بسم الله الرحمن الرحيم
مسـتقر الشـمـس :
بقلم الداعية عبد الدائم الكحيل : تحدث القرآن الكريم قبل 1400 سنة عن حقيقة لم يتوصل إليها العلماء إلا منذ عدة سنوات فقط، ألا وهي مستقر الشمس ، لنقرأ .
الشمس في أرقام :
تبعد الشمس عن الأرض بحدود 150 مليون كيلو متر، وبما أن الضوء يسير بسرعة تصل إلى 300 ألف كيلو متر في الثانية ، فإن ضوء الشمس حتى يصل إلى الأرض يحتاج إلى مدة مقدارها 8.31 دقيقة .
وتتوضع الشمس في مجرة درب التبانة ( وهي المجرة التي ننتمي إليها ) على مسافة 27 ألف سنة ضوئية من مركزها . ويبلغ حجم الشمس مليون وثلاث مئة ألف مرة حجم الأرض ، أو 1.4 بليون بليون كيلو متر مكعب . أما وزنها فيبلغ 333 ألف مرة وزن الأرض . أما درجة الحرارة على سطحها فتبلغ 6000 درجة مئوية ، وفي مركزها تزيد الحرارة على 13 مليون درجة مئوية . وتتركب الشمس من غازي الهيدروجين والهليوم بنسبة أكثر من 98 بالمئة ، والباقي عبارة عن أكسجين وحديد وكربون وغير ذلك من العناصر .
مع العلم أن السنة الضوئية هي وحدة قياس فلكية تستخدم لقياس المسافات ( وليس الزمن )، وهي المسافة التي يحتاج الضوء ليقطعها مدة سنة كاملة ، وتساوي : 9.5 مليون مليون كيلو متر تقريباً .
تمتلك الشمس أكثر من 99.9 بالمئة من كتلة المجموعة الشمسية ، ويتمدد غلافها الجوي بسرعة تفوق سرعة الصوت مسبباً جريان تيار كبير من الشحنات والتي تسير بسرعة تصل إلى أكثر من مليون ونصف كيلو متر في الساعة . وتدور الشمس حول نفسها بسرعة تصل إلى 7174 كيلو متر في الساعة عند خط الاستواء الخاص بها .
الحركة المعقدة للشمس :
لقد كان الاعتقاد السائد لقرون طويلة أن الأرض ثابتة وأن الشمس تدور حولها ، ثم تغير هذا الاعتقاد مع النهضة العلمية الحديثة منذ القرن السابع عشر لينظر العلماء وقتها إلى الشمس على أنها ثابتة وأن الكواكب تدور حولها .
ولكن وبعد اكتشاف المجرات وبعد الدراسات الدقيقة التي أجريت على الشمس تبين أن الأمر ليس بهذه البساطة . فالشمس تسير وتتحرك وليست ثابتة . وقد كان يظن في البداية أن للشمس حركة واحدة هي حركة دورانية حول مركز المجرة ، ولكن تبين فيما بعد أن الشمس تتحرك باتجاه مركز المجرة أيضاً .
تبين أيضاً أن الشمس تتحرك حركة دورانية وتتذبذب يميناً وشمالاً ، مثل إنسان يجري فتجده يميل يميناً ويساراً ، ولذلك فهي ترسم مساراً متعرجاً في الفضاء . إن الشمس تسبح حول فلك محدد في المجرة وتستغرق دورتها 226 مليون سنة ، وتسمى هذه المدة بالسنة المجرية galactic year وهي تجري بسرعة 217 كيلو متر في الثانية . وتندفع الشمس مع النجوم المجاورة لها بنفس السرعة تقريباً ولكن هنالك اختلاف نسبي بحدود 20 كيلو متر في الثانية بين الشمس وبين النجوم المحيطة بها .
هنالك حركة للشمس لاحظها العلماء حديثاً ، وهي حركتها مع المجرة التي تتوضع فيها . فالعلماء يعتقدون بأن مجرة درب التبانة " أو مجرتنا "، تسير بسرعة 600 كيلو متر في الثانية ، وتجرف معها جميع النجوم ومنها شمسنا .
مستقر الشمس :
لقد ظل الناس ينظرون إلى الشمس على أنها مصدر للحرارة فحسب ، وأنها تطلع من الشرق وتغرب من الغرب ، ولكن تبين حديثاً أن الشمس تسلك طرقاً شديدة التعقيد ، وتجري وتتحرك بسرعة أكثر من 200 كيلو متر في الثانية .
لقد بدأ اهتمام علماء الفضاء بدراسة حركة الشمس بهدف إطلاق مركبات فضائية خارج المجموعة الشمسية لاستكشاف الفضاء ما بعد المجموعة الشمسية . وقد أطلقوا لهذا الهدف مركبتي فضاء " فوياجر1، وفوياجر2 ".
وعند دراسة المسار الذي يجب أن تسلكه المراكب الفضائية للخروج خارج النظام الشمسي تبين أن الأمر ليس بالسهولة التي كانت تظن من قبل . فالشمس تجري بحركة شديدة التعقيد لا تزال مجهولة التفاصيل حتى الآن . ولكن هنالك حركات أساسية للشمس ومحصلة هذه الحركات أن الشمس تسير باتجاه محدد لتستقر فيه ، ثم تكرر دورتها من جديد ، وقد وجد العلماء أن أفضل تسمية لاتجاه الشمس في حركتها هو " مستقر الشمس ". يدرس العلماء اليوم الحركة المعقدة للشمس وحركة الريح الشمسية وحركة الغاز الذي بين النجوم ، وذلك بهدف الإطلاق الناجح لمركبات الفضاء .
إذن المجرة التي ينتمي كوكبنا إليها تجري بسرعة هائلة ، وتجرف معها كل النجوم والكواكب ومن ضمنها المجموعة الشمسية ، ويجري كل نجم من نجوم المجرة بسرعة تختلف حسب بعده عن مركز المجرة .
ويحاول العلماء اليوم قياس " مستقر الشمس " بدقة ولكن هنالك العديد من الآراء والطرق تبعاً لمجموعة النجوم التي سيتم القياس بالنسبة لها . فكما نعلم عندما نخرج في الفضاء ونريد تحديد سرعة الشمس واتجاه جريانها فإن علينا أن نوجد نقطة نقيس بالنسبة إليها ، لأن جميع المجرات والكواكب والأجسام والغبار الكوني والطاقة الكونية جميعها تسبح وتدور في أفلاك ومدارات محددة .
القرآن يتحدث عن مستقر الشمس :
1- يقول تبارك وتعالى متحدثاً عن حقيقة علمية لم يكن لأحد علم بها وقت نزول القرآن : (
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )[ يس : 38 ]. ففي هذه الآية العظيمة نحن أمام كلمة جديدة وهي " مستقر الشمس "، هذه العبارة لم يفهمها أحد زمن نزول القرآن ، ولكننا اليوم نجد العلماء يتحدثون عن حقيقة كونية جديدة وهي ما أطلقوا عليه اسم solar apex.
ولو سألنا علماء وكالة الفضاء الأمريكية nasa عن مستقر الشمس ، فإنهم يقدمون تعريفاً وهو بالحرف الواحد[5] :
The solar apex is the direction toward which the Sun and the solar system are moving.
إن مستقر الشمس هو الاتجاه الذي تجري الشمس والمجموعة الشمسية نحوه .
إن هذا التعريف يتطابق تماماً مع التعريف القرآني للكلمة ، فالقرآن يقول : (
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا )، والعلماء يقولون : إن الشمس تجري باتجاه نقطة محددة هي مستقر الشمس . وفي ذلك سبق علمي للقرآن حيث تحدث عن جريان الشمس ، وتحدث عن مستقر للشمس .
إن الوصف القرآني دقيق جداً من الناحية العلمية للشمس في حركتها ، فهي تجري جرياناً باتجاه نقطة محددة سماها القرآن ( المستقر ) وجاء العلماء في القرن الحادي والعشرين ليطلقوا التسمية ذاتها ، فهل هنالك أبلغ من هذه المعجزة القرآنية ؟
2- هنالك إعجاز آخر في الآية الكريمة وهو أن الله تعالى لم يقل : والشمس تسير ، أو تتحرك ، أو تمشي ، بل قال : (
وَالشَّمْسُ تَجْرِي )، وهذا يدل على وجود سرعة كبيرة للشمس ، ووجود حركة اهتزازية وليست مستقيمة أو دائرية ، ولذلك فإن كلمة ( تجري ) هي الأدق لوصف الحركة الفعلية للشمس .
3- ولو تأملنا قوله تعالى في الآية التالية : (
لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )[ يس : 40 ]. ندرك أن هذه الآية قد تحدثت عن حقيقة علمية وهي أن جميع الأجسام في الكون تسبح في فلك محدد ، وفي هذه الآية الكريمة إشارة إلى الأفلاك المختلفة للأجسام الكونية مثل الشمس والقمر ، فلا يمكن أن يلتقي هذا الفلك مع ذاك ، وهذه حقيقة لم يتعرف إليها الإنسان إلا مؤخراً .
4- ويقول العلماء اليوم إن جريان الشمس لن يستمر للأبد ، بل هنالك أدلة قوية على وجود نهاية وأجل محدد تنتهي عنده حياة الشمس ، والعجيب أن القرآن قد تحدث عن هذه الحقيقة العلمية قبل ذلك بقرون طويلة . يقول تعالى : (
وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) [ لقمان : 29 ]. فقد وضع القرآن نهاية لجريان الشمس والقمر في قوله تعالى (
إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى )، أي إلى مدة محددة ، وهذا ما يتحدث عنه علماء اليوم .
فسبحان الذي أحكم آياته وأخبرنا فيها عن حقائق لم يكن لأحد من البشر علم بها من قبل ، إنه بحق كتاب الحقائق والأسرار والعجائب ، إنها آيات عظيمة نتعرف إليها لندرك أن الله هو من خلق الشمس وهو من نظَّم الكون وهو من أنزل القرآن وقال فيه : (
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) [ النمل : 93].
مواضيع ذات صلة :
دراسة ميدانية وشمسية لكهف الفتية بالأردن
تأملات إيمانية فى سورة النازعات
الثقوب السوداء والقرآن الكريم
دوران الأرض حول الشمس
بقلم عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com
منقول مع أطيب أمنياتي وخالص تحياتي .