|
على طريق قبول الحق وان أبداه الشيطان مرا(الوقفة الثالثة:الثقة بعالم في جانب دون آخر)
كُتب : [ 14 - 07 - 2008 ]
من السلبيات المشينة، والتناقضات المبينة ، أن يوثق في العالم من جهة، وتسحب الثقة من جهات أخرى، وذلك من تلبيس إبليس وزيادة إغرائه وإغوائه للمرء حتى لا يبصر الحق ولا يقبله، لقد كان من أعجب العجب ما يحدث من أناس حينما يتداولون فتاوى الشيخ مثلاً في أمور كثيرة، ويثقون فيها، ويقتنعون بها، بل إن هنالك نوعاً من الفتاوى يطيرون بها فرحاً، ويزدادون بها سروراً، لأنها تضرب على أوتار حساسة، وتصب فيما يناسبهم من السياسة، ولكن الصدور تضيق ، والأوجه تعبس، والقناعة تحجم، والقبول يعدم، إذا كانت الفتوى تتعلق بما لولاة الأمر من الحقوق، أو تنهى عن العقوق، فهنالك تغص بها الحلوق، فحينما تقرأ على الواحد كلاماً في الثناء على أمير أو الدعاء لوزير، أو الشكر لملك، او الاعتراف بجميل زعيم، فكأنما سقيته سماً، او جرعته حنظلاً، يقطب بجبينه ، ويشيح بوجهه، ويهز عطفيه، ويولي ظهره، فذلك عنده قول مرفوض، ممجوج ، حتى ولو كان من إمام عالم عامل، وإن هذا الصنف لو فتش الواحد منهم في ثنايا نفسه، وحنايا ضميره، لوجد هنالك دوافع معينة، وأغراضا مبيته هي التي جعلته يرفض كل كلام او شكر أو امر بطاعة لهؤلاء، أين أولئك من قوله تعالى ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى ) (المائدة :8) .
يقول احد السلف : " اللهم إني أعوذ بك مما ظننت أني أريد به وجهك وقد خالط بشاشه قلبي غير ذلك ".
بعض الناس لا يرضى أن يثني على أمير او يشكر لوزير ، او يكافئ جميلاً لهؤلاء أو يناصحهم بلطف ومحبة، او يدعو لهم بخير وهداية ، فإذا ما كان له مصلحة شخصية، وحاجة ذاتية، من زيادة لراتب، أو طلب لمنحة أرض ، أو الحصول على تصريح زواج ، دبج أحلى عبارات الثناء ، ورصف أجمل كلمات الدعاء، وأعلن الحب والولاء ، والشكر والوفاء ، وهذه بعينها الهجرة الى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، وهي بعينها ((الطاعة والوفاء إذا أعطي من الدنيا ، والتمرد والنكران إذا لم يعط منها )).
إن هذه الصورة وان وجدت ليست ظاهرة بينة، ولا ممارسة ظاهرة ولله الحمد، ولكنها نزغات شيطانية خفية عند البعض أما الأصل في عامة الدعاة وعند العارفين بالشريعة فهو الإخلاص والخير والصلاح .
|
غير متصل
