عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 2 )
سالم الهلالي
عضو نشط
رقم العضوية : 12928
تاريخ التسجيل : 06 - 04 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 78 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : سالم الهلالي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : حروب عامر بن صعصعة

كُتب : [ 23 - 04 - 2007 ]

خبر الحارث وعمرو بن الاطنابة‏ ((هوازن لها لادور فعال في هذه الوقعة))
ثم إن عمرو بن الإطنابة الخزرجي لما بلغه قتل خالد بن جعفر وكان صديقًا له قال‏:‏ والله لو وجده يقظان ما أقدم عليه ولوددت أني لقيته‏.‏
وبلغ الحارث قوله وقال‏:‏ والله لآتينه في رحله ولا ألقاه إلا ومعه سلاحه فبلغ ذلك ابن الإطنابة فقال أبياتًا منها‏:‏ أبلغ الحارث بن ظالمٍ المو عد والناذر النّذور عليّا إنّما تقتل النيام ولا تق تل يقظان ذا سلاح كميّا فبلغ الحارث شعره فسار إلى المدينة وسأل عن منزل ابن الإطنابة فلما دنا منه نادى‏:‏ يا ابن الإطنابة أغثني‏!‏ فأتاه عمرو فقال‏:‏ من أنت قال‏:‏ رجل من بني فلان خرجت أريد بني فلان فعرض لي قوم قريبًا منك فأخذوا ما كان معي فاركب معي حتى نستنقذه‏.‏
فركب معه ولبس سلاحه ومضى معه فلما أبعد عن منزله عطف عليه وقال‏:‏ أنائمٌ أنت أم يقظان فقال‏:‏ يقظان‏.‏
فقال‏:‏ أنا أبو ليلى وسيفي المعلوب فألقس ابن الإطنابة سيفه وقيل‏:‏ رمحه وقال‏:‏ قد أعجلتني فأمهلني حتى آخذ سيفي‏.‏
فقال‏:‏ خذه‏.‏
قال‏:‏ أخاف أن تعجلني عن أخذه‏.‏
قال‏:‏ لك ذمة ظالم لا أعجلك عن أخذه‏.‏
قال‏:‏ فوذمة الإطنابة لا آخذه ولا أقاتلك‏!‏ فانصرف الحارث وهو يقول أبياتًا منها‏:‏ بلغتنا مقالة المرء عمروٍ فالتقينا وكان ذاك بديا فهممنا بقتله إذ برزنا ووجدناه ذا سلاح كميّا غير ما نائمٍ يروّع بالفت ك ولكن مقلّدًا مشرفيّا فمننّا عليه بعد علوّ بوفاء وكنت قدمًا وفيّا ثم إن الحارث لما علم أن النعمان قد جد في طلبه وهوازن لا تقعد عن الطلب بثأر خالد خرج متنكرًا إلى الشام واستجار بيزيد بن عمرو فأكرمه وأجاره‏.‏
وكان ليزيد ناقة محماة في عنقها مديةٌ وزناد وملح ليمتحن بذلك رعيته فوحمت زوجة الحارث واشتهت شحمها ولحمها ورفع منه‏.‏
وفقدت الناقة فطلبت فوجدت عقيرة بالوادي فأرسل الملك إلى كاهن فسأله عنها فذكر له أن الحارث نحرها فأرسل امرأةً بطيب تشتري من لحمها من امرأة الحارث فأدركها الحارث وقد اشترت اللحم فقتلها ودفنها في البيت‏.‏
فسأل الملك الكاهن عن المرأة فقال‏:‏ قتلها من نحر الناقة وإذا كرهت أن تفتش بيته فتأمر الرجل بالرحيل فإذا رحل فتشت بيته‏.‏
ففعل ذلك فلما رحل الحارث فتش الكاهن بيته فوجد المرأة وأحس بيته‏.‏
ففعل ذلك فلما رحل الحارث فتش الكاهن بيته فوجد المرأة وأحس الحارث بالشر فعاد إلى الكاهن فقتله فأخذ الحارث وأحضر عند الملك فأمر بقتله فقال‏:‏ إنك قد أجرتني فلا تغدر بي‏.‏
فقال‏:‏ إن غدرت بك مرة واحدة فقد غدرت بي مرارًا‏.‏
فقتله‏.‏
أيّام داحس والغبراء وهي بين عبس وذبيان وكان سبب ذلك أن قيس بن زهير بن جذيمة العبسي سار إلى المدينة ليتجهز لقتال عامر والأخذ بثأر أبيه فأتى أحيحة بن الجلاح يشتري منه درعًا موصوفةً‏.‏
فقال له‏:‏ لا أبيعها ولولا أن تذمني بنو عامر لوهبتها منك ولكن اشترها بابن لبون‏.‏
ففعل ذلك وأخذ الدرع وتسمى ذات الحواشي ووهبه أحيحة أيضًا أدراعًا وعاد إلى قومه وقد فرغ من جهازه‏.‏
فاجتاز بالربيع بن زياد العبسي فدعاه إلى مساعدته على الأخذ بثأره فأجابه إلى ذلك‏.‏
فلما أراد فراقه نظر الربيع إلى عيبته فقال‏:‏ ما في حقيبتك قال‏:‏ متاع عجيب لو أبصرته لراعك وأناخ راحلته فأخرج الدرع من الحقيبة فأبصرها الربيع فأعجبته ولبسها فكانت في طوله‏.‏
فمنعها من قيس ولم يعطه إياها وترددت الرسل بينهما في ذلك ولج قيس في طلبها ولج الربيع في منعها‏.‏
فلما طالت الأيام على ذلك سير قيس أهله إلى مكة وأقام ينتظر غرة الربيع‏.‏
ثم إن الربيع سير إبله وأمواله إلى مرعى كثير الكلإ وأمر أهله فظعنوا وركب فرسه وسار إلى المنزل فبلغ الخبر قيسًا فسار في أهله وإخوته فعارض ظعائن الربيع وأخذ زمام أمه فاطمة بنت الخرشب وزمام زوجته‏.‏
فقالت فاطمة أم الربيع‏:‏ ما تريد يا قيس قال‏:‏ أذهب بكن إلى مكة فأبيعكن بها بسبب درعي‏.‏
قالت‏:‏ وهيفي ضماني وخل عنا ففعل‏.‏
فلما جاءت إلى ابنها قالت له في معنى الدرع فحلف أنهن لا يرد الدرع فأرسلت إلى قيس أعلمته بما قال الربيع فأغار على نعم الربيع فاستاق منها أربعمائة بعير وسار بها إلى مكة فباعها واشترى بها خيلًا وتبعه الربيع فلم يلحقه فكان فيما اشترى من الخيل داحس والغبراء‏.‏
وقيل‏:‏ إن داحسًا كان من خيل بني يربوع وإن أباه كان أخذ فرسًا لرجل من بني ضبة يقال له انيف بن جبلة وكان الفرس يسمى السبط وكانت أم داحش لليربوعي فطلب اليربوعي من الضبي أن ينزي فرسه على حجره فلم يفعل‏.‏
فلما كان الليل عمد اليربوعي إلى فرس الضبي فأخذه فأنزاه على فرسه فاستيقظ الضبي فلم ير فرسه فنادى في قومه فأجابوه وقد تعلق باليربوعي فأخبرهم الخبر فغضب ضبة من ذلك فقال لهم‏:‏ لا تعجلوا دونكم نطفة فرسكم فخذوها‏.‏
فقال القوم‏:‏ قد أنصف‏.‏
فسطا عليها رجل من القوم فدس يده في رحمها فأخذ ما فيها فلم تزد الفرس إلا لقاحًا فنتجت مهرًا فسمي داحسًا بهذا السبب‏.‏
فكان عند اليربوعي ابنان له أغار قيس بن زهير على بني يربوع فنهب وسبى ورأى الغلامين أحدهما على داحس والآخر على الغبراء فطلبهما فلم يلحقهما فرجع وفي السبي أم الغلامين وأختان لهما وقد وقع داحس والغبراء في قلبه وكان ذلك قبل أن يقع بيته وبين الربيع ما وقع‏.‏
ثم جاء وفد بني يربوع في فداء الأسرى والسبي فأطلق الجميع إلا أم الغلامين وأختيهما وقال‏:‏ إن أتاني الغلامان بالمهر والفرس الغبراء وإلا فلا‏.‏
فامتنع الغلامان من ذلك فقال شيخ من بني يربوع كان أسيرًا عند قيس وبعث بها إلى الغلامين وهي‏:‏ إنّ مهرًا فدى الرباب وجملًا وسعادًا لخير مهر أناس ادفعوا داحسًا بهنّ سراعًا إنّها من فعالها الأكياس دونها والذي يحجّ له النا س سبايا يبعن بالأفراس إنّ قيسًا يرى الجواد من الخيل حياةً في متلف الأنفاس يشتري الطّرف بالجراجرة الج لّة يعطي عفوًا بغير مكاس وقيل‏:‏ إن قيسًا أنزى داحسًا على فرس له فجاءت بمهرة فسماها الغبراء‏.‏
ثم إن قيسًا أقام بمكة فكان أهلها يفاخرونه وكان فخورًا فقال لهم‏:‏ نحوا كعبتكم عنا وحرمكم وهاتوا ما شئتم‏.‏
فقال ل عبد الله بن جدعان‏:‏ إذا لم نفاخرك بالبيت المعمور وبالحرم الآمن فيم نفاخرك فمل قيس مفاخرتهم وعزم على الرحلة عنهم وسر ذلك قريشًا لأنهم قد كانوا كرهوا مفاخرته فقال لإخوته‏:‏ ارحلوا بنا من عندهم أولًا وإلا تفاقم الشر بيننا وبينهم والحقوا ببني بدر فإنهم أكفاؤنا في الحسب وبنو عمنا في النسب وأشراف قومنا في الكرم ومن لا يستطيع الربيع أن يتناولنا معهم‏.‏
فلحق قيس وإخوته ببني بدر وقال في مسيره إليهم‏:‏ أسير إلى بني بدرٍ بأمرٍ هم فيه علينا بالخيار فإن قبلوا الجوار فخير قومٍ وإن كرهوا الجوار فغير عار أتينا الحارث الخير بن كعب بنجران وأي لجا بجار فجاورنا الذين إذا أتاهم غريبٌ حلّ في سعة القرار فيأمن فيهم ويكون منهم بمنزلة الشّعار من الدّثار وإن نفرد بحرب بني أبينا بلا جار فإنّ الله جاري ثم نزل ببني بدر فنزل بحذيفة فأجاره هو وأخوه حمل بن بدر وأقام فيهم وكان معه أفراس له ولإخوته لم يكن في العرب مثلها وكان حذيفة يغدو ويروح إلى قيس فينظر إلى خيله فيحسده عليها ويكتم ذلك في نفسه وأقام قيس فيهم زمانًا يكرمونه وإخوته فغضب الربيع ونقم ذلك عليهم وبعث إليهم بهذه الأبيات‏:‏ ألا أبلغ بني بدرٍ رسولًا على ما كان من شنإ ووتر بأنّي لم أزل لكم صديقًا أدافع عن فزارة كلّ أمر أسالم سلمكم وأردّ عنكم فوارس أهل نجران وحجر وكان أبي ابن عمّكم زياد صفيّ أبيكم بدر بن عمرو فألجأتم أخا الغدرات قيسًا فقد أفعمتم إيغار صدري فحسبي من حذيفة ضمّ قيس وكان البدء من حمل بن بدر فإمّا ترجعوا أرجع إليكم وإن تأبوا فقد أوسعت عذري فلم يتغيروا عن جوار قيس‏.‏
فغضب الربيع وغضبت عبس لغضبه ثم إن حذيفة كره قيسًا وأراد إخراجه عنهم فلم يجد حجةً وعزم قيس على العمرة فقال لأصحابه‏:‏ إني قد عزمت على العمرة فإياكم أن تلابسوا حذيفة بشيء واحتملوا كل ما يكون منه حتى أرجع فإني قد عرفت الشر في وجهه وليس يقدر على حاجته منكم إلا أن تراهنون على الخيل‏.‏
وكان ذا رأي لا يخطئ في ما يريده وسار إلى مكة‏.‏
ثم إن فتىً من عبس يقال له ورد ابن مالك أتى حذيفة فجلس إليه فقال له ورد‏:‏ لو اتخذت من خيل قيس فحلًا يكون أصلًا لخيلك‏.‏
فقال حذيفة‏:‏ خيلي خير من خيل قيس ولجا في ذلك إلى أن تراهنا على فرسين من خيل قيس وفرسين من خيل حذيفة والرهن عشرة أذواد‏.‏
وسار ورد فقدم على قيس بمكة فأعلمه الحال فقال له‏:‏ أراك قد أوقعتني في بني بدر ووقعت معي وحذيفة ظلوم لا تطيب نفسه بحق ونحن لا نقر له بضيمٍ‏.‏
ورجع قيس من العمرة فجمع قومه وركب إلى حذيفة وسأله أن يفكر الرهن فلم يفعل‏.‏
فسأله جماعة فزارة وعبس فلم يجب إلى ذلك وقال‏:‏ إن أقرقيس أن السبق لي وإلا فلا فقال أبو جعدة الفزاري‏:‏ آل بدرٍ دعوا الرّهان فإنّا قد مللنا اللجاج عند الرهان ودعوا المرء في فزارة جارًا إنّ ما غاب عنكم كالعيان ليت شعري عن هاشم وحصين وابن عوف وحارث وسنان حين يأتيهم لجاجك قيسًا رأي صاحٍ أتيت أم نشوان وسأل حذيفة إخوته وسادات أصحابه في ترك الرهان ولج فيه وقال قيس‏:‏ علام تراهنني قال‏:‏ على فرسيك داحس والغبراء وفرسي الخطار والحنفاء وقيل‏:‏ كان الرهن على فرسي داحس والغبراء‏.‏
قال قيس‏:‏ داحس أسرع‏.‏
وقال حذيفة‏:‏ الغبراء أسرع وقال لقيس‏:‏ أريد أن أعلمك أن بصري بالخيل أثقب من بصرك والأول أصح‏.‏
فقال له قيس‏:‏ نفس في الغاية وارفع في السبق‏.‏
فقال حذيفة‏:‏ الغاية من أبلى إلى ذات الإصاد وهو قدر مائة وعشرين غلوةً والسبق مائة بعير وضمروا الخيل‏.‏
فلما فرغوا قادوا الخيل إلى الغاية وحشدوا ولبسوا السلاح وتركوا السبق على يد عقال ابن مروان بن الحكم القيسي وأعدوا الأمناء على إرسال الخيل‏.‏
وأقام حذيفة رجلًا من بني أسد في الطريق وأمره أن يلقى داحسًا في وادي ذات الإصاد إن مر به سابقًا فيرمي به إلى أسفل الوادي‏.‏
فلما أرسلت الخيل سبقها داحس سبقًا بينًا والناس ينظرون إليه وقيس وحذيفة على رأس الغاية في جميع قومهما‏.‏
فلما هبط داحس في الوادي عارضه الأسدي فلطم وجهه فألقاه في الماء فكاد يغرق هو وراكبه ولم يخرج إلا وقد فاتته الخيل‏.‏
وأما راكب الغبراء فإنه خالف طريق داحس لما رآه قد أبطأ وعاد إلى الطريق واجتمع مع فرسي حذيفة ثم سقطت الحنفاء وبقي الغبراء والخطار فكانا إذا أحزنا سبق الخطار وإذا أسهلا سبقت الغبراء‏.‏
فلما قربا من الناس وهما في وعث من الأرض تقدم الخطار فقال حذيفة‏:‏ سبقك يا قيس‏.‏
فقال‏:‏ رويدك يعلون الجدد فذهبت مثلًا‏.‏
فلما استوت بهما الأرض قال حذيفة‏:‏ خدع والله صاحبنا‏.‏
فقال ثم إن الغبراء جاءت سابقة وتبعها الخطار فرس حذيفة ثم الحنفاء له أيضًا ثم جاء داحس بعد ذلك والغلام يسير به على رسله فأخبر الغلام فيسًا بما صنع بفرسه فأنكر حذيفة ذلك وادعى السبق ظالمًا وقال‏:‏ جاء فرساي متتابعين ومضى قيس وأصحابه حتى نظروا إلى القوم الذين حبسوا داحسًا واختلفوا‏.‏
وبلغ الربيع بن زياد خبرهم فسره ذلك وقال لأصحابه‏:‏ هلك والله قيس وكأني به إن لم يقتله حذيفة وقد أتاكم يطلب منكم الجوار أما والله لئن فعل ما لنا من ضمه من بد‏.‏
ثم إن الأسدي ندم على حبس داحس فجاء إلى قيس واعترف بما صنع فسبه حذيفة‏.‏
ثم إن بني بدر قصروا بقيس وإخوته وآذوهم بالكلام فعاتبهم قيس فلم يزدادوا إلا بغيًا عليه وإيذاءً له‏.‏
ثم إن قيسًا وحذيفة تناكرا في السبق حتى هما بالمؤاخذة فمنعهما الناس وظهر لهم بغي حذيفة وظلمه ولج في طلب السبق فأرسل ابنه ندبة إلى قيس يطالبه به فلما أبلغه الرسالة طعنه فقتله وعادت فرسه إلى أبيه ونادى قيس‏:‏ يا بني عبس الرحيل‏!‏ فرحلوا كلهم ولما أتت الفرس حذيفة علم أن ولده قتل فصاح في الناس وركب في من معه وأتى منازل بني عبس فرآها خاليةً ورأى ابنه قتيلًا فنزل إليه وقبل بين عينيه ودفنوه‏.‏وكان مالك بن زهير أخو قيس متزوجًا في فزارة وهو نازلٌ فيهم فأرسل إليه قيس‏:‏ أني قد قتلت ندبة بن حذيفة ورحلت فالحق بنا وإلا قتلت‏.‏
فقال‏:‏ إنما ذنب قيس عيه ولم يرحل فأرسل قيس إلى الربيع ابن زياد يطلب منه العود إليه والمقام معه إذ هم عشيرة وأهل فلم يجبه ولم يمنعه وكان مفكرًا في ذلك‏.‏
ثم إن بني بدر قتلوا مالك بن زهير أخا قيس وكان نازلًا فيهم فبلغ مقتله بني عبس والربيع بن زياد فاشتد ذلك عليهم وأرسل الربيع إلى قيس عينًا يأتيه بخبره فسمعه يقول‏:‏ أينجو بنو بدرٍ بمقتل مالك ويخذلنا في النائبات ربيع وكان زيادق قبله يتّقى به من الدهر إن يومٌ ألمّ فظيع فقل لربيعً يحتذي فعل شيخه وما النّاس إلاّ حافظٌ ومضيع وإلاّ فما لي في البلاد إقامةٌ وأمر بني بدرٍ عليّ جميع فرجع الرجل إلى الربيع فأخبره فبكى الربيع على مالك وقال‏:‏ منع الرّقاد فما أغمّض ساعةً جزعًا من الخبر العظيم الساري أفبعد مقتل مالك بن زهير يرجو النساء عواقب الأطهار من كان مسرورًا بمقتل مالكٍ فليأت نسوتنا بوجه نهار يضربن حرّ وجوههنّ على فتىً ضخم الدسيعة غير ما خوّار قد كنّ يكننّ الوجوه تستّرًا فاليوم حين برزن للنظّار وهي طويلة‏.‏
فسمعها قيس فركب هو وأهله وقصدوا الربيع بن زياد وهو يصلح سلاحه فنزل إليه قيس وقام الربيع فاتنقا وبكيا وأظهرا الجزع لمصاب مالك ولقي القوم بعضهم بعضًا فنزلوا‏.‏
فقال قيس للربيع‏:‏ إنه لم يهرب منك من لجأ إليه ولم يستغن عنك من استعان بك وقد كان لك شر يومي فليكن لي خير يوميك وإنما أنا بقومي وقومي بك وقد أصاب القوم مالكًا ولست أهم بسوء لأني إن حاربت بني بدر نصرتهم بنو ذبيان وإن حاربتني خذلني بنو عبس إلا أن تجمعهم علي وأنا والقوم في الدماء سواءٌ قتلت ابنهم وقتلوا أخي فإن نصرتني طمعت فيهم وإن خذلتني طمعوا في‏.‏
فقال الربيع‏:‏ يا قيس إنه لا ينفعني أن أرى لك من الفضل ما لا أراه لي ولا ينفعك أن ترى لي ما لا أراه لك وقد مال علي قتل مالك وأنت ظالم ومظلوم ظلموك في جوادك وظلمتهم في دمائهم وقتلوا أخاك بابنهم فإن يبؤ الدم بالدم فعسى أن تلقح الحرب أقم معك وأحب الأمرين إلي مسالمتهم ونخلو بحرب هوازن‏.‏
وبعث قيس إلى أهله وأصحابه فجاؤوا ونزلوا مع الربيع وأنشدهم عنترة بن شداد مرثيته في مالك‏:‏ فليتهما لم يطعما الدهر بعدها وليتهما لم يجمعا لرهان وليتهما ماتا جميعًا ببلدةٍ وأخطاهما قيسٌ فلا يريان لقد جلبا جلبًا لمصرع مالكٍ وكان كريمًا ماجدًا لهجان وكان إذا ما كان يوم كريهةٍ فقد علموا أنّي وهو فتيان وكنّا لدى الهيجاء نحمي نساءنا ونضرب عند الكرب كلّ بنان فسوف ترى إن كنت بعدك باقيًا وأمكنني دهري وطول زماني فأقسم حقًّا لو بقيت لنظرة لقرّت بها عيناك حين تراني وبلغ حذيفة أن الربيع وقيسًا اتفقا فشق ذلك عليه واستعد للبلاء‏.‏
وقيل‏:‏ إن بلاد عبس كانت قد أجدبت فانتجع أهلها بلاد فزارة وأخذ الربيع جوارًا من حذيفة وأقام عندهم‏.‏
فلما بلغه مقتل مالك قال لحذيفة‏:‏ لي ذمتي ثلاثة أيام‏.‏
فقال حذيفة‏:‏ ذلك لك‏.‏
فانتقل الربيع من بني فزارة‏.‏
فبلغ ذلك حمل بن بدر فقال لحذيفة أخيه‏:‏ بئس الرأي رأيت‏!‏ قتلت مالكًا وخلّيت سبيل الربيع ‏!‏ والله ليضرمنها عليك نارًا‏!‏ فركبا في طلب الربيع ففاتهما فعلما أنه قد أضمر الشر‏.‏
واتفق الربيع وقيس وجمع حذيفة قومه وتعاقدوا على عبس وجمع الربيع وقيس قومهما واستعدوا للحرب فأغارت فزارة على بني عبس فأصابوا نعمًا ورجالًا فحميت عبس واجتمعت للغارة فنذرت بهم فزارة‏.‏
فخرجوا إليهم فالتقوا على ماء يقال له العذق وهي أول وقعة كانت بينهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا وقتل عوف بن يزيد قتله جندب بن خلف العبسي‏.‏
وانهزمت فزارة وقتلوا قتلًا ذريعًا وأسر الربيع بن زياد حذيفة ابن بدر وكان حر بن الحارث العبسي قد نذر إن قدر على حذيفة أن يضربه بالسيف وله سيف قاطع يسمى الأصرم فأراد ضربه بالسيف لما أسر وفاء بنذره فأرسل الربيع إلى امرأته فغيبت سيفه ونهوه عن قتله وحذروه عاقبة ذلك فأبى إلا ضربه فوضعوا عليه الرجال فضربه فلم يصنع السيف شيئًا وبقي حذيفة أسيرًا‏.‏
فاجتمعت غطفان وسعوا في الصلح فاصطلحوا على أن يهدروا بدر بن حذيفة بدم مالك بن زهير ويعقلوا عوف بن بدر ويعطوا حذيفة عن ضربته التي ضربه حر مائتين من الإبل وأن يجعلوها عشارًا كلها وأربعة أعبدٍ وأهدر حذيفة دماء من قتل من فزارة في الوقعة وأطلق من الأسر‏.‏
فلما رجع إلى قومه ندم على ذلك وساءت مقالته في بني عبس وركب قيس بن زهير وعمارة بن زياد فمضيا إلى حذيفة وتحدثا معه‏.‏
فأجابهما إلى الاتفاق وأن يرد عليهما الإبل التي أخذ منهما وكانت توالدت عنده‏.‏
فبيناهم في ذلك إذ جاءهم سنان بن أبي حراثة المري فقبح رأي حذيفة في الصلح وقال‏:‏ إن كنت لا بد فاعلًا فأعطهم إبلًا عجافًا مكان إبلهم واحبس أولادها‏.‏
فوافق ذلك رأي حذيفة فأبى قيس وعمارة ذلك‏.‏
وقيل‏:‏ إن الابل التي طلبوها منه هي إبل كان قد أخذها سبقًا من قيس‏.‏
وقيل أيضًا‏:‏ إن مالك بن زهير قتل بعد هذه الوقعة المذكورة قال حميد ابن بدر في ذلك‏:‏ قتلنا بعوفٍ مالكًا وهو ثأرنا ومن يبتدع شيئًا سوى الحقّ يظلم وجعل سنان يحث حذيفة على الحرب فتيسروا لها‏.‏
ثم إن الأنصار بلغهم ما عزموا عليه فاتفق جماعةٌ من رؤسائهم وهم‏:‏ عمرو بن الإطنابة ومالك بن عجلان وأحيحة بن الجلام وقيس ابن الخطيم وغيرهم وساروا ليصلحوا بينهم فوصلوا إليهم وترددوا في الاتفاق فلم يجب حذيفة إلى ذلك وظهر لهم بغيه فحذروه عاقبته وعادوا عنه‏.‏
وأغار حذيفة على عبس وأغارت عبس على فزارة وتفاقم الشر وأرسل حذيفة أخاه حملًا فأغار وأسر ريان بن الأسلع بن سفيان وشده وثاقًا وحمله إلى حذيفة فأطلقه ليرهنه ابنيه وجبير ابن أخيه عمرو بن الأسلع ففعل ريان ذلك ثم سار قيس إلى فزارة فلقي منهم جمعًا فيهم مالك بن بدر فقتله قيس وانهزمت فزارة فأخذ حينئذ حذيفة ولدي ريان فقتلهما وهما ولما قتل مالك والغلامان اشتدت الحرب بين الفريقين وأكثرها في فزارة ومن معها‏.‏
ففي بعض الأيام التقوا واقتتلوا قتالًا شديدًا ودامت الحرب بينهم إلى آخر النهار وأبصر ريان بن الأسلع زيد بن حذيفة فحمل عليه فقتله وانهزمت فزارة وذبيان وأدرك الحارث بن بدر فقتل ورجعت عبس سالمةً لم يصب منها أحدٌ‏.‏
فلما قتل زيد والحارث جمع حذيفة جميع بني ذبيان وبعث إلى أشجع وأسد بن خزيمة فجمعهم فبلغ ذلك بني عبس فضموا أطرافهم وأشار قيس بن زهير بالسبق إلى ماء العقيقة ففعلوا ذلك وسار حذيفة في جموعه إلى عبس ومشى السفراء بينهم فحلف حذيفة‏:‏ أنه لا يصلح حتى يشرب من ماء العقيقة‏.‏
فأرسل إليه قيس منه في سقاء وقال‏:‏ لا أترك حذيفة يخدعني‏.‏
واصطلحوا على أن تعطي بنو عبس حذيفة ديات من قتل له ووضعوا الرهائن عدنه إلى أن يجمعوا الديات وهي عشر وكانت الرهائن ابنًا لقيس بن زهير وابنًا للربيع بن زياد فوضعوا أحدهما عند قطبة بن سنان والآخر عند رجل من بكر بن وائل أعمى‏.‏
فعير بعض الناس حذيفة بقبول الدية فحضر هو وأخوه حمل عند قطبة بن سنان والبكري وقالا‏:‏ ادفعا إلينا الغلامين لنكسوهما ونسرحهما إلى أهلهما‏.‏
فأما قطبة فدفع إليهما الغلام الذي عنده وهو ابن قيس وأما البكري فامتنع من تسليم من عنده فلما أخذا ابن قيس عادا فلقيا في الطريق ابنًا لعمارة بن زياد العبسي وابن عم له فأخذاهما وقتلاهما مع ابن فلما بلغ ذلك بني عبس أخذوا ما كانوا جمعوا من الديات فحملوا عليه الرجال واشتروا السلاح ثم خرج قيس في جماعة فلقوا ابنًا لحذيفة ومعه فوارس من ذبيان فقتلوهم‏.‏
فجمع حذيفة وسار إلى عبس وهم على ماء يقال له عراعر فاقتتلوا فكان الظفر لفزارة ورجعت سالمةً‏.‏
وجد حذيفة في الحرب وكرهها أخوه حمل وندم على ما كان وقال لأخيه في الصلح فلم يجب إلى ذلك وجمع الجموع من أسد وذبيان وسائر بطون غطفان وسار نحو بني عبس فاجتمعت عبس وتشاوروا في أمرهم فقال لهم قيس بن زهير‏:‏ إنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به وليس لبني بدر إلا دماؤكم والزيادة عليكم وأما من سواهم فلا يريدون غير الأموال والغنيمة والرأي أننا نترك الأموال بمكانها ونترك معها فارسين على داحس وعلى فرس آخر جوادٍ ونرحل نحن ونكون على مرحلة من الماء فإذا جاء القوم إلى الأموال سار إلينا الفارسان فأعلمانا وصولهم فإن القوم يشتغلون بالنهب وحيازة الأموال وإن نهاهم ذوو الرأي عن ذلك فإن العامة تخالفهم وتنتقض تعبيتهم ويشتغل كل إنسان بحفظ ما غنم ويعلقون أسلحتهم على ظهور الإبل ويأمنون‏.‏
فنعود نحن إليهم عند وصول الفارسين فندركهم وهم على حال تفرق وتشتتٍ فلا يكون لأحدهم همة إلا نفسه‏.‏
ففعلوا ذلك وجاء حذيفة ومن معه فاشتغلوا بالنهب فنهاهم حذيفة وغيرهم فلم يقبلوا منه وكانوا على الحال التي وصف قيس‏.‏
وعادت بنو عبس وقد تفرقت أسد وغيرهم وبقي بنو فزارة في آخر الناس فحملوا عليهم من جوانبهم فقتل مالك بن سبيع التغلبي سيد غطفان وانهزمت فزارة وحذيفة معهم وانفرد في خمسة فوارس وجد في الهرب‏.‏
وبلغ خبره بني عبس فتبعه قيس بن زهير والربيع بن زياد وقرواش بن عمرو بن الأسلع وريان بن الأسلع الذي قتل حذيفة ابنيه وتبعوا أثرهم في الليل وقال قيس‏:‏ كأني بالقوم وقد وردوا جفر الهباءة ونزلوا فيه فساروا ليلتهم كلها حتى أدركوهم مع طلوع الشمس في جفر الهباءة في الماء وقد أرسلوا خيولهم فأخذوا بجمعها فمحال قيس وأصحابه بينهم وبينها وكان مع حذيفة في الجفر أخوه حمل بن بدر وابنه حصن بن حذيفة وغيرهم‏.‏
فهجم عليهم قيس والربيع ومن معهما وهم ينادون‏:‏ لبيكم لبيكم‏!‏ يعني أنهم يجيبون نداء الصبيان لما قتلوا ينادون‏:‏ يا أبتاه‏!‏ فقال لهم قيس‏:‏ يا بني بكر كيف رأيتم عاقبة البغي فناشدوهم الله الرحم فلم يقبلوا منهم‏.‏
ودار قرواش ابن عمرو حتى وقف خلف ظهر حذيفة فضربه فدق صلبه وكان قرواش قد رباه حذيفة حتى كبر عنده في بيته وقتلوا حملًا أخاه وقطعوا رأسيهما واستبقوا حصن بن حذيفة لصباه‏.‏
وكان عدد من قتل في هذه الوقعة من فزارة وأسد وغطفان ما يزيد على أربعمائة قتيل وقتل من عبس ما يزيد على عشرين قتيلًا وكانت فزارة تسمي هذه الوقعة البوار وقال أقام على الهباءة خير ميتٍ وأكرمه حذيفة لا يريم لقد فجعت به قيسٌ جميعًا موالي القوم والقوم الصميم وعمّ به لمقتله بعيدٌ وخصّ به لمقتله حميم وهي طويلة وقال أيضًا‏:‏ ألم تر أنّ خير الناس أمسى على جفر الهباءة لا يريم فلولا ظلمه ما زلت أبكي عليه الدهر ما طلع النجوم ولكنّ الفتى حمل بن بدر بغى والبغي مرتعه وخيم وأكثروا القول في يوم الهباءة‏.‏
ثم إن عبسًا ندمت على ما فعلت يوم الهباءة ولام بعضهم بعضًا فاجتمعت فزارة إلى سنان بن أبي حارثة المري وشكوا إليه ما نزل بهم فأعظمه وذم عبسًا وعزم على أن يجمع العرب ويأخذ بثأر بني بدر وفزارة وبث رسهل‏.‏
فاجتمع من العرب خلقٌ كثير لا يحصون ونهى أصحابه عن التعرض إلى الموال والغنيمة وأمرهم بالصبر وساروا إلى بني عبس‏.‏
فلما بلغهم مسيرهم إليهم قال قيس‏:‏ الرأي أننا لا نلقاهم فإننا قد وترناهم فهم يطالبوننا بالذخول والطوائل وقد رأوا ما نالهم بالأمس باشتغالهم بالنهب والمال فهم لا يتعرضون إليه الآن والذي ينبغي أن نفعله أننا نرسل الظعائن والأموال إلى بني عامر فإن الدم لنا قبلهم فهم لا يتعرضون لكم ويبقى أولو القوة والجلد على ظهور الخيل ونماطلهم القتال فإن أبوا إلا القتال كنا قد أحرزنا أهلينا وأموالنا وقاتلناهم وصبرنا لهم فإن ظفرنا فهو الذي نريد وإن كانت الأخرى كنا قد احترزنا ولحقنا بأموالنا ونحن على حامية‏.‏
ففعلوا ذلك‏.‏
يوم ذات الجراجر وسارت ذبيان ومن معها فلحقوا بني عبس على ذات الجراجر فاقتتلوا قتالًا شديدًا يومهم ذلك وافترقوا‏.‏
فلما كان الغد عادوا إلى اللقاء فاقتتلوا أشد من اليوم الأول وظهرت في هذه الأيام شجاعة عنترة ابن شداد‏.‏
فلما رأى الناس شدة القتال وكثرة القتلى لاموا سنان بن أبي حارثة على منعه حذيفة عن الصلح وتطيروا منه وأشاروا عليه بحقن الدماء ومراجعة السلم فلم يفعل وأراد مراجعة الحرب في اليوم الثالث‏.‏
فلما رأى فتور أصحابه وركونهم إلى السلم رحل عائدًا‏.‏
فلما عاد عنهم رحل قيس وبنو عبس إلى بني شيبان بن بكر وجاوروهم وبقوا معهم مدةً فرأى قيس من غلمان شيبان ما يكرهه من التعرض لأخذ أموالهم فرحلوا عنهم فتبعهم جمع من شيبان فلقيتهم بنو عبس واقتتلوا فانهزمت شيبان وسارت عبس إلى هجر ليحالفوا ملكهم وهو معاوية بن الحارث الكندي فعزم معاوية على الغارة عليهم ليلًا فبلغهم الخبر فساروا عنه مجدين وسار معاوية مجدًا في اثرهم فتاه بهم الدليل على عمد لئلا يدركوا عبسًا إلا وهم قد لحقهم ودوابهم النصب فأدركوهم بالفروق فاقتتلوا قتالًا شديدًا فانهزم معاوية وأهل هجر وتبعتهم عبس فأخذت من أموالهم وقتلوا منهم ما أرادوا ورجعوا سائرين فنزلوا بماء يقال له عراعر عليه حي من كلب فركبوا ليقاتلوا بني عبس فبرز الربيع وطلب رئيسهم فبرز إليه واسمه مسعود بن مصاد الكلبي‏.‏
فاقتتلا حتى سقطا إلى الأرض وأراد مسعود قتل الربيع فانحسرت البيضة عن رقبته فرماه رجل من بني عبس بسهم فقتله فثار به الربيع فقطع رأسه وحملت عبس على كلب والرأس على رمح فانهزمت كلب وغنمت عبس أموالهم وذراريهم فساروا إلى اليمامة فحالفوا أهلها من بني حنيفة وأقاموا ثلاث سنين فلم يحسنوا جوارهم وضيقوا عليهم فساروا عنهم وقد تفرق كثير منهم وقتل منهم وهلكت دوابهم ووترهم العرب فراسلتهم بنو ضبة وعرضوا عليهم المقام عندهم ليستعينوا بهم على حرب تميم ففعلوا وجاوروهم‏.‏
فلما انقضى الأمر بين ضبة وتميم تغيرت ضبة لعبسٍ وأرادوا اقتطاعهم فحاربتهم عبس فظفرت وغنمت من أموال ضبة وسارت إلى بني عامر وحالفوا الأحوص بن جعفر بن كلاب فسر بهم ليقوى بهم على حرب بني تميم لأنه كان بلغه أن لقيط بن زرارة يريد غزو بني عامر والأخذ بثأر أخيه معبد فأقامت عبس عند بني عامر فقصدتهم تميم وكانت وقعة شعب جبلة وسنذكره إن شاء الله‏.‏
ثم إن ذبيان غزوا بني عامر بن صعصعة وفيهم بنو عبس فاقتتلوا فهزمت عامر وأسر قرواش بن هني العبسي ولم يعرف‏.‏
فلما قدموا به الحي عرفته امرأةٌ عنهم فلما عرفوه سلموه إلى حصن بن حذيفة فقتله‏.‏
ثم رحلت عبس عن عامر ونزلت بتيم الرباب فبغت تيم عليهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا وتكاثرت عليهم تيم فقتلوا من عبس مقتلة عظيمة‏.‏
ورحلت عبس وقد ملوا الحرب وقلت الرجال والأموال وهلكت المواشي فقال لهم قيس‏:‏ ما ترون قالوا‏:‏ نرجع إلى أخواننا من ذبيان فالموت معهم خير من البقاء مع غيرهم‏.‏
فساروا حتى قدموا على الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري وقيل‏:‏ على هرم بن سنان بن أبي حارثة ليلًا وكان عند حصن ابن حذيفة بن بدر‏.‏
فلما عاد ورآهم رحب بهم وقال‏:‏ من القوم قالوا‏:‏ إخوانك بنو عبس وذكروا حاجتهم‏.‏
فقال‏:‏ نعم وكرامة أعلم حصن ابن حذيفة‏.‏
فعاد إليه وقال‏:‏ طرقت في حاجة قال‏:‏ أعطيتها قال بنو عبس‏:‏ وجدت وفودهم في منزلي‏.‏
قال حصن‏:‏ صالحوا قومكم أما أنا فلا أدي ولا أتدي قد قتل آبائي وعمومتي عشرين من عبس فعاد إلى عبس وأخبرهم بقول حصن وأخذهم إليه فلما رآهم قال قيس والربيع ابن زياد‏:‏ نحن ركبان الموت‏.‏
قال‏:‏ بل ركبان السلم إن تكونوا اختللتم إلى قومكم فقد اختل قومكم إليكم‏.‏
ثم خرج معهم حتى أتوا سنانًا فقال له‏:‏ قم بأمر عشيرتك وأصلح بينهم فإني سأعينك‏.‏
ففعل ذلك وتم الصلح بينهم وعادت عبس‏.‏
وقيل‏:‏ إن قيس بن زهير لم يسر مع عبس إلى ذبيان وقال‏:‏ لا تراني غطفانيةٌ أبدًا وقد قتلت أخاها أو زوجها أو ولدها أو ابن عمها ولكني سأتوب إلى ربي فتنصر وساح في الأرض حتى انتهى إلى عمان فترهب بها زمانًا فلقيه حوج بن مالك العبدي فعرفه فقتله وقال‏:‏ لا رحمني الله إن رحمتك‏.‏
وقيل‏:‏ إن قيسًا تزوج في النمير بن قاسط لما عادت عبس إلى ذبيان وولد له ولد اسمه فضالة فقدم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعقد له على من معه من قومه وكانوا تسعة وهو عاشرهم‏.‏
انقضى حرب داحس والغبراء والحمد لله‏.‏


رد مع اقتباس