[خيَّال الغلباء]

بسم الله الرحمن الرحيم

رنيه الموطن الأول لقبيلة سبيع : بتصرف من كتاب (( محافظة رنية ))
للأستاذ / فهيد بن عبدالله تركي السبيعي :

تشير بعض المصادر أن رنيه هي المعقل الأول لقبيلة سبيع ومنها خرجت فروعها إلى أواسط نجد وفي بلدانها ونواحيه وذلك منذ بداية القرن الخامس الهجري وما بعده . إلا أنه لا يزال قسم كبير منهم يحل بلادهم الأم ( رنيـه ) وما حولها من الأودية والبلدان وقد ذكر الشيخ / سليمان بن سحمان في قوله ( ومما يلي بيشة من جهة نجد قرى سبيع وقبائلها وهي البلاد المسماه ( رنيه ). ويقول صاحب كتاب ( لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبدالوهاب ) : وأما قبيلة سبيع فهي قبيلة كبيرة منهم طائفة تسمى بني عامر وسبيع ينقسمون قسمين : قسم منهم ينزل قبلة والعارض ولهم بلد يقال لها " رنيه " تقع شرقاً من تربة بيومين ولها وادٍ أعلاه في الحجاز وهي تحسب من نجد ، وعلى هذه القبيلة أمير من قبل ابن سعود يجلس برنيه أيام الصيف وفي الربيع يرحل مع جماعته . وأما القسم الآخرون من سبيع فيسكنون في نفس العارض ولهم فيه أملاك عديدة ونخل وغيره .

( سبيع من بقايا بني عامر بن صعصعة .. الهوازنية .. القيسية .. العدنانية ) :

قال علامة الجزيرة الشيخ / حمد الجاسر ــ يشير إلى بلاد هؤلاء في الماضي فأفاض في ذلك ومنه قولة : ( أنها كانت تحل عالية نجد في الأودية الغربية الجنوبية وما حولها من البلاد حتى أسافل نجد الجنوبية منساحة على سفوح تلك الأودية وما حولها من البلاد حتى رمال الجزء الجانب الغربي الجنوبي من رمال ما يعرف الأن بأسم " الربع الخالي " وأضاف قائلاً : وكانت قبيلة عامر بن صعصعة من أثرى القبائل عدداً وأكثرها فروعاً وأشدها قوة فمن فروعها بنو كلاب وهم قبائل متعددة وتحدث عن بلادهم فقال : ومنهم بنو هلال الذين لهم شهرة لم تقف عند حد ومنهم بنو عقيل الذين عرف بهم " عقيق عقيل " ومن بني عامر ـ بنو قشير إخوة عقيل وجعدة والحريش والعجلان وتحدث عن بلاد هؤلاء بتفصيل ـ .. وقال الشيخ / حمد : ولكن هذه القبيلة التي كانت لها تلك الصفات من حيث الكثرة وتعدد الفروع وسعة البلاد وكانت لها السيطرة على جنوب بلاد نجد في العهد الجاهلي وفي صدر الإسلام .. بحيث كانت تتصدى لمصاولة من يليها من القبائل القحطانيه وكثيراً ما انتصرت عليهم في مواقع مشهورة مذكورة في أيام العرب .. أوشكت الآن أن تكون غير معروفة بأسمها القديم إذ لا نجد من ينتسب إليها في عهدنا الحاضر سوى قبيلة سبيع التي لا تزال باقية في أعلى بلادها الغربية في ( رنيـة ) وما حولها من منازل قبيلتها الأم في العهود القديمة أما الفروع الأخرى فقد أنضمت إلى القبائل الأخرى كعادة كل قبيلة يدركها الضعف فتنضوي تحت لواء قبيلة أقوى منها ... ولا شك أن فروعاً كثيرة من بني عامر بن صعصعة انضوت تحت لواء قبيلة الدواسر في العهود الأخيرة ، هذه القبيلة التي سيطرت على قسم من بلاد بني عامر بن صعصعة .. أهـ .
قلنا : ونضيف ـ أن كثير من فروع قبيلة سبيع قد خرجت من الوديان من رنيه والخرمة وأسافل بيشة الى بلدان نجد ونواحيها المختلفة في فترات قد تكون متوالية ولكنها متفاوته التوقيت ، ومع ذلك فالقبيلة كلها في الوديان ونجد وتدرك ذلك تماماً ولا نختلف عليه . [ والغلبـاء ] لقب قبيلة سبيع العامريه . قال / خدعان المشعبي من قصيدة له :

لعيون شولٍ للغضا دهال
= تبرى لها الغلباء على الزلبات

ويقول / سلطان بن ربيش من بني عامر :

يوم جانا من الحاكم رسائل
= يندب اللي من الغلباء رفيق

إلى قوله :

صلب جدي مروية السلايل
= اّلا دعامـر مزبنـة الشفـيـق

شاهد فعلهم سبع القبـائـل
= ترد حوض الدرك في كل ضيق

وقال / فهد بن مخشوش في قصيدة مشهورة يعدد فيها مفاخر قبيلة سبيع وهي كثيرة ومن قوله :

يقول ابن مخشوش قول موكد
= قبلي وبعدي من يعد الفعايل

أعـد فعـاـيل لابتي لا عـدمتهم
= وأفخر بهم لا حل قولٍ لقايـل

أنا من الغلباء سبيع آل عـامـر
= أهل الشجاعة والفعول الجزايل

مواضع لها تاريخ :

ولرنية وما حولها من المواضع ذكر كثير في كتب المتقدمين وأشعارهم وخاصة أشعار العامريين مثل / حميد بن ثور الهلالي و / لبيد بن ربيعة الجعفري الكلابي العامري و / النابغة الجعدي و / تميم بن أبي مقبل العجلاني و / طهمان بن عمرو الكلابي و / مزاحم العقيلي وغيرهم . ونشير إشارة موجزة إلى بعض مواضعها القديمة :

1ـ أثال : ويضاف إليه الكور وفي هذا الموضع وقعت الحرب بين بني عامر بن صعصعة وقبائل اليمن .
2ـ السلف : جبل مشهور بهذا الاسم ومعروف في رنية يقع مما يلي كور أثال سالف الذكر نحو الشرق الشمالي وفي هذا الموضع أيضا وقعت حرب على هوازن وفيهم بنو عامر . قال الأصفهاني في كتاب الأغاني ، قال : عن ابن الكلبي أغار عبدالمدان على هوازن يوم السلف في جماعة من بني الحارث بن كعب وكانت حمته على بني عامر بن صعصعة ...
3ـ أحد : على بعد 58كم من رنية .
4ـ وقف : جبل يطل من الجنوب على رنية .
5ـ سلي : جبل بركاني مطل على رنية من الشرق .
6ـ ضلفع : جبل بركاني يقابل سلي من الجنوب .
7ـ الواديين : وهما ملتقى وادي بيشة برنية .
8ـ زنانير : جبل أحمر له عدة رؤوس حادة يطل على رنية من الشرق الجنوبي .
9ـ الأغر : واد يصب على المخطط الشمالي برنية من الغرب الشمالي .
10ـ تدوم : جبل مشهور يطل على رنيه من الجنوب .

وقد جمع / لبيد بن ربيعة كل تلك المواضع في قولة :

لهند بأعلى ذي الأغر رسوم
= إلى أحد كأنهن وشوم

فوقف فسلي فأكناف ضلفع
= تربع فيه تارة وتقيم

بما قد تحل الواديين كليهما
= زنانير فيها مربع فتدوم

وفي الواديين يقول / مالك بن الصمصامة احد بني جعدة :

أحب هبوب الواديين
= وإنني لمشتهر بالواديين غريب

وفي سلي يقول / النابغة الجعدي :

كأن غديرهم بجنوب سلي
= نعام فاق في أرض براح

وهذه المواضع الثمانية التي أوجزها / لبيد بن ربيعة رحمه الله في أبياته مشيداً بها هي من معالم رنية التي لا تزال محتفظة بمسمياتها الواردة في الشعر المذكور ، وهي تحيط بمدينة رنية من جهاتها ومنها ما يطل على نفس المدينة كجبل تدوم من الجنوب وجبل زنانير من الجنوب الشرقي وجبل سلي من الشرق ووادي الأغر يصب على مخططات المدينة من الشمال ويلتقي بواديها بعد أن يخلف المعمور نحو الشرق ... الأغر قال / مزاحم العقيلي :

أتعرف بالغرين داراً تأبدت
= من الحي وأستفت عليها العواصف

صبا وشمال نيرج يقتفيهما
= أحايين لمات الجنوب الزفازف

وقفت بها لا قاضياً لي لبانة
= ولا أنا عنها مستمر فصارف

سرات الضحى حتى ألاذ بخفها
= بقية منقوص من الظل ضائف

وقال صحابي بعد طول سماحة
= على أي شيئ أنت في الدار واقف

وله خليلي عوجابي على الدار
= نسأل متى عهدنا بالظاعن المتحمل

فعجبت وعاجوا فوق بيداء صفقت
= بها الريح جولان التراب المنخل

وقال / طهمان بن عمرو الكلابي :

سقياً لمرتبع توارثه البلى
= بين الأغر وبين سود العاقر

لعبت به عصف الرياح فلم تدع
= إلا رواسي مثل عش الطائر

وعن العقر قال / أبو علي الهجري : ومن الدارات دارات العقر أقرن بين رنئة وتربة . وعن تلك المعالم الوارد ذكرها ، قال الأستاذ / عبدالحميد الدلال من قصيدة طويلة بدأها بقولة :

أهاجك تحنان وشاقتك أربع
= ومنىً بأيام الصبا لك مرتع

إلى أن قال :

بوقف أقمت الذكريات جديدة
= لعل جديد الأنس للبين يدفع

بساحات سلي هل تسليت وأنجلى
= لديك بأفق المنى وهو أوسع

وهل عبقت عند الزنانير في الضحى
= نسائم تجلو الهم والصدر توسع

نسائم تنفي السقم وهي عليلة
= إذا لامست جفن المؤرق يهجع

وهل إن حداك الشوق عجلت إلى حداء
= ونفسك من مقنىً لمغنى تطلع

وثمة في المسلوخ عندك معهد
= وفي دخل أو دارة الكور مرتع

وعنك وادي رنية وسيوله
= تذكرك العاصي ويشجيك ضلفع

ألا أيها الوادي الودود وددت أن
= أراك بداري أو لداريا تجمع

11ـ خطمه : أكمة سوداء متصلة بجبل سلي في نهايته شمالاً مما يلي مجرى وادي رنيه ، فهي تخطم مجرى الوادي فتدفعه شمالا عندما يصدم بها في نزوله شرقاً . قال / طهمان بن عمرو الكلابي من بني أبو بكر بن كلاب :

ما صب بكريا على كعبية
= تحتل خطمة أو قفالا

إلا المقادير فاستهيم فؤاده
= من أن رأي ذهبا يزين غزالا

وقال صاحب كتاب الأغاني : كانت جدة / القتال الكلابي أم أبيه عجلانية من بني كعب وقد قتلت بنو جعفر بن كلاب رجلاً من بني العجلان فأستبطأ القتال أخواله من بني العجلان في الطلب بثأرهم من بني جعفر فقال يحضهم ويحرضهم :

لعمري لحي من عقيل لقيتهم
= بخطمة أو لاقيتهم بالمناسك

عليهم من الحوك اليماني بزة
= على أرحبيات طوال الجوارك

أحب إلى نفسي وأملح عندها
= من السروات آل قيس بن مالك

إذا ما لقيتم عصبة جعفرية
= كرهتم بني اللكعاء وقع النيازك

وقال / لبيد بن ربيعة أيضا يرثى سهيل بن مالك من بني جعفر بن كلاب :

ألا ذهب المحافظ والمحامي
= ومن يدعي به الأنس القيام

كأن الناس مذ فقدوا سهيلاً
= بخطمة لم يكن لهم نظام

وقال / لبيد بن ربيعة الجعفري الكلابي العامري يرثي / عقال بن خويلد العقيلي رئيس عقيل :

ليبك عقالاً كل حي
= برهوة لهم ثلة عفر

لو كنت بعض المقفرين لغربت
= بخطمة تبدي مناكبها القفر
.
12 ـ الحرة : حرة بني هلال بن عامر : ( قال / الهجري هي منبتله من الحرار برنئة من حجاز النجد المتيامن ). وقال في موضع أخر وقال شيخ من بني هلال ( حرة بني هلال معترضة من أسفل سقف الطود إلى مهب الشمال أرجح من ستة أيام ومن الشرق غلى الغرب شطر ذلك وسماها الهمداني حرة نجد ) وجاء فيها قول الراجز :

حرة نجد لا سقيت المطرا
= من الكراعين إلى وادي درا

كذا دارا قلت : ولعل الصواب كراء . وهذه الحرة يخترقها أودية كثيرة منها ما يفضي إلى وادي تربة والخرمة وأعضمها إلى وادي رنيه ورنيه ونواحيها .

13ـ حوضى : وتدعى حوضيان إذ هي سلسلة جبال تمتد من الشمال إلى الجنوب الشرقي بطرف عرق سبيع (( رملة بني كلاب )) قديماً .
14ـ دارة العقر : العقر أقرن بين رنئة وتربة .
15ـ دارة الكور
16ـ رملة بني عبدالله بن كلاب : وبعض قرى رنيه داخل أطرافه الغربية الجنوبية مثل قرية القوز والعمائر والعثيثي والفرعة والرجع والحفاير والمخرم وغيرها . وقد حدده صاحب كتاب (( بلاد العرب )) . وذكر ما يقربه من الجبال والمياه ويعرف الآن كما أسلفنا بأسم (( عروق سبيع )) ويق شرق وشمال شرق وجنوب رنية باعتباره نفود حنجران جزءاً منه والعروق جمع عرق وهي الجبال من الرمل وفي طرف عرق سبيع الجنوبي الغربي نفود حنجران ، ويمتد نفود سبيع شمالا حتى طريق الحجاز المار بظلم . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .