عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 33 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد: بين لاميتي العرب والعجم

كُتب : [ 24 - 04 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

تأبط شرا بين الحقيقة والخرافة والخيال :-

الحقيقة هو / ثابت بن جابر الفهمي ، من الشعراء الصعاليك ، عاش في الحجاز ، في المنطقة المحيطة بالطائف ، وجمع عصابة للإغارة على بني خثعم وهذيل ، والأزد وشاع شعره في وصف الغيلان والجن .

والخيال مما روته كتب التاريخ عنه ، أنه خارق القوة ، فإن إتكأ على بعير أسقطه ، أو استوى على ظهر فرس أجهضها ، وهو أسرع من الجياد الجامحة ، ويسبق الظبي في عدوه ، وإن رمى رمحه ، فإنه كريح الشتاء ، ورغم أن له الكثير من الحكايات الخرافية مع الجان والغيلان ، إلا أن الذين وصفوه ، يرون أنه هو الغول بعينه ، فضفيرتاه تشبهان قرني الشيطان ، وله عينان حمراواتان ، تنبعث منهما أشعة كريهة تنذر الناظر إليهما بالموت ، وفمه كفوهة بئر ، أما أنفه فإنه يشبه رأس البعير . مع هذه الأوصاف وغيرها من إمارات القبح ، فإن ( تأبط شرا ) يعد واحدا ممن يعشقنه النساء ، كما تجلى ذلك واضحا في أشعاره .

نادته أمه يوما ، وقالت له : « أيها الولد العاق ، ها أنت ترى ما نحن فيه من شظف العيش ، وأنت لا هم لك إلا أن تسابق الغزلان ، لم لا تنطق أيها الخبيث ؟! » فيجيبها : « وماذا تريدين أن أفعل ، بعد أن جئت لك بكبش سمين ، فإذا به ينقلب بين يديك إلى ذئب مفترس ؟! وسرقت لك ما يزن حمل بعير من التمر ، فانقلب التمر حين رأى وجهك إلى أفاع سامة !!! فماذا أفعل لك بعد ذلك يا امرأة ؟! » لكنها لا تعبأ بما قال وتصرخ فيه : « اسمع أيها الجلف .. إن في فلاة رحى بطان من أرض هذيل ، إبل ترعى ، فلو تربصت ببعضها ليلا » فيصيح فيها مقاطعا : « أنتِ إذاً تريدين لابنك أن يسرق أموال الناس ؟! » فتجيبه ساخرة : « ثكلتك أمك ، وهل لك صنعة أخرى غير السرقة التي ورثتها عن أبيك ؟! » فيجيبها : « و ... ما أسموك أم الأشرار عبثا !!! وبئس الأم أنت يا من تحرضين ولدك على فعل الشر !!! » فتقول له : « لا تجادلني ، وأنت لا عمل لك سوى مجالسة السراق كأبي خراش والشنفرى .. هيا اذهب يا تأبط إلى رحى بطان ، وعد لأمك بلبن النياق ».

والخرافة عندما شارف تأبط شرا على منطقة رحى بطان ، وضع أذنه على الأرض ، كي يسمع وقع أقدام النوق ، ولكنه سمع ما لم يكن يتوقع ، فصار من شدة هول الدهشة ، يحدث نفسه : « ما هذا ؟! ما هذه الأقدام الثقيلة الوقع ، كأنها جبل يسير ، وصوت أقدامه يأتيني عبر الرمال ، مع ما يفصل بيننا بمسافة تبلغ عشرات الفراسخ ؟! أي مخلوق هذا الذي يسير بهذه القوة ؟ » وفجأة يظهر له من بين العجاج كائن بشع المنظر ، ضخم الجثة ، فيصيبه الإرتباك ، وإذا بذلك الكائن يصدر صوتا أنثويا رقيقا : « اقترب مني يا حبيبي ..!! اقترب ..!! فبعد قليل ستصبح زوجي » فيرد عليها تأبط بعد أن تمكن من السيطرة على أعصابه : « و ... إن ما سمعته عن خبث الغيلان لهو حقيقة واقعة .. إنك تخدعين الرجال بهذا الصوت الوديع » !!! وإذا بالكائن البشع يتحدث إليه بصوت غليظ كأنه الرعد : « ما دمت قد عرفت حقيقتي ، فماذا جاء بك إلى هنا يا تأبط ؟ وكيف سولت لك نفسك أن تعتدي على أرضي ؟ » فلم يجد تأبط شرا عذرا سوى القول أنه مر فوق هذه الأراضي عن طريق المصادفة ، فتصدر عن الكائن البشع ضحكة جلجلت أصداؤها في الفضاء ، ثم يعقبها قوله : « كذبت ..!! بل قل إن أمك هي التي طلبت إليك أن تأتي إلى هنا لتسرق إبل قيس عيلان ، ولكنها دفعت ثمن تحريضها إياك على السرقة ، ثم استخرجت جثة أمه من وعاء ، وألقت بها أمامه ، ها هي أم الأشرار جثة هامدة أمامك ..!! فيصرخ تأبط باكيا : « ويحك قتلت أمي أيتها الغولة ، فتهجم عليه قائلة : وسأمزقك بأنيابي يا تأبط ، فيشتبك معها بعد أن تقمصه قوته الخارقة التي كثيرا ما يستدعيها عندما يتعرض لمعارك مع الجن والغيلان ، وبينما كانت الغولة تصدر ضحكاتها ، عاجلها تأبط بكسر أنيابها ، فقالت له وهي في قمة حنقها وغضبها : « ستكون هذه آخر ليلة من ليالي حياتك ، سأمزقك إربا إربا أيها التأبط اللعين » فيجيبها وهو يكمل تكسير أنيابها : « بل أنا الذي سأسلخ جلدك النتن وأصنع منه أكبر خيمة في بلاد العرب ، لأذل بك قبيلة الغيلان أيتها الخبيثة » !!! فأجهز عليها ، ثم حملها إلى قبيلته منشدا هذه الأبيات :-

ألا من مبلغ فتيان فهم
= بما لقيت عند رحى بطان

بأني قد لقيت الغول تهوى
= بسهب كالصحيفة صحصحان

فأضربها بلا دهش فخرّت
= صريعا لليدين وللجران

فلم أنفك متكئا عليها
= لأنظر مصبحا ماذا أتاني

إذا عينان في رأس قبيح
= كرأس الهر مشقوق اللسان

وعاشقة تأبط شرا وصفها بأنها جميلة كالوردة في خدرها ، لولا أن بها شوك ، فيروي قصته معها ، يوم خرج مع صاحبه الشنفرى الذي كان مثله عداء لا يشق له غبار ، فتسللا معا في جوف الليل ، حتى ظهرت لهما نيران لأناس يسمرون قرب قافلة لهم ، فقال الشنفرى : « علينا أن نسرق ما في هذه القافلة » فيسأل تأبط عن السبيل إلى ذلك ، ورجال القافلة كثيرون ؟! فيرسم له الشنفري الخطة ، وهي كالتالي : « تقترب أنت منهم ، فيطمعون فيك ، فإذا طاردوك ، فطاولهم .. فإذا عدوا خلفك ، استأسر لهم ، فإن أخذوك إلى حيث القافلة ثم أوثقوك ، بدوت لهم أنا من بعيد ، أعدوا أمامهم ، حتى يجدوا في طلبي ، فأباعد بينهم وبين القافلة ، فتحل أنت وثاقك ، وتسوق القافلة إلى مخبأنا » وفعل تأبط ما تم الإتفاق عليه ، فإذا بدا لهم الشنفري ، سألوا تأبط : أهذا صاحبك ؟! فأجابهم : احذروه ، فإنه أسرع من يعدو في العرب ، وما أحسبكم تلحقون به !!! فأجابه أحدهم : لن يعجزنا أن نأتي به لنضمه إليك !!! وبدأوا يطاردون الشنفرى وهم على ظهور جيادهم ، بينما هو يعدو عدوا ، قد أبعد بهم مسافات طويلة عن قافلتهم . وفي هذه الأثناء فك تأبط شرا وثاقه ، وساق القافلة إلى حيث مخبأهما ، وما أن أدخل الأبعر إلى الكهف ، حتى سمع صوتا نسائيا ، فاستطلع الأمر ، وإذا به أمام شابة رائعة الجمال ، لينة الأعطاف ، يكاد بياض وجهها ينير ظلمة الكهف ، ترجوه أن يتركها إلى حال سبيلها بعد أن ظفر بغنيمته ، فيقول لها : « اومن يظفر بمثلك يفعل ما تطلبين ؟! و ... ما أفرط فيك أبدا!!! » فتضحك بمرح ودلال قائلة : « ما أحسبك إلا أضعف الخلق !!! » فيجيبها محتدا : « ليس لمثلي يقال هذا الكلام » فتمد نحوه يدها ، وترفعه من صدره إلى أعلى ثم تلقي به إلى الأرض !!! فحاول القيام وهو يتوعدها : «و ... ما أبقي عليك حية ، وإن كنت أجمل الجميلات ؟!!! » فترفعه من صدره ثانية ثم تلقي به إلى الأرض ، ووضعت رجلها فوق جسمه ، وتوجهت إليه بالحديث وهي ضاحكة ، ومزهوة بنصرها عليه : « والآن ما تقول أيها الخبيث وأنت تحت قدمي لا تملك حراكا ؟!! » فيجيبها : « ويحك من أين لك هذه القوة ؟!! » فتنشرح أساريرها لسؤاله : « حسن ، ما دمت قد أقررت بأن هناك من هو أقوى منك ، فإني أعفو عنك !!! » ويسألها تأبط : « كيف تركتني أسوق قافلة قومك ، ولم تمنعيني من ذلك ؟!! » تجيبه : « سمعت عن شجاعتك ، وأعجبت بك ، فتركتك تفعل ما تفعل لأظفر بك » فيجيبها بخذلان وأسى : « ظننت أنني أنا الذي ظفر بك ، هيا اقتليني !!! فلا أحتمل ذلا بعد هذا الذل ، امرأة تصرع تأبط شرا ؟! اقتليني ويحك ، ماذا تنتظرين ؟ » فتقول له : « هناك ما هو خير من قتلك ، وهو أن تتزوجني ، فوالله قد أحببتك من كثرة ما سمعت عنك ، تزوجني فلا يكون أحد في أرض العرب ، في شدة قوة أولادنا » !!!فتزوجها بعد أن شغف بها حبا ، ورغم قبحه ، صار الناس يضربون الأمثال بجمال ( براق ) ولده الأول منها . وقُتل تأبط شرا في بلاد هذيل ، وألقيت جثته في غار يقال له ( رخمان ) منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس