عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post تأثير تضاريس الأرض وموقعها وأجوائها على ساكنيها

كُتب : [ 13 - 04 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : مما لا شك فيه أن الأرض تؤثر على ساكنها سلبا وإيجابا وقد ذكر ذوو الدراية أن أمير المؤمنين الخليفة الراشد فاروق الإسلام والمسلمين أبا حفص / عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه وأرضاه حين فتح اللّه البلاد على المسلمين من العراق والشام ومصر ، وغير ذلك من الأرض كتب إلى حكيم من حكماء العصر : آنا أناس عرب ، وقد فتح اللّه علينا البلاد ، ونريد أن نتبوأ الأرض ، ونسكن البلاد والأمصار ، فصف لي المدن وأهويتها ومساكنها ، وما تؤثِّرُه التربة والأهوية في سكانها .

تأثير البيئة الطبيعية :-

فكتب إليه ذلك الحكيم : اعلم يا أمير المؤمنين أن اللّه تعالى قد قسم الأرض أقساماً : شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ، فما تناهى في التشريق وَلَججَ في المطلع السانح منه النور فهو مكروه لاحتراقه وناريته وحِدَته وإحراقه لمن دخل فيه ، وما تناهي مغرباً أيضاً أضَر سكانه ، لموازاته ما أوغل في التشريق ، وهكذا ما تناهى في الشمال أضَرّ ببرده وقره وثلوجه وآفاته الأجسام فأورثها الآلام ، وما اتصل بالجنوب وأوغل فيه أحرق باريته ما اتصل به من الحيوان ؛ ولذلك صار المسكون من الأرض جزءًا يسيراً ، ناسَبَ الاعتدال ، وأخذ بحظه من حسن القسمة ، وسأصف لك - يا أمير المؤمنين - القطع المسكونة من الأرض .

الشام :-

أما الشام فسُحُبٌ وآكام ، وريح وغمام ، وغدق ورُكام ، ترطب الأجسام ، وتولد الأحلام ، وتصفي الألوان ، لا سيما أرض حِمْص فإنها تحسن الجسم ، وتصفي اللون ، وتبلد الهم ، وتنزح غوره ، وتجفي الطبع ، وتذهب بماء القريحة ، وتنصب العقول ، والشام - يا أمير المؤمنين ، وإن كانت على ما وصفت لك - فهي مَسْرَح خصب ، ووابل سَكْب ، كثرت أشجاره ، واطَّرَدت أنهاره ، وغمرت أعشاره ، وبه منازل الأنبياء ، والقدس المجتبى ، وفيه حَلَّ أشراف خلق اللّه تعالى من الصالحين والمتعبدين ، وجباله مساكن المجتهدين والمنفردين .

مصر :-

وأما أرض مصر فأرض قَوْرَاء غَوْرَاء ، ديار الفراعنة ، ومنازل الجبابرة ، تحمد بفضل نيلها ، وذَمّها أكثر من حمدها ، هواؤها راكد ، وحرها زائد ، وشرها وارد ، تكدر الألوان ، وتخبب الفطن وتكثر الإِحن وهي معدن الذهب والجوهر والزمرد والأموال ، ومغارس الغَلاَّت ، غير أنها تسمن الأبدان وتسود الأبشار ، وتنمو فيها الأعمار ، وفي أهلها مكر ورياء ، وخبث ودهاء وخديعة ، إلا أنها بلد مكسب لا بلد مسكن ؛ لترادف فتنها ، واتصال شرورها .

اليمن :-

وأما اليمن فيضعف الأجسام ، ويذهب الأحلام ، ويذهب بالرطوبة ، في أهله همم كبار ، ولهم أحساب وأخطار ، مَغَايضه حِصْبَة ، وأطرافه جَدْبة ، وفي هوائه انقلاب ، وفي سكانه اغتيال ، وبهم قطعة من الحسن ، وشعبة من الترفه وفقرة من الفصاحة .

الحجاز :-

وأما الحجاز فحاجز بين الشام واليمن والتهائم ، هواؤه حَرور ، وليله بهفور ، ينحف الأجسام ، ويُجفَف الأدمغة ، ويشجع القلوب ، ويبسط الهم ، ويبعث على الإِحن وهو بلد مَحْل قَحْط جَدب ضَنْك .

المغرب :-

وأما المغرب فيُقسِّي القلب ، ويوحش الطبع ، ويُطِيش اللُّبَّ ويذهب بالرحمة ، ويكسب الشجاعة ، ويقشع الضراعة ، وفي أهله غدر ، ولهم خبث ومكر ، ديارهم مختلفة ، وهممهم غير مؤتلفة ، ولديارهم في آخر الزمان نبأ عظيم ، وخطب جسيم ، من أمر يظهر ، وأحوال تبهر .

العراق :-

وأما العراق فمنار الشرق ، وسُرة الأرض وقلبها ، إليه تحادرت المياه ، وبه اتصلت النضارة ، وعنده وقف الاعتدال ، فَصَفت أمزجة أهله ، ولطفت أذهانهم ، واحتَدَت خواطرهم ، واتصلت مسراتهم ، فظهر منهم الدهاء ، وقويت عقولهم ، وثبتت بصائرهم ، وقَلْبُ الأرض العراق وهو المجتبى من قديم الزمان وهو مفتاح الشرق ، ومسلك النور ومسرح العينين ، ومدنه المدائن وما والاها ولأهله أعدل الألوان ، وأنقى الروائح ، وأفضل الأمزجة ، وأطوع القرائح ، وفيهم جوامع الفضائل ، وفوائد المبرات ، وفضائله كثيرة ؛ لصفاء جوهره ، وطيب نسيمه ، واعتدال تربته ، وإغداق الماء عليه ، ورفاهية العيش به .

الجبال :-

وأما الجبال فتخشن الأجسام وتغلظها ، وتبلد الأفهام وتقطعها ، وتفسد الأحلام ، وتميت الهمم ؛ لما هي عليه من غلظ التربة ، ومتانة الهواء ، وتكاثفه ، واختلاف مَهَابه ، وسوء متصرفاته .

والأخلاق والصور - يا أمير المؤمنين - تناسب البلد وتحاذيه ، وتقاربه ، وتوافقه وتضاهيه ، وكل بلد اعتدل هواؤه ، وخف ماؤه ، ولطف غذاؤه - كانت صور أهله وخلائقهم تناسب البلد وتحاذيه ، وتشاكل ما عليه أركانه ، وما أسِّسَ عليه بنيانه وكل بلد يزول عن الاعتدال ، انتسب أهله إلى سوء الحال .

خراسان :-

وأما خراسان فتكبر الهام ؛ وتعظم الأجسام ؛ وتلطف الأحلام ، ولأهلها عقول وهمم طامحة ؛ وفيهم غَوْص وتفكير ؛ ورأي وتقدير .

فارس :-

وأما بلد فارس فخصب الفضاء ، رقيق الهواء ، متراكم الماء ، مُعْتَمّ بالأشجار، كثير الثمار ، وفي أهله شح ، ولهم خب ؛ وغرائزهم سيئة ، وهمهم دنيئة ، وفيهم مكر وخداع .

خوزستان :-

وأما بلاد خوزستان فهي كَدِرَة الأهواء ، تفسد الأحلام ، وتبلد الإفهام ، وتخبث الهمم ، وتستأصل الكرم ، يساق أهله سَوْقَ الأنعم ، وهم الهَمَجُ الطَّغَام .

الجزيرة :-

وأما أرض الجزيرة فتناسب البر بالهواء اللطيف ، وفيها خصب وسَرْجٌ ، ولأهلها بأس ومراس .

والبر - يا أمير المؤمنين - أفضل قطع الأرض وأسناها ، وأشرفها وأعلاها ، نحو الأنجاد والتهائم ، لحماية الهواء الأقذاء عن سكانه ، ودفعه الآفات عن قُطَّانه ، وسماحة المثْوَى ، وتهذيب الماء ، وصحة المُتَنَسم ، وارتفاع الأكدار ، وذهاب الأضرار .

واعلم - يا أمير المؤمنين - أن اللّه تبارك وتعالى قسم الأرض أقساما فَضَّل بعضها على بعض ، فأفْضَلُ أقسأمها العراق ، فهو سيد الآفاق ، وقد سكنه أجيال وأمم ذوو كمال .

الهند والصين :-

وأما الهند والصين وبلاد الروم فلا حاجة بي إلى وصفها لك ، لأنها منازل شاسعة ، وبلدان نائية ، كافرة طاغية . وفي الذي ذكرته لك ما أشفى بك إلى ما شَفَرتَ إلى علمه ، وكل ما وصفته في هذه البلدان فهو الأعم من أمور أهلها ، والأغلب على أحوالهم ، فإن وجد فيهم أحد بخلاف ذلك فهو النادر يا أمير المؤمنين ، والحكم في ذلك للأغلب .

وذكر جماعة من أهل العلم بالسير والأخبار أن أمير المؤمنين أبا حفص / عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لما أراد الشخوص إلى العراق - حين بلغه ما عليه الأعاجم من الجمع ببلادهم - سأل / كعب الأحبار عن العراق ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن اللّه لما خلق الأشياء ألحق كل شيء بشيء ، فقال العقل : أنا لا حق بالعراق ، فقال العلم : وأنا معك ، فقال المال : وأنا لاحق بالشام ، فقالت الفتن : وأنا معك ، فقال الخصب : وأنا لاحق بمصر ، فقال الذل : وأنا معك ، فقال الفقر : وأنا لاحق بالحجاز فقالت القناعة : وأنا معك فقال الشقاء : وأنا لاحق بالبوادي ، فقالت الصحة : وأنا معك . منقول مع خالص التحية وأطيب الامنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس