Untitled 1
 
  ما هو بنك سيتي جروب النصاب في السعودية؟ (اخر مشاركة : ارينسن - عددالردود : 0 - عددالزوار : 116 )           »          شركة أديس القابضة (اخر مشاركة : ارينسن - عددالردود : 0 - عددالزوار : 312 )           »          اختيار افضل شركة تداول (اخر مشاركة : ارينسن - عددالردود : 0 - عددالزوار : 286 )           »          رسوم الحساب الاستثماري في تداول الراجحي (اخر مشاركة : ارينسن - عددالردود : 0 - عددالزوار : 563 )           »          كيف اعرف اسهمي القديمه برقم الهوية (اخر مشاركة : ارينسن - عددالردود : 0 - عددالزوار : 339 )           »          تريد فيو (اخر مشاركة : ارينسن - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1053 )           »          كيفية شراء الاسهم الامريكية الحلال (اخر مشاركة : ارينسن - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1101 )           »          افضل شركة توزع أرباح في السوق السعودي (اخر مشاركة : ارينسن - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1321 )           »          حساب سعر الصرف (اخر مشاركة : ارينسن - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1470 )           »          قصيدة رثاء في حمد الحضبي السبيعي (اخر مشاركة : عبدالله الحضبي - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1446 )           »         
 

 
العودة   منتديات سبيع الغلباء > المنتديات الـعـامـة > المنتدى الإسلامي
 

المنتدى الإسلامي فتاوى ، مقالات ، بحوث اسلامية لكبار العلماء وستجد ايضا معلومات عن الفرق الضالة والأديان بما في ذلك الديانة النصرانية واليهودية والمجوسية وغيرها


امتحان القلوب

فتاوى ، مقالات ، بحوث اسلامية لكبار العلماء وستجد ايضا معلومات عن الفرق الضالة والأديان بما في ذلك الديانة النصرانية واليهودية والمجوسية وغيرها


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
الحميدي محمد الفراعنه
عضو مميز
رقم العضوية : 14914
تاريخ التسجيل : 21 - 07 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,252 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : الحميدي محمد الفراعنه is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
امتحان القلوب

كُتب : [ 20 - 09 - 2008 ]

امتحان القلوب

امتحان القلوب ( )
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)( ) [سورة آل عمران، الآية: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)( ) [سورة النساء،الآية:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)( ) [سورة الأحزاب، الآية: 70].
أما بعد:
فإن الحديث عن القلب وامتحانه وابتلائه حديث بالغ الأهمية في وقت قست فيه القلوب، وضعف فيه الإيمان، واشتغل فيه بالدنيا، وأعرض الناس عن الآخرة.
ونحن نرى في هذا العصر تطورا هائلا في جراحة القلب البشري، حتى كان من آخر ذلك ما نسمع عن زراعة القلب ونقله مع الدقة المتناهية في تحديد الأمراض الحسية التي تنتـاب القلب، وبيان طرق معـالجتهـا وتشخيصها. ولن أتحدث هنا عن الأمراض الحسية، وما ينتاب هذا القلب من أدواء.
لكنني سأتحدث عما يعرض لهذا القلب خلال سيره إلى الله من امتحانات وابتلاءات وما علامات صحته وعلته؟ وما مواطن الابتلاء والامتحان لهذا القلب؟
وسوف أركز خلال الحديث عن القلب على الاستشهاد بكلام الله وكلام رسوله، وهذا أمر طبيعي؛ لأن الأصل هو الاستقاء من منبع الكتاب والسنة؛ وإنما نصصت على هذا حتى يعلم أن الحديث عن القلب ليس بالأمر الهين ولا السهل، فلا أحد أعلم بأحوال هذا القلب وما ينتابه من خالقه (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ)( ) [سورة الملك، الآية: 14]. (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى)( ) [سورة طه، الآية: 7]. (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)( ) [سورة غافر، الآية: 19]. ومن أنـزل عليه الوحي صلى الله عليه وسلم (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)( ) [سورة النجم، الآيتان: 3-4].
ولأنبه إلى خطورة دعوى كثير من الناس معرفة المقاصد من أعمال القلوب مما لا يعلمه إلا الله -جل وعلا- وانشغلوا بما نهوا عنه وتكلموا شططا:
(وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)( ) [سورة الإسراء، الآية: 36]. وأنى لنا بمعرفة أسرار القلوب وخواطرها:
ومكلف الأشياء فوق طباعها
متطلـب في الماء جذوة نار

لماذا الحديث عن القلب
يكتسب الحديث عن القلب أهمية خاصة، لعدة أمور أجملها فيما يأتي:
أولا: أن الله -سبحانه وتعالى- أمر بتطهير القلب، وتنقيته، وتزكيته، بل جعل الله -سبحانه وتعالى- من غايات الرسالة المحمدية تزكية الناس، وقدمها على تعليمهم الكتاب والحكمة لأهميتها، يقول الله -تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)( ) [سورة الجمعة، الآية: 2]. قال ابن القيم -رحمه الله- في قوله -تعالى-: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)( ) [سورة المدثر، الآية: 4]. جمهور المفسرين من السلف ومن بعدهم على أن المراد بالثياب هنا: القلب ( ).
ويقول - سبحانـه وتعالى- عن اليهود والمنافقين: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)( ) [سورة المائدة، الآية: 41].
فهذا سبب بارز ومهم للحديث عن القلب.
ثانيا: أثر هذا القلب في حياة الإنسان فهو الموجه والمخطط، والأعضاء والجوارح تنفذ.
يقول أبو هريرة رضي الله عنه"القلب ملك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث القلب خبثت جنوده". ( ).
ثالثا: ومن الأسباب الجوهرية للحديث عن هذا الموضوع غفلة كثير من الناس عن قلوبهم، فتجد -مثلا- بعض طلبة العلم يتوسع في بحث بعض الأعمال الدقيقة، ويتفقه فيها فقها عجيبا: هل تحريك الأصبع سنة؟ ومتى وكيف يحرك؟... إلخ، والبحث فيها نافع ومهم ولا شك، في حين يغفل البحث في أعـمال القلب وأحوالـه، وأدوائه وعلله، وهذا أهمّ وأجلّ.
رابعا: أن كثيرا من المشكلات بين الناس، وبالأخص بين طلبة العلم، سببها أمراض تعتري القلوب، ولا تبنى على حقائق شرعية، فهذه المشكـلات تترجم أحوال قلوب أصحابها، وما فيها من أمراض مثل: الحسد، والغل، والكـبر، والاحتقار، وسوء الظن... إلخ، وسبيل حلها الأمثل هو علاج هذه القلوب؟ وإلا فالمرض سيظهر بين حين وآخر كلما ظهرت دواعيه.
ونظرة إلى واقع المجتمع، وما يحدث فيه بين الناس من مشكلات اجتماعية، وخصومات في الحقوق والأموال تثبت صحة ذلك.
خامسا: إن سلامـة القلب وخلوصـه سبب لسعـادة الدنيا والآخرة، فسلامة القلب من الغل والحسد والبغضاء وسائر الأدواء سبب للسعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)( ) [سورة الشعراء، الآيتان: 88، 89]. وانظر إلى حال أبي بكر رضي الله عنهوغيره ممن رزق قلبا سليما، خاليا من الضغائن والعلل.
سادسا: يقول الإمام عبد الله بن أبي جمرة. "وددت أنه كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم؛ فما أتي كثير ممن أتي إلا من قبل تضييع ذلك ( ).
حيث يبين هذا الإمام أهمية تعليم الناس مقاصدهم في أعـمالهم، وتنبيههم على مفسـدات الأعمال. فإنه كـما أننا نشهد من يتخصص في أنواع العلوم كالحديث والفقه والتفسير والنحو والفرائض وغيرها، فيتقن هذه العلوم، ويبلغها الناس، فنحن بحاجة إلى من يتقن الحديث عن مقامات القلب وأحواله، وأعماله وعلله وأدوائه، فيعلمها الناس ويصحح مقاصدهم ونياتهم.
سابعا: ما أعطي الله لهذا القلب من مكانه في الدنيا والآخرة، وانظر إلى أدلة ذلك من كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-:
1- يقول الله -تعالى- على لسان نبيه إبراهيم صلى الله عليه وسلم (وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)( ) [سورة الشعراء، الآيات: 87-88-89]. فلن ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله بقلب سليم.
2- يقول -جل وعلا-: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ)( ) [سورة ق، الآية: 31]. فأين القلب المنيب وما صفته؟
3- وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنهقال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " ( ).
4- وفي الصحيحين من حديث النعمان من بشير رضي الله عنه مرفوعا: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب " ( ).
وكفى بهذا الحديث واعظا وزاجرا، وعبرة لأولي الألباب.
ثامنا: أن أقوال القلب -وهي تصديقاته وإقرارته-، وأعماله وحركاته من: خوف ورجاء ومحبة وتوكل وخشية وغيرها. هي أعظم أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة، وبتخلفها يتخلف الإيمان. وها هم المنافقون يقولون الشهـادة بألسنتهم، ويشـاركـون المسلمون في أعـمالهم الظاهرة، ولكنهم بتخلف إقرارهم وتصديقهم كانوا (فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)( ) [سورة النساء، الآية: 145]
تاسعا: أن كثيرا من الناس جعلوا جل همهم تفسير مقاصد الناس، وتحميل تصرفاتهم ما لا تحتمل، وتجاهل الظاهر، وترتيب الأحكام على تنبؤ عمل القلوب، مما لا يعلمه إلا علام الغيوب، والغريب أن هناك من يعتبر هذا الأمر ذكاء وفراسة وفطنة، وليس هو من الفراسة الشرعية في شيء. فنحن مأمـورون أن نؤاخـذ الناس بظواهرهم ونكـل سرائرهم إلى الله.
وأخيرا: إذا كـانت هذه مكـانة القلب وأهميته. فهلا وقفنا مع أنفسنا لننظر كيف عملنا بقلوبنا، بل ماذا عملت بنا قلوبنا.
كم ننشغل في أشياء كثيرة من أمور دنيانا ومعاشنا ووظائفنا، وإذا بقي لنا شيء من الاهتمام أعطيناه لأعمالنا الظاهرة.
وأما هذا القلب فقليل منا من ينظر إليه، ويعطيه الاهتمام اللائق به، وعسى أن يكون فيما سبق من ذكر أهمية القلب وأثره في حياة الإنسان ما يدعونا إلى مراجعة هذا القلب، وإعطائه المكانة اللائقة به
معنى امتحان القلوب
قلوبنا -أيها الأخوة- ممتحنة صباح مساء، تمتحن في كل لحظة من لحظات حياتنا، فهل نحن منتبهون لهذا، فغلطة واحدة قد تودي بحياة هذا القلب، وتحبط ذلك العمل.
قال -تعالى-: (وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)( ) [سورة آل عمران، الآية: 154].
وقال -سبحانه وتعالى-: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)( ) [سورة الحجرات، الآية: 3].
فمن هؤلاء الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى؟
هذه الآية نـزلت في الصحـابيين الجليلين أبي بكـر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- عندما رفعا صوتيهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه: " قدم ركب من تميم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أمِّر القعقاع بن معبد ابن زرارة، فقال عمر: بل أمَّر الأقرع بن حابس، فقال أبـو بكـر: ما أردت إلا خلافي، قال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنـزلت في ذلك: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله...) [الحجرات: 1]، حتى انقضت " ( ).
نعم! لا مجاملة في هذا الدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ)( ) ثم ماذا؟ (أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) ( ) [سورة الحجرات، الآية: 2].
سبحان الله! موقف في نظر الكثيرين لا يستحق.
من الذي يهدَّد في هذه الآية؟ أبو بكر الذي قال فيه الرسول، صلى الله عليه وسلم " لو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر " ( ).
وعمر الذي قال فيه الرسول، صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا (أي طريقا) إلا سلك فجا غير فجك " ( ) لكنهما -رضي الله عنهما- تابا، وأنابا، واستغفرا، وأقسم أحـدهمـا ألا يكلِّم الرسول، صلى الله عليه وسلم إلا سرا كأخي السرار.
هنا خرجت النتيجة: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)( ) [سورة الحجرات، الآية: 3]. أي أخلص قلوبهم للتقوى، حتى أصبحت لا تصلح إلا له. ( ).
موقف واحـد يسير في نظرنا لرجلين هما أفضل أمة محمد، صلى الله عليه وسلم وامتحان يسير لغفلةٍ بدرت منهما.
ولكن! ماذا نقول عن أحوالنا؟
كم من امتحان رسبنا فيه ونحن لا نشعر.
وهنا سرّ بديع في هذه الآية: (وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)( )؛ لأنه قد يحبط عمل الإنسان وهو لا يشعر، فهو لا يتصور أن يحبط عمله بذلك العمل، أو لا يلقي لعمله بالا.
وكم من عملٍ أو كلمةٍ أودت بصاحبها وهو لا يشعر.
وإذا كان رفع الصوت عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم كاد أن يحبط عمل أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، فما سيكون حـال من يرفع صوته فوق صوت الحق؟ أولئك الذين يقدمون شريعة الطاغوت على شريعة الله، أولئك الذين يعادون ويوالون في سبيل الشيطان.
وحتى نـزيد في إيضاح معنى (امتحان القلوب) لنتأمل هذا الحديث العظيم الذي رواه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا ( ) فأيُّ قلب أشربها ( ) نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها ( ) نكت فيه نكتة بيضاء، حتي تصيرعلى قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرْبَادّا ( ) كالكوز مُجَخيِّا ( ) لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه " ( ).
جعل الله قلوبنا بيضاء، وطهرها من المعاصي والرذائل والشبهـات. ففي الحـديث التعبـير بالفعل المضارع (تعرض)، وهو هنا يدل على استمرار البلاء والامتحان: كما أن هذه الفتن لا تأتي دفعة واحدة، وإنما شيئا فشيئا حتى يصبح القلب أسود -والعياذ بالله- أو يسلمه الله فينجح في الامتحان فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فالنفس تدعو إلى الطغيان، وإيثار الحياة الدنيا. والرب -جل وعلا- يدعو عبده إلى خوفه، ونهي النفس عن الهوى، والقلب بين الداعيين ( ) وهذا هو موضع الفتنة والابتلاء.
ملحوظة:
وها هنا ملحوظة مهمة، وهي أن بعض المشتغلين بالدعوة وطلب العلم يظنون أن غاية الابتلاء والامتحان هو الأذى الجسـدي: من سجن وتعذيب وأسر وقتل، وغيرها، أو أذىً معنوي من: مقاطعة الناس له، أو عدم استجابة، أو سخرية واستهزاء به، وغيرها، وهذا قصر لمفهوم الابتلاء على بعض أنواعه، وإلا فإن أشد أنواع الابتلاء هو ابتلاء هذا القلب وامتحانه، وكـم رأينا ممن نجـح في امتحان الأذى. والتعذيب، لكنهم أخفقوا في امتحان القلب! ولذلك كان من دعاء الراسخين في العلم: (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)( ) [سورة آل عمران، الآية: 8].
ونختم هذه المقدمة في معنى امتحان القلب وابتلائه بهذه الدعوة الربانية للمؤمنين متضمنة تحذيرا مخيفا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)( ) [سورة الأنفال، الآية: 24]نسأل الله - سبحانه وتعالى- أن يوفقنا ويعيننا على الاستجابة لله وللرسول، وأن يحي قلوبنا، وألا يحال بيننا وبين قلوبنا بمعاصينا، إنه ولي ذلك والقادر عليه
أنواع مما يطرأ على القلب من العلل والأدواء
وهذه المضغة الصغيرة (القلب) أمرها عجيب، وما شبه هذا القلب إلا بالبحر، نراه في الظاهر رؤية سطحية، لكنه في الحقيقة عالم بحد ذاته، ففيه من أنواع الحيوانات والنباتات العجيبة ما حير علماء البحار.
وهكذا القلب، فإن من تأمله حق التأمل وجد أن أمره مثير للعجب بما يحصل له من أحوال وانفعالات، وبما يتباين فيه الناس من أحوال ومقامات وصفات، وهذا غيض من فيض في عالم هذا القلب الصغير الكبير.
وهذه إشارات قرآنية لبعض ما يطرأ على القلب من علل وأدواء، فمن ذلـك: الغفلة، العمى، الـزيغ، التقلب، الاشمئزاز، الإقفال، القسوة، اللهو، الرياء، النفاق، الحسد.. وهلم جرّا.
سبحان الله! كل هذا على القلب؟ نعم، وأعظم من ذلك بكثير.
والنتيجة: أن يتعرض هذا القلب للطبع والختم والموت بعد نـزول هذه الأمراض، وعدم مدافعة الإنسان لها، فيكون قلبه أسود.

أنواع من أحوال القلب السليم وأوصافه
وكـما أن القلب يتعرض للأمراض والعلل، فإن هذا القلب يحصل له من الأحوال الإيمانية، والمقامات التعبدية من الـصفـات المحمـودة مثـل: اللين، والإخبـات، والخشوع، والإخلاص، والحب لله، والتقوى، والثبات، والخوف، والرجاء، والإنابة، وغيرها كثير.
والنتيجة: السلامة (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)( ) [سورة الشعراء، الآية: 89]. والحياة، والإيمان، وصفة قلب صاحبه أبيض.
مواطن امتحان القلوب
ومواطن امتحان القلوب كثـيرة، وحسبنا أن نشـير إشارات سريعة إلى جملة منها. وإنـما أشرنا إلى هذه المجالات لأن كثيرا من الناس يتصور أن القلب إنما يمتحن بالشهوات والمعاصي، ولكننا سوف نرى أن هذا من المواطن التي يمتحن فيها القلب، والله -سبحانه وتعالى- يقول: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)( ) [سورة الأنبياء، الآية: 35].
فمن المواطن التي يمتحن فيها القلب ( ).
1- العبادة:
فالعبادة مثل: الصلاة والصدقة والصيام والحج وغيرها موضع امتحان وابتلاء، ففيها ابتلاء في تحقيق الإخلاص لله، وعـدم مراعاة الناس بها، يقول الله -تعالى-: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً)( ) [سورة الفرقان، الآية: 23]. وفي الحديث المرفوع: " إياكم شرك السرائر قالوا: يا رسول الله، وما شرك السرائر؟ قال: يقوم الرجل فيصلي جاهرا لما يرى من نظر الرجل إليه، فذلك شرك السرائر " ( ).
وفي العبادة ابتلاء بتصحيحها، وأدائها كـما جاءت عن النبي الأمن، وابتلاء بتحقيق التقوى فيها، يقول- تعالى-: (وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)( ) [سورة الحج، الآية: 37]. وهذا جزء يسير من الابتلاء الذي يحدث في هذا الموطن.

2- العلم: ( )
وهذا موطن خصب لامتحان القلوب، وكم فشل أناس في هذا الامتحان، فطائفة طلبوا العلم لله، ثم تحولت النية إلى الشهوة الخفية، حب الرئاسة، الشهرة، التصدر، التعالي على الأقران، المراء والجدل، القدح في الخصوم.. وغيرها.
وفي الحديث: " من تعلم علما مما يُبْتَغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " يعني: ريحها ( ).
3- الدعوة:
وهـذا المجـال من أشد مجالات امتحـان القلوب. وأصحاب الدعوة المشتغلون بها من أشد الناس معاناة لهذا الامتحان. فشهوة توجيه الآخرين، والشهرة، والتعالي على الخلق كلها امتحانات قد تجعل الدعوة وبالا على صاحبها -والعياذ بالله- وفتنة النكوص عن الدعوة، أو توجيهها إلى غير رضى الله داء عضال.
4- الخلاف والجدل:
وهو مرتع من مراتع الشيطان. ومزرعة من مزارعه، ولذلك نبهنا الله جل وعلا إلى الأسلوب الأمثل في المجادلة فقال: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)( ) [سورة النحل، الآية: 125]. ولأنه قد يكون الباعث للجدال هو الانتصار للحق، ثم يتحول إلى انتصار للنفس، وهنا مكمن الداء قال - سبحانـه-: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)( ) [سورة العنكبوت، الآية: 46].

5- الشهوات:
وإنما أخرتها قصدا؛ لأن كثيرا من الناس يقصر امتحان القلوب على الشهوات: المـال، والمركب، والنساء، والبنين، والبنيان، وهذه لا شك أنها فتنة وابتلاء (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)( ) [سورة التغابن، الآية: 15]. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " ( ) لكن ما سبق أعظم أثرا وأوقع في أمراض هذا القلب، وسلبه عافيته.
6- الشبهات والفتن:
وهما مجال رحب من مجالات مرض القلب وسبب لكثير من العلل
.7- الرياسة والمناصب:
فكم تغيرت من نفوس، وتباغضت من قلوب بسبب هذا الموطن الذي قل أن يسلم منه أحد، فالحسد والغيرة والحقد والغل أمراض مبعثها هذا الأمر في غالب الأحوال
8- النسب والحسب والجاه:
وهو أرض مثمرة لأمراض القلوب وأدوائه، فالتعالى والتفاخر والكبر وغيرها من أمراض القلوب تنطلق من هذه الأرض، ففيها تنبت ومنها تثمر.
ولعلنا الآن نبين شيئا من الأمراض والأدواء التي يكثر امتحان القلب بها، إلا إننا سنقدم لها تنبيهات مهمة:

تنبيهات مهمة
أولا: الحذر، الحذر من قيام الأخ إذا علم بهذه الأمراض والعلل بتصنيف الناس وينـزل هذه الأمراض عليهم، فإن فعل ذلك أحد فهو أول الراسبين، فإن أعمال القلوب لرب القلوب -جل وعلا- يقول الله -سبحانه وتعالى- مخاطبا نبيه في حق المنافقين: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً)( ) [سورة النساء، الآية: 63]. وإنـما الصواب في أن نعرفها، فنصحح قلوبنا، ونقيها هذه الأدواء.
ثانيا: وكما يحذر الإنسان مما سبق، فينبغي ألا ينشغل بقلوب الناس عن قلبه، ولنتدبر أيها الإخوة هذه القصة المعبرة، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: " بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة، فصبحنا القوم، فهزمناهم- ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه (أي ألحقنا به وعلوناه) قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته برمحي حتى قتلته. قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أسامة، أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذا (أي لاجئا ومعتصما بها)، وليس بمخلص في إسلامه. قال: فقال أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله. قال: فما زال يكررها علي، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم " وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " أفلا شققت عن قلبه، حتى تعلم أقالها أم لا " ( ).
والله -سبحانه وتعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً)( ) [سورة النساء، الآية: 94]. فلا ينبغي التـمادي في ذلك، والتساهل فيه.
ثالثا: أن نعنى ببيان هذه الأمراض للناس، وندلهم على سبل الوقاية منها، فكثير منهم يعيش في غفلة تامة، ويحرصون على الوقاية من الأمراض الحسية، أكثر من اهتمامهم بأمراض قلوبهم.
رابعا: هناك أسباب كثيرة لأمراض القلوب وفسادها من أهمها:
1- الجهل.
2- الفتن.
3- الشهوات والمعاصي.
4- الشبهات.
5- الغفلة عن ذكر الله.
6- الهوى.
7- الرفقة السيئة.
8- أكل الحرام كالربا والرشوة وغيرهما.
9- إطلاق البصر فيما حرم الله.
10- الغيبة والنميمة.
11- الانشغال بالدنيا وجعلها جل همه وقصده.
من أمراض القلوب
1- النفاق
2- الرياء
3- مرض الشبهة والشك والريبة
4- سوء الظن
5- الحسد والغيرة
6- الكبر والإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين والاستهزاء بهم
7- الحقد والغل
8- اليأس
9- الهوى ومحبة غير الله
10- الخشية والخوف من غير الله
11- الوسواس
12- قسوة القلوب
13- التحزب لغير الحق
النفاق
وهو من أخطر هذه الأمراض، وأشدها فتكا بالإنسان، وأفظعها عاقبة في الآخرة.
ولا يتصور أحد أن النفاق قد انتهى بنهاية عهد النبي صلى الله عليه وسلم ونهاية شخصياته البارزة كعبد الله بن أبي بن سلول وغيره، بل إن النفاق الآن لا يقل خطورة عنه في الماضي.
ولقد كان السلف الصالح من أشد الناس خوفا من النفاق، وهذا عمر بن الخطاب -وهو من هو صحبة وعلما وعملا وإخلاصا- يناشد حذيفة: هل عدني رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟ فقال: لا، ولا أزكي أحدا بعدك ( ).
وهذا ابن أبي مليكة -رحمه الله- وهو سيد من سادات التابعين يقول: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي، كلهم يخشى النفاق على نفسه ( ).
ونحن الآن نقول: هل نجد ثلاثين يخافون النفاق على أنفسهم، ومن تأمل صفات المنافقين مما ذكره الله في كتابه في مواضع كثيرة، وما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم علم أن الأمر جد خطير، خاصة ونحن نرى تساهل الناس في الاتصاف بصفاتهم، مع أمنهم من ذلك، :
أن بعض الناس يتحدث عن القضاة وأخطائهم، ومثالبهم بحق وبغير حق، ويتعدى الحديث إلى أقضيتهم وأحكـامهم. ثم هو يحسن للنـاس أحـوال الغـربيين وأحكامهم ومساواتهم، جاهلا أو متجاهلا ما هم فيه من شقاء وتبرم وضياع، بتركهم شرع الله وكفرهم بآياته.
والله -سبحانه وتعالى- يقول: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)( ) [سورة النساء، الآية: 65].
وهذا أمر أصبح حديث بعض المجالس، فالله الله من التشبه بصفات المنافقين، والسير في ركابهم، من كره الدين وبغض المتدينيين ونحو ذلك.
الرياء
وهذا مرض جد خطير لخفائه، ولأثره في إفساد العمل، وقلة من يسلم منه، وقد جاء في الحديث يقول الله -تعالى-: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " ( ).
وفي الحديث الآخر: " من سمّع سمّع الله به، ومن يراء يراء الله به " ( ) وقد ذكر الله من صفات المنافقين (يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً)( ) [سورة النساء، الآية: 142].
وهو أدق من الشعرة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً)( ) [سورة الفرقان، الآية: 23].
مرض الشبهة والشك والريبة
يقول الله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)( ) [سورة آل عمران، الآية: 7].
ويقول سبحانه: (وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ)( ) [سورة التوبة، الآية: 45]. ويقول: (لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ)( ) [سورة التوبة، الآية: 110]. وقال: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا)( ) [سورة النور، الآية: 50]. (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً)( ) [سورة الأحزاب، الآية: 12]. (وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً)( ) [سورة المدثر، الآية: 31].
وهو من أخطر الأمراض، وأشدها فتكا، ولا يزال بالإنسان حتى يوقعه في الشرك والكفر.
ودواؤه كثرة الاستعاذة بالله من الشيطان، وكراهية هذا الوارد، ومدافعته بالاستعانة بالله، والرجوع إلى الإيمان بالله ورسـوله والاعتراف بوحدانيته وصفاته، وفي الحـديث: " لا يزال الناس يتساءلون، حتى يقال: هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فيلقل: آمنت بالله ورسوله " ( ) وفي رواية: " فليستعذ بالله، ولينته " ( ).
سوءالظن
وسوء الظن بالله من أعظم أمراض القلب ولعلنا هنا نقف وقفة يسيرة حوله، للتحذير منه، وبيان خطورته.
فمن الناس من يسيء الظن بالله -تعالى-، حيث يسيء الظن بوعده، ونصره لعباده المؤمنين، ولدعاته المجاهدين.
ومن الناس من يسيء الظن بربه أن يرزقه، فتجده يثق بما في أيدي الناس أعظم من ثقته بما عند الله، ويظن أن رزقه إنما هو بيد الحكومة أو الشركة أو الناس. وتجده يضع لذلك الحسابات، ناسيا التوكل على الله والثقة به، (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)( ) [سورة هود، الآية: 6].
وقد ذم الله -سبحانه وتعالى- من يسيئون الظن به، وجعله من أمر الجاهلية (يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)( ) [سورة آل عمران، الآية: 154].
وقال سبحانه: (وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً)( ) [سورة الفتح، الآية: 12]. (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِـرِينَ)( ) [سورة فصلت، الآية: 23]. (وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)( ) [سورة الأحزاب، الآية: 10]. (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)( ) (الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ)( ) [سورة الفتح، الآية: 6]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)( ) [سورة الحجرات، الآية: 12].
ويقول صلى الله عليه وسلم ناصحا أمته: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " ( ).
وعلينا أن نحسن الظن بالله، فالله عند ظن عبده به: قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جل وعلا: " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء " ( ) الحديث.
الحسد والغيرة
ومن منا ينجو منهما. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والحسد مرض من أمراض النفس، وهو مرض غالب، فلا يخلص منه إلا القليل من الناس، ولهذا يقال: ما خلا جسد من حسد. لكن اللئيم يبديه، والكريم يخفيه ( ) ولذلك يقول الله -جل وعلا-: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)( ) [سورة النساء، الآية: 54]. وأمرنا بالتعوذ صباح مساء (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)( ) [سورة الفلق، الآية: 5]..
وفي الحديث المتفق عليه " لا تباغضوا ولا تحاسدوا " وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " أو قال: " العشب " ( ).
ويقول الحسن البصري: عمه في صدرك، فإنه لا يضرك، ما لم تعتد به يد أو لسان ( ).
وأما عن علاجه، فقد ذكر شيخ الإسلام كلاما طيبا في علاجه، حيث يقول: "من وجد في نفسه حسدا لغيره، فعليه أن يستعمل معه التقوى، والصبر، فيكره ذلك من نفسه". ( ).
ولما كان الحسد لا يسلم منه أحـد خاصة النساء والعوام، أحببت أن أنبه على الفرق بين الحسد والغبطة، فالأول مذموم كما سبق-، والثاني غير مذموم.
فالأول: يتمنى أن تزول النعمة من صاحبه.
وأما الآخر فهو يحب أن يعطاها دون أن يتمنى زوالها من أخيه، وفي الحديث: " لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها " ( ). أخرجاه. وفي رواية: " لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله هذا الكتاب، فقام به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فتصدق به آناء الليل وآناء النهار " ( ).

الكبر والإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين والاستهزاء بهم
يقول الله  (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ)( ) [سورة غافر، الآية: 56].
ويقول -جل وعلا-: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)( ) [سورة الأعراف، الآية: 146].
ويقول -جل وعلا-: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)( ) [سورة القصص، الآية: 83]. وقال -سبحانه-: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)( ) [سورة غافر، الآية: 35]. وقال: (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ)( ) [سورة النحل، الآية: 23]. وقال - سبحانه-: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً)( ) [سورة التوبة، الآية: 25].
ومن وصايا لقمان لابنه: (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً)( ) [سورة لقمان، الآية: 18]. وتزكية النفس بلاء وأي بلاء: قال -جل وعلا-: (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَـكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)( ) [سورة النجم، الآية: 32].
وقـال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ)( ) [سورة النساء، الآية: 49]. ونهى - سبحانه- عن السخرية فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ)( ) [سورة الحجرات، الآية: 11]. والاستهـزاء مرض مهلك: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)( ) [سورة التوبة، الآيتان: 65-66]. (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ)( ) [سورة المطففين، الآية: 29].
ويقول صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر "، ( ) ويقول صلى الله عليه وسلم " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " ( ).
وقد كثر في زماننا احتقار الآخرين، والتعالي والتكبر عليهم، فتجد أحدهم يحتقر فلانا لأنه دونه في العلم، أو لأنه دونه في المرتبة أو الوظيفة، أو لأنه فقير، أو لأنه من قبيلة كذا... وهلم جرا.
وقد ورد عنه، صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم " ( ).
وبعض الناس يتأفف من أن ينادي من هو أقل منه درجة أو رتبة باسم الأخوة، بل يصدر إليه الأمر دون تهذيب أو حسن أسلوب، ودون مراعاة لنفسيته، كل ذلك بدعوى المحافظة على الهيبة والهيمنة.
وما روى المسكين أنه ربما أن يكون من يراه فراشا أحب عند الله وأفضل بآلاف المرات، يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم " رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره " ( ).
وممـا ينبغي التنبيـه عليه أيضـا قضية الاستهزاء بالصالحين، وهي قضية خطيرة.
يقول الله -تعالى-: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)( ) [سورة التوبة، الآيتان: 65-66].
وكذلك الاستهزاء ببعض الشعائر كاللحية والحجاب وتقصير الثوب مما يخشى على من يستهزئ بها من الردة -والعياذ بالله- فلننتبه ولننبه إخواننا، فالأمر جد خطير.
الحقد والغل
فمن دعاء المؤمنين التابعين بإحسان: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا)( ) [سورة الحشر، الآية: 10].
ويقول تعالى مخبرا عن إكرامه لأهل الجنة: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)( ) [سورة الحجر، الآية: 47]. (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ)( ) [سورة الأعراف، الآية: 43].
ولعلنا نقتصر في الحديث عن هذا المرض بهذه القصة المعبرة: قصة عبد الله بن عمرو بن العاص، ذلك الشاب الذي رباه الرسول صلى الله عليه وسلم وأدبه وعلمه، رباهم على مواطن العزة والقوة والعلم، لا كحال كثير من شبابنا اليوم ممن استهوتهم الرياضة أو الفن أو غيرها مما لا ينفعهم، بل يضرهم.
روي الإمام أحمد من حديث أنس رضي الله عنه قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يطلع عليكم الآن رجـل من أهـل الجنة فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته (أي: تقطر) من وضوئه، قد علق نعليه بيده الشمال، فلما كان الغد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي (أي: خاصمت) فأقسمت أني لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت، قال: نعم. قال أنس: فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار (أي: استيقظ) وتقلب على فراشه ذكر الله وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الليالي الثلاث وكـدت أن أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله، لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثـلاث المرات، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك تعمل كبير عمل. فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا. ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه. قال عبد الله: فهذه التي بلغت بك، وهي التي لا تطاق " ( ).
إذن ! هذا هو قدر امتلاء القلب بمحبة المسلمين، والصفح عنهم، والصبر عليهم.
ولنتدبر أخي المسلم -هذا الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعا: " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجل كان بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا (أي: أخروا) هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا " ( ).
وقد ذكر الأطباء أن الغل يؤدي بصاحبه في الدنيا لأثره السيء على صحـة الإنسان وسلامته، وهذه هي العقوبة العاجلة والآجلة أشد وأنكى.






اليأس
وهو مرض ينشأ عند استحكام البلاء، واستبطاء نصر الله، فييأس بعض الناس من نصر الله ووعده ( ) بما يؤدي عند بعضهم إلى ترك الدعوة والعمل، وأعظم من ذلك اعتقاد تخلف وعد الله أو وعيده في الدنيا أو الآخرة.
ولا نـزال نسمـع أن بعض الناس تخلفوا عن الطريق لاعتقادهم -مثلا- أنه في ضوء هذا الواقع المر، واستحكام أعداء الله، وقبضتهم على زمام الأمور، وسيطرتهم على الأوضـاع السياسية والاقتصـادية، لا يمكن أن ينتصر الإسلام أو تقوم له قائمة.
وهذه قصة أخبرني بها أحد الأصدقاء عن رجل صالح خير مارس الدعوة إلى الله، ثم تخلى عن ذلك. فجاءه محبوه، وسألوه عن ذلك، فقال: هل نستطيع أن ندعو إلى الله في غفلة عن أمريكا، وأجهزة تصنتها ومخابراتها، فهل يخفى عليها شيء، وعلى هذا فلن نستطيع عمل شيء- هكذا قال.
وقد نسي هذا المسكين أن الله (غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)( ) [سورة يوسف، الآية: 21].
وهذه قصة موسى -مثلا- تحكي في كل مرحلة من مراحل حياته أو دعوته عناية الله به وبالدعوة، وإملاء الله للظالمين، والتمكين لهذه الدعوة ولنتأمل قوله -تعالى-: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ)( ) [سورة القصص، الآية: 8]. وقوله -تعالى-: (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)( ) [سورة القصص، الآية: 13]. وقوله : (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)( ) [سورة القصص، الآية: 20]. ولما قال بعض قومه (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)( ) [سورة الشعراء، الآية: 61]. قال لهم واثقا: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)( ) [سورة الشعراء، الآية: 62]. وهكذا قصص الأنبياء تبين حفظ الله لدعوته، وإملاءه للطغاة الظلمة، حتى تتمكن هذه الدعوة الربانية (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)( ) [سورة القصص، الآية: 5].
ويعجبني أن أذكر هنا قصة مشهورة تبين نقاء النظرة، وصفاء السريرة لرجل من عامة الناس، فإن آباءنا يذكرون أنه في أثناء حصار إحدى المدن، حدث أن بدء الناس يتحدثون عن الطائرات التي قد يستخدمها العدو، ففزع بعض الناس وخافوا، ولم يكونوا رأوا الطائرات بعد، فجاء هذا الأعرابي، وسأل الناس عن هذه الطائرات؟ قالوا: شيء يأتي من فوق يرمينا بالقنابل، فقال: بفطرته السليمة - أهي فوق الله أم الله فوقها؟! فلما أجابوه بأن الله أعلى منها، قال: لا تهمكم. وما أحوجنا إلى أمثال أصحاب هذه الفطر السليمة.
وهذه قصة أخرى تتميما للفائدة، إلا إن صاحبها شاعر فاسق ماجن وهي أنه لما قام أحد رؤساء الدول العربية، وقـال: إن (99%) من أوراق القضية الفلسطينية بيد أمريكـا، ومعنى هذا: أن نستسلم لأمريكا، ونسلمها مقاليد الأمور، فرد عليه هذا الشاعر الفاسق قائلا:
ولتعلم أمريكا أنها ليست هي الله العزيز القدير
ولن تمنــع الطــائر مـن أن يطــير

(


رد مع اقتباس
 
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 2 )
الحميدي محمد الفراعنه
عضو مميز
رقم العضوية : 14914
تاريخ التسجيل : 21 - 07 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,252 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : الحميدي محمد الفراعنه is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : امتحان القلوب

كُتب : [ 20 - 09 - 2008 ]

وصدق وهو كذوب).
فلننتبه إلى هذا المرض، ولنستشعر قوله -تعالى-: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً)( ) [سورة المائدة، الآية: 3].
وأخيرا فلنتأمل قوله -تعالى-: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)( ) [سورة يوسف، الآية: 87].
الهوى ومحبة غير الله
فإنه آفة الآفات، والسم الزعاف لهذا القلب، يوم أن تكون محبة الشخص لغير الله، وموالاته ومعاداته في سبيل دنياه، وأهوائه، وأطماعه الشخصية. وهذا لا شك موصل صاحبه إلى الهلاك والبوار وتأمل معي في هذه الآيات:( ) (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى)( ) [سورة النجم، الآية: 23] (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ)( ) [سورة الأنعام، الآية: 71] (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً)( ) [سورة القصص، الآية: 50] (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ)( ) [سورة الجاثية الآية: 23] (أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ)( ) [سورة محمد، الآية: 16] (وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ)( ) [سورة الأنعام، الآية: 119] والهوى مرض من أمراض القلب سواء أكان الهوى بمعناه العام أو الخاص.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في بيان كون الحب يعمي ويصم: ".. ولذلك قال الشاعر:
عــدو لمـن عـادت, وسـلم لأهلهـا
ومن قربت ليلى أحب وأقربا ( )

فهذا جعل الولاء والبراء في ليلى، وليس في الله.
وذكر شيخ الإسلام أيضا قصة رجل أحب امرأة سوداء حبا عجيبا، أخذت عليه مجامع قلبه، فيقول هذا الرجل:
أحـب لحـبها السودان حتى
أحـب لحـبها سـود الكـلاب

والواجب أن يكون حبنا وبغضنا، وعطاؤنا ومنعنا، وفعلنا وتركنا لله -سبحانه وتعالى- لا شريك له، ممتثلين قوله، صلى الله عليه وسلم " من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع الله، فقد استكمل الإيمان " ( ).
وأسوأ أنواع الحب محبة أعداء الله.
الخشية والخوف من غير الله
يقول تعالى: (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)( ) [سورة المائدة، الآية: 44] ويقول- عز وجل-: (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)( ) [سورة التوبة، الآية: 13].
ومن صفـات الذين في قلوبهم مرض أنهم يقولون (يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ)( ) [سورة المائدة، الآية: 52] ومن صفات الذين سلمت قلوبهم وآمنت (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)( ) [سورة آل عمران، الآية: 173].
وهناك خوف جبلي لا يقدح في المعتقد كخوف الإنسان من عدوه إنسانا أو حيوانا، أما الخشية فلا تكون إلا من الله.
وعدم الخوف دليل على قوة القلب وجسارته، كـما أنه دليل على الإيمان، قال الإمام أحمد: "لو صححت لم تخف أحدا"، أي من المخلوقين.
الوسواس
وهو بلاء عمّ وطمّ، وصار يلعب بكثير من الناس، ويضيع عليهـم فرائضهم وعبـاداتهم، يقول الشيـخ السعدي -في جواب له عن دواء الوسواس: ليس له دواء إلا سؤال الله العـافية، والاستعـاذة بالله من الشيطان الرجيم، والاجتهاد في دفع الوساوس، وأن يتلهى عنها ولا يجعلها تشغل فكره، فإنه إذا تمادت فيه الوساوس اشتدت واستحكمت، وإذا حرص على دفعها والتلهي عن الذي يقع في القلب اضمحلت شيئا فشيئا، والله أعلم ( ).
وقد أمرنا بالتعوذ منه كما في سورة الناس: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)( ) [الناس: 1- 6].
قسوة القلب
وهو مرض تنشأ عنه أمراض، وتظهر له أعراض ولا يسلم من ذلك إلا من سلمه الله وأخذ بالأسباب: وتظهر خطورة هذا الداء من خلال هذه الآيات:
(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )( ) [سورة البقرة، الآية: 74] (وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)( ) [سورة الأنعام، الآية: 43] (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ)( ) [الزمر: 22] (فَطَـالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ)( ) [سورة الحديد، الآية: 16].
وأبعد القلوب من الله القلب القاسي.
التحزب لغير الحق
وهو مرض خطير، وداء يقتل ويهلك الأفراد والأمة على حد سواء، وهو على نوعين:
1- التحزب لبعض المبادئ الأرضية:
كالقومية والوطنية والعلمانية وغيرها من المبادئ الضالة، وهذه قد راج سوقها وكثر، خاصة في هذه الأيام، ونحن نسمع عما يسمى (الوحدة الوطنية)، وهي الحب على أساس المواطنة، فما كان من وطنك تحبه سواء كان مسلما أو فاسقا أو كافرا، فالمهم أنه مواطن مثلك، بينما لا تحمل هذا الشعور لأخ مسلم من غير وطنك، ولو كان من أتقى الناس.
فهي موالاة ومعاداة على أساس الوطن. حتى قال أحدهم -فض الله فاه-: كل حب يذهب ويتلاشى إلا حب الوطن. يعني إلا حب التراب، حب الأرض، ملأ الله جوفه قيحا وصديدا، هكذا: كل حب يذهب حتى حب الله  ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا حب الوطن، فهو شرك من نوع جديد.
وما دري هذا المسكين أننا لا نـزال نقرأ في القرآن: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)( ) وقـد نـزلت في عم النبي صلى الله عليه وسلم أبي لهب، ونحن نتبرأ منه ونبغضه. ونحن لا نـزال نثني على بلال الحبشي وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، ونترضى عنهم، ونسأل الله أن نحشر في زمرتهم.
ولا يفهم من هذا الكلام أننا لا نحب الوطن، كلا، فهو أمر جبلي مركوز في النفس، لكن حب الوطن لا بد أن يكون خاضعا لحب الله ورسوله. وهل هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من وطنه وأفضل بقاع الأرض (مكة) إلا لما كان في ذلك مرضاة لله ورسوله، وهكذا المهاجرون وغيرهم.
2- التحزب من بعض المسلمين ضد بعض:
فنجد بعض الدعاة يتحزبون ضد بعض، وبعض طلبة العلم يتحزبون ضد بعض، فيحب هذا أكثر من هذا لأن الأول من حزبه، ولو كان الثاني أتقى منه وأفضل. وهذا خطأ كبير، وهذا يحب ذاك لأنه يتبع شيخه أو إمامه، ويعادي الآخر لأنه يتبع إماما أو شيخا آخر.
فالواجب موالاة المسلمين لإيمانهم، ومعاداة الكفار لكفرهم، ولا يجوز التحزب لغير الحق، فإنه يورث الأمة التفرق والتشتت (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)( ) [سورة آل عمران، الآية: 105] وهناك فرق كبير بين التحزب وبين التنافس في الخير فالتنافس مطلوب ومحمود (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ)( ) [سورة آل عمران، الآية: 133] (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ)( ) [سورة الحديد، الآية: 21] أما التحزب فمذموم، وكم أودى بأمم وجماعات وأفراد. حتى صار حال بعضهم كما قال الشاعر:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت
وإن ترشـــد غزيـــة أرشــــد

وعلاج التحزب بالتجرد لله -جل وعلا-، والسلامة من الهوى والتحري في المنهج، وأن نعرف الرجال بالحق، لا الحق، بقول الرجال.
واذكر الدعاء بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: " إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم " ( ).
وأخيرا: قد يقول قائل: ولكن ما العلاج؟ فأنت شخصت الداء، فهلا بينت الدواء، وعلمتنا طريق النجاة.
فلا أدعي أنني سوف أحيط بجـوانب علاج أمراض القلوب، ولكن حسبي أن أذكر شيئا من الوسائل لعلاج هذه الأمراض، اختصرها بما يأتي:




علاج أمراض القلوب
أولا: إن أساس صحة القلب وسلامته في إيمانه بالله ويتفرع عنه ما يأتي:
1- كمال محبة الله: بأن يكون حبه لله، وفي الله، وأن يكون بغضه ومعاداته لله، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية أن من أعظم وسائل علاج القلب: أن يمتلئ قلب الإنسان بحب الله، (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ)( ) [سورة البقرة، الآية: 165] وأما وسائل محبة الله فكثيرة، منها:
قراءة القرآن وتدبره وفهم معانيه، والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، ودوام ذكر الله على كل حال، وإيثار محابه على هوى نفسك ومحابها، ومطالعة القلب لأسماء الله وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها، وانكسار القلب بين يدي الله  وغيرها من الوسائل ( ).
ثانيا: الإخلاص:
يقول  (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)( ) [سورة الأنعام، الآيتان: 162-163].
أخلصوا لله  في أعـمالكم، وستجدون راحة في صدوركم، ولذلك يقول الله  (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ)( ).

ثالثا: حسن المتابعة:
بأن يكون عمله واعتقاده وفق ما أمر الله ورسوله. يقول الله -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)( ) [سورة آل عمران، الآية: 31]. ويقول  (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)( ) [سورة الحشر، الآية: 7].
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)( ) [سورة الأحزاب، الآية: 36].
فلو سألنا أنفسنا: هل ننطلق في كل تصرفاتنا وأعمالنا ونياتنا وفق ما شرع الله؟
إن بعض الناس ينطلق في تصرفاته من هوى زوجته، وبعضهم من هوى رئيسه، وبعضهم أعراف قبيلته أو نظام جماعته وهكذا، ولو خالف أمر الله ورسوله.
ولو ناقشت أحدهم مرة، فقلت له: لم يا أخي تعمل هذا العمل؟ لقال: رئيسي هو الذي أمرني به، فقلت: ولكنه حرام، لأجاب: أعرف أنه حرام، ولكن ماذا أعمل؟ لو لم أفعل لما رشحني للترقية، أو لفصلني من الوظيفة أو... الخ. فأين المتابعة لله ولرسوله من هذا الذي قدم هوى رئيسه على مرضاة ربه؟
إننا بحاجة إلى مراجعة أعمالنا، وتحقيق صدق المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " ( ).
وفي الحديث الصحيح: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".









مما يعين على تحقيق هذه الأصول ليسلم القلب، وينمو مما يعرض له من ابتلاء وامتحان ما يأتي:
- سورة آل عمران آية: 31.
- سورة الحشر آية: 7.
- سورة الأحزاب آية: 36.
- قال النووي: حديث حسن صحيح رويناه في كتاب الحجة، بإسناد صحيح، وأعله ابن رجب كما في جامع العلوم والحكم ص 1574 ط دار الفرقان.

1ذكر الله:
فإنه يجلو صدأ القلوب، ويذهب ما ران عليها من آثام ومعاص، ويزيد من قرب الإنسان لربه لا سيما إذا كان مستشعرا للذكر، مصاحبا له في كل أحواله وحركاته وهيئاته.
يقول الله  (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)( ) [سورة الحشر، الآية: 16] ويقول  (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)( ) [سورة الإسراء، الآية: 82] وقد ذم الله المنافقين في كتابه لقلة ذكرهم لله. فذكر الله علاج حاسم لابتلاء القلب وامتحانه (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)( ) [سورة الرعد، الآية: 28]
ومن أعظم أنواع ذكر الله: قراءة القرآن، يقول - تعالى -: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)( ) [سورة محمد، الآية: 24].
ونحن نرى كثـيرا من المسلمـين يستغرق في قراءة، الصحف والجرايد، ومطالعة وسائل الإعلام وقتا طويلا بلا تعب ولا كلل ولا ملل. بينما تجد الواحد منهم لا يقرأ ولو جزءا يسيرا من القرآن، بل لو جلس وقتا لقراءة القرآن لم يلبث أن يمل ويعدوه إلى غيره.
يقول أحد السلف: والله لو طهرت قلوبنا ما مللنا من قراءة القرآن.
2- المراقبة والمحاسبة:
وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله-: أنها من أهم العوامل لعلاج القلب واستقامته.
يقول ابن القيم: وهلاك النفس من إهمال محاسبتها، ومن موافقتها واتباع هواها، ولذلك ورد في الأثر: "الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني" ( ) وكان عمر يقول:
"حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا" ( ) ويقول الحسن: "لا تلقى المؤمن إلا وهو يحاسب نفسه"، ويقول أيضا: "إن العبد ما يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته"، وقال ميمون بن مهران: "إن التقي أشد محاسبة لنفسه من شريك شحيح" ( ).
فيراقب الإنسان نفسه قبل العمل: في إخلاصه، ومتابعته. ويراقب قلبه في تحقيقه للمحبة لله وفي الله، ويجاهدها على ذلك. كـما يحاسبها بعد العمل على التقصير فيه، وعدم كـمال الإخلاص.
ولا ريب أن هذين من أهم الوسائل لعلاج أمراض القلب، يقول - تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)( ) [سورة العنكبوت، الآية: 69].
3- وسائل أخرى:
فمنها العلم، تحقيق التقوى، قيام الليل، كثرة الدعاء خاصة في الثلث الأخير من الليل، فإن سهام الليل لا تخطيء، فليكثر الإنسان فيه من التضرع إلى الله، وسؤاله الصفح والمغفرة والستر والتجاوز.
ومنها إطابة المطعم والملبس، وكثرة الصدقـة، (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)( ) [سورة التوبة، الآية: 103].
ومن أعظمها: غض البصر، قال - سبحانه-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)( ) [سورة النور، الآية: 30] وهنا، وبعد أن ذكرنا علاج أمراض القلوب، نذكر كلاما نفيسا لابن القيم.
علامات صحة القلب وسلامته، وعلامات موته وشقاوته.


علامات صحة القلب وسلامته
قال ابن القيم -رحمه الله- في علامات صحة القلب ونجاته:
1- أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى يتوب إلى الله وينيب.
2- أنه لا يفتر عن ذكر ربه، ولا يسأم من عبادته.
3- أنه إذا فاته ورده وجد لفواته ألما أشد من فوات ماله. وهنا وقفة! رحم الله ابن القيم، فما عساه يقول فيمن ليس له ورد، بل ما عساه يقول فيمن إذا فاتته الصلاة المفروضة لا يجد ألما وحسرة، وكأنه لم يسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " ( ) (أي: كأنما فقد أهله وماله وهلكوا).
4- أنه يجد لذة في العبادة كثر من لذة الطعام والشراب [فهل يجد أحدنا لذة في العبادة،؟!] أو يجد اللذة إذا خرج منها؟!.
5- أنه إذا دخل في الصلاة ذهب غمه وهمه في الدنيا [ونحن لا تجتمع الأمور والأعمال علينا إلا في الصلاة، حتى قال لي أحد الأخوة: إنه رأى رجلا بعد أن دخل في الصلاة أخرج فاتورة للحساب، وأخذ يراجع الحسابات -وهو في الصلاة- إلى قصص كثيرة تبين ذهاب الخشوع، والخضوع بين يدي الله  في الصلاة.
فأين لذة الصلاة عند هؤلاء؟ وأين الصلاة التي كان الرسول، صلى الله عليه وسلم يقول فيها: " أرحنا بالصلاة يا بلال ( ) " ويقول: " وجعلت قرة عيني في الصلاة " ( ) فإن لسان حال كثير من المصلين "أرحنا من الصلاة" وتجد أحدهم لو أطال الإمام القراءة، سرد عليه محفوظاته في الأحاديث التي تأمر برعاية حال المأمومين، بينما لو أخل الإمام بأدائها وواجباتها لم يجد من ينبهه -إلا ما شاء الله- والله المستعان.
6- أن يكون همه لله وفي ذات الله، وهذا مقام رفيع.
7- أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعا أشهد من شح البخيل بماله.
8- أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أكثر من اهتمامه بالعمل ذاته ( ) [وهذه نقطة مهمة جدا. فيجب أن يكون اهتمام الإنسان بتصحيح العمل كبيرا في: تصحيح القصد، وتحقيق المتابعة، وتحقيق العبودية في العمل؛ فإن هذا هو الغاية من العمل.
فهذه علامات لسلامة القلب وصحته، وإليك -أخي القارئ- علامات شقاوته وعلته.
علامات مرض القلب وشقاوته
حيث ذكر ابن القيم من علامات مرضه جملة، منها:
1- أنه لا تؤلمه جراحات القبائح.
فهل نتألم نحن لجراحات قلوبنا، وما نقترفه من معاص وآثام في الليل والنهار؟
وهل نندم ونعزم على التوبة كلما أذنبنا؟
وهل آلمنا ما نراه في مجتمعنا من معاص ومنكرات؟
وهل عملنا على تغييرها ما استطعنا، وهذا أمر -لا شك- عظيم-؛ فإن القلب الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا في نفسه ولا في مجتمعه قلب يحتاج صاحبه إلى تدارك نفسه قبل فوات الأوان.
2- أنه يجد لذة في المعصية، وراحة بعد عملها [وإنما حال المؤمن إذا عصى الله أن يندم ويستغفر ويتحسر على ما فات، ويسارع في التوبة إلى الله].
وهناك من الناس -للأسف- من ينطبق عليه كلام ابن القيم، فبعض مشاهدي الأفلام نجده يجد لذة في مشاهدتها، ولا تكاد تفارقه تلك اللذة لمدة طويلة.
وكذلك نجد من متابعي المباريات من يجد لذة في مشاهدتها وحضورها، ولا تفارقه النشوة لفترة -خاصة إذا فاز فريقه- فهل نعي بعد ذلك خطورة هذا الأمر؟
3- أنه يقدم الأدنى على الأعلى، ويهتم بالتوافه على حساب معالي الأمور [فماذا نقول عن بعض المسلمين ممن أصبح لا يهتم بحال إخوانه وشئون أمته، بينما يعرف من التوافه أكثر مما يعرف عن أمور دينه، وأخبار علماء الإسلام وأئمته].
وكم يتأسف الإنسان على أموال كثير من شبابنا ممن أغرم بحب الرياضة والفن، ويهتم لها ويحزن ويغتم، أكثر مما يهتم لقضايا إخوانه في: أفغانستان، فلسطين، الفلبين، أريتريا.. الخ. فهل هذا قلبه سليم؟ بل نقول لهذا: أدرك قلبك فهو على شفا هلكة.
4- أنه يكره الحق ويضيق صدره به، وهذا بداية طريق النفاق، بل غايته.
5- أنه يجد وحشة من الصالحين، ويأنس بالعصاة والمذنبين [فتجد من الناس من لا يطيق الجلوس مع الصالحين، ولا يأنس بهم؛ بل يستهزئ بهم ومجالسهم، ولا ينشرح صدره إلا في مجالسة أهل السوء وأرباب المنكرات، ولا شك أن هذا دليل على ما في قلب صاحبه من فساد ومرض].
6- قبوله الشبهة، وتأثره بها، وحبه للجدل، وعزوفه عن قراءة القرآن.
7- الخوف من غير الله، ولذلك يقول الإمام أحمد: لو صححت قلبك لم تخف أحدا، [وهذا العز بن عبد السلام يتقدم أمام أحد الملوك الطغاة، ويتكلم عليه بكلام شديد، فلما مضى قال له الناس: أما خفت يا إمام، فقال: تصورت عظمة الله، فأصبح عندي كالهر، والآن نرى من الناس من يخاف من: المسئول، الضابط وغيرهما أكثر من +خوفه من الله، وهذا لا شك دخن في قلب صاحبه، والعاقل خصيم نفسه].
8- وجود العشق في قلبه، قال شيخ الإسلام: وما يبتلى بالعشق أحد إلا لنقص توحيده وإيمانه، وإلا فالقلب المنيب فيه صارفان يصرفانه عن العشق، إنابته إلى الله ومحبته له، وخوفه من الله.
9- أنه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ولا يتأثر بموعظة.
خـاتمة
لئن كنت قد أطلت في عرض هذا الموضوع، فمرد ذلك إلى أن يستأثر باهتمامكم، فالله الله في قلوبكم، بالرفق بها وحملها على الخير، والعناية بها أو منعها وحمايتها مما يضرها.
وكم يصاب الإنسان بالحزن عندما يعلم أنه مصاب بمرض حسي في قلبه، فهل حزنا مثل ذلك من جراحات القلب وأمراضه، من المعـاصي والآثام، من الامتحان الذي يعرض على قلوبنا صباح مساء.
فلنتق الله في قلوبنا. ففي صلاحه النجاة (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)( ) [سورة الشعراء، الآيتان: 88-89].
هل راقبنا الله فيما انتشر من الذنوب من: أكل الربا، والمعاونة عليه، وأخذ الرشوة وإعطائها، ومن الولوغ في أعراض الناس بالغيبة والنميمة، في ذنوب لا يحصيها محص ولا يعدها عاد؟
ولنرحم هذه القلوب، ولنحملها على طاعـة الله بإكثار قراءة القرآن ومدارسته، وكثرة النوافل والعبادات، وكثرة الصدقة، وذكر الله  حتى نلقى الله بقلوب سليمة مخبتة أواهة أوابة، وأكرر التحذير من انشغـال كثير من الناس بقلوب إخوانهم غافلين عن قلوبهم، فالنجاة النجاة.
اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، ونسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما لا نعلم، اللهم إنا نسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

رد مع اقتباس
 
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 3 )
راعي الجوفا
وسام التميز
رقم العضوية : 4596
تاريخ التسجيل : 11 - 11 - 2005
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 7,391 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 106
قوة الترشيح : راعي الجوفا will become famous soon enoughراعي الجوفا will become famous soon enough
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : امتحان القلوب

كُتب : [ 20 - 09 - 2008 ]

جزاك الله خير



رد مع اقتباس
 
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 4 )
ابن جعوان
وسام التميز
رقم العضوية : 6963
تاريخ التسجيل : 17 - 04 - 2006
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 9,236 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : ابن جعوان is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : امتحان القلوب

كُتب : [ 21 - 09 - 2008 ]






:أخي: الحميدي محمد الفراعنه : بارك الله فيك :

وبيض الله وجهك ماقصرت طال عمرك
اصفقلك على نقل الموضوع الراااائع
والله يجعلها في ميزان حسناتك


تستاهل
تقبل مروري لاهنت

أخـوك

أبن جعوان














رد مع اقتباس
 
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 5 )
الحميدي محمد الفراعنه
عضو مميز
رقم العضوية : 14914
تاريخ التسجيل : 21 - 07 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,252 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : الحميدي محمد الفراعنه is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : امتحان القلوب

كُتب : [ 21 - 09 - 2008 ]

أشكر الجميع على المرووووور الرائع وجعله الله في ميزان حسناتكم

رد مع اقتباس
 
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 6 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد: امتحان القلوب

كُتب : [ 06 - 02 - 2009 ]

جزاك الله خيرا


رد مع اقتباس
 
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
امتحان القبول في دبلوم طب الأسرة 6 رمضان راعي الجوفا منتدى التدريب و التوظيف 2 12 - 09 - 2008 09:17
الفرق بين امتحان الله وامتحان البشر . كحيلان 511 المنتدى الإسلامي 7 10 - 07 - 2008 14:21
صدر من الديوان الملكي البيان الهام التالي متفائل2485 المنتدى الإسلامي 5 28 - 04 - 2008 05:56
امتحان القلوب!!! الحميدي محمد الفراعنه المنتدى الإسلامي 1 23 - 04 - 2008 21:38


الساعة الآن 11:39.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. www.sobe3.com
جميع المشاركات تعبر عن وجهة كاتبها ،، ولا تتحمل ادارة شبكة سبيع الغلباء أدنى مسئولية تجاهها