الاقتصاد السعودي يحقق فائضاً مالياً يقدر بـ 60مليار ريال رغم حرب العراق والتفجيرات الأخيرة
تحقيق - مهدي أبوفطيم: جريدة الرياض
أشاد عدد من الاقتصاديين بقدرة الاقتصاد السعودي على مواجهة الأزمات السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط وقدرته على تخطي هذه الصعاب بسبب البنية التحتية الاقتصادية وحكمة القيادة بالمملكة في إدارة دفة الاقتصاد الوطني وتجنيبه المخاطر التي تحدق بالمنطقة والتي من أبرزها تداعيات الحرب الأمريكية البريطانية على العراق والهجمات الإرهابية التي تعرضت المملكة لها في العام الحالي.
وأكدوا بأن النتائج المالية لميزانية المملكة خلال هذا العام والتي من أبرزها نمو الناتج المحلي بنسبة 6.76% عن العام الماضي ليصل إلى حوالي 787.50مليار ريال، وأن هذا النمو في الناتج الاجمالي قد جاء بسبب نمو القطاع النفطي بنسبة 11% ونمو القطاع الخاص بنسبة 3.5%، بالإضافة إلى توقع الاقتصاديين بانخفاض في حجم الدين العام بمقدار عشرين مليار ريال ليصل إلى 630مليار ريال، بينما كان في العام الماضي حوالي 650مليار ريال يمثل حوالي 94% من اجمالي الناتج الاجمالي للمملكة، كما أن الأبرز في الأداء الاقتصادي للمملكة خلال العام الحالي هو توقع بوجود فائض في الحساب الجاري للمملكة يقدر بحوالي 60مليار ريال للسنة السادسة على التوالي وليزيد من ثبات الريال السعودي وتخفيف الضغط عليه.
"الريـاض" استطلعت آراء المتخصصين حول مدى قدرة الاقتصاد السعودي على مواجهة التحديات الخارجية والداخلية، وتبني المملكة للسياسات الاقتصادية الصحيحة في تعزيز مسار الاقتصاد الوطني.
الدكتور عبدالعزيز العريعر عضو مجلس الشورى ووكيل وزارة المالية سابقاً ذكر بأن النظرة إلى الاقتصاد الوطني تنطلق من محورين أساسيين هما أسعار النفط وسوق الأسهم المحلية، فأسعار النفط خلال العام الحالي استطاعت أن تحافظ على مستوياتها التي حددتها منظمة أوبك وهي من 22- 28دولاراً للبرميل، وكانت الأسعار خلال هذا العام متماسكة إلى حد كبير حيث بلغ متوسط السعر للنفط بحوالي 27دولاراً للبرميل الواحد، أما بالنسبة لسوق الأسهم والتي تعتبر نبض الاقتصاد لأي دولة، فإن سوق الأسهم بالمملكة قد حقق نمواً كبيراً خلال هذا العام حيث بلغ مؤشر السوق حتى الآن أكثر من 4300نقطة، بينما بدأ السوق بحوالي 2500نقطة وهذا النمو يعكس ديناميكية الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة التحديات، كما أن متانة الاقتصاد السعودي خاصة خلال هذا العام جاء متزامناً مع السياسات والتشريعات التي عملت بها المملكة وبدأ ظهور نتائج برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي شرعت المملكة فيه منذ عدة سنوات، وأن الاستمرار في هذه الاصلاحات الاقتصادية والسياسية وتحديث الأنظمة ستقود الاقتصاد السعودي إلى النمو مدعوماً بتحسن أسعار النفط كما أن نظام سوق المال الذي وافق عليه مؤخراً مجلس الوز
راء بعد رفعه من مجلس الشورى سيحسن من الاقتصاد السعودي خلال العام القادم.
وأكد العريعر بأن الاقتصاد السعودي لديه قدرة كبيرة على تحمل الصدمات ولعل الأحداث تؤكد ذلك حيث ان حرب الخليج الأولى في العام 1991م وحرب الخليج الثانية 2003م قد برهنت على متانة وقدرة الاقتصاد الوطني على تحمل الصدمات، وأن هذه القوة في الاقتصاد السعودي قد جاءت بسبب السياسات الاقتصادية الصحيحة التي عملت بها القيادة بالمملكة، كما أن العمليات الإرهابية لن تطال الاقتصاد السعودي وسيظل الاقتصاد الوطني قوياً وشامخاً، وأن الظروف التي تحيط بالمنطقة وخاصة الوضع العراقي سوف يكون خلال العام القادم بعد استقرار العراق أكثر نمواً، وأن الصادرات السعودية إلى العراق ستساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني عبر زيادة حجم المبادلات التجارية وفتح منافذ للسوق العراقية التي تشهد طلباً كبيراً في الاستهلاك، كما أن مشاريع إعادة اعمار العراق وعودة الهدوء إلى المنطقة سيكونان مؤشراً على نمو الاقتصاد السعودي خلال العام 2004م.
ولم تقتصر قوة الاقتصاد السعودي ووقوفه أمام التحديات الخارجية والداخلية في نمو عائدات النفط والفائض المتوقع 60مليار ريال وانخفاض حجم الدين المتوقع إلى 630مليار ريال بل صاحب ذلك استقرار في السياسة المالية للمملكة، حيث ان مؤسسة النقد السعودي رفعت من حجم أصولها الأجنبية خلال العام 2003م خاصة في أغسطس الماضي إلى 53.1مليار دولار، بينما كان حوالي 11.3مليار دولار، وأن بناء هذه الأصول يأتي لدعم سعر الريال السعودي وتثبيته أمام سعر الدولار بالنسبة للمستقبل المنظور، كما حدث استقرار في معدل عرض النقود 2"هو النقد المتداول خارج المصارف مع الودائع التي تحت الطلب وحجم الودائع الزمنية والادخارية" خلال شهر سبتمبر الماضي حيث بلغ أكثر من 320مليار ريال بزيادة تقدر بنسبة 12.6% عن سبتمبر من العام 2002م، وبلغ حجم النقد المتداول خارج المصارف إلى 52.2مليار ريال لنفس الفترة وكذلك بلغت الودائع تحت الطلب لشهر سبتمبر ايضاً إلى 16.9مليار ريال.
المهندس أسامة كردي عضو مجلس الشورى وأمين مجلس الغرف السعودية "سابقاً" أشار بأن هذه النتائج والأرقام لأداء الاقتصاد السعودي خلال العام المالي الحالي 2003م هي نتائج ايجابية تعكس قدرة الاقتصاد السعودي وقوته في الوقوف أمام التحديات وأن تداعيات الحرب ضد العراق والهجمات الإرهابية التي تعرضت لها المملكة في الرياض خلال العام، بل على العكس من ذلك حقق الاقتصاد السعودي هذا العام أداءً جيداً وانخفض حجم العجز في الميزانية المتوقعة عند صدورها بل وحقق فائضاً يقدر بحوالي 60مليار ريال، كما انخفض حجم التضخم ليصل إلى مستويات قليلة، كما ارتفع حجم الايداعات في البنوك المحلية ويتضح ذلك من ارتفاع مؤشر الأسهم المحلية والذي تخطى حاجز الأربعة آلاف نقطة، ولعل المواطن يدرك أن ارتفاع مؤشر الأسهم يعني الأداء الجيد للاقتصاد، كما أن الطلب الكبير على القطاع العقاري وارتفاع حجم الاستثمارات تؤكد متانة الاقتصاد الوطني ووقوفه أمام التحديات.
وأضاف كردي بأن الهجمات الإرهابية لم تمس الاقتصاد بل ان حجم النمو للاقتصاد الوطني يتوقع أن يصل خلال هذا العام إلى 4% وهذا النمو هو أعلى من النمو السكاني الذي يقدر بأن يكون أقل من 4% وهذا شاهد آخر على قوة الاقتصاد السعودي وسلامة سياساته وبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي شرعت المملكة في تطبيقه.
وأشار بأن تداعيات حرب العراق والهجمات الإرهابية لم تؤثر على المناخ الاستثماري للمملكة ولم توقف تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، حيث يقدر حجم الاستثمارات الأجنبية التي استثمرت بالسوق السعودي حوالي 20مليار ريال، وأن المستثمرين الأجانب لم يوقفوا قراراتهم الاستثمارية بسبب الهجمات الإرهابية على المملكة، وان المستثمرين الأجانب يدركون قوة الاقتصاد السعودي من جهة وعزم القيادة السعودية على اجتثاث الإرهاب من جهة أخرى، وان البيئة الاستثمارية بالمملكة ستظل بيئة مشجعة للاستثمار وتحظى بجاذبية كبيرة للاستثمار ليس على مستوى المستثمرين المحليين بل والمستثمرين الأجانب أيضاً.
استثمارات المواطن
على الرغم بأن السوق السعودي يعتبر من أكبر الأسواق بمنطقة الشرق الأوسط والسوق العربية بسبب بلوغ القوة الاستهلاكية فيه إلى أكثر من 700مليار ريال سنوياً مما عزز من نمو الحركة التجارية بالمملكة، وصاحب ذلك نمو الطلب على الاستثمار العقاري الذي يقدر حجم سوقه أكثر من 60مليار ريال سنوياً وأن النمو في هذا القطاع جاء بسبب التوجه الاستثماري للمواطنين والاستفادة من النمو الاقتصادي للمملكة خلال هذا العام، وهذا يعكس دلالة واضحة على عدم تأثر صغار وكبار المستثمرين من الهجمات الإرهابية ومن التداعيات السياسية بالمنطقة.
المهندس عبدالمحسن الزكري عضو مجلس الشورى والمتابع لسوق العقار بالمملكة ذكر بأن الاقتصاد الوطني كان أداؤه جيداً خلال هذا العام وذلك بسبب السياسات الاقتصادية والمالية للمملكة، كما أن توفر السيولة المالية في السوق ساهم بشكل كبير في تعزيز الكثير من القطاعات الاقتصادية الذي انعكس ايجاباً على الاقتصاد الوطني وتحقيقه نتائج جيدة.. وان التحديات التي واجهت المملكة خلال هذا العام خاصة العمليات الإرهابية لم تقف أمام انطلاقته ونموه الجيد الذي يتوقع أن يبلغ حجم النمو في الاقتصاد السعودي في القطاع الخاص حوالي 4%، وأن المستثمرين في السابق كانوا يخرجون مدخراتهم إلى الأسواق العالمية بسبب العوائد الجيدة، ولكن خلال السنوات القليلة الماضية حدث تطور في السوق المحلي في بقاء الأموال السعودية في داخل السوق بسبب انخفاض حجم الفائدة على الدولار واليورو، حيث ان الفائدة على الدولار انخفضت إلى 1.25في المائة وهي نسبة متدنية جداً ولا تستقطب المستثمرين، كما ان الاجراءات الأمنية المتشددة التي شرعت العديد من الدول الأوروبية والأمريكية بها خلقت خوفاً لدى المستثمرين السعوديين.. وهذا وفر سيولة كبيرة في السوق المحلي، والمملكة دولة يتوفر فيها البيئ
ة الاستثمارية الجيدة وبها فرص استثمارية عديدة تحقق عائدات جيدة ساهم ذلك في تعزيز القطاع الاستثماري بالسوق المحلي، وأن العمليات الإرهابية وحرب العراق لم يؤثرا على ثبات الاقتصاد وقدرته على مواجهة التحديات، وأن البنية التحتية للمملكة ساهمت في ذلك بشكل كبير، وأن النمو في الاقتصاد هو ضربة موجعة في مخططات الإرهابيين ومحاولتهم البائسة في تحقق أهدافهم البعيدة عن الدين الإسلامي.
وأضاف بأن الطفرة الاستثمارية في القطاع العقاري لم تكن بسبب عودة رؤوس الأموال السعودية في الخارج بعد أحداث سبتمبر بل هي أيضاً بسبب بقاء الأموال المحلية داخل السوق ولم تخرج خلال السنتين الماضيتين وساهمت في وجود سيولة كبيرة في السوق المحلي، وأن المطلوب في المرحلة القادمة من الجهات الحكومية المعنية بخلق أوعية استثمارية لهذه الأموال، وأن السوق المالي الذي وافق عليه مجلس الوزراء سوف يساهم في خلق قنوات استثمارية لمدخرات الأفراد والمؤسسات، لأن ارتفاع حجم السيولة في السوق المحلي قد يكون عبئا في حالة عدم وجود أوعية استثمارية لها في السوق المحلي وحتى لا تخرج من جديد إلى السوق العالمي.
غير متصل
