عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 3 )
راعي الأوله
عضو نشط
رقم العضوية : 90
تاريخ التسجيل : 22 - 04 - 2003
الدولة :
العمر : 46
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 53 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : راعي الأوله is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
كُتب : [ 27 - 04 - 2003 ]

بداية الجزء الثالث((أقرأ كتـــــابــك))

قالت الملائكه لمسرور وهم يعطونه كتابه: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا.
وقالوا لمقرور نفس الكلمات وقيلت الكلمات لكل أهل الحشر وأحس مسرور بالأطمئنان وأحس مقرور بالخوف نبع أطمئنان مسرور من الفكرة التالية مادام هو الذى سيحاسب نفسة فسوف يجد لها مخرجا لن يحكم عليها بشئ سيبرئها وسيشحذ ذهنه للدفاع عنها وتبرئتها أما مقرور فقد أدرك جسامة المسئولية التى القيت على كاهله وخيل اليه أن وراء العبارة تهديدا غامضا مستترا مثل قول القاضي للمتهم بماذا تحكم على نفسك..
أن المتهم يعلم أن القاضي هو الذى سيحكم فى النهاية انشغل مقرور بكتابه وخشى أن يفتحه ثم جازف وفتحه فى النهاية راح يبحث عن سيئاته فلم ير الا حسنة واحده كبيرة كانت تتكرر فى صفحات الكتاب كله وأدرك مقرور أن خطأ ماقد حدث وأنه أعطى كتابا غير كتابه مال على الملائكة الذين أعطوه كتابه وقال لرئيسهم هامسا:
-لقد أعطيتني كتاب أنسان أخر ليس هذا كتابي....
قال له الملك بود: عد الى مكانك هذا كتابك نحن لا نخطئ.
قال مقرور وصوته ينخفض أكثر:ليس فى الكتاب سيئات عملتها؟
أين ذهبت السيئات؟؟؟
قال الملك:قل هذا لربك الغفور حين تقف للعرض بين يديه.
سأل مقرور مبهورا وقد داخله فرح هائل:هل أقف بيد يدي الله؟؟
قال الملك: نعم
قال مقرور وهو يلتفت حوله للحشد الهائل:
((هاؤم اقرءوا كتابيه أني ظننت أني ملاق حسابيه))..
تلقى مسرور كتابه خلف ظهره قال لملائكة الحساب:
لقد صرت أعمى ولم أعد أستطيع أن أقرأ.
قال له الملك: ستحاسب أكثر من مرة سيرد لك بصرك لتقرأ وستحكم على نفسك وسيحاسبك الله بنفسه...
ارتعش مسرور وبدأ يتصفح كتابه..
رأى نفسه وهو يهيئ طريقة للسلطة شاهد الجرائم التى ارتكبها جريمه بعد جريمه شاهد نفسه يقتل ويدس السم ويظلم ويزني ويكذب ويكتنز الذهب والفضة والمال رأى نفسه طاغية جبارا وراح يقلب الكتاب كالمجنون بحثا يرتكز اليها أو عمل طيب يتشبث به فلم يجد...
وبدأ يكره نفسه بعد أن شاهد صورتها الحقيقيه أمام عينيه بعد أن عميت عيناه واشتعلت بصيرته.

((محاكمة مســرور))

بدأت محاكمة مسرور...
قيل له: انت متهم بتألية نفسك وأفساد شعبك لقد زورت أرادتهم ومحوتها ولم تكن تسمح لم يعارضك أن يعارضك وهذا كبرياء وعظمة والكبرياء رداء الله والعظمة أزاره من نازعه واحدا منها القاه فى جهنم ماذا تقول دفاعا عن نفسك..
قال مسرور: لست مسئولا وحدي لقد خدعني وزرائي وكبير البصاصين ورئيس العسس أريد استدعائهم للشهادة.
أمر الملائكه بأحضارهم فمثلوه أمامه ووجه مسرور أتهامه للوزير الأول وفوجئ أن وزيره يرد عليه بوقاحه: نحن لم نخدعك أنما خدعتنا بسلطانك فاتبعناك وكنا صدى لصوتك وأداة وضيعه لمشيئتك لقد خربت بيتنا اليوم وضيعتنا كما ضيعت نفسك أستدار مسرور حانقا والتفت الى كبير البصاصين وسأله:
- ألم تخدعني أنت بأكاذيبك عن مؤمرات موهومه تستدعي قتل العشرات قال كبير البصاصين : كانت هذه الأكاذيب هى أفكارك أنت وكنت تحب أن تسمعها من أفواهنا نحن وكان هذا معيار الولاء عندك.
- أستدار مسرور وقد بلغ به الجزع منتهاه وأنشأ يلطم وجهه وهو يقول:
- لماذا لم يقاومني أحد؟لماذا لم يثر علي أحد؟لقد كانت أستكانة الناس هى دليل عندي على رضائهم لقد ضيعني هؤلاء الكلاب الذين أسلمتهم مقاليد الأمور كما ضيعني الناس حين صبروا على ظلمنا لماذا صبروا على ظلمنا لهم لو لم يصبروا عليه لكان حالنا وحالهم أفضل.
- ظل مسرور يردد كلماته وهو يحس بحقد طاغ تجاه وزيره ومسئولى دولته وشعبه وحتى تجاه نفسه وانخرط مسرور فى حوار محموم مع شهوده وانتهى الحوار بأن أمسك كل واحد منهم رقبة الأخر وحاول أن يخنقه..
- وصدر الأمر أليهم من الملائكه أن يلزموا حدود الأدب فانطفأ جدلهم ووقفوا ساكنين وميزان مسرور يميل نحو أدانته.
- عادت الملائكه تقول لمسرور: لقد خلق الله تعالى الناس أحرارا ولكنك سجنتهم فى الأكاذيب والأباطيل والأوهام والقهر لقد أعليت قيمة النفاق خلال حكمك على قيمة الصدق والشجاعة فسممت جو الحياة وخنقت ضمائر الناس ماذا تقول دفاعا عن نفسك...؟
- أستمر التحقيق مع مسرور زمنا بدا له من فرط طوله أطول من أهوال القيامه سألوه عن عبادته لنفسه فأنكر عن ذهب والفضه فأنكر عن تسميمه لجو الحياة فأنكر عن جرائم القتل التى ارتكبها نظامه فأنكر واستمرت المحاكمه حتى وصل ملائكة الحساب الى جنايته مع مقرور.

(( أخيــــرا))

أوقف الملائكة مقرور أمام مسرور وسألوه الجاني وهم يشيرون الى الضحية:
هذا الرجل كان ذنبه عندك أنه يؤمن بالله واليوم الأخر لماذا قتلته ولآي سبب أمرت بأحراقه لقد عذبت رجلا بالنار ولا يعذب بالنار سوى رب الجنه والنار...
قال مسرور: هذا هو العمل الوحيد الذى أعترف أنني تسرعت فيه لقد تسرعت بالحكم عليه هذه هى الحقيقه يبدو عليه أنه رجل طيب فعلا لكنني لستمسئولا عن قتله لقد قتله النظام الحاكم الذى كنت أحكم به وكان فى الحقيقه يحكمني لقد قتله النظام وقتلني معه...
كان مسرور يجادل نفسه وكان مقرور يحس بالشفقه نحوه انكشف كل شئ الأن ولم يعد فى حاجه أن يكره أحدا أو يحس بالضغينه نحو أحد نزع الله تعالى ما فى صدره من غل أنساني حين أدرك أنه موضع رضا الرحمن أما مسرور فكانت كراهيته وغله يزيدان كل لحظه وكلما حاصره الملائكه بالأسئله زادت كراهيته لنفسه وكلما تبرأ منه أتباعه ووزرائه وجنده أتسعت كراهيته ثم انقدح فى ذهنه خاطر أحس أنه فرصة لآنقاذه.
قال لملائكه الحساب: أن الشيطان هو الذى دفعني لكل ما فعلت أنا لم أفعل شيئا فى الحقيقة...
وجاء الشيطان كشاهد قال له مسرور: ألست أنت السبب فى كل ماحدث:قال الشيطان ساخرا: هل رأيتني أركبك مثل دواب الركوب وأسوقك نحو الخطيئه كل مافعلته أنني دعوتك الى الشر فلبيت الدعوة ماكان لى عليك سلطان أكثر من ذلك أني برئ منك أنى أخاف الله رب العالمين لاتلمني ووجه اللوم لنفسك.
كان مسرور مصرا على الأنكار منهمكا في الجدال عن نفسه فلما رأى ملائكة الحساب أصراره أحالوا قضيته برمتها الى الله تعالى..
لم يكد مسرور يسمع كلمة الله تعالى حتى أنهار تزلزل واقعا وهو يبكي ويصرخ أنه لايريد أن يعرض على الله تعالى توسل اليهم أن يفعلوا به مايشاءون فليمزقوه قطعا صغيرة وليلقوه الى الأسود الجائعه التى تقف هناك ليفعلوا به أي شئ الآ أن يعرضوه على الله..
كان لفظ الجلاله يلقي فى قلب مسرور رعبا مطلقا غير محدود رعبا بلا شكل ولاطول ولانهاية ولا بداية رعبا لا نهائيا..
وحمله الملائكه حتى انتهوا به الى عرش الرحمن فأقفوه فى حجاب الخوف حاكم الله تعالى مسرور دون أن يكلمه أو ينظر الية..
قال له: ألم أخلقك؟ ألم أحسن اليك؟ ألم أعهد اليك؟ كيف بارزتني بالمعاصي وتجرأت علي؟
وخرس لسان مسرور وتكلمت جوارحه فوجئ أن عقله يتكلم وأن قلبه يعترف وأن جلده يشهد عليه وطالت وقفة مسرور أمام الله عز وجل ....

((قــــل يا عبد))

أوقف الملائكه مقرور تحت ظل العرش فى حجاب الرحمانية قال الله تعالى له: قل ياعبد حتى أسمع...
قال مقرور: سبحانك ربنا تباركت وتعاليت أنا عبدك الذليل فلا يعلم قدر ذلى ألا أنت وأنا عبدك الفقير فلا يعلم مدى فقري الا أنت وأنا عبدك الضعيف فلا يعلم مدى ضعفي الا أنت لقد عدت على ذلى بعزك فأعززتني بمعرفتك وتوحيدك وعدت على فقري بغناك فأغنيتني بذكرك وعدت على ضعفي بقوتك فقويتني بهدايتك وأمسكتني في هدايتك بالأسلام...
أنا الذليل بي وأنا العزيز بك
أنا الفقير بي وأنا الغني بك
أنا الضعيف بي وأنا القوي بك
ها أنا يامولاي قد جئتك بذنوبي وخطاياي ولكني لاأجدها فى كتابي قال الحق: ياعبدي أنا سترتها عليك فى الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم قد قبلنا توبتك حين تبنا عليك لتتوب وغفرنا كبير جرمك وكثير سيئاتك وتقبلنا منك يسير أحسانك ولقد بدلنا برحمتنا ذنوبك السابقه الى حسنات حين حسنت توبتك..
خر مقرور ساجدا وهو يبكي حياء من الله وحبا فيه.

نادى الحق أنه تعالى على الشرك وأنه أغنى الأغنياء عنه فمن أشرك به أحدا أو شيئا فليأخذ أجره ممن أشرك به أما الله تعالى فليس عنده لهؤلاء سوى الجحيم.
كان مشهد الحساب رهيبا...
أن كتـب الخلق تتحدث بالصوت والصورة عن كل شئ حتى النوايا هى الأخرى مسجله ومكتوبه ومحفوظه ولم يكن الكتاب يغادر صغيرة ولاكبيرة ألا أحصاها وقف الأنبياء يتصدرون قومهم ووقف الملائكه يحاسبون أتباع الأنبياء وفق رسالات أنبيائهم.
حوسب كل أنسان حسب عقله وعلمه وظروفه ولجأ الناس والجن الى الأنبياء يطلبون الشفاعة توجهوا الى الملائكة يطلبون الشفاعه وكشف الحق عن سيقان أهل الحشر جميعا وأمرهم بالسجود سجد المؤمنون ووقف الكافرون حيارى لا يدرون ماذا يفعلون لم يستطيعوا السجود وعرفت النار لمن كانت تحمى وتسعر ونصبت الملائكة الصراط..
كان الصراط جسرا ينتهى بالجنة وكان منصوبا فوق النار وكان هذا الجسر يبدو للمؤمنين جسرا يمكن عبوره برحمة الله أما الكافرون فكان هذا الجسر شعرة ممدودة.

(( الصراط))

وقع أمر مدهش قبل أن يصدر الأمر الى الخلائق أن يعبروا الصراط نادى المنادى أن أحضروا الموت...
حضر حيوان أسود يشبه الكبش ومل هو بالكبش أمر الصوت الجليل أن أذبحوا الموت..
هوى الملائكة بأجنحه مثل السيوف البرق وذبحوا الموت سقط الموت على جنبه وبدأ يموت اختلج وهو يموت ثم لم يلبث أن تلاشى تماما..
قال المنادى:هذا أخر عهدكم بالموت لم يعد هناك بعد الأن موت لقد مات الموت وأنشأنكم خلقا أخر جديدا لاتعلمونه ولكنه خلق لايعرف الموت
ليعبر الخلق الصراط الأن..
لم يكد الأمر يصدور بعبور الصراط حتى أندفع المؤمنون نحو الجسر وتراجع الكافرون الى الخلف..
تراجع مسرور فيمن تراجع كان يرتدي ثوب من قطران لايعرف كيف وصلت اليه هذه الثياب وكيف أرتداها كل ما يعرفه أن الكلمات الأخيرة عن الموت كانت تدور داخل نفسه كرياح جحيميه مرعبة مامعنى هذا...
مامعنى موت الموت؟ أن رجاءه الأخير صار ينحصر فى أمنية واحدة أن يموت لقد انتظر أن يموت حين بدأ يوم القيامة وأنتظر أن يموت طوال الحقبه الهائلة التى استغرقتها أحداث يوم القيامة ولكنه لم يمت وتمنى أن يموت والملائكة يحاسبونه وتمنى أن يموت حين وقف أمام الله محجوبا عنه فلم يكلمه الله ولم ينظر اليه ولقد أحس مسرور فى موقفه الأخير أن الموت صار أمنية مشتهاة مامعنى ما يحدث الأن؟ لقد كان الموت هو الأمل الأخير الباقى لديه وبموت الموت مات الأمل...
نظر الى الصراط فشاهد ألسنة الجحيم تتصاعد من تحته مثل هوة جائعة تفتح فمها النارى بحثا عن طعام طال أنتظارها له.
كانت نيران الجحيم تكاد تميز من الغيظ الأن وكانت ألسنتها الجحيميه ترتعش خوفا من الجبار أن يعذبها أذا لم تعذب أهلها وأنتقل خوف النار الى قلب مسرور..
حدث نفسه: أذا كانت النار ترتعش خوفا من عذاب الله أذا لم تعذبنا فكيف يكون عذاب الله لنا أن سقطنا فيها.
تأمل مسرور الصراط كان طويلا لاتبدو له نهاية وكان عرضه مثل عرض الشعرة ودفعه الملائكه فى الدفعه الأولى التى ستعبر الصراط.
قال له أحد الملائكة: أنت فى فوج متميز جدا معك فرعون موسى ومعك قارون وهامان ألست السيد الأعظم ألم يكن هذا أسمك فى الدنيا عليكم اللعنه جميعا كيف جرؤتم على تحدى الله سبحانه وتعالى؟؟

(( العــــبور))

بدأ الفوج الخاص يتجه نحو الصراط..
كان الفوج يضم كل جبابرة الأرض وسادتها الظالمين المتألهين وكانوا يرتدون ملابس من قطران يسوقهم ملائكة غلاظ شداد أن مسرور يسير الأن فى موكب يشبه من باب السخرية مواكبه في الدنيا .
أن وزيرة الأول يسير عن يمينه وكبير الحرس عن يساره أما كبير البصاصين فكان يمشي خلفهم والجميع يرتدون ملابس من القطران لكي تتصل بها النار حين يقذفون فيها.

مال كبير البصاصين عليه وهمس:نما الى علمي أن عدد الملائكة الجحيم تسعة عشر ملاكا عرفت أيضا أن أسمهم الزبانية يبدو أن هولا مهولا ينتظرنا بعد قليل.
كان الموكب عارا مجسدا يمشي على التراب وكان كل واحد فى الفوج الجحيمي يتأمل التراب وهو يحسده...
نظر مسرور الى التراب الأرض وأحس أن حال التراب أفضل من حاله قال لنفسه وهو يعض على يديه:ياليتني ترابا.
كانت الأمنية مستحيله هى الأخرى فهو يسير على التراب ولكنه ليس ترابا لم يكن هذا التفكير مسرور وحده أنما كان هو تفكير الفوج الخاص كله أن سادة الأرض الظالمين الكافرين كانوا جميعا يتأملون التراب الذى يسيرون فوقه ويتمنون لو أنعكس الأمر وكانوا هم التراب وكان التراب هو الذى يسير فوقهم متجها نحو الصراط.
علا صوت النار وسمعوا لها شهيقا وزفيرا وحشرجه غاضبة وتقدم فرعون موسى يعبر الصراط...
سار على الشعرة حتى وصل الى ثلثها الأول وأرتفع من الجحيم لسان ناري يجري بسرعه تفوق سرعة الضوء والتقم هذا اللسان فرعون وهوى به الى الجحيم.
وسقط قلب مسرور من صدره الى أقدامه..
صار قلبه هواء
صرخ يقول:رب أرجعني أعمل صالحا فيما تركت أمنت بالله أنني أعتذر لقد كفرت ولكنني أكفر بكفري التوبة أنني أتوب..
قال له أحد الملائكة جوارهك ليس هذا المكان دار ابتلاء أنت فى دار الجزاء.
أعبر الصراط وأنظر أمامك ولاتنظر تحت قدميك أذا أردت أن تعبر..
سار مسرور على الصراط ونظر تحت قدميه وأرتفع لسان النار من أعماق الجحيم وهو يزأر بأسمه الثلاثي الكامل.

((فــــى النار))

سار مقرور يعبر الصراط جواره رجل لم تكن ملامح وجهه غريبه عليه..
وكان الرجل يمسك كتابه بيمينه ويبدوا على وجهه فرح لانهائي.
وكان يسيران على الجسر ويتأملان فوران الجحيم تحتهما كان مشهد النار وهى تتلوى مثل الاف الأفاعي السامة الرهيبة يبدو مفزعا وصرف الرجلان نظرهما عن النار فالتفت نظراتهما فقال مقرور لقد رأيتك من قبل لكنني لا أذكر متى؟ وأين؟
قال الرجل: أنا قاضي القضاة.
قال مقرور: لقد وقفت تؤيدني فقتلوك.
قال قاضي القضاة:مرحبا بمن أنقذني من النار لولاك لكنت هناك الأن لاتتصور أفاق الكرم الألهى معى لقد حمد الله لى كلمة حق قلتها أمام طاغية فقتلني بها واعتبرني الله تعالى من عباده لقد كلمنى الله تعالى بذلك لم أكن أصدق تصور حياة كاملة من الزور والتزييف تنقذها كلمة حق عند سلطان جائر تصور قوة الكلمة..
كان قاضي القضاة منفعلا واحتضن مقرور وهو يتكلم ثم عادا يعبران الصراط ويتوقفان لتأمل الرعب الجحيمي الذى كان يفور ويمور تحت الجسر الممتد...
ولمحا مسرور وهو يتأرجح وسط أتون النار المجدوله مثل قرد أشتعلت النار فى جسمه...
كان مسرور يموت ولايموت ولايعيش رغم وجود حياة أن الجحيم مكان لايموت فيه المرء ولايحيا هذه الصورة الرهيبة لنظام اللاحياة واللاموت كانت أكبر من أن توصف.
كانت النار تشتعل فى ملابسه القطرانية وتشتعل فى جلده وتحرق دمه وأعصلبه فيصرخ ثم تمتد الى عظامه فيئن ويزداد صراخه ثم تأتي النار على كل شئ فيحس نه يموت قبل أن يموت يفاجأ أن جلده يعود من جديد وأن لحمه وعظامه وأعصابه تعود للحياة من جديد ليبدأ العذاب دورته مرة أخرىبأحساس جديد وترويع جديد كان الذهب الذى كنزه فى الحياة الدنيا قد تحول هنا الى سلاسل هائلة تحمى من النار ثم يقيد بها وتنصهر فتكوى جنبه وظهره وصدره كان يموت من العطش ولاماء هنا ولاموت.
وتذكر مشهد الموت وهو يموت وهرع من النار الى الجحيم ليشرب أخذ الأناء من يد الخازن الموكل بعذابه وشربه دفعه واحدة أحترقت يده من حرارة الأناء وشوى وجهه صهد ناره فلما تجرعه سلخ حلقه قلما وصل الى جوفه قطع أمعائه...
وعاد يصرخ أنه نادم تائب وأنه يريد فرصة أخرى...

((فى الجنة))

سمع مسرور صوت أبواب النار وهي تغلق..
وأدرك أنه لن يخرج منها أبدا تقطع قلبه يأسا وانقطع الرجاء منه وعلم أن لافرج ولامخرج له منها ولامحيص له من عذابها..
خلود ولاموت وعذاب بلازوال ودوام للحريق فلاروح ولاراحه أحزان لاتنقضي وهموم لاتنفد وسقم لايبرأ وأوجاع لاتشفى وقيود لاتحل وأغلال لاتفك وعطش لايروون بعده وكرب لا يستريحون منه وجوع لايشبعون منه ولاشئ هنا سوى شجرة الزقوم وهو طعام يأكل الحلق بدل أن يأكله الأنسان ويستغيث بالشراب فيسقى من حميم يشوي جلده ويمزق أمعاءه..
كان هذا جزءا من عذاب مسرور فى الجحيم..
جزء أخر من عذابه أن ذهبه الذى كان يكنزه قد تحول هنا الى حراب ساخنه تكوى بها جبهته وظهره وجنبه..
جزء أخر من عذابه استكشافه للجحيم ورحلته فى طبقاته المختلفه أخطر جزء من العذاب الكلى كان أحساسه بغضب الله عليه لقد حجبه الله تعالى عنه فلم ينظر اليه ولم يكلمه...
ولقد بدت حسرات هذه الحقيقه الأخيرة أعظم من عذابات النار وأهوالها وكان هذا الحجاب الأخير هو عين العذاب الأبدي.
وصل مقرور الى باب الجنه مع وفد المتقين.
فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين لم يكد مقرور يدخل حتى أعطي كأسا من الشراب..
كان يحس بعطش
لم يكد يشرب الكأس حتى أحس أنه تغير..
تغير داخله شئ
ارتوى فجأة بحياة من لون جديد وأحس أنه يولد من جديد وأنه ينشأ نشأة أخرى...
أن حواسه القديمه تبدو له شاحبه ومضببه وغائمه كان يرى الدنيا ولكن رؤيته اليوم تختلف.
وكان يحس فى الدنيا ويتذوق ولكن أحساسه وذوقه اليوم يقمعان ويعلوان ويتسعان..
راح يتأمل تراب الجنة..
كانت أرضها من الفضه الخالصه أو هكذا خيل اليه ثم لاحظ أن ترابها مسك أذفر وزعفران...
تنفس مقرور بعمق..
ماأعجب هواء الجنه وماأعجب نورها مثل ربيع حب لايعرف سوى الفرح كان هواؤها أما نورها فلم يكن هو ضوء الشمس ولانور القمر..
لم يكن الجو حارا ولازمهريرا...
تسأل مقرور بينه وبين نفسه عن مصدر النور فى الجنه عن سر هذا الربيع الدائم المدهش.
ظهر أمامه ثلاثة ولدان مخلدون كان جمالهم من لون لم يسبق له أن عاينه خلال حياته فى الأرض كانوا أجمل من اللؤلؤ..
أنحنو أمامه وقدموا أليه أكوابا وأباريق وكأسا من معين شرب مقرور وهو يقول فى نفسه:
سبحان الله العظيم.
ثم حمد الله تعالى وراح يتأمل الجنة وهو يمضي فى طريق الى قصره..
كان كل مايراه يدهشه
قال لنفسه: ياألهي هذا ما رعين رأت ولاأذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
وأتسعت دهشته وهو يقترب من قصره.........
.............
............
كتب مسرور ومقرور أوراقهما فى النار والجنة أخر ورقه من أوراق مسرور كانت تحرق بحجاب البعد..
أما أخر ورقه من أوراق مقرور فكانت تقول..
(ثم أن الحق تعالى يوم القيامه يرفع الحجاب ويتجلى لعباده فيخروا سجدا فيقول لهم: أرفعوا رءوسكم فليس هذا موطن سجود ياعبادي مادعوتكم ألا لتنعموا بمشاهدتي فيقول لهم: هل بقى لكم شئ بعد هذا فايقولون:
ياربنا واى شئ بقى وقد نجيتنا من النار وأدخلتنا دار رضوانك وأنزلتنا بجوارك وخلعت علينا ملابس كرمك وأريتنا وجهك الركيم.
يقول الحق: بلى لكم شئ.
يقولون: ياربنا وماذاك الذى بقى لنا؟


يقول الحق: دوام رضائي عنكم فلا أسخط عليكم أبــــــــــــــــــــــــدا

أنتهت القصه.............

أدعو لي دعوة في صفحات الغيب اخواني لي ولكاتب هذه القصه


...............راعي الأوله................
رد مع اقتباس