المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوترات العرقية الإيرانية الداخلية.. ثغرة أمريكية


أبوهمام الأثبجي
27 - 08 - 2006, 02:20
التوترات العرقية الإيرانية الداخلية.. ثغرة أمريكية

((النعرات الجاهلية في العالم الإسلامي اليوم))

** عباس ويليام سامي - كريستيان ساينس مونيتور

ترجمة: زينب كمال



مفكرة الإسلام : طوال الأسبوع الأخير من شهر مايو, تظاهر الآلاف من الإيرانيين في مدينة تابريز الواقعة شمال غربي البلاد, وفي الأسبوع السابق حدثت تظاهرات في الجامعات في خمس مدن؛ بسبب ما نشرته صحيفة البلاد الرسمية والتابعة لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية, من رسوم كاريكاتورية تصور فتى يردد كلمة 'صرصور' بالفارسية, وأمامه صرصور آخر عملاق يسأله 'ماذا؟' باللغة الأذرية.

وقد شعر الأذريون الإيرانيون الذين يشكلون تقريبًا ربع سكان البلاد بالإساءة بسبب هذه الرسوم الكاريكاتورية. وقد جاءت هذه الاضطرابات في وقت غير مناسب تمامًا بالنسبة للحكومة الإيرانية, التي أكدت ضرورة الالتزام بالوحدة الوطنية في مواجهة القلق الدولي بشأن برنامجها النووي.

وتشكل طائفة الفرس العرقية أكثر من نصف السكان الإيرانيين البالغ عددهم 69 مليون نسمة, ومع ذلك فإن هناك أقليات أخرى كبيرة. فهناك, على سبيل المثال - بالإضافة إلى الأذريين - طائفة العرب والبلوش والأكراد. وعلاوة على ذلك, فإن بعض هذه الجماعات يتبعون المذهب السني وليس المذهب الشيعي الذي يعتبر المذهب الرئيس للدولة الإيرانية. ويكفل الدستور الإيراني الحقوق الدينية والعرقية لهذه الأقليات, ولكن الواقع غير ذلك, حيث تؤكد الحكومة المركزية الطبيعة الشيعية والفارسية للدولة.

إن الأحداث التي جرت مؤخرًا في إيران من توترات عرقية ليست إلا تعبيرًا متأخرًا عن الوضع المتفاقم منذ أكثر من عام. ففي منتصف شهر مارس في جنوب شرقي البلاد - والذي يعتبر موطن الكثير من البلوش الإيرانيين البالغ عددهم 1.4 مليون نسمة - أعلنت جماعة تنتمي إلى البلوش يطلق عليها جند الله مسئوليتها عن الهجوم الذي استهدف موكبًا حكوميًا؛ ما أسفر عن مقتل 20 شخصًا. كما قامت الجماعة بأسر عدد من الرهائن وتقول: إنها قامت بإعدام واحد منهم, والذي ينتمي إلى قوات حرس الثورة الإسلامية. وفي الأسبوع الثاني من شهر مايو, لقي 12 شخصًا على الأقل مصرعهم في هجوم مماثل, إلا أنه لم تعلن أية جهة مسئوليتها عن تلك التفجيرات التي حدثت في الثامن من شهر مايو في بلدة كيرمانشاه, والتي تعد موطنًا للأكراد في إيران والبالغ عددهم 4.8 مليون كردي, ولكن ما قامت به قوات الأمن من إطلاق النار على فتى كردي أدى إلى اندلاع التظاهرات في العديد من المدن الشمالية الغربية, كما أدى إلى مقتل العديد من المدنيين ومن قوات الشرطة. ومنذ شهر أبريل من العام الماضي, كانت هناك سلسلة من أحداث العنف ومن بينها التفجيرات التي استهدفت المنشآت الحكومية, والتي أودت كذلك بحياة الكثير من الأبرياء, وذلك في جنوب غربي البلاد؛ حيث يعيش الكثير من العرب والبالغ عددهم مليونيْ عربي.

وكان رد فعل الحكومة على هذه الاضطرابات العرقية هو الرد المعتاد, والذي يجمع بين سياسة القمع وبين إلقاء اللوم على الآخرين. فقد تم - على سبيل المثال - إعدام رجلين في أوائل شهر مارس؛ بسبب دورهم في تفجيرات شهر أكتوبر القاتلة في جنوب غربي البلاد. وقد 'اعترفا' في محطة التليفزيون الحكومية الليلة السابقة لتنفيذ حكم الإعدام أن الإيرانيين في كندا وبريطانيا أوعزوا إليهم بإثارة القلاقل في إيران.

وهكذا ألقت الحكومة باللوم على جهات أجنبية تتهمها بالتحريض على إثارة الاضطرابات داخل إيران. ويذكر أن الحكومة كالعادة قامت بتحميل بريطانيا مسئولية أحداث العنف التي جرت في جنوب شرقي البلاد, وذلك يعود إلى أسباب تاريخية وإلى أن القوات البريطانية تتمركز بالقرب من الحدود العراقية - الإيرانية. وفي خطبة صلاة الجمعة في التاسع عشر من شهر مايو في العاصمة طهران, والتي قامت الإذاعة الحكومية بإذاعتها في جميع أنحاء البلاد, ألصق آية الله محمد إمامي - كاشاني أحداث العنف التي جرت في جنوب شرق البلاد بالولايات المتحدة و'إسرائيل'. وأضاف أن معظم حوادث القتل الأخيرة تمت بهدف إثارة التوترات بين الشيعة والسنة. واستطرد قائلاً: إن هذا من شأنه أن يقوّض أمن البلاد.

وقد سارت ردود الفعل الرسمية لهذه الاضطرابات الناتجة عن الرسوم الكارتونية على نفس النمط المألوف من اعتقال الرسام الذي قام برسم هذه الصور وتعليق إصدار الصحيفة, ومع ذلك, تم إلقاء اللوم على الغرب وتحميلهم مسئولية هذه القلاقل والاضطرابات. إضافة إلى ذلك, تم إلقاء القبض على صحافيين أذريين من دون أية تهم, وذلك بحسب ما ذكرته شبكة 'مراسلون بلا حدود'.

إن أسلوب طهران في التعامل مع المشكلة العرقية سوف يأتي بنتائج عكسية في آخر الأمر. فمن الممكن أن تستخدم إيران قوة ساحقة ضد الجماعات المعزولة جغرافيًا, ولكن الأمر سوف يكون أشد صعوبة بالنسبة لها في التعامل مع حالة الغضب التي تسيطر على العرب والأذريين والبلوش والأكراد, وغيرهم من الأقليات إذا ما اتحدوا وقاموا باتخاذ إجراءات ضد الدولة في نفس الوقت. أما إذا تزامن هذا الحدث مع أشكال أخرى من الفوضى, مثل تلك التظاهرات الطلابية العنيفة التي حدثت في طهران في 23 و24 من شهر مايو, عندها يمكن أن يجد النظام نفسه أضعف من أن يتعامل مع كل هذا.

على كل حال, فإن الأقليات الإيرانية لا تسعى إلى الانفصال أو إلى الحصول على امتيازات خاصة بها. فهم يشعرون أنهم جزء من الأمة الإيرانية, بدليل أن الكثير منهم قاموا بالدفاع عن إيران إبان الحرب العراقية - الإيرانية, في حين أن بعضهم يعمل في الحكومة أو في المجالس التشريعية. وعندما تلجأ الأقليات الإيرانية إلى الاحتجاج فإن هذا لا يكون بهدف تحقيق مطالب غير معقولة, فكل ما يطمحون إليه ويصرون عليه هو الحصول على حقوقهم التي يكفلها لهم الدستور. وتشمل هذه الحقوق استخدام اللغة الخاصة بهم في وسائل الإعلام المحلية, وعدم التمييز العنصري بين مختلف الطوائف العرقية. إضافة إلى أنهم يعترضون كذلك على مستويات البطالة والتخلف التي أثرت في الأقاليم التي يعيشون بها أكثر من تأثيرها على أجزاء أخرى في البلاد. فالنظام الإيراني يتجاهل حقوق الأقليات ويطرح مخاوفهم جانبًا على الرغم من الخطر الذي يكمن خلفها.
ــــــــ

** عباس ويليام سامي محلل إقليمي في إذاعة أوروبا الحرة. هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب.
مع تحيات وتقدير.
أخوكم في لله ومحبكم في لله وابن عمكم العزيز.
أبوهمام عبدالهادي بن أحمد بن عبدالهادي الدريدي الأثبجي.
((ابن جزيرة الحرمين الشريفين)).

محمدالسعدي شامي
27 - 08 - 2006, 06:48
جزاك الله خيرا على هذا النقل أخوي

أبوهمام الأثبجي
23 - 09 - 2006, 01:53
شكراً على مرورك الكريم أخي محمد السعدي.
مع تحيات وتقدير
أخوكم في لله ومحبكم في لله وابن عمكم العزيز.
أبوهمام عبدالهادي بن أحمد الدريدي الأثبجي الهلالي.
((ابن جزيرة الحرمين الشريفين)).