عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 2 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رد : سوق عكاظ وريادة بني عامر ( بحث للأستاذ / فهيد بن عبدالله بن تركي الفراعنة السبيع

كُتب : [ 21 - 08 - 2008 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

يوم شمطة :-

ثم كان اليوم الثاني من الفجار الآخر هو يوم شمطة (38), موضع نزلت به كنانة بعد عام من يوم نخلة وقد جمعت كنانة قُريشها وعبد منافها والأحابيش (39) ومن لحق بهم من أسد بن خزيمة وغيرهم وأعطت قريش رؤوس القبائل أسلحة تامة وأداة .

وجمعت هوازن وسليم جموعها وأحلافها غير بني كلاب وبني كعب فإنهما لم يحضرا من الفجار غير يوم نخلة, فأجتمعوا بشمطة من عكاظ في الأيام التي تواعدوا فيها على قرن الحول, وعلى كل قبيلة من قريش وكنانة سيدها وكذلك على قبائل قيس عيلان, غير أن أمر كنانة كلها إلى حرب بن أمية, وأمر هوازن كلها إلى مسعود بن متعب الثقفي . وكان على عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وحلفائهم من بني جسر بن محارب : سلمة بن شعل - أحد بني البكاء, ومعه هوذة أحد بني عامر بن ربيعة وعلى بني هلال بن عامر بن صعصعة : ربيعة بن أبي ظبيان بن ربيعة بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر - الهلالي .

قال : وقد سبقت هوازن قريشاً فنزلت شمطة من عكاظ دون المسيل وأقبلت قريش فنزلت دون المسيل ( بطن الوادي (40) ) وكانت هوازن من وراء المسيل، وزحف بعضهم إلى بعض فكانت الدائرة في أول النهار لكنانة على هوازن حتى كان آخر النهار فتداعت هوازن, وصابرت وانقشعت كنانة فاستًّحر القتل فيهم فقُتل منهم تحت رايتهم مائة رجل, وقيل ثمانون, ولم يقتل من قريش يومئذ أحد يذكر فكان يوم شمطة على كنانة .

قال : ابن حبيب في معرض حديثة عن يوم شمطة - قال : فاعتزل بهم " بلعاء بن قيس " إلى جبل يقال له : رخم .

وقال : أبو الفرج الأصبهاني في حديثه عن يوم شمطة - " فلما إستَّحر القتل بهم قال : أبو مساحق بلعاء بن قيس لقومه - إلحقوا برخم - جبل - ففعلوا وانهزم الناس . وفي ذلك يقول / خِداش بن زهير العامري :-

فابلغ إن عرضت به هشــاماً
= وعـبدالله أبلـغ والـوليدا

أولئك إن يكن في الناس خير
= فإن لـديهم حسبـاً وجودا

هم خير المعاشر من قــريش
= وأوردهـا إذا قدحت زنودا

بأنـــا يوم شمطـــة قد أقمنــا
= عمـود المجد إن له عمودا

جلبــنا الخيــل ساهمــة إليهم
= عوابـس يـدرعـن النقع قودا

فبتنــا نعــقد السيمــا وباتوا
= وقلنا أصبحوا الأنس الجديدا

فجاءوا عارضــاً برداً وجئنا
= كما أضرمت فـي الغاب الوقودا

ونــادوا يا لعمـرو لا تفـروا
= فقلنا لا فرار ولا صدودا

قوله : نعقد السيما - أي العلامات .

فعــــاركنا الكمــــاة وعاركونا
= عراك النمر عاركت الأســــودا

فولوا نضرب الهامات منهـــم
= بما انتهكوا المحارم والحـــدودا

تركن بطن شمطـــة من علاء
= كأن خلالها مِعْـزىً شـــــــــريدا

ولم أرى مثلهم هُزموا وفلوا
= ولا كَذِيَـادنا عُنـــُـقاً مـــذودا

قوله : عُنُقاً مذودا - أي القطعة من المال . وقوله : يالعمرو - يعني : عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ( قوم خِدَاش بن زهير الأدنين - وهم أخوال كعب وكلاب أبناء ربيعة بن عامر بن صعصعة، وأبناء عمومتهم الأدنين - وبلادهم وادي تربة إلى رملتهم ( رملة بني كلاب - عرق سبيع حاليا ) والحرة الواقعة فيما بين وادي تربة ووادي رنية يساكنون بطون من بني هلال بن عامر بن صعصعة, وبطون من الضباب من بني كلاب (41).

يوم العبلاء (42) :-

كان يوم العبلاء هو اليوم الثالث من أيام الفجار الآخر حيث جمع القوم بعضهم لبعض والتقوا بالعبلاء وهو موضع قريب من عكاظ والرؤساء هم يومئذ علي ما كانوا عليه يوم شمطة فاقتتلوا اقتتالا شديدا فانهزمت كنانة, فقال / خداش بن زهير في ذلك :-

ألم يبلغك بالعبلاء أنا
= ضربنا خندفاً حتي استقـادوا

نبني بالمنازل عز قيساً
= وودوا لو تسيخ من البلاد

ضربناهم ببطن عكاظ حتى
= تولوا طالعين مع النجاد

فقدتكم ولحظكم إلينا
= ببطن عكاظ كالإبل الغداد (43)

وقال أيضاً :-

ألم يبلغك ما لاقت قريش
= وحي بني كنانة إذ أثيروا

دهمناهم بأرعن مُكْفَهِرٍّ
= فظل لنا بعقوتهم زئير

نُقوِّم مارِن الخَطِّي فيهم
= يجئ علي اسنتنا الجرير

وفي هذا اليوم قتل / العوام بن خويلد, والد الزبير بن العوام قتله / مرة بن متعب الثقفي . فقال رجل من ثقيف :-

منا الذي ترك العوام منجدلاً
= تنتابه الطير لحماً بين أحجارِ

يوم شرب :-

فالتقوا علي قرن الحول في الثالث من أيام عكاظ فالتقوا " بشرب - وهي من أرض عكاظ - " ولم يكن بينهم يومٌ أعظم (44) منه، والرؤساء على هؤلاء و أؤلئك الذين ذكرنا، وقد كان لهوازن علي كنانة يومان متواليان هما يوم شمطة ويوم العبلاء – وفي هذا اليوم ( يوم شرب ) حميت قريش وكنانة، وصابرت بنو مخزوم وبنو بكر, فانهزمت هوازن وقُتِلَت قتلاً ذريعاً . فقال في ذلك / جذل الطعان :-

جاءت هوازن أرسالا وإخوتها
= بنو سليم فهابوا الموت فانصرفوا

فاستقبلوا بضرب فض جمعهم
= مثل الحريق فما عاجوا ولا عطفوا

وقال / بلعاء بن قيس يومئذ :-

إن عكاظ ماؤنا فخلوه
= وذا المجاز بعد أن تحلوه

قال / ضرار بن الخطاب الفهري في هزيمة هوازن يوم شرب :-

ألم تسأل الناس عن شأننا
= ولم يُنْبِ بالأَمْر كالَخابرِ

غداة عكاظ إذا استكملت
= هوازن في لفها الحاضر

وجاءت سليم تهز القنا
= على كل سلهبة ضامر

إلي قوله :-

ففرت سليم ولم يصبروا
= وطارت شعاعاً بنو عامر

وفرت ثقيف إلي لاتهـــا (45)
= بمنقلب الخائب الخاسر

وقال / أمية بن الأسكر الكناني :-

ألا سائل هوازن يوم لاقوا
= فوارس من كنانة معلمينا

لدى شرب ود جاشوا وجشنا
= فأوعب في النفير بنو أبينا

يوم الحريرة (46) :-

ثم كان اليوم الخامس, وهو : يوم الحريرة، [ فإنهم التقوا عند رأس الحول بالحريرة ] وهو أخر أيامهم في حرب الفجار، وهي : حرة إلي جانب عكاظ، والرؤساء على هؤلاء هم الذين كانوا في سائر الأيام . فاقتتلوا قتالاً شديداً كان شؤماً على قريش وأحلافها, فانهزمت كنانة, وقتل يومئذ أبو سفيان بن أميه أخو حرب بن أميه وثمانية نفر من كنانة قتلهم عثمان بن أسيد بن مالك من بني عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة, وقَتَلَ ورقاء بن الحارث أحد بني عمرو بن عامر خمسة نفر من بني كنانة [ أبا كنف، وابنيّ إياس، وعمرا، وابن أيوب ] وكان يوماً لهوازن فخره ونصره . وقال شاعرهم / خداش بن زهير العامري في ذلك :-

لقد بلوكم فأبلوكم بـــــلاءَهم
= يوم الحريرة ضرباً غير تكذيب

إن توعدوني فإني لابنُ عمِّكم
= وقد أصابوكم منهم بشؤبوب

وإن ورقاء قد أردى أبا كنــــفِ
= وابني إياس وعمراً وابن أيوب

وإن عثمان قد أردى ثمانيــــة
= منكم وأنتم على خُبْرٍ وتجريب

وقال / خداش بن زهير :-

إني من النفر المحمر أعينهم
= أهل السوام وأهل الصخر واللوب

الطاعنين نحور الخيل مقبلــة
= بكل سمراء لم تعلب ومعـلوب

وقد بلوتم فأبلوكم بـــــلاءهم
= يوم الحريرة ضرباً غير مكذوب

لاقتهم منهم آساد ملحمـــــة
= ليسو بزارعة عوج العراقيب

فالآن إن تقبلوا نأخذ نحوركم
= وإن تباهوا فإني غير مغلوب

ومن قول / خداش بن زهير العامري :-

فلا توعديني بالفجار فإنه
= أحل ببطحاء الحجون المخازيا (47)

مسمى عكاظ :-

يروى أن إسم عكاظ في البداية أطلق على ماء في واد - فاتسعوا في التسمية حتى شملت ذلك الوادي - المعروف في عهدنا بأسم " الأخيضر " (48) والذي يلتقي مع وادي شرب قرب العبلاء والأحجار المنصوبة في أرض الأثيداء الآن وكانت تُربة الوادي ملائمة لزراعة النخيل, ولأن السوق من هذا الموضع هو أهم نقطة فيه ولأن السوق يحضره عدد كثير لا يستوعبهم الوادي فاضطروا إلى أن يضربوا أقبيتهم على جنباته ويتوسعون في رقعة السوق كلما زاد العدد فشمل إسم عكاظ محل تلك الأقبية مهما بلغ إتساع تلك الأقبية وتباعدها عن بعضها .

أهل عكـــاظ :-

يرى أكثر المؤرخين أن عكاظاً لقيس عيلان وهي في وسط بلادهم (49) وديارهم . وهوازن أشد القبائل القيسية إلتصاقاَ بهذا السوق - ونجد أن بني نصر من هوازن في قصة حروب الفجار - وعندما انهزمت هوازن يوم العبلاء بقيت بني نصر ودافعت وصبرت مع ثقيف . ثم انهزموا أخيراَ - وذلك لأن عكاظ لهم فيه نخل وأموال, وتشاركهم فية ثقيف وقد أورد البكري ما يؤيد ذلك, وأورد الهمداني (50) أن عكاظ في عهده لبني هلال بن عامر بن صعصعه .

هيمنة بني عامر على عكاظ :-

إن لم يكن سوق عكاظ تحت الهمينة العامرية فإنه يبدو قريبا منها والشواهد على ذلك هي : مجئ سادة قريش لعامر بن مالك ( ملاعب الأسنة ) في قصة مقتل عروة الرحال - وخدعة حرب بن أمية وقريش له في ذلك الإسئذان - إذ قسم عامر ألا تنزل كنانة وقريش عكاظ أبداً كما يدلنا على ذلك أيضاً : أن عبدالله بن جدعان كان طرد مائة ناقة لكلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة فأرسل كلاب بن ربيعة إلى قريش : [ ( إن سفيهكم أغار على إبل كلاب بن ربيعة فطرد مائة ناقة فليس لكم أن تشهدوا عكاظ - ولي لديكم وترة ) وكانت عكاظ في وسط أرض قيس عيلان .

قال ابن جدعان : " وإن قريشاً ائتمرت بقتلي لئلا أجني عليهم الجرائر فيطلبوني بسبي وهم تجار لا يستغنون عن بلد ". وفي الماضي أرسلت هوازن لقريش إنذاراً تشعرها فيه أنه لا يمكنها شهود عكاظ حتى يؤدوا المائة الناقة التي أخذها ابن جدعان يوم كان فاتكا أول حياته من إبل كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعه, ونص الإشعار أو الإنذار ( إن سفيهكم أغار على إبل كلاب بن ربيعة فطرد مائة ناقة فليس لكم أن تشهدوا عكاظ - ولي لديكم وترة (51) )

سوق عكاظ في وسط أرض قيس عيلان :-

وقال أبو محمد : حدثني أبو عبدالله الأيلي عن ابن لهيعة أنه قال : آخر مال الحرث بن مضاض الجرهمي - أصابه عبدالله بن جدعان التيمي القرشي .... بالمغارة المذكورة (52). قال حدثني مكحول عن أبي صالح عن عبيد بن شرية الجرهمي ( وكان عبيد معمر أدرك حرب داحس (53) وبلغ أيام معاوية بن أبي سفيان في الإسلام وكان مسامرا له ) قال عبيد : جمع الحجيج بمكة عبدالله بن جدعان وكان واسع المال كثير المعروف وجوادا فاجتمع عنده وجوه العرب في داره على مائدة فقلنا له : ما كان أصل مالك يا عبدالله قال : نعم كنت صعلوكا من صعاليك قريش فبينما أنا كذلك إذ أتاني عامر البراض أخو بني كنانة فقال لي : ألا لا أبعثك قصيا يا عبدالله - قال قلت نعم، قال : لي أن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن . نزل بعراعر منا ‘لى أسرائه فركبت فرس وسرت أنا ومالك البراض بن عامر فطردنا مائة ناقة حتى ألقيناها بالطائف . فأرسل كلاب بن ربيعة إلى قريش : أن سفيهكم أغار علىّ فطرد مائة ناقة - فليس لكم أن تشهدوا سوق عكاظ ولي لديكم وترة وكانت سوق عكاظ في وسط أرض قيس عيلان وأن قريشا ائتمرت بقتلي لئلا أجني عليهم الجرائر فيطلبون بسببي وهم تجار لا يستغنون عن بلد . فلما أتيت منزلي بالطائف قيل لي : أن قبائل قريش قد ائتمرت بقتلك فانج بنفسك .

فأخذت زادي ومزادي وخرجت هاربا مع الصباح إلى ( دوحة الزيتون ) هاربا مستبسلا للقتل فلم أزل أهرب وأطلب موضعا أختفي فيه والقوم في طلبي حتى أتيت إلى حجر ضيق على حجر بينهما خلل يدخل فيه النحيف متجانفا فدخلت وأدخلت زادي ومزادي ثم هال على السرب ثم قلت لنفسي موتي ها هنا في هذا السرب أحب إلي من أن يقتلني قومي فيشمت عدو ويحزن حبيب وأترك لقومي ذحلا في قريش فسرت هاربا ملحا حتى دخلت دار عظيمة فيها بيت وفي وسط البيت جوهر وياقوت ولجين وعقيان وفيها أربعة أسرّة على كل سرير رجل قاعد وعلى رأسه لوح من رخام مكتوب بالمسند فقرأت الألواح فأصبت فيها أن أهل الألواح - الحرث بن مضاض الجرهمي الذي سلب قومه تابوت بني اسرائيل حيث قصدوا مكة وهو التابوت الذي ذكره الله في كتابه : ( وفيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة فأجمعت جُرهم وعدنان وطسم وجديس والعمالقة وجميع العرب والتقوا ببني اسرائيل لقتالهم فهزموهم إلى بيت المقدس وأخذوا التابوت على بني إسرائيل وله حديث يطول " انظر وهب بن منبه في " تيجان الملوك ". (54).

قال عبدالله بن جدعان : فأقمت في ذلك البيت خمسة (55) أيام آكل من زادي وأشرب من مزادي حتى أيست قريش مني فخرجت ليلا وأخرجت ما أصبت من المال وأخذت الألواح خيفة من قريش يكون لي عندهم براءة ثم بلغت منزلي ثم أخذت جملا وخرجت إلى ذي الحليفة ليلا فلما كان الصباح أتت سيارة يريدون مدين فسرت معهم لا يدرون من أنا ولا ما معي حتى أتيت مصر فبعت ما معي فأصبت مالا جليلا فنزلت ينبع على البراض أخي بني كنانة فقصصت عليه قصتي مع قريش فقال لي أن هناك خمسين ناقة فاجعل أنت مثلها فنسير إلى كلاب بن ربيعة فقلت له لا أنا قد وسع الله في رزقي ولكن اشتر لي مائة ناقة فاشتراها وسقتها أنا وهو حتى أتينا كلابا فأرسلنا إلى إبنه جعفر بن كلاب فدفعنا إليه النوق ثم تبعنا كلاب في بيته وهو شيخ كبير فقلت له : لا تموت هزالا فلما أتانا إبنه قال : ارجعوا بالرحب والسعة والسلامة . فرجعنا إلى سوق عكاظ وانصرفت مع قومي إلى مكة فلما ظهر بعض مالي وثبوا علىّ وقالوا : غدرت فأعلمتهم بما كان من المغارة وأخرجت لهم الألواح فأرسلوا معي خويلد بن أسد بن عبدالمعزى وهو أبو خديجة - زوج رسول الله  ووهب بن عبد مناف الزهري وهو جد لنبي  أبو آمنة أم رسول الله  فسارو معي وسرت بالألواح ورددت كل شيء إلى مكانه وخرجنا وأعتمرنا على حجر عظيم فسددن الخلل لئلا يكون القبر ملعبة للسفهاء واستطرد وهب بن منبه في القصة (56) .. إلخ .

على كل حال فإن قبيلة هوازن على إطلاقها تشمل (57) بني عامر بن صعصعة - ومنهم بني هلال وبني كلاب - وثقيف وبني نصر وبني جشم وكل المسميات الأخرى المعروفة في هوازن وقال : أبو براء ملاعب الأسنة, حينما غدرت به قريش ولم تخبره عن قتل البراض الكناني ( عروة الرحال بن عتبة بن جعفر ) قال : غدرت (58) قريش وخدعني حرب بن أمية, والله لا تنزل كنانة عكاظ أبداً ).

الأمن في عكاظ :-

رغم ما بين العرب في الجاهلية من ثارات وأحقاد ورغم أن بعض الفرسان يحضر هذا السوق للتعرف على غرمائه - ومع ذلك فإن الأمن يسود عكاظ . فيرى المتسوق من له عليه ثأر أو من كان يتحين الفرص ليجده فلا يتعرض له بسوء ما دامت السوق قائمة (59) في أيامها المعروفة وبلغ الأمن بسوق عكاظ مبلغاً جعل العرب يأخذون معهم أموالهم وأولادهم ونسائهم (60).

قال : أبو عبيدة " وكانت الفرسان إذا كان أيام عكاظ في الشهر الحرام أمن بعضهم بعضاً " وكان من عادة العرب أن تضع أسلحتها إذا وردت عكاظ عند رجل مأمون مثل : عبدالله بن جدعان فتبقى عنده أسلحة الناس حتى يفرغوا من أسواقهم وحجهم فيردها عليهم إذا ظعنوا وقد ضرب ابن جدعان مثلاً فذاً في أمانته وصدقه - لما كان من أمر البراض الكناني, وقتله عروه الرحال بن عتبة بن جعفر دون علم هوازن في أيام قيام السوق وقد علمت قريش به - فقال : حرب بن أمية لعبدالله بن جدعان إحتبس سلاح هوازن ".

فقال : ابن جدعان " أبالغدر تأمرني يا حرب ؟ فو الله لو أعلم أنه لا يبقى فيها سيف إلا ضُربت به أو رمح إلا طُعنت به ما مسكت منها شيء، ولكن لكم مائة سيف ومائة رمح من مالي تستعينون بها " ثم صاح " ابن جدعان في الناس من كان له قبلي سلاح فليأخذه " فأخذ الناس أسلحتهم (61).

وفي عكاظ تجري بعض المنافرات بين مشاهير العرب والفرسان والشعراء . وكان عامر بن الطفيل (62) بن مالك بن جعفر بن كلاب أحد فرسان قيس قد نافر يزيد بن عبدالمَدان رئيس مذحج بشأن الزواج من ابنة أمية بن الأسكر وكذلك منافرة عامر بن الطفيل مع علقمة بن علاثة وكليهما من جعفر بن كلاب, وهذا عامر بن الطفيل يرسل منادياً إلى سوق عكاظ - فينادي " هل من راجل فأحمله أو جائع فأطعمه أو خائف فأمنه (63) ونداء عامر على إطلاقه يشمل كل محتاج إلى ركوب أو طعام أو أمن سواء كان شريفاً أو غير شريف (64) ولا تخلوا المنافرات من أبيات يرجز بها المنافر في ثنايا منافرته كما في منافرة يزيد بن عبدالمدان وعامر بن الطفيل (65) وكذا منافرة علقمة بن علاثه وعامر بن الطفيل .

الخاتمة :-

بعد دراسة موقع سوق عكاظ في المصادر المختلفة من قديمة وحديثة وخاصة أقوال علمائنا الثلاثة الكبار [ ابن بليهد، وحمد الجاسر، وابن خميس ] وهؤلاء أجادوا في تقريب تحديد موقع سوق عكاظ إلا أن منهم من توسع في تحديده ومنهم من جعله أضيق من ذلك واللافت للنظر أن اختلاف الشيخ حمد الجاسر في تحديده مع تحديد الشيخ ابن خميس خاصة في نقطة جبل الخلص فبينما يقول / حمد الجاسر : أن ضلع الخلص يحد عكاظ من الجنوب بينما يقول / ابن خميس : أنه يحده من الشمال ضلع الخلص والقلعة التي بجانبه المسماة " مشرفة " وبالقرب من هذا الخلص والقلعة نحو الجنوب توجد هضيبة ذكرها ابن خميس أنها تدعى في العرف " نصلة " أو " رخيمة " تسمى " الشظفاء " وأنها ملاصقة لمكان عكاظ وقال : ولعلها ما يعرف قديما " بشمطة " مجهولة المكان الآن . أ.هـ

لهذا نرى أن الموضع الذي ركز عليه الشيخ / ابن خميس " الخلص " وما حوله هو مركز سوق عكاظ وما حوله من المواضع تابع له في المسميات القديمة والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم .

المراجع :-

1. بلاد العرب للحسن الأصفهاني
2. المجاز بين اليمامة والحجاز لعبدالله بن خميس
3. مجلة العرب
4. أسواق العرب في الجاهلية والإسلام لسعيد الأفغاني
5. سوق عكاظ في الجاهلية والإسلام لناصر الرشيد
6. صفة جزيرة العرب للحسن الهمداني
7. صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار لابن بليهد
8. أسماء جبال تهامة لعرام السلمي
9. الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني
10. معجم البلدان لياقوت الحموي
11. معجم ما استعجم للبكري
12. العقد الفريد لابن عبد ربه
13. سوق عكاظ في التاريخ والأدب إعداد لجنة اللآثار التاريخية في الطائف .
14. نهاية الآرب للنويري

الهوامش :-

1 - عبد العزيز مزروع الأزهري، بحث عن سوق عكاظ
2 - البكري، " معجم ما استعجم ".
3- ناصر سعد الرشيد، " سوق عكاظ في الجاهلية والإسلام " ص 44 .
4 - انظر : د . خليل ابراهيم المعيقل، دراسة لآثار موقع عكاظ، الدارة .
5 - عبدالله بن محمد بن خميس " المجاز بين اليمامة والحجاز " ص 239.
6- خزانة الأدب ج 4 ص 360
7- لغدة الأصفهاني، " بلاد العرب "، ص 31 .
8 - أسماء جبال تهامة ( نوادر المحفوظات ) 2/ 440
9 - تاريخ بن خلدون : 2 / 614
10 - " الإكليل " : 8 / 184
11- " المنمق " : 212
12 - ابن خميس، المجاز بين اليمامة والحجاز ص 234
13 - " الأغاني " 19 / 78
14 - " معجم ما استعجم " 3 / 961
15 - " نفس المصدر "
16 - " البداية والنهاية " 2 / 29
17 - " الأغاني " 19 / 77 – 80
18 - معجم ما استعجم " 3 / 961/ 912 .
19 - " المنمق " 28/ 213
20 - أبو الفرج الأصبهاني، الأغاني، ج2 ص813 .
21 - الهمداني، " صفة جزيرة العرب " 265.
22 - في العقد الفريد ذكر يوم شرب ولكن صاحب كتاب " الأغاني " 25/8757 قال عنه أنه يوم عكاظ وقال ابن بليهد " صحيح الأخبار " 2/211 - عكاظ يقع في ملتقى وادي شرب بوادي الأخيضر - وادي عكاظ قديماً -
23 - قال ابن بليهد في " صحيح الأخبار " : وهذه الحريرة هي التي ذكر عرام السلمي أنها تطلع عليها الشمس إذا كنت بعكاظ .
24- " الأغاني " 25/8766 و " العقد الفريد " 5/256
25 - " صحيح الأخبار " ج 2 ص 211 و 212 " والمجاز بين اليماة والحجاز " ص 240 و 241
26 - وهذا القول ليس في رسالة عرام .. انظر المجاز بين اليمامة والحجاز ص 232
27 - " العقد الفريد " ج 5 ص 257 . والأغاني ج 25 ص 8771 ويوم العبلاء وبعده يوم شرب - انظر كتاب أسواق العرب ص 155 لسعيد الأفغاني .
28 - بلاد العرب للغدة الأصفهاني ص 31 تحقيق حمد الجاسر والدكتور صالح العلي - وقوله جنوب الطائف قد يقون خطأ مطبعي فهو دائماً يقول شمال شرق الطائف .
29 - " المجاز بين اليمامة والحجاز " ص 241.
30 - " المجاز بين اليمامة والحجاز " ص 242 وما بعده .
31 - وعكاظ التي شهدها الرسول  وهو صبي ستمع إلى قس بن ساعدة وهو يخطب، وشهدها وهو صبي أيضا يناول أعمامه السهام يوم الفجار، وشهدها بعد مبعثه يعرض رسالته على قبائل العرب .... وأقرها بعد أن ظهر الإسلام وطبق أنحاء الأرض واستمرت في عهود الإسلام الزاهرة . هذه السوق التي تخدم اقتصاد الأمة وتنميه وتلتقي بها أفكار العرب وأراؤهم وتقوم بها سوق الشعر والأدب ويحافظ بها على كيان الضاد .
هذه السوق جديرة بأن تحيا في مهد العرب ومهوى أفئدتهم ومنطلق فخرهم ومجدهم وركيزة تاريخهم جديرة أن نحييها على نحو يتواءم وما نضطلع به من مسئولية وما نحن سائرون فيه من منطلق تجاه أمتنا ووطنا وتاريخنا ] أ.هـ
32 - انظر تفاصيل هذه الوقائع وأسبابها في العقد الفريد ج3 ص 86 ( فجار الرجل، وفجار المرأة، وفجار القرد، وفجار البراض إلى أن قال : ( وكانت بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان في الجاهلية .
33 - " العقد الفريد " 5/251-لأبن عبد ربة الأندلسي .
34 - " الأغاني " 25/8756.
35 - " العقد الفريد " 5/251/252/253.
36- " الاغاني " 25/8759
37- هو ( عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة سيد هوازن في عهده وأمة نفيرة بنت أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة فقال / لبيد بن ربيعة الجعفري : يحض على الطلب بدمه :-

فأبلغ إن عرضت بني كلاب
= وأخوال القتيل بني هلال

بأن الوافد الرحال أضحى
= مقيماً عند تيمن ذي ظلال

انظر " الأغاني" 25/8762-ط-دار الشعب- القاهرة .
38 - " العقد الفريد " 5/255. و " الأغاني " 25/8759 .
39- " العقد الفريد " 5/256. و " الأغاني " 25/8766 .
40 - الأحابيش : سموا كذلك لأنهم تحالفوا بالله أنهم على يد غيرهم ما سجا ليل وما وضح نهار وما رسا حبيش وهو جبل بأسفل مكة وهم بنو الهون بن خزيمة وبنو الحارث بن عبد مناة وبنو المصلق من خزاعة كانوا تحالفوا مع قريش .
41- قال صاحب الأغاني - وجعل حرب بن أمية بني كنانة في بطن الوادي وقال لهم : " لا تبرحوا مكانكم ولو أبيحت قريش وكانت هوازن وراء المسيل ولما استَّحرَ القتل في قريش ورأى ذلك بنو الحارث بن كنانة - وهم في بطن الوادي مالوا إلى قريش وتركو مكانهم فلم استَّحرَ القتل بهم قال أبو مساحق بلعاء بن قيس لقومه : الحقوا برخم ( الجبل المعروف ) ففعلوا وانهزم الناس .
42 - انظر " بلاد العرب " ص109.
43 - انظر : العقد الفريد وكتاب الأغاني .
وقال : ياقوت الحمودي : ( العبلاء أسم علم لصخرة بيضاء إلي جانب عكاظ )
وقال : ابن بليهد في صحيح الأخبار ( ومن كل ثبت عندي موضع عكاظ - يبعد عن مطار الحوية مسافة عشر كيلومترات تقريباً من الجهه الشرقية منه, وعن الطائف مقدار 40 كيلومتر وذلك في المكان الذي يلتقي فيه الواديان وادي شرب ووادي الأخيضر شرقي ماء المبعوث عند الحرة السوداء وجنوبيه أكمه بيضاء يقالوا لها العبلاء من العهد الجاهلي إلي هذا العهد, وشماليه هو الحد الفاصل بين وادي شرب ووادي قران المعروفين بهذين الاسمين إلي هذا العهد .
وخلص الجاسر إلي أن موقع عكاظ في الأرض الواسعة الواقعة شرق الطائف تقريباً, بميل نحو الشمال خارج سلسلة الجبال المطيفة به وتبعد تلك الأرض عن الطائف 35 كيلومتر تقريباً يحدها غرباً جبال بلاد عدوان ( العقرب - شرب - العبيلاء ) وجنوباً أبرق العبيلاء وضلع الخلص, وشرقاً صحراء ركبة، وشمالاً طرف ركبة والجبال الواقعة شرقاً وادي قرن وتشمل هذه الأرض وادي الأخيضر ( وهو المعروف في العهد القديم بأسم وادي عكاظ ) ووادي شرب حينما يفيضان بالصحراء يتصلان بصحراء ركبة انظر ( المجاز بين اليمامة والحجاز ) عبدالله بن محمد بن خميس .
44 - هذا البيت في كتاب الامتاع والمؤانسة ج1 ص 231 وفي لسان العرب [ عدمتكم ونظرتكم إلينا ... ]
45- " العقد الفريد " 5/ 257, وكتاب " الأغاني " 25/ 8771/ 8772"
قال الأصبهاني : " وخشيت قريش أن يجري عليها ما جري يوم العبلاء, فقيد حرب, وسفيان, وأبو سفيان بنو أمية بن عبد شمس أنفسهم وقالوا : لا نبرح حتي نموت مكاننا, وكان على أبي سفيان يومئذ درعان قد ظاهر بينهما - وزعم أبو عمرو بن العلاء أن أبا سفيان بن أميه خاصة قيد نفسه - فسمي هؤلاء الثلاثة يومئذ العنابس, وهي الأُسْدُ واحدها : عنبسه، فاقتتل الناس قتالاً شديداً وثبت الفريقان حتي همت بنو بكر بن عبد مناة وسائر بطون كنانة بالهرب, وكانت بنو مخزوم تلي بني كنانة فحافظت حفاظاً شديداً ..... وتحاجزوا واقتتلوا قتالاً شديداً, وحملت قريش وكنانة علي قيس من كل وجه فانهزمت قيس كلها إلا بني نصر فإنهم صبروا ثم هربت بنو نصر وثبت بنو دُهْمان فلم يغنوا شيئاً فانهزموا وانهزمت قيس .. إلخ . وفي ذلك قال / أميه بن الأسكر الكناني :-

ألا سائل هوازن يوم لاقــــــــوا
= فوارس من كنانة معلمينا

لدى شرب وقد جاشوا وجشنا
= فأوعب في النفير بنو أبينا

46 - اللات : صنم .
47- انظر العقد الفريد 5/ 258, وكتاب الأغاني, 25/ 8776 وما بعد ....
ويوم الحريرة كان آخر أيام حرب الفجار الآخر - قال أبو عبيدة : ثم تداعى الناس إلي السلم على أن يذروا الفضل, ويتعاهدوا, ويتواثقوا .... اهـ . انظر " العقد الفريد " 5 /260 .
48 - مروج الذهب، ج2 ص 67
49 - وادي الأخيضر هو المعروف قديماً بوادي عكاظ - قاله الشيخ / حمد الجاسر - انظر " المجازين اليمامة والحجاز " ص241.
50 - " الإكليل " 8/184.
51 - " الأكليل " 8/184.
52 - " الأكليل " 8/184.
53- الإكليل ج 8 ص 161 وفيه قال وجدت مغارة فيها قبور ملوك جرهم - بموضع قريب بمكة المكرمة تسمى ( دوحة الزيتون ) كان قد أصابه قديما إياد بن نزار بن معد بن عدنان - واستوقر منه وقر جمله جوهرا ومالا ولم يقدر أن يأخذ شيئا منه غير ذلك، فخرج ورد طبق المغارة على حاله الأول ولما كان بعد دهر طويل أصابه / عبدالله بن جدعان القرشي قبيل الإسلام ... انظر ( مختصر البشر ) القسطنطينية 1286 ج1 ص 77 والبلادري ص 50، وكتاب الاشتقاق ص 78 وعن / مضاض الجرهمي انظر الطبري ج 10 ص675، ومروج الذهب ج3 ص 95
54- " الأغاني " ج 7 ص 150 ج16 ص 24 وما بعدها .
55- ص 179، و " الإكليل " ج 8 ص 163 "
56 - وقيل خمس أعوام الإكليل نفسه ج 8 ص 165 .. ( آكل من زادي وأشرب من مزادتي - المزادة " القربة " الأغاني )
57 - انظر الدميري - ج 1 ص 157 – 158 . وكتاب التيجان .
58 - " صفة جزيرة العرب " 265. و " سوق عكاظ " 28 د / ناصر الرشيد .
59 - " الاكليل " 8/184، و " الكامل في التاريخ " 1/592
60 - " سوق عكاظ " ص30.
61- " الفاخر " 275. و " الكامل في التاريخ " 1/590.
62 - " الاغاني " 19/79.
63 - "الاغاني " 10/145/146.
64 - " الدرة الفاخرة "، 1/333، ومجمع الأمثال 20/86.
65- " سوق عكاظ " ص 90.
66 - نفس المصدر . منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .




التعديل الأخير تم بواسطة خيَّال الغلباء ; 04 - 07 - 2009 الساعة 13:16
رد مع اقتباس