عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 4 )
metab
عضو
رقم العضوية : 4011
تاريخ التسجيل : 25 - 09 - 2005
الدولة :
العمر : 42
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 11 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : metab is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : قبل البدء .. كلمتين في نقطتين

كُتب : [ 06 - 10 - 2005 ]

شخصيات من تاريخ نجران 1
قصة عبدالله بن ثامر (1) :


قال ابن إسحاق : وحدثني يزيد عن محمد بن كعب القرظي، وحدثني أيضا بعض أهل نجران عن أهلها : أن أهل نجران كانوا أهل شرك ، يعبدون الأوثان ، وكان في قرية من قراها قريباً من نجران - ( نجران : القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلاد ) ساحراً يعلم الغلمان آهل نجران السحر ، فلما نزلها فيمون ولم يسموه لي باسمه الذي سماه به وهب بن منبه، قالوا : رجل نزلها- ابتنى خيمة بين نجران وبين تلك القرية التي بها الساحر ، فجعل أهل نجران يرسلون غلمانهم إلى الساحر يعلمهم السحر ، فبعث إليه الثامر أبنه عبد الله بن الثامر مع غلمان أهل نجران ، فكان إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى من صلاته وعبادته، فجعل يجلس إليه ، ويسمع منه ، حتى اسلم فوحد الله وعبده ، وجعل يسأله من الشرائع، حتى إذا فقه جعل يسأل عن الاسم الأعظم، وكان يعلمه ، فكتمه إياه ، وقال له : يا ابن أخي، انك لا تحتمل أخشى عليك ضعفك عنه ، والثامر أبو عبد الله لا يظن إلا أن ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان ، فلما رأى عبد الله أن صاحبه قد ضن به عنه، وتخوف ضعفه فيه ، عمد إلى الأقداح فجمعها، ثم لم يبق لله أسماً يعلمه إلا كتبه في قداح سماهم - ولكل قدح اسم- حتى إذا أحصاها أوقد ناراً ثم جعل يقذفها فيها قدحاً قدحاً ، حتى إذا مر بالاسم الأعظم قذف فيها بقدحه، فوثب القدح منها حتى خرج منها لم يضره شيئاً ، فأخذه ثم أتى به صاحبه فاخبره قد علم الاسم الذي كتمه . فقال :قد أصبته فامسك على نفسك ، وما أظن أن تفعل فجعل عبد الله بن ثامر إذا دخل نجران لم يلق أحد به ضرر إلا قال له : يا عبد الله أتوحد الله وتدخل في ديني أدعو الله فيعافيك مما أنت فيه؟ فيقول نعم، فيوحد الله ويسلم، ويدعو له فيشفى . حتى لم يبق بنجران أحد به ضر إلا أتاه فاتبعه ودعا له فعوفي حتى رفع شأنه إلى ملك نجران ، فدعاه وقال له :أفسدت علي أهل قريتي ، وخالفت ديني ودين آبائي، لا مثلن بك . قال لا تقدر على ذلك ، قال : فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح على رأسه فيقع إلى الأرض ليس به بأس ، ثم جعل يبعث به إلى مياه نجران ، بحور لا يقع فيها شيء إلا هلك، فيلقى فيها فيخرج ليس به بأس ، فلما غلبه قال له عبد الله بن ثامر : انك والله - لن تقدر على قتلي حتى توحد الله فتؤمن بما أمنت ، فإنك أن فعلت ذلك سُلطت على قتلي قال: فوحد الله ، وشهد شهادة عبد الله بن ثامر ، ثم ضربه بعصا في يده شجه شجة غير كبيرة فقتله، ثم هلك الملك مكانه. واستجمع أهل نجران على دين عبد الله، وكان ما جاء به عيسى بن مريم من الإنجيل وحكمه، فمن هناك كان أصل النصرانية بنجران . ثم يعقب ابن إسحاق قائلاً : فهذا حديث محمد بن كعب القرُظي، وبعض أهل نجران عن عبد الله بن ثامر والله اعلم أي ذلك كان . ونقول بصرف النظر عن القصص فإن في هذه الرواية عنصرين لا شك في صدقهما . وجود النصرانية هناك التي بقيت حتى جاء الإسلام ، ووجود شخص اسمه عبد الله بن ثامر، وأن له دوراً كبيراً في نشر النصرانية هناك.



قصة أصحاب الأخدود :


فلما صار عهد ذي نواس ، وهو آخر ملوك حمّير ، وكان يهودياً ، فسار إليهم بجنوده ، فدعاهم إلى اليهودية ، وخيرهم بين ذلك والقتل ، فاختاروا القتل فخدّ لهم الأخدود فحرق من حرق بالنار ، وقتل من قتل ومثل بهم حتى قتل منهم قريباً من عشرين ألفا ، ففي ذي نواس وجنده أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود .......الآية) (1) . وقد كانوا على دين النصرانية الحقة فنعتهم الله بالمؤمنين في سورة البروج (2) .


أول من سكن نجران


يحدثنا ياقوت في معجم البلدان فيقول : قالوا ، سمي بنجران بن زيدان بن سبأ ، كان أول من عمرها ونزلها ، ، وهو المرعف إنما صار إلى نجران لأنه رأى رؤيا فهالته فخرج رائدا حتى انتهى إلى واد فنزل به فسمي نجران به ، (أي سمي وادي نجران ) وبعد ان يروي لنا قصة فيمون وابن ثامر ، وخبر تحريق ذي نواس لأهل نجران ، يقول وأما خبر الترمذي أن الملك كان كافراً وأن أصحاب الأخدود مؤمنين فصح إذا والله اعلم . ثم يقول : وفتح نجران في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سنة عشر صلحاً على الفي (حلة) وعلى أن يقاسموا العشر ونصف العشر (3) . قال : أول من نزل نجران من بني الحارث بن كعب ، يزيد بن عبد المدان ، وذلك أن عبد المسيح زوجه ابنته، دهيمه، فولدت له عبد الله بن يزيد، فمات عبد الله فانتقل ماله إلى (أبيه) يزيد ، فكان أول حارثي حل في نجران . وروي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : القرى المحفوظة أربع: مكة والمدينة وإليا (4) ونجران، وما من ليلة إلا وينزل على نجران سبعون ألف ملك يسلمون على أصحاب الأخدود ولا يرجعون إليها بعد هذا أبدا ...
__________________
1- بين مكة وحضرموت صــ 329ـ.
2- مروج الذهب للمسعودي وبين مكة وحضرموت صـ 352ـ.
3- رسائل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران تشير إلى انهم لا يعشرون.
4- اليا - أي بيت المقدس.
شخصيات من تاريخ نجران2
قس بن ساعدة الإيادي (1)
حكيم العرب


يعد من الشخصيات الشهيرة في تاريخ الأدب العربي.
يقول صاحب كتاب البداية والنهاية (ابن كثير) كان الجارود بن المعلى بن حنش بن معلى العبدي نصرانيا حسن المعرفة بتفسير الكتب وتأويلها عالما بسير الفرس وأقاويلها بصيرا بالفلسفة والطب ظاهر الدهاء والأدب كامل الجمال ذا ثروة ومال وأنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وافدا في رجال من عبد القيس ذوي آراء وأسنان وبيان فأسلم وأسلم معه أناس من قومه فسر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامهم وأظهر من إكرامهم ما سروا به وابتهجوا ثم أقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الإيادي فقال: الجارود فداك أبي وأمي كلنا نعرفه وإني من بينهم لعالم بخبره واقف على أمره. كان قس يا رسول الله سبطا من أسباط العرب عمر ستمائة سنة تقفر منها خمسة أعمار في البراري والقفار يضج بالتسبيح على مثال المسيح لا يقره قرار ولا تكنه دار ولا يستمتع به جار كان يلبس الأمساح ويفوق السياح ويفر من رهبانيته يحتسي في سياحته بيض النعام ويأنس بالهوام، ويستمتع بالظلام ، يبصر فيعتبر، ويفكر فيختبر،فصار لذلك واحدا تضرب بحكمته الأمثال ، وتكشف به الأهوال أدرك رأس الحواريين سمعان. وهو أول رجل تأله من العرب ووحد ، وأقر وتعبد. أيقن بالبعث والحساب، حذر سوء المآب ، وأمر بالعمل قبل الفوت ، ووعظ بالموت وسلم بالقضاء ، على السخط والرضا ، وزار القبور، وذكر النشور، وندب بالأشعار، وفكر في الأقدار، أنبأ عن السماء والنماء، وذكر النجوم، وكشف الماء ووصف البحار وعرف ثار وخطب راكبا ، ووعظ دائبا ، وحذر من الكرب، ومن شدة الغضب ورسل الرسائل، وذكر كل هائل أرغم في خطبه، وبين في كتبه، وخوف الدهر، وحذر الأزر، وعظم الأمر، وجنب الكفر يشوق إلى الحنيفية ، ودعا إلى اللاهوتية. وهو القائل في يوم عكاظ شرق وغرب، يتم وحزب، ويابس ورطب ، وأجاج وعذب، وشموس وأقمار، ورياح وأمطار، وليل ونهار، وإناث وذكور، وبرار وبحور، وحب ونبات، وآباء وأمهات، وجمع وأشتات، وآيات في أثرها آيات، ونور وظلام، ويسر وإعدام ، ورب وأصنام، لقد ظل الآنام ، نشو مولود ووأد مفقود، وتربية محصود وفقير وغني، ومحسن ومسئ- تبا لأرباب الغفلة، ليصلحن العامل عمله وليفقدن الآمل أمله، كلا بل هو إله واحد ليس مولود ولا والد، أعاد وأبدى وأمات وأحيا، وخلق الذكر والأنثى، رب الآخرة والأولى.

أما بعد: فيا معشر إياد، أين ثمود وعاد؟ أين الآباء والأجداد؟ وأين العليل والعواد كل له معاد يقسم قس برب العباد، وساطع المهاد، لتحشرن على انفراد في يوم التناد، إذا نفخ في الصور ونقر في الناقور، وأشرقت الأرض ووعظ الواعظ فانتبذ القانط وأبصر اللاحظ ، فويل لمن صدف عن الحق الأشهر ، والنور الأزهر، والعرض الأكبر في يوم الفصل، وميزان العدل، إذا حكم القدير، وشهد النذير، وبعد النصير، وظهر التقصير، ففريق في الجنة وفريق في السعير وهو القائل:

________________________
1 – نجران الواحة والأنسان صـ 71 ـ نقلاً عن البداية والنهاية لأبن كثير .

ذكر القلب في جواه إوكـــــــار

وليـــال خـــلالهن نــهار

وسجال هواطل من غمـــــــام


ثـرن مـاء وفـي جـواهـن نار

ضوءهـا يـطمـس العيون وارعـاد


شـداد فـي الخـافـقـين تـطار

وقـصور مشيدة حوت الخــــيـر


وأخـرى خــلـت بهـن قـفـار

وجبال شوامـــــخ راســـيات


وبحـار مـيـــــاههـن غزار


ونجوم تلوح في ظــــــلم الليل


تراهـا في كــــل يـوم تـدار

ثم شمس يحثها قـمـر اللـــــيل


وكــل مــتابـــع مـــوار

وصغير واشمــــط كــبـــير كلهـم فـي الـمعيـد يوم مــزار


وكبير مما يقـــصر عـــــنه


حـدســة الـخاطـر الـذي يحار

فالـذي قـد ذكرت دل علـــى الله


نفوسـا لـهـا هـدى واعـتـبـار





قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهما نسيت فلا أنساه بسوق عكاظ واقفا على جمل أحمر يخطب الناس : اجتمعوا فاسمعوا، وإذا سمعتم فعوا، وإذا وعيتم فانتفعوا، وقولوا وإذا قلتم فاصدقوا، من عاش مات ، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، مطر ونبات وأحياء وأموات، ليل داج وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وضوء وظلام، وليل وأيام، وبرد وآثام، إن في السماء خبرا وإن في الأرض عبرا يحار فيهن البصر، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تغور، وبحار لا تفور، ومنايا دوان، ودهر خوان، كحوس الفسطاس، ووزن القسطاس.

أقسم قس قسما لا كاذبا فيه ولا آثما لأن كان في هذا الأمر رضى، ليكونن سخط ثم قال:
أيها الناس إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه وهذا زمانه وأوانه ثم قال:

مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض أصحابه فقال: أيكم يرؤى شعره لنا فقال أبو بكر الصديق:
فداك أبي وأمي أنا شاهد له في ذلك اليوم حيث يقول:






في الـذاهـبـيـن الأولـين


من الـــــــــقرون لنا بصائر

لما رأيت مــــــواردا


للمـــــــوت ليـس لها مصادر

ورأيت قـومـي نحـوهـا


تـمشـي الأصــــــاغر والأكابر

لا يـرجـع الماضـي إلي


ولا من الــــــــــباقين غابر

أيـقـنت أني لا محــالة


حيث صار القوم صــــــــائر




كتاب رسول الله صلوات الله عليه لأهل نجران

بسم الله الرحمن الرحيم ، هــذا مـا كتب محمد النبي الأمي رسول الله لنجران أن كان عليهم حكمه في كل ثمــرة وكـل صفـــراء وبيــضــاء ورقيق فافضل عليهم وترك ذلك كله على ألفي حلة ، في كل رجب ألف حلة ، وفي كل صفر ألف حلة و ذكر شروطــه إلــى أن أشـهد أبو سـفيان بن حرب وغيلان بن عمر ومالك بن عوف من بني نصر و الأقرع بن حابس الحنظلي و المغيرة (1)


وكتب للأسقف هذا الكتاب ولأساقفة نجران بعده


بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي للأسـقـف أبي الحارث وأساقفة نجران وكهنتهم و رهبانهم و كل ما تحت أيديهم من قليل وكثير جوار الله ورسوله لا يغير أسقف من اسقفيته و لا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته ولا يغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم ولا ما كانوا عليه من ذلك ، جوار الله ورسوله أبدا ما أصلحوا ونصحوا عليهم غير مبتلين بظلم ولا ظالمين وكتب المغيرة بن شعبه (2) .


كتاب رسول الله لأهل نجران [وهو أطول و اكثر تفصيلا من سابقة]


بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتب النبي " صلوات الله عليه " لنجران أن كان عليهم حكمه في كل ثمرة وصفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فافضل عليهم وترك ذلك كله ألفي حلة حلل الأواقي في كل رجب ألف حلة وفي كل صفر ألف حلة كل حلة اوقية وما زادة حلل الخراج أو نقصت عن الاواقي فبالحساب وقصوا من درع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ منهم بالحساب وعلى نجران مثواة رسلي شهر فدونه ولا يحبس رسلي فوق شهر وعليهم عارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا ، اذا كان كيد اليمن ذو معذره ، وما هلك مما أعاروا رسلي من خيل او ركاب فهم ضمن حتى يردون اليهم ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمه محمد رسول الله على انفسهم وملتهم وارضهم واموالهم وغائبهم وشاهدهم وعيرهم وبعثهم وأمثلتهم لا يغير ما كانوا عليهم ولا يغير حق من حقوقهم وأمثلتهم ولا يفتن أسقف عن أسقفيته ولا راهب عن رهبانيته ولا واقه عن وقاهيته على ما تحت أيديهم من قليل و كثير وليس عليهم رهق ولا دم جاهليه ولا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ أرضهم جيش ، ومن سأل منهم حقا بينهم النصف غير مظلومين ولا ظالمين ومن أكل منهم ربا من ذي قبل فذمتي منه بريئه ، ولا يؤخذ منهم رجل بظلم رجل آخر ، ولهم على ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله [صلى الله عليه و اله وسلم ] أبدا حتى يأتي أمر الله ما نصحوا وأصلحوا فيها عليهم غير مكلفين شيئا بظلم .
شهد أبو سفيان بن حرب وغيلان بن عمر ومالك بن عوف من بني نصر والأقرع بن حابس الحنظلي و المغيرة ... كتب كتاب رسول الله " صلى الله عليه وسلم " إلى أهل نجران . (3)
_______________________
(1) ص 55 ابن كثير ج 5 .
(2) ص 55 ابن كثير ج 5 .
(3) متحف نجران .



شخصيات من تاريخ نجران 3
دريد ويزيد بن عبد المدان


جاء رجل من ثاملة عبدالله بن الصمت وهلك عبدالله وقام الرجل في جوار دريد(1).
وأغار أنس بن مدركة الخثعميي على بني جشم فأصاب مال الثمالي وجيرانا لدريد آخرين . فتراخى دريد عن طلب القوم . لانشغاله بحرب من يليه ولما ألح عليه جاره قال : أمهلني عامي هذا ، خرج ليلة فسمع الثمالي يترنم بشعر فأنصت فإذا هو يقول :





كساك لدريد الدهر ثوب خزايـــة


وجدعك الحامي حقيقة أنــــس

دع الخيل والسمر الطوال لخثعــم



فما أنت والرمح الطويل وما الفرس

وما أنت والغزو المتابع للعــــدا



وهمك سوق العود والدلو والمـرس

فلو كان عبدالله حياً لردهـــــا



واما أصبحت ابلي بنجران تحبــس

ولا أصبحت عرسي بأشقى معيشـة



وشيخ كبير من ثاملة في تعـــس

يراعي نوم الليل من بعد هجــعته



إلى الصبح محزونا يطاوله النفـس

وكنت وعبد الله حيا ومـــا أرى



أبالي من الأحياء من قام أو جلـس

وأصبحت محزونا هضيما لفــقده



وهل من نكير بعد حولين تلتمــس


فلم ينته إلى سماع آخر الابيات إلا وكأن الارض قد ساخت به . وبات دريد لم يغمض له جفن إلى الصباح . واراد الغارة لاسترداد ما فقد على جاره فإذا الوقت لا يؤاتيه فشاور ذوي الرأي من قومه فقالوا له : ارحل إلى يزيد بن عبدالمدان فان أنساً قد خلف المال والعيال بنجران . فقال دريد. سابعث اليه بمدحة ثم انظر مكانتي من الرجال فانشا هذه الابيات وبعثها إلى يزيد





بني الديان ردوا مال جـاري


وأسرى في كـبـولهـم الـثقـال

وردوا السبي ان أشئتم بـمن


وأن شئتم مفادات بمــــــال

فانتم آهل عائذة وفضـــل


وأيد في مواهبكم طــــــوال

متى ما تمنعوا شيئا فليسـت


حـبائل أخذه غيـر الســــؤال

فأولوني بني الديان خيــراً


اقـر لـكـم به أخرى الليالـــي







فلما بلغ يزيد شعره قال : وجب حق الرجل فسار إليه دريد فأكرمه يزيد واحسن مثواه . وفي أثناء وجود دريد بنجران وفي مجلس من مجالس يزيد خيم عليه الصفاء بين الرجلين قال دريد : أبا النضر - كنية يزيد - رأيت منكم خصالا لم أرها من أحد قومكم؟ منها تفرق أبياتكم. قال يزيد : تفرق أبياتنا للغيرة على النساء . فقال دريد :و رأيت أن إنتاج خيلكم قليل ، قال يزيد : أما قلت نتاجنا من الخيل فنتاج هوازن يكفينا. قال دريد : ورأيت سرحكم يجيء متأخرا، قال يزيد : فينا الغرائب والأرامل فتخرج المرأة إلى ما تريد فلا يراه أحد. قال دريد : اسمع صبيانكم يتناغون في الليل ، قال يزيد : أننا نبدأ نسقي الخيل المحض قبل الصبيان .



______________________
1 – دريد بن الصمة من جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن.




قال دريد: - أقبلت طلائعهم - فقلت يا يزيد : من أين جاء هؤلاء فقال يزيد : هذه طلائعنا، لا نسرح ولانبطح حتى يرجعوا إلينا قلت ما ظلمكم من جعلكم جمرة العرب. وقال دريد يمدح:






مدحت يزيد بن عبد الــمدان

فاكرم به فتى ممتـــدح

حللت به دون أصحابــــه


فأروى زنادي لما قــدح

ورد النساء بأطهارهـــــا


ولو غير يزيد فضـــح

فقلت له بعد عتق النســـاء


وفك الرجال ورد اللقــح

أجر لي فوارس من عامــر


فاكرم بنفحته إذا نفـــح

وما زلت اعرف في وجـهه


بكرى السؤال ظهور الفرح






هذه بعض أحوال أهل نجران في الجاهلية الجهلاء وحروبهم مع أخواتهم من العرب وبعض المثاليات التي كانوا يتصفون بها . وهي نمط رفيع من المثاليات العربية الصميمة . والقيم الأخلاقية الرفيعة . إن نجران كانت تدين بالنصرانية - حين ذاك - ومع مثالياتها العربية وتقاليدها القبلية . فكان لها نظامها الكهنوتي وشرعتها الدينية . فكان لها ( نظامها ) ونهجها الخاص في الأحوال الشخصية وفوق كل ذلك فهناك هيئة دينية عليا تدبر أمورهم ....... وبما أن الإنسان صورة حية لمعتقده وتجسيد لدينه ، فقد كان لأهل نجران مع تقاليدهم العربية نظامهم الديني يحكم سلوكهم ويضبط تصرفاتهم ويحدد واجباتهم بالنسبة إلى الفرد إزاء أسرته أو مجتمعه
(1).


______________________
1 - نجران في أطوار التاريخ صـــ 67ـفحه .




المجتمع النجراني (1)


كان السراة النجرانيون يتمتعون بجانب من الرفاهية والحضارة . والترف المدني . اما السواد فخال انهم بعيدون عن ذلك الجو. ومن هذه القطعة الشعرية المترفة التي تعبق باريج الزهور وانغام الاوتار ، للشاعر الاعْشى من قصيدة يمدح بها بني عبدالمدان:





فكعبة (2) نجران حتم عليـك

حـتى تنـاخي بأبوابها

تزور يزيداً وعبد المسيــح


وقيسا وهــم أربابها

وشاهد(الفل) ( والياسميـن )


والمسمعات بقصابهـا(3)

وبربطنا(4) دائم معمــــل


فأي الثلاثة أزرى بها

إذا الحبرات(5) تلوثْ بهــم


وجروا أسافـل هدابهـا






لقد كان الشاعر يزور في كل سنة (نجران) مادحاً (آل عبد المدان) ويقيم عندهم على الشراب المعتق في المجالس المعطرة بأريج الزهور.وتطربهم رفات العيدان وشدو القيان .

__________________________
1 - نجران في أطوار التاريخ صــــ67ـــ.
2- عن أبي الكلبي : أنها كانت قبة من أدم من ثلاثمائة جلد، كان إذا جاءها الخائف أمن ، أو طالب حاجة قــُضية ، أو مسترفد أرفد ، وكان لعظمها عندهم يسمّونها كعبة نجران ، وكانت لعبد المسيح بن دارس بن عدي بن معقل ، وكان يستغل من نهر نجران عشرة آلاف دينار ، وكانت القبة تستغرقها ، وتقع شرق نجران على مسافة (40) كيلاً من مدينة الأخدود ، وفيها عن مدينة الأخدود انحراف إلى الشمال ، في أسفل وادي نجران حين يتسع حتى يصبح خبتاً أفيح تنداح عنه الجبال وتأخذ في الانخفاض حتى تتلاشى عند المنقطع ، فيفضي إلى السهول الواسعة التي كانت تسمى " الغائط " ويبدو أن نهر نجران كان يسقي هذه السهول ، وأنها هي التي كانت تغل عشرة آلاف دينار . وآثارها رموس لا تدل على عظمة بناء ، وتقع في سفح جبل صخري في جَلــَـد من الأرض ، ويسمى جبلها ( تصــْــلاَل ) وهو يشرف عليها من الشمال وفيه وقور كالقدور لمسك الماء . ( من بين مكة وحضرموت ) ص 352 .


3- القصاب – الناي.
4- بربط – عود الغناء.
5- الحبرات – البرود نوع من اللباس.


رد مع اقتباس