معن بن زائدة والحلم
كُتب : [ 08 - 03 - 2008 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : تذاكر جماعة فيما بينهم أخبار / معن بن زائدة وما هو عليه من وفرة الحلم ولين الجانب وأطالوا في ذلك ، فقام أعرابي وآلى على نفسه أن يغضبه ، فقالوا : إن قدرت على إغضابه فلك مائة بعير ، فإنطلق الأعرابي إلى بيته وعمد إلى شاة له فسلخها ثم إرتدى إهابها جاعلاً باطنه ظاهره ثم دخل على معن بصورته تلك ووقف أمامه طافح العينين كالخليع ، تارة ينظر إلى الأرض وتارة ينظر إلى السماء ، ثم قال :
أتذكر إذ لحافك جلد شاة
= وإذ نعليك من جلد البعير
قال معن : أذكر ذلك ولا أنساه يا أخا العرب .
فقال الأعرابي :
فسبحان الذي أعطاك ملكاً
= وعلمك الجلوس على السرير
فقال معن : سبحانه وتعالى .
وقال الأعرابي :
فلست مُسَلِّماً ما عشتُ حياً
= على معن بتسليم الأمير
قال معن : إن سلَّمت رددنا عليك السلام ، وإن تركت فلا ضير عليك .
فقال الأعرابي :
سأرحل عن بلاد أنت فيها
= ولو جار الزمان على الفقير
فقال معن : إن أقمت بنا فعلى الرحب والسعة ، وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسلامة .
فقال الأعرابي وقد أعياه حلم معن :
فجد لي يابن ناقصة بمال
= فإني قد عزمت على المسير
فقال معن : أعطوه ألف دينار .
فأخذها وقال :
قليل ما أتيتَ به وإني
= لأطمع منك بالمال الكثير
فثنِّ فقد أتاك الملك عفواً
= بلا عقل ولا رأي منير
فقال معن : أعطوه ألفاً ثانياً .
فتقدم الأعرابي إليه وقبل يديه ورجليه وقال :
سألت الله أن يبقيك ذخراً
= فما لك في البرية من نظير
فمنك الجود والإفضال
= حقاً وفيض يديك كالبحر الغزير
فقال معن : أعطيناه على هَجوِنا ألفين ، فأعطوه على مدحنا أربعة آلاف .
فقال الأعرابي :
جُعِلتُ فداك ، ما فعلت ذلك إلا لمائة بعير جُعِلَت على إغضابك .
فقال معن : لا خوف عليك ، ثم أمر له بمائتي بعير ، نصفها للرهان والنصف الآخر له .
فإنصرف الأعرابي داعياً شاكراً .
وتلك قصة تعزز المعنى السامي لفضيلة الحلم ، فالحلم هو ضبط النفس عند الغضب ، والصبر على الأذى ، من غير ضعف ولا عجز ولا خور إبتغاء وجه الله تعالى وتتفاوت قدرات الناس في ضبط النفس ، والصبر على الأذى ، فمنهم من يكون سريع الإنفعال ويقابل الأذى دون النظر في العواقب ، ومنهم من يتمالك نفسه ، ويكبح جماح غضبه ، ويتحلى بالصبر والحلم ويتلمس الأعذار والمبررات لمن أساء إليه وهذا هو الرجل الحليم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب . منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|