضعا
وحدونا الشمس في مغربها
= وبكرنا فسبقنـا المطلعـا
وعلى سفحها عشنا زمنـاً
= ورعينا غنم الأهـل معـا
ومن أبيات قيس الخالدة وتنسب إلى توبة :-
لقد ثبتت في القلب منك محبة
= كما ثبتت في الراحتين الأصابع
نهار نهار الناس حتى إذا
= بدى لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمني
= ويجمعني والهم بالليل جامع
وقوله :-
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
= يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
رحمهما الله على حبهما العذري الذي تقبلا فيه القضاء والقدر وجمعهما في الجنة بعد ظلم البشر منقول بتصرف يسير مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|
التعديل الأخير تم بواسطة خيَّال الغلباء ; 12 - 08 - 2009 الساعة 18:23
|
|
|
|
 |