عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
الروايات العامية والحقائق التاريخية

كُتب : [ 10 - 05 - 2008 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد : فقد كتب أحد الأخوة المهتمين بالتاريخ من أبناء قبيلة عتيبة هذا المقال رادا فيه على من أنكر صلاحية الروايات العامية والمنكر بذلك يتتبع خطى المستشرقين والمستغربين الذين حاولوا أن يشككوا في الشعر الجاهلي وصولا إلى التشكيك بثوابت الإسلام الكتاب والسنة وقد قيل وما اّفة الاخبار إلى رواته والخبر الذي يتفق عليه جماعة من الناس يؤخذ به لأن الأمة لا تجتمع على باطل ولأن التواتر أن يرويه جماعة عن جماعة يستحيل أن يتواطؤوا على الكذب ويول في مقاله :

لا يستطيع أحدٌ كائنا من كان إنكار فضل الروايات العاميّة في حفظ أخبار وأشعار وتاريخ العرب والمسلمين , فعن طريق الروايات العامية وصلتنا أخبار العرب في الجاهلية أيامهم وأشعارهم وقصصهم , بل إن كتب التاريخ لم تنسج إلا من خيوط غزلها .

ومن تلك التواريخ تاريخ الطبري وابن الجوزي وابن الأثير وابن كثير وغيرهم . بل حتى كتب تواريخ الأمم من غير العرب كلها نقلت عن طريق الروايات العامية المنقولة شفهيا من أفواه رواتها وسطرتها أقلام كتبتها ومؤرخيها .

وإذا أردنا القدح في الروايات العامية فهذا يستوجب منا القدح في كتب التاريخ جميعها والتشكيك في تواريخ الأمم وهذا من الخطاء بمكان لا نستطيع معه مسامحة من قدح في هذه التواريخ .

وإنك لتجد في كتب التاريخ ما يدل على نقلها من الرواة كقولهم : ( قيل ) و ( روي ) و ( نقل ) و ( ذكر ) وإلى غير هذه الألفاظ الدالة على أن كتب التاريخ كلها منقولة من أفواه الرواة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .

وقد خرج في زماننا هذا من قدح في الروايات العامية بطريقة غريبة توحي بأن صاحبها لا يؤمن بالروايات العامية , وبلغني عن بعضهم وهم يُسمون أنفسهم ( المحققين ) أنه سبَّ محققا آخر فقال فيه قادحا له : رواياته عامية ! أو جلسائه عاميون ! وهذا والله إن دل فإنما يدل على جهل أولئك بحقيقة الروايات العامية وفضلها في نقل تاريخ البشرية .

وهذا الصنف ممن يسمون أنفسهم المحققين – وكم والله ابتذل هذا الاسم – لا يعلمون كيف وصلتهم كتب التاريخ وكيف صنفت هذه الكتب .

ولعل هؤلاء المحققين يحاولون إتباع أثر المؤرخ الشهير ابن خلدون عندما شكك في بعض الروايات المنقولة في كتب التاريخ , ولكن ابن خلدون أراد أمرا فهمه هؤلاء على غير ما أراده ابن خلدون , فابن خلدون لم يتطرق إلى نفي الروايات العامية جُملةً ولكنه أراد أن لا تؤخذ الروايات العامية على علّاتها رغم ثبوت وصحة الأخبار فيها , لذلك نجد أن ابن خلدون يثبت هذه الأخبار بعد ذلك في كتابه دون القدح فيها والسبب أنه ليس لابن خلدون أحقية التصرف في هذه النصوص لأنه لا يجد نصوصا تخالفها , مما يدل على أن ابن خلدون يثبت هذه الروايات مع بقاء تحفظه على المبالغات التي تطرأ على الروايات أحيانا .

فالروايات العامية لا شك في صحتها وثبوت وقوعها , لكن العوام يضيفون إليها بعض الزيادات التي يكون لها تأثير فعّال في سيرة علم من الأعلام – فارس أو شاعر أو أمير أو ملك – أو وقعة من الوقائع , بغرض إضافة المزيد من الهيبة والعظمة على هذه الشخصية أو تلك الوقعة .

ولذلك فإن ابن خلدون ألمح إلى ذلك في مقدمته من بعض المبالغات التي تضاف إلى بعض الأخبار مشيرا إلى أن تلك المبالغات لا تجوز عقلا ومنطقا .

فما بال أقوام يردّون الأخبار العامية وهي جائزة عقلا وثابتة نقلا بحكم أنها في رأيهم ( روايات عامية ) .

وهذا الصنف ممن يسمون أنفسهم محققين , أي خبر لم يرد في كتب التاريخ والوثائق فهو عندهم غير صحيح ! ولكنهم لو طرحوا على أنفسهم سؤالا واحدا وهو : من أين أتت كتب التاريخ والوثائق ؟ أليست هي الأخرى منقولة من العوام ! لعرفوا مدى قِلتِ علمهم بحقيقة هذه الروايات .

وكان أسلوب المؤرخين قديما وحديثا أصحاب الفهم الراجح والوعي , لا أصحاب الأهواء , أنهم إذا وردت عليهم روايات في حادثة ما أو وقعة ما كانوا يوردون جميع الروايات التي أتت على ذكرها دون ترجيح أحد هذه الروايات على الأخرى في أغلب الأحيان ودون نقض أو رد للروايات الأخرى وذلك إبراء للذمة في نقل الخبر ولأن الروايات العامية تختلف باختلاف من نقلت عنهم وربما اختلفت الرواية الواحدة من راو واحد , وليس هذه قادحا فيمن نقلت عنهم لأن الراوي قد يرى أشياء في خبر ما لم يرها أو يحضرها راو آخر , وقد يكون أحد الرواة نسي أو سها تفاصيل حادثة معينة تذكرها راو آخر , وهذا موجود في كتب التاريخ كالطبري والمسعودي وغيرهم , ولم أجد حسب ما أطلعت عليه من مؤلفات كتابا في التاريخ ردّ الراويات العامية وكذّبها مثل ما فعله الأستاذ / فايز بن موسى البدراني الحربي في كتابه [ من أخبار القبائل في نجد ] فقد استغربت حقيقة من تحامل المؤلف الجاد على الروايات العامية وردها وتكذيبها بطريقة تثير الإمتعاض , وأنا هنا سوف أقول رأيي بصراحة ودون خجل , لأنه في مثل هذه الحالات يجب إقصاء الخجل مع بقاء الإحترام للشخص المنتقد وقد رتبتها على شكل نقاط .

أولها / يجب ملاحظة أن العوام يذكرون الذي لهم وينسون أو يتناسون ما عدى ذلك , لذلك يجب أن لا ترد الأخبار إذا علمها طرف وجهلها الطرف الآخر خصوصا إذا كانت تلك الرواية متواترة , وفي كتاب يختص بتاريخ قبائل العرب وأيامهم ككتاب الأستاذ فايز , تعتبر هذه الملاحظة من الأهمية بمكان .

ثانيها / أن العوام في أخبار القبائل , خصوصا فيما يختص بأخبار قبائلهم , يضيفون بعض الروايات الغريبة , فتخليص الروايات منها أمر حسن , لكن لا يصل إلى حد تكذيب الرواية كلها .

ثالثا / أن الأستاذ / فايز بن موسى رد الروايات العامية في حين نجد أنه ينقل من كتب نُقلَت عن طريق الرواة العاميون , ككتاب تحفة المشتاق لعبدالله بن بسّام , وتاريخ الفاخري , وتاريخ ابن عيسى , وتاريخ ابن بشر وغيرها , فبما أنه لا يرى صلاحية الروايات العامية فقد كان من باب أولى إقصاء هذه الكتب .

رابعا / أن الأستاذ فايز كان ينقل من الأخبار ما أتفق ( كما أشار ) في ذكره مصدرين , وبما أن تلك الكتب رواتها عاميون فا هو الفرق بين كون الخبر أتفق عليه مصدرين , أو اتفق عليه مصدر وراوي عامي ؟

خامسا / أنه أهمل تحقيق الكثير من كتب التاريخ التي نقل عنها ولم يتحقق من صحة تلك الأخبار , بل إن كثير من المصادر التاريخية استفردت بالكثير من الأخبار , ولم تعزوها إلى مصدر معين , ومع ذلك أثبتها في كتابه , وهذا مخالف لما اشترطه على نفسه من أتفاق مصدرين في الخبر .

سادسا / أنه نقل أخبارا ثابتة الوضع والكذب ومخالفة بشكل جلي لما تحقق ثبوته من التواريخ , فقد نقل أخبارا ( إنفرد ) بذكرها / عبدالله بن بسام في كتابه ( تحفة المشتاق ) وهي الحوادث المذكورة بين سنتي 851 هـ وحتى سنة 1000هـ ومن المعلوم مسبقا أن كتاب تحفة المشتاق هو من تأليف الشيخ / أحمد بن محمد بن بسام المتوفى سنة 1040هـ وقد أرّخ في كتابه من حوادث سنة 1015هـ وحتى حوادث سنة 1039هـ وأما الأخبار من سنة 851 هـ وحتى سنة 1015هـ والأخبار التي ذكرت في الكتاب بعد سنة 1039هـ فهي من الزيادات التي أضافها الشيخ / عبدالله بن محمد بن بسام المتوفى سنة 1346هـ على كتاب جده الشيخ أحمد . ومع ذلك فإن / عبدالله البسام لم يذكر مصادر تلك الأخبار وخصوصا أخبار القرنين التاسع والعاشر وقد إتضح لي عدم صحتها مطلقا , حيث أورد / عبدالله البسام الأخبار التالية : وهي ( مناخ بن عنزة والظفير ومعهم حرب سنة 853هـ ) وقد ذكر ابن بسام من الأعلام المشاركين في هذه الوقعة ( خلف بن سالم بن مضيان من حرب ) و ( مناخ الضلفعة بين عنزة والظفير وحرب سنة 854 هـ ) وذكر من الأعلام ( سالم بن مضيان ) أيضا و ( مناخ بين عنزة والظفير وحرب سنة 860هـ ) وقد ذكر في هذا المناخ من الأعلام ( عبدالله بن سالم بن مضيان ) و ( مناح السر سنة 861 هـ ) وذكر فيه من الأعلام ( سرحان بن مضيان ) و ( مناخ الشبيكة سنة 933هـ ) وذكر فيه من الأعلام ( راجح بن مضيان ) و ( مناخ المستوي سنة 966هـ ) وذكر من الأعلام ( هذال بن مضيان ) . ولعلك تلاحظ أن كل هؤلاء الأعلام من سلالة مضيان جد أسرة آل مضيان , ولكننا نجد في المصادر التاريخية الأكثر توثيقا أن ( مضيان ) جد أسرة ( آل مضيان ) كان حيّا في منتصف القرن العاشر الهجري حيث يذكر الجزيري في كتابه ( الدرر الفرائد المنظمة للجزيري ) تحقيق حمد الجاسر صـ 1564 أن : صاحب الدرك في حفظ الطريق بين عسفان والمدينة هو الشيخ / زبن بن جمعة بن جبار شيخ الظواهر من بني سالم ثم ابنه " مضيان " والذي إلتقي به المؤرخ الجزيري في حدود سنة 960هـ .

فإذا كان مضيان عاش في هذه الفترة فكيف عاش أبناءه وأحفاده قبله بمائة سنة ؟!

هذه الأخبار الموضوعة تشككنا في بقية الأخبار التي أوردها / عبدالله البسام في القرنين التاسع والعاشر أو على الأقل ليست تلك التواريخ هي تواريخها الصحيحة , وأنها حدثت بعد سنة 960هـ بزمن طويل .

سابعا / أنه أهمل الأخبار العامية التي أوردها المؤرخ الشهير / محمد العلي العبيد المتوفى سنة 1399هـ في كتابه النجم اللامع للنوادر جامع عن الحملات العثمانية وفيما يخص موقف / محمد بن دهيمان وابن مضيان من تلك الحملة على أنها ( روايات عامية ).

والجواب : أنه ليس كل من شارك في الحملات العثمانية يجب أن يرد اسمه في وثائقهم , ومن هو / محمد بن دهيمان ؟ هو رجل من شجعان أهل الخبراء أخذ منه الإمام / سعود بن عبدالعزيز موقفا لعله كان من المتمردين , فعاقبه الإمام وبسبب ذلك إنظم محمد هذا إلى قوات إبراهيم باشا .
إذا عدم ورود أسمه في الوثائق شيء طبيعي جدا لأن العثمانيين لن يتعبوا أنفسهم في حصر كل من إلتحق بجيشهم من الفرسان والجنود , كما أنهم لن يتعبوا أنفسهم في إرسال رسالة من القصيم إلى الحجاز , مع ما في ذلك من مشقة السفر وطول الطريق , ليخبروا الوالي العثماني أن رجلا من رجالات أهل الخبرا إنظم إليهم , فدخول فرد في قوات العثمانيين يعتبر أمرا غير ذي بال أصلا .
وحتى أريح الأستاذ / فايز بن موسى فإنه يجب توضيح بعض الأمور له وهو : أن دخول القبائل تحت لواء العثمانيين ليس عيبا ولا هو فضيحة فالقبائل العربية بطبيعتها سوف تتبع الأقوى سواء كانت الدولة العثمانية أو الدولة السعودية أو غيرها , بل حتى لو كان الأحباش الزنوج هم المتغلبون على البلاد لاتبعتهم القبائل , وليس خبر أبرهة الحبشي عندما ملك اليمن عنى بغريب .
والقبائل الحجازية خصوصا قاتلت مع القوات العثمانية بالمال والسلاح حرب ومطير وعنزة وعتيبة وشمر وغيرها وهذا مسطر في كتب التاريخ لا نحتاج إلى إثباته , ولكن كان غالب جند العثمانيين من قبائل حرب ومطير , والسبب واضح وهو كون هذه القبائل أقرب القبائل لمراكز القيادة العثمانية في الحجاز .
وجميع هذه القبائل المذكورة وغيرها أخضعت لسلطان العثمانيين بالقوة , فلا تلام القبائل لإنظمامها تحت لواء العثمانيين , فأرواحهم ليست رخيصة حتى يخوضوا حربا حكم عليها بالخسارة مسبقا .
ثامنا / أن الأستاذ / فايز بن موسى أورد بعض الروايات العامية دون الرجوع إلى مصدر معين , وهذا تضاد في القول والعمل , فقد ألزم نفسه تصريحا أو تلميحا بأنه لا يأخذ الخبر إلا أن يرد في مصدرين تاريخين موثوقين وسوف نبين ذلك فيما سوف يأتي معنا .

تاسعا / رد الأستاذ فايز بعض الروايات العامية وتكذيبها دون دليل , وبلا حجة , فقد ردَّ خبرين هامين من أخبار أيام العرب وهو : ( وقعة بين عتيبة وقحطان سنة 1263هـ ) صـ294 , والاّخر هو : ( معركة بين عتيبة وقحطان سنة 1269هـ ) صـ303 , وبما أنني ابن هذه القبيلة فقد أثار هذا التكذيب اللا مسؤل حفيظتي فكيف يُكذّب الأستاذ / فايز بن موسى الحربي هذين الخبرين ويورد في ذلك أدلة هي أوهى من بيت العنكبوت , ولذلك فقد رأيت الرد عليه بخصوص هذين الخبرين .
فأما الخبر الأول / فهي الوقعة المشهورة باسم ( وقعة معتق ) وذلك لكثرة من أعتق فيها من قحطان وكل ذلك بفضل الله ثم بفضل الشيخ / مسلط بن محمد بن ربيعان , ومن أدلة صحة هذه الوقعة الصمد الذي ما زال يعرف حتى الآن باسم ( صمد معتق ) وهو قريب من الدفينة الموضع المعروف في عالية نجد .
وقد أحتج الأستاذ فايز على عدم صحة هذا الخبر بعدة أسباب :
1- أن هذا الخبر وهو من أكاذيب رواة عتيبة – طبعا هو لم يقل أكاذيب رواة عتيبة ولكن التلميح يبلغ الغاية فما من أحد يقول : هذه الرواية مكذوبة وموضوعة وضعها العوام ولكني لا أتهم قائلها بالكذب - .
وعلى هذا نقول : إننا إذا أردنا تكذيب جميع الروايات العامية فعلينا يا أستاذ فايز أن نكذب أيضا بجميع الروايات العامية التي تخص القبائل الأخرى , من قصص الشجاعة والكرم والشهامة , فربما يكون أولئك العوام أيضا كذابون وضاعون أرادوا إضافة أمجاد لقبائلهم لا يستحقونها , فليس لك الحق أن ترد روايات أبناء عتيبة عن تاريخ قبيلتهم , وتقبل الروايات الأخرى .
2- ومن الأسباب التي دفعت إلى تكذيب الأستاذ فايز لوقعة معتق هو قوله : أن الراوي محمد العبيد متأخر عن الحدث بما لا يقل عن مائة سنة وهي مدة في نظر الأستاذ فايز كبيرة جدا .
والجواب : تأخر المدة أو تقدمها لا يعني شيئا لأن الأخبار تتناقلها الأجيال , كما أن المدة المذكورة ليست طويلة كفاية لرد مثل هذا الخبر , لأن العبيد المتوفى سنة 1399هـ يكون من أبناء الجيل الثاني أو الثالث من الجيل الذين حضروا هذه الوقعة , وهذا يعني أنه إما نقل الخبر عن أناس حضروها أو عن رواة رووها عن من حضرها .
3- والسبب الثالث عنده : أن القصيدة التي قيلت في وقعة معتق والتي مطلعها :

من شاف هدت مسلط ما أحد هاش
= يفـدهم فد الجمل للسـراحين

قصيدة ركيكة !! وأنها مصنوعة على عادة العوام لإثبات القصة , والجواب : لم أعهدك يا أستاذ فايز شاعرا ثم هذه القصيدة مع قوة سبكها وجزالة أبياتها أصبحت لديك ركيكة .
ثم من أي وجه اكتشفت ركاكتها في الوزن أو القافية أو التعبير , فالقصيدة موزونة وتعابيرها متناسقة تدل على معناها , وكل ذلك واضح للعارفين بالشعر ومعانية وأغراضه .
4- والسبب الرابع عنده : أن هذا الخبر لم يرد في أي من المصادر التاريخية المعاصرة له .
والجواب : أن مؤرخي تلك الفترة لم يكونوا شمسا شارقة على القبائل يدونون أخبارها وحوادثها فلا يفوت منها شيء .
5- والسبب الخامس عنده : أن العبيد لم يسمي أي من قتلى الطرفين , الذين بقيت أظفارهم تجلجل مثل سفير الزرع من كثرتهم !
والجواب على ذلك : أن كل دليل تورده لرد صحة هذه الوقعة أعجب من الأخر , فأنت هنا تطالب الراوي العبيد بنقل أسماء القتلى من الطرفين , فهل يقول بذلك عاقل ؟! ولو احتججنا على كل وقعة بمثل احتجاجك الواهي هذا لكذبنا غالب أخبار العرب لأنهم لم يذكروا لنا أسماء قتلى المعركة , نعم قتل الكثير والكثير لكن من أين للعبيد أو من روى عنه أن يحصي أسماء أولئك القتلى فهو لا يعرفهم وليسوا شيوخا أو فرسانا أو شعراء مشهورين .
ولربما كان وصف كثرة القتلى بهذه العبارة فيه شيء من المبالغة ولكنه ليس حجة في تكذيب الخبر من أصله .
وأما الخبر الأخر / فهو وقعة الشعراء الشهيرة سنة 1269هـ وهي بين عتيبة بقيادة / تركي بن حميد وبين قحطان بقيادة / محمد بن هادي وهي من الأخبار المشهورة والمعروفة عند أهل نجد حاضرة وبادية ولا ينكرها إلا جاهل .
فأما رواتها يا أستاذ فايز فقد رويت لي من طرق عدة فأما رواة عتيبة فلا يحصون كثرة أما من غيرهم فقد رواها لي الأستاذ / عبدالله بن سعد المنصور من أهل بلدة الشعراء كما رواها من قحطان الشيخ / محمد بن عبدالعزيز بن قنيفذ بن لبدة , شيخ آل سعد من قحطان , في لقاء معه في مجلة البواسل العدد الثاني والعشرون , السنة الثانية , إبريل 2005م , صـ74 , ولعل هذا النص يكفي للرد عليك حول هذا الموضوع .
وعتيبة وقحطان أخوة في دين الله , وكما أن لعتيبة أيام غلبت فيها قحطان فإن لقحطان على عتيبة مثلها والأيام دول يوم لك ويوم عليك .
والعجيب في أمرك يا أستاذ فايز أنك لمّا أردت تكذيب هذا الخبر لم تكلف نفسك عناء البحث عن صحته من الطرف الأخر وإنما اكتفيت بتكذيبه لأنه في نظرك من رواة العوام .

عاشرا / ومن الغريب حقا أن الأستاذ فايز والذي رد جميع الروايات العامية أو غالبها على الأصح نجده بخصوص ( قبيلة حرب ) وهي قبيلة المؤلف يتجاهل كل ذلك , فأورد خبرين عاميين لوقعتين لقبيلة حرب دون أي سند أو دليل أو مصدر تاريخي ( وإنما هي من الرواة العاميين ) الذين يرد الأستاذ فايز أخبارهم ويعرض مؤلفات من ينقل عنهم لمجهره , وهذا ما عنيته في الفقرة الثامنة .
فأول هذين الخبرين ( وقعة بين حرب وعنزة سنة 1280هـ ) والاّخر ( وقعة أخرى بين حرب وعنزة سنة 1280هـ ) وقد نقلها – كما ذكر – من رواة من قبيلة حرب وهم / محمد بن زيدان ودرع بن سالم وعبيد بن جروان والخبر الثاني نقله عن الشيخ / عبدالله بن نائف بن مضيان .

وهنا نطرح سؤالا على الأستاذ فايز وهو : هل رواة العرب من عتيبة وغيرهم ( كذابون وضاعون ) كما إتهمتهم في كتابك بطريقة غير مباشرة , ورواة قبيلة حرب صادقون مصدوقون لا يرد قولهم ولا ينقض فتلهم ؟!

إننا إذا عرضنا هذين الموضوعين على مجهر الأستاذ / فايز بن موسى البدراني الحربي فإننا سوف نجد أن هذين الخبرين مكذوبين موضوعين وأنه من تلفيقات رواة حرب لا أكثر ( حسب رأي الأستاذ ) وبعد عرضها خلصنا إلى ما يلي :
1- أن رواة هذين الخبرين متأخرون عن هذه الوقعة بما لا يقل عن مائة سنة أو أكثر , مع العلم أن الأستاذ فايز رد رواية الراوي العبيد لوقعة معتق بحكم أنا متأخرة عن الحدث بمائة سنة .
2- أن هذا الخبر تفرد به رواة حرب ولم ينقل لنا المؤلف شيئا عن رأي رواة عنزة حول هاتين الوقعتين .
3- أن هذين الخبرين لم يرد ذكرهما في أي مصدر من مصادر التواريخ النجدية المعاصرة لتلك الفترة .
هذا عدى أن الأستاذ فايز أورد أخبارا كما سبق وأن ذكرت واضحة الكذب نقلها عن تحفة المشتاق , كما أنه حشا كتابه المسمى ( فصول من تاريخ قبيلة حرب ) بالروايات العامية عن العديد من وقائع قبيلته مع القبائل الأخرى واصّل لها . وهكذا فعل في بقية كتبه التي ألفها في أخبار قبيلته .
إنني لا أتهم رواة قبيلة حرب الشرفاء بالكذب فهذه الروايات التي نقلها الأستاذ فايز عنهم قد تكون صحيحة والذي سبق مني إنما هو مجارات الأستاذ فايز في طريقته في إنتقاد تاريخ القبائل الأخرى بخصوص كونها روايات عامية .
كما أنني لا ألوم الأستاذ فايز في حبه لقبيلته وإيراد الروايات العامية التي تخص أخبار قبيلته , فهو كغيره من أبناء القبائل والأسر حاضرة وبادية الذين يريدون أن تكون قبائلهم وأسرهم أفضل القبائل والأسر .
ولكن لم يكن للأستاذ فايز أدنى حق في أن ينتقد تاريخ القبائل الأخرى , ويكذب أخبارها ورواتها , لأنه لا يرى أو لا يهوى أو أنها روايات عامية .

وأتمنى من الأستاذ فايز وغيره أن يلتزموا بما يسطرونه في مقدمات كتبهم من دعوى أمانة النقل والمصداقية , التي امتلأت بها مقدمات الكتب ولا نرى لها أثرا واضحا في طيات تلك الكتب .

إن الأمانة عظيمة وتاريخ القبائل العربية من الأمانة التي يتصدى لها البعض وهم يضنونها سهلة ميسرة , بينما هي من أثقل الأمانات , لأن الراوي هنا يجب عليه أن يتغلب على شهوات النفس , الراغبة والطامحة في طي تاريخ كل القبائل وإبراز تاريخ قبيلته على حساب الآخرين .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس