عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 9 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : الهمداني لسان أهل اليمن وقصيدته الدامغة

كُتب : [ 15 - 02 - 2008 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : رد لسان اليمن الهمداني رحمه الله وتجاوز عن هفواته بدامغته على مذهبة الكميت بن زيد الأسدي ولا شك أن الكميت بن زيد الأسدي من أشعر العرب ولكنه رافضي شيعي معتزلي متطرف والذين احتفوا بشعره هم الشيعة من أجل هاشمياته ومذهبته التي كانت سببا في فتنة نعيش إرهاصاتها إلى يومنا هذا والهمداني مع أخطائه أقرب لنا منه دينا ندين به الله تعالى وإليكم الظاهرة الجدلية فـي هاشميات الكميت للأستاذ / عبد الرؤوف يونس أربد - الأردن .

إن الأساس الذي قامت عليه فكرة التشيع يدور حول خلافة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بعد وفاته ، وإن الجماعة التي دعت إلى هذا الحق كانت ترى أن ( علياً رضي الله عنه ) أحق من غيره بالخلافة ، ثم أبناءه من بعده بطريقة التسلسل الوراثي ، ولا حق فيها لغير العلويين لأسباب منها : قرابة علي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسبقيته في الإسلام وإصهاره من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحسن بلائه في الإسلام ومقدرته الخاصة التي ميزته من غيره ووصية الرسول له بالخلافة – كما ادعوا فيما بعد - والتأييد النظري من الأمويين الذين كانوا ينافسون الهاشميين منذ الجاهلية وعصر البعثة حيث إنهم لم تكن لهم الجرأة الأدبية اللازمة بالمطالبة بهذا المركز ، فأخذوا يشجعون ولو بطرف خفي بني هاشم بأحقيتهم بالخلافة حتى إنه نسب إلى أبي سفيان – إن صحت الروايات - بعد بيعة أبي بكر رضي الله عنه قوله :

بني هاشم لا تغمطوا الناس فيكموا
= ولا سيما تيم بن مرة أو عدي

فما الأمر إلا فيكموا وإليكموا
= وليس لها إلا أبو حسن علي

ومن هنا فإن ما أصبح يطلق عليه اسم حزب العلويين يرى أن الدولة الإسلامية يجب أن تكون وقفاً على بيت واحد هو بيت علي من الهاشميين ، ومن هنا نلاحظ أن علياً ، وربما مع شعوره بأنه أولى من أبي بكر وعمر بالخلافة بداية الأمر ، فقد بايع الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه متأخراً وبعد تردد لأسباب كان يراها قائمة ، منها القبول بإرادة المسلمين وتسليماً لنظام التخليف الذي تمّت بموجبه مبايعة أصحابه .

أما الأمويون فإنهم يرون أنهم أحق بالخلافة من العلويين ، وحجتهم في ذلك أن الخلافة أصبحت وقفاً عليهم استمراراً لخلافة / عثمان رضي الله عنه ، واستغلالاً لنتيجة التحكيم كما يدعون . وبالغوا في ذلك حتى تقول بعض الروايات فيما بعد بأنهم أقسموا للسفاح الأيمان المغلظة بأنهم ما علموا للرسول ولا لأهل بيته قرابة يرثونه غير بني أمية .

كما أننا نقرأ ، وفي نفس المصدر أن الأمويين عندما بويع عثمان بالخلافة وجدوا الفرصة قد لاحت وأن الأمر قد عاد إليهم ، وعليهم المحافظة عليه حيث يقول المسعودي في روايته : إن أبا سفيان صخر بن حرب دخل دار عثمان عقب بيعته ومعه بنو أمية فقال أبو سفيان – وكان قد عمي :- أفيكم أحد من غيركم ؟ قالوا : لا قال : يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة ، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة . وقد ساء عثمان هذا الكلام فنهره وزجره .

ولما كان الشعر لسان حال هذه الفترة فقد أخذ الشعراء على عاتقهم الدفاع عن وجهة نظر كل فريق ، وهنا برز الكميت بن زيد الأسدي أبرز الشعراء الذين تبنوا ظاهرة التشيع للعلويين .

فالكميت بن زيد ، هذا الشاعر الكوفي الشيعي المعتزلي ، صاحب المعرفة الواسعة والثقافة العميقة المشهور بسعة معرفته كذلك بأنساب العرب وأيامها ، حتى عن الذين كتبوا عنه من معاصريه قالوا : إنه كان فقيه الشيعة ، وينقل عنه صاحب الأغاني بأنه فقيه محدث عالم بأنساب العرب وأيامها .

وقد كان على مذهب / زيد بن علي تلميذ عاصم بن عطاء المعتزلي ، ومن هنا كانت الزيدية كلها معتزلة وعليه فقد أصبح الكميت نفسه معتزلاً ، وعندما أصبح / خالد القسري والياً للأمويين على العراق خاصمه الإمام / زيد بن علي وثار عليه انضم الكميت إلى زيد وأخذ يثير الناس على خالد هذا ، ولما كان القسري يمنياً والكميت مضرياً فقد استغل الكميت هذه الفرصة وهجا خالداً القسري في قصيدته الطويلة والمعروفة ( بالمذهبة ) والتي مطلعها : ( ألا حييت عنا يا مدينا )

والتي تعتبر من أشهر قصائده ، فلم يتوقف عند هجاء القسري فحسب ، بل هجا اليمن كلها هجاء عنيفاً مخزياً ، ولم يترك فيها حياً من أحيائها إلا ولطخه بمثالبه الدنيئة ، مما دعا القسري لحبسه ، ولكنه هرب من السجن بطريقة أو بأخرى ، وفي هذه الفترة ، فترة حكم القسري على العراق 105-120هـ أنشأ الكميت معظم هاشمياته .

تقول الروايات بأن الكميت لم يخرج مع الإمام زيد على الوالي الجديد للعراق من قبل الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي ، والذي تخلى عنه أصحابه ، فأمسك به الثقفي وقتله وأرسل برأسه إلى الشام حيث هشام بن عبد الملك ، وهذا بدوره بعث بها إلى المدينة ، وبقيت معلقة هناك حتى أنزلت وأحرقت في زمن خلافة الوليد ، ولما رأى الكميت ما آلت إليه هذه الفاجعة ، فقد نعى على نفسه هذا التخلف وحزن لهذا النكوص ، يترجم ذلك كله قوله :

دعاني ابن الرسول فلم أجبه
= ألهفي لهف للقلب الفروق

ولكن الكميت علّل نفسه بمخالفة سيده بالخروج ، لأنه كان يرى رأي الأئمة السابقين وفي مقدمتهم والد زيد الإمام / زين العابدين وأخوه / محمد الباقر اللذان كانا يريا الأناة في الخروج والثورة ، وإلى ذلك يشير الكميت :

تجود لهم نفسي بما دون وثبة
= تظل لها الغربان حولي تحجل

ولكن لي في آل أحمد شيعة
= وما قد مضى في سالف الدهر أطول

فالكميت يؤمن بالتقية ، ومع ذلك فقد هجا / الحجاج بن يوسف الثقفي هجاء لاذعاً عنيفاً حيث يقول :

يعــز عــلى أحــمد بالـذي
= أصاب ابنه أمس من يوسف

خبيث من العصبة الأخبثين
= وإن قلت زانين لم أقذف

فقد كلفه هذا الهجاء غالياً حيث قتله يوسف شر قتلة عام 125هـ. .

إن تشيّع الكميت في هاشمياته للعلويين لم يتوقف عند أحقيتهم بالخلافة فحسب ، بل نلاحظ أنه جاء بنمط جديد من الشعر لم يألفه سابقوه ولا معاصروه . فقد أسبغ عليه أسلوباً عصرياً جديداً قوامه الحجاج العقلي ، والمنهج المنطقي ، والتراث الفكري الذي تلقنه عن شيخ المعتزلة / واصل بن عطاء . كل ذلك صاغه الكميت بأسلوب شعري جديد يبني حق الهاشميين على المقدمات ويتدرج حتى يقرر الحقائق ، يبدأ هادئاً خارجاً على النمط التقليدي المألوف في مطلع القصيدة ، ثم ينتقل إلى أسلوب الحوار المعتمد على الأدلة التي تدعم صحة ما يدعو إليه ، ثم يشن هجوماً عنيفاً على الأمويين يهجّن دعوتهم وذلك دابه إلى أن قتل .

وهذا ما كتبه الشيعة عن أبو المستهل الكميت بن زيد الأسدي المولود 60 المتوفى 126.

نفى عن عينك الأرق الهجـوعا
= وهـــم يمتــــري منها الدموعا

دخيل في الفـــؤاد يهـــيج سقما
= وحزنا كان من جذل (1) منوعا

وتـــوكاف الدموع على اكتئاب
= أحل الدهر موجعــــه الضلوعا

ترقرق أسحمـــا دررا وســـكبا
= يشبه سحها غربا هموعا (2)

لفقدان الخـــضارم مــن قريش
= وخير الشافعين معا شفيعــــــا

لدى الرحـــمن يصدع بالمثاني
= وكان لــه أبـو حسن قريعا (3)

حطوطا في مسرتـــه ومولـــى
= إلى مرضاة خـــــالقه سريعــــا

وأصفـــاه النـبي على اخـــتيار
= بما أعيى الرفــوض له المذيعا

ويوم الدوح دوح غـــدير خـــم
= أبان لـــه الولاية لــــو أطيعــــا

ولـــكن الـــرجال تبايعـــوهـــا
= فلم أر مثــــلها خــــطرا مبــــيعا

فلم أبلغ بها لعـــنـــا ولـــكـــن
= أساء بــــذاك أولهــــم صنيــــعا

فصار بـــذاك أقـــربهم لعـــدل
= إلى جــــور وأحفــــظهم مضيعا

أضاعـــوا أمر قائدهم فضلوا
= وأقومهم لــــدى الحدثان ريـــعا

تناسوا حقه وبغـــوا عـــليـــه
= بلا تــــرة وكــــان لهــــم قريعـا

فـــقـــل لبـني أمية حيث حلوا
= وإن خــــفــــت المهند والقــطيعا

(1) الجذل : الفرح . (2) رقرقت العين : أجرت دمعها . الأسحم : السحاب . يقال : أسحمت السماء . صبت ماءها السج : الصب . الغرب : الدلو العظيم . الهموع : السيال . (3) القريع : السيد . الرئيس .


ألا أف لدهـــر كنـــت فيـــه
= هـــدانا طائعـــا لكـــم مطـــيـــعــا

أجـــاع الله من أشبعـــتمـــوه
= وأشـــبع من بجـــوركم أجـــيعــا

ويلعـــن فـــذ أمتـــه جهـــارا
= إذا ســـاس الـــبرية والخـــليعـــا

بمرضي السياســـة هـاشمي
= يكـــون حـــيا لأمـــتـــه ربـــيـــعـا

وليثا في المشاهد غير نكس
= لتقـــويــم البـــرية مستطـــيـــعـــا

يقيـــم أمـــورها ويـذب عنها
= ويـــتـــرك جدبهـــا أبـــدا مـــريعا

وغيرها :

مــــن لقلب متيم مستهام
= غير ما صبوة ولا أحلام ؟

وغيرها :

طربت وما شوقا إلى البيض أطرب
= ولا لعبا مني وذو الشيب يلعــــــب ؟

أنـــى ومـــن أيــن آبك الطرب
= من حيث لا صبوة ولا ريب ؟

وغيرها :

الأهـــل عـــم فـــي رأيـه متأمل
= وهل مدبر بعد الإسائة مقبل ؟

وغيرها :

طربت وهل بك من طرب
ولم تتصاب ولم تلعب ؟

وغيرها :

نفى عن عينك الأرق الهجوعا
= وهم يمــــتري منهـــا الدموعا

وغيرها :

سل الهموم لقـــلب غـــير متبول
= ولا رهين لدى بيضاء عطبول (1)

وغيرها :

أهوى عليا أمير المؤمنين ولا
أرضى بشتم أبي بكر ولا عمرا

وسابقتها :

ويوم الدوح دوح غدير خم
= أبان له الولاية لو أطيعـــا


ولم أر مثل ذاك اليوم يوما
= ولم أر مثله حــــقا أضيــعا

وقال المرزباني في " معجم الشعراء " ص 348 : مذهب الكميت في التشيع و مدح أهل البيت عليهم السلام في أيام بني أمية مشهورة ومن قوله فيهم :

فقل لبــني أمية حيث حلوا
= وإن خفت المهند والقطيعا

أجاع الله من أشبعتموه
= وأشبع من بجــوركم أجيعا

ذكرها له المسعودي في " مروج الذهب " 2 ص 194 . وقال أبو الفرج (1) والسيد العباسي (2) قصايد الكميت ( الهاشميات ) من جيد شعره ومختاره .

وقال الآمدي (3) وابن عمر البغدادي (4) : للكميت بن زيد في أهل البيت الأشعار المشهورة وهي أجود شعره . وقال السندوبي (5) : كان الكميت من خيرة شعراء الدولة الأموية ، وكان عالما بلغات العرب وأيامهم ، ومن خير شعره وأفضله ( الهاشميات ) وهي القصايد التي ذكر فيها آل بيت الرسول بالخير .

روى أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني 15 ص 124 بإسناده عن / محمد بن علي النوفلي قال : سمعت أبي يقول : لما قال : الكميت بن زيد الشعر كان أول ما قال ( الهاشميات ) فسترها ، ثم أتى الفرزدق بن غالب فقال له : يا أبا فراس ؟ إنك شيخ مضر وشاعرها وأنا ابن أخيك الكميت بن زيد الأسدي . قال له : صدقت أنت ابن أخي ، فما حاجتك ؟ قال : نفث على لساني فقلت شعرا فأحببت أن أعرضه عليك فإن كان حسنا أمرتني بإذاعته ، وإن كان قبيحا أمرتني بستره وكنت أولى من ستره علي . فقال له الفرزدق : أما عقلك فحسن وإني لأرجو أن يكون شعرك على قدر عقلك ، فأنشدني ما قلت فأنشده : طربت وما شوقا إلى البيض أطرب . قال فقال لي : فيم تطرب يا ابن أخي ؟ ! فقال : ولا لعبا مني . وذو الشيب يلعب ؟ ! فقال : بلى يا بن أخي ؟ فالعب فإنك في أوان اللعب . فقال :

ولم يلهني دار ولا رسم منزل
= ولم يتطــــربني بــنان مخضب

فقال : ما يطربك يا بن أخي ؟ ! فقال :

ولا السانحات البارحات عشية
= أمر سليم القرن أم مر أغضب

فقال : أجل لا تتطير . فقال :

ولكن إلى أهل الفضايل والتقى
= وخــير بني حواء والخير يطلب

فقال : ومن هؤلاء ؟ ! ويحك . قال :

إلى النفر البيض الذين بحبهم
= إلى الله فيما نابـــني أتـقـــرب

قال : أرحني ويحك من هؤلاء ؟ ! قال :

بني هـــاشم رهـــــط النبي فإنني
= بهم ولهم أرضي مرارا وأغضب

خفضـــــت لهم مني جناحي مودة
= إلى كنف عــطـــفاه أهل ومرحب

وكنت لهم من هـؤلاء وهــــؤلاء
= محبا عــلى أني أذم واغـــضـــب

وأرمـــي وأرمــي بالعدواة أهلها
= وإنـــي لأوذى فـــيهـم واؤنــــــب

فقال له الفرزدق : يا بن أخي ؟ أذع ثم أذع فأنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي ورواه المسعودي في مروجه 2 ص 194، والعباسي في " المعاهد " 2 ص 26 . علما أن الشيعة انتحلوا على لسان الفرزدق .

قال البغدادي في " خزانة الأدب " 1 ص 87 : بلغ خالد القسري خبر هذه القصيدة .

( يعني قصيدة الكميت المسماة بالمذهبة التي أولها : ألا حييت عنا يا مدينا ) فقال : والله لأقتلنه ثم .

اشترى ثلاثين جارية في نهاية الحسن فرواهن القصايد ( الهاشميات ) للكميت ودسهن مع نخاس إلى / هشام بن عبد الملك فاشتراهن فأنشدته يوما القصائد المذكورة فكتب إلى خالد وكان يومئذ عامله بالعراق : أن ابعث إلي برأس الكميت .

فأخذه خالد وحبسه فوجه الكميت إلى إمرأته ولبس ثيابها وتركها في موضعه وهرب من الحبس ، فلما علم خالد أراد أن ينكل بالمرأة فاجتمعت بنو أسد إليه وقالوا : ما سبيلك على إمرأة لنا خدعت فخافهم وخلى سبيلها (1) . قال الثعالبي في " ثمار القلوب " ص 171 : عهدي بالخوارزمي يقول : من روى حوليات زهير . واعتذارات النابغة . وأهاجي الحطيئة . وهاشميات الكميت . ونقائض جرير . والفرزدق . وخمريات أبي نواس . وزهديات أبي العتاهية . ومراثي أبي تمام . ومدائح البحتري . وتشبيهات ابن المعتز . وروضيات الصنوبري . ولطائف كشاجم . وقلائد المتنبي . ولم يتخرج في الشعر فلا أشب الله تعالى قرنه .

الميمية من الهاشميات :

من لقـــلب متيم مستهــــام
= غير ما صبوة ولا أحلام ؟!

قال صاعد مولى الكميت : دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام فأنشده الكميت قصيدته هذه فقال : اللهم ؟ اغفر للكميت . اللهم ؟ اغفر للكميت . " الأغاني " 15 ص 123 .

وقتيل بالطف غودر منهم
= بين غوغاء أمة وطغــام

بكى أبو جعفر ثم قال : يا كميت لو كان عندنا مال لأعطيناك ولكن لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لحسان بن ثابت : لا زلت مؤيدا بروح القدس ما ذببت عنا أهل البيت .

فخرج من عنده فأتى / عبد الله بن الحسين بن علي فأنشده فقال : يا أبا المستهل إن لي ضيعة أعطيت فيها أربعة آلاف دينار وهذا كتابها وقد أشهدت لك بذلك شهوداً . وناوله إياه ، فقال : بأبي أنت وأمي إني كنت أقول الشعر في غيركم أريد بذلك الدنيا ولا والله ما قلت فيكم إلا لله ، وما كنت لآخذ على شيء جعلته لله مالاً ولا ثمناً . فألح عبد الله عليه وأبى من إعفائه ، فأخذ الكميت الكتاب ومضى ، فمكث أياما ثم جاء إلى عبد الله فقال : بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله ؟ إن لي حاجة قال : وما هي ؟ وكل حاجة لك مقضية . قال : وكائنة ما كانت ؟ قال : نعم . قال : هذا الكتاب تقبله وترتجع الضيعة . ووضع الكتاب بين يديه فقبله عبد الله ، ونهض / عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فأخذ ثوبا جلدا فدفعه إلى أربعة من غلمانه ، ثم جعل يدخل دور بني هاشم و يقول : يا بني هاشم ؟ هذا الكميت قال فيكم الشعر حين صمت الناس عن فضلكم ، وعرض دمه لبني أمية فأثيبوه بما قدرتم . فيطرح الرجل في الثوب ما قدر عليه من دنانير و دراهم . وأعلم النساء بذلك فكانت المرأة تبعث ما أمكنها حتى أنها لتخلع الحلي عن جسدها ، فاجتمع من الدنانير والدراهم ما قيمته مائة ألف درهم ، فجاء بها إلى الكميت فقال : يا أبا المستهل أتيناك بجهد المقل ونحن في دولة عدونا وقد جمعنا هذا المال و فيه حلي النساء كما ترى ، فاستعن به على دهرك فقال : بأبي أنت وأمي قد أكثرتم و أطيبتم وما أردت بمدحي إياكم إلا الله ورسوله ولم أك لآخذ لكم ثمنا من الدنيا فاردده إلى أهله . فجهد به عبد الله أن يقبله بكل حيلة فأبى فقال : إن أبيت أن تقبل فإني رأيت أن تقول شيئا تغضب به بين الناس لعل فتنة تحدث فيخرج من بين أصابعها بعض ما يجب . فابتدأ الكميت وقال قصيدته التي يذكر فيها مناقب قومه من مضر بن نزار بن معد وربيعة بن نزار وأياد وأنمار إبني نزار ويكثر فيها من تفضيلهم ويطنب في وصفهم وانهم أفضل من قحطان فغضب بها بين اليمانية والنزارية فيما ذكرناه وهي قصيدته التي أولها .

ألا حيــــيت عنا يا مدينا
= وهل ناس تقول مسلمينا ؟

قال محمد بن كناسة : لما أنشد هشام بن عبد الملك قول الكميت :

فبهـــم صـــرت للبعـــيد ابـــن عـــم
= واتهمـــت القـــريب أي اتـــهــام (1)

مبديا صفحتي على الموقف المعلم
= بالله قـــوتــي واعـــتصــــــامـــي (2)

قال : استقتل المرائي . "الأغاني" 15 ص 127 .

البائية من الهاشميات :

طربت وما شوقا إلى البيض أطرب
= ولا لعـــبا مني ، وذو الشيب يلعــب ؟

فمــــا لي إلا آل أحــــــمد شيعة
= وما لي إلا مشعب الحق مشعب

وفي " الأغاني " 15 ص 124 : عن / دعبل بن علي الخزاعي قال : رأيت النبي صلى الله عليه وآله في النوم فقال لي : مالك وللكميت بن زيد ؟ فقلت : يا رسول الله ؟ ما بيني وبينه إلا كما بين الشعراء .

فقال : لا تفعل ، أليس هو القائل ؟

فلا زلت فيهم حيث يتهمونني
= ولا زلــت في أشياعكم أتقلب

فإن الله قد غفر له بهذا البيت قال . فانتهيت عن الكميت بعدها .

وقال في ص 14 : أخرج ابن عساكر عن الجاحظ قال : ما فتح للشيعة الحجاج إلا الكميت بقول :

فإن هي لم تصلح لحــي سواهم
= فإن ذوي القـــربى أحق وأوجب

يقولون : لم يورث ولولا تراثه
= لقــــد شــركت فيها بكيل وأرحب

وقوله :

ألا هل عــــم فــي رأيـــــه متأمل
= وهل مدبر بعد الإسائة مقبل ؟

روى أبو الفرج في " الأغاني " 15 ص 126 بالإسناد عن أبي بكر الحضرمي قال : إستأذنت للكميت على / أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام في أيام التشريق بمنى فأذن له فقال له الكميت : جعلت فداك إني قلت فيكم شعرا أحب أن أنشدكه فقال : يا كميت ؟ أذكر الله في هذه الأيام المعلومات وفي هذه الأيام المعدودات . فأعاد عليه الكميت القول فرق له أبو جعفر عليه السلام فقال : هات .

فأنشده قصيدته حتى بلغ :

يصيب به الرامون عن قوس غيرهم
= فيا آخــــــر أسدى لـــــه الغـــــي أول

فرفع أبو جعفر عليه السلام يديه إلى السماء وقال : اللهم اغفر للكميت .

كأن حـــــسينا والبهاليل حـــوله
= لأسيافهم ما يختـــــلى المتبــــتل

وغـــــاب نبي الله عـــنهم وفقده
= على الناس رزء ما هناك مجلل

فلم أر مخـــــذولا لأجــل مصيبة
= وأوجـــــب منه نصرة حين يخذل

روى أبو الفرج في " الأغاني " 15 ص 119 عن / علي بن محمد بن سليمان عن أبيه قال : كان / هشام بن عبد الملك قد اتهم خالد بن عبد الله وكان يقال : إنه يريد خلعك فوجد بباب هشام يوما رقعة فيها شعر فدخل بها على هشام فقرئت عليه وهي :

تألــــق بــــرق عــــندنا وتقـابلت
= أثاف لقدر الحرب أخشى اقتبالها

فدونك قــــدر الحـرب وهي مقرة
= لكفيك واجعــــل دون قدر جعالها

ولــــن تنـتهي أو يبلغ الأمر حده
= فنلها برسل قبــــل أن لا تنــــالها

فتجشم منها ما جشمت من التي
= بســـور أهرت نحــو حالك حالها

تلاف أمور الناس قبـــل تفاقــــم
= بعقدة حزم لا يخــــاف انحــــلالها

فما أبرم الأقوام يوما لحيــــلـــة
= من الأمر إلا قلــــدوك احتــــيالها

وقد تخبر الحرب العوان بسرها
= وإن لم يبح مــــن لا يريد سؤالها

فأمر هشام أن يجتمع له من بحضرته من الرواة فجمعوا فأمر بالأبيات فقرأت عليهم فقال : شعر من تشبه هذه الأبيات ؟ فأجمعوا جميعا من ساعتهم أنه كلام / الكميت بن زيد الأسدي . فقال هشام : نعم : هذا الكميت ينذرني بخالد بن عبد الله . ثم كتب إلى خالد يخبره وكتب إليه بالأبيات ، وخالد يومئذ بواسط فكتب خالد إلى واليه بالكوفة يأمره بأخذ الكميت وحبسه ، وقال لأصحابه : إن هذا يمدح بني هاشم ويهجو بني أمية فأتوني من شعر هذا بشئ فأتي بقصيدته اللامية التي أولها :

ألا هــــل عم في رأيه متأمــــــل
= وهل مدبر بعد الإساءة مقبل ؟

فكتبها وأدرجها في كتاب إلى هشام يقول : هذا شعر الكميت فإن كان قد صدق في هذا فقد صدق في ذاك . فلما قرأت على هشام اغتاظ فلما سمع قوله :

فيا ساسة هاتوا لنا من جوابكم
= فـــفيكم لعمري ذو أفانين مقول

اشتد غيظه فكتب إلى خالد يأمره أن يقطع يدي الكميت ورجليه ويضرب عنقه ويهدم داره ويصلبه على ترابها . فلما قرأ خالد الكتاب كره أن يستفسد عشيرته و أعلن الأمر رجاء أن يتخلص الكميت فقال . كتب إلي أمير المؤمنين وإني لأكره أن أستفسد عشيرته .

وسماه فعرف عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد ما أراد فأخرج غلاما له مولدا ظريفا فأعطاه بغلة له شقراء فارهة من بغال الخليفة وقال : إن أنت وردت الكوفة فأنذرت الكميت لعله أن يتخلص من الحبس فأنت حر لوجه الله والبغلة لك ولك علي بعد ذلك إكرامك والاحسان إليك . فركب البغلة فسار بقية يومه وليلته من واسط إلى الكوفة فصبحها فدخل الحبس متنكرا فخبر الكميت بالقصة ، فأرسل إلى امرأته وهي ابنة عمه يأمرها : أن تجيئه ومعها ثياب من لباسها وخفان . ففعلت فقال : ألبسيني لبسة النساء . ففعلت ، ثم قالت له : أقبل فأقبل وأدبر فأدبر فقالت : ما أدري إلا يبسا في منكبيك إذهب في حفظ الله . فمر بالسجان فظن أنه المرأة فلم يعرض له فنجا وأنشأ يقول :

خــــــرجت خروج القدح قدح ابن مقبل
= على الرغم من تلك النوايح والمشلي

علــــي ثيــــاب الغانيــــات وتحــــتهــــا
= عــــزيمة أمــــر أشبهــت سلة النصل

وورد كتاب خالد إلى والي الكوفة يأمره فيه بما كتب به إليه هشام ، فأرسل إلى الكميت ليؤتى به من الحبس فينفذ فيه أمر خالد ، فدنا من باب البيت فكلمتهم المرأة وخبرتهم : أنها في البيت ، وإن الكميت قد خرج . فكتب بذلك إلى خالد فأجابه : حرة كريمة أفدت ابن عمها بنفسها . وأمر بتخليتها فبلغ الخبر الأعور الكلبي بالشام فقال قصيدته التي يرمي فيها امرأة الكميت بأهل الحبس ويقول : أسودينا واحمرينا .
فهاج الكميت ذلك حتى قال : ألا حييت عنا يا مدينا ( وهي ثلاثمائة بيت )

وقال في ص 114 : إن / خالد بن عبد الله القسري روى جارية حسناء قصايد الكميت ( الهاشميات ) وأعدها ليهديها إلى هشام وكتب إليه بأخبار الكميت وهجائه بني أمية وأنفذ إليه قصيدته التي يقول فيها :

فيا رب هل إلا بك النصر يبتغى
= ويا رب هــــل إلا عليك المعول

وهي طويلة يرثي فيها / زيد بن علي وابنه الحسين بن زيد ويمدح بني هاشم ، فلما قرأها أكبرها وعظمت عليه واستنكرها وكتب إلى خالد : يقسم عليه أن يقطع لسان الكميت ويده . فلم يشعر الكميت إلا والخيل محدقة بداره فأخذ وحبس في المحبس ، وكان أبان بن الوليد عاملا على واسط وكان الكميت صديقه فبعث إليه بغلام على بغل وقال له : أنت حر - إلى آخر ما يأتي إن شاء الله تعالى .

وللكميت في حديث الغدير من قصيدة قوله :

عــلــــي أميـــر المؤمنين وحقه
= من الله مفروض على كل مسلم

وإن رســــول الله أوصى بحــقه
= وأشــــركه في كــــل حـق مقسم

وزوجــــه صديقــــة لـم يكن لها
= معــــادلة غــــير البــــتولة مريم

وردم أبــــواب الــــذين بـنى لهم
= بــــيوتا ســــوى أبــوابه لم يردم

وأوجــــب يوما بالغــــدير ولايـة
= على كل بــــر من فصيح وأعجم

أبو المستهل الكميت بن زيد بن خنيس بن مخالد (1) بن وهيب بن عمرو بن سبيع بن مالك بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار . قال أبو الفرج : شاعر مقدم عالم بلغات العرب ، خبير بأيامها ، من شعراء مضر وألسنتها والمحصبين على القحطانية المقارنين المقارعين لشعراءهم ، العلماء بالمثالب والأيام المفاخرين بها ، وكان في أيام بني أمية ولم يدرك الدولة العباسية ومات قبلها ، وكان معروفا بالتشيع لبني هاشم مشهورا بذلك . سئل معاذ الهراء : من أشعر الناس ؟ قال : أمن الجاهليين أم من الاسلاميين ؟ قالوا : بل من الجاهليين . قال : امرؤ القيس ، وزهير ، وعبيد بن الأبرص . قالوا : فمن الاسلاميين قال : الفرزدق ، وجرير ، والأخطل ، والراعي . قال فقيل له : يا أبا محمد ما رأيناك ذكرت الكميت فيمن ذكرت ؟ قال : ذاك أشعر الأولين والآخرين (1) . وكان مبلغ شعره حين مات خمسة آلاف ومأتين وتسعة وثمانين بيتا على ما في الأغاني ، و المعاهد 2 ص 31أو أكثر من خمسة آلاف قصيدة كما في كشف الظنون نقلا عن عيون الأخبار لابن شاكر 1 ص 397 . وقد جمع شعره الأصمعي وزاد فيه ابن السكيت ، ورواه جماعة عن أبي محمد عبد الله بن يحيى المعروف بابن كناسة الأسدي المتوفى 207، ورواه ابن كناسة عن الجزي ، وأبي الموصل ، وأبي صدقة الأسديين ، وألف كتابا أسماه ( سرقات الكميت من القرآن وغيره ) (2) . ورواه ابن السكيت عن أستاذه نصران وقال نصران : قرأت شعر الكميت على أبي حفص عمر ابن بكير . وعمل شعره السكري أبو سعيد الحسن بن الحسين المتوفى 275، كما في فهرست ابن النديم ص 107 و 225. وصاحب شعره محمد بن أنس كما في تاريخ ابن عساكر 4 ص 429 . وحكى ياقوت في معجم الأدباء 1 ص 410 عن ابن نجار عن أبي عبد الله أحمد بن الحسن الكوفي النسابة أنه قال : قال ابن عبدة النساب : ما عرف النساب أنساب العرب على حقيقة حتى قال الكميت ( النزاريات ) فأظهر بها علما كثيرا ، ولقد نظرت في شعره فما رأيت أحدا أعلم منه بالعرب وأيامها ، فلما سمعت هذا أجمعت شعره فكان عوني على التصنيف لأيام العرب . وقال بعضهم : كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر : كان خطيب أسد ، فقيه الشيعة ، حافظ القرآن العظيم ، ثبت الجنان ، كاتبا حسن الخط ، نسابة جدلا ، وهو أول من ناظر (3) في التشيع ، راميا لم يكن في أسد أرمى منه ، فارسا (1) الأغاني 15 ص 115 و 127 . (2) التعبير بالسرقة لا يخلو من مسامحة فإنها ليست إلا أخذا بالمعنى أو تضمينا لكلم من القرآن ، وحسب الكميت ( وأي شاعر ) أن يقتص أثر الكتاب الكريم . شجاعا ، سخيا دينا . خزانة الأدب 2 ص 69، شرح الشواهد ص 13. ولم تزل عصبيته للعدنانية ومهاجاته شعراء اليمن متصلة ، والمناقضة بينه و بينهم شايعة في حياته ، وفي إثرها ناقض دعبل وابن عيينة قصيدته المذهبة بعد وفاته وأجابهما أبو الزلفاء البصري مولى بني هاشم ، وكان بينه وبين حكيم الأعور الكلبي مفاخرة ومناظرة تامة . وحكيم الأعور المذكور أحد الشعراء المنقطعين إلى بني أمية بدمشق ، ثم انتقل إلى الكوفة ، جاء رجل إلى / عبد الله بن جعفر فقال له : يا بن رسول الله ؟ هذا حكيم الأعور ينشد الناس هجاكم بالكوفة . فقال : هل حفظت شيئا ؟ قال : نعم وأنشد :

صلبـنا لكم زيدا على جذع نخلة
= ولم نر مهديا على الجزع يصلب

وقستم بعثمان عليا سفــــاهــــة
= وعــــثمان خـير من علي وأطيب

فرفع عبد الله يديه إلى السماء وهما تنتفضان رعدة فقال : اللهم إن كان كاذبا فسلط عليه كلبا . فخرج حكيم من الكوفة فأدلج (1) فافترسه الأسد. معجم الأدباء 4 ص 132 .

( الكميت وحياته المذهبية ) :

يجد الباحث في خلال السير وزبر الحديث شواهد واضحة على أن الرجل لم يتخذ شاعريته وما كان يتظاهر به من التهالك في ولاء أهل البيت عليهم السلام ، وسيلة لما يقتضيه النهمة ، وموجبات الشره من التلمظ بما يستفيده من الصلات و الجوائز ، أو تحري مسانحات وجرايات ، أو الحصول على رتبة أو راتب ، أنى ؟ و آل رسول الله كما يقول عنهم دعبل الخزاعي :

أرى فيئهم في غيرهم متقسما
= وأيديهم من فــــيئهم صفـــرات

وهم فضلا عن شيعتهم :

مشردون نفوا عن عقر دارهم
= كأنهم قد جنوا ما ليـس يغتفر

وقد انهالت الدنيا قضها بقضيضها على أضدادهم يوم ذلك من طغمة الأمويين ولو كان المتطلب يطلب شيئا من حطام الدنيا ، أو حصولا على مرتبة ، أو زلفة تربى به لطلبها من أولئك المتغلبين على عرش الخلافة الإسلامية ، فرجل يلوي بوجهه عنهم إلى أناس مضطهدين مقهورين ، ويقاسي من جراء ذلك الخوف والاختفاء تتقاذف به المفاوز والحزون ، مفترعا ربوة طورا ، ومسفا إلى الأحضة تارة ، وورائه الطلب الحثيث ، وبمطلع الأكمة النطح والسيف ، ليس من الممكن أن يكون ما يتحراه إلا خاصة فيمن يتولاهم ، لا توجد عند غيرهم ، وهذا هو شأن الكميث مع أل البيت فقد كان يعتقد فيهم أنهم وسائله إلى المولى سبحانه ، وواسطة نجاحه في عقباه ، وإن مؤدتهم أجر الرسالة الكبرى . فدخل الكميت فقال : جعلت فداك أنشدك ؟ فقال : أنشد فأنشده قصيدة فقال : يا غلام ؟ اخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت . فقال : جعلت فداك أنشدك أخرى ؟ فأنشده فقال : يا غلام ؟ اخرج بدرة فادفعها إليه . فقال : جعلت فداك أنشدك أخرى ؟ فأنشده فقال : يا غلام ؟ اخرج بدرة فادفعها إليه . فقال : جعلت فداك والله ما أحبكم لعرض الدنيا وما أردت بذلك إلا صلة رسول الله وما أوجب الله علي من الحق . فدعا له الباقر عليه السلام فقال : يا غلام ردها إلى مكانها . فقلت : جعلت فداك قلت لي : ليس عندي درهم وأمرت الكميت بثلاثين ألفا (1) فقال : ادخل ذلك البيت . فدخلت فلم أجد شيئا ، فقال : ما سترنا عنكم أكثر مما أظهرنا .

قال صاعد : دخلنا مع الكميت على فاطمة بنت الحسين عليه السلام فقالت : هذا شاعرنا أهل البيت وجاءت بقدح فيه سويق فحركته بيدها وسقت الكميت فشربه ثم أمرت له بثلاثين دينارا ومركب ، فهملت عيناه وقال : لا والله لا أقبلها إني لم أحبكم للدنيا ." الأغاني " 15 ص 123 وللكميت في رده الصلات الطايلة على سروات المجد من بني هاشم مكرمة ومحمدة عظيمة أبقت له ذكرى خالدة وكل من تلكم المواقف شاهد صدق على خالص ولائه و قوة إيمانه ، وصفاء نيته ، وحسن عقيدته ، ورسوخ دينه ، وإباء نفسه ، وعلو همته ، وثباته في مبدئه ( العلوي ) الشيعي الرافضي ، وصدق مقاله للإمام السجاد / زين العابدين عليه السلام : إني قد مدحتك أن يكون لي وسيلة عند رسول الله ويعرب عن ذلك كله صريح قوله : للإمام الباقر / محمد بن علي عليهما السلام : والله ما أحبكم لعرض الدنيا وما أردت بذلك إلا صلة رسول الله وما أوجب الله علي من الحق . وقوله الآخر عليه السلام : ألا والله لا يعلم أحد أني آخذ منها حتى يكون الله عز وجل الذي يكافيني . وقوله للإمامين الصادقين عليهما السلام : والله ما أحببتكم للدنيا ولو أردتها لأتيت من هو في يديه ولكني أحببتكم للآخرة . وقوله ل / عبد الله بن الحسن بن علي عليه السلام : والله ما قلت فيكم إلا لله وما كنت لآخذ على شيء جعلته لله مالا ولا ثمنا . وقوله لعبد الله الجعفري : ما أردت بمدحي إياكم إلا الله ورسوله ، ولو أك لآخذ لكم ثمنا من الدنيا . وقوله لفاطمة بنت الإمام السبط : والله إني لم أحبكم للدنيا . وكان أئمة الدين ورجالات بني هاشم يلحون في أخذ الكميت صلاتهم ، و قبوله عطاياهم ، مع إكبارهم محله من ولائه ، واعتنائهم البالغ بشأنه ، والاحتفاء و التبجيل له ، والاعتذار عنه بمثل قوم الإمام السجاد صلوات الله عليه له : ثوابك نعجز عنه ولكن ما عجزنا عنه فإن الله لا يعجز عن مكافأتك . منقول عن الشيعة ولايوثق بتوثيقهم فهم وضاعون عليه وعلى الفرزدق وغيرهم . منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس