قبل سنوات طويلة ذهبت مع أحد الأصدقاء إلى منطقة برية جميلة تدعى "البيضاء". وحين أشرفت الشمس على الغروب قررنا التوقف عند بئر تدعى مبرك الناقة للوضوء وأداء صلاة المغرب.
وحين وصلنا وجدنا طفلاً صغيراً جالساً على حافة البئر لم يبد اهتماما بوصولنا. ونحن بدورنا ظنناه ابناً لأحد الرعاة فلم نعره كبير اهتمام. ولكن بعد ان انتهينا من الوضوء أراد صديقي ملاطفة الطفل فسأله "أيش اسمك يا بطل!؟" فقال الطفل: "ما أقولك، لكنني أعرف اسمك واسمه" وأشار إليّ. فقال صديقي "حسناً وما اسمي أنا؟" فقال الطفل "خالد وهذاك فهد".. حينها سرت في أجسادنا قشعريرة باردة وانسحبنا إلى سيارتنا بهدوء - بدون أن نصلي المغرب -. وبعد أن ركبنا السيارة مرت لحظات صمت رهيبة قبل أن ننظر لبعضنا وننفجر بالضحك. وحينها سألته "هل تظنه ما أظن!؟" قال: "بالتأكيد.. طفل وحيد في البر، وجالس على حافة البئر، وفي وقت المغرب.. أكيد جني داشر".. وحينها حاولت استفزازه فقلت متهكماً "بالنسبة لي ليس غريباً أن أصاب بالرعب، ولكن (أنت) ما الذي أخافك وأنت تسكن أصلاً في بيت مليء بالجن!؟" قال "يا حبيبي هذا الولد رأيته اليوم في المطبخ"!!.
نعم؛ فهذا الصديق (الذي يدعى خالد مرزوق الدوسري ويعمل حاليا محققاً في الادعاء العام بالمدينة المنورة) كان يعيش وحيداً في منزل مسكون بالجن. فقد انتقلت عائلته للعيش في تبوك وبقي وحيداً في المنزل لمتابعة دراسته. وبمرور الأيام بدأ يسمع أصواتاً غريبة وأشكالاً شبحية غامضة سرعان ما تفاقمت (وأصبح يلاحظها حتى زواره). إلا انه كان يتمتع بأعصاب فولاذية وكان يكرر دائما "يا أنا يا هم في هذا البيت".. وكان على قناعته بأن الجن "حالة شبحية" ليس لها القدرة على إيذائنا مادياً وكان كثيراً ما يكرر حديثا (بما معناه) انهم يخافون منكم كما تخافون منهم!!
على أي حال هذه الحادثة قد لا تكون غريبة على سكان المدينة بالذات؛ فحتى زمن قريب عاشت بعض العائلات مع الجان في وئام تام في البيوت المحيطة بالحرم النبوي الشريف (قبل التوسعة الأخيرة). وكانت معظم هذه البيوت تعود لصحابة وصالحين وكان الناس يسمعون وضوء الجن حين ينادى للصلاة ويسمعون تسبيحهم قبل طلوع الفجر وبعد الغروب (.. بل كانوا يرتاحون لوجودهم اعتقاداً منهم انهم يعملون على حراسة المنزل أثناء غيابهم)!!.
وما يبدو لي ان حالات كهذه عرفت ووجدت في مناطق كثيرة حول العالم... فقبل فترة قرأت كتاباً يضم قصصاً حقيقية عن عائلات أجنبية عاشت لفترة طويلة في منازل مسكونة. فهناك مثلاً عائلة ويليامز الكندية التي قررت الانتقال إلى منزل فخم اشترته بسعر زهيد. ولم تدرك العائلة السبب الحقيقي لرخص المنزل إلا بعد أن سكنوا فيه وبدأوا يسمعون أصواتاً غريبة ويرون أشباحاً مخيفة. وبدل ان ينتقلوا لغيره - كما فعل قبلهم كل من اشترى المنزل - اتفقوا على البقاء فيه ما لم يتعرضوا لأذى حقيقي. ومع الأيام تعودت العائلة على وجود الأشباح وسماع الأبواب وهي تفتح وتغلق بلا سبب واضح.. بل ان الأم دورا - المؤلفة الرئيسية للكتاب - اشترت كاميرا رقمية متطورة لالتقاط صور الأشباح الغريبة وضمنته في كتابها المدعو (Haunted: the incredible true stories; By Dorah Williams)
وفي منطقة وارنجتون في بريطانيا يوجد منزل عاشت فيه عائلات كثيرة يدعى "بيت الرياح".. هذا المنزل ظل مهجوراً منذ عام 1996بسبب شهرته كأسوأ المنازل المسكونة في بريطانيا.. ومؤخراً تم شراء هذ المنزل من قبل تاجر عقارات يدعى أندرو تايلر حوله إلى ما يعرف بـ "أول فندق مسكون في العالم".. وأندروا نفسه عاش طفولته في منزل مليء بالأشباح وبالتالي لم يجد مانعاً من شراء المنزل وتحويله لفندق - فحسب رأيه العالم مليء بمجانين يتمنون النوم في غرفة مسكونة!!
.. على أي حال هذه مجرد نماذج لأشخاص وعائلات ألفت العيش مع الجان وأدركت - من خلال التجربة - عدم امتلاكهم قدرة مادية للإضرار بالبشر.. هذه الحقيقة أرجو أن تتذكرها جيداً كلما تحركت الأكواب - في المرة القادمة - بلا سبب واضح!!
لاتنسى((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ماخلق... )) هذا المقال نقلاَ عن الكاتب المبدع فهد عامر الأحمدي
غير متصل
