عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 43 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رد: النزاع العربي الشعوبي بثوبه الجديد

كُتب : [ 13 - 05 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الشعـوبيـــة :-

لفظ الشعوبية مأخوذ من الشعوب : جمع شعب، بفتح الشين وسكون العين وهو جيل الناس وهو أوسع من القبيلة، وأشمل .

قال بن الزبير بن بكار :-

الشعب، ثم القبيلة، ثم العمارة، ثم البطن، ثم الفخذ، ثم الفصيلة وعلي هذا فالعرب شعب والفرس شعب، والروم شعب وهكذا وكان في العصر العباسي ثلاث نزعات .

( النــزعة الأولـي ) :-

تذهب إلي أن العرب خير الأمم ولم في ذلك حجج نجملها فيما يلي :-

1 - أنهم عاشوا حياتهم متمتعين باستقلالهم؛ فهم جاوروا الفرس والروم وكلتاهما كان له ملكا عظيما، وكلتاهما كان له من الجند والعدد والعدة مالا يحصي كثرة ومع هذا فلم تجرؤ كلتاهما أن تمس استقلال العرب، وأن تطأ ديارهم، تملقوهم واستعانوا باللخميين في الحيرة والغساسنة في الشام، ومنحوهم المال، وقدموا لهم الديار ليحموهم من غارات عرب الجزيرة عليهم فهم كانوا أحوج إلى العرب من حاجة العرب إليهم !

ولم يشأ أصحاب هذه النزعة : أن يعتقدوا أن زهد الفرس والروم في أرضهم منشؤه : أن أرض الجزيرة ليس فيها من الخيرات الثروة ما يطمع !! بل اعتقدوا أن انصراف الفرس والروم عنهم إنما كان لشجاعة العرب وإقدامهم وصبرهم، وأن لهم من أرضهم منعة تجعل حربهم حرب عصابات؛ لا يستطيع الجيش المنظم أن يحاربهم في أشكال حروبهم ولا أن يقف أمامهم .

وأما في إسلامهم؛ فقد حافظوا علي استقلالهم بل وأضاعوا استقلال الفرس وأخضعوهم لحكمهم، وكسروا جيوش الروم وطرودهم من أملاكهم !!

2- أن لهم صفات خلقية امتازوا بها؛ فهم أكرم الناس للضيف، وأنجدهم لمستصرخ، يعقر أحدهم ناقته التي لا يملك سواها للطارق ينزل به، وهو ممسك بعنان فرسه؛ كلما سمع هيعه ( وهي الصوت الذي تفزع منه وتخافه من عدو ) طار إليها !! وهم أوفى الأمم؛ يتكلم أحدهم الكلمة فتكون صكا، ويلجأ إليه لاجئ فيفي بحق جواره؛ وهم علي ذلك قادة الأمم في البيان وحسن التعبير، وهم معدن الشعر، وهم احفظ الناس لأنسابهم فليس أحد منهم إلا يعرف ينسبه ويسمي اّباءه، حفظوا أنسابهم وبنوا على ذلك أحسابهم !!

3- بينهم نشأ الإسلام، ورسول الله من أنفسهم، وهم الناشرون له بين الأمم والداعون إليه فكل من أسلم من العجم ففي عنقه منة ـ بكسر الميم وتشديد النون ـ من العرب لا تقدر؛

هذه أهم حجج الذاهبين إلي هذا الرأي .

ويروون أن جماعة اجتمعوا بالمربد، ومعهم ابن المقفع فسألهم أي الأمم أعقل ؟ فنظر بعضهم إلى بعض؛ فقالوا لعله أراد أصله من فارس !! فقالوا : فارس فقال ابن المقفع : ليسوا بذلك أنهم ملكوا كثيرا من الأرض, ووجدوا عظيما من الملك، وغلبوا على كثير من الخلق ........ فما استنبطوا شيئا بعقولهم، ولا ابتدعوا باقي حكم في نفوسهم فقالوا : الروم ؟ قال : أصحاب صنعة قالوا : فالصين ؟ قال أصحاب طرفة قالوا : الهند ؟ قال : أصحاب فلسفة قالوا : السودان ؟ قال : شر خلق الله الخ .. قالوا : فقل قال : العرب فضحكوا !! قال ابن المقفع : إني ما أردت موافقتكم, ولكن إذ فاتني حظي من النسب فلا يفوتني حظي من المعرفة .

إن العرب حكمت علي غير مثال مثل لها، ولا آثار آثرت، أصحاب إبل وغنم، وسكان شعر وأدم، يجود أحدهم بقوته، ويتفضل بمجهوده، ويشارك في ميسورة ومعسوره، ويصف الشئ بعقله فيكون قدوة ويفعله فيصير حجة، ويحسن ما يشاء فيحسن ويقبح ما يشاء فيقبح، أدبتهم أنفسهم، ورفعتهم هممهم، وأعلتهم قلوبهم وألسنتهم ....... وافتتح الله دينه وخلافته بهم الحشر ....... فمن وضع حقهم خسر، ومن أنكر فضلهم خصم !!
( العقد الفريد 2/50 ).

وهذه النزعة كان يمثلها أشراف العرب، كما كان يمثلها قوم من العجم اسلموا إسلاما عميقا، وأحبوا رسول الله صلي الله عليه وسلم من أعماق نفوسهم وأحبوا العرب لان النبي منهم ولأنهم اسلموا علي أيديهم .

( النــزعة الثانيــة ) :-

تذهب إلى أن العرب ليسوا أفضل من غيرهم من الأمم، ولا أية أمة .

(( الناس كلهم من طينة واحدة، وسلالة رجل واحد )) وإنما التفاضل بين الأفراد لأبين الأمم (( وليس تفاضل الناس فيما بينهم بآبائهم وأحسابهم، ولكن بأفعالهم وأخلاقهم، وشرف أنفسهم وبعد هممهم ألا ترى أن من كان دنيء الهمة، ساقط المروءة لم يشرف، وإن كان من بنى هاشم في ذؤابتها، ومن أمية في أرومتها، ومن قيس في أشرف بطن منها !! إنما الكريم من كرمت أفعاله، والشريف من شرفت همته !! )) ( العقد الفريد 2/89 ).

يقف هؤلاء موقفا علي السواء بين الأمم، فلا عربي أفضل من أعجمي لأنه عربي ولا الأعجمي أيضا، فالتفاضل وحدة بالدين عند قوم والشرف وسمو الخلق عند آخرين وفي هذا المعني جاء القران الكريم ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )

وقد دافع ابن قتيبة عن العرب في كتابه ( تفضيل العرب ) وأبان فضلهم علي غيرهم من الأمم، فعاد ونقد كل ذلك وقرر المساواة في آخر الكتاب فيقول :-

وأعدل القول عندي، إن الناس كلهم لأب وأم خلقوا من تراب، وأعيدوا إلى التراب، وجروا في مجري البول، وطرأ عليهم الأقذار، فهذا نسبهم الأعلى الذي يردع به أهل العقول عن التعظيم والكبرياء والفخر بالآباء، ثم إلى الله مرجعهم فتنقطع الأنساب وتبطل الأحساب إلا من كان حسبه التقوى أو كانت ماتته طاعة الله ( العقد 2/9 ).

وحجة هؤلاء في أن في كل أمة الطيب والخبيث، ولكل أمة محاسنها ومساويها وخير ميزان توزن به الأعمال الدين أو الخلق وهذا الصنف من الناس يسمون أهل التسوية أي الذين يسوون بين الأمم ولا يجعلون فضلا لأمة علي أخري ويمثلهم أكثر المتدينين والعلماء من العرب والعجم، لان روح الإسلام وقواعده تؤيد هذا المذهب .

( النــزعة الثالثـــــة ) :-

تميل إلي الحط من شان العرب وتفضيل غيرهم من الأمم وحجتهم في ذلك :-

1- أن العرب ليست لها أية ميزة، علي حين أن كل أمة لها ميزة تفخر بها فالرومان تفخر بعظم سلطانها، وكثرة مدائنها وعظيم مدنيتها والهند تفخر بحكمتها وطبها وكثرة عددها وأنهارها وثمارها والصين تزهي بصناعتها، وفنونها الجميلة، وما إلي ذلك ولا نجد العرب تمتاز بشيئ يضارع ما ذكرنا : جدب الأرض، وبداوة العيش، كانوا في جاهليتهم يقتلون أولادهم خشية من الفقر، ولا يستقر لهم حال من الغزو والسلب، ويفعلون المكرمة الصغيرة كإطعام جائع، وإغاثة ملهوف فيمثلون الدنيا بها شعرا ونثرا، ويتيهون بذلك فخرا !!

2- قالوا بم يكون الفخر ؟ أبالملك ؟ فأين العرب من ملك الفراعنة والعمالقة والأكاسرة والقياصرة ؟ !! أو من سليمان الذي أوتي من الملك مالا ينبغي لأحد من بعده ؟ !! أو من الإسكندر وقد بلغ مطلع الشمس ومغربها !! أم بالنبوة ؟ فجميع الأنبياء من غير العرب ما خلا أربعة، هودا وصالحا وإسماعيل ومحمد !! أم بالصناعة والعلم ؟ فالعرب أضعف الأمم في ذلك شأنا وأعمقهم يدا وأجدبهم عقلا !! أم بالشعر ؟ فلم ينفرد العرب به فلليونان شعر موزون مقفى وللرومان شعر كذلك أما الخطب والبيان، فللفرس واليونان والرومان خطب محبرة، وبيان سحر، فما الذي يفخرون به بعد ذلك ؟ !! يفخرون بالكرم والوفاء ؟ وقولهم في ذلك أطول وأعرض من فعلهم !! ويفتخرون بالأنساب وقد كانوا في جاهليتهم لا يتقيدون بنوع الزواج المعروف في الإسلام بل كان من أنواع زواجهم شيوع المرأة بين عدة رجال !! وكانوا في حروبهم يسبي بعضهم نساء بعض، ويستمتع بها من غير زواج، فكيف يدري أحدهم أباه !!

3- وإن فخرتم بالإسلام فليس الإسلام دين العرب وحدهم، بل هو دين الناس والإسلام نفسه حارب نزعتكم، فهدم العصبية الجاهلية، وجعل مقياس الشرف والتقوى فالدين بيننا وبينكم، والدنيا نحن نحظى بها وأعرف بمزاياها، وأكثر تفننا في شئونها .

ويمثل هذا الصنف ـ ممن يحقرون العرب، ويضعون من شأنهم ويسودون كل أمة عليهم ـ من ظلوا على دينهم القديم، أو أسلموا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم، أو غلبت عليهم النزعة الوطنية فكرهوا العرب أنهم أزالوا ملكهم، وأضاعوا استقلالهم .

هذه النزعات التي كانت في ذلك العصر ( العباسي ) وعلي هذا النحو كانوا يتجادلون وقد أطلق على أصحاب النزعتين الأخيرتين اسم ( الشعوبية ) وكان أحق الناس بهذا الاسم الطائفة الثانية، لأنهم يقولون بالشعوب أين يقولون بأنه لا فرق بين الشعوب من عرب وغيرهم في الشرف والخسة فكان أمامهم أن يتسموا باسم مشتق من المساواة أو باسم مأخوذ من الشعوب يدل علي أن الشعوب سواء فاختاروا الثاني وسموا الشعوبية .

ولذلك يقول في العقد الفريد : الشعوبية وهم أهل التسوية ويقول في الصحاح : الشعوبية فرقة لا تفضل العرب على العجم .

ولكن لا نلبث أن نراهم أطلقوا هذا الاسم على الصنف الثالث أيضا فلو قرأنا ما كتب الجاحظ، وصاحب العقد وغيرهما وجد أنهما انساقوا في تسمية المعادين للعرب بالشعوبية والظاهر أن تسميتهم بهذا الاسم تأخرت عن تسمية أهل التسوية به كما تأخرت الفرقة الثالثة عن الفرقة الثانية تاريخيا فطبيعي ـ وقد كان العرب متغلبين في العصر الأموي وكانت النزعة الأولي علي أشدها وقوتها وسلطانها ـ أن يبدأ الموالي فيقولون بالمساواة فقط وكل أمنيتهم أن يظفروا بذلك، حتى إذا اشتد الجدل، وأحس الموالي بقوتهم وسلطانهم، أيام الرشيد والمأمون، ظهرت النزعة الثالثة تضع من شان العرب، وترفع من غيرهم فانسحب اسم الشعوبية عليهم وصار يطلق علي أصحاب النزعتين معا بل وحتى صار أكثر ما يطلق علي الصنف الثالث .

قال في صاحب اللسان : والشعوبي هو الذي يصغر شأن العرب، ولا يري لهم فضلا علي غيرهم . منقول من كتاب ضحي الإسلام للأستاذ / أحمد أمين بتصرف أحد الإخوة وقال الإمام / أحمد رحمه الله معدداً للفرق المنحرفة ومحذراً منها : ( والشعوبية وهم أصحاب بدعة وضلالة، وهم يقولون : إن العرب والموالي عندنا واحد، لا يرون للعرب حقاً، ولا يعرفون لهم فضلاً، ولا يحبونهم، بل يبغضون العرب ويضمرون لهم الغل والحسد والبغضة في قلوبهم، وهذا قول قبيح ابتدعه رجل من أهل العراق، فتابعه عليه يسير ) منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس