عميد «معهد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» لـ«عكاظ» :
«الهيئة» في حاجة للنهوض بأعضائها.. وتجسير العلاقة مع المجتمع أمر ملح
هاني اللحياني ـ مكة المكرمة
كشف عميد المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجامعة أم القرى الدكتور خالد بن عبدالله الشمراني أنه لا حاجة لتوظيف المرأة في مجال الحسبة و طالب بضرورة إنشاء قناة فضائية مخصصة لأعمال الحسبة لتوسيع مساحات التوعية و نشر ثقافة الاحتساب وشدد على أهمية سعي الهيئة للتواصل مع سكان الأحياء بما يحقق المزيد من العمل التوجيهي لأعضاء الهيئة. جاء ذلك في حوار "عكاظ" مع الشيخ الشمراني وفيما يلي نصه:
تتطلع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإنشاء مراكز للتدريب في فروعها، من موقعكم كمشرف على معهد له علاقة بمجال الهيئة .. كيف تؤسس البنية التحتية لهذه المراكز؟
ـ الهيئة كأي مؤسسة حكومية، في حاجة ماسة للنهوض بالمستوى المهني لأعضائها، وهذا لا يقلل من كفاءة الأعضاء العاملين حالياً، لكن طبيعة المرحلة وحجم التحديات يلقي بمزيد من العبء على كاهل هذا الجهاز المهم والحساس الذي أسندت إليه مهمة الحفاظ على الأمن الأخلاقي للمجتمع، ، وهناك خطة مستقبلية لدى قسم التدريب في المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجامعة أم القرى لتحقيق هذا الهدف، وتتلخص فكرة المعهد في إعداد برامج تدريبية لأعضاء الهيئة في مقار عملهم، كما أن هناك فكرة مشروع لتأهيل كفاءات تدريبية من نفس أعضاء الهيئة، لكي يسهموا في تحقيق هذا الهدف .
فجوة وهمية
برأيك كيف يمكن إيجاد علاقة بين الهيئة وسكان الأحياء؟ وما هو المطلوب من الهيئة لتكريس هذا الاتجاه؟
لا شك أن هذا مطلب ملحٌّ، ولاسيما إذا استحضرنا أن مهمة الاحتساب مطلوبة من كل مَن رأى منكرًا، حسب القدرة وبالضوابط الشرعية ، ولا ريب أن مدَّ جسور التواصل مع أئمة المساجد وعامة أهل الأحياء السكنية فيه جملة من الفوائد، منها: تجسير الفجوة الوهمية بين الهيئة وبين المجتمع، هذه الفجوة التي أسهمت في تكريسها بعض الأطروحات الإعلامية غير المنصفة، كما أن من فوائد هذا الأمر نشر ثقافة الاحتساب، أو ما أحب أن أسميه "تطبيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"
مغالطات إعلامية
يرى بعض الإعلاميين أن مطاردات الهيئة لأصحاب السيارات المشتبه بتورطها في قضايا أخلاقية تعتبر من قبيل الجنايات.. ماذا تقولون؟
هذه مغالطة واضحة، وهي جزء من التلبيس الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام، فما تقوم به الهيئة هو متابعة للجناة والمشتبه بهم،. إذ ليس من المعقول أن يترك الحبل على غاربه للمنحرفين، وإذا ترتب على هذه المتابعة هروبٌ المشتبه به فالتعليمات المعمول بها هو تسجيل بيانات السيارة المشتبهة، والكتابة للجهة ذات العلاقة، أما إذا ترتب على متابعة المشتبه به هروبه بشكل متهور مما قد يؤدي إلى إصابته في حادثٍ مروري، ففي هذه الحال هو الذي جنى على نفسه، وإذا ثبت أن بعض أعضاء الهيئة صدر منه تجاوز، فالذي يجرم ويعاقب هو القضاء الشرعي، أما أن تكون هذه الحوادث التي لم يثبت تورط الهيئة فيها ذريعةً لإيقاف متابعة أهل الريب والفساد، فهذا ما لا يقوله عاقل.
لكن قال أحد كتّاب الأعمدة: إن الهيئة ابتعدت عن القيام بأي دورٍ اجتماعي نشط غير الضبط، إلا في عمليات التفتيش والمصادرة مما جعلها في نظر الناس
كياناً يخاف منه البريء والمتهم، .. بماذا تردون؟
هذا ما ذكرته إحدى الكاتبات، وهو تجاهل للحقائق، فالهيئة جهاز حكومي له اختصاصه المتمثل في حفظ الأمن الأخلاقي، وله نظامه ولوائحه، ووظيفته سامية، وهي حفظ أديان الناس وأخلاقهم، ويكفي أنهم يقومون بفرضٍ كفائي لو تخلى عنه المجتمع لأصابه العذاب واللعنة، ولا أظن أن البريء يخاف منه، بل لا يخاف منه إلا المجاهرون بالمعاصي.
تتناول وسائل الإعلام الكثير من الموضوعات المتعلقة بقضايا الهيئة، ومنها ما يحدث من مطاردات، فهل يعتبر نشر هذه المواد تربصا صحفيّا؟ أم ماذا؟
لاشك أن الطرح الإعلامي لوسائل إعلامنا ولاسيما المقروءة منه- إلا ما ندر- فيه خلل كبيرٌ وتحامل واضحٌ على الهيئة،فإذا كانت القاعدة أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، فهذه القاعدة معكوسة من قبل الصحافة في حق الهيئة، والدليل على ذلك أن كثيرًا من القضايا التي اتهم بعض أعضاء الهيئة فيها بالتجاوز، ثبتت براءتهم منها، وفي تقديري أن السبب وراء هذا الجنوح الإعلامي عدم التزام بعض وسائل الإعلام بالأنظمة ومنها نظام المطبوعات والنشر، مما أسهم في زيادة هذا الانحراف وعدم خضوع الإعلاميين للقضاء الشرعي، بل يحال المتجاوز منهم إن أحيل لبعض اللجان في وزارة الإعلام الثقافة والاعلام.
الآن وفي ظل المتغيرات التي طرأت..
هل ترى أن الهيئة قادرة على التأثير أم أن الوضع يتطلب تجديدا في مفاصلها ، ونقلات فاعلة وأداء متطورا كي تعينها على أداء دورها بقوالب يتقبلها المجتمع؟
الهيئة بحاجة ماسة لمزيدٍ من الدعم المادي والمعنوي، وهذا يتضمن زيادة ميزانية هذا الجهاز وزيادة عدد الأعضاء وتأهيلهم من الناحية الشرعية والمهنية، وإقرار بدل الخطر لعضو الهيئة العامل في الميدان، وزيادة الاعتمادات المخصصة للتدريب، والأهم من ذلك كله منح جهاز الهيئة الصلاحيات الكافية لممارسة عمله، وكذا منح رجال الحسبة حصانة مناسبة تمكنهم من القيام بدورهم، و ألا يتولى التحقيق معهم إلا لجنة خاصة من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ماذا عن الأحكام والضوابط الشرعية لمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ثم ماذا عن أولويات مهمة عضو الهيئة؟
الإمام سفيان الثوري أوجز ذلك بقوله: "لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا مَن كان فيه خصالٌ ثلاث: رفيق بما يأمر. رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر .عدل بما ينهى، عالمٌ بما يأمر .عالمٌ بما ينهى"، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "والرفق سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا قيل: ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف ونهيك عن المنكر بلا منكر". وأعضاء الهيئة لديهم على وجه العموم إلمامٌ كامل بهذه الضوابط والآداب، والله أعلم.
هناك من يرى أنه آن الأوان لتوظيف المرأة في جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مثلها مثل المراقبات في الحرم المكي، والداعيات المتعاونات مع مراكز الدعوة وتوعية الجاليات، هل ترى أن الحاجة ملحَّة لذلك ؟
لا أرى إقحام المرأة في مجال الاحتساب لعدم الحاجة لذلك من وجهة نظري على الأقل في الفترة الحالية.
القناة الفضائية واستخدام أجهزة اللاسلكي والزي الموحد أفكار مطروحة لإحداث نقلة تطويرية في الهيئة، كيف تنظر لهذه الأفكار؟
أما ما يتعلق بالقناة الفضائية فهو أمرٌ مهم للغاية، ولاسيما في خضم هذا الكم الهائل من القنوات الهابطة، والهيئة في أمسِّ الحاجة لوجود مثل هذه القناة، لإظهار الدور الحضاري المهم الذي يضطلع به هذا الجهاز، وأما ما يتعلق بأجهزة اللاسلكي فمن المهم تمكين جهاز الهيئة من استخدامها أسوةً بكثيرٍ من الجهات الأمنية والخدمية، وأما ما يتعلق بالزي الموحد فهو أمرٌ مصلحي يحتاج إلى تأمل ودراسة .
قسما المعهد
في معهدكم ما الأفكار والدراسات المطروحة لتطوير المعهد؟
ـ المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجامعة أم القرى، صدر الأمر بإنشائه في 5/6/1425هـ، وهو يتكون من قسمين: قسم الحسبة و يمنح درجة الدبلوم العالي، ومدة الدراسة فيه سنتان، ،، وأما القسم الآخر فهو قسم الدورات التدريبية، وهو معني بإعداد الدورات المتخصصة في مجال الاحتساب والأنظمة والمهارات لمنسوبي الهيئة، وأما ما يتعلق بالجوانب التطويرية فهناك العديد من المشاريع قيد التنفيذ، منها إعادة النظر في برنامج الدبلوم العالي في الحسبة بما يتوافق مع احتياجات الهيئة، بالإضافة إلى أننا فرغنا من إعداد مشروع “الجمعية السعودية للحسبة”، وسيعرض على مجلس الجامعة
قريبًا تمهيدًا لإقراره- إن شاء الله-، كما أن من التطلعات التي نسعى لتحقيقها تدشين موقع على شبكة الإنترنت يركز فيه على دراسة النوازل الاحتسابية
وفقك الله يا شيخ ونصر رجال الحسبة على الحاقدين
ودعاة جهنم
غير متصل
