رد : قيس وليلى وجبل التوباد
كُتب : [ 20 - 03 - 2008 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
ليلى الأخيلية وتوبة
من هى ؟
هي من أهم شاعرات العرب المتقدمات في الإسلام ولا يتقدمها أحد من النساء سوى الخنساء هي ليلى بنت عبدالله بن الرحال ، وآخر أجدادها كان يعرف بالأخيل . والأخيليون ينتسبون إلى قبيلة بني عامر ، التي اشتهرت بالعديد من عشاق العرب ، كما كانت من أولى القبائل إسلاما ، وجهاداً في سبيل نشر لواء الدين الجديد . لم تكن ليلى شاعرة نكرة أو مجهولة بل كانت ذائعة الصيت ينشد الناس شعرها .
من هو ؟
توبه بن الحمير وكان يوصف بالفصاحة كان أقل منها شهرة بعض الكتب تؤكد أنه كان من لصوص العرب و مع ذلك كان شعره رقيقا فصيح الألفاظ سهل التراكيب وقوي العاطفة .
كيف كان اللقاء ؟
كان اللقاء عند الكبر عندما كانت ليلى من النساء اللواتي ينتظرن الغزاة ، وكان توبة مع الغزاة فرأى ليلى وافتتن بها ، وهكذا توطدت علاقة حب عذري . ولكن رفض والد ليلى كان عائق زواجهما ، لانتشار أمرهما ، وقصة الحب بين الناس . وبعد ذلك
تعلن الحب بكل قوة :
ذات يوم وفدت ليلى على معاوية بن أبي سفيان ولديها عدة قصائد مدحته فيها . وقصيدة لها وصفت فيها ناقتها التي كانت تجوب الأرض لتصل إلى معاوية فيجود عليها من كرمه ، وسأل معاوية ذات يوم ليلى عن توبة العشيق ويحك ياليلى ! أكما يقول الناس كان توبة ؟. فقالت : يا أمير المؤمنين سبط البنان ، حديد اللسان ، شجى للأقران ، كريم المختبر ، عفيف المئزر ، جميل المنظر ، وهو كما قلت له يا أمير المؤمنين :
ثم قال : معاوية وما قلت له ؟
قالت : قلت ولم أتعد الحق وعلمي فنه فأعجب من وصفها وأمر لها بجائزة عظيمة واستنشدها المزيد .
بعيد الثرى لا يبلغ القوم قعره
= ألد ملد يغلب الحق باطله
إذا حل ركب في ذراه وظله
= ليمنعهم مما تخاف نوازله
حماهم بنصل السيف من كل فادح
= يخافونه حتى تموت خصائله
وتمضي ليلى في مدح حبيبها توبة بأبيات أخرى حتى يصيح بها معاوية : ويحك ليلى ! لقد جزت بتوبة قدره .
فقالت : والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته ، وأني لا أبلغ كنه ما هو أهله .
ويسألها معاوية : من أي الرجال كان ؟ فتقول :
أتته المنايا حين تم تمامه
= وأقصر عنه كل قرن يطاوله
وكان كليث الغاب يحمي عرينه
= وترضى به أشباله وحلائله
غضوب حليم حين يطلب حلمه
= وسم زعاف لا تصاب مقاتله
تتزوج من غيره :
رفض والد ليلى تزويجها بتوبه بعد أن ذاع صيت العشق بينهم و لم يكن لديه أى سبب للرفض سوى الخوف من اللوم أو يعتبر هذا تصديق لما انتشر تزوجت ليلى أبي الأذلع ومن أهم صفات زوجها أنه كان غيوراً جداً ، وبعض القصص تقول أنه طلقها لغيرته الشديدة من توبة ، وقصص أخرى أنه مات عنها .
السلطان يهدر دم توبه :
لم يمنع توبة من زيارتها وكثرت زياراته لها ، من بعد ذلك تظلم بنو الأذلع إلى السلطان الذي أهدر دم توبة ، إذا عاود زيارة ليلى ، فأخذوا يترصدون له في المكان المعتاد ، وذات يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه واستغرب خروجها سافرة ، ولكنه فطن أنها أرادت أن تعلمه عن كمين نصب له فأخذ فرسه وركض ، وكانت ليلى هي السبب في : نجاته . وفي هذا الحدث يقول توبة :
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
= فقد رابني منها الغداة سفورها
ويتعذب توبة من الحرمان من رؤية المحبوبة :
أرى اليوم يمر دون ليلى كأنما
= أتت حـجج من دونها وشهوراً
حمامـة بطن الواديين ، ترنمي
= سقاك من الغر الغوادي مطيرها
قتل توبة :
كان شابا طائشا متهوراً ، هناك بعض الأقاويل أنه قتل في عهد الخليفة الأموي معاوية سنة « 55 هجري »، حيث غشيه القوم في إحدى غاراته من ورائه فضربوه حتى قتلوه ، ثم جاء بعض من قومه فدفنوه في الصحراء ، وعندما استقبلت خبر مقتل حبيبها توبة بكته بالدمع الثخين ورثته في قصيدة مطولة تدافع عنه ، وفيها تقول :
وتوبة أحيا من فتاة حيــة
= وأجرأ من ليث بخفان خادر
ونعم الفتى إن كان توبة فاجرا
= وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر
كانت تراه أفضل الرجال وأكملهم خلقا وحسنا ، وظلت تحكي حكايتها معه وتفيض في مدحه حتى شعر الحجاج بالغيظ وكاد يأمر بقطع لسانها :
ما نوع العلاقة ؟
وقيل إن الحجاج بن يوسف الثقفي قد سألها ذات يوم : أن شبابك قد ذهب ، واضمحل أمرك وأمر توبة ، فأقسم عليك إلا صدقتني ، هل كانت بينكما ريبة قط ؟ أو خاطبك في ذلك قط ؟ فأقسمت ليلى للحجاج أن حب توبة لها كان عفيفا شريفا على الرغم من أنهما يخلوان إلى بعضهما وأنه أنشدها ذات ليلة :
وذي حاجة قلنا له لا تبح بها
= فليس إليها ما حييت سبيل
لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه
= وأنت لأخر فارغ وحليل
حتى آخر العمر :
وقد ظلت على حبها لتوبة إلى آخر يوم في حياتها ، حتى كانت ذات يوم على سفر ، فمرت بقبر توبة ومعها زوجها ، فأصرت عليه أن تزور القبر لتسلم على توبة ، وحاول زوجها ( الثانى ) أن يمنعها ولكنها أصرت فتركها .
واقتربت من قبر توبة ، ثم قالت : السلام عليك يا توبة ، ثم حولت وجهها إلى القوم وقالت : " ما عرفت له كذبة قط قبل هذا …. أليس القائل :
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت
= علي ودوني تربة وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا
= إليها صدى من جانب القبر صائح
وأغبط من ليلى بما لا أنا له
= ألا كل ما قرت به العين صالح
فما باله لم يسلم على كما قال ! وفي تلك اللحظة فزعت بومة كانت تكمن بجوار القبر ، فنفر الجمل ورمى ليلى على رأسها فماتت من ساعتها ، ودفنوها إلى جانب توبة . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|