عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 12 )
راعي الهلالية
عضو فعال
رقم العضوية : 749
تاريخ التسجيل : 23 - 01 - 2004
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 190 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : راعي الهلالية is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : حلقات في الأحاديث الضعيفة والموضوعة

كُتب : [ 12 - 05 - 2004 ]

‎المنار المنيف في الصحيح والضعيف
ابن قيم الجوزية



‏ بسم الله الرحمن الرحيم
‏ قال الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية الحنبلي الدمشقي تغمده الله ‏تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته
‏ فصل 1
‏ 1 سئلت عن حديث صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك وكيف يكون هذا التضعيف 2 وكذلك ‏قوله في حديث جويرية لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن 3 وحديث صيام ثلاثة ‏أيام من كل شهر يقوم مقام صيام الشهر 4 وحديث من دخل السوق فقال لا إله إلا الله الحديث فهذا السؤال ‏اشتمل على أربع مسائل 5 المسألة الأولى تفضيل الصلاة بالسواك على سبعين صلاة بغيره فهذا الحديث قد روي ‏عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث لم يرد في الصحيحين ولا في الكتب الستة ‏ولكن رواه الإمام أحمد وابن خزيمة والحاكم في صحيحهما والبزار في مسنده وقال البيهقي إسناده غير قوي‎

‏ 6 وذلك أن مداره على محمد بن إسحاق عن الزهري ولم يصرح ابن إسحاق بسماعه منه بل قال ذكر الزهري ‏عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضل الصلاة التي يستاك لها على ‏الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضعفا هكذا رواه الإمام أحمد وابن خزيمة في صحيحه إلا أنه قال إن صح الخبر ‏قال وإنما استثنيت صحة هذا الخبر لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع الحديث من الزهري وإنما‎

دلسه عنه وقد قال عبد الله بن أحمد قال أبي إذا قال ابن إسحاق وذكر فلان فلم يسمعه وقد أخرجه الحاكم في ‏صحيحه وقال هو صحيح على شرط مسلم ولم يصنع الحاكم شيئا فإن مسلما لم يرو في كتابه بهذا الإسناد حديثا ‏واحدا ولا احتج بإبن اسحاق وإنما أخرج له في المتابعات والشواهد وأما أن يكون ذكر ابن إسحاق عن الزهري من ‏شرط مسلم فلا وهذا وأمثاله هو الذي شان كتابه ووضعه وجعل تصحيحه دون تحسين غيره‎

‏ قال البيهقي هذا الحديث أحد ما يخاف أن يكون من تدليسات محمد بن إسحاق وأنه لم يسمعه من الزهري ورواه ‏البيهقي من طريق معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري ومعاوية هذا ليس بقوي وقال في شعب الإيمان تفرد به معاوية ‏بن يحيى ويقال إن ابن إسحاق أخذه منه قال ويروى نحوه عن عروة‎

وعن عمرة عن عائشة وكلاهما ضعيف 7 ورواه من حديث الواقدي قال حدثنا عبد الله بن أبي يحيى الأسلمي عن ‏أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الركعتان بعد السواك أحب ‏إلى الله من سبعين ركعة قبل السواك ولكن الواقدي لا يحتج به ورواه من حديث حماد بن قيراط قال حدثنا خراج ‏بن فضالة عن عروة بن رويم عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة بسواك ‏خير من سبعين صلاة بغير سواك وهذا الإسناد غير قوي فهذا حال هذا الحديث وإن ثبت فله وجه حسن وهو أن ‏الصلاة بالسواك سنة والسواك مرضاة للرب 9 وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم شأنه وقال لولا أن أشق على ‏أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة 10 وأخبر أنه مطهرة للفم مرضاة للرب‏‎

‏ 11 وقال صلى الله عليه وسلم أكثرت عليكم في السواك رواه البخاري 12 وفي مسند أحمد عن التميمي قال ‏سألت ابن عباس عن السواك فقال ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا به حتى خشينا أن ينزل عليه فيه 13 ‏وفي لفظ أمرت بالسواك حتى خشيت أن ينزل علي به وحي 14 وقال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم ما لي أراكم تأتوني قلحا استاكوا لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم ‏الوضوء 15 وقال عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك الحديث فجعل السواك من الفطرة‏‎

‏ 16 وقال عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا وغير ‏طاهر فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة 17 وعن علي قال أمرنا بالسواك وقال إن العبد إذا قام يصلي ‏أتاه الملك فقام خلفه يستمع القرآن ويدنو فلا يزال يستمع ويدنو حتى يضع فاه على فيه فلا يقرأ آية إلا كانت في ‏جوف الملك 18 وكان النبي صلى الله عليه وسلم من رغبته في السواك يستاك إذا قام من نوم الليل وإذا دخل بيته ‏وإذا صلى‎

‏ 19 واستاك عند موته وهو في السياق 20 وقال سفيان عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله ‏رضي الله عنهما قال كان السواك من أذن النبي صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب‎

‏ 21 وفي سنن النسائي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كان رسول الله صلىالله عليه وسلم يصلي ركعتين ‏ركعتين ثم ينصرف فيستاك وهذا في صلاة الليل 22 ولما بات ابن عباس عند خالته ميمونة قال فقام صلى الله عليه ‏وسلم فتوضأ وصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين الحديث وكان يستاك لكل ركعتين‎

‏ 23 وفي جامع الترمذي عن أبي سلمة قال كان زيد بن خالد الجهني يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه ‏موضع القلم من أذن الكاتب لا يقوم إلى الصلاة إلا استن وهو حديث حسن صحيح 24 وفي الموطأ عن ابن ‏شهاب الزهري عن ابن السباق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليكم بالسواك 25 وقد روى أبو نعيم من ‏حديث عبد الله بن عمرو بن حلحلة ورافع بن خديج قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السواك واجب ‏وغسل الجمعة واجب على كل مسلم 26 ويشهد لهذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد ‏الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غسل يوم الجمعة على كل محتلم وسواك ويمس من ‏الطيب ما قدر عليه وإذا كان هذا شأن السواك وفضله وحصول رضا الرب به وإكثار‏‎

النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة فيه ومبالغته فيه حتى عند وفاته وقبض نفسه لكريمه صلى الله عليه وسلم لم ‏يمتنع أن تكون الصلاة التي يستاك لها أحب إلى الله من سبعين صلاة وإذا كان ثواب السبعين أكثر فلا يلزم من ‏كثرة الثواب أن يكون العمل الأكثر ثوابا أحب إلى الله تعالى من العمل الذي هو أقل منه بل قد يكون العمل الأقل ‏أحب إلى الله تعالى وإن كان الكثير أكثر ثوابا 27 وهذا كما في المسند عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال دم عفراء ‏أحب إلى الله من دم سوداوين يعني في الأضحية وكذلك ذبح الشاة الواحدة يوم النحر أحب إلى الله من الصدقة ‏بأضعاف أضعاف ثمنها وإن كثر ثواب الصدقة وكذلك قراءة سورة بتدبر ومعرفة وتفهم وجمع القلب عليها أحب ‏إلى الله تعالى من قراءة ختمة سردا وهذا وإن كثر ثواب هذه القراءة وكذلك صلاة ركعتين يقبل العبد فيهما على ‏الله تعالى بقلبه وجوارحه ويفرغ قلبه‎

كله لله فيهما أحب إلى الله تعالى من مئتي ركعة خالية من ذلك وإن كثر ثوابهما عددا 28 ومن هذا سبق درهم ‏مئة ألف درهم 29 ولهذا قال الصحابة رضي الله عنهم إن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل ‏وبدعة فالعمل اليسير الموافق لمرضاة الرب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أحب إلى الله تعالى من العمل الكثير ‏إذا خلا عن ذلك أو عن بعضه ولهذا قال الله تعالى ^ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ^ ‏وقال ^ إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ^ وقال ^ وهو الذي خلق السموات والأرض ‏في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ^ فهو سبحانه وتعالى إنما خلق السموات والأرض ‏والموت والحياة وزين الأرض بما‎

عليها ليبلو عبادة أيهم أحسن عملا لا أكثر عملا والعمل الأحسن هو الأخلص والأصوب وهو الموافق لمرضاته ‏ومحبته دون الأكثر الخالي من ذلك فهو سبحانه وتعالى يحب أن يتعبد له بالأرضى له وإن كان قليلا دون الأكثر ‏الذي لا يرضيه والأكثر الذي غيره أرضى له منه ولهذا يكون العملان في الصورة واحدا وبينهما في الفضل بل بين ‏قليل أحدهما وكثير الآخر في الفضل أعظم مما بين السماء والأرض وهذا الفضل يكون بحسب رضا الرب سبحانه ‏بالعمل وقبوله له ومحبته له وفرحه به سبحانه وتعالى كما يفرح بتوبة التائب أعظم فرح ولا ريب أن تلك التوبة ‏الصادقة أفضل وأحب إلى الله تعالى من أعمال كثير من التطوعات وإن زادت في الكثرة على التوبة ولهذا كان ‏القبول مختلفا ومتفاوتا بحسب رضا الرب سبحانه بالعمل‎

‏ فيا لله كم بعد ما بين الصدقتين في الفضل ومحبة الله وقبوله ورضاة وقد قبل سبحانه هذه وهذه لكن قبول الرضا ‏والمحبة والاعتداد والمباهاة شيء وقبول الثواب والجزاء شيء وأنت تجد هذا في الشاهد في ملك تهدى إليه هدية ‏صغيرة المقدار لكنه يحبها ويرضاها فيظهرها لخواصه وحواشيه ويثني على مهديها في كلمات كهدية كثيرة العدد ‏والقدر جدا لا تقع عنده موقعا ولكن يكون في جودة لا يضيع ثواب مهديها بل يعطيه عليها أضعافها وأضعاف ‏أضعافها فليس قبوله لهذه الهدية مثل قبوله للأولى 30 ولهذا قال ابن عمر أو غيره من الصحابة رضي الله عنهم لو ‏أعلم أن الله يتقبل مني سجدة واحدة لم يكن غائب أحب إلي من الموت إنما يريد به القبول الخاص وإلا فقبول ‏العطاء والجزاء حاصل لأكثر الأعمال والقبول له أنواع قبول رضا ومحبة واعتداد ومباهاة وثناء على العامل به بين ‏الملأ الأعلى وقبول جزاء وثواب وإن لم يقع موقع الأول وقبول إسقاط للعقاب فقط وإن لم يترتب عليه ثواب ‏وجزاء كقبول صلاة من لم يحضر قلبه في شيء منها فإنه ليس له من صلاته إلا ما عقل منها فإنها تسقط الفرض ولا ‏يثاب عليها وكذلك صلاة الآبق وصلاة من أتى عرافا فصدقه فإن البعض قد حقق أن صلاة هؤلاء لا تقبل‎

ومع هذا فلا يؤمرون بالإعادة يعني أن عدم قبول صلاتهم إنما هو في حصول الثواب لا في سقوطها من ‏ذمتهم والأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال وقصد وجه المعبود وحده ‏دون شيء من الحظوظ سواه حتى لتكون صورة العملين واحدة وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله تعالى ‏وتتفاضل أيضا بتجريد المتابعة فبين العملين من الفضل بحسب ما يتفاضلان به في المتابعة فتتفاضل الأعمال بحسب ‏تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلا لا يحصيه إلا الله تعالى وينضاف هذا إلى كون أحد العملين أحب إلى الله في نفسه ‏مثاله الجهاد وبذل النفس لله تعالى هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى ويقترن بتجريد الإخلاص والمتابعة وكذلك ‏الصلاة والعلم وقراءة القرآن إذا فضل العلم في نفسه وفضل قصد صاحبه وإخلاصه وتجردت متابعته لم يمتنع أن ‏يكون العمل الواحد أفضل من سبعين بل وسبع مئة من نوعه فتأمل هذا فإنه يزيل عنك إشكالات كثيرة ويطلعك ‏على سر العمل والفضل وأن الله سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين يضع فضله مواضعه وهو أعلم بالشاكرين ولا ‏تلتفت إلى ما يقوله من غلظ حجاب قلبه من المتكلمين والمتكلفين إنه يجوز أن يكون العملان متساويين من جميع ‏الوجوه لا تفاضل بينهما ويثيب الله على أحدهما أضعاف أضعاف ما يثيب على الآخر‎

بل يجوز أن يثيب على هذا ويعاقب على هذا مع فرض الإستواء بينهما من كل وجه وهذا قول من ليس له فقه في ‏أسماء الرب وصفاته وأفعاله ولا فقه في شرعه وأمره ولا فقه في أعمال القلوب وحقائق الإيمان بالله وبالله ‏التوفيق إذا عرفت ذلك فلا يمتنع أن تكون الصلاة التي فعلها فاعلها على وجه الكمال حتى أتى بسواكها الذي هو ‏مطهرة لمجاري القرآن وذكر الله ومرضاة للرب واتباع للسنة والحرص على حفظ هذه الحرمة الواحدة التي أكثر ‏النفوس تهملها ولا تلتفت إليها حتى كأنها غير مشروعة ولا محبوبة لكن هذا المصلي اعتدها فحافظ عليها وأتى بها ‏توددا وتحببا إلى الله تعالى واتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يبعد أن تكون صلاة هذا أحب إلى الله ‏من سبعين صلاة تجردت عن ذلك والله أعلم 2 31 وأما المسألة
‏ فصل الثانية وهي تفضيل سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته على مجرد الذكر‏‎

بسبحان الله أضعافا مضاعفة فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول سبحان
‏ الله وبحمده عدد خلقه من معرفته وتنزيهه وتعظيمه من هذا القدر المذكور من العدد أعظم مما يقوم بقلب القائل ‏سبحان الله فقط وهذا يسمى الذكر المضاعف وهو أعظم ثناء من الذكر المفرد فلهذا كان أفضل منه وهذا إنما ‏يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه فإن قول المسبح سبحان الله وبحمده عدد خلقه يتضمن إنشاء وإخبارا عما ‏يستحقه الرب من التسبيح عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب ‏وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم الذي لا يبلغه العادون ولا يحصيه المحصون وتضمن إنشاء العبد لتسبيح هذا ‏شأنه لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده بل أخبر أن ما يستحقة الرب سبحانه وتعالى من التسبيح ‏هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره فإن تجدد المخلوقات لا ينتهي عددا ولا يحصى ‏الحاضر وكذلك قوله ورضا نفسه فهو يتضمن أمرين عظيمين أحدهما‏‎

أن يكون المراد تسبيحا هو والعظمة والجلال سيان ولرضا نفسه كما أنه في الأول مخبر عن تسبيح مساو لعدد خلقه ‏ولا ريب أن رضا نفس الرب لا نهاية له في العظمة والوصف والتسبيح ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم ‏والتنزيه فإذا كانت أوصاف كماله ونعوت جلاله لا نهاية لها ولا غاية بل هي أعظم من ذلك وأجل كان الثناء ‏عليه بها كذلك إذ هو تابع لها إخبارا وإنشاء وهذا المعنى ينتظم المعنى الأول من غير عكس وإذا كان إحسانه ‏سبحانه وثوابه وبركته وخيره لا منتهى له وهو من موجبات رضاه وثمرته فكيف بصفة الرضا 32 وفي الأثر إذا ‏باركت لم يكن لبركتي منتهى فكيف بالصفة التي صدرت عنها البركة والرضا يستلزم المحبة والإحسان والجود ‏والبر والعفو والصفح والمغفرة والخلق يستلزم العلم والقدرة والإرادة والحياة والحكمة وكل ذلك داخل في رضا ‏نفسه وصفة خلقه وقوله وزنة عرشه فيه إثبات للعرش وإضافته إلى الرب سبحانه‏‎

وتعالى وأنه أثقل المخلوقات على الإطلاق إذ لو كان شيء أثقل منه لوزن به التسبيح وهذا يرد على من يقول إن ‏العرش ليس بثقيل ولا خفيف وهذا لم يعرف العرش ولا قدره حق قدره فالتضعيف الأول للعدد والكمية والثاني ‏للصفة والكيفية والثالث للعظم والثقل وليس للمقدار وقوله ومداد كلماته هذا يعم الأقسام الثلاثة ويشملها فإن ‏مداد كلماته سبحانه وتعالى لا نهاية لقدره ولا لصفته ولا لعدده قال تعالى ^ قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ‏لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدادا ^ وقال تعالى ^ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ‏والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ^ ومعنى هذا أنه لو فرض البحر مدادا ‏وبعده سبعة أبحر تمده كلها مدادا وجميع أشجار الأرض أقلاما وهو ما قام منها على ساق من النبات والأشجار ‏المثمرة وغير المثمرة وتستمد بذلك المداد لفنيت البحار والأقلام وكلمات الرب لا تفنى ولا تنفد فسبحان الله ‏وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته فأين هذا من وصف من يصفه بأنه ما تكلم ولا يتكلم ‏ولا يقوم به كلام أصلا وقول من وصف كلامه بأنه معنى واحد لا ينقضي ولا يتجزأ‏‎

ولا له بعض ولا كل ولا هو سور وآيات ولا حروف وكلمات والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ‏ونعوت الجلال ما يوجب أن يكون أفضل من غيره وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه وهذا بعض ما في هذه ‏الكلمات من المعرفة بالله والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم مع اقترانه بالحمد المتضمن لثلاثة أصول أحدها إثبات ‏صفات الكمال له سبحانه والثناء عليه الثاني محبته والرضا به الثالث فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على ‏أكمل الوجوه وأعظمها قدرا وأكثرها عددا وأجزلها وصفا واستحضر العبد ذلك عند التسبيح وقام بقلبه معناه كان ‏له من المزية والفضل ما ليس لغيره وبالله التوفيق
‏ فصل 3
‏ 33 وأما المسألة الثالثة وهي كون صيام ثلاثة أيام من كل شهر تعدل صيام الشهر فقد ذكر في هذا الحديث سببه ‏وهو أن الحسنة بعشر أمثالها فهو يعدل صيام الشهر غير مضاعف لثواب الحسنة بعشر أمثالها فإذا صام ثلاثة أيام من ‏كل شهر وحافظ على ذلك فكأنه صام الدهر كله 34 ونظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ‏من صام رمضان‎

وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر فإن الحسنة بعشر أمثالها وفي كونها من شوال سر لطيف وهو أنها تجري ‏مجرى الجهران لرمضان وتقضي ما وقع فيه من التقصير في الصوم فتجري مجرى سنة الصلاة بعدها ومجرى سجدتي ‏السهو ولهذا قال وأتبعه أي ألحقها به وقد استدل بهذا من يستحب أو يجوز صيام الدهر كله ما عدا العيدين وأيام ‏التشريق ولا حجة له بل هو حجة عليه فإنه لا يلزم من تشبيه العمل بالعمل إمكان وقوع المشبه به فضلا عن كونه ‏مشروعا بل ولا ممكنا كما في الحديث الصحيح و لهذا جعل صيام ثلاثة أيام من الشهر وصيام رمضان وإتباعه ‏بست من شوال يعدل صيام ثلاث مئة وستين يوما وذلك حراما غير جائز بالاتفاق فإنه وقع التشبيه في الثواب لا ‏على تقدير كونه مشروعا بل ولا ممكنا كما في الحديث الصحيح وقد سئل عن الجهاد فقال للسائل‎

‏ 35 هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تصوم فلا تفطر وتقوم فلا تفتر قال لا قال ذلك مثل المجاهد والمقصود أنه لا ‏يلزم من تشبيه الشيء بالشيء مساواته له 36 ومثل هذا قوله صلى الله عليه وسلم من صلى العشاء في جماعة ‏فكأنما قام نصف الليل ومن صلى العشاء والفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله وهذا يدل على ما تقدم من تفضيل ‏العمل الواحد على أمثاله وأضعافه من جنسه فإن من صلى العشاء والفجر في جماعة ولم يصل بالليل تعدل صلاته ‏تلك صلاة من قام الليل كله فإن كان هذا الذي قام الليل قد صلى تينك الصلاتين في جماعة أحرز الفضل المحقق ‏والمقدر وإن صلى الصلاتين وحده وقام الليل كان كمن صلاهما في جماعة ونام بمنزله إن صحت صلاة المنفرد‎

‏ وهذا كما تقدم من أن تفاضل الأعمال ليس بكثرتها وعددها وإنما هو بإكمالها وإتمامها وموافقتها لرضا الرب ‏وشرعه
‏ فصل 4
‏ 37 وأما المسألة الرابعة وهي قوله في الحديث من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله ‏الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ‏ألف ألف سيئة رفع له ألف ألف درجة فهذا الحديث معلول أعله أئمة الحديث قال الترمذي في جامعه حدثنا أحمد ‏بن منيع حدثنا يزيد ابن هارون أخبرنا أزهر بن سنان حدثنا محمد بن واسع قال قدمت مكة فلقيني سالم بن عبد الله ‏بن عمر فحدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من دخل السوق فقال الحديث قال ‏الترمذي هذا حديث غريب وقد رواه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم ابن عبد الله فذكر الحديث 38 ‏حدثنا بذلك أحمد بن عبدة الضبي حدثنا حماد بن زيد والمعتمد بن سليمان قالا حدثنا عمرو بن دينار وهو قهرمان ‏آل الزبير عن سالم ابن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من‏‎

دخل السوق وذكر الحديث وفيه وبنى له بيتا في الجنة وقد روي من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر لكنه ‏معلول أيضا قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه يحيى بن سليم ‏الطائفي عن عمران بن مسلم عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر عن الني صلى الله عليه وسلم قال من دخل في ‏السوق الحديث فقالا لي هذا حديث منكر قال ابن أبي حاتم وهذا الحديث خطأ إنما أراد عمران بن مسلم عن ‏عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه فغلط وجعل بدل عمرو عبد الله بن دينار وأسقط سالما من ‏الإسناد حدثنا بذلك محمد بن عمار حدثنا إسحاق بن سليمان عن بكير بن شهاب الدامغاني عن عمران بن مسلم ‏عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ورواه ابن ماجة في ‏سننه عن بشر بن معاذ الضرير عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير كنيته أبو يحيى الأعور‎

البصري قال يحيى بن معين ليس بشيء وقال النسائي والدارمي ضعيف وقال أبو زرعة واهي الحديث وقال علي بن ‏الجنيد هو شبه المتروك وقال ابن حبان لا يحل كتب حديثه إلا على وجه التعجب كان ينفرد بالموضوعات عن ‏الثقات وقال الدارقطني ضعيف
‏ فصل 5
‏ وسئلت هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن ينظر في سنده‏‎

‏ فهذا سؤال عظيم القدر وإنما يعلم ذلك من تضلع في معرفة السنن الصحيحة واختلطت بلحمه ودمه وصار له فيها ‏ملكة وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار ومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه فيما يأمر ‏به وينهى عنه ويخبر عنه ويدعو إليه ويحبه ويكرهه ويشرعه للأمة بحيث كأنه مخالط للرسول صلى الله عليه وسلم ‏كواحد من أصحابه فمثل هذا يعرف من أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وكلامه وما يجوز أن يخبر به ‏وما لا يجوز ما لا يعرفه غيره وهذا شأن كل متبع مع متبوعه فإن للأخص به الحريص على تتبع أقواله وأفعاله من ‏العلم بها والتمييز بين ما يصح أن ينسب إليه وما لا يصح ما ليس لمن لا يكون كذلك وهذا شأن المقلدين مع ‏أئمتهم يعرفون أقوالهم ونصوصهم ومذاهبهم والله أعلم 39 فمن ذلك ما روى جعفر بن جسر عن أبيه عن ثابت ‏عن أنس يرفعه من قال سبحان الله وبحمده غرس الله له ألف ألف نخلة في الجنة أصلها من ذهب وجعفر هذا هو ‏جعفر بن جسر بن فرقد أبو سليمان القصاب البصري قال ابن عدي أحاديثه مناكير وقال الأزدي يتكلمون ‏فيه وأما أبوه فقال يحيى بن معين لا شيء ولا يكتب حديثه وقال النسائي والدارقطني ضعيف وقال ابن حبان ‏خرج من حد العدالة وقال ابن عدي عامة أحاديثه غير محفوظة‎

‏ 40 ومن ذلك ما رواه ابن منده من حديث أحمد بن عبد الله الجويباري الكذاب عن شقيق عن إبراهيم بن أدهم ‏عن يزيد بن أبي زياد عن أويس القرني عن عمر وعلي رضي الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ‏دعا بهذه الأسماء اللهم أنت حي لا تموت وغالب لا تغلب وبصير لا ترتاب وسميع لا تشك وصادق لا تكذب ‏وصمد لا تطعم وعالم لا تعلم إلى أن قال فوالذي بعثني بالحق لو دعي بهذه الدعوات على صفائح الحديد لذابت ‏وعلى ماء جار لسكن ومن دعا عند منامه بها بعث بكل حرف منها سبع مئة ألف ملك يسبحون له ويستغفرون ‏له وتابعه كذاب آخر وهو الحسين بن داود البلخي عن شقيق وروى جملة منه كذاب آخر هو سليمان بن عيسى ‏عن الثوري عن إبراهيم بن أدهم وهذا وأمثاله مما لا يرتاب من له أدنى معرفة بالرسول صلى الله عليه وسلم وكلامه ‏أنه موضوع مختلق وإفك مفترى عليه 41 ومن ذلك ما رواه عباس بن الضحاك البلخي كذاب أشر عن عبد الله ‏بن عمر بن الرماح مجهول لا يعرف عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه ‏وسلم من كتب بسم الله الرحمن الرحيم ولم يعم الهاء التي في الله تعالى كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ‏ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة‎

‏ 42 ومن ذلك ما رواه أبو العلاء عن نافع عن ابن عمر يرفعه من كفن ميتا فإن له بكل شعرة تصيب كفنه عشر ‏حسنات وأبو العلاء هذا يروي عن نافع ما ليس من حديثه ولا يجوز الاحتجاج به وهذا الحديث قد رواه الحسن ‏بن سفيان حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا أحمد بن الحجاج حدثنا أبو العلاء قال الدارقطني يقال إن أبا العلاء هذا ‏الخفاف الكوفي واسمه خالد بن طهمان انتهى وقال يحيى بن معين هو ضعيف خلط قبل موته بعشر سنين وكان قبل ‏ذلك ثقة وكان في تخليطه يحمل ما جاءوا به ويقرؤه انتهى 43 ومن ذلك حديث يرويه محمد بن عبد الرحمن بن ‏البيلماني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم من صام صبيحة يوم الفطر فكأنما صام الدهر كله وهذا ‏حديث باطل موضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن البيلمان يروي المناكير قال البخاري وأبو حاتم ‏الرازي والنسائي هو منكر الحديث وقال يحيى بن معين ليس بشيء‎

‏ وقال الدارقطني والحميدي ضعيف وقال ابن حبان حدث عن أبيه بنسخة شبيها بمئتي حديث كلها موضوعة لا ‏يجوز الاحتجاج به ولا ذكره إلا على وجه التعجب 44 ومن ذلك حديث من صام يوم عاشوراء كتب الله له ‏عبادة ستين سنة وهذا باطل يرويه حبيب بن أبي حبيب عن إبراهيم الصائغ عن ميمون بن مهران عن ابن عباس ‏وحبيب كان يضع الأحاديث 45 ومن ذلك حديث يرويه زكريا بن دويد الكندي الكذاب الأشر عن حميد ‏الطويل عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم من داوم على صلاة الضحى ولم يقطعها من علة كنت أنا وهو في ‏الجنة في زورق من نور في بحر من نور حتى نزور رب العالمين 46 ومن ذلك حديث يرويه عمر بن راشد عن يحيى ‏بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى بعد المغرب ست ‏ركعات لم يتكلم بينهن بشيء عدلن له عبادة اثنتي عشرة سنة‎

‏ وعمر هذا قال فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين والدارقطني ضعيق وقال أحمد أيضا لا يساوي حديثه شيئا وقال ‏البخاري منكر الحديث وضعفه جدا وقال ابن حبان لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه فإنه يضع الحديث على ‏مالك وابن أبي ذئب وغيرهما من الثقات 47 ومن ذلك حديث من صلى يوم الأحد أربع ركعات بتسليمة واحدة ‏يقرأ في كل ركعة ^ الحمد ^ و ^ آمن الرسول ^ إلى آخرها كتب الله له ألف حجة وألف عمرة وألف غزوة ‏وبكل ركعة ألف صلاة وجعل بينه وبين النار ألف خندق فقبح الله واضعه ما أجرأه على الله ورسوله 48 ومن ‏ذلك حديث من صلى ليلة الأحد أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة ^ وقل هو الله أحد ^ خمس ‏عشرة مرة أعطاه الله يوم القيامة ثواب من قرأ القرآن عشر مرات وعمل بما في القرآن ويخرج يوم القيامة من قبره ‏ووجهه مثل القمر ليلة البدر ويعطيه الله بكل ركعة ألف مدينة من لؤلؤ في كل مدينة ألف قصر من زبرجد في كل ‏قصر ألف دار من الياقوت في كل دار ألف بيت من المسك في كل بيت ألف سرير ^ واستمر هذا الكذاب الأشر ‏على الألف ^‏‎

‏^ 49 ومن ذلك حديث من صلى ليلة الإثنين ست ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وعشرين مرة ^ ‏قل هو الله أحد ويستغفر الله بعد ذلك عشر مرات أعطاه الله يوم القيامة ثواب ألف صديق وألف عابد وألف زاهد ‏فقبح الله واضعه ومختلقه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من عمل الجويباري الخبيث 50 ومن ذلك ‏حديث من صلى يوم الإثنين أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة وقال هو الله أحد ‏مرة وقل أعوذ برب الفلق مرة كفرت ذنوبه كلها وأعطاه الله قصرا في الجنة من درة بيضاء في جوف القصر سبعة ‏أبيات طول كل بيت ثلاثة آلاف ذراع وعرضه مثل ذلك واستمر هذا الكذاب الخبيث على حديث طويل فيه من ‏هذه المجازفات وهو من عمل الحسين بن إبراهيم كذاب يروي عن محمد بن طاهر ووضع من هذا الضرب أحاديث ‏صلاة يوم الأحد وليلة الأحد وصلاة يوم الاثنين وليلة الاثنين ويوم الثلاثاء وليلة الثلاثاء وهكذا في سائر أيام ‏الأسبوع ولياليه‎

وهذا باب واسع جدا وإنما ذكرنا منه جزءا يسيرا ليعرف به أن هذه الأحاديث وأمثالها مما فيه هذه المجازفات القبيحة ‏الباردة كلها كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اعتنى بها كثير من الجهال بالحديث من المنتسبين إلى ‏الزهد والفقر وكثير من المنتسبين إلى الفقه 51 والأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة ومجازفات باردة تنادي ‏على وضعها واختلاقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل حديث من صلى الضحى كذا وكذا ركعة ‏أعطي ثواب سبعين نبيا وكأن هذا الكذاب الخبيث لم يعلم أن غير النبي لو صلى عمر نوح عليه السلام لم يعط ‏ثواب نبي واحد 52 وكقوله من اغتسل يوم الجمعة بنية وحسبة كتب الله له بكل شعرة نورا يوم القيامة ورفع له ‏بكل قطرة درجة في الجنة من الدر والياقوت والزبرجد بين كل درجتين مسيرة مئة عام ومر في حديث طويل قبح ‏الله واضعه وهو من عمل عمر بن صبح الكذاب الخبيث
‏ فصل 6
‏ ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا
‏ 53 فمنها 1 اشتماله على أمثال هذه المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة جدا ‏‏
‏ كقوله في الحديث المكذوب من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائرا له سبعون‎

ألف لسان لكل لسان سبعون ألف لغة يستغفرون الله له ومن فعل كذا وكذا أعطي في الجنة سبعين ألف مدينة في ‏كل مدينة سبعون ألف قصر في كل قصر سبعون ألف حوراء وأمثال هذه المجازفات الباردة التي لا يخلو حال ‏واضعها من أحد أمرين إما أن يكون في غاية الجهل والحمق وإما أن يكون زنديقا قصد التنقيص بالرسول صلى الله ‏عليه وسلم بإضافة مثل هذه الكلمات إليه
‏ فصل 7
‏ ومنها 2 تكذيب الحس له كحديث 54 الباذنجان لما أكل له 55 والباذنجان شفاء من كل داء قبح الله ‏واضعهما فإن هذا لو قاله يوحنس أمهر الأطباء لسخر الناس منه ولو أكل الباذنجان للحمى والسوداء الغالبة وكثير ‏من الأمراض لم يزدها إلا شدة ولو أكله فقير ليستغني لم يفده الغنى أو جاهل ليتعلم لم يفده العلم 56 وكذلك ‏حديث إذا عطس الرجل عند الحديث فهو دليل صدقه وهذا وإن صحح بعض الناس سنده فالحس يشهد بوضعه ‏لأنا نشاهد العطاس والكذب يعمل عمله ولو عطس مئة ألف رجل عند حديث يروى عن النبي صلى الله عليه ‏وسلم لم يحكم بصحته بالعطاس ولو عطسوا عند شهادة زور لم تصدق 57 وكذلك حديث عليكم بالعدس فإنه ‏مبارك يرقق القلب‎

ويكثر الدمعة قدس فيه سبعون نبيا وقد سئل عبد الله بن المبارك عن هذا الحديث وقيل له إنه يروى عنك فقال وعني ‏أيضا أرفع شيء في العدس أنه شهوة اليهود ولو قدس فيه نبي واحد لكان شفاء من الأدواء فكيف بسبعين نبيا وقد ‏سماه الله تعالى ^ أدنى ^ ونعى على من اختاره على المن والسلوى وجعله قرين الثوم والبصل أفترى أنبياء بني ‏إسرائيل قدسوا فيه لهذه العلة والمضار التي فيه من تهييج السوداء والنفخ والرياح الغليظة وضيق النفس والدم الفاسد ‏وغير ذلك من المضار المحسوسة ويشبه أن يكون هذا الحديث من وضع الذين اختاروه على المن والسلوى أو ‏أشباههم 58 ومن ذلك حديث إن الله خلق السموات والأرض يوم عاشوراء 59 وحديث اشربوا على الطعام ‏تشبعوا فإن الشرب على الطعام يفسده ويمنع من استقراره في المعدة ومن كمال نضجه 60 ومن ذلك حديث ‏أكذب الناس الصباغون والصواغون والحس يرد هذا الحديث فإن الكذب في غيرهم أضعافه فيهم كالرافضة فإنهم ‏أكذب خلق الله والكهان والطرائقيين والمنجمين‎

‏ وقد تأوله بعضهم على أن المراد بالصباغ الذي يزيد في الحديث ألفاظا‏‎

تزينه والصواغ الذي يصوغ الحديث ليس له أصل وهذا تكلف بارد لتأويل حديث باطل
‏ فصل 8
‏ 61 ومنها 3 سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه كحديث لو كان الأرز رجلا لكان حليما ما أكله جائع إلا ‏أشبعه فهذا من السمج البارد الذي يصان عنه كلام العقلاء فضلا عن كلام سيد الأنبياء 62 وحديث الجوز دواء ‏والجبن داء فإذا صار في الجوف صار شفاء فلعن الله واضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم 63 وحديث لو ‏يعلم الناس ما في الحلبة اشتروها بوزنها ذهبا 64 وحديث أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان 65 ‏وحديث ما من ورقة هندباء إلا وعليها قطرة من ماء الجنة 66 وحديث بئست البقلة الجرجير من أكل منها ليلا ‏بات ونفسه تنازعه ويضرب عرق الجذام في أنفه كلوها نهارا وكفوا عنها ليلا 67 وحديث فضل دهن البنفسج ‏على الأدهان كفضل أهل البيت على سائر الخلق‏‎

‏ 68 وحديث فضل الكراث على سائر البقول كفضل البر على الحبوب 69 وحديث الكمأة والكرفس طعام ‏إلياس واليسع 70 وحديث إن للقلب فرحة عند أكل اللحم 71 وحديث ما من رمان إلا ويلقح بحبة من رمان ‏الجنة 72 وحديث ربيع أمتي العنب والبطيخ 73 وحديث عليكم بمداومة أكل العنب مع الخبز 74 وحديث ‏عليكم بالملح فإنه شفاء من سبعين داء 75 وحديث من أكل فولة بقشرها أخرج الله منه من الداء مثلها لعن الله ‏واضعه واضعه 76 وحديث لا تسبوا الديك فإنه صديقي ولو يعلم بنو آدم ما في صوته لا شتروا ريشه ولحمه ‏بالذهب 77 وحديث من اتخذ ديكا أبيض لم يقربه شيطان ولا سحر 78 وحديث إن لله ديكا عنقه مطوية تحت ‏العرش ورجلاه في التخوم‎

‏ 79 وبالجملة فكل أحاديث الديك كذب إلا حديثا واحدا إذا سمعتم صياح الديكة فسألوا الله من فضله فإنها رأت ‏ملكا
‏ فصل 9
‏ ومنها 4 مناقصة الحديث لما جاءت به السنة الصريحة مناقضة بينة‎

فكل حديث يشتمل على فساد أو ظلم أو عبث أو مدح باطل أو ذم حق أو نحو ذلك فرسول الله صلى الله عليه ‏وسلم منه بريء 80 ومن هذا الباب أحاديث مدح من اسمه محمد أو أحمد وأن كل من يسمى بهذه الأسماء لا ‏يدخل النار وهذا مناقض لما هو معلوم من دينه صلى الله عليه وسلم أن النار لا يجار منها بالأسماء والألقاب وإنما ‏النجاة منها بالإيمان والأعمال الصالحة 81 ومن هذا الباب أحاديث كثيرة علقت النجاة من النار بها وأنها لا تمس ‏من فعل ذلك وغايتها أن تكون من صغار الحسنات والمعلوم من دينه صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك وأنه إنما ‏ضمن النجاة منها لمن حقق التوحيد
‏ فصل 10
‏ 82 ومنها 5 أن يدعى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل أمرا ظاهرا بمحضر من الصحابة كلهم وأنهم اتفقوا ‏على كتمانه ولم ينقلوه كما يزعم أكذب الطوائف أنه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله ‏عنه بمحضر من الصحابة كلهم وهم راجعون من حجة الوداع فأقامه بينهم حتى عرفه الجميع ثم قال هذا وصيي ‏وأخي والخليفة من بعدي فأسمعوا له وأطيعوا ثم اتفق الكل على كتمان ذلك وتغييره ومخالفته فلعنة الله على ‏الكاذبين 83 وكذلك روايتهم أن الشمس ردت لعلي بعد العصر والناس‎

يشاهدونها ولا يشتهر هذا أعظم اشتهار ولا يعرفه إلا أسماء بنت عميس‎


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك وأتوب
إليك
رد مع اقتباس