لقد رشُّوني بسائل ممزوج بالفلفل الحار وسحبوني إلى منطقة أدغال مليئة بالآجام والآكام، ثم حاولوا نزع لساني عنوة بزردية». بهذه الكلمات الموثرة ابتدر ماشودو مندزيلي حديثه بعد أن نجا بإعجوبة من القتل وأفلت من موت طقوسي محقق في ليمبوبو بجنوب افريقيا. وقد أكد النقيب موتلافيلا موجابيلو المتحدث باسم الشرطة الولائية أن المحافظة من أدناها إلى أقصاها رزئت بموجة من قضايا القتل الشعائري، حيث تم الإبلاغ عن نحو مئة قضية من هذا القبيل منذ عام 1994م.
وقد كان مندزيلي البالغ من العمر 35 عاماً في طريقه من ثوهوياندو إلى مسقط رأسه في قرية تشيفودي عندما التقى بقاتليه؛ حيث تحدث في هذا السياق قائلاً: «كنت أهمُّ بالسفر متطفلاً على أصحاب السيارات محاولاً إيقافهم للركوب مجاناً وكان الوقت وقت أصيل عندما توقفت سيارة كورولا بيضاء في تقاطع مالافوي. وكان هنالك أربعة رجال على متن السيارة كما كانت هناك عجوز شمطاء في المقعد المجاور لمقعد السائق. وقد أجلسوني بين رجلين في القعد الخلفي». وأردف يقول: إن الركاب الآخرين اكتفوا برد التحية ثم ظلوا صامتين إلى أن توقفت السيارة بغتة.
وتحدث مندزيلي عمّا حدث له بعد ذلك واصفاً إياه بقوله: «أقدم الرجل الذي كان جالساً على يساري على فتح باب السيارة وعندما التفتُّ لأنظر إلى الأمام، تقدم الرجل الذي كان جالساً إلى يميني وقام برشي بسائل ممزوج بالفلفل الحار، حيث شعرت فجأة بالدوار ولم أعد أرى شيئاً. بعد ذلك سحبوني إلى الغابة المجاورة حيث دار بينهم نقاش حول ما ينبغي بتره من أعضاء جسمي. بدأت المرأة العجوز تقذف العظام على الأرض وهي تتحدث بلغة غريبة وغير مفهومة؛ وعلى إثر ذلك أصدرت أوامرها للرجال بأن يشرعوا في قطع يدي اليمنى». وبالفعل أبرز منديزيلي آثار محاولة البتر على يده.
وسرد منديزيلي ما حدث له بعد ذلك فقال: «كان أحد الرجال منهمكاً ومشغولاً بمهمة قطع يدي عندما تحدث الرجل الآخر قائلاً عني «إنه لا يبكي، دعنا نصلم لسانه حالاً»، ثم بادر بتناول زردية أدخلها في فمي محاولاً اقتلاع لساني».
وأفاد منديزيلي بأنه وبرغم شعوره بالدوار والذهول فقد دفعه الألم الممض إلى ركل الرجل ورفسه في منطقة حساسة من جسمه. وقد سقط الرجل من جراء الركلة في مجرى مائي وبينما كان صديقه يحاول مساعدته على النهوض مجدداً فإن المرأة العجوز لاذت بالفرار وأطلقت ساقيها للريح. وأشار منديزيلي إلى أنه هرع مسرعاً إلى أقرب مركز طبي، حيث قامت الممرضات باستدعاء الشرطة. وقد تم نقل منديزيلي إلى مستشفى دونالد فريزر بالقرب من توهوياندو حيث أفاد بأنه لم يكن قادراً على تناول الطعام لمدة أسبوع بعد خروجه من المستشفى.
ولئن كانت إصابات منديزيلي طفيفة وليست جسيمة، فإن نياليسانا لم تكن محظوظة أبداً، وإن هذه الفتاة البالغة من العمر 19 عاماً، وهي من قرية ماكوندي بالقرب من ثوهوياندو، تعيش فترة نقاهة في أحد المستشفيات بمدينة بريتوريا إثر إقدام رجل على بتر شفتيها. أما خطيبها ماندا سونديظا الذي تم اختطافه معها، فإنه لم يكن بأسعد حظاً منها؛ إذ تم العثور عليه ميتاً بعد أن أزيلت أعضاؤه التناسلية.
وأفادت نياسي والدة نياليسانا بأن ابنتها خرجت من منزل ذويها ولم تعد حتى تم العثور عليها فيما بعد داخل الغابة المجاورة للقرية.
وقالت إن بعض القرويين أخذوها إلى مسرح الجريمة حيث كان هناك دم غزير وبعض بقايا أدمغة بشرية على الأرض.
وقد شهدت الآونة الأخيرة العديد من حالات القتل ذات العلاقة بالطقوس الشعائرية في المحافظة. فقد ألقت الشرطة القبض على رجل يبلغ عمره 40 عاماً إثر اكتشاف جثة شونيساني ثيناندافا في جبل نولودو خارج بولوكوين. وقد تم التمثيل بالجثة حيث أزيلت كف اليد اليمنى والشفة العليا والأذن اليسرى وحلمتي الثديين. وقد تم أيضاً اكتشاف العديد من الحالات المماثلة المتمثلة على سبيل المثال في إزالة الأعضاء التناسلية لأحد الرجال في قرية بوشيغا خارج بولوكوين بالإضافة إلى ثلاثة أقارب تبلغ أعمارهم ست سنوات وعشر سنوات و14 سنة، فضلاً عن قريبتهم التي يبلغ عمرها 19 عاماً، وقد تم العثور عليهم جميعاً وجثثهم مقطعة الأوصال إرباً إرباً.
ولم تكن ليمبوبو هي المحافظة الوحيدة التي شهدت حالات القتل المرتبطة بممارسات طقوسية. فقد عثرت الشرطة في أواخر عام 2005م على جثة بدون رأس طافية في مجرى مائي في إمبالنهلي بالقرب من سيكوندا بحافظة مبومولانغا. وقد تم العثور أيضاً على عدة جثث بدون رؤوس في ذات المحافظة خلال فترة السنوات الثلاث المنصرمة.
وقد أفضت حالات القتل الطقوسية إلى إجبار السلطات الحكومية في ليمبوبو على تعيين فرقة مهام تتولى البحث والتحري في هذه الظاهرة. وقد أعلن مجلس الكنائس بجنوب افريقيا أنه سيعقد مشاورات مع المجموعة الكنسية الأخرى والقادة التقليديين والمسئولين الحكوميين ورجال الشرطة في إطار المساعي الرامية إلى تطويق هذه الجرائم ووضع حد لحالات القتل.
غير متصل
