عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 8 )
مخايل الغربي
وسام التميز
رقم العضوية : 7672
تاريخ التسجيل : 26 - 05 - 2006
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذيه
عدد المشاركات : 1,824 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : مخايل الغربي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : معشي الذيب

كُتب : [ 03 - 02 - 2007 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

،؛، معشّي الذيب ،؛،

هل تعلم من هو ذلك الرجل ( معشّي الذيب ) ؟

يطلق هذا اللقب على أكثر من شخص وكلهم حصل لهم موقف مع الذئاب وعرفوا بذلك ، شعبياً وهم : أول من سمعت أنه لقّب بـ ( معشي الذيب ) الشيخ / محمد بن سعد بن شعيفان السبيعي رحمه الله . والشيخ / مكازي بن سعيد العليان الشمري رحمه الله ، ويقال أن حفيده هو من تسمى بتلك التسمية ، ووجدت أن أكثر أهل الشمال يعرفونه بتلك التسمية وكلهم خليق بما اتّصف به ، ولكن هل فعلاً هم أول من عشّى ( الذيب ) ؟ أم يوجد من فعلها قبلاً ؟ في الحقيقة كان هناك من عشّى الذئب قبلهم وأطعمه من زاده وقاسمه طعامه وأمّنه وقال في ذلك قصيدة يمتدح فعله ويصف موقفه من الذئب ، وهو من قبيلة بني تميم وتعرفونه جيّداً ألا وهو : الشاعر الكبير معشّي الذيب ( الفرزدق ) أبو فراس ؛ همّام بن غالب المجاشعي الدارمي الحنظلي التميمي رحمه الله وإليكم قصديته التي يقصّ عليكم فيها قصّته :

وَأطْلَسَ عَسّالٍ وَ ما كانَ صَاحباً
= دَعَوْتُ بِنَـارِي مَوْهِنـاً فَأتَانـي

فَلَمّـا دَنَـا قُلـتُ ادْنُ دونَــكَ
= إنّني وَإيّاكَ في زَادِي لمُشْتَرِكَانِ

فَبِتُّ أسَوّي الزّادَ بَيْنـي وبَيْنَـهُ
= على ضَوْءِ نَارٍ مَـرّةً وَدُخَـانِ

فَقُلْتُ لَهُ لمّـا تَكَشّـرَ ضَاحِكـاً
= وَقَائِمُ سَيْفي مِـنْ يَـدِي بمَكَـانِ

تَعَشّ فَإنْ وَاثَقْتَنـي لا تَخُونُنـي
= نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذئبُ يَصْطَحبـانِ

وَأنتَ امرُؤٌ يا ذِئبُ وَالغَدْرُ كُنتُما
= أُخَيّيْـنِ كَانَـا أُرْضِعَـا بِلِـبَـانِ

وَلَوْ غَيْرَنا نَبّهَت تَلتَمِسُ القِـرَى
= أتَـاكَ بِسَهْـمٍ أوْ شَبَـاةِ سِنَـانِ

وَكُلُّ رَفيقَيْ كلِّ رَحْلٍ وَإن هُما
= تَعاطَى القَنَـا قَوْماهُمـا أخَـوَانِ

وأسوق لكم قصة قصيدته حسب معاني الأبيات بتحليلي الشخصي المتواضع جدّا : حيث ابتدأ بذكر الذيب ( أطلس تعني الذئب الأغبر ) ، و كان عسّالاً ؛ وعسّال تعني المشي الخفيف وهو ما يسموه هنا أحياناً هرف الذيب ، وأنه ليس يعرفه وأنه ليس بصاحب يتّخذ فليس الذئب صديقاً لأنه عرف بالغدر وإن امتدحه البدوّي لنباهته واحتراسه وشراسته ، وذلك حينما أو قد ناره في منتصف الليل فأتاه الذيب ، وقوله ( دَعَوتُ ) أحسّ أن فيها نوع من الإفتخار بصفة الكرم فوصفه أنه يوقد النار في الليل يدعو ، أي ينتظر أي ضيف أو أي أحد ليجعله ضيف ناره . يقول : ( فلما دنا قلت ادن دونك ) أي فلما قرّب الذئب لم ازجره ولم أرده فكأنني باقترابه قلت له ادن قريباً مني ولا تخف فأنت في أمان فأصبح الذيب ضيف الفرزدق على ناره . وقام شاعرنا الفرزدق إلى زاده ( طعامه ) وأخذ منه ، وقسم بينه وبين الذيب قسمتين متساويتين ، وذلك من اعتباره الكامل لضيفه ولو كان ذئباً . ولكن كانت هذه الضيافة محفوفة بالمخاطر وإن رغب بها الفرزدق فقد كان شاهراً سيفه يقول : ( وقائم سيفي مني بمكان ) وكلّ هذا فعله عند رؤيته للذئب ورآه كأنما يضحك ضحكة غامضة فهي كما قال تكشيرة ثمّ ضحكة وهذا يكشف عن تحذّر الفرزدق الشديد من الذئب . وبرغم هذا الجوّ أبى إلا أن يكرم ضيفه قائلاً : ( تعشّ ) وأخذ يخاطبه بما في نفسه أنه لو عاهده بألا يغدر فيه أو يخون وأوثق الفرزدق من حسن تصرفه فإنهما سيصبحان كأي اثنين يصبحون أصحاباً كأنما يقول له : لا تسئ التصرف فقد نستطيع أن نتصاحب وهذا عكس المفترض من الذئب . ويتّضح هذا من وصفه للذئب في البيت الذي يليه حيث يقول : ( وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما ، أخيّين كانا أرضعا بلبان ) ووصفه بـ ( امرؤ ) وهذه ترقية للذئب لمنزلة العاقل وذلك لمخاطبته إيّاه ، وتأتي امتداداً للمعنى الذي أراده منذ بداية قصيدته وهو إقرائه للذئب وضيافته له كأي ضيف طارق ، فوصفه مع ذلك بطبع الغدر المتمكن منه ، وشبهه بالاخويين الذين رضعا اللبن من درٍ واحد . وأخذ يذكر للذئب تفرده وكرمه عليه وفرقه عن غيره من الناس بأنه ( أي الذئب ) لو ذهب لأحد غير الفرزدق لما وجد هذه الضيافة ( القِرَى ) وسيجد بدلاً عن هذا أناساً يقتلونه فقال : ( أتاك بسهم أو شَبَاةِ سِنَانِ ) وشباة سنان معناه حدّ الرمح . وبين للذئب بعد هذا أن كل من ترافقوا في السفر وتصاحبوا هم أخوة وأصحاب ولو أن قوميهما متحاربين والمقصد هو الودّ المتبادل بينهم وهذا ما يفترض بالذئب حفظه للفرزدق حسب معنى كلامه . وللقصيدة بقية فهي في أربعين بيتاً بعد هذه الأبيات فيها افتخار بقبيلته ، وتذكر لأبي فراس الفرزدق قصيدة أخرى عن ذئب عرض له وكان مع شاعرنا الفرزدق شاة مسلوخة ، فأخذ يرمي له من الشاة حتى شبع الذئب وولّى ، فقال الفرزدق :

وَلَيْلَـة بِتْنـا بِالغَرييـن ضَافَـنـا
= عَلَى الزَّادِ مُوشى الذِّرَاعَيْنِ أَطْلس

تَلَمّسَنا حَتَّـى أَتَانـا وَلَـم يَـزل
= لَـدْن فَطَمـتْـه أُمُّــه يَتَلـمّـس

فَلَو أَنَّـهُ إِذا جَاء‌نـا كَـان دَانيـا
= لألْبَسْتُـه لَـو أَنَّـه كَـان يَلْبَـس

وَلَكن تَنَحَّا جَنبـة بَعْـد مَـا دَنـا
= فَكَان كَقَاب القَوْس أَو هَـو أَنْفـس

فَقَاسَمْتـه نِصْفَيـن بَيْنـى وَبَيْنـه
= بَقّيـة زَادي وَالرَّكائِـب نُـعـس

وَكَان ابْنُ لَيلَى إِذ قرى الذِّئْب زَاده
= عَلَى طَـارِق الظَّلْمَـاءِ لا يَتَعبـس

وقد أبدع أبو فراس في قصيدته ( وأطلس عسال ... ) وأجاد أيما إجادة وامتدح في آخرها قبيلته ( من البيت 18 ) ، ولعلكم حين تقرأونها كاملة تعرفون هذه الرائعة ، فرحمك الله يا فرزدق وغفر لك .. فهل عرفتم الآن من هو معشّي الذيب الأول ؟ إذا الذئب لا يستانس مثل النمور والأسود وبقية السباع وطبيعته الخداع منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .


أشوف لي رجل يعدد جدوده = لو إن أبوه وجده أضعف من الـدود
لعـل رحمـة خالقـه ما تـعـوده = وعساه مع زمرة هل النار بخلـود
هـذا زمـان هايـبـات فـهـوده = والناس نادوا عنتره باسم مسعـود

[ سبيع الغلباء - متيهة البكار - معسفة المهار - مدلهة الجار ]

التعديل الأخير تم بواسطة خيَّال الغلباء ; 06 - 06 - 2008 الساعة 18:05
رد مع اقتباس