يعتزل عائض القرني الدعوة لمدة شهر ويعتكف في بيته ويبين ذلك بقصيدة ينشرها عبر بعض الصحف
وفيما يلي نص القصيدة:
يا أرضَ بالقرن ما زلنا محبينا=
فسائلي الغيمَ كم أسقى معاطفَنا=
لي فيكِ يا دوحةَ الأمجادِ ملحمةٌ=
يوم الصبا كقميصِ الخزِ ألبسُه=
والرملُ لوحي وأقلامي غصونُ ندا=
يا ارضَ بالقرن لو فتشتِ في خَلَدي=
جرحٌ من الحبِ يا بالقرن ما اندملتْ=
قد زرتُ بعدكِ يا بالقرن كلَّ حمى=
فما رضيتُ سواكم في الهوى بدلاً=
رأيتُ باريسَ في جلبابِ راهبةٍ=
وأنتِ في ريَعَان العمرِ زاهيةٌ=
أتيتُ واشنطنًا لا طاب مربعُها=
فلا نسيمَ كأرضي إذ يُصبِّحنا=
ارضُ السنابلِ لا ارضَ القنابلِ يا=
يا روضةً طالما هزَّتْ معاطفَها=
وربوةٍ كم درجنا في ملاعبها=
والأربعون على خدي مروِّعةٌ=
والغبنُ يكتب في أضلاعنا خطبًا=
يقتاتُ من لحمنا غصْبًا ويجلُدنا=
وإن نظَمْنا بيوتَ الشعرِ نمدحه=
إذا اقترحنا على أيامنا طلبًا=
آهٍ على قهوةٍ سمراءَ نشربُها=
سِجادُها بحصيرِ النخلِ ننسجه=
بعنا الهمومَ بدنيانا صيارفةً=
لم ندّخِرْ قوتَنا بخلاً ليومِ غدٍ=
ونملأُ الضيفَ ترحابًا لننسيَهُ=
أمام غرفتِنا يجري الغديرُ على=
قلوبُ أصحابِنا طُهْرٌ وسيرتُهم=
أيامَ لا كدلكٍ يعوي بحارتنا=
واليومَ أموالُنا باتتْ تؤرقُنا=
إذا رفعنا بآياتٍ عقيرتَنا=
وإن همسنا بحبٍّ في مجالِسنا=
وإن لبسنا بشوتًا عرَّضوا سفهًا=
وإن تقشَّف منا صادقٌ ورِعٌ=
إذا صمتنا اقضَّ الصمتُ مضجعَهم=
إذا أجبْنا على الجوالِ أمطَرَنا=
وإن أبينا أتتنا من رسائله=
قلنا لهم هذه الأشياءُ حلَّلَها=
قالوا: خرقتَ لنا الإجماعَ في شُبَهٍ=
وإن ضحكنا أضافونا بسخرية=
وإن بكينا لظلوا شامتين بنا=
تفردوا بخطايانا وأشغلَهُم=
ويفرحون إذا زل النعال بنا=
ولا يرون سوى أغلاطِنا أبدًا=
وشتْمُهُمْ هو محضُ النصحِ عندهمُ=
لحومُهُم عندنا مسمومةٌ أبدًا=
فنحن عند الحداثيين قافلةٌ=
أما الغلاةُ فإنا عند شيخهمو=
ونحن في شرعِهِ خُنَّا عقيدتَنا=
حتى السياسي مرتابٌ ولو حلفتْ=
كم مولَعٍ بخلافي لو أقولُ له=
إذا طلبنا جليسًا لا يوافقُنا=
فتاجرٌ لاهثٌ ألهتْهُ ثروتُه=
وجاهلٌ كافرٌ بالحرفِ ما بصُرَت=
ومعْجَبٌ صَلِفٌ زاهٍ بمنصبه=
فالآن حلَّ لنا هجرُ الجميعِ وفي=
نصاحبُ الكُتُبَ الصفراءَ نلْثِمُها=
تضمُّنا من لهيبِ الهجرِ تمطِرُنا=
ما في الخيامِ أخو وجدٍ نطارِحُه=
فالزمْ فديتُك بيتًا أنتَ تسكُنُه=
شكرًا لكم أيها الأعداءُ فابتهجوا=
علَّمتمونا طِلابَ المجدِ فانطلقتْ=
جزاكم اللهُ خيرًا إذْ بكم صلحت=
دلَلْتُمونا على زلاتِنا كرمًا=
فسامِحونا إذا سالتْ مدامعُنا=
تجاوزوا عن زفيرٍ من جوانِحنا=
ثناءُ أحبابِنا قد عاقَ همتَنا=
ماذا لقينا من الدنيا وعشرتِها=
على مصائبها ناحتْ مواجعُنا=
تغتالُنا بدواهيها وتنحرُنا=
والآن في البيتِ لا خِلٌّ نُسَرُّ به=
غير متصل
