عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 21 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رد: أصول الحوار وآدابه في الإسلام

كُتب : [ 07 - 07 - 2009 ]

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيَّال الغلباء مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

أصول الحوار وآدابه في الإسلام :-

تعريف الحوار : من المُحاورة؛ وهي المُراجعة في الكلام .

الجدال : من جَدَلَ الحبل إذا فَتَلَه؛ وهو مستعمل في الأصل لمن خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب، ثم استعمل في مُقابَلَة الأدلة لظهور أرجحها .

والحوار والجدال ذو دلالة واحدة، وقد اجتمع اللفظان في قوله تعالى : { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } ( المجادلة : 1 ) ويراد بالحوار والجدال في مصطلح الناس : مناقشة بين طرفين أو أطراف، يُقصد بها تصحيح كلامٍ، وإظهار حجَّةٍ، وإثبات حقٍ، ودفع شبهةٍ، وردُّ الفاسد من القول والرأي .

وقد يكون من الوسائل في ذلك : الطرق المنطقية والقياسات الجدليَّة من المقدّمات والمُسلَّمات، مما هو مبسوط في كتب المنطق وعلم الكلام وآداب البحث والمناظرة وأصول الفقة .

غاية الحوار :-

الغاية من الحوار إقامةُ الحجة، ودفعُ الشبهة والفاسد من القول والرأي . فهو تعاون من المُتناظرين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها، ليكشف كل طرف ما خفي على صاحبه منها، والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق . يقول الحافظ الذهبي : ( إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ )

هذه هي الغاية الأصلية، وهي جليَّة بيِّنة، وثَمَّت غايات وأهداف فرعية أو مُمهِّدة لهذا الغاية منها :-

- إيجاد حلٍّ وسط يُرضي الأطراف .
- التعرُّف على وجهات نظر الطرف أو الأطراف الأخرى، وهو هدف تمهيدي هام .
- البحث والتنقيب، من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنويع الرُّؤى والتصورات المتاحة، من أجل الوصول إلى نتائج أفضل وأمْكَنَ، ولو في حوارات تالية .

مواطن الاتفاق :-

إنّ بِدْءَ الحديث والحوار بمواطن الاتفاق طريق إلى كسب الثقة وفُشُوِّ روح التفاهم . ويصير به الحوار هادئاً وهادفاً .

الحديث عن نقاط الاتفاق وتقريرها يفتح آفاقاً من التلاقي والقبول والإقبال، مما يقلّل الجفوة ويردم الهُوَّة ويجعل فرص الوفاق والنجاح أفضل وأقرب، كما يجعل احتمالات التنازع أقل وأبعد .

أصول الحوار :-

الأصل الأول : سلوك الطرق العلمية والتزامها، ومن هذه الطرق :-

1- تقديم الأدلة المُثبِتة أو المرجِّحة للدعوى .
2- صحة تقديم النقل في الأمور المنقولة .

الأصل الثاني : سلامة كلامِ المناظر ودليله من التناقض؛ فالمتناقض ساقط بداهة . ومن أمثلة ذلك ما ذكره بعض أهل التفسير من :-

وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله : { سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } ( الذريات : 39 ) وهو وصف قاله الكفار - لكثير من الأنبياء بما فيهم كفار الجاهلية - لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم . وهذان الوصفان السحر والجنون لا يجتمعان، لأن الشأن في الساحر العقل والفطنة والذكاء، أما المجنون فلا عقل معه البته، وهذا منهم تهافت وتناقض بيّن .

الأصل الثالث : ألا يكون الدليل هو عين الدعوى، لأنه إذا كان كذلك لم يكن دليلاً، ولكنه إعادة للدعوى بألفاظ وصيغ أخرى . وعند بعض المُحاورين من البراعة في تزويق الألفاظ وزخرفتها ما يوهم بأنه يُورد دليلاً . وواقع الحال أنه إعادة للدعوى بلفظ مُغاير، وهذا تحايل في أصول لإطالة النقاش من غير فائدة .

الأصل الرابع : الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مُسَلَّمة . وهذه المُسَلَّمات والثوابت قد يكون مرجعها؛ أنها عقلية بحتة لا تقبل النقاش عند العقلاء المتجردين؛ كحُسْنِ الصدق، وقُبحِ الكذب، وشُكر المُحسن، ومعاقبة المُذنب . أو تكون مُسَلَّمات دينية لا يختلف عليها المعتنقون لهذه الديانة أو تلك . وبالوقوف عند الثوابت والمُسَلَّمات، والانطلاق منها يتحدد مُريد الحق ممن لا يريد إلا المراء والجدل والسفسطة .

الأصل الخامس : التجرُّد، وقصد الحق، والبعد عن التعصب، والالتزام بآداب الحوار : إن إتباع الحق، والسعي للوصول إليه، والحرص على الالتزام؛ وهو الذي يقود الحوار إلى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا التواء، أو هوى الجمهور، أو الأتْباع والعاقل - فضلاً عن المسلم - الصادق طالبٌ حقٍّ، باحثٌ عن الحقيقة، ينشد الصواب ويتجنب الخطأ .

يقول الغزاليّ أبو حامد : ( التعاون على طلب الحق من الدّين، ولكن له شروط وعلامات؛ منها أن يكون في طلب الحق كناشد ضالّة، لا يفرق بين أن تظهر الضالّة على يده أو على يد معاونه . ويرى رفيقه معيناً لا خصماً . ويشكره إذا عرَّفه الخطأ وأظهره له ) الإحياء ج1 .

ومن مقولات الإمام الشافعي المحفوظة : ( ما كلمت أحداً قطّ إلا أحببت أن يُوفّق ويُسدّد ويُعان، وتكون عليه رعاية الله وحفظه . وما ناظرني فبالَيْتُ !! أَظَهَرَتِ الحجّةُ على لسانه أو لساني )

وفي ذمّ التعصب ولو كان للحق، يقول الغزالي : ( إن التعصّب من آفات علماء السوء، فإنهم يُبالغون في التعصّب للحقّ، وينظرون إلى المخالفين بعين الازدراء والاستحقار، فتنبعث منهم الدعوى بالمكافأة والمقابلة والمعاملة، وتتوفر بواعثهم على طلب نُصرة الباطل، ويقوى غرضهم في التمسك بما نُسبوا إليه . ولو جاؤوا من جانب اللطف والرحمة والنصح في الخلوة، لا في معرض التعصب والتحقير لأنجحوا فيه، ولكن لمّا كان الجاه لا يقوم إلا بالاستتباع، ولا يستميل الأتْباع مثلُ التعصّب واللعن والتّهم للخصوم، اتخذوا التعصب عادتهم وآلتهم )

والمقصود من كل ذلك أن يكون الحوار بريئاً من التعصّب خالصاً لطلب الحق، خالياً من العنف والانفعال، بعيداً عن المشاحنات الأنانية والمغالطات البيانيّة، مما يفسد القلوب، ويهيج النفوس، ويُولد النَّفرة، ويُوغر الصدور، وينتهي إلى القطيعة .

الأصل السادس :-

أهلية المحاور : إذا كان من الحق ألا يمنع صاحب الحق عن حقه، فمن الحق ألا يعطى هذا الحق لمن لا يستحقه، كما أن من الحكمة والعقل والأدب في الرجل ألا يعترض على ما ليس له أهلاً، ولا يدخل فيما ليس هو فيه كفؤاً .

من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من كان على الباطل .
من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يعرف الحق .
من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يجيد الدفاع عن الحق .
من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يدرك مسالك الباطل .

إذن، فليس كل أحد مؤهلاً للدخول في حوار صحي صحيح يؤتي ثماراً يانعة ونتائج طيبة . والذي يجمع لك كل ذلك : ( العلم )؛ فلا بد من التأهيل العلمي للمُحاور، ويقصد بذلك التأهيل العلمي المختص .

إن الجاهل بالشيء ليس كفؤاً للعالم به، ومن لا يعلم لا يجوز أن يجادل من يعلم، وقد قرر هذه الحقيقة إبراهيم عليه السلام في محاجَّته لأبيه حين قال : { يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً} ( مريم : 43 )

وإن من البلاء؛ أن يقوم غير مختص ليعترض على مختص؛ فيُخَطِّئه ويُغَلِّطه . وإن حق من لا يعلم أن يسأل ويتفهم، لا أن يعترض ويجادل بغير علم، وقد قال موسى عليه السلام للعبد الصالح : { قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } ( الكهف : 66 )

فالمستحسن من غير المختص؛ أن يسأل ويستفسر، ويفكر ويتعلم ويتتلمذ ويقف موقف موسى مع العبد الصالح .

وكثير من الحوارات غير المنتجة مردُّها إلى عدم التكافؤ بين المتحاورين، ولقد قال الشافعي رحمه الله : ( ما جادلت عالماً إلا وغلبته، وما جادلني جاهل إلا غلبني ! ) وهذا التهكم من الشافعي رحمه الله يشير إلى الجدال العقيم؛ الذي يجري بين غير المتكافئين .

الأصل السابع :-

قطعية النتائج ونسبيَّتها : من المهم في هذا الأصل إدراك أن الرأي الفكري نسبيُّ الدلالة على الصواب أو الخطأ، والذي لا يجوز عليهم الخطأ هم الأنبياء عليهم السلام فيما يبلغون عن ربهم سبحانه وتعالى . وما عدا ذلك فيندرج تحت المقولة المشهورة ( رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب ) وبناء عليه؛ فليس من شروط الحوار الناجح أن ينتهي أحد الطرفين إلى قول الطرف الآخر . فإن تحقق هذا واتفقنا على رأي واحد فنعم المقصود، وهو منتهى الغاية . وإن لم يكن فالحوار ناجح . إذا توصل المتحاوران بقناعة إلى قبول كلٍ من منهجيهما؛ يسوغ لكل واحد منهما التمسك به ما دام أنه في دائرة الخلاف السائغ . وما تقدم من حديث عن غاية الحوار يزيد هذا الأصل إيضاحاً .

وفي تقرير ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله : ( وكان بعضهم يعذر كل من خالفه في مسائل الاجتهادية، ولا يكلفه أن يوافقه فهمه ) ا هـ . من المغني . ولكن يكون الحوار فاشلاً إذا انتهى إلى نزاع وقطيعة، وتدابر ومكايدة وتجهيل وتخطئة .

الأصل الثامن : الرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل إليها المتحاورون، والالتزام الجادّ بها، وبما يترتب عليها . وإذا لم يتحقق هذا الأصل كانت المناظرة ضرباً من العبث الذي يتنزه عنه العقلاء . يقول ابن عقيل : ( وليقبل كل واحد منهما من صاحبه الحجة؛ فإنه أنبل لقدره، وأعون على إدراك الحق وسلوك سبيل الصدق . قال الشافعي رضي الله عنه : ( ما ناظرت أحداً فقبل مني الحجَّة إلا عظم في عيني، ولا ردَّها إلا سقط في عيني ) منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
اّداب الحوار :-

للحوار أداب حري بالمحاور أن يلم بها, فهي الطريق لكسب الآخرين والثاثير فيهم, وأن في القلب حرقة مما نسمعه ونقرئه من جدال وخصام بين المتحاورين ولوا أخذوا بأداب الحوار لكان خيرا لهم, وهناك فرق بين الحوار والجدال نعم هم يلتقيان في أنهما حديث أو مناقشة بين طرفين, ولكنهما يفترقان بعد ذلك : فالجدال هو اللدد في الخصومة وما يتصل بذلك في إطار التخاصم بالكلام والجدال والمجادلة والجدل كل ذلك منحى الخصومة أو بمعنى العناد والتمسك بالرأي والتعصب له, أما الحوار والمحاورة فهي مراجعة الكلام والحديث بين طرفين دون خصومة : وفي القرأن الكريم ما يدل على الفرق بين الجدال والحوار : حيث نجد القرأن الكريم يستعمل الجدال في مواضع بعنى الذم أو غير المرضي عنها أو غير المجدية, كقوله عز وجل : ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ) ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ) فالجدل لم يؤمر به ولم يمدح في القرأن على الإطلاق, بل جاء مقيد بلفظ ( الحسنى ) كقوله عز وجل : ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) أما الحوار وأدابه فقد أولى القرأن أهميته فهو فن الدعوة الذي يفتن عقول الناس ويأسر أفئدتهم فمن نصوص القرأن الدالة على أداب الحوار وهي كثيرة منها قوله تعالى : ( وقولوا للناس حسنا ) ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) ( وادفع بالتي هى أحسن السيئه ) وقد كان النبي صلى الله عليه وأله وسلم مثالا للمحاور الرائع بأفعاله قبل أقواله : وقد جاء عنه أنه قال : الكلمة الطيبة صدقة . وقال : يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا . وقال : تبسمك في وجه أخيك صدقة . وقال الحكمة ضالة المؤمن, أينما وجدها فهوى أحق الناس بها . وهذا يدل على أن المسلم الصادق ينشد الحقيقة همه بلوغ الحق سواء على يده أو على يد محاوره فالحكمة ضالته أينما وجدها فهوى أحق الناس بها لا فرق بين أن تظهر على يده أو على يد من يحاوره ويشكر محاوره إذا أظهر له الحق ولكن والعياذ بالله قد ابتليى بعض الناس بحب الشهرة والظهور والتمسك بالرأي والتعصب له والتعالي على محاوره, وشهوة السيطره على المجالس وإظهار البراعة والعلم والثقافة وانتزاع الإعجاب وانتظار الثناء من الآخرين وهذا ولا شك مما يحبط أعمالهم وقلما يجدون القبول عند الناس فليس لهم صديق حميم صدوق ولا يؤخذ مما يقولون ولذلك حبذا لو راجع هؤلاء أنفسهم من وقت لآخر : وقد فطن لذلك الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه عندما قال : والذي لا إله غيره ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان . ومن نصائح الرسول صلى الله عليه وأله وسلم : لآبي ذر الغفاري : ( عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان, وعون لك على أمر دينك ) ويجب على المحاور أن يقف مع نفسه قبل الحوار مع الطرف الآخر وقفتان : الوفقة الآولى هل نيتي خالصة في هذا الحوار والوقفة الثانية, هل هناك فائدة ترجى من هذا الحوار أم لعله يثير فتنة هذا ولنا في سيرة النبي صلى الله عليه وأله وسلم دروس في الحوار لمن أحسن النظر فيها . منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس