( كتاب تاريخ بلدة ماحص / صفحة : 85 - دار ابن الجوزي ) .
الشيخ المجدد العلامة محمد عبد المحسن محمد نصر الدين
(ولد الشيخ) في - (تل حوين = من محافظة الشرقية) - في (مصر) سنة 1960م ، (ونشأ) في أسرة - علم ودين - ، (وتعلَّم في الكُتَّاب) ، والتحق بعدها (بجامعة الأزهر) ، (وحفظ القرآن الكريم) على يد الشيخ (أحمد أبو عباس) ، ودَرَسَ (الخطابة) على يد العلامة الشيخ (عبد الغفار عزيز) ، وكان - يخطب على المنبر - من سنِّ (الخامسة عشر) (1) ، ودَرَسَ - باقي العلوم الشرعية - على يد العلامة الشيخ (موسى شاهين) والعلامة الشيخ (صلاح أبو إسماعيل) من - (كبار علماء الأزهر) - (2) ، (عُرِفَ) - (بشدة النزاهة = والصدق = والتواضع = والحكمة = وحُسن السمت = وطول الصمت = والدعوة إلى الإخلاص في الأعمال والأقوال) .
وفي - (عام 1985م) - (أنعم الله( على بلدة ماحص بالشيخ ( محمد عبد المحسن) ، (فأشرق) على ماحص (وأضاء لها معالم الدين) ، فجاء إليها - وهي تموج بالبدع - (فأنكرها!) - بأسلوب - يتمثل فيه (الحكمة = ورجاحة العقل) ، فكان (حكيماً) - في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - (يَعْرِفُ متى يتكلم ومتى يصمت) - ، حتى صار (محط احترام= وتوقير من حوله) ، فكان - شجاعاً = صابراً = كثير الديانة = معظماً لحرمات الله = يغضب لله = ويغار على دين الله وينتصر له) - (شَهِدَ من رآه( - أنه - )نعمةٌ من الله = ورحمه) - لم تشهد ماحص (مثله!!) أبداً - .
(( كان الحاج الشيخ (داود النادر الشياب) - من وجهاء ماحص - وقد (طلب منه) أهل ماحص - بعد وفاة الشيخ عبد الحميد ارشيدات - أن (يُحضر) شيخاً - (إماماً) - في (مسجد ماحص القديم) مكانه ، فأحضر لهم الشيخ (محمد عبد المحسن) وكان لا يتجاوز (25) من عمره ، فلما - رأى الناس (علمه وسمته) - ، (وقف) الشيخ - داود النادر الشياب - (فخطب) - في الناس - قائلاً : (أهنئكم بهذا العَالِم!) (1) ، فكان (ينصره ويقف بجانبه!) في - نشر السنة والعقيدة الصحيحة - .
وقد (منَّ الله تعالى) - على أهل ماحص - بالشيخ (محمد عبد المحسن) فكان (قوي الحُجَّة = والإقناع = فصيحاً بليغاً) ، إذا (علا المنبر) كانت (له مهابه في القلوب!!) ، يخطب الناس (يوم الجمعة) عن - ظهر قلب - (من دون ورق) ، - بدأ بتدريس - (عقيدة السلف) - من كتاب (( العقيدة الواسطية )) - لابن تيمية - ، وكتاب (( التوحيد )) - لمحمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - (1) وهو - (أول من أدخل منهج السلف) - إلى ماحص .
و- لم يكن يخرج من المسجد - بعد (صلاة الفجر إلى الشروق) كل يوم ، وكذلك بعد (صلاة المغرب حتى صلاة العشاء) ، (ينشغل بالعبادة = وتعليم الناس القرآن الكريم) ، فيقرؤون عليه كل واحد (ربع) من القرآن العظيم ، و(بعد صلاة الظهر) - يُدرِّس الأولاد والبنات القرآن الكريم - ، ومن (الطريف!!) - أنه كان (لا يأكل) - قبل صلاة الجمعة - ويقول: - (إذا امتلى الكرش يكون الكلام من الكرش إلى الكرش ، وإلا كان من القلب إلى القلب) - .
ومن أقواله : (( إذا - مددتُ يدي إلى الناس - ، أو (قَبِلْتُ) منهم (الصَّدقات) ، (ناموا في خُطْبَتِي) ـ أي خطبة الجمعة ـ !! )) فكان (قنوعاً) - لا ينظر إلى أيدي الناس - .
وكان (شديدُ التواضع!!) - يكره أن يُمدح! - ، كان أهل ماحص - (يحبونه حباً شديداً) فإذا (علا المنبر) يوم الجمعة (أبكى الجميع!) ، - في وقته - كان المسجد (يضجُّ بالمصلين!) و- قبل مجيئه - كان الذين يُصلون في (صلاة التراويح) - لا يُكملون الصف الواحد - ، فلما جاء (الشيخ محمد) - (انقلبت الموازين!!) - (وتغيَّرت القوانين!!) - ، (فامتلئ المسجد) حتى كانوا يُصلون خارجه في (رمضان) .
وكان الشيخ (يلبس الثوب الأبيض) ، وحطة بيضاء ، و(صلاة الجمعة) - يضع على رأسه القلنسوة - ، و(صلاته طويله) ذات خشوع ، - كثير البكاء - ، (سريع الدمع) ، - (لم ترى ماحص مثله!) - ، كان - (حرباً على البدع والخرافات!!) - (1) يُحذِّر منها - ، (فأول البدع) التي أزالها - (التذكير) - الذي كان - قبل صلاة الفجر - ويستمر قرابة عشرة دقائق ويقولون فيه : (سبحان من أصبح الصباح) ، (سبحان من أذهب الليل وأتانا بالصباح) ، فهذا - التذكير - (أنكره الشيخ محمد عبد المحسن) - غاية الإنكار فاستجاب الناس له ، وأنكر (التهليلة والصلاة على النبي الكريم قبل صلاة العشاء) - يومي الخميس والإثنين - لأنهما على غير (هدي رسول الله والصحابة) (2) .
وألغى بعدها - (الزيارة البدعية للمقابر) - من تقديم (الحلوى = والقهوة = والنياحة = والتبرك) ، وكذلك - (الاحتفال بالمولد النبوي) - بأسرع وقت غيَّرها - ، (وبيَّن) أنها من - البدع المنكرة - ، و(منع) - (النعي للأموات) - على (مئذنة المسجد!) ، وأنكر على أهل الميت - (التهليله) - وهو قول (لا إله إلا الله) - يُكررونها ألف مرة أو مائة - (ليلة الجمعة) ، ثم يذبح أهل الميت بعد التهليله (ذبيحة!) .
وألغى الشيخ (محمد عبد المحسن) - (الأربعينيه = والأسبوعيه) للميت ؛ لأنها ليست من (هدي رسول الله r) ، وقد طلب أحدٌ من أهل ماحص من الشيخ (محمد) أن يزور بيته ، - ليقرأ القرآن على (روح الميت) - ، فلما جاء قال - لأهل الميت - : نحن - نأخذ ثواب القراءة - ، (والميت لا يأخذ منّا شيء!) (1) .
وكان (مثقفاً = متعلماً) - فأحبه الناس لعلمه وتواضعه - ، وكان (يُخاطب) الناس (بالقناعة والدليل) ، - (لم ترى ماحص مثله) - ، كان يُصلي في - (التراويح) - (ثماني ركعات) ويقول : - هذه سنة رسول الله r - فلم يكن النبي يزيد عليها ، فمكث الشيخ - (سبع سنين) - يُعلِّم الناس العقيدة والسنة الصحيحة - ، فقد (أشرق) - على ماحص - (النور) بمجيئه - ، حتى (مشايخنا اليوم) - جاءوا - وكل شيء (جاهز ومُمَهد) - ، لأن (الشيخ محمد) - لم يترك شيئاً - من (كبائر البدع) - إلا غيره (!) ، وكلهم - استقبلوه بإحسان - (2) إلا - واحداً - كان - (يُؤذي!!) - الشيخ كثيراً - .
وكان (الشيخ عبد الحميد) - رحمه الله - ينادي على المئذنة : (( - الصلاة الصلاة - يَلـِّي على (القبور) - (الحقوا الطابور!!) - أي الصلاة - )) ؛ (لانشغال) الناس - بالتبرك بالقبور - وكان (الشيخ محمد) - يقرأ على المنبر الآيات - التي تتضمن (تحريم الذبح = والتبرك بالقبور) (3) ، و- (يحذر الناس) من - (زيارة المقامين المنسوبين إلى الخضر وشعيب) - وأنكر صحة وجود هذه المقامات أصلاً - ، فلا دليل على ثبوتها .
وكان (الشيخ محمد) قد - تزوج - من (مصر) وأحضر أهله لماحص ، وكان من الذين (يُحافظون على دروسه) : - (محمد أمين الراميني = وهاني زيدان = ومحمد نوفان القطيشات = وضياء راشد = وخالد أبو عذية = ووليد عبد الكريم سعيد الشياب = وأبو أمجد محمد عبد الحميد الشياب = ومحمود البتيري وغيرهم كثير) - .
وكان الشيخ - (يُنكر خروج النساء للمقبرة والجنازة) - مع الرجال غاية الإنكار وكان (حريصاً) على - (تعليم السنة الصحيحة للناس) - ، وذات يوم - خَطَبَ - رجلٌ في (مسجد الفاروق) في - صلاة الجمعة - (فأبكى) الناس ، وكان مما قال : أنّ (أرواح الموتى) - معلقة في (الحجر الأسود) إلى يوم البعث ، فلما سمع عنه (الشيخ محمد) - ركب في السيارة - ولحقه في (مسجد الفاروق) - وأنكر عليه - غاية الإنكار وقال له : - (اتق الله في تعليم الناس هذه الخرافات) - .
وقد - بدأ - الشيخ (محمد عبد المحسن) بتعليم الناس من سورة الإخلاص ، وكان في - أغلب الأوقات - (يلقي درساً) بعد صلاة المغرب ، وجاءه - موسى صالح ارشيدات - (ليُعطي) للشيخ محمد (مالاً) - فرفض! - وقال : أنا معي راتب ، فكان (عفيفاً) لا ينظر إلى أيدي الناس ، وقد (منع) الشيخ - (التهليله) - حين (حمْل الجنازة) ، وأنكر - (التهليله) - بين ركعات (صلاة التراويح) ، وأنكر - (تلقين الميت) - ، وأنكر - (الترضي على الصحابة) - بين ركعات - صلاة التراويح - (وبيَّن للناس) - أنها لم تكن من هدي النبي r ولا الصحابة ولا التابعين ، وأنكر كثير من (الخرافات) التي لا يمكن بسطها هنا .
وبقي الشيخ - (مجدداً = ومعلماً = ومربياً) - من سنة 1985 إلى سنة 1992م ، حتى (شاء الله تعالى) - أن يَرْحَل إلى أهله - للقاء والده - ، (فاجتمع) عنده - الخلق الكثير - (يودِّعونه!!) - ، و- (أعينهم تفيض من الدمع) - مما رأوا معه من (الحق) ، - (حفظك الله - يا أبا بلال = وجزاك الله عنا خير الجزاء) - .]
غير متصل
