فاختلفوا في الرئاسة، فقالت بنو عامر: نرأس أبا براء عامر بن مالك بن جعفر، وقالت بنو نصر بن معاوية وسعد بن بكر وثقيف: نرأس سبيع بن ربيعة بن معاوية النصري، وقالت بنو جشم: بل نرأس دريد بن الصمة؛ حتى كادوا يقتتلون بينهم فمشى بينهم أبو براء فقال: اجعلوا من ذلك من شئتم، فأنا أول من أطاعه وأجاب، فكف القوم ورضوا وجعلوا على بني عامر أبا براء وعلى بني نصر وسعد بن بكر وثقيف مسعود بن معتب الثقفي وهو رأس ثقيف وأمره إلى سبيع بن ربيعة، وعلى عطفان عوف بن حارثة المري، وعلى بني سليم عباس بن حي الرعلي أبا أنس، وعلى فهم وعدوان كدام بن عمير، فهؤلاء الرؤساء القادة، قال: وكانت تحت مسعود بن معتب سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف ولها منه عروة بن مسعود والأسود بن مسعود فكان يجمع الكبول والجوامع، فتقول له: ما تصنع بهذا؟ فيقول: أرجو والله أن أملأ منها قومك، قالت: أنت وذاك، أما والله لئن رأيتهم لتعرفن غير ذلك، فلما انهزمت ثقيف انهزم مسعود، فخرج منهزماً لا يعرج على شيء حتى دخل على امرأته سبيعة، فجعل أنفه بين ثدييها، ثم قال: أنا بالله ثم بك، فقالت: كلا زعمت فلما نزلوا عكاظ وأقاموا اليوم الثاني قال سبيع بن ربيعة النصري: يا معشر قريش! ما كان مسيركم إلى قريش بشيء، قالوا: ولم؟ قال: لا ترون لهم جمعاً العام، قال أبو براء فما تكره من ذلك؟ تقوم سوقنا وننصرف والغلبة لنا، قال رجل من بني أسد بن خزيمة يسمع كلامه: بلى والله لتوافين كنانة ولا تتخلف ولا ترى غير ذلك، فتقاولا حتى تراهنا مائة بعير لمائة بعير فتواثقا على ذلك، فلم يتفرقوا من مجلسهم حتى أوفى موف فقال: قد طلع من مكة الدهم وجاءت الكتائب يتلو بعضها بعضاً، فقام الأسدي مسروراً وهو يرتجز: الرجز يا قوم قد وافى عكاظ الموسم تسعون ألفاً كلـهـم مـلأم