عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
نهار
عضو هـام
رقم العضوية : 843
تاريخ التسجيل : 16 - 02 - 2004
الدولة :
العمر : 40
الجنس :
مكان الإقامة : ما وراء الشمس !
عدد المشاركات : 464 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : نهار is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post هجاء مسابقات الشعر

كُتب : [ 17 - 05 - 2009 ]







بداح بن فهد السبيعي


قديماً حذر الجاحظ مما سمّاه (خسة الشعراء)، ووجّه رسالة هامة إلى من يهمه الأمر مفادها: "يجبُ على العاقل بعد أن يعرف ميسم الشعر مضرته، أن يتقي لسان أخس الشعراء وأجهلهم شعراً بشطر ماله، بل بما أمكن من ذلك؛ فأما العربي أو المولى الرَّاوية، فلو خرج إلى الشعراء من جميع ملكه لما عنّفتُه"، فالجاحظ يرى -وهو العليم بأحوال الشعر والشعراء- بأنه من العقل والحكمة أن يتقي الشخص هجاء الشاعر الخسيس/الجاهل بنصف ماله، أو بجميع ماله ومُلكه، ليقينه بأن لسان الشاعر طويل بدرجة تُمكنه من الوصول إلى أي شخص مهما بلغت مكانته ودرجة ارتفاعه؛ وكذلك فإن ألسنة الشعراء -كما يذكر الشاعر أبو الدلهان في الأبيات التالية- حادةٌ وقاتلةٌ، ومن الخير (والعقل أيضاً) أن يتّقيهم الكريم ويداريهم قدر الإمكان، وأن يأخذ الحذر من نار مكاويهم/ألسنتهم:

وللشعراءِ ألسنةٌ حدادٌ

على العوراتِ مُوفيةٌ دليله

ومن عقل الكريم إذا اتقاهم

وداراهم مُدارةً جميله

إذا وضعوا مكاويهم عليهِ

وإن كذبوا فليس لهُنَّ حيله


ويبدو أن أعضاء لجان تحكيم مسابقات الشعر الشعبي، والقائمين عليها لم يُعنوا كثيراً بتحذير الجاحظ، إما لثقتهم في الاتفاقيات التي يتم إبرامها مع الشاعر عند اختياره لخوض المنافسة، أو ليقينهم بصعوبة إرضاء جميع الشعراء المشاركين من تلك الفئة (وما أكثرهم) بشطر الجائزة، أو لإحساسهم بأن سلاح الشاعر (لسانه) قد فقد قيمته وفاعليته في هذا العصر؟!

لذا فمن الطبيعي أن تتعرض تلك البرامج والقائمون عليها لسيل من قصائد الهجاء المقذعة بعد نهاية كل مرحلة من مراحل تصفيات المسابقة، فكل شاعر يُشارك في المسابقة يرى في نفسه شاعراً عظيماً يستحق الفوز باللقب وبالجائزة المغرية، وعندما يتفاجأ بخروجه بخفي حنين لا يملك إلا تجريد سلاحه الوحيد، ونظم قصيدة هجائية لا تؤدي إلا إلى نتيجة واحدة وهي دخوله إلى قائمة الشعراء الذين تحدث عنهم الجاحظ في الاقتباس السالف الذكر!

والأعجب من نظم قصيدة هجاء لا تُقدم ولا تؤخر، أن تأتي تلك القصيدة بعد كمٍ هائل من قصائد المدح التي نظمها الشاعر ذو اللسان الطويل في مدح البرنامج وأعضاء اللجنة والجمهور وكل ماله علاقة بتلك المسابقة، فالقاعدة التي أصبحت حتمية ومألوفة لكل مُتابع، هي أن يدخل الشاعر للمسابقة بقصيدة مدح، ويُغادرها بقصيدة هجاء !

جريدة الرياض


لست بأديب لاكن سأحتك بالأدباء اما ان يؤثر في البعض فاصبح أديباً أو يؤثر في البعض الأخر فاصبح قليل

أدب

رد مع اقتباس