الموضوع: رهط الذباب
عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رهط الذباب

كُتب : [ 11 - 03 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

رهـط الذبــاب :-

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فقد قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " والجاهل في كلامه على الأشخاص والطوائف والمقالات بمنزلة الذبـاب الذي لا يقع إلى العقر ولا يقع على الصحيح . والعاقل يزن الأمور جميعاً هذا وهذا ".


ما فَتِأَ رَهْطٌ من الناس في اقتناص معايب الآخرين
= يُحَاكون ( الذباب ) في تصيُّد الأوساخ (!)

ولقد صدق القائل :-

شَرّ الوَرَى مَنْ يَعيْبِ الناس مُشْتَغِلٌ
= مِثْلَ الذُّبابِ يُرَاعي مَوْضِعَ العِلَـلِ

فتجد فيهم نَهْمِة ( الذباب ) في تَتَبُّعِ مَحَالِّ القَذَر ، غير مُكْتَرِثين بالتَّبِعَة (!) ومنها ما جاء في حديث : " لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله " (1) .

وتِلْحظ على قَسَماتهم نَشْوة ( الذباب ) عند وقوفه على مُبْتغاه ، فإذا ظفروا بعيب طربوا وفرحوا حالَ منافقٍ بغيظ ، وصفها / الفضيل بن عياض بقوله : "إن من علامة المنافق أن يَفرح إذا سمع بعيب أحدٍ من أقرانه " (2)

وتكشف فِعَالهم عن سَوْءة صدورهم ، كذا ( الذباب ) ! خلافاً لأرباب العقل والصلاح وفي مقدَّمتهم الصدر الأول ، فقد قال / سفيان بن دينار في نعتهم : " كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً لسلامة صدورهم " (3).
يتلَقَّف أحدهم العيب لا لِيَسْتُره بل ليكون له طنين ( الذباب ) في سماء مجالسه ، فتراه لا يُقيم لذوي هيئة عَثرة ، ولا يَحْفظ لمسلم عَوْرة .

وفي الحديث : " لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة " (4). وفيه أيضاً : " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود " (5)، أي ذوي الأقدار بين الناس ، حيث ( إن الله تعالى خَصَّهم بنوع تكريم وتفضيل على بني جنسهم ، فمن كان مستوراً مشهوراً بالخير حتى كبا به جواده ، ونبا غضب صبره ، وأُديل عليه شيطانه ، فلا تُسارع إلى تأنيبه وعقوبته ، بل تقال عثرته ما لم يكن حداً من حدود الله ، فإنه يتعين استفاؤه من الشريف كما يتعين أخذه من الوضيع . وهذا باب عظيم من أبواب محاسن الشريعة الكاملة وسياستها للعالم ، وانتظامها لمصالح العباد في المعاش والمعاد ) (6).

وعلى خُطى أولئك ( الجاسوس الناقد ) الذي أبان عنه ( أحمد أمين ) بقوله : " ولو سار الناقد على المعقول لوقف موقف المصلح لا موقف الجاسوس ". إن الجاسوس يَهُمه أن يرى الخطأ ليُبَرهن على كفايته ، ويَسُرُّه أن يرى العيب ليَقْبض على فاعله ، وكلما أَوْغل في استكشاف العيب الدَّفين ، وتَعَمَّق في إظهار جريمة مستورة : كان أدل على قدرته ونبوغه ، ويأسف إن لم يكن عيب . كأنه يشعر شعوراً باطنياً بأن لا حاجة إليه " (7).

فأُفٍّ وتُفٍّ لـ ( رَهْط الذباب )، و ( طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وويل لمن نسى عيبه ، وتفرغ لعيوب الناس (8). وفي الحديث : " يبصرُ أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه " (9) :-

قَبِيْحٌ مِنَ الإِنْسَانِ أَنْ يَنْسَى عُيْوبَهُ
= وَيَذْكُرُ عَيْباً في أخيه قد اخْتَفـى

ولو كانَ ذا عقلٍ لما عَابَ غَيْرَهُ
= وفيه عيوبٌ لو رآها قد اكتفـى

--------------------
(1) الترمذي في : " الجامع برقم : (2032) .
(2) ؟
(3) أخرجه هناد بن السري في : " الزهد " (2/600) .
(4) رواه مسلم في : " الصحيح " برقم (2590) .
(5) رواه أحمد في : " المسند " (2/252) وغيره .
(6) قاله ابن القيم رحمه الله تعالى في : " البدائع " (3/139).
(7) من مقالة : ( النقد والتقريظ )، نشرتها مجلة الرسالة ، السنة الأولى ، العدد العشرون ، سنة (1352هـ).
(8) اقتباس من كلام ابن القيم رحمه الله تعالى فى : " مفتاح دار السعادة " (1/298).
(9) رواه أبو نعيم في : " حلية الأولياء " (4/99) وغيره . وقد علَّق عليه المناوي رحمه الله تعالى في : " فيض القدير " (6/456) بقوله : " كأن الإنسان لنقصه ، وحب نفسه : يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه فيدركه مع خفائه فيعمى به عن عيب في نفسه ظاهر لا خفاء له ! مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به ، وفيه من العيوب ما نِسْبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة ، وذلك من أقبح القبائح ، وأفضح الفضائح . فرحم الله من حفظه قلبه ولسانه ، ولزم شأنه ، وكف عن عرض أخيه ، وأعرض عما لا يعنيه ، فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته ، وقلت ندامته ، فتسليم الأحوال لأهلها أسلم ، والله أعلى وأعلم . ولله در القائل :-

أرى كل إنسان يرى عيب غــــيره
= ويعمى عن العيب الذي هو فيه

فلا خير فيمن لا يرى عيب نفسه
= ويعمى عن العيب الذي بأخــيه

" انتهى ". منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس