الفراعنة أكبر من «مليونكم»!
الوسط - جعفر الجمري
ما حدث في برنامج «شاعر المليون» في نسخته الثانية، يبعث على أكثر من السخرية! ما الذي يحدث في برنامج رصدت له كل تلك الأموال من خلال شركة تديرها إعلامية مصرية لا يعنيها من قريب أو بعيد الشعر النبطي، ولا صلة لها بثقافة المنطقة؟ ما الذي يحدث لدولة نحترم ونقدِّر ونجلُّ قادتها من دون مزايدات، بحيث توظف فوائض النفط بمثل هذه الطريقة الخالية من المنهجية؟.
بداية علينا أن نكون صريحين ومتجرِّدين، لذا علينا أن نسأل: هل خلت الأمة. أمة قوامها 300 مليون عربي من إمكانات، إلا من غسان الحسن، وحمد السعيد، وتركي المريخي، وسلطان العميمي، وبدر صفوق؟. ثم ما هو السر وراء البدعة التي تصر هيئة الثقافة والتراث الوطني على التمسك بها، بالإصرار على آلية تصويت الجمهور والمشاهدين؟ ثم اذكروا لي جائزة تحترم نفسها تستند إلى الجمهور في نتائجها النهائية؟ مسابقة تستند نتائجها إلى الجمهور لن تترك بعض الدول والقبائل، في ظلها فرصة التحشيد من دون كفاءة في المرشح. بعض الدول الخليجية عمدت إلى فتح باب التصويت مجاناً لمرشحها، وحتى البطاقات مدفوعة الأجر تم تلقيمها بمبالغ للدخول في التصويت، وإلا من هو خليل الشبرمي قبالة عملاق مرعب بحجم ناصر الفراعنة؟ ومن هو محمد بن حمَّاد الكعبي قبالة الفراعنة، ومن هو عامر بن عمرو قبالة الفراعنة أيضاً؟ وما السر وراء خروج بدر الظاهري الحربي ومهدي بن حيدر، وغيرهما من الشعراء؟.
لا نريد أن نلعن النفط وارتفاع أسعاره، والفوائض التي خلفها، لأن ذلك أحدث مفسدة في الذوق طال المجالات كلها بما فيها الأدب، ولسنا بعيدين عن مهزلة «أمير الشعراء» وما حدث فيها بخروج الشاعر الأول من دون منازع: تميم البرغوثي، وترشح أضعف شعراء المجموعة: عبدالكريم المرزوقي للقب (.... الشعراء)!!!.
حتى النسخة الأولى من شاعر المليون أحدثت صدمة كبيرة للعارفين ببواطن وأسرار وآليات هذا النوع من المسابقات، وإن لم يحظ بها شاعر إماراتي.
لنركز اهتمامنا على الآليات. ما الذي يعنيه إصرار الهيئة على تصويت جمهور مسرح شاطئ الراحة، وتصويت المشاهدين من منازلهم؟.
بداية، هذه الآلية لا تخفي نية ليست بريئة على الإطلاق بترك مصير المرشح بيد نسبة كبيرة من جمهور ليس بالضرورة أن يكون على اطلاع ومعرفة بضوابط الشعر وشروطه، عدا عن جمالياته وأهليته. بدليل النصوص التي لم تحرك ساكناً في المسرح، تلك التي ألقاها الشاعر رعد الشلال على رغم أنها أكبر وأجدر، وتجاوزت بمراحل جميع نصوص المشاركين في «شاعر المليون»، باستنثاء نصوص ناصر الفراعنة. جمهور بهذه الصفة والإمكانات، كيف يمكن الركون إليه واعتماده وجعله حكَماَ فيما لا يفقه... لا يفهم... لا يقدِّر؟. إلا إذا أردتم أن تجعلوا البرنامج نسخة أخرى من برامج اختيار أفضل 10 مطربين (Top Ten)، في هذه الحالة يمكن لكم الاستناد إلى الجمهور.
ثمة أمر في غاية الأهمية يتعلق بحال الارتجال التي تنتاب معظم، بل كل التقارير الصادرة عن لجنة التحكيم. بعضهم يقول كلاماً لا يحتمل النص المراد تحكيمه (كلام كبير) على حد تعبير سعيد صالح في مسرحية «العيال كبرت». كلام كبير ليس لأنه (كبير) بل لأنه يريد إثبات أنه يقول كلاماً كبيراً، وفي الواقع هو كلام (خورونغ) على حد تعبير عادل إمام في مسرحة «شاهد ما شافش حاجه».
غسان الحسن، أكثر البشر قدرة على الثرثرة في تقديم تقريره، وفي النهاية، لا يقول شيئاً. تركي الحمد متخصص في «فالك البيرق»! اللازمة الشهيرة التي تقيه شر الصمت. حمد السعيد يذكِّر كلاً بقبيلته... «رائع... جميل... فالك المليون» وانتهى التقرير!. بدر صفوق، يذهب بذكاء متأخر بالتلاعب بالألفاظ والمفردات... مثل «التوحُّد»... «الاستلهام» «محاولة الاستدراك»... ويختمها بـ «فالك التوفيق»!
عودة إلى غسان الحسن. تعتمد لغة التقرير على الشاعر الذي أمامه، إذا كان إماراتياً «راح ياخذ راحته في تقرير لن يفهم منه أحد شيئاً» وإذا كان خلاف ذلك لن يتردد في الإدعاء بالدخول في منهجية فجَّة. منهجية أيضا «لا تقول شيئاً»!
ما يحدث في برنامج تشرف عليه إعلامية مصرية لا صلة لها بثقافة المنطقة وشعرها، عار إذ لن يتردد أحد في القول بأنها «نهاَّزة فرص» ومن الخلل والعيب أن تتوقف إمكانات الأمة على وجوه خمسة تتكرر، وسيحدث ذلك في الدورات المقبلة، وكأنهم فلتات عصرهم في التحكيم، والأهم من كل ذلك، الآلية السخيفة التي تترك مصير الترشيح لجمهور نصفه من الأميين في هذا المجال! وإلا - مجدداً - من هو الشبرمي، وبن حمَّاد، وبن عمرو، قبالة شاعر عملاق وكبير ومدهش ورائع كناصر الفراعنة، بحيث يخرج من المسابقة من دون أن ينال حتى المركز الثالث، ولو ناله سيكون هناك أكثر من سبب للتشكيك بصدقية المسابقة، لأن شاعراً بحجم الفراعنة أكبر بكثير من المركز الأول ومن المسابقة نفسها!
المصدر
http://www.alwasatnews.com/newspager...8&writer_code=
غير متصل
هههههههههههههههه ...
