عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 105 )
الشمالي
عضو فعال
رقم العضوية : 1236
تاريخ التسجيل : 28 - 05 - 2004
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 123 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : الشمالي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : الغلباء واصلها اللغوي للحيوان

كُتب : [ 22 - 12 - 2006 ]

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مخايل الغربي مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم د . عبد الوهاب حسن حمد إن علم المعنى يهتم بدراسة بناء الكلمة وتغيرها بالتصريف على نحو ما يجري في المعجمات وما يشبهها من الكتب اللغوية التي تعني بجمع المشتقات والمصادر للمادة اللغوية ، وتعتمد الأوزان ومعانيها وتقلبها في التراكيب ، ولا تدرس الكلمة بمعزل عن السياق ؛ لأن المعنى الدلالي يتأثر بشكل البنية وموقعها في السياق ويرتبط بالجهة النحوية للمفردة ، ؛ لأن المعاني تختلف باختلاف التراكيب تقديماً وتأخيراً وإظهاراً وإضماراً وذكراً وحذفاً وتعريفاً وتنكيراً ، وإن ربط الكلمة بغيرها يضفي عليها خصائص تعبيرية في السياق ، فقد يعبر بها للتفريق بين الذوات والفصل بين المعاني ، كما في أسماء الجنس والأعلام والظروف ، أو يعبر بها لبيان الأحوال التي تكون عليها كما في الصفات ، أو يؤتى بها للنص على نسبة تلك الأحوال إلى الذوات استكمالاً للفائدة ، كما في الأفعال ، أو تكون أداة لربط الحدث بالذات ، كما في الحروف والصيغ . وتعبر الأفعال والصفات عن العلاقات النحوية كالتخصيص والنسبة والتبعية ، لأنها تتضمن الحدث الذي يطلب محدثاً وتخصيصاً له بمفعول قد تجاوز إليه أو علة أو يطلب مصاحباً أو مخرجاً من عموم سابق ، وقد يفيد البناء الصرفي ذلك بعد نقله إلى بناء آخر . لهذا جاء البحث في ثلاثة مباحث ، تناول الفعل ؛ لأنه المعول عليه في الجمل الفعلية ، وهو في المعنى صفة لفاعله ، والصفة كالفعل في معنى الحدوث ، وتضمن الثاني دراسة الوصف ، ؛ لأنه يتردد بين الفعلية والاسمية ، واختص الثالث بدراسة مادة غلب لبيان أثر البناء الصرفي في الدلالة . وقد خرج البحث بنتائج أرجو أن تكون نافعة في بابها . والله تعـالى الموفـق ،، ،، المبحث الأول :ـ الفعـــــــل اتفقت الحدود النحوية على أن الفعل حدث مقترن بزمن ، فاقتضت ذلك تقسيمه بحسب حركات الفلك إلى ماض ومضارع وأمر أو دائم على رأي الكوفيين والأمر هو المضارع قد حذفت اللام تخفيفاً لأمن اللبس . ولكن الاستعمال العربي يخرج عن التقييد الصارم وليس الزمن وظيفة الفعل بل السياق والقرائن هي التي تحدد الزمن ، وليست العربية فقيرة في الدلالة الزمنية كما ظن من تصور واهماً أن الزمن وظيفة الفعل وحده ، آخذاً بالحدود التي قصرت الزمن على الفعل وحده . وقد درس الفعل بوصفه عاملاً بل أقوى عامل لظهور أثره في الجملة مما أدى إلى إغفال وظيفته الحقيقية في التراكيب ودلالته ، ؛ لأن الاستعمال العربي اتخذ النقل محور المعاني في الجملة في انتقالها وتعاقبها وتقلبها من حال إلى حال ، ؛ لأنه موضوع للتصير والنقل ، فحمل من المعاني الاسمية والحرفية ، فكان منه المتصرف والجامد والتام والناقص والعام والخاص بحسب ما يسند إليه . وقد يسلب منه الحدث والزمن ومع ذلك لم يخرج عن الفعلية أو يجرد من الزمن ، كما في الأفعال الإنشائية ؛ لأن الزمن في الخبر ، ثم إن مصطلح الفعل عام ، لأنه قد يعني المصدر وهو الفعل الحقيقي ويعني الفعل الصناعي الذي هو قسيم الاسم ، لتضمنه الحدث ، أو الفعل الحقيقي بمادته ، كما أن حقيقة الفعل هي وصف الفاعل ، والإخبار عنه ، والخبر إذا عرف وشاع صار صفة ثابتة على موصوفها ، فإذا بولغ فيه تحول إلى الاسمية ، ؛ لأن الاسمية ثابتة على مسماها وتبقى فيه الوصفية ، لجريانه مجرى فعله في التثنية والجمع والفعل ، ويختلف عن الاسم الذي ليس بصفة في الأصل بذلك ، كما أن الفعل يختلف عن الوصف الاسمي بدلالته على الحدوث والتجدد وفي النص على النسبة ؛ لأن الفعل الاصطلاحي جزء من فاعله لا يتم معناه إلا بذكره ظاهراً أو مقدراً وهذا السر في اشتراط النحويين تقدير الفاعل إن لم يظهر. وأرى أن الفعل لما كان وصفاً لفاعله فذكر الصفة دون موصوفها مخل بالمعنى إذا كان الفاعل غير معروف بدليل أن الصفة إذا اشتهرت على موصوف معين أمكن مجيئها بلا موصوف . لذلك كان الفعل مسنداً دائماً ؛ لأن (( أحد أجزاء الكلام هو الحكم أي الإسناد الذي هو رابطه ولا بد له من طرفين مسند ومسند إليه )) . وهذا يكشف سبب وقوع الجملة الفعلية موقع المفرد وقيامها مقامه فتقع خبراً أو صفة أو حالا أو صلة . (( والجملة الفعلية في تقدير مفرد وهو الفاعل الموصوف بالفعل )) . والوصف بالفعل قد يكون عاماً أو خاصاً وذلك بحسب نسبته ، لأنه لتقرير الفاعل على صفة ما . فالفعل إقرار أو نسبة ووصف وفي ضوء ذلك قسم إلى تام وهو ما كان مؤدياً للنسبة والوصف بنفسه وناقص وهو ما لم يكن كذلك لأدائه النسبة دون الوصف وهو ما يؤديه الخبر في الأفعال الناقصة ، والتام ما كان متصرفاً بحسب المراد منه . ومنه ما ازدحمت فيه المعاني فغلبت عليه الحرفية ، وتجرد منه الزمن والحدث فكان علماً على معنى ، والعرب تميل مع المعاني ميلاً ظاهراً فلما أدت بعض الأفعال معنى الحرفية عاملتها معاملة الحروف فلم تصرفها فجاءت جامدة ؛ لأن الحروف موحدة للمعاني في غيرها ولتحولها إلى أعلام للمعاني . فقد حوفظ على بنائها كالأسماء فلزمت بناءً واحداً لئلا تلتبس بغيرها ، فلم يطلب منها سوى معنى واحد يلازمها أينما ذكرت ولم تبعد عن الوصفية لأصالتها فيها وثبوتها بها ؛ لأنها عوملت معاملة الأسماء في ثبوتها على مسمياتها ، وجمدت لأدائها معنى ، كما جمدت الحروف والأسماء على معانيها إلا أنها أبدا لا تفارق النسبة والوصف ، بدليل تغير نسبتها لتغير معناها ، ففي الأفعال الناقصة كانت مع مرفوعها غير مفيدة إلا بذكر الخبر الذي هو فاعل في المعنى ففي قولنا : كان زيد قائماً ، فإن معناه كان قيام زيد ، أو حدث قيام زيد ، فهي كالفعل التام في طلبه للفاعل وإقرار نسبته إلا أنها جاءت للوصف العام أو الوجود المطلق المقيد بقيد عام ، وهذا يتطلب تخصيصاً لتوضيحه وإتمامه فخالف الفعل التام بذلك؛ لأن التام يقوم بنفسه بذلك بلا حاجة إلى مكمل له في الوصفية ، ولذلك نسبت الأفعال الناقصة إلى الجملة لأدائها معنى فيها فعوملت معاملة الحروف في نسبة معانيها إلى الجمل نحو : هل ، وليت . (( وما قيل من أن أنها سميت ناقصة لدلاتها على الزمان لأنها تدل على الزمان دون المصدر ليس بشيء ؛ لأن كان في نحو كان زيد قائماً يدل على الكون الذي هو الحصول المطلق وخبره يدل على الكون المخصوص وهو كون القيام أي حصوله فجيء أولاً بلفظ دال على حصول ما ثم عين بالخبر ذلك الحاصل فكأنك قلت حصل شيء ثم قلت حصل القيام فالفائدة في إيراد مطلق الحصول أولاً ثم تخصيصه )) . فأقرت كان مرفوعها على صفة وجاءت للوصف العام الدال على الوجود المطلق الذي يحتاج إلى تقييد أخر ، لأن كان قيد عام فجمعت خبرها بذلك وصفين عام لأنها تصف مرفوعها وصفاً عاماً وخبرها وصف خاص لذلك كانت مع خبرها مفيدة وهـو فاعلها في الحقيقة فلحقت بغيرها من الأفعال في تمام معناها بذكر الفاعل. لأن (( وصفها لتقرير الشيء على صفة فإذا قطعتها عن الصفة استعملت في غير موضعها فلم يستقم لذلك )) . لذلك سميت ناقصة ؛ لأن الصفة الخاصة المتممة للمعنى الفعلي خارجة عن التقرير الذي تقيده بالنسبة لغيرها من الأفعال ؛ لأن ذلك التقرير نسبة بين الفاعل والصفة . فهي أداة للتقرير دون الصفة المتممة للفائدة وإن جاءت للوصف العام مع النسبة إلا أنها تفتقر إلى ما يتمم معناها فنسبت إلى الاسم والخبر ؛ لأن الأفعال : (( وضعت لتقرير الفاعل على صفة أي العمدة فيها الذي وضعت له هذه الأفعال هو تقرير الفاعل على صفة ولا شك أن هذه الصفة خارجة عن ذلك التقرير الذي هو العمدة الموضوع له ، لأن ذلك التقرير نسبة بين الفاعل والصفة )) . إن الأفعال تثبت للفاعل معناها ، لأنها صفات في المعنى ؛ لأن (( الصفة تدل على ذات باعتبار المعنى والمعاني هي المصادر والألفاظ التي اشتقت من المصادر تدل على ذات باعتبار المعنى )) . فهي محتوية على المصادر كالأفعال التامة وهي التي تطلب محدثاً لذلك كان العمل في الحقيقة للحدث لا الزمن فالأفعال الناقصة ليست مسلوبة الحدث ، لأن الزمن لا يطلب فاعلاً ولا مفعولاً فجاءت (( هذه الأفعال الناقصة كلها لتقرير الشيء على صفة وبه احتاجت إلى الخبر وكانت ناقصة ، ثم كلها مشتركة في أنها تثبت للخبر حكم معناها )) . فدخلت على الجملة الاسمية لإثبات معناها للخبر فجمعت بذلك بين التقرير أو النسبة والوصفية إلا أنها خالفت الفعل التام بافتقارها إلى التخصيص الذي يؤديه الفعل بنفسه دون المنصوب . وجاء خبرها منصوباً ؛ لأنه في تأويل مصدر يقع فاعلاً للفعل الناقص وسمي مرفوعها اسماً (( لأن فاعلها في الحقيقة مصدر الخبر مضافاً إلى الاسم وبهذا لا تحذف أخبارها غالباً حذف خبر المبتدأ لكون الفاعل مضمونها مضافاً إلى الاسم )) . وتأتي كان للوصفية الخاصة وذلك إذا كانت بمعنى ثبت ، لأنها تستعمل (( بمعنى حصل الشيء في نفسه فعلى ذلك لا يقتضي إلا مرفوعاً لا غير )) . فالمعنى في التام إثبات حصول الشيء في نفسه فجاءت كان التامة ، لإثبات الذات على معنى معين فتم الكلام بها مع مرفوعها دون الحاجة إلى الاسم والخبر . قال الرضي : (( إن الناقصة أيضاً تامة في المعنى وفاعلها مصدر الخبر مضافاً إلى الاسم فوزانهما وزان ( علِم ) الناصب لمفعول واحد و ( علم ) الناصب لمفعولين فهما بمعنى واحد )) . وهذا القول فيه نظر من وجوه :ـ الأول : ( علم ) الناصب لمفعول واحد بمعنى عرف والناصب لمفعولين بمعنى يقين إصابة الشيء على صفة معينة فاختلفت لذلك (( جهات الاحتياج إذ جهة الاحتياج تبين متعلق الخبر أبالظن هو أم بالعلم )) . وجهة الاحتياج في الأفعال الناقصة كونها لتقرير الشيء على صفة فلا بد من ذكر ذلك الشيء وصفته ثم أنها تختلف بعد ذلك بحسب معانيها وأفعال القلوب تفيد الإعلام بأن النسبة قد حصلت بالظن أو العلم . أما الناقصة فتفيد إثبات الشيء على صفة لذلك اختلفا في العمل فاحتاجت الأولى إلى مفعولين واحتاجت الثانية إلى اسم وخبر . لذلك اشتركت أفعال القلوب في أنها (( لحكم الذهن للتعلق بشيء على صفة فلذلك اقتضت مفعولين وفائدتها الإعلام بأن النسبة حاصلة عما دل عليه الفعل من علم أو ظن فإن الخبر قد يكون عن علم وقد يكون عن ظن فإذا قصد التعرض لتعريف ما بالخبر عنه أي بالفعل الدال على ذلك وأدخل على المفعولين المذكورين )) . الثاني :ـ أن الناقصة تدل بذاتها على الوصفية العامة فهي قيد عام أما التامة فإنها تدل على الوصفية الخاصة بدليل اكتفائها بالمرفوع؛ لأنها جمعت بين التقرير والصفة. الثالث :ـ غلب على الناقصة معنى حرفي فنسب معناها إلى جملة بخلاف التامة لأن (( دخول كان على المبتدأ والخبر على خلاف القياس ؛ لأنها أفعال وحق الأفعال كلها أن تنسب معانيها إلى المفردات ، لا إلى الجمل فإن ذلك للحروف ولكنهم توسعوا في الكلام فاجروا بعض الأفعال مجرى الحروف فنسبوا معانيها إلى الجمل وذلك كان وأخواتها )) . الرابع :ـ الأولى أن تشبه الناقصة بالفعل المتعدي وهو (( ما يتوقف فهمه على متعلق كضرب وغير المتعدي بخلافه كقعد )) ؛ لأن (( الخبر قد صار كالعوض عن الحدث والفائدة منوطة به فكما لا يجوز إسقاط الفعل في قام زيد فكذلك لا يجوز حذف الخبر ؛ لأنه مثله )) . الخامس :ـ إن الحدث الذي تدل عليه التامة بخلاف الحدث الذي تدل عليه الناقصة لأنها (( مسلوبة أن تستعمل دالة على الحدث دلالة الأفعال التامة بنسبة معناها إلى مفرد ولكن دلالة الحروف عليه فسمي ذلك سلباً لدلالته على الحدث بنفسه )) . لأن التامة بمعنى الحدوث لدلالتها (( على الحدث نحو قولك كان الأمر بمعنى حدث ووقع ويقال كانت الكائنة أي حدثت الحادثة .. ومنه قوله تعالى ) كن فيكون ( [ مريم 35 ] ، أي أحدث فيحدث ، وكذلك قوله تعالى : ) إلا أن تكون تجارة ( [ البقرة : 282 ] ، أي تقع تجارة )) . فالناقصة تدل على حصول شيء على صفة ما والتامة تدل على نسبة الصفة إلى الشيء فهي خاصة بدليل إفادة المعنى وتمامه بخلاف الناقصة ، فهي عامة بدليل أن مرفوعها ليس فاعلها ، وإنما هو الحصول العام لشيء ما ، لذلك لم تتم الفائدة به إلا بذكر الخبر ؛ لأن الفعل بحسب إسناده ، فقد يكون عاماً أو خاصاً ، فيدل بذلك على الوصفية العامة أو الخاصة ، لأن الفعل في حقيقته وصف لفاعله ، نحو (( أي عبيدي ضربك فهو حر ، فضربه الجميع عتقوا ولو قال أي عبيدي ضربته فهو حر ، فضرب الجميع لم يعتق إلا الأول منهم فكلام هذا الخبر مسوق على كلام النحوي في هذه المسألة وذلك من قبل أن الفعل في المسألة الأولى عام وفي المسألة الثانية خاص وإنما قلنا ذلك لأن الفعل في المسألة الأولى مسند إلى عام وهو ضمير أي وأي كلمة عموم ، وفي المسألة الثانية ، لأن الفعل فيه مسند إلى ضمير المخاطب وهو خاص إذا تراجع إلى أي ضمير المفعول والفعل يصير عاماً بعموم فاعله ، وذلك أنّ الفاعل كالجزء من الفعل وإنما كان كذلك ، لأن الفعل لا يستغني عنه وقد يستغني عن المفعول فكان أحد أجزائه التي لا يستغنى عنها ، فلذلك لما كان الفاعل في أي عبيدي ضربك عاماً صار الفعل عاماً ولما كان الفاعل في أي عبيدي ضربته خاصاً ، لأنه كناية عن المخاطب صار الفعل خاصاً )) . وقد فات ابن يعيش أن يذكر أن العموم قد يكون مقصوداً للمبالغة في الحدث ، فإنه طبق العموم على " أي " وهي عامة مبهمة ، والأولى أن يمثل بالأفعال العامة كالناقص وأفعال المدح والذم لحاجتها إلى التفسير كحاجة الناقصة إلى الخبر لذلك أسندت إلى مرفوعين الأول فاعلها والثاني المخصوص بالمدح أو بالذم ، فيمدح أولاً أو يذم الجنس كله ثم يخصص بفرد منه . وقد ذكر ابن يعيش في موضع آخر العموم فقال (( اعلم أن نعم وبئس فعلان ماضيان فنعم للمدح العام وبئس للذم العام )) . فجعل فاعلهما جنساً ليدل على أن الممدوح أو المذموم هو ذلك الجنس كله أولاً ثم يخصص ، فالوصفية العامة في المدح العام والخاصة في الممدوح للمبالغة في المدح أو الذم ، لأن ( نعم ) لا يختص بنوع من المدح دون نوع ، وكذلك ( بئس ) لأن النفس تتشوق لمعرفة المخصص بعد العموم أو المفصل بعد المجمل ، وقد (( سلب من الفعل معنى الزمان والحدوث فصار ( نعم ) جيد ، فكأنه صفة مشبهة ، ومجوز ذلك كون جميع الأفعال في المعنى صفات لفاعلها ، فصار نعم الرجل كجرد قطيفة )) . والوصفية العامة تحصل أيضاً بتغييـر النسبة وذلك في تمييز الجملة ، إذ تحتاج إلى تفسير بعد عموم وإبهام فيجعل الفاعل نكرة منصوباً والمنسوب إليه بالإضافة منسوباً إليه بالإسناد ، نحو طاب زيد نفساً وتصبب عرقاً وتفقأ شحماً (( ألا ترى أن الطيبة في قولك طاب زيد مسندة إليه والمراد شيء من أشيائه وتجعل ذلك أشياء كثيرة كلسانه وقلبه ومنزله وغير ذلك وكذلك التصبب والتفقؤ يكون من أشياء كثيرة فجرت لذلك مجرى عشرين في احتماله أشياء كثيرة فكما أن إبانة العشرين بنكرة جنس كذلك إبانة هذه الأشياء )) ؛ لأن المراد رفع الإبهام وإزالة اللبس ؛ لأن الوصف الأول عام مبهم فإذا (( فسرته بعد الإبهام فقد ذكرته إجمالاً وتفصيلاً )) . وقد عدّ أتباع نظرية التحويل هذا التغيير في النسبة تـجاوزاً للمعنى العميق وأن المعنى في الحالتين واحد . قال الدكتور : نهاء المرسى : (( إنني أجد في قواعد النحو العربي تجاوزاً لظاهر الإعراب المتعارف له .. وهكذا يكون تصبب عمرو أو ( زيد ) عرقاً مكافئاً في معناه عند التحليل لقولنا تصبب عرق عمرو أو ( زيد ) وتكون هاتان الصورتان فرعين ينتظمها أصل عميق أو معنى واحد على اختلاف بنيتهما )) . إن الكشف عن أصول العلاقات النحوية بين التراكيب اللغوية ليس الغاية منه الوصول إلى المعنى الواحد الذي ينتظم فروعاً بل الكشف الحقيقي عن المعاني الكثيرة التي يستطيع المتكلم أن يؤديها بتغيير الأبنية والمواقع والرتب ، ولا يمكن إغفالها لبيان أوجه المفاضلة بين تعبيرين متقاربين في المعنى إذ (( كان الأصل في طاب زيد نفساً لزيد نفس طابت وإنما خولف بها لغرض الإبهام أولاً ليكون أوقع في النفس ؛ لأنه تتشوق النفس إلى معرفة ما أبهم عليها )) . وقد دعت المبالغة في الوصفية إلى قصد الإبهام أولا ثم التخصيص فنسبوا الفعل أول الأمر إلى العام ثم خصصوه بذكر الممدوح أو المذموم فغلبوا (( تأخير هذا المبتدأ عن الخبر ليحصل به التفسير بعد الإبهام إذ له في النفوس وقع فأوردوا الفاعل في صورة المعرفة وإن كان نكرة في الحقيقة ليكون الكلام المفيد للمدح أو الذم في الظاهر مصوغاً على وجه لا ينكر ، لأن مدح شخص منكور من الأشخاص أو ذمة لا فائدة فيه فبنوا أمر المدح والذم من أول الأمر على وجه يصحح في الظاهر )) . أما الأعلام بصفة الذات على وجه اليقين أو الشك فيحصل بأفعال القلوب ، وإن كان تأثيرها غير ظاهر بالمعالجة والازجاء ؛ لأنها (( لإصابة الشيء على صفة ، وهو وجد وألفى وغيرها من أفعال القلوب ، لأنك إذا وجدت الشيء على صفة لزم أن تعلمه عليها بعد أن لم يكن معلوماً )) ، فقد شابهت الأفعال التامة بالصفة والتقرير وخالفتها باليقين أو الشك أو الظن الراجح ، وشاركت الناقصة في كون فاعلها مضمون الجملة ؛ لأن التامة تصف فاعلها مع النص على النسبة إليه ، و (( هذه الأفعال كلها اشتركت في أنها لحكم الذهن يتعلق بشيء على صفة فلذلك اقتضت مفعولين وفائدتها الإعلام بأن النسبة حاصلة عما دل عليه الفعل من علم أو ظن ، فإن الخبر قد يكون عن علم وقد يكون عن ظن ، فإذا قصد التعرض لتعريف ما الخبر عنه أتي بالفعل الدال على ذلك وأدخل على المفعولين المذكورين )) . المبحث الثاني :ـ الصفــــة وهي ما دلت على حدث وصاحبه امتزجا معاً فأصبحا كلمة واحدة بدليل أن الصفة مع فاعلها المضمر فيها لا تكون كلاماً مفيداً ، وتعني الإمارة أو الحال التي تكون عليها الذات ؛ لأن الوصف : (( عبارة عما دل على الذات باعتبار معنى هو المقصود من جوهر حروفه أي يدل على الذات بصفة كأحمر )) . وهو في الأصل خبر ثم عرف لصاحبه فثبت عليه ؛ لأن (( الصفات كلها قبل العلم بها إخبار في الحقيقة فإذا علمت سميت صفات )) ، والخبر الدال على الحدوث والتجدد هو الفعل و (( جميع الأفعال في المعنى صفات لفاعلها )) . أما الاسم فإنه يدل على مسماة دون حقيقته بدليل أنه يؤتى به للإعلام بالذات المعينة لتفريقها عن غيرها ؛ لأن (( الأسماء لا يراد بها حقائق الأشياء فيما يسمى بها والصفات والأخبار يراد بها حقائق الأشياء والتشبيه بحقائق الأشياء ألا ترى أنا إذا سمينا شيئاً بحجر أو رجلاً سميناه بحجر فليس الغرض أن تجعله حجراً وإنما أردنا إبانته وإذا وصفناه به أو أخبرنا به عنه فإنما نريد الشيء بعينه أو التشبيه )) . فالمقصود من الصفة المعنى الملتبس بالذات لا الذات ، كما في الاسم أو تدل على الذات المقيدة بالحدث ولذلك أطلق عليها اسماً فقيل : (( الصفة هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات وذلك نحو طويل وقصير وعاقل وأحمق وغيرها )) و (( الاسم مـا يعرف به ذات الشيء )) . والمطلوب من النعت المعنى المكمل لذات سابقة عليه ، لأنه تابع دال على معنى في متبوعه ، والصفة (( ما طلب المعنى كالعالم والنعت ما طلب النسبة )) . والنسبة معنى رابط بين الصفة وموصوفها ، فالنعت مقيد بموصوف معين لذلك كان من الأوصاف الخاصة بخلاف الصفة المشتقة لدلالتها في ذاتها على الحدث وصاحبه ، وقد تختص الصفة فتجري مجرى الأسماء كالدنيا والآخرة نحو قوله تعالى : ) ولقد اصطفيناه في الدنيا ( [ البقرة : 130 ] ، أي الدار الدنيا بدليل قوله تعالى ) وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير ( [ الأنعام : 32 ] . وقال تعالى : ) وبالآخرة هم يوقنون ( [ البقرة : 4 ] ، أي الدار الآخرة ، بدليل قوله تعالى : ) تلك الدار الآخرة ( [ القصص 83 ] . فقد ترك الموصوف بهما ، لاختصاصهما بالدارين والفرق بين الوصف المختص والاسم ، (( إن المختص قد يوصف به دون الاسم ، لأنه لا ينفك عن مراعاة معـنى الوصـف )) ، نحو النبي والرسول إذا أطلقا فهم منهما محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع معنى النبوة والرسالة . قال تعالى : ) إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي ( [ آل عمران: 68 ] ، وقال : ) وما على الرسول إلا البلاغ المبين ( [ العنكبوت : 18 ] ، وغير ذلك . وتختص الصفة أيضاً إذا لحقتها الهاء أو التاء القصيرة فتأتي بلا موصوف نحو الصالحة والحسنة والسيئة . قال تعالى : ) وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( [ البقرة : 25 ] ، وقال : ) ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ( [ فصلت : 34 ] . فعبر بالصفة عن الموصوف ، لأنها اختصت فأغنت عن ذكر موصوفها . وقد يزداد اختصاصها لكثرة الاستعمال على موصوف بعينه فتجري علماً عليه فتكون التاء للنقل إلى الاسمية والوصف الخاص فالنطيحة والذبيحة والأكيلة والضحية والرمية ليست للأوصاف العامة وإنما اختصت فجاءت بلا موصوف وجرت مجرى الأسماء في تعيين الذوات بالفصل فيما بينها فتكون إمارة عليها ، أما الغائبة والخافية والعاقبة والفاتحة والخاتمة فهي في أصولها أوصاف عامة ثم اختصت كالأعلام فحذف موصوفها لكثرة تداولها في كلامهم ، كما حذفوا موصوف دابة ، لأنها اختصت بما يركب من الدواب وجرت مجرى الأسماء واستعملت استعمالها فلم تأت تابعة . والفرق بين المختصة والتابعة ، وإن اتفقا في الوصفية الخاصة ، أن الأولى قائمة مقام موصوفها لغلبتها عليه فتأتي بلا موصوف والثانية متممة لموصوفها ؛ لأنها تؤدي معناها فيه فتلازمه وتطابقه تعريفاً أو تنكيراً ، أما الأولى (( فاستعملت بغير الألف واللام كسـائر الأسماء لأن الألـف واللام لا تلزم الاسم )) ، نحـو قوله تعالى : ) وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ( [ النمل 82 ] . وكسرت تكسير الأسماء ، نحو قوله تعالى : ) ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجـوم والجبال والشجر والدواب ( [الحج : 18] ، وقوله : ) ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه ( [ فاطر : 28 ] ، كما كسرت قاعدة على قواعد في قوله تعالى : ) وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ( [ البقرة : 107 ] ، أما القواعد من النساء فواحدها قاعد على النسب ، لأنه منسوب إلى القعود عن الحيض ، لذلك لم يجر على الفعل ، فجاءت في الجمع كالأسماء نحو أفكل وأفاكل وأرنب وأرانب . فدلالة الصفة إذا دخلتها التاء ليست للتخصيص فحسب بل للمبالغة في الوصف تأكيداً له وتقريراً نحو علامة ونسابة وراوية ، أو للمبالغة في الشمول والعموم ، نحو القيامة والطامة والصاخة والقارعة والحاقة لحصوله دفعة واحدة لجميع الخلق . فالقيامة وصف للجميع وليس للواحد ، كما في علامة إلا أنه قد جمع علوم غيره فإنهما يشتركان في العموم مع اختلاف الذوات ، فالأولى يكون للجميع في وقت واحد والثانية تجعل الواحد يقوم مقام جماعة في الصفة . ففي قوله تعالى : ) وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ( [ النمل : 75 ] ، عبر عن الشيء الخفي الثابت الخفاء حيث كان دخول التاء في ( غائبة ) أي خافية للمبالغة ، كما في الراوية توكيداً للصفة (( إجراء للشيء الواحد مجرى جماعة من جنسه كما تقول أنت الرجل كل الرجل )) . ولم تنقل إلى الاسمية ، لأنها لم تصر علماً للشيء الذي يغيب ، وإنما هي للمبالغة في الوصف كالراوية ففيها معنى الحدوث كالفعل والصفة كالفعل في معنى الحدوث . أما النطيحة والضحية وأمثالهما فكان دخول التاء أمارة للنقل من الوصفية إلى الاسمية وعلامة على كونه غير محتاج إلى الموصوف لاختصاصه بالذات الواقع عليها الوصف في الأصل ، أما الفاتحة والخاتمة وغيرهما فهي أوصاف في أصولها ثم اختصت فجعلت أعلاماً . فالوصفية قد تكون ظاهرة في بعضها فيقصد منها الحدوث وقد تضعف فيقصد منها الثبوت ، وإن كانت في أصولها صفات ، وقد تتحول إلى العلمية وعلامة ذلك جمعها فما صح جمعها جمع سلامة فهي جارية على الفعل كالصالحة والحسنة والسيئة ولكنها صفات غالبة تأتي بلا موصوف وما جمعت جمع تكسير ولم تجر على الفعل ، أي لا تدل على الحدوث نحو قواعد ودواب . وإذا كانت التاء للنقل ضعفت فبها الوصفية لدلالتها عـلى الثبوت فتكـون أسمـاءً وأعلاماً ؛ لأن (( الباب في الصفة جمع السلامة وأن التكسـير فيها على خلاف الأصل )) . وتظهر الوصفية أيضاً في منع الصرف وإدخال ( أل ) للمح الأصل ؛ لأنها من الأحكام المعنوية، لذلك قالوا في جمع (( أحمر حمر وإن كان علما وقالوا الأحمر فلولا اعتبار الوصفية لم يجز ذلك فيه أولذلك لم يجزأن يقال في أحمدحمدولا الاحمد بل قالوا أحامد، لأنه ليس بصفة، فقد ثبت أنهم يعتبرون الوصفية الأصلية.. والذي يحقق ذلك منعهم صرف أدهم وأرقم وأسود بعد خروجه عن الوصفية إلى الاسمية)) . والوصفية تجعل الاسم النكرة قريباً من المعرفة ، لأنها تخصصه (( والنكرة إذا وصفت قربت من المعرفة)) ، نحو قوله تعالى: ) ولعبد مؤمن خير من مشرك ( [البقرة:221] ، فالعبد لما وصف بأنه مؤمن تخصيص من آخر ليس له تلك الصفة فقرب بهذا التخصيص من المعرفة فحصل بالإخبار عنه فائدة ، كما يخصص الوصف والاسم بالتعدية في المفعولية وبالسببية ، كما في المفعول له أو لأجله وبالمعية ، كما في المفعول معه أو يخصص زماناً أو مكاناً ، كما في المفعول فيه ويؤكد الحدث في المفعول المطلق المؤكد أو المبين للنوع أو العدد ، وكذلك الحال تخصص صاحبها والتمييز مخصص ؛ لأنه مبين لإبهام الذات أو المقدار ، والمستثنى مخصص ؛ لأنه مخرج ، يدل على ذلك حذف المفعول ، نحو قوله تعالى : ) كلا سوف تعلمون ( [ التكاثر : 3 ] وإنما حذف ليكون أبلغ ما يقدره السامع ولقصد التهويل والمبالغة فيقدر أعظم ما يخطر بباله . ويخصص الوصف بالإضافة لتردده بين الفعلية والاسمية فيدل على الحدوث أو الثبوت ، ويبالغ فيه بالتنصيص على كثرة المعنى بالمداومة عليه ، فيزاد في بنائه في الغالب فيأتي عاماً شاملاً كما في مقبر ومقبرة ومدرس ومدرسة ومسبعة وملحمة ، لذلك اختلفت صيغ المبالغة ولم تأت على بناء واحد (( وقال المحققون من أهل العربية لا يجوز أن يختلف الحركات في الكلمتين ومعناهما واحد . قالوا : فإذا كان الرجل عدة للشيء قيل فيه ( مفعل ) مثل مرحم ومحرب ، وإذا كان قوياً على الفعل ، قيل ( فعول ) ، مثل صبور وشكور ، وإذا فعل الفعل وقتاً بعد وقت قيل ( فعّال ) مثل علاّم وصبّار ، وإذا كان ذلك عادة له قيل ( مفعال ) مثل معوان ومعطاء ومهذا ، ومن لا يتحقق المعاني يظن أن ذلك كله يفيد المبالغة فقط وليس الأمر كذلك بل هي مع إفادتها المبالغة تفيد المعاني التي ذكرناها ))
كل هالكلام اللي انت ناقله تطويل ماله علاقه بموضوعنا


رد مع اقتباس