عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 8 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : النزاع العربي الشعوبي بثوبه الجديد

كُتب : [ 28 - 05 - 2008 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

نشطت الشعوبية نشاطاً خاصاً في العراق وإيران والأندلس . ولعل السبب في نشاطها هذا هو أن الإسلام قد قضى في هذه البلاد على حضارات كانت قائمة , فعزّ على شعوب هذه المناطق خضوعها للعرب وارتفعت أصوات تدعو إلى نبذ التراث العربي والاستهانة بالثقافة العربية الاسلامية . وقد بدأت هذه الحركة الشعوبية في العصر الأموي مستترة بستار إسلامي , فقد دعت إلى مساواة الموالي بالعرب , واستندت في دعوتها على القرآن الكريم والسنة . وقد ساعد الشعوبيين في دعوتهم هذه أن بعض الأحزاب السياسية العربية قد نادت بوجوب تحقيق المساواة التي جاء بها الإسلام , كالخوارج مثلاً وقد استغل الشعوبيون هذه الحركة أكبر استغلال .. ومن أوائل من كشفوا عن شعوبيتهم في العصر الأموي إسماعيل بن يسار , رغم محاولته التستر , وتقربه من العرب , إذ نراه حتى في هذه الفترة من التاريخ العربي الاسلامي , حيث كان العنفوان العربي يملأ النفوس , يتجرأ فيقول :

ربّ خالٍ متوجٍ لي وعمٍ=ماجد مجتدى كريم النصابِ
إنما سمي الفوارس بالفر=س مضاهاة رفعةِ الأنسابِ
فاتركي الفخار يا أمام علينا=واتركي الجورَ وانطقي بالصوابِ
واسألي إن جهلتِ عنا وعنكم=كيف كنا في سالفِ الأحقابِ
إذ نربي بناتنا , وتدسون =سفاهاً بناتكم في الترابِ

وهناك فئة من الشعوبين ظهرت في أواخر العصر الأموي وشهدت انتصار العباسيين , وكانت تتهم بالزندقة والتهتك والخلاعة , وقد عملت هذه الفئة على تشويه التراث العربي , والعقيدة الإسلامية , عن طريق الوضع . ومن أشهر رجالات هذه الفئة : حماد الرواية , وحماد عجرد , وحماد بن الزبرقان وقد شهد العصر العباسي ألواناً من الشعوبيين فهناك العامة وهم جل هذه الفئة , وهناك دهاقين الفرس من أمثال آل برمك , وبني سهل , وطاهربن الحسين , وهناك الحركات الدينية الإيرانية كالخرمية , والمانوية , والزرادشتية وغيرها . وهناك الشعوبيون من الأدباء والكتاب . وهمّ هذه الفئات جميعاً الدعوة إلى إزالة السلطان العربي , وأحياء مجد الفرس ومحاربة الإسلام , والعودة إلى المجوسية وأقدم ما بين أيدينا من نصوص تصور حملات الشعوبيين على العرب , قصائد شعرية , ثم يأتي النثر ليكمل الصورة , والمجال فيه أوسع . وقد بدأ الشعراء الشعوبيون بالتفاخر بالانساب والأمجاد الفارسية كما نرى في شعر إسماعيل بن يسار , وبشار , ومهيار الديلمي . ثم أخذوا يهاجمون العرب وينادون بإعادة الملك إليهم , وكل هذا في شعرٍ هو التحدي بعينه . والشواهد على هذا كثيرة جداً , ونورد مثلاً منها ماقاله أحد شعرائهم أمام الصاحب بن عباد :

فلستًُ بتاركٍ إيوانَ كسرى=لتوضح َ , أو لحوملِ فالدخولِ
وضبٍ في الفلا ساعٍ وذئبٍ=بها يعوي وليثٍ وسطَ غيـلِ

وأفاضَ كتابهم في تهجمهم على العرب فوصفوهم بالهمجية والتخلف ’ وذهبوا إلى أبعد من ذلك عندما حاولوا أن ينفوا صفة الأمة عن العرب فلم يدخلوهم ضمن الشعوب , كما أن إطلاقهم للفظة (الشعوبية ) على أنفسهم يشعر بأنهم قصروا مفهوم الشعوب على أنفسهم وأما العرب فقبائل متفرقة متنازعة , والقبيلة قرينة البداوة .. في حين أن الشعوب ترتبط بالحضارة . يقول ابن قتيبة : (وبلغني أن رجلاً من العجم احتج بقول الله تعالى : .{يا أيها الناس إنا جعلناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا .. الأية } وقال : الشعوب من العجم والقبائل من العرب , والمقدم أفضل من المؤخر . وقد كنت أرى أهل التسوية يحتجون بذلك . ) وهاجم الشعوبيون الأنساب العربية , لاعتزاز العرب بها , وادعوا أنها أنساب منحولة , وانتحلوا للعجم أنساباً وهمية يفخرون بها . وهاجموا الشعر العربي والفصاحة العربية , وقابلية العرب للخطابة , وهو هجوم على العرب في أمور عزيزة عليهم , وزادوا على ذلك أنهم شوهوا هذا التراث العربي فدلسوا فيه وشككوا في قيمته وأصالته , وعبثوا بالروايات , ولم تسلم اللغة العربية من هجومهم , لأنها تغلّبت على لغتهم الأم وقضت عليها , بعد أن أصبحت لغة الثقافة والسياسة . أمام هذا التحدي هب العرب للذود عن تراثهم وقيمهم , فنشطوا في العناية بجمع الشعر فكان من ذلك مفضليات الضبي , والأصمعيات ’ وحماسة أبي تمام , وحماسة البحتري . وأكدوا على الاتصال الثقافي عند العرب ليبرزوا الاستمرار والوحدة في الثقافة العربية , وهذا واضح في آثار الجاحظ وابن قتيبة خاصة . وكثير من صفحات الماضي تبدو حية بتجارب الحاضر , فلايخفى على عاقل خطر الروافض الموالين للفرس المجوس . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس