بشري علاج السكري

[مناحي المجمعي]

خلايا المنشأ تجدد البنكرياس وتنتج الأنسولين
الشفاء من مرض السكر حلم هل أصبح حقيقة؟!







كتب جمال الراجحي ونبيل زلف:

أمل جديد فتح ذراعيه لمرضى السكر اكد امكانية الشفاء من هذا المرض اللغز الذي حير الاطباء والعلماء على مدار سنوات طويلة فقد احرز معهد طب الانسجة بمركز اكسيل الالماني تقدما علميا كبيرا على طريق الشفاء باستخدام خلايا المنشأ لتجديد انسجة البنكرياس حتى يتمكن من انتاج مادة الانسولين من جديد و«الوطن» كانت هناك ترصد هذه الثورة الطبية الجديدة وتتعرف على طريقة العلاج وجدواها ومدى فعاليتها في القضاء على المرض الذي لم يعد الشفاء منه حلما مستحيلا فكان الموضوع التالي:



قصة المرض

مرض السكر هو اضطراب استقلابي ذو طبيعة مزمنة يتميز بصفة شائعة هي زيادة نسبة السكر في الدم مما يؤدي مع مرور الوقت الى خلل في الاوعية الدموية، وتعقيدات عصبية مما يجعل هذا المرض من الاسباب الرئيسة للوفاة في المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء، وقد اخذ هذا المرض يؤثر في عدد كبير من البشر بسبب عدد من العوامل حددتها منظمة الصحة العالمية هي: زيادة عدد السكان، التقدم بالعمر، الوجبات الغذائية غير الصحية، البدانة واساليب الحياة التي لا تتميز بالحركة والنشاط، غير ان السبب الاساسي لهذا المرض لايزال غامضا، ولكن يبدو ان الجينات والعوامل البيئية الاخرى مثل البدانة والافتقار للحركة تلعب دورا في نشأته.



أنواعه

وهناك نوعان لمرض السكر يعتمد المريض في النوع الاول منهما على حقن الانسولين ويتطور هذا النوع بفعل عوامل عدة تتصل بالجينات ومناعة الجسم والامراض المعدية وتبدأ بتدمير خلايا البنكرياس المسؤولة عن انتاج الانسولين، اما النوع الثاني فيلعب العنصر الجيني دوره، فمع بلوغ الانسان الخامسة والاربعين من العمر تقريبا يغير الجين الطريقة التي يتم من خلالها صنع الانسولين في الجسم ويمنع بالتالي عمله على نحو فعال، ويطلق الاطباء على هذه الظاهرة «المقاومة السطحية الخارجية للانسولين»، وهي تعني فشل هذه المادة في دخول خلايا الجسم اي ان المستقبلات في الخلايا لا تتعرف على الانسولين ولا تسمح له وبالتالي بدخول الخلية او انه يدخلها لكن بشكل ضعيف، علما ان الاثار الشائعة المترتبة بالاصابة بمرض السكر وهي: امراض القلب والاوعية الدموية، علل في العين والكلية، اوعية دموية ضعيفة، تلف في الخلايا العصبية، نزيف في القدم، استعداد كبير للاصابة بأمراض معدية، وضعف القوة الجنسية



علاج

ولما كان ارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم يؤدي تدريجيا لتلف في كل جزء من اجزاء الجسم، يصبح من الضروري جدا معالجة مرضى السكر عن طريق تخفيض غلوكوز الدم الى المستوى الطبيعي، غير ان هذا لا يمنع حدوث تعقيدات ايضا على المدى الطويل، وهنا تبرز الحاجة لاستخدام ما يعرف بـ «خلايا المنشأ لمعالجة الخلايا المنتجة للانسولين في البنكرياس» والحقيقة ان اكتشاف هذه الخلايا ادى الى ثورة في الطب المعاصر، وهي في الواقع «خلايا صغيرة» في اجسامنا يمكن نقلها للاجزاء المصابة داخل الجسم لتبدأ على الفور بتشكيل نسيج خلوي جديد يحل محل النسيج التالف في تلك الاجزاء.

ومن المعروف ان الجسم يرمم نفسه باستمرار بإنتاج خلايا وانسجة جديدة بهذه الطريقة.

لكن الامر المثير في هذا الاطار هو ان لخلايا المنشأ القدرة على التكاثر وتجديد نفسها الى ما لا نهاية تقريبا، وهي في هذا تتباين مع خلايا الدم، العضلات والاعصاب التي لا تستطيع ان تتضاعف ولها عمر محدود، بل وبمقدور خلايا المنشأ ان تتطور الى خلايا متخصصة، اذ بإمكان خلايا المنشأ المستخرجة من نقي العظام ان تتطور لتصبح خلية عضلية او اي نوع آخر من الخلايا الدماغية، الكبدية، العصبية، الدهنية، وبالإمكان تحويل هذه الخلايا في المرضى المصابين بالنوع الثاني من مرض السكر الى انسجة جديدة واوعية دموية جديدة تحسن دوران الدم او تُنتج محرضات تنشط الخلايا الخاملة المنتجة للانسولين.



مراحل

تتألف هذه العملية برمتها من عدة مراحل اولها: تحديد ما اذا كان المريض مؤهلا لهذا النوع من العلاج، جمع خلايا المنشأ، معالجتها بطريقة معينة، حقنها في المريض ومن ثم متابعة حالته، والهدف من هذا النوع من العلاج هو اصلاح النسيج التالف او تنشيط الخلايا الموجودة لكي تعمل من جديد مما يحسن عمل النسيج الوعائي الدموي وانتاج الانسولين.



خلايا

ويستخدم مركز اكسيل في المانيا خلايا المنشأ من اجسام مرضى السكر البالغين انفسهم وتخضع هذه الخلايا التي يتم سحبها من نقي عظم الحوض لمعالجة معينة قبل أيام قليلة من نقلها للمريض من جديد.

ويمكن أن يصبح مريض السكر من النوعين الأول والثاني مؤهلاً لهذا العلاج استناداً الى عدة عوامل هي: تاريخه الطبي، فئة غلوكوز الدم ونتيجة مادة التصوير مثل التصوير بالرنين المغناطيسي. وموافقة فريق مركز إكسيل على تطبيق هذا النوع من العلاج على المريض واحتواء نقي العظام على كمية كافية من خلايا المنشأ القابلة للنمو، ويتم تقدير هذه الحالة بإخضاع عيّنة من هذه الخلايا لمعالجة خاصة، وقبل الموعد المقرر لجمع خلايا المنشأ، على المريض تعبئة نموذج خاص يوافق فيه على العملية، ويتعين على المريض التوقف عن استعمال اي دواء مميع للدم قبل عشرة أيام على الاقل من عملية سحب خلايا المنشأ منه. وعليه ايضا استشارة طبيبه الخاص قبل التوقف عن استخدام الدواء المخفف للزوجة الدم، بعد هذا، يسحب الطبيب المعالج ما يتراوح بين 150 و200 ملل من نقي العظام من عظم الورك. ويتم جمع خلايا المنشأ هذه من المريض في قسم العيادات الخارجية باستخدام مخدر موضعي وفي غرفة معقمة. ويتماثل شعور المريض بالألم هنا مع ما يشعر به عند زيارته طبيب الأسنان، فهو لن يحس بألم يذكر عند إدخال الإبرة في عظم الورك اثناء عملية السحب.

وربما يبدو مكان السحب بعد العملية ازرق اللون ومؤلما قليلا لبضعة ايام (3 - 4). ولا يسفر عن ذلك عادة اية تأثيرات جانبية، وثمة احتمال ضئيل للإصابة بعدوى ما، لكن هذا الاحتمال يصبح ضعيفا جدا بفضل العمل في بيئة نظيفة ومعقمة.



عينة

ويتم اخضاع عينة الخلايا الجذعية (المنشأ) هذه خلال 48 ساعة لمعالجة خاصة ولفحص نوعيتها في مختبر على درجة عالية من التخصص وفي محيط نظيف ومعقم تماما. ولا يمكن ان يلحق اي تلوث بهذه الخلايا، لأنها تبقى محفوظة في أنابيب زجاجية صغيرة معقمة ولا يمسها الهواء إطلاقا.

وتتألف عملية معالجة نقي العظام واختبار جودته من: جمع خلايا المنشأ، فصلها عن خلايا الدم الحمراء وعن بلازما الدم وعد خلايا المنشأ وقياس حيوية هذه الخلايا وتكون النتيجة ايجابية اذا بلغ عدد خلايا المنشأ أكثر من 2 مليون خلية (CD34) وكانت حيوية خلايا (CD34) أكثر من %80 يتم تخزين عينات خلايا المنشأ الايجابية والمعزولة في انابيبت معقمة بسائل نيتروجيني درجة حرارته 196 درجة مئوية تحت الصفر.



زرع

ويتم زرع خلايا المنشأ المأخوذة من جسم المريض في البنكرياس باستخدام التخدير الموضعي والتصوير الوعائي ويجري حقنها مباشرة في الجزء المصاب والتالف من البنكرياس عن طريق القسطرة حيث يتم ادخال انبوب مطاطي في الشريان الامامي في منطقة الحوض ومن ثم يجري توجيهه نحو الشرايين التي تزود البنكرياس بالدم، وذلك باستعمال التصوير باشعة اكس ثم يتم حقن خلايا المنشأ ويزيل الطبيب جهاز القسطرة ثم يضغط قليلا على فتحة الجزء الذي تم اجراء القسطرة منه ويبقى المريض يقظا طوال فترة هذه العملية التي تستغرق 90 دقيقة تقريبا لكنه يبقى تحت المراقبة في غرفة الانعاش لحوالي 3 الى 4 ساعات.



اتصال

وقد التقت «الوطن» بمدير مركز دسمان لأبحاث ودراسات السكر د.عبدالله بن نخي وسألته عن رأيه في استخدام خلايا المنشأ في حقن النكرياس للمصابين بداء السكر «فأشار الى ان وزارة الصحة بالكويت على اتصال دائم مع كبرى الجامعات الطبية العالمية والمستشفيات ومراكز البحوث الخاصة بأمرض السكري، مضيفاً اننا وعبر مركز دسمان لابحاث وعلاج أمراض السكر لدراسة البحوث العلمية المتعلقة بعلاج أمراض السكر نشارك على مدار السنة في عدة مؤتمرات طبية وندوات علمية خاصة بامراض السكري.

وبين بن نخي ان الاكتشاف المذكور قد تم الاطلاع عليه من قبل اطباء السكر بالكويت وتم استعراض كافة جوانبه السلبية والايجابية، منوها الى ان الاكتشاف يظل دراسة حتى تجيزه منظمة الغذاء والدواء الامريكية والمنظمة الاوروبية، مشيراً الى ان المنظمتين المذكورتين هما اللتان لهما في اجازة اجراء مثل تلك العمليات للاكتشاف المذكور واعطاء الضوء الاخضر للدول كافة باجراء عمليات الاكتشاف في بلدانها.

وأشار بن نخي ان الاكتشاف يمر بمراحل عدة لاعتماده رسميا منها اعتماده قانونيا وعلميا بالاضافة الى عرضه في مؤتمر طبي عالمي للتعريف به في جميع دول العالم، مبيناً أن الكويت ومتى ما أجيز هذا الاكتشاف ستكون من اوائل الدول التي ستبعث مرضاها الى الدول التي ستجري مثل تلك العمليات مضيفاً ان دول مجلس التعاون عامة والكويت خاصة ستكون من اوائل الدول المستفيدة من هذا الاكتشاف متى ما اجيز وذلك بسبب اننا نأتي ضمن الدول العشر الأكثر اصابة بالسكر في العالم.



جهد

من جانبه قال مدير ادارة العلاج بالخارج د.محمد المشعان لـ «الوطن» ان وزارة الصحة لن تتوانى في بذل الجهد في ارسال المرضى الكويتيين الى الخارج فيما يخص علاج مرضى السكر وخاصة في ظل الارتفاع المخيف للارقام والاحصائيات الخاصة باعداد المصابين بداء السكر بالكويت مشيراً الى ان الاكتشاف المذكور مازال غير معتمد من الجهات الدولية مثل منظمة الغذاء والدواء الامريكية وغيرها من الجهات العالمية، مؤكداً انه متى ما اجيز اجراء مثل تلك العمليات فالكويت ستكون السباقة في علاج مرضاها من داء السكر سواء عبر ارسالهم الى تلك الدول او اجراء تلك العمليات في الكويت عبر جلب الفرق الطبية المختصة باجراء مثل تلك العمليات.

وحول امكانية آلية ارسال المرضى الكويتيين الى الخارج لاجراء مثل تلك العمليات، بين د.المشعان ان قرار الارسال بيد قياديي الوزارة برئاسة وزير الصحة ووكيل الوزارة، مبيناً ان امكانية ارسال المرضى لاجراء تلك العمليات يجب ان يكون بقرار وزاري على غرار قرار مجلس الوزراء رقم 790 لسنة 2006 وهي الحالات المتعلقة بأمراض (القلب - السرطان - الاطفال - الحوادث) وكذلك الحالات الحرجة والمستعصية الواردة مجلس الوزراء رقم 397 لسنة 2007.



الآثار الجانبية نادرة

الآثار الجانبية التي يمكن أن تحدث نادرة جداً مثل: حدوث نزيف »حالة نادرة« أو شعور خفيف بالحرقة »احساس شائع« أو رد فعل تحسسي »نادرة جدا« أو احتشاء بسبب تغيير مكان المادة الكلسية داخل الشريان »نادرة جدا«، ويمكن تقديم العلاج دون اقامة المريض في المستشفى واحتمال الخطر ضئيل بصفة عامة.



متابعة

بعد عودة المريض الى بيته يخضع لمراقبة احد افراد الفريق الطبي بانتظام عن طريق الهاتف او البريد الالكتروني لمعرفة مدى التقدم الحاصل ويبقى الخط الساخن تحت تصرف المريض دائما.



تكاليف

تبلغ القيمة الاجمالية للعلاج 8925 يورو وهي تشمل التالي: جمع نقي العظام ونقله، خضوع خلايا المنشأ لمعالجة طبية تم تخزينها ونقلها، ادارة خلايا المنشأ، رسوم مركز اكسيل الطبية، علما بأن الثمن لا يتضمن تكاليف السفر كتذاكر الطائرة، الوجبات او وسائل الراحة الاخرى من مبيت وما الى ذلك.



تاريخ النشر 09/06/2009