عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post تقرير خورشيد باشا عن نجد ( 1255هـ / 1839م )

كُتب : [ 17 - 06 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

تقرير خورشيد باشا عن نجد ( 1255هـ / 1839م )
أ. إبراهيم بن سعد الحقيل
التاريخ : 10/06/2008

توطئة :-

تعدّ التقارير الرسمية التي كتبها قواد الحملات المصرية على الدولتين السعوديتين الأولى، والثانية، من أهم المصادر التي تصور نجدًا تصويرًا دقيقًا، قائمًا على المعاينة والرصد، كما أنها تتناول أمورًا لا نجد مثلها في المصادر التاريخية التي اهتمت بالأحداث والوقائع التاريخية. وعلى الرغم من أنها كتبت من وجهة نظر القوة الغازية، إلا أنها تبقى مادة خصبة، تمدنا بالكثير عن الأحوال في الجزيرة العربية، في الفترة الممتدة من 1226هـ إلى 1256هـ.

من تلك التقارير، التقرير الذي كتبه خورشيد باشا، قائد الحملة المصرية التي أنهت الدولة السعودية الثانية، في طورها الأول، وأرسلت الإمام فيصل بن تركي(1) إلى القاهرة، سنة 1253هـ. وحكمت أراضيها، باسم الأمير خالد(2) ابن سعود 1253-1256هـ.

أولا : مصدر الوثيقة :-

الوثيقة محفوظة في دار الوثائق القومية بالقاهرة، في المحفظة ذات الرقم : (267) ورقم الوثيقة (163) حمراء . وقد نشرها الدكتور / عبدالرحيم عبدالرحمن عبدالرحيم، في كتابه القيم : " محمد علي وشبه الجزيرة العربية "، الجزء الثاني، من صفحة 551 إلى صفحة 559 .

كما ذكر مضمون الوثيقة الدكتور / عبدالعزيز عبدالغني إبراهيم، في كتابه : " من وثائق الأرشيف المصري في تاريخ الخليج والجزيرة العربية " 304.

ثانيًا : تاريخ الوثيقة :-

الوثيقة مؤرخة بتاريخ 29 جمادى الأولى 1255هـ الموافق 10 أغسطس 1839م .

ثالثًا : سبب كتابة الوثيقة :-

بعد اندحار القوات العثمانية أمام جيوش محمد علي (3)، توصل الطرفان إلى معاهدة كوهاتيه (4) في سنة 1248هـ. بعد تلك المعاهدة أخذ محمد علي يوسع نفوذه، تمهيدًا لمفاوضات أخرى، يقضم فيها من أراضي الدولة جزءًا، حسب مواقع سيطرته . لذلك شمر عن ساعد الجد، وأرسل حملة عسكرية يقودها إسماعيل بك (5)، وبصحبته الأمير / خالد بن سعود، لتُحكم سيطرتها على أراضي الدولة السعودية الثانية (6)، والحملة تعيث في نجد جرت المفاوضات التي كان محمد علي يؤملها، في أوائل سنة 1253هـ. اتفق الطرفان فيها على أن تكون مصر، والجزيرة العربية لمحمد علي وراثة، والشام مدة حياته (7). كما كلف خورشيد باشا بقيادة فرقتين تعسكران في الحجاز سنة 1251هـ (8). وبعد فشل حملة إسماعيل، كُلف خورشيد بحملة قوية . انطلقت من المدينة المنورة، فوصلت نجدًا في شهر صفر، من سنة 1254هـ (9). استطاعت أن تبعث بالإمام / فيصل بن تركي إلى القاهرة، وتنهي الدولة السعودية، وتسيطر على أراضيها .

طلب / محمد علي من خورشيد تحديد الواردات التي يمكن أن تستخلص من تلك الأراضي، والطريقة المثلى للسيطرة عليها، وإدارة الجنود فيها. وفي ذلك يقول خورشيد في رسالة لمحمد علي باشا : وصلت لي إرادة ولي النعمة ذي المكارم المعتادة في 19 ربيع الأول 1255هـ الآمرة بأن نبيّن ما يحصل من الواردات من الْمَحال (10) التي ينصب لها أمراء، وكيف يمكن إدارة العساكر، وما هي الفائدة التي تعود على الحكم ... اهـ (11).
كل ذلك دعا خورشيد باشا إلى خَرْص (12) جميع الثمار في نجد والأحساء (13). وكتابة تقرير مفصّل عن نجد، ليرى / محمد علي رأيه في إدارة هذه المنطقة .

رابعًا : التعريف بكاتب التقرير :-

هو / محمد خورشيد باشا، هذا اسمه الذي وصل إلينا، مما يدل على أنه مملوك حيث لم يعرف أبوه . وهو من أصل ألباني . قدم مصر صغيرًا وتعلّم بها، وبرز قائدًا من قواد / محمد علي، فعيّنه محافظًا لمكة في أوائل سنة 1248هـ، فثار عليه الجند فيما يعرف بحركة تركجة بيلمز، فاسْتدعي إلى مصر، وعُيِّن قائدًا لكتيبتين فتوجه إلى الحجاز في 24/7/1251هـ. ثم عيّنه محمد علي باشا محافظًا للمدينة المنورة، ثم قائدًا للحملة المصرية على نجد التي انتهت برحيل الإمام فيصل، وأصبح خالد بن سعود الكبير حاكمًا اسميًا، فيما كان خورشيد هو الحاكم الفعلي، من مقره لذي اتخذه في ثرمداء (14). وفي سنة 1256هـ صدرت الأوامر إليه بالرحيل، وإخلاء نجد طبقًا لبنود معاهدة لندن . حيث عُيِّن وكيلاً للجهادية، ثم مديرًا للدقهلية، حتى توفي في المنصورة سنة 1265هـ (15). وقد عُدَّ من كبار قادة محمد علي باشا (16). ومن خلال ما وصل إلينا من أخباره في نجد، فقد كان حكيمًا، غير مبادر إلى سفك الدماء، يوقّر العلماء لم يتعرض لهم بسوء (17).

خامسا : نصُّ التقرير :-

تقرير بخصوص واردات نجد وأحوالها :-

البند الأول :-

إنّ بلاد نجد القصيم (18) ويتبعها ثلاثة وأربعون قرية، وجبل شمر (19) ويتبعه تسع عشرة قرية، الوشم (20) ويتبعه اثنتا عشر قرية، والسدير (21) ويتبعه عشرون قرية، فجميع بلاد نجد عبارة عن مئة وثمان وستين قرية .
والأحساء (22) يتبعها أربع وأربعون قرية، والقطيف (23) يتبعها سبع عشرة قرية، وعاداتهم القديمة أنهم يعطون من السنة إلى السنة عن كل مئة صاع خمسة صيعان من الغلال، وعن كل مئة آقة من التمر آقة (24). والصاع معناه أنّ كل صاعين ونصف يساوي ربع مصري (25).

وإيرادات الأحساء والقطيف من الجمرك أسبوعيًا هو ثلاث مئة فرانسة إلى أربع مئة (26). وقد لاحظنا أنّ البلاد وإن كانت تحت استيلائنا، والأمان مخيَّم عليها، ولكن كل شخص وسلاحه معه، حتى اليوم. وبما أنّ في كل بلد بعضًا من الرجال المعتمدين، الذين خدموا في أيام عبد العزيز (27) وسعود (28) وعبدالله (29) وتركي (30) وفيصل، فإنّ إبطال عاداتهم القديمة، وإيجاد ترتيب آخر، يغيّر الحالة ] متعذر [ (31)، ولذا رأينا أن نُبقي عاداتهم القديمة كما هي عليه .

البند الثاني :-

ولقد أرسلنا لكم كشفًا ضمن كتابنا هذا بالزكاة التي أخذت منهم حسب عاداتهم القديمة، وكشفًا آخر بالغلال التي اشتريت، ومتى ما ضبطنا الأمور على الوجه اللائق فيما بعد، وصار ترتيبها على الوجه المناسب، وأخذنا البدو تحت الطاعة بكل ضبط وربط، المظنون أنه يحصل من نجد مئة ألف، أو مئتي ألف فرانسة، أو أقل أو أكثر. وهذا محتاج لعدة سنوات .

البند الثالث :-

إيرادات حكام نجد، هو ما يدفعه أكثر البدو من الزكاة (32)، على الوجه الحق، ] و [ من العوائد التي تؤخذ من القوافل القادمة والرائحة بينها وبين العراق، والبصرة، وبغداد، والكويت، وسوق الشيوخ (33)، وبلاد الحرمين، واليمن، هذا وإذا لم يحصل عدوان في طريق نجد .

أمّا في عهد سعود فكان أكثر مكسبه من حجاج العجم، بقدومهم من طريق بغداد، (34) فلا يتعرض لهم احد بسبب سعود . فإذا حجوا وأرادوا العودة فإنهم يدفعون لسعود عن كل شخص عشرة أو خمسة عشر ذهب (35) يلديز، وهي العوائد التي سيدفعونها للبدو، فكان يربح سعود من هذه العوائد شيئًا كثيرًا .

ولكن عرب نجد متفرقون اليوم، وكل واحد منهم في جهة، لعدم اطمئنانهم إلينا وبالرغم من ادعائهم باللسان والتحذير (36) أنهم خدم لنا، إلا أنهم يقفون منا بعيدًا، فلذلك لم يدفعوا الزكاة بعد، ونحن لم نطلبها. وإذا فرضنا أنّ حجاج العجم جاءوا على عوائدهم القديمة فربما قتلهم العربان في الطريق، وإذا ضربوا أو قتلوا يزول ما هو عائد للدولة المصرية . وأنّ بعض العجم ولو أنهم طلبوا منّا أن يذهبوا للحج من الجهة التي تحت حكمنا، ولكننا لاحظنا هذه النقطة فلم نرخص لوكلاء العجم الذين هم من أولاد العرب لذلك. وأنّ هذه المنفعة الميرية (37) المذكورة أعلاه منوطة بتأمين الطرق وإصلاح حال العرب . وإننا من الآن فصاعدًا ناظرون لتوطيد الأمن في الطرق ومتابعة النظر . وهذا منوط بوقته وزمانه بمشيئة الله تعالى .

البند الرابع :-

إنّ سبب إرسال الفداويين (38) من أهل نجد إلى بلادهم هو أنه كما ذكرناه آنفًا، والحالة هذه أنّ أهل نجد تحت السلاح، وهؤلاء الفداويون كانوا يستخدمون من طرف حكام نجد لأجل أخذ الرسوم من البدو الذين لا يعطون الزكاة، ولأجل تسكين البلاد، ولمنع البدو الذين لا يسوقون الرواحل المطلوبة منهم. من أخذ ما هو مدار لقوتهم (39). وبما أنهـم يعرفون عادات بعضهم بعضًا، فإنهم يألفونهم. وما دام الحال كما ذكر إذا وضعنا عسكرًا، فنظرًا لخشونة طباع الطرفين نحن وهم، فإنه ينشب القتال فيما بينهم - كما هو الواضح - والآن نحن على أهبة التخلص من أولئك الفداويين، وإنّ ما يقتضي لأولئك الفداويين يأخذون جانبًا من مدار معيشتهم منا وجانبًا منه من البلدان، وهذا هو سبب استخدامهم .

البند الخامس :-

إنّ من البلاد العامرة في نجد عنيزة (40)، وسبب عمرانها لكون أهلها رجال تجارة، وهم على الدوام في حالة سفر، ما بين بغداد، والبصرة، والكويت، والبحرين، وأرض الحرمين، لأجل التجارة. ووادي الفَُرع (41) هو عبارة عن: الحوطة (42)، والحريق (43)، وحلوة (44)، ونعام (45)، وكل هذه البلاد عامرة، ولكن طرقها حرون . وعن يمينها ويسارها الجبال الشامخة، ونخلها مقارب لنخل الأحساء، وأهاليها كثيرون ومحاربون . ونظرًا لقوّتهم وكثرة أسلحتهم، وأنهم وإن كانوا أُدخلوا تحت الطاعة والانقياد ولكنهم لا يثقون بنا - مع أنهم تحت الأمان -، وسبب عدم ثقتهم بنا وقعة إسماعيل بك (47)، فهم على خوف منّا؛ لذلك فإن كان يؤمل منهم منفعة ما فإنما ليكون بمعاونتهم، لسبب ما ذكرناه آنفًا . ولكوننا نصبنا زويدًا (48) أميرًا عليهم، وأرسلنا معه مقدارًا من الفداوية، وإن شاء الله يحصل لنا منهم النفع .

البند السادس :-

إنّ حضرة صاحب الدولة والسر عسكر (49) عنوان الظفر لما شرَّف أراضي نجد أدب أهل نجد بالسيف، وقتل منهم رجالاً كثيرة، ولكن أهل نجد - والحال على ما ذكر - راضون عن أفندينا (50) السر عسكر، وشاكرون له . وبينما أهل نجد في هذه الحيرة وإذا بالمرحوم حسين بك (51) وحسن بك (52) جاءا وجعلا نجدًا خرابًا يبابا، وكان يعطي الأمان لبعضهم فإذا جاءوا عنده قتلهم (53). فلهذا كان من وراء ذلك خسائر كثيرة . ولم يكتف بما فعله بالرجال، بل تجاوز في عدوانه حتى وصل إلى النساء . ومن أجل ذلك أصبح أهل نجد مسلوبي الأمان والاطمئنان لنا، ولم يزالوا في خوف . وإنّ منهم من هو حتى اليوم في أطراف العراق، فإذا كلفناهم اليوم بشيء خارج عن حدود القانون فإنّ فرارهم قريب ( محقق ) بعد المقاتلة . وإنّ تحصيل المنفعة منهم محتاج لوقت طويل . وكما أنّ جزيرة العرب بيد الحكومة المصرية فإنّ الاستيلاء على نجد أمر لا بد منه .

البند السابع :-

إنّ آل سعود لما حكموا نجدًا حكموها باسم الدين . فإنهم نظموا الإيرادات وفق الشريعة، فكانوا يأخذون الزكاة عن الغلال خمسة أرادب (54) عن مئة إردب، وخمسة قناطير (55) من التمر، عن مئة قنطار . وإذا كان في بلدة رجل غني فقد كانوا يطلبون منه زكاة المال، ويعبّرون عنه بزكاة العروض (56)، وذلك الغني يعطيهم ما تسمح به نفسه . فإذا ذهبوا لغزوة فانتصروا فيها أخذوا عن كل خمسة من الإبل جملاً (57)، وعن كل خمس رؤوس من الغنم، خروفًا . فأمّا في أيام سعود فقد كان وارده من البحرين، وعمان، ومسقط، وصنعا، وغيرها من مختلف الجهات، ومن الشريف حمود أبي مسمار (58) في اليمن ما بين خمسين ألفًا إلى ستين ألفًا من الفرانسة (59) في السنة . كما كان يأخذ من الجهات المذكورة نقودًا كما ذكرنا . وكان وارده من الأحساء (60) ومن البدو (61) يبلغ تارة مئة وخمسين ألفًا من الفرانسة، وتارة مئتي ألف . وكان يحصل له وارد من حجّاج العجم كلي وجزئي، بحسب كثرتهم وقلتهم . وما ذكرناه فهو بعد التحقيق فلا كذب فيه، لأنّ هذه الوضعية شيء من الظهورات (62). وبسبب العصيان الذي يحصل في نجد في بعض الأحيان، فقد كان له قانون يسمى بيت المال والنكال (63)، فتارة يطبّق، وتارة لا يطبّق . وهذا من جملة الظهورات، فلا يمكن إعطاء الجواب القطعي عنه .

أمّا قرى نجد فإنّ وارداتها ما ذكرنا آنفًا، وهو الرسوم التي تؤخذ من التجار المتمردين، وذلك شيء جزئي، ولم توضع على قرى نجد مطلوبات بجميع أنواعها، لأنها ضعيفة الحال من جهة، ومن جهة أخرى أنّ إدارة تلك الجهات الكثيرة إنما يكون إذا صارت نجد حضرية، فمن أجل ذلك أنّّ آل السعود لم يضعوا عليها تكاليف، ولا وضعوا لها قوانين غير دعوتهم للخدمة العسكرية . وهم يعاملون حسب عاداتهم القديمة على هذا المنوال .

البند الثامن :-

إنّ بسبب ما ذكرناه عما كان في أيام حسين بك، وحسن بك، من الأمور، فإنّ أكثر أهل نجد منهم من سرح إلى بغداد، ومنهم من ذهب إلى البصرة، ومنهم من قصد سوق الشيوخ، ومنهم من توجه نحو الكويت، والبحرين، وعمان، إمّا بأهله وعياله، وإمّا بمفرده، ليس معه غير سلاحه؛ وإنّ أكثر أهل نجد اليوم في تلك الجهات . وأمّا من ترك أهله في نجد فإنه إن بلغه أنه حدث حادث في نجد أخذ سلاحه ويمم نجدًا للقتال، حتى إذا فرغ منه عاد من حيث أتى، حتى إنه في محاربة فيصل حدث أنّ الذين حاربوا جاء فريق منهم من هنالك، وبعد ما انتهى القتال عادوا راجعين . وإنّ الموجودين منهم في نجد من مدة هم على هذا المنوال، إلا أنهم خارج بلادهم . والقسم الآخر يده على أذنه وأذنه على يده ( كناية عن سرعة التأهب للتروح )، فإذا رأى أنه لا طاقة له بالمقاومة انسحب، وذهب إلى إحدى تلك الجهات، مترقبًا الفرص . فإذا كان الأمر (64) أي كأنه دار ذات بابين . فإنّ الأمور التي يراد إجراؤها حكوميًا ليست بالسهلة، بل هي أمور تحتاج إلى وقت كما لا يخفى .

البند التاسع :-

عمران نجد وخرابها منوط بكثرة الأمطار وقلتها . فإن هطلت بكثرة كان العمران، وإلاّ كان الجدب والقحط، حيث تنضب الآبار فلا يبقى فيها ماء . ومن عجائب قدرة الله تعالى أنّ الأمطار التي توالى هطلها منذ ست سنوات أو سبع، لم ترو الأرض ريًّا كافيًا، فزاد الحال سوءًا، سنة بعد سنة (65)، وفي هذه السنة لم يبق ماء بالكلية في قرية عيينة (66) من قرى العارض، ولا في القرى الثلاث التي في طرف السدير (67)، فتركها أهلها، وذهبوا إلى الجهة السفلى منها . فلمّا يكون الرخاء والخصب تكثر الزكاة، ويكثر الأخذ والعطاء، لكثرة المتعاطين، لذلك تكثر المنفعة الميرية من ذلك .

البند العاشر :-

بما أنه لم يمكن العلم إلى يومنا هذا بقدر الإيراد الذي يحصل من نجد فإذا جاء الكتبة الذين طلبناهم من مصر خصيصًا كتابًا لهذه المسائل، وأقمنا عليهم مباشرة فيقيد الخراج الذي يؤخذ من البدو، ومن الغلال والتمر الناتجة، وما يؤخذ من أهل نجد في دفاتر الحسابات، ثم يقدم شهرًا فشهرًا حيث يعلم مقدار الإيراد .

البند الحادي عشر :-

معنى نجد قوة البدوي وقدرته، لأنّ أولئك البدو إذا صار إدخالهم تحت إطاعة الحكومة، كما يجب أن يجبى منهم الزكاة، مبلغ سبعين إلى ثمانين ألف فرانسة، وإذا سلمت القرى من شرهم زادت عمرانًا، ويحصل مقدار من الإيراد من الحضر ومن البدو .

وإنّ البدو جميعهم وإن كانوا اليوم تحت الأمان بصورة رسمية ولكن الحقيقة أنهم يعطون المقدار الذي يريدونه، وما لا يريدونه يرفضونه، قائلين : لا يكون هذا. وهذا جوابهم الشافي، وهذه مناطة على ضبط وربط المصالح المذكورة . كما أنّ ضبط أمور البدو وربطها تحتاج إلى القوة والوقت؛ لأنّ عرب قحطان (68) عبارة عن عدة قبائل كبيرة، ومساكنهم من الرس (69) حتى وادي الدواسر (70)، إلى أن تصل إلى عسير (71)، وهو المعبّر عنه عندهم بالجنوب أي الطرف القبلي لنجد . ويشاركون جهات : الرانية (72)، والخرما (73)، وتربة (74)، وبيشة (75)، وطرف نجد القبلي (76) الذي هو الدلم (77)، والعارض (78)، ووادي الخرج (79)، والحريق، والأفلاج (80)، ووادي الدواسر، فإذا لم يدخل أولئك العرب تحت طاعة الحكومة الدخول اللائق، فلا يرجى منهم أيّ منفعة، فضلاً عن الضرر الذي يعود على تلك الجهات . وهذا أمر معلوم .

وعتيبة (81) أيضًا قبيلة كبيرة، ولها توغل وتوسع حتى جهات مكة، والطائف، والمدينة، ومن جنوب نجد، إلى الرس، والشقراء (82)، والشعراء (83)، وقرى الدوادمي (84)، وحتى ما يجاور مكة، والطائف، والمدينة، لهم اشتراك مع أهلها في كل أمر . فضبط أمرهم وأمور قحطان وربطها لا يمكن أن يكون بقوة نجد فحسب، بل هو متوقف على معاونة أرض الحريق (85)، فإذا حصلت المعاونة فإنّ المتعة (86) التي تحصل سواء من جهة استخدام أهلها، أو كانت من جهة أخذ الزكوات منهم .

وقبيلة مطير (87) قبيلة كبيرة أيضًا، وهي وإن لم يكن لهم جهة معينة في أرض نجد ولكنها بسبب كونها من القبائل الكبيرة القوية، فإنها بقوة سواعدها تسيِّر أنعامها ومواشيها، في مراعي ديار قحطان، وعتيبة، وعنـزة . وتأخذ الكيل من قرى نجد ومن الأحساء والبصرة، وتروح وتغدو ما بينها، وهم يتقاتلون ويتضاربون مع أولئك القبائل، من أجل المراعي، والكيل، بمعاونة حكام نجد . فتارة يتغلَّبون وتارة يُغلبون، وكلاهما بمعاونة حاكم نجد . وهذا هو حالهم .

أمّا عنـزة (88) فهي عبارة عن قبائل كثيرة، فيها من هو في جهة الشام، وفيها من هو بجهة بغداد، وقسم منها في نجد، ومساكن هذا القسم خيبر (89)، القريب من المدينة المنورة، والحناكية (90)، ومن حدود جبل شمر حتى القصيم، ولهم اشتراك في القصيم، لأنّ الحضريين يدَّعون أنهم من عنـزة، وقاعدة قانونهم على هذا الوجه . وهم ينتقلون ما بين الجزيرة (91) التي بجوار بغداد، حتى تلك النواحي، على هذا المنوال . ويسمح لهم بذلك . وأحوالهم هي عبارة عما ذكر، وحصول الفائدة منهم متوقفة على استيلائنا على الشام والعراق بتعب زائد .

وقبيلة شمر (92) قبيلة كبيرة أيضًا، وهي أكثر عددًا من عنـزة، وموطنهم الأصلي جبل شمر، ويسكنون في الطرف الشمالي من الجزيرة، المسماة سفوف (93)، في جوار بغداد . وهم معدودون أنهم في حكم بغداد . والتابعون إلى نجد هم أهل جبل شمر، ويبعد عن ذلك المحل ( سفوف الجربة ) مسافة أربع عشرة مرحلة (94).
وحيث إنّ الساكنين حتى منتصف الطريق هم من عرب جبل شمر، فإنهم تحت حكم عبدالله بن رشيد (95)، والنصف الآخر تحت حكم شيخ سفوف الجربة (96)، وهو الذي جاء في هذه السنة من إستانبول . وبما أنّ العرب المذكورين ينقسمون إلى قسمين لا يصعب الهجوم عليهم . وحيث إنّ عبدالله بن رشيد منهم فإنه يأخذ منهم مقدار الزكاة بمساعيه، ويستفاد من استخدامه نوعًا ما . وأولئك العرب ( عرب شمر ) وإن كان يؤمل منهم منافع جمة، وفوائد كلية، ولكن من حيث إنّ ديارهم مقسومة قسمين، فإذا طبّقنا عليهم من هذا الطرف، انصرفوا ذاهبين إلى سفوف الجربة، في الجزيرة المذكورة، وإذا ضُيّقوا من تلك الجهة، شدّوا رحالهم، وجاءوا إلى جبل شمر . وإنّ مشيخة سفوف الجربة بسبب حصولها من إستانبول كما كانت عليه من قبل فقد عاهد شيخها الدولة ( العثمانية ) على أن يخدمها (97) بعشرة آلاف جمل، وألف رأس من الخيل، يقدّمها، وبقي شيخًا كما كان عليه من قبل . وجاء إلى محله وطلب من عرب شمر المقدار المطلوب، فلم تجب العرب طلبه . وقامت ثلاث قبائل منهم وجاءوا إلى جبل شمر، الذي هو بطرفنا، وشرذمة منهم نزلوا على عيسى (98)، حاكم سوق الشيوخ . ومن أجل ذلك ما أمكن غير الحصول على ألف أو ألفي جمل، ومئة رأس من الخيل، من أصل المطلوب . وسبب ذلك ما قلنا آنفًا .

وإنّ قبيلة عنـزة قريبة منهم، فإذا ضيّقنا عليهم لا يمكن أن نحصل منهم على فائدة تذكر، نظرًا لعلاقتهم بالشام والعراق .

وقبيلة السبيع (99)، والعجمان (100)، ] و [ سهول (101)،] و [ بني خالد (102)، والدواسر (103)، وبنو هاجر (104)، هم من العارض إلى وادي الخرج والأفلاج في الطرف الشمالي من وادي الدواسر . وهم متقلبون غادين رائحين في الوديان والجهات، التي في نهاية جزيرة البصرة، منتهين إلى الأحساء، والقطيف والكويت، وهم معدودون من أهل تلك الجهات، وتعدّ تلك الديار ديارهم. وهؤلاء قبائل كبيرة، وهم أقوياء، ولكن جفاة غلاظ، ومحل معيشتهم في الأكثر الأحساء، والقطيف، وهم قائمون بالخدمة في تلك الجهات، ومنفعتهم لنجد قليلة، ولكن ضررهم كثير .

وبما أنّ لهذه الأجناس المتباينة حكومات مختلفة ما أمكن أخذهم تحت الطاعة، كما يجب . فإذا أمكن الاستيلاء على تلك الجهات التي يحتلونها، فإنّ الأمل أن تكون الفائدة منهم كثيرة، ونحن نعاملهم بالمراوغة والحيلة، نظرًا للمحذورات التي ذكرناها .

سيدي سني الهمم، صاحب الدولة والعاطفة : بناءً على المحذورات التي ذكرناها في هذا التقرير عن البدو والحضر، فإنها وإن تكن كلية، إلا أنّ إيراد نجد منهم وبمعرفتهم حاصلة . وحيث إنّ أحوالهم كما بسطناها ما أمكن إعطاء تقدير حقيقي عن الإيراد، لأنه بسبب بعض الضرورات محتاجة للوقت، وبعض الجهات يلزم إدخالها تحت إدارة الحكومة المصرية، وحيث هذا محتاج للوقت، وعندها تحصل المنفعة .
وهذا ما بادرت لعرضه ملاحظًا ما ذكرته سيدي .
في 29 جمادى الأولى 1255 - 10 أغسطس 1839
مير ميران (105) خورشيد
الختم

قراءة التقرير :-

1- في ثنايا التقرير شيء من التناقض - وهو قليل - وبعض الإيهام . كقوله : وإنّ الموجودين منهم في نجد من مدة هم على هذا المنوال، إلا أنهم خارج بلادهم . اهـ. فكيف يكونون في نجد وهم خارجها ؟ وقوله : معنى نجد قوة البدوي وقدرته، لأنّ أولئك البدو ...الخ . ومثل ذلك كثير مما يلاحظ في التقرير . ومردّ ذلك أنّ الترجمة لم تكن دقيقة، بل إنّ المترجم الذي كتب المرفق العربي مع التقرير الأصلي الذي كُتِب باللغة العثمانية كان ضعيفًا في العربية . فأسلوبه ركيك، كثير الأخطاء في بديهيات اللغة، كالضمائر، وأسماء الإشارة . بل تحتاج بعض الجمل إلى تكرار تأمل، لاستخراج المعنى المقصود .

2- ضرب صفحا عن تعداد قرى بعض المناطق مثل : العارض ومناطق جنوب نجد، فيما عدّ قراها وهو يورد العدد الإجمالي لقرى نجد حيث إنّ المناطق المذكورة عدد قراها المثبت ثلاث وتسعون قرية (93)، فيما ذكر أنّ العدد الإجمالي لقرى نجد مئة وثمان وستون قرية (168) قرية .

3- نجد اختلافًا كبيرًا بين العدد الذي ذكره التقرير مع الأعداد التي ذكرها الرحالة بلجريف إبان زيارته لنجد التي قام بها في سنة 1280هـ. رغم أنّ الفارق الزمني لا يتجاوز خمسًا وعشرين سنة (25) حيث إننا نجد أعداد القرى عند بلجريف (106) تزيد في العدد الإجمالي وفي أكثر المناطق .

4- أولى محمد علي السيطرة على نجد أهمية كبيرة، ليتسنى له السيطرة على شرق الجزيرة العربية، وليتمكن من وصل مناطق نفوذه، التي شملت مصر، والشام، وعسير، وكانت تلك المناطق ستوضع تحت حكمه، حسب اتفاق تم التوصل إليه مع العثمانيين سنة 1253هـ (107)، فكانت تلك الحملة نتاج ذلك الاتفاق، الذي لم ينفّذ. لذلك ذكر خورشيد أنّ المنفعة من نجد تحتاج إلى وقت طويل، كما أنه بين لسيده محمد علي أهمية الاستيلاء على شرق الجزيرة العربية، وذكر لسيّده أنّ ذلك له منافع كبيرة؛ وذلك ما حصل، حيث استولى خورشيد على الأحساء، والقطيف، وسعى في مفاوضات مع شيخ البحرين (108).

5- إنّ تلك الحملة لم تكن حملة تدمير، ووأد قيام دولة وسلطة، مثل الحملات السابقة. بل إنها حملة تضع نصب عينيها إنشاء كيان يرتبط بسلطة محمد علي باشا، من أجل ذلك قام خورشيد بسبر الأحوال النجدية، ليتمكن من إقامة حكومة مستقرة، تجني المنفعة من نجد، ولا تكون عبئًا ثقيلاً على حكومة مصر .

6- إنّ معرفة خورشيد باشا بأوضاع نجد جيّدة، رغم المدة القصيرة التي قضاها فيها، ولاشك أنّ جلَّ هذه المعلومات استقاها ممن جمعهم حوله، من رجال نجد الذين عملوا في الدولتين السابقتين .

7- يدل سرده الصحيح لحكام الدولتين السعوديتين، الأولى، والثانية، على اطلاع ومعرفة تامّة، بالأحوال السياسية النجدية؛ مما يعطي المصداقية لكثير من المعلومات الواردة في التقرير .

8- اهتم التقرير بالإيرادات التي يمكن أن تجبى من نجد، حتى يتسنى له تقدير الفائدة المرجوة من الاستيلاء عليها، وضمها إلى مملكة محمد علي باشا .

9- كانت سياسة خورشيد في حكم نجد هي الاحتفاظ ببعض الأمراء والقادة والفداوية، الذين عملوا في الدولتين السعوديتين، وقد ذكر منهم زويد مملوك الإمام تركي، الذي عُيِّن أميرا على بلدان وادي الفرع. وكان ذلك الإجراء ضروريًّا بالنسبة لخورشيد لعدة أسباب هي :-

أ- معرفتهم التامة بالمناطق النجدية التي يديرونها، فلا يخفى عليهم شيء من أمورها وأمور أهلها، في الشدة والرخاء .

ب- إنّ لديهم القدرة على التعامل مع أهل نجد، فهم منهم، وقد خبروا طباعهم، وطرق عيشهم .

ج- إنّ ذلك يعطي أهل نجد الأمان والثقة، في حكم خورشيد، فتقلّ القلاقل والاضطرابات، وتنعدم الممانعة والرفض لهذا الحكم .

د- إنّ الحكم الجديد الذي يقف خورشيد على رأسه يُرجى له الاستمرار، لذلك لا بد من الاعتماد على رجال يبدون تعاونًا مع خورشيد وقواده، من أهل البلاد الأصليين .

10- الاعتراف الصريح بأنّ القتل، والغدر، والخيانة، والتعدّي على الأعراض هي أهم أسباب مقاومة الحكم الجديد، لأنّ الثقة معدومة في قادة وجنود محمد علي، والخوف من تعدّيهم وظلمهم قائم مستمر .

11- القناعة التامة لدى خورشيد باشا بأنّ أهل نجد لن يتركوا سلاحهم، حتى لو استتب الأمن، وأنهم على استعداد دائم للقتال، سواء من هُم في داخل نجد، أو الذين يعيشون خارجها، في المناطق المجاورة. وبيّن سبب ذلك أنه انعدام ثقتهم بقادة وجند محمد علي، بناء على ما سبق منهم، من غدر، وخيانة للعهود والمواثيق، وإسراف في سفك الدماء .

12- بيَّن خورشيد أهمية الدين في الحياة النجدية، وأنّ أهل نجد لا يمكن أن ينقادوا إلا لمن يحكم بالدين، ويتخذه شعارًا ودثارًا له، فيُسيّر الحياة النجدية به. ولهذا السبب أظهر تقديرًا واحترامًا للعلماء، وحرص على متابعة الشؤون الدينية في نجد مثل تعيين خطباء الجمع في البلدان النجدية، كما في الوثيقة المرفقة .

13- شغلت شؤون القبائل حيّزًا كبيرًا من التقرير، لأسباب عدة هي :-

أ- أنّ القبائل سبب رئيس من أسباب اضطراب الأمن في نجد، وأنها متى ما دخلت في الطاعة، زاد عمران البلدان وزاد إيرادها للخزينة .

ب- أنّ زكاتها من الإبل توفر وسيلة النقل التي يحتاجها جيش خورشيد، فإذا تم إخضاعها تم توفير الإبل من تلك القبائل، التي تؤدّي الزكاة على إبلها، وتبيع قسمًا آخر منها على خورشيد .

ج- الخطورة الكبيرة على الحجاج من هذه القبائل، فهي إن لم تدخل في الطاعة فسوف تضرب إتاوة على الحجاج المارين بأراضيها، وقد يعتدون عليهم. أمّا إذا دخلوا في الطاعة، فسوف تكون تلك الإيرادات من نصيب حكومة خورشيد، وتوفر دخلا كبيرا لها .

د- أنّ القبائل دائمة التنقل، شديدة المراس، مما يجعل قتالها عسيرًا، ومكلفًا، وذا خطر كبير. وقد كانت التجارب السابقة للجند المصري مع قبائل نجد ماثلة أمام خورشيد .

14- قدَّر إيرادات نجد بأنها ما بين مئة، ومئتي ألف فرانسي. وهو مبلغ ليس بالكبير، بل إنه لن يفي بتكاليف حكومة خورشيد، وخالد بن سعود .

وحاول خورشيد تحديد ما يدخل خزينة الدولة، في عهد الإمام سعود الكبير، لكن الصواب لم يحالفه، حيث إنّ موارد الدولة كانت تزيد على مليونين وست مئة ألف ريال، كما ذكر ذلك صاحب " لمع الشهاب " (109). وذكر بوركهارت أنّ واردات دولة الإمام سعود تزيد على مليون دولار أسباني، وقد تصل إلى مليونين من الدولارات الإسبانية (110).

15- حرص خورشيد على التخلص من الفداويين، نظرًا لما يسببونه من مشاكل مع جنوده. ولكن ذلك يحتاج إلى وقت، لأنّ الحاجة إليهم ماسة، وضرورية .

16- أقرّ خورشيد بأنّ حكومته في نجد تكلّف أهل نجد بما هو خارج عن حدود القانون، أي بأعمال السخرة، وأنّ ذلك سبب عصيانهم، وقتالهم، لجيوش محمد علي، وتركهم أرض نجد هربًا من ذلك .

17- حاول خورشيد أن يوهم سيّده محمد علي أنّ أهل نجد راضون عنه كل الرضا، وأنّ سبب خراب نجد حسن بك، وحسين بك، اللذان جعلا نجدًا خرابًا يبابا. ولم يملك الشجاعة، ويكن جريئًا، ليقول إنّ أوامر محمد علي لهما سبّبتْ ذلك الخراب والدمار، وسببت انعدام الثقة بقادته، وجنده .

18- ذكر خورشيد أنّ محمد علي باشا قدم نجدًا. ولم نجد أحدًا من المؤرخين ذكر ذلك. فهل فاتهم ذلك ولم يثبتوه؟ أو كان خورشيد يقصد بذلك ابنه إبراهيم؟ ويعكر هذا الاحتمال أنه لا يشار له بأنه صاحب الدولة. فهل قال خورشيد ذلك تجاوزًا؟ حيث إنّ محمد علي قدم الحجاز، فعدَّ ذلك قدومًا لنجد .

19- أثبت التقرير أنّ بلدان : عُمان، ومسقط، وصنعاء، واليمن، كانت تدفع الزكاة لحكام الدولتين السعوديتين الأولى، والثانية .

20- أوضح خورشيد في تقريره أنّ استعمال الحيلة والمكر لازم، لإدخال بعض القبائل في الطاعة، نظرًا لقوّتها، وصعوبة السيطرة عليها؛ وذلك يبيّن أساليب محمد علي باشا، وقادته، في حروبهم مع الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، التي تقوم على الغدر والحيل الشيطانية، وتطبيق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة .

21- بيّن التقرير أنّ انقياد القبيلة لشيخها غير متحقق في كل الظروف، كما في التزام صفوق الجرباء للدولة العثمانية، حيث لم ينقد له أفراد القبيلة، بل تفرّقوا عنه، وقصد بعضهم موطنهم الأصلي، في جبل شمر، وقليل قصدوا سوق الشيوخ، جيرانًا لقبيلة المنتفق .

22- ركز خورشيد في ثنايا تقريره على أنه يحتاج إلى مدة طويلة، ليتمكن من تثبيت حكومته، وتحديد إيراداتها، ومصروفاتها؛ وذلك يدل على أمرين هما :-

أ- تقدير خورشيد للمقاومة التي سيواجهها، من حاضرة نجد، ومن القبائل، وأنّ أهل نجد لن يذعنوا بسهولة لحكمه. وقد أطنب في ذكر ذلك في ثنايا التقرير .

ب- الخوف من أن تلحقه لائمة من محمد علي، على طول المدة؛ وذلك قد يجلب له المتاعب، إن لم يكن القتل كما كان ذلك سائدًا في ذلك الزمان .



رد مع اقتباس