عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 82 )
عين الصحافة
عضو مميز
رقم العضوية : 1073
تاريخ التسجيل : 05 - 04 - 2004
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,116 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : عين الصحافة is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : مدن سبيع فى الصحافه والاعلام

كُتب : [ 12 - 07 - 2007 ]

الخميس 27/6/1428




المسافرون عبرها يطالبون بآبار وشبكة جوال ومعـالم للارشاد
صحراء تدفن التائهين في قبور ناعمة

ثواب آل هياف (رنية)
لازال الموت عطشاً يتربص بالتائهين في كثبانها الرملية والتي تستدرجهم بنعومتها الذهبية وفضاءاتها الرحبة لكن رغم سعتها التي تستحوذ على 25% من مساحة منطقة مكة المكرمة الا ان صحراء رنية الكبرى يضيق صدرها احياناً بالعابرين على كثبانها في مواسم الجفاف

فحينما يبلغ بهم التعب وتنهار قواهم في البحث عن جرعة ماء. وتتدلى السنتهم المتسيبة من فرط جفاف الريق عندها تصفعهم بغبرتها في وجووهم يسقطون ارضاً وتتولى الرياح مهمة دفنهم بدم بارد دون ان تترك اثراً على نعومتها الظاهرية سوى جزء من ثوب يرف او طرف جثة كشفته غضبة رياح «الخماسين» وهي تتخطف التلال من مواقعها لتلقي بها بعيداً في البيداء.
مجازفة وروايات مرعبة
السفر في هذه الصحراء مجازفة لا تخلو من حماقة لغير العارفين بدوربها فهي تمتد من بيشة وتثليث جنوباً الى الحومات شمالاً بطول 300 كلم ومن وادي الدواسر شرقاً الى رنية غرباً بطول 200 كلم وبهذا تعتبر من اكبر الصحارى في الجزيرة العربية.
ثمة روايات مرعبة يرويها سكان المنطقة حول قصة التيه المأساوية والتي يتضح من خلالها ان هذا الفضاء المخيف لا امان له فهو يغدر حتى بأبناء البادية الذين حبوا على تلاله وعاشوا في اوديتها حتى اشتعلت رؤوسهم شيباً.
ضائعون في «المهمل»
سجلات الدفاع المدني بوقائع التوهان في تلك الصحراء سواء من اهالي محافظة رنية والمحافظات المجاورة او من المسافرين والمتسللين فهناك من تعطلت سيارته او نفد وقودها فهام على وجهه حتى اهلكه العطش وآخرون ضلوا طريق سيرهم حتى توغلوا في الصحراء لتتكالب عليهم ضربات الشمس القائظة وهجير الرمال الملتهبة فقضوا نحبهم حيث لا سبيل للانقاذ لان الجوال يظل في هذه الفيافي خارج التغطية. ومن صحارى رنية الشهيرة باخفاء العابرين في كثبانها القاحلة صحراء «الجهمل» تقع الى الشرق من رنية ويبلغ طولها من الشرق الى الغرب 130 كلم اذ تقع بين رنية غرباً ووادي الدواسر شرقاً وتثليث جنوباً ولا يوجد بها اي مورد ماء.
قبور ناعمة
اما صحراء «عرق سبيع» الشهيرة بكثبانها الرملية فتقع على بعد 30 كلم شمال رنية وتمتد بين الحوميات شمالاً بطول 200 كلم وهي عبارة عن تلال تتغير ملامحها يوماً بعد آخر ولا توجد بها علامات تدل على التائهين مما يجعلهم يدورون في حلقات مفرغة وسط الرمال حتى يتخطفهم الموت عطشاً وتهيل عليهم رياحها العاصفة رمالاً ناعمة الملمس لتكون قبوراً لاحلامهم الموءودة ومن لم تسعفه الرياح المعاكسة لكشف جثته يظل مجهولاً ومطوياً في هذه الصحراء الممتدة كمقبرة بلا قرار.
حكايات الموت عطشاً
اهالي المنطقة الذين عايشوا الصحراء بحلوها ومرها يروون حكايات مأساوية بعد ان نقشت اثارها المروعة عميقاً في ذاكرتهم من بينها قصة مسن وابنه وابن اخيه .. حدثت صول تلك المأسة قبل 13 عاماً لكنها لا تزال طازجة في الألسن كأنها حدثت بالامس.
يقول الرواة ان مسناً يبلغ من العمر 80 عاماً اذن لابنه وابن اخيه بالذهاب الى مدينة رنية لجلب اغراض للاسرة التي تقطن في اودية رنية الشرقية .. وكانا طلبا منه السماح لهما الذهاب الى المدينة لشراء لاغراض اضافة الى اعلاف لابلهم واغنامهم فغادرا البادية على متن سيارة وبعد ان اشتريا مستلزماتهما غادرا رنية في طريقهما الى البادية .. وفي منتصف الليل اكتشفا انهما تائهان عن الطريق المؤدي الى موقع اسرتهما وبعد محاولات مضنية في البحث وصلا الى صحراء الجهمل وللخروج من ذلك المأزق القاتل حاولا العودة من حيث اتيا سالكا طريق سيارتهما لكن سرعان ما نفد الوقود واحجمت السيارة عن الحركة .. وطفقا يبحثان عبثاً عن مكان يلجآن اليه من قيظ الظهيرة الحارق ولكن دون جدوى. وبعد يومين من غيابهما توجه المسن الى رنية وابلغ عن فقدان ابنه وابن اخيه ومن ثم هرعت الفرق الاجنبية التابعة للدفاع المدني في البحث بمساندة (مروحية) تم استدعاؤها من مكة المكرمة .. وبعد مضي اسبوع على اختفائهما تم العثور على جثتيهما حيث توفيا عطشاً وسط الرمال.
مأساة عرق سبيع
وبعد سنتين من هذه الحادثة المؤلمة توجه المسن الى تلك الناحية التي عثر فيها على جثتي ابنه وابن اخيه بحثاً عن ابل ضاعت في الصحراء واثناء بحثه غرزت سيارته في الرمال ولم يكن يدري رغم انه ترعرع وسط الفيافي انه دخل صحراء «الجهمل» باءت محاولات زحزحة السيارة بالفشل فقرر تركها والبحث عن مكان اسرته وبعد يومين من السير على الاقدام سقط مغشياً عليه من فرط العطش وما لبث ان فارق الحياة .. وبعد شهر من غيابه عثر على جثته بواسطة مروحية تابعة للدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة. وذكر شهود عيان كانوا يرافقون فرقة البحث ان الموقع الذي عثر فيه على جثة المسن كان على بعد امتار معدودة من الموقع الذي عثر فيه على ابنه وابن اخيه.
قصص التيه في الصحاري يصعب حصرها ففي العام الماضي شهدت صحراء (عرق سبيع) حادثة لا تقل مأساوية عن تلك راح ضحيتها مقاول بناء سوداني وابنه .. والذي يبلغ من العمر 18 عاماً فيما نجا مرافقهما ويدعى محمد عوض الله والذي روى لـ«عكاظ» تلك القصة المرعبة التي عايش تفاصيلها في الصحراء فيما كان منوماً بمستشفى رنية بعد ان انقذته عائلة بدوية تصادف مرورها على الطريق.
يقول عوض الله مسترجعاً تفاصيل تلك المأساة جئت من الرياض لزيارة احد اقاربي والذي يعمل في مركز ورشة 80 كلم داخل الصحراء شرق رنية ونزلت لدى صديقي صلاح والذي اخبرته بأنني أرغب في زيارة ذلك الصديق عندها اصر علي ان يوصلني الى ذلك الصديق مؤكداً انه يعرف الطريق جيداً وانه ذهب الى هناك اكثر من مرة. وعليه تحرك ثلاثتنا مستقلين سيارة صلاح صباحا وعند منتصف النهار تعطلت السيارة وسط صحراء تغطي جميع الاتجاهات ولا يوجد ثمة مكان او معلم يمكن اللجوء اليه .. حاولنا مراراً اصلاح السيارة ولكن بلا جدوى .. واخيراً قررنا التحرك سيراً على الاقدام عسى ان نصل مكاناً نطلب فيه المساعدة وكان زادنا من المياه قليلاً لا يتجاوز ثلاث لترات .. واستمرت مسيرتنا على الاقدام يوماً كاملاً .. وكانت العاصفة الرملية تمور في الصحراء وتصفع وجوهنا بغبرتها الكالحة.
الناجي الوحيد يحتضر
وفي صباح اليوم التالي يستطرد عوض الله استيقظنا من النوم الذي لم يكن هانئاً وسط الكوابيس التي ارقتنا طوال الليل.
واذكر انني كنت اردد الشهادتين .. حينها تناهى الى مسامعي ازيز سيارة قادمة من بعيد فعاودني الامل مجدداً حيث خلعت قميصي ولوت به مستلقياً واكتشفت ان صوتي اضحى همساً لا يسمع ولحسن حظي شاهدني صاحب السيارة وهو من ســكان البادية وكـان برفـقـة عـائـلــتـه فـأسـرع إلّي ورش وجهي بالماء حتى افـقت ثم احضرت زوجته تمراً وخلطته بالحليب فاكلت منه.. ومن ثم نقلوني الى مسـتــشـفى رنية العام وبعدها ابلغـوا الدفاع المدني فــي رنيــة الذي حرك فرقاً ارضية للبحث عن صديقي صلاح وابنه بعد ان وصفت لهم الموقع وبعد ساعات عثرت الفــرق على جثة صلاح الذي قضى عطشاً وجــوعاً ويــبـدو ان ابنه تحــرك من مكان والده الذي كان يحتضر للبحث عن من يساعده في انقاذه لكنه ما لبث ان انهكه السير ولحق بوالده وتم نقل جثتيهما الى مستشفى رنية العام.