عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 3 )
الراعي
عضو مميز
رقم العضوية : 13
تاريخ التسجيل : 12 - 04 - 2003
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 797 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 11
قوة الترشيح : الراعي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : كتاب الحديثي 27 صفحه منه

كُتب : [ 30 - 03 - 2004 ]

ومن هذا التفاخر المذموم المنهي عنه ، ماوقع بين العدنانية و القحطانية من تقاخر أدى إلى صراع إذكى فتيلته الشعراء قرون عديدة ، وسأروي لك خبر قصيدة واحدة ،و ما جرته من ويلات و شرور :

ذكروا (1) أن الكميت بن زيد الأسدي قال قصيدته الزينة المذهبة في مفاخر عدنان ، لما قض بها أشعار حكيم بن عياش الكلبيالذي أولع بهجاء مضر ، و مطلع هذه القصيدة :


ألا حـُيِّيـتَ عَنَّـا يا مَـد ينـا و هـل بـأسٌ بـقول مسـلمينـا
لـنا قـمر السـماء وكل نـجم تـشـير إليـه أيـدي المهتدينـا وجـدت الله إذ سـمى نـزاراً و أسـكـنهم بـمكـة قـاطنينـا
لنـا جـعل الكـارم خـالصات و للنـاس القفـا، ولنـا الجـبينـا


وهي طويلة و رائعة ،ذكر(2) أبو الفرج الأصفهاني أنها تبلغ ثلاثمائة بيت ولم يترك فيها حياً من أحياء اليمن إلا هجاهم ، فانفجر الشر وأفرخ ، وثار اليمانيون ومن يتعصب لعرقهم و قال دعبل الخزاعي قصيدة من نفس القافية و الوزن بالغ فيها في الهجاء و أولها :


أفـيقي من مـلامك يـاظعيـا كـفاك اللـوم مـرّ الأربـعينـا
فإن يـك آل إسـرائـيل مـنكم و كـنتم بـالأعـاجم فـاخرينـا
فلا تنـس الخـنازيـر اللواتـي مسـخـن مع القرودر انجاسئينـا
بأيلة و الخليـج لـهم رسـوم و آثـار قـدُمـْنَ و مـا بـلينـا
وما طلب الكمـيت طلـوب وتر و لـكننـا لـنصرتنـا هـجينـا
لقد عـلمت نـزار أن قـومـي إلى نـصر الـنبـوة فـاخرينـا






ــــــــــ
(1): ذكر أبو الفرج في الأغاني 17/9 أن الكميت كان يقول لشعراء مضر حين يهجون حكيم بن عياش ويجيبهم : هو و الله أشعر منكم . قالوا :فأحب الرجل ، فقال : إن خالد بن عبد الله القسري محسن إلي فلا أقدر أرد عليه ، قالوا: فاسمع بأذنك ما يقول في بنات خالك من الهجاء ، وايشدوه ذلك فحمي وقال المذهبة : ,, ألا حييت عنا يامدينا ,, ويقول الرواة إنها أكثر من300 بيت .
ـ 14 ـ



هـم كتبـوا الكتـاب ببـاب مرو وبـاب الصـين كـانوأ الكـاتبينـا
قتلنا بـالفتـى القســري منـهم وليـدهـم أمـيـر المـؤمـنينـا
ومروا فـاقـتلنـا عـن يـزيـد كـذاك قـضـاؤنـا مـن المعتدينا
ويـا بن السـمط منـاقـد قتلنـا محمـداً بـن هـارون الأمـينـا
و مـن يـك قتلـه سـوقـاً فإنـا جعـلنـا مقـتل الخـلـفاء دينـا (2)

ويقال إن قصيدة دعبل تبلغ 600 بيت ، وقد حمل ذلك أبو سعيد المخزومي أن يقول :

وأعجـب مـا سمعنـا أو رأينـا هجـاء قالـه حـي لـميـت
وهذا دعبـل كـلـفٌ مـعـنى بتـسـطير الأهاجـي في الكـميت
و مـا يـهجو الـكميت وقد طواه الـروى إلا ابن فـاعلـة بـزيـت

ولأبي سعيد أيضاً نونية ما قض بها دعبل (3) .
ثم جاء الحسن بن زيد أبو الذلفاء ، فنقض قصيدة دعبل وقصيدة ابن أبي عينية(4) بقصيدة يهجو بها قبائل اليمن ويذكر مثالبهم ، ولم يكتف بل فسرها وذكر الأيام و الأحوال و سماها ,, الدافعة ,, ولعله أول من اتبع هذا الاسم ، ومطلع قصيدته :

أمـا تـنفك مـتبولاً حـزينـا بحـب البـيض تعصـى العـاذلينـا









ــــــــــــ
(1): القسري : هو خالد بن عبد الله القسري قتل سنة 126هـ بأمر الوليد بي يزيد .
ووليدهم : هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك قتل سنة 126هـ في قصة مشهورة، انظرفي ,, البداية و النهاية ,, 10/10 ، 23
(2): ديوان دعبل الخزاعي 148 ، الأغاني 20/120
(3): تطاول الشر بين أبي سعيد المخزومي ودعبل الخزاعي ، مما دفع بني مخزوم إلى أن ينكروا نسب أبي سعيد ، وينفونه عن يسبهم ، وأشهدوا بذلك على أنفسهم، خوفاً من لسان دعبل و‘ن يعمهم باللعنات .
(4):ذكر أبو الفرج الأصفهاني في ,, الأغاني ,, 20/120 أن عبد الله بن ألي عينية هجا نزاراً بقصيدة مشهورة وفضل عليها قحطان،وقد ناقض مذهبة الكميت . ,, الأغاني ,, 17/1

ـ 15 ـ



ثم جاء الحسن بن زيد الحمْداني ت 332 هـ ، وقال قصيدته المشهورة وأولها:
ألا يا دار لـولا تنـطقينـا فإنـا سـائلوك مخبرينـا (1)
وهي طويلة جداً ومشروحه (2) بكتاب كبير ، قيل إنه من تأليفه ، وقيل إنه من تأليفه ، وقيل إنه لابنه أو لأحد تلاميذه .
وقد رد عليه زيد بن محمحد العدوي من أحفاد عمر بن الخطاب فقال قصيدة سماها العدوية و مطلعها :
طربت وقد هجرت الهو حينا وحاج لي الهواء داء دفينـأ
فناقضها المؤرخ محمد بن حسن الكلاعي ت 404 هـ بقصيدة على يفس الوزن و الروي ، أولها :
أبت دمن المنازل أن تبينـا إجابة سـائـلينا و معرجينـا


ثم جاء في القرن السادس مسلم بن العليف العدناني(3) وقال قصيدة طعن فيه قبائل قحطان وافتخر بالعدنانية ومطلعها:
ما عبت مذ كنت للأحباب مظنونا ولا بثثت من الأسرار مكنونـا
وأبياتها 62 بيتاً ، و رد علنه علي بن سليمان الأسلمي القحطاني بقصيدة جميلة تبلغ 125 بيتاً وأولها :
فخارنـا بسيوف الهند يكفينـا عن فخركم آل عدنان و يغنينـا

ثم جاء صفي الدين الهدي بن إبراهيم الوزير ت854 هـ ، فناقض الأسلمي بقصيدة عدد أبياتها 170 بيتاً و أولها:
فخارنـا برسول اللـه يكفينـا عن كل فخر و أن الأنبياء فينـا
وسماها دامغة دامغة الدامغة .






ـــــــــــ
(1): هذه رواية ياقوت في ,, معجم الأدباء ,, 10/231 ، ورأيت عن ذكرها :,, فإنا سائلون و ومخبرونا ,, دامغة الدامغ 44 .
(2): دامغة الدوامغ 49 ، كنز الأنساب 308
(3): طبع الشرح بتحقيق الأكوع من مجلدين .


ـ 16 ـ



ومن السنين الأخيرة نشر وزير خارجية آخر أئمة اليمن الأستاذ أحمد بن محمد الشامي قصيدة سنة 1386 هـ ،و دعاها ,, دامغة الدوامغ ,, ومطلعها:
أغفـي فـي سـبيل الأولينـا فـنمـدح تارةً و نـذم حينـأ
ناصرفيها الإمام البدر وقومه ، وهجا مخاليفهم ، فرد عليه من الجانب الآخر الأستاذ مطهر بن علي الأرياني بقصيدة مطلعها :
أيـا وطني جعلت هواك دينـا و عشـت على شعائره أمينـا


هذا هو خبر قصيدة واحدة و ما جرته من تبعات ، فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولقد حدثت بسببهذه العصبية الممقوتة حروب طاحنة فرقت الصفوف ، وهدمت البتيان ، ومزقت الأمة ، وشغلتها عن رسالتها ، و لقد عانت منطقة اليمن من وبال هذه الحروب سنوات عديدة ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
ولعلم هؤلاء المتفاخرون أن العبرة بالأعمال لا الأنساب ولن ينفع المرء يوم القيامة حسبه ولا نسبه ، لن ينفعه سوى عمله الصالح وعلمه النافع ، وليدعوها فإنها فتنة .





















ـ17 ـ



مقدمة في فضل العرب


من المقرر في عقيدة السلف الصالح أن جنس العرب أفضل من جنس غيرهم ، وليس العربي بعينه أفضل من غيره ، فقد يكون العربي أفضل من غيره ، وقد يكون غيره أفضل منه ، وهنا يكون التفاضل بالتقوى .
ونحن لم نقل بأن فضيلة العرب إلا لأن الله جل وعلا فضلهم فجعل خير رسله منهم ، و خير كتبه بلسانهم ، ولأن محمداً صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدق فضلهم على غيرهم من سائر الأجناس البشرية ، و لقد اتفق العلماء المقتد بهم على أفضلية العرب على من سواهم .

ولو أتى نص من كتاب أو سنة بتفضيل غيرهم من الشعوب الأخرى عليهم لسمعنا و أطعنا ، و لو عدم النص بتفضيلهم أوتفضيل غيرهم لفضنا العرب ، لأن هذا هو الذي يحكم به العقل المجرد ، و المنصفون من سائر علماء الأمم الأخرى ، و فلاسفة التاريخ يقرون للعرب بالتقدم في الكرم و الجود و الشجاعة و الشهامة و المروءة و النخوة و النبل و الوفاء و الذكاء و الفصاحة و البلاغة و البيان ، وحسن الخلق ، وجود النفس ، وهذه أهم الصفات التي تتميز بها النفس البشرية .


ولقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية ت728 هـ كلمة جامعة مانعة في هذا الموضوع شأنقل أكثرها لأهميتها:
قال رحمه اللـه:
( إن الذي عليه أهل السنة و الجماعة : اعتقاد أن جنس العربأفضل من جنس العجم ، عبرانيهم وسريانيهم ، روميهم وفاريسهم وغيرهم.
و أن قريشاً : أفضل العرب وأن بني هاشهم :أفضل قريش
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل بني هاشم ، فهو أفضل الخلق نفساً ، وأفضلهم نسبا .
وليس فض العرب ، ثم بني هاشم لمجرد كون النبي صلى الله عيه وسلم منهم ،وإن كان هذا من الفضل ، بل هم في أنفسهم أفضل ، وبذلك يثبت لرسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم :
أنه أفضل نسبا ونفساً ، و إلا لزم الدور .




ـ 18 ـ



ولهذا ذكر أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني ، صاحب الإمام أحمد ، في وصفه للسنة التي قال فيها : ,, هذا مذهب أئمة العلم و أصحاب الأثر ، وأهل السنة المعروفين بها ، المقتدى بهم فيها ، وأدركت من علماء وأهل العراق ،و الحجاز، و الشام وغيرهم , عليها ، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب، أوطعن فيها ، أو عاب قائلها ، فهو مبتدع خارج من الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق ، وهو مذهب أحمد و إسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ، وسعيد بن منصور ، وغيرهم مما جالسيا ، و أخذنا عنهم العلم ، وكان من قولهم : إن الإيمان قول وعمل و نية ,,

وساق كلاماً طويلاً إلى أن ققال :
,, ونعرف للعرب حقها وفضلها و سابقتها وحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حب العرب إيمان و بغضهم نفاق ) . ولا نقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ، ولا يقرون بفضلهم ، غإن قولهم بدعة وخلاف ,,
ويروى هذا الكلام عن أحمد نفسه في رسالة أحمد بن سعيد الاصطخري(1) عنه ـ إذ صحت ـ وهو قوله ، وقول عامة أهل العلم.

وذهبت فرقة من الناس إلى أن لا فضل لجنس العرب على جنس العجم ، وهؤلاء يسمون الشعوبية ، لانتصارهم للشعوب التي هي مغايرة للقبائل ،كما قيل: القبائل للعرب ، و الشعوب للعجم .

ومن الناس من قد يفضل بعض أنواع العجم على العرب .
والغالب أن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا عن نفاق : إما في الاعتقاد ، وإما في العمل المنبعث عن هوى النفس، مع شبهات اقتضت ذلك .
ولهذا جاء في الحديث: ( حب العرب إيمان وبغضهم نفاق ) ، مع أن الكلام في هذه المسائل لا يكاد يخلو عن هوى النفس ، ونصيب للشيطان من الطرفين ، وهذا محرم في جميع المسائل . فإن الله قد أمر المؤمنين بالاعتصام بحبل الله جميعاً ونهاهم عن التفرق و الاختلاف ، و أمرهم بإصلاح ذات البين ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر ) .


ــــــــــــ
(1) : انظر الرسالة من ,, طبقات الحنابلة ,, 1/24 ـ 36


ـ 19 ـ



وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا، كما أمركم الله ) وهذان حديثان صحيحان و في الباب من نصوص الكتاب و السنة ملا يحصى .


و الدليل على فضل جنس العرب ، ثم جنس قريش ، ثم جنس بني هاشم ما رواه الترمذي ، من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن أبي زياد ،عن عبد الله بن الحارث ، عن العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ قال : ,, قلت يا رسول الله إن قريشاً جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم ، فجعلوا مثلك مثل نخلة في كبوة من الأرض . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :(أن اللـه خلق الخلق ، فجعلني من خير فرقهم ، ثم خير القبائل فجعلني من خير قبيلة ثم خير البيوت ، فجعلني في خير بيوتهم ، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً )
قال الترمذي : هذا حديث حسن ، 1.هـ


ثم قال شيخ الإسلام بعد ذكره بكثير من الأحاديث و الآثار الواردة من الباب الصحيحة و الضعيفة :

,, وسبب هذا الفضل ـ و الله أعلم ـ ما اختصوا به في عقولهم و ألسنتهم و أخلاقهم وأعمالهم .و ذلك أن الفضل : إما بالعلم النافع ، وإما بالعمل الصالح . و العلم له مبدأ وهو قوة العقل الذي هو الفهم و الحفظ ، وتمام وهو : قوة المنطق ، الذي هو البيان و العبارة . و العرب هم أفهم من عيرهم ، و أحفظ و أقدر على البيان و العبارة . ولسانهم أتم الألسنة بياناً و تمييزاً للمعاني ، جمعاً وفرقاً ، ويجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل ، إذا شاء المتكلم الجمع ، ثم يميز بين كل شيئين مشتبهين بلفظ آخر مميز مختصر ، ....


وأما العمل :فإن مبناه على الأخلاق ، وهي الغرائز المخلوقة في النفس و غرائزهم أطوع للخير من غيرهم ، فهم أقرب للسخاء ، والحلم والشجاعة و الوفاء وغير ذلك من الأخلاق المحمودة ، لكن كانوا قبل الإسلام طبيعة قابلة للخير معطلة عن فعله ، ليس عندهم علم منزل من السماء ولا شريعة موروثة عن نبي ، ولا هم ـ أيضاً ـ مشتغلين ببعض العلوم العقلية المحضة ، كالطب و الحساب ، نحوها ، وإنما عملهم ماسمحت به قرائهم: من الشعر و الخطب ، أو ما حفظوه من أنسابهم وأيامهم ، أو ما احتاجوا إليه في دنياهم من الأنواء و النجوم ، أو من الحروب .


ـ 20 ـ


رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي
مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات
الراعي
رد مع اقتباس