عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 4 )
الراعي
عضو مميز
رقم العضوية : 13
تاريخ التسجيل : 12 - 04 - 2003
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 797 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 11
قوة الترشيح : الراعي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : كتاب الحديثي 27 صفحه منه

كُتب : [ 30 - 03 - 2004 ]

فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى : الذي ماجعل الله في اللأرض ولا يجعل أمراً أج منه وأعظم قدراً ، وتلقوه عنه بعد مجاهدته الشديدة لهم ، ومعالجتهم على نقلهم عن تلك العادات الجاهلية ، و الظلمات الكفرية ، التي كانت قد أحالت قلوبهم عن فطرتها ، فلما تلقوا عنه ذلك الهدى العظييم ، زالت تلك الديون عن قلوبهم ، واستنارت بهدى الله الذي أنزل على عبده ورسوله ، فأخذوا هذا الهدى العظيم ، بتلك الفطرة الجيدة ، فاجتمع لهم الكمال بالقوة المخلوقة فيهم .
و الكمال الذي أنزل الله إليهم ، بمنزلة أرض جيدة من نفسها ، لكن هي معطلة عن الحرث ، أو قد نبت فيها شجر العضاة و العوسج ، وصارت مأوى الخنازير و السباع .
فإذا طهرت عن المؤذي من الشجر و الدواب ، ولزدرع فيها أفصل الحبوب و الثمار ،جاء فيها من الحرث ما لا يوصف مثله ، فصار السابقون الألوف ، من المهاجرين و الإنصار أفضل خلق الله بعد الأنبياء ، وصار أفصل الناس بعدهم من اتبعهم بإحسان إلى يوم القيامة: من العرب و العجم ,,(1) هـ بنصة .


ويقول مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي (ت 1033هـ) :
,, والدليل على فضل العرب من وجهين ، من المنقول و المعقول :
أما النقل : ..... (وساق كثيراً من الأحاديث و الآثرار الواردة في الباب )
وأما العقل : الدال على فضل العرب ، فقد ثبت بالتواتر المحسوس المشاهد أن العرب أكثر الناس سخاءً و كرماً وشجاعة ومروءة وشهامة وبلاغة وفصاحة .









ـــــــــــــــــ
(1): ,, إقتضاء السراط المستقيم ,, 2/370 ـ 398
وقد فصل ابن تيمية القول في فضل العرب في : ,, جامع الرسائل ,, 1/ 286
و ,, مجموع الفتاوى ,, : 15 /331 ، 19 /30 ، 27 / 472



ـ 21 ـ



ولسانهم أنم الألسنة بياناً ، وتمييزاً للمعاني جمعاً وفرقاً يجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل إذا شاء المتكلم الجمع . ويميز بين كل لفظين مشتبهين بلفظ آخر مختصر ، إلى غيرذلك من خصائص السان العربي ,, .(1)

ثم ذكر كلاماً طويلاً لا يعد أن يكون اختصاراً لكلام ابن تيمية السابق .

لذلك نرى كثيراً من العجم ممن يور الله بصائرهم بنور العلم و الإيمان يقرون العرب بذلك ويعترفون بفضلهم ، وقد ألف ابن قتيبة ـ وهو أعجمي فارسي ـ كتاباً نفسياً عن العرب (2) ، ذهب فيه إلى أفضليتهم ورد على من حاول انتقاصهم من الشعوبية ، كأبي عبيدة معمر بن المثنى وغيره.

بل إن مصطعى صبري ـ رحمه الله ـ وهو شيخ الإسلام في الدولة العثمانية التركية التي كانت شديدة الوطأة على العرب في عهودها الأخيرة ،لدرجة أن بعض العلماء لا يستطيع التصريح بحبه للعرب.









ــــــــــــــ
(1): سبوك الذهب في فضل العرب : 40
(2): اختلف في اسم كتابه ، ولعله ,, كتاب العرب ,, و كذا ذكره ببن قتيتة نفسه في كتابه
,, الشعر و الشعراء ,, : 1/ 103 ، وكتابه ,, عيون الأخبار ,, وقد ذكره بهذا الاسم ابن قتيبة في كتابه ,, غريب الحديث ,, انظر في رسائل البلغاء ,, ص344
وفي نهاية المخطوطة الي وجدت منه بدار الكتب المصرية ، ما نصه ,, تم كتاب العرب و علومها ,, ذكر ذلك الراحل محب الدين الخطيب في مقدمة على كتاب ,, الميسر و القدام ,, ص21 ، ويذكر ابن النديم في,, الفهرست ,, ص 86 ، و الفقطي في ,, إبناه الرواه ,, 2/146 كتابا لابن قتيبة بعنوان " التسوية بين العرب والعجم " وأظن أن هذا الكتاب هو نفسه الكتاب السابق ولكن المعروف عن ابن قتيبة تفضيله العرب على العجم ، وهو مذهب أهل السنة والجماعة ، وأبو محمد سني سلفي ، ثم إنه من ثنايا كتابه يقدم العرب على سائر الأمم ، ويرد على من قال بالتسوية. ,, العقد الفريد ,, 3/408





ـ 22 ـ

بحبه للعرب ، أو نشر مؤلفه في فضائلهم(1) ، خوفاً من سطوة الأتراك، الشاهد أن هذا العالم التركي صرح بأفضلية العرب ، وقدسهم على سائر الأمم و الشعوب في كتابه القيم ,, موقف العقل و العلم و العالم من رب العالمين وعباده المرسلين,,

ولكن طآئفة من العجم ممن أشربت قلوبهم حب البدعة والضلال ، جعلت دينها بغض العرب و انتقاصهم ، وإنكار فضائلهم ، ونسبوا كل منقصة إليهم ، ونفو كل فضيلة عنهم ، بل بلغ بهم الأمر إلى أن طعنوا في لغتهم لغة القرآن ، وأرادوا تفضيل لغة الفرس و اليونان عليها ، وطعنوا في أنسابهم ، وركبوا لأنفسهم أنساباً باطلة .


وقد بلغ الحقد بهؤلاء ،و الذين عرفوا فيما بعد بالشعوبية ـ إلى أن يضيع أحدهم ـ وهو سهل بن هارون (2) رسالة يمدح بها البخل و يستصوبه تحدياً للعرب الذين مدحوا الكرم ، وجعلوه فضيلة من فضائلهم .
















ـــــــــــــــ
(1): من هؤلاء : حسني بك باقي زاده ( ت 1325 هـ) ، ألف كتاب ,, منهاج الأدب في تاريخ العرب ,, على إثر إعلان ملك الأسويج و النرويج أن من ألف في هذا الموضوع وحائ قصب السبق فله جائزة ، وكان الذي حاز على الدرحة الإولى الشيخ محمود شكري الآلوسي ـ رحمه الله ـ في كتابه ,, بلوغ الأدب في معرفة أحوال العرب ,, ط ، وحاز كتاب حسني بك باقي زاده ,, الدرجة الراجه ,, وهذا كتاب لم يطبع آنذاك لأن السلطان عبد الحميد ـ كما يقول راغب الطباخ ـ كان لا يسمح بطبع أمثال هذا الكتاب لما فيه من نشر آثار العرب و فضائلهم ، خصوصاً إذا كان من قبل موظف في حكومته ، فبقي هذا الكتاب مهملاً محفوظاً في خزانة كتب المترجم إلى أن حصل الحريق فذهب فيما ذهب ، 1.هـ انظر ,, إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ,, 7/510


ـ 23 ـ
وقد ظهرت الشعوبية أول ما ظهرت ، متبرقعة خلع ستار التسوية بين العرب و العجم ـ وهو على بطلانه أهون مما يليه ـ ثم لمّا اشتد ساعدها إذ نال أصحابها المناصب العالية في عهد الدولة العباسية ، ظهرت سافرة بوجهها المشؤوم ، خالعة جلباب الحياء ، معلنة تفضيل العجم على العرب .

ومن أكابر هؤلاء الشعوبية : أبو عبيدة معمر بن المثنى ، وكان باقعة من البواقع ، وبحرً من بحور العلم ، إلا أنه ـ عفا الله عنا وعنه ـ شعوبي حاقد ، وهو كما قال ابن قتيبة : ,,أغرى الناس بمشتم الناس وألهجهم بمثالب العرب ,, (1)
ومنهم علان الشعوبي (2) ، ولم يترك قبيلة من قبائل العرب إلا و ألف في مثالبها ، و الهيثم بن عدي وحماد الراوية ، ومن شعرائهم : بشار بن برد الفارسي، ذكر أبو الفرج في الأغاني أنه .. كثير التلون ولائه شديد التعصب للعجم ,, (3) ، وقد طفت الشعوبية عليه من جميع النواحي الادبية و الفكرية العقائدية ، و تجاوزت شعوبيته النزعة القومية العرقية إلى النزعة الدينية ، حتى إنه قال قصيد يُصوِّب فيها رأي إبليس في تقديم النار على الطين ، ولقد كانت عبادة النار ـ كما هو معروف ـ من عقائد الفرس المجوس .
قلا قبحه الله :
,, الأرض مظلمة و النار مشرقة و النار معبودة مذ كانت النار ,, (4)












ـــــــــــــــ
(1): ,, كتاب العرب ,, لابن قتيبة ص349 ، فمن ,,رسائل البلغاء ,,
(2): ,, الفهرست ,, ، وذكر أن : صله من الفرس ، وأنه كان منقلعاً إلى البرامكة .
(3): ,, الأغاني ,, 3/ 139 ، ,, الشعوبية ,, ص110
(4): وقد رد على بشار كثير من الشعراء ، منهم صفوان الأنصاري في قصيدته التي منها:
زعمت بأن النار أكرم عنصراً وفي الأرض تحياض الحجارة و الزند
انظر : ,, البيان و التبيين ,, 1/27 ، ,, الفرق بين الفرق,, ص55



ـ 24 ـ

وأبو نواس (1) ، و هو الذي يقول :
,, ليس الأعارب عند الله من أحد ,,
وديك الجن وغيرهم .
ومن علماء الشعوبية أيضاً : البيروني ، وسعيد بن حميد (2) وسهل بن هارون و أبو عبيدة الجيهاني ، وعليه رد أبو حيان التوحيدي في ,, الإمتاع والمؤاتعة ,, وغيرهم .


وقد اتخذت هذه الشعوبية طابعين : الأول أدبي ، والآخر عقائدي فكري ، وقد تصدى لها حينما اتخذت شكلاً أدبياً .
أدباؤنا ـ عرباً وعجماً ـ فحطموا بنيانها ونقضوا أساسها، ومن هؤلاء الأدباء :الجاحظ(3)، البلاذري (4) و أبو حيان التوحيدي وابن عبد ربه الأندلسي(5) ، وغيرهم.
ولما اتخذت طابعاً فكرياً تصدى لها علماء السلف(6) أيضاً ، لذلك نجد في كثير من الكتب العقيدة السلفية فصلاً يتحدث عن فضل العرب .














ــــــــــــــــ
(1):,, العقد الفريد ,, 3/408، وهذا الشطر من قصيدة مطلعها :
,, عاج الشقي على دارٍٍ يسائلها وعجت أسأل عن خمارة البلد ,,
انظر ,, ديوان أبي نواس ,, ص46
(2): ذكر له ابن النديم كتاب ,, فضل العجم على العرب ,, ,,الفهرست ,, 137
(3): في ,, البيان و التبيين ,,
(4): له رسالة في ,, الرد على الشعوبية ,,
(5): في ,, العقد الفريد ,, المجلد الثالث .
(6): خذ على سبيل المثال: الإمام أحمد بن حنبل ، وشيخ الإسلام أبن تيمية وقد ألف جميع من العلماء رسائل مفردة في ذلك منهم : الهالك محي الدين ابن عربي له : ,, المنتخب من مآثر العرب ,, انظر ,, عنوان النهاية ,, 166
و العراقي وله : وو القرب في محبة العرب ,, والهيتمي وله ,, مبلع الأدب في فخر العرب ,, ط وهو مختصر لمصنف العراقي .و عبد القادر الجزيري (ت977 هـ ) له : ,, خلاصة الذهب في فضل العرب ,,

ـ 25 ـ
لم تنقطع الشعوبية بعد هؤلاء ، رغم الردود الساخنة ، بل ظلت ولا زالت ، إلا أنها تخبو تارة وتظهر تارة أخرى ، وكان من أشدِّ هؤلاء الشعوبية على العرب : أبو عمر بن غرسية ، وله رسالة في ذلك ، وقد تصدى العلماء للرد عليها ، فمنهم : أبو يحى بن مسعده ، وأبو جعفر البلنسي ، وأبو الطيب القرودي ، وغيرهم .
وهذه الرسالة و الردود التي عليها نشرها الأستاذ عبد السلام هارون ـ رحمه الله ـ من المجلد الأول من ,, نوادر المخطوطات ,,
ومن الردود على الرسالة التي لم تصلنا : رد الفقيه أبي مروان عبد الملك بن محمد الأوسي و عنوانه : ,, رسالة الأستدلال بالحق على تفضيل العرب على جميع الخلق ,,(1)
ورد ذي الوزارتين أبي عبد الله محمد بنأبي الخصال الغافقي (ت54هـ ) وعنوانه : ,, خطف البارق وقذف الحارق في الرد على ابن غرسية الفاسع ، في تفصيله العجم على العرب وقرعه النبع بالغرب ,,(2)
ورد أبي محمد عبد المنعم بن محمدالخزرجي الغرناطي ، ويعرف يابن الموسى(3) (ت597هـ) ، ورد عبد الحق بن خلف بن مفرج (4) ، وغير ذلك من الردود .

ولقد أعز الله العرب بهذا الدين ، إن ابتغوا العزة بغيره ، أذلهم الله ، ولما قام بعض الزعماء العرب بالدعوة إلى قوميتة العرقية الممقوته : القائمة على غير أساس من الدين ، فقرب الزنادقة و الفسقة ممن يوافقونه على مذهبه الفكري الباطل، وأقصى العلماء و الصالحين ودعاة الخير وجعل مقرهم بعضهم أقبية السجون ، وعلق بعضهم للآخر في حبال المشانقه ، فما زاده الله إلا خذلاناً و انحطاطاً ، وكان لقمة سائغة ، و مزية سهلة لليهود .













ـــــــــــــ
(1): ,, ألف باء ,, 1/ 350 ، ,, كشف الظنون ,,
(2): ,, ألف باء ,, 1/351 ، ,, كشف الظنون ,,
(3): ,, ألف باء ,, 1/351 ، ,, كشف الظنون ,,
(4): ,, مملكة التكملة وتكملة الصلة ,, 1814 ، نوادر المخطوطات (1-4ـ / 240 )


ـ 26 ـ

ولم يروع هذا العقاب الوخيم الذي ناله الزعيم زعيماً آخر ودعياً من الأدعياء ، فسار على منوال سابقه ، وكان الجزاء من جنس العمل .


وعلى كلِ فستنقطع الأحساب والأنساب يوم القيامة ، إلا من عمل صالح ، أو علم نافع ، وسيقدم المرء على ما قدم إنخيراً فخير ، وإن شراً فشر .
وصدق ابن قتيبة إذ يقول (1) :
,, وعدل العول في الشرف أن الناس لأب وأم ، خلقوا من تراب ، وأعيدوا إلى التراب ، وجروا في مجرى البول ، و طووا على الأقذار ، فهذا نسبهم الأعلى الذي يردع أهل العقول عن التعظيم و الكبرياء ، ثم إلى الله مرجعهم فتنقطع الأنساب وتبطل الأحساب ، إلا من كان حسبه تقوى الله ، وكانت ماتته طاعة الله ,, (2) 010 هـ

















ـــــــــــ
(1): ,,كتاب العرت ,, 356 ضمن ,, رسائل البلغاء ,,
(2): لم يرفض ابن عتب ربه هذه الكلمة من ابن قتيبة ، قال تأنه وافق الشعوبيين في ذلك . قال الن عبد ربه :
,, وما رأيت أعجب من ابن قتيبة في كتاب تقضيل العرب ، إنه ذهب فيه كل مذهت من فضائل العرب ، ثم ختم كلامه بمذهب الشعوبية ، فنقض في آخره كل ما بنى من أوله ، فقال في آخر كلامه : ,, وأعدل القول عندي أن الناس كلهم لأب وأم ، خلقو م...... ,,
,, العقد الفريد ,, 3/ 411
وأقول: ليس في كلام ابن قتيبة تناقض ، فإنه بعد ما قرر عقيدة السلف في تفضيل العرب ، أراد أن يردع الشفهاء من أبناء العرب و العجم عن التفاخر الذي جر إلى التناحر .


ـ 27 ـ


رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي
مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات
الراعي
رد مع اقتباس