عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 61 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رد: لكل داء دواء يستطب به = إلا الحماقة أعيت من يداويها

كُتب : [ 22 - 12 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

وصف بعض الأدباء العاقل، بما فيه من الفضائل، والأحمق بما فيه من الرذائل، فقال : العاقل إذا والى بذل في المودة نصره، وإذا عادى رفع عن الظلم قدره، فيسعد مواليه بعقله، ويعتصم معاديه بعدله، وإن أحسن إلى أحد ترك المطالبة بالشكر، وإن أساء إليه مسيء سبب له أسباب العذر، أو منحه الصفح والعفو .

والأحمق ضال مضل، إن أونس تكبر، وإن أوحش تكدر، وإن استنطق تخلف، وإن ترك تكلف، مجالسته مهنة، ومعاتبته محنة، ومحاورته تُغر، وموالاته تضر، ومقاربته عمى، ومقارنته شقا .

وكانت ملوك الفرس إذا غضبت على عاقل حبسته مع جاهل، والأحمق يسيء إلى غيره ويظن أنه قد أحسن إليه فيطالبه بالشكر ويحسن إليه فيظن أنه قد أساء إليه، فمساوي الأحمق لا تنقضي وعيوبه لا تتناهى، ولا يقف النظر منها إلى غاية إلا لوحت ما وراءها بما هو أدنى منها وأردى، وأمرّ وأدهى، فما أكثر العبر لمن نظر وأنفعها لمن اعتبر .

قال / الأحنف بن قيس : من كل شيء يحفظ الأحمق إلا من نفسه، وقال بعض البلغاء : إن الدنيا ربما أقبلت على الجاهل بالاتفاق وأدبرت عن العاقل بالاستحقاق، فإن أتتك منها سُهمة مع جهل أو فاتتك منها بغية مع عقل فلا يحملنك ذلك على الرغبة في الجهل والزهد في العقل، فدولة الجاهل من الممكنات ودولة العاقل من الواجبات، وليس من أمكنه شيء من ذاته كمن استوجبه بآلاته وأدواته .

وبعد، فدولة الجاهل كالغريب الذي يحن إلى النقلة ودولة العاقل كالنسيب الذي يحن إلى الوصلة، فلا يفرح المرء بحالة جليلة نالها بغير عقل، أو منزلة رفيعة حلها بغير فضل، فإن الجهل ينزله منها ويزيله عنها ويحطه إلى رتبته، ويرده إلى قيمته، بعد أن تظهر عيوبه وتكثر ذنوبه ويصير مادحه هاجيا ووليه معاديا .

واعلم أنه بحسب ما ينتشر من فضائل العاقل، كذلك يظهر من رذائل الجاهل، حتى يصير مثلا في الغابرين وحديثا في الآخرين، مع هتكه في عصره، وقبح ذكره في دهره، كالذي رواه / عطاء عن / جابر، قال : كان في بني إسرائيل رجل له حمار، فقال : يا رب، لو كان لك حمار لعلفته مع حماري فهمّ به نبي من أنبياء الله، فأوحى الله إليه : إنما أثيب كل إنسان على قدر عقله .

واستعمل / معاوية رجلا من كلب، فذكر المجوس يوما عنده، فقال : لعن الله المجوس ينكحون أمهاتهم، والله لو أعطيت عشرة آلاف درهم ما نكحت أمي فبلغ ذلك / معاوية فقال : قبحه الله، أترونه لو زادوه فعل، وعزله وولى / الربيع العامري ـ وكان من النوكى ـ سائر اليمامة، فأقاد كلبا بكلب، فقال فيه الشاعر :-

شهدت بأن الله حق لقاؤه
= وأن الربيع العامري رقيع

أقاد لنا كلبا بكلب ولم يدع
= دماء كلاب المسلمين تضيع

وليس لمعارّ الجهل غاية، ولا لمضار الحمق نهاية، قال الشاعر :-

لكل داء دواء يستطب به
= إلا الحماقة أعيت من يداويها

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم هذا والله يحفظكم ويرعاكم منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس