صباح كل سبت، يتجمع حشد من الرجال صغارا وكبارا، أمام بوابة مبنى صغير في جنوب غرب كابول. وإذا مررت بجوارهم فمن المحتل ألا يلفتوا انتباهك.
وفي الواقع، هؤلاء الأشخاص هم من مدمني المخدرات، ينتظرون على أمل الحصول على مكان في مركز نيجات، وهو المركز الوحيد لعلاج الإدمان في المدينة.
ويدمن العديد منهم الهيروين، لكن هناك من يدمن حبوب تخفيف الالآم والحبوب المنومة وأنواع أخرى من المخدرات.
وهذه إشارة واحدة فقط لمشكلة تتفاقم بسرعة كبيرة في العاصمة الأفغانية وهو ما يسبب قلقا كبيرا للسلطات.
ولسنوات، كان التركيز على تهريب الأفيون من حقول الخشخاش في أفغانستان إلى العالم، حيث يأتي 75% على الأقل من الأفيون في العالم من هنا.
وطبقا للأمم المتحدة، يتم تصينع 90% من الهيروين في اوروبا من هذا الأفيون.
وبعد عامين فقط من سقوط نظام طالبان، الذي منع زراعة الخشخاش، نمت هذه التجارة غير المشروعة بشكل كبير مما دفع العديد للاعتقاد أنها تهدد إستقرار أفغانستان.
وخلال السنة الماضية، بلغ عائد المهربين من تجارة المخدرات نحو 2.3 مليار دولار، وهو ما يماثل تقريبا ما تلقته البلاد من مساعدات.
وخلال هذا الأسبوع، ستستضيف الحكومة الأفغانية مؤتمرا دوليا لمحاولة الحصول على المزيد من الدعم لمعالجة المشكلة.
لكن تأثير هذه المشكلة يحس ويرى في شوارع المدن الأفغانية أيضا.
ويعترف ميروايس ياسيني المدير العام لمكتب مكافحة المخدرات في أفغانستان بأن الأمر "خطير جدا جدا".
ومن الصعب الحصول على الأرقام الدقيقة، لكن أحد التقديرات يشير إلى أن كابول وحدها بها ما يزيد عن 20 ألف مدمن هيروين.
معسكرات اللاجئين
ومازال تدخين الهيروين هو الطريقة الأكثر شيوعا، ولكن طبقا لخبراء المخدرات يزداد عدد من يتعاطون الهيروين عن طريق الحقن بكل ما يتعلق به من مخاوف على الصحة.
وحتى وقت قريب، كان تعاطي الهيروين، أمرا نادرا في أفغانستان، حيث أنه يحتاج إلى معالجات كيميائية خاصة كانت أغلبها تتم خارج البلاد.
لكن ذلك تغير مع عودة ملايين اللاجئين من الدول المجاورة مثل باكستان وإيران. حيث أصبح هناك الكثير من مدمني الهيروين.
ويقول العاملون في مركز نيجات، الذين عملوا في البداية مع اللاجئين في باكستان، بأن مدمني الهروين هم أغلبية مرضاهم.
ويعترف زالماي، أحد المدمنين في الثالثة والعشرين من عمره وكان لاجئا في السابق، بأنه شجع آخرين على تعاطي الهيروين، قائلا: "كما تم إغوائي في إيران، أغويت الأخرين".
وزالماي هو أحد المحظوظين الذين لهم مكان في مركز نيجات.
فهو ليس فقط المكان الوحيد في كابول، بل لأنه يضم عشرة أسرة فقط مخصصة لبرنامج العلاج الذي يستمر لستة أسابيع.
كما يدير العاملون في المركز برامج لتقديم النصح في المناطق المحيطة بالمدينة، لكنهم يعترفون بأن حجم المشكلة أكبر من امكانياتهم.
ويقول محمد روفي أحد العاملين في المركز: "من المستحيل تقريبا مواجهة الأزمة بهذه الامكانيات. نتمنى مضاعفة عدد الأسرة هذه السنة، لكننا سنحتاج المزيد من الأموال والأشخاص".
مشكلة بعيدة عن الاهتمام
لكن الحكومة الأفغانية تباطأت في الإعتراف بمشكلة المخدرات كما يقول آدم بولوكوس، المندوب الأفغاني في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة.
ويقول: "كانت المشكلة دائما بعيده عن اذهانهم، فالمشكلة بالنسبة لهم اوروبية، نعم نحن نزرع المخدرات، لكننا لا نهتم بما يحدث في شوارع لندن أو باريس".
ويضيف: "لكن هناك زيادة في تعاطي المخدرات، والناس قلقة جدا".
القلق الآخر من إحتمال إنتشار فيروس نقص المناعة/ الأيدز، وإلتهاب الكبد والأمراض الأخرى لأن العديد من المدمنين يتعاطون المخدر بإستخدام نفس المحاقن.
ويقوم مركز نيجات بتوزيع محاقن جديدة بدلا من تلك المستعملة. لكن العاملين في المركز يعرفون بأنهم لا يصلون سوى لعدد قليل من المدمنين.
ولا تتوافر إحصائيات بشأن هذه القضية، لكن هناك أدلة تدفع على القلق.
وقال غلام أحد المدمنين الذين يعالجون في المركز إنه لم يشترك مع مدمن أخر في نفس الإبرة لأنه يعلم أخطار ذلك. لكن العديد من أصدقائي يفعلون ذلك. كل ما يقومون به مجرد مسحها بقطعة قماش".
ويقول روفي أحد المديرين في المركز: "لا اعرف بوجود أي حالات للاصابة بفيروس نقص المناعة، لكننا رأينا حالات أكثر من إلتهاب الكبد".
وفيما سيبرز المؤتمر خطر تجارة المخدرات على مستقبل أفغانستان السياسي والإقتصادي، يريد الكثير أيضا أن يركز المؤتمر على التهديد الذي يمثله على شعبه.
غير متصل
مشكلة بعيدة عن الاهتمام
