منتهزات التقوّل
أنحن جاعلون إساءة الاخرين الظن بنا محوراً لتقييم سلوكنا وتقويم اخلاقنا , انه لأمر مريب لأنه ربما اصاب هؤلاء الاخرون في ظنهم منعطفا تنزلق معه تفوهاتهم والتي لم تكن تأتي من قناعة التصديق بقدر ما هي تحترق من نفثات التلفيق , وربما تكون تلك الاساءة مواجهه مفعمة بالتحريض الأبكم الذي يفتقد الى الفهم والى التفهم .
تنم هذه الإساءة الى قصور في مبادلة الرأي , ذلك الرأي المتراجع يصعّد انتكاسة التصور غير المبني الا على تحجر العقل الذي لا يدرك التوجيه لأن هذا الموقف هو شحنٌ متجمد السطح تذوب عنه طبقة التخاطب والاستفهام , فأين يستقصي الاخرون بنا الارجح من خلال مجابهتهم لنا بهذه التورية المقيتة والتي تكون بلا دلالات وبلا ارجحيات مبنية على سدة مكينة , فبمجرد ما يبدي الاخرون تقولهم علينا لا ننكر اننا نحس بثقل الوطأة على كاهلنا لأن اساءة الظن ليست مبادرة وإنما هي مأخذ سلبي نحاسب عليه وعلينا ان ندافع عن وجهتنا الاخلاقية والسلوكية ازاء ذلك. قد نبقى ساهمين يعترينا التجهم غارقين بفكر ٍ انتكاسي يجعلنا نبرم أمرا مع محتوانا الذاتي بتركيز عارم شديد وسريع لكي نفجر ينابيع الإجلال النفسي مع ما قاله الأطراف المقابلون في شأننا . قد نرد على ذلك بأساليب الدفاع المتعددة وقد نبقى صامتين منسحبين الا ان فجاءة الموقف يجب ان لا تمهلنا لكي نتخذ قولا صارما في لحظة اسمها لحظة الذهول الموقفي , لانك لا تصدق نفسك ان امامك شخص يناوئك الدراية بنفسك فيهيل عليك الاتهامات تلو الاتهامات المتكيفة مع دوافعه واسبابه المبنية على الشك فهو ينتحل شخصية القذف وانت تنتحل شخصية الشطب والحذف لتحقق التكامل المقرون بتدوير الفكرة الخاطئة فهو ينطلق من مقتنيات مشحونة وانت تنطلق من ركائز مكنونة تعبر عن ارتفاع كبير في اثمان تثبتك الذاتي ووقوفك امام تفريغ إكالات الانعكاس الحواري والذي لا ينذر الا بريح فيها صرّ استهدافك .
ان لكل افصاح معلومة وكل معلومة لا يكون انطلاقها الا من وعي فأذا كان اللسان لا يستطيع ان يعي ما يقول فلا ينبغي لصاحبه ان يجعل من نفسه نذيرا طائشا يسلط نبرة حارقه ونعرة مارقة , قد لا تكون هناك أسباب فاصلة في إقليم العلاقات بيد أنه تصرف نازح من تمارض اندفاعي , وان كشف ذلك سيكون مؤجلا لما بعد حين .
ان إساءة الظن تسديد بلا أهداف وارتفاع في معدل وفيات الوشائج المتلبكة والأقوال المرتبكة . فهي عجز لا إعجاز وإسفاف موتور في مستويات شديدة اللـُجـّة تستعمل مناورة التسريب الشائب لمياه بددت صفائها. فإساءة الظن ليست قدرة تحسسيه بل تسييل لذرائع قد تهدم عتبات صلدة من العلاقات لكي تصبح اثرا مندثرا بعد ان كانت عيناً فارهة البنيان .
فاضل مصطفى الزباد
Fadel_al_subae@hotmail.com
http://fadelalzebad.maktoobblog.com
نشرت في جريدة الراي الكويتية بتاريخ 20-7-2009
غير متصل
