هذه بعض الآراء العجيبة التي كتبها أصحاب النفوس الشجاعة والمواقف الجريئة.
يراها المتأمّل عجيبة ولكنّها عين العقل. وهذه الآراء هي التي صنعت أولئك الأبطال وتلك المواقف الخالدة.
ـ قال قبيصة بن مسعود الشيباني يوم ذي قار يحرض قومه على القتال: الجزع لا يغني من الحذر والدنيّة أغلظ من المنية واستقبال الموت خير من استدباره والطعن في الثغر خير وأكرم منه في الدبر يا بني بكر حاموا فما من المنايا بدّ. هالك معذور خير من ناج فرور.
ـ قال علي ـ رضي الله عنه ـ : من أكثر النظر في العواقب لم يشجع.
ـ وقال أيضا : ربّ حياة سببها التعرّض للموت وربّ موت سببه طلب الحياة.
ـ وقال الحصين بن الحام المرّي.
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ــــــــ لنفسي حياة مثل أن أتقدّمـــا.
ـ قيل لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ : كيف صرت تقتل الأبطال؟ قال لأني كنت ألقى الرّجل فأُقدّر أنّي أقتله. ويُقدّر أني أقتله فأصبح أنا ونفسه عونين عليه.
ـ رُوي أنّ درع عليّ ـ رضي الله عنه ـ كان صدرا لا ظهر له . فسئل ألا تخاف أن تؤتى من قبل ظهرك. فقال: إن أمكنت عدوّي من ظهري فلا أبقى الله عليّ.
ـ سأل ابن هبيرة عن مقتل عبد الله بن خازم فقال أحد من جلسائه: سألت وكيع بن الدورقية كيف قتلته؟ قال غلبته بفضل قنا كان لي عليه فصرعته وجلست على صدره وقلت يا لثارات دويلة.يعني أخاه من أمّه . فقال ويلك تقتل كبش مضر بأخيك وكان لا يساوي كفّ نوى. ثمّ تنخّم فملأ وجهي فقال ابن هبيرة هذه البسالة والله. لكثرة ريقه وهو على مشارف الموت.
ـ لمّا أخذ بيهس الخارجي قطعت يداه ورجلاه وتُرك يتمرّغ في التراب، فلمّا أصبح قال: هل أحد يفرغ عليّ دلوين فإنّي احتلمت الليلة.
ـ ذكر أعرابي قوما فقال : يقتحمون الحرب كأنّهم يلقونها بنفوس أعدائهم.
ـ قال المهلّب: أشجع النّاس ثلاثة. ابن الكلبية وأحمر قريش وراكب البغلة.
فابن الكلبية مصعب بن الزبير أفرد في سبعة نفر وأعطي الأمان وولاية العراقين فأبى ومات كريما.وأحمر قريش عمر بن عبيد الله بن معمر ما لقي خيلا قطّ إلا كان في سرعانها. وراكب البغلة عبّاد بن الحصين الحبطي ما كنّا قطّ في فرجة إلا فرّجها. فقال الفرزق وكان حاضرا فأين أنت من عبد الله بن الزبير وعبد الله بن خازم . فقال ويلك إنّما ذكرنا الإنس فأما الجنّ فلم نذكرهم بعد.
ـ قيل للمهلّب : إنّك لتلقي نفسك في المهالك، قال إن لم آت الموت مسترسلا أتاني مستعجلا، إنّي لست آت الموت من حبّه إنّما آتيه من بغضه.
ـ قيل لعنترة أأنت أشجع العرب وأشدّها قال : لا . قيل له: فبم شاع لك هذا في النّاس؟ قال: كنت أقدم إذا رأيت الإقدام عزما وأحجم إذا رأيت الإحجام حزما ولا أدخل موضعا لا أرى لي فيه مخرجا. وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة فيطير لها قلب الشجاع فأنثني عليه فأقتله.
ـ قال أبو مسلم الخراساني: الموت بالسيف أحبّ إليّ من اختلاف الأطباء والنظر في الماء ومقاساة الداء والدواء.