رد : كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني احذروا منه وحذّروا الناس منه
كُتب : [ 21 - 06 - 2008 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
من الشخصيات الإسلامية البارزة والتي أساء لها الأصفهاني الرافضي الخليفة / هارون الرشيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وإليكم ما كتب أحد الأخوة من سيرته الحقيقية والتي لم تشوه كما فعل الأصفهاني صاحب الأغاني :
( بين الحاكم والعالم )
الحاكم هنا هو خليفة المسلمين / هارون الرشيد ، الذي وصلت الدولة الإسلامية في زمنه أوج قوتها ، وعصرها الذهبي ، وامتدت من تخوم الصين شرقاً ، حتى المحيط الأطلسي غرباً ، حتى قال للسحابة : أمطري أنّى شئت يأتيني خراجك . وهو الذي خاطب نقفور إمبراطور الروم بقوله : من أمير المؤمنين / هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم . كان يحج عاماً ويغزو عاماً . وكان يصلي في الليلة مائة ركعة . هذا الخليفة بمثل هذه الصفات كان من الطبيعي أن يحقد عليه المستشرقون ، ومن لف لفيفهم وانصبغ بثقافتهم ، فينعتونه بأقبح الصفات ، وينسجون حوله الأكاذيب ، ويرمونه بالمجون ، ويقدحون في تقواه ، ليشوهوا صورته وصورة الدولة الإسلامية التي كان رمزها وقائدها . لقد كان ورعاً تقياً ، رقيق القلب يبكي إن سمع الموعظة ، ويبحث عن العلماء الأجلاء ليعظوه . ولنا في قصته مع / الفضيل بن عياض أنصع صورة تبين للمسلمين اليوم كيف كان حكامهم بالأمس وكيف كان علماؤهم ، وشتان ما بين الأمس المشرق ، واليوم المعتم ، حيث حكام ظلمة وعلماء متزلفون إلا من رحم الله . روى الفضل بن الربيع ، وكان من المقربين للرشيد ، وأحد وزرائه قال : حج أمير المؤمنين / هارون الرشيد ، فأتاني ليلة ، فخرجت إليه مسرعاً فقلت : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إلي أتيتك ، فقال : ويحك ، قسا قلبي ، وحاك في نفسي شيء ، فانظر لي رجلاً أسأله ويعظني ، فقلت : ها هنا / سفيان بن عيينة ، فقال : امضِ بنا إليه ، فقرعنا عليه الباب ، فقال : من ذا ؟ قلت : أجب أمير المؤمنين ، فخرج مسرعاً ، فقال : يا أمير المؤمنين لو أرسلت إليّ أتيتك ، فقال : خذ لما جئناك رحمك الله ، فحادثه ساعة ، ثم قال له الرشيد : أعليك دين ؟ فقال : نعم ، قال يا ابن الربيع : اقضِ دينه ، فلما خرجنا قال : ما أغنى عني صاحبك شيئاً ، انظر لي رجلاً أسأله ، قلت : ها هنا / عبدالرزاق بن همام ، قال : امضِ بنا إليه ، فأتيناه فقرعنا الباب ، فخرج مسرعاً فقال : من هذا ؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين ، قال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إليّ أتيتك ، فقال : خذ ما جئناك له ، فحادثه ساعة ثم قال له : أعليك دين ؟ قال : نعم ، قال : يا ابن الربيع ، اقضِ دينه ، فلما خرجنا قال : ما أغنى عني صاحبك شيئاً ، انظر لي رجلاً أسأله ، قلت : ها هنا / الفضيل بن عياض ، قال : امضِ بنا إليه ، قال : فأتيناه ، فإذا هو قائم يصلي يتلو آية يرددها ، فقال : اقرع الباب ، فقرعت الباب ، فلما انتهى من صلاته قال : من هذا ؟ قلت : أجب أمير المؤمنين ، فقال : مالي ولأمير المؤمنين ؟ قلت : سبحان الله ، أما عليك طاعة ؟ فقام فنزل ففتح الباب ، ثم صعد إلى غرفة ، فأطفأ السراج ، ثم إلتجأ إلى زاوية من زواياها فدخلنا فجعلنا نجول بأيدينا ، فسبقت كف الرشيد قبلي إليه ، فقال : يا لها من كف ما ألينها ، إن نجت غداً من عذاب الله عز وجل ، فقلت في نفسي ليكلمنّه الليلة بكلام تقي من قلب تقي ، فقال الرشيد : خذ لما جئناك له رحمك الله ، فقال : إن / عمر بن عبدالعزيز لما ولي الخلافة دعا / سالم بن عبدالله و / محمد بن كعب القرظي و / رجاء بن حيوة فقال لهم : إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا علي ، فعدّ الخلافة بلاءً وعددتها أنت وأصحابك نعمة ، فقال له / سالم بن عبدالله : « فعد إن أردت النجاة من عذاب الله ، فصم الدنيا ، وليكن إفطارك منها الموت »، وقال له / محمد بن كعب : « إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المؤمنين عندك أباً ، وأوسطهم عندك أخاً ، وأصغرهم عندك ولداً ، فوقر أباك وأكرم أخاك ، وتحنن على ولدك »، وقال له / رجاء بن حيوة : « إن أردت النجاة غداً من عذاب الله ، فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم مت إذا شئت ، وإني أقول لك فإني أخاف عليك أشد الخوف يوماً تزل فيه الأقدام » فهل معك رحمك الله مثل هذا ؟ أو من يشير عليك بمثل هذا ؟ فبكى الرشيد حتى غشي عليه ، فقلت له : ارضَ يا أمير المؤمنين ، فقال : يا ابن الربيع ، تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا ؟ ثم أفاق فقال : زدني رحمك الله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بلغني أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز شكا إليه ، فكتب إليه عمر « يا أخي أذكرك طول سعي أهل النار ، مع خلود الأبد ، وإياك أن ينصرف بك من عند الله ، فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء » فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على / عمر بن عبدالعزيز فقال له : ما أقدمك ؟ قال : خلعتَ قلبي بكتابك ، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله عز وجل ، قال : فبكى الرشيد بكاءً شديداً ، ثم قال : زدني رحمك الله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن العباس عم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم جاء إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله أمرني على إمارة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة ، فإن استطعت أن لا تكون أميراً فافعل »، فبكى الرشيد بكاءً شديداً ثم قال : زدني رحمك الله ، قال : يا حسن الوجه ، أنت الذي يسألك الله عز وجل عن هذا الخلق يوم القيامة ، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار ، فإياك أن تصبح أو تمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك ، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « من أصبح لهم غاشاً لم يرح رائحة الجنة » فبكى الرشيد وقال له : أعليك دين ؟ قال : نعم ! دين لربي لم يحاسبني عليه ، فالويل لي إن سألني ، والويل لي إن ناقشني ، والويل لي إن لم ألهم حجتي ، قال إنما أعني من دين العباد ، قال : إن الله لم يأمرني بهذا ، إنما أمرني أن أصدق وعده ، وأطيع أمره ، فقال عز وجل : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴾ [الذاريات 56-57] يا هارون أو تظن أن الذي أعطاك ينساني ؟ قال : لا ، قال : لا حاجة لي بعطيتك ، قال الرشيد : هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك ، وتقوَّ بها على عبادتك ، فقال : سبحان الله أنا أدلك على طريق النجاة ، وأنت تكافئني بمثل هذا ، اذهب سلّمك الله ، ثم سكت فلم يكلمنا ، فخرجنا من عنده ، فلما صرنا على الباب قال الرشيد : إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا ، هذا سيد المسلمين . قال / الفضل بن الربيع : فخرجنا من عنده ، فسمعنا إحدى نسائه قد دخلت عليه ، فقالت : يا هذا ، ترى ما نحن فيه من ضيق ، فلو قبلت عطية أمير المؤمنين فتفرجنا بها ، فقال لها : مثلي ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبه ، فلما كبر نحروه فأكلوا لحمه ، فلما سمع الرشيد هذا الكلام ، قال لي : ندخل عليه ثانية ، فلعله أن يقبل منا المال ، فسمع الفضيل ذلك ، فخرج إلى السطح وجلس على باب الغرفة ، فجاء إليه الرشيد فجلس إلى جنبه ، وجعل يكلمه ويترفق به ، والفضيل لا يجيبه ، فبينما نحن كذلك ، إذ خرجت جارية سوداء فقالت : يا هذا قد آذيت الشيخ الليلة ، فانصرف عنه رحمك الله ، قال : فخرجنا من عنده ، فقال الرشيد : الحمد لله أن في المسلمين الفضيل بن عياض . هذه حادثة من آلاف الحوادث مثلها ، كانت تجري بين خلفاء المسلمين وعلمائهم ، فلقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|