المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قيس وليلى وجبل التوباد


خيَّال الغلباء
28 - 03 - 2007, 12:51
بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فإنه قلما يوجد من لم يسمع بهذا الجبل المشهور جدا الذي أصبح رمزا للحب العذري وإن وجد من لم يسمع به فمن المؤكد أنه سمع أو قرأ عن / قيس بن الملوح الخفاجي ومحبوبته / ليلى العامرية والذين عاشا في زمن الخليفة الأموي / مروان بن الحكم في حدود السنة الخامسة والستين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التسليم يقع هذا الجبل في قرية الغيل التي تقع على مسافة 35 كم شمال غرب مدينة الأفلاج التي يعود عمرها لآلاف السنين التي قال فيها أمرؤ القيس الكندي :-

بعيني ظعن الحي لمـا تحملـوا
= لدى جانب الأفلاج من جنب تيموا

وقال فيها / لبيد بن ربيعة رضي الله عنه :-

فتكلم بتلكم غير فخر عليكم
= وبيت على الأفلاج ثم مقيم

وبالمناسبة فإن الأفلاج تحمل اسمين الأفلاج هو الأسم العربي للفلج الذي ينقل المياه في الأراضي وهو شبيه بالساقي لكنه تحت الأرض ويكثر في سلطنة عمان حالياً واسم ليلى ويقال أن المدينة سميت بليلى نسبة إلى ليلى العامرية معشوقة قيس وابنة عمه وتخليدآ لتلك القصه وهما يعودان لقبيلة بني خفاجة والأخيل كما أن هذه القرية تقع على مسافة تزيد على350 كيلو متراً من الرياض ناحية الجنوب الغربي ويقول / قيس بن الملوح مخاطبآ جبل التوباد بهذه القصيدة الجميلة :-

وأجهشت للتوباد حيـن رأيتـه
= وكبـر للرحمـن حيـن رآنـي

وأذرفت دمع العين لما عرفتـه
= ونادى بأعلى صوتـه فدعانـي

فقلت له أيـن الذيـن عهدتهـم
= حواليك في خصب وطيب زمان

فقال مضوا واستودعوني بلادهم
= ومن ذا الذي يبقى من الحدثـان

وإني لأبكي اليوم من حذري غداً
= فراقـك والحـيـان مؤتلـفـان

وفي عرض الجبل يوجد هذا السور القديم الذي يبلغ عرضه في القاعدة حوالي المتر وأكثر وكنت أتساءل كيف رفعت هذه المواد الطينية لبنائه، وهي على سفح جبل، بقي من هذا السور أجزاء لم تتهدم استغل أحد المهتمين عدم اهتمام الجهات المختصة ليكتب عليه جبل التوباد ليعرفه الزائرون .

وكما قلت لكم فإن المنطقة بعمرها الطويل جداً كانت مسرحا لحضارات قديمة وهذه المقبرة القديمة جداً والتي يكثر بها القبوربشكل لم أراها حتى في المدن الكبيرة القديمة ويقترب من المقبرة شرقاً سور منيع وعال جداً وهو امتداد لنفس السورالذي يمتد إلى جزء من جبل التوباد هنا جزء صغير من المقبرة والتي لا تتناسب حاليا مع عدد سكان القرية وهذا دليل قوي وكبير بأن هذه القرية كانت أكبر من ذلك بكثير .

كان أبناء العمومة قيس وليلى طفلين صغيرين يرعيان البهم صغار الماعز والغنم على سفوح هذه الجبال فأعجب بها، وأعجبت به وقال فيها / قيس بن الملوح :-

تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ
= ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
= إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

كبرا معاً وكبرحبهما لكن العواذل لم يتركوهم يتممون هذا الحب بالزواج فبدؤوا يشون بهما لأهل ليلى حتى منعوها عنه في أعلى هذا الجبل يوجد غار صغير عرف بغار ( قيس وليلى ) حيث ترددت مقولة أنهما كانا يلتقيان هناك لكن قد لا يصح هذا القول مقارنة بالوضع الذي يحيطهما فمن الطبيعي أنه عند صعودك لهذا الجبل فإنك سترى ومن مسافة بعيدة ولذا من الصعب أن يترافقان معاً لهذا الغار هنا قمة الجبل الشرقية وهي الطريق المتدرج للنزول وإلى الخلف يبدأ الجبل بالإرتفاع قليلاً حتى يكاد يكشف جميع المنطقة المحيطة به وهذا يتعارض مع السرية التي كان ينشدها المحبين آنذاك كما يلاحظ ارتفاع النخيل الذي يقدر عمره بمئات السنين وكثرته في هذا الوادي الذي تقع فيه قرية الغيل الذي ذكرها قيس في عدد من قصائده ومنها :-

أتت ليلة بالغيـل يـا أم مالـك
= لكم غير حب صادق ليس يكذب

وقال قيس أيضآ في الغيل :-

كأن لم يكن بالغيل أو بطن أيكـة
= أو الجزع من تول الاشاءة حاضر

هنا يظهر السفح الجنوبي للجبل وتظهر مزارع النخيل القديمة جدًا وتلاحظون جغرافية هذه القرية القديمة التي يحدها جبلين من الشمال ومن الجنوب وعلى مسافة طويلة جدا .

الجهة الشرقية من الجبل ويظهر جزء من المقبرة وأجزاء بعيدة من السور الكبير الذي يحمي القرية قديماً .

ويقع بوسط قمة جبل التوباد غار يسمى غار قيس وليلى وهو عبارة عن فتحة صغيرة تقع في منتصف الجبل بمساحة لا تتجاوز أربعة أمتار، يقال : أن قيس وليلى يجلسان فيه ويتبادلان الشعر والغزل وقد كتب على أحد الصخور بجوار الغار بيت لإحدى قصائد / قيس بن الملوح المشهورة تخليدا للقصة المشهورة عندما مر بجوار جبل التوباد وتذكر بنت عمه ليلى العامرية والأيام الجميلة التي قضياها معا عندما كانا صغيرين يرعيان البهم على سفوح جبل التوباد بعد أن حرم من رؤيتها وزواجها قال / قيس بن الملوح مخاطبآ ليلى :-

تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ
= ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
= إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

فأجابته ليلى باكية لما سمعت شعره :-

كلانا مظهر للناس بغضاً
= وكل عند صاحبه مكيـن

تخبرنا العيون بما أردنـا
= وفي القلبين ثم هوى دفين

فلما سمع مقالتها خر مغشياً عليه, فلما أفاق قال :-

صريع من الحب المبرح والهوى
= وأي فتى من علة الحب يسلـم

ففطن جلساؤه عند ذلك فأخبروا أباها, فحجبوها عنه وعن سائر الناس، وقدموه إلى الخليفه فأهدرالخليفه دمه إن هو زارها فلما حجبت عنه أنشأ / قيس بن الملوح يقول :-

ألا حجب عني ليلى والى أمرها
= عليّ يمنياً جاهـلاً لا أزورهـا

وأوعدني فيهـا رجـال أبوهـم
= أبي وأبوها ثخنت لي صدورها

على غير شيء غير أني أحبها
= وإن فؤادي عند ليلـى أسيرهـا

وإني إذا حنّت إلى الإلف إلفهـا
= همّا بفؤادي حيث حنت سحورها

ولما عرف عنه بين القبائل حبه لابنة عمه وولعه بها قام أبوه واخوته وبنو عمه وأهل بيته فأتوا أبا ليلى وسألوه بالرحم والقرابة والحق العظيم أن يزوجها منه, وأخبروه أنه ابتلي بها فأبى أبو ليلى وحلف فأخرجه أبوه إلى مكة كي يدعو الله في بيته الحرام أن يعافيه مما ابتلي فيه فلما قدما مكة قال له أبوه : يا قيس تعلق بأستار الكعبة ففعل فقال : قل اللهم ارحني من ليلى وحبها فقال قيس : اللهم منّ عليّ بليلى وقربها, فضربه أبوه, فانشأ يقول :-

دعا المحرمون الله يستغفرونـه
= بمكة شعثاً كي تمحـى ذنوبهـا

وناديت يا رحمن أول سؤلتـي
= لنفسي ليلى ثم أنـت حسيبهـا

وإن أعط ليلى في حياتي لم يتب
= إلى الله عبـد توبـة لا أتوبهـا

فأخذ أبوه بيده إلى محفل من الناس, فسألهم أن يدعوا الله له بالفرج فلما أخذ الناس في الدعاء له فانشأ يقول :-

ذكرتك والحجيج لهم ضجيج
= بمكة والقلوب لها وجيـب

أتوب إليك يا رحمـن ممـا
= عملت فقد تظاهرت الذنوب

فأما من هدى ليلى وتركـي
= زيارتهـا فإنـي لا أتـوب

وكيف وعندها قلبي رهيـن
= أتوب إليك منهـا أوانيـب

ومرض الشاعر العاشق مرضاً كبيراً وازدادت علته وتعسر علاجه وأعيا الأطباء دواؤه ولم ينجح فيه الدواء وصار إلى أسوأ حال من توحشه في الصحاري فشق ذلك على ليلى وأذهلها فدعت بغلام وكتبت إليه : بسم الله الرحمن الرحيم والله يا ابن عمي إن الذي بي أضعاف ما بقلبك ولكن وجدت السترة أبقى للمودة وأحمد في العاقبة :-

فلو أن ما ألقى وما بي من الهوى
= بأرعـن ركنـاه صفـاً وحديـد

تقطع مـن وجـد وذاب حديـده
= وأمسى تراه العين وهـو عميـد

ثلاثون يومـاً كـل يـوم وليلـة
= أمـوت وأحيـا إن ذا لشـديـد

فأجابها قيس عن كتابها بعدة أبيات منها :-

وجدت الحب نيراناً تلظـى
= قلوب العاشقين لهـا وقـود

فلو كانت إذا احترقت تفانت
= ولكن كلما احترقـت تعـود

كأهل النار إذا نضجت جلودٌ
= أعيدت للشقاء لهـم جلـود

وبينما هو في أودية الغيل وهو حزين كئيب إذ مر به فارسان فنعيا إليه ليلى وقالا : مضت لسبيلها فخر قيس مغشياً عليه, فلما أفاق مضى حتى دخل الحي بعدما لم يكن يمر به إلا من بعيد, فأتى أهل بيتها فعزاهم فعزوه فقال : دلوني على قبرها, فلما عرفه رمى بنفسه على القبر والتزمه وأخذ يقول فيها القصائد والأشعار وأصبح قيس هائماً في الصحراء لا يرجع إليه عقله إلا بذكر ليلى ورثائها حتى يغشى عليه .

ويقول أحد الأعراب : فلما أن بكرت إليه وطلبته فلم أقدر عليه فانصرفت إلى الحي وأعلمتهم فقام إخوته وبنو عمه وأهل بيته فطلبناه يومنا وليلنا, فلما أصبحنا هبطنا إلى وادٍ كثير الحجارة والرمل إذا به ( ميتاً ) وقد كان خط بإصبعه عند رأسه هذين البيتين من الشعر :-

توسد أحجار المهامـة والقفـر
= ومات جزِع القلب مندمل الصدر

فياليت هذا الحب يعشـق مـرة
= فيعلم ما يلقى المحب من الهجر

فرثيناه وعلت أصواتنا بالبكاء وحملناه إلى الحي, فبكى عليه الغريب والقريب وكل من سمع باسمه يوماً ثم غسلناه وكفناه ودفناه إلى جانب قبر ليلى مات العاشق الولهان دون أن ينعم بابنة عمه وماتت العاشقة الولهانة دون أن تنعم بابن عمها وهذا حال المحبين دموع, وآهات, وسهر وأنيين, وجراح ومع ذلك لا يتوبون أبداً وقد قال فيه أمير الشعراء / أحمد شوقي قصيدة مشهورة جدا منها :-

جبل التوباد حيـاك الحيـا
= وسقى الله صبانـا ورعـا

فيك ناغينا الهوى في مهده
= ورضعناه فكنت المرضعا

وحدونا الشمس في مغربها
= وبكرنا فسبقنـا المطلعـا

وعلى سفحها عشنا زمنـاً
= ورعينا غنم الأهـل معـا

ومن أبيات قيس الخالدة وتنسب إلى توبة :-

لقد ثبتت في القلب منك محبة
= كما ثبتت في الراحتين الأصابع

نهار نهار الناس حتى إذا
= بدى لي الليل هزتني إليك المضاجع

أقضي نهاري بالحديث وبالمني
= ويجمعني والهم بالليل جامع

وقوله :-

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
= يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

رحمهما الله على حبهما العذري الذي تقبلا فيه القضاء والقدر وجمعهما في الجنة بعد ظلم البشر منقول بتصرف يسير مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

منصور الحري
30 - 03 - 2007, 20:17
تسلم يالذيب على الموضوع

رائع دائماً

عيسى السبيعي
30 - 03 - 2007, 20:35
موضوع رائع يستحق المتابعه
تسلم يالغالي على النقل

خيَّال الغلباء
01 - 04 - 2007, 00:47
بسم الله الرحمن الرحيم

الاخوة الاعزاء منصور الحري وعيسى السبيعي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد اشكركم على المرور بعبق الغزل العذري العفيف رحم الله قيس بن الملوح الخفاجي وليلى الاخيلية وجمعما في الجنة واسلموا وسلموا والسلام

واضح
01 - 04 - 2007, 05:59
الأخ الشيخ خيال الغلبا
اشكرك على الموضوع الجميل والوافي وان كان لي من اضافة فهي ان الغيل هي عاصمة القبابنة وقد استولو عليها بعد معارك طاحنة مع آل مغيرة من بني لام وخاصة معركة الغويبة الشهيرة ولايوجد حاليا في الغيل الا القبابنة علما بأن القبابنة قد استولو على جميع الأراضي التي كانت تحت سيطرة آل مغيرة من الحوطة الى الأفلاج بعد معارك قوية معهم كانت السبب في هجرتهم الى العراق
وللمزيد من المعلومات عن معركة الغويبة التي استولى القبابنة على الغيل بعدها يمكن زائر الموضوع الرجوع الى الربط التالي
http://www.al-qbabnh.com/

خيَّال الغلباء
01 - 04 - 2007, 23:40
بسم الله الرحمن الرحيم

المكرم الاخ الشيخ واضح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد اشكرك على المرور والغيل واهله شرف لنا وانت سالم وغانم والسلام

كليب
15 - 04 - 2007, 20:27
بيض الله وجهك والله يرحم اهل العشق العفيف ويمحق اللي محبتهم محبة هرافي

حسين شلاش
15 - 04 - 2007, 21:08
اشكرك على الموضوع

خيَّال الغلباء
21 - 04 - 2007, 17:48
بسم الله الرحمن الرحيم

الابن كليب عامر والاخ حسين شلاش السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد اشكركم على المرور بقيس وليلى وجبل التوباد جمعهما الله في الجنة وقد سئل رجل من بني عذره الذين نسب لهم الحب العذري لماذا الرجل منكم يموت من العشق فاجاب لاننا مسلمون قد احصنا فروجنا وانتم سالمين والسلام

جعد الوبر
11 - 01 - 2008, 21:41
بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : قلما يوجد من لم يسمع بهذا الجبل المشهور جدا الذي أصبح رمزا للحب العذري وإن وجد من لم يسمع به فمن المؤكد أنه سمع أو قرأ عن قيس بن الملوّح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعده بن كعب بن ربيعة العامري و الملقب بمجنون ليلى . ومحبوبته ليلى بنت مهدى بن سعد بن كعب بن ربيعة العامرية الذين عاشا في زمن الخليفة الأموي مروان بن الحكم في حدود السنة الخامسة و الستين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التسليم يقع هذا الجبل في قرية الغيل التي تقع على مسافة 35 كم شمال غرب مدينة الأفلاج التي يعود عمرها لآلاف السنين التي قال فيها أمرؤ القيس الكندي :

بعيني ظعن الحي لمـا تحملـوا
= لدى جانب الأفلاج من جنب قيمرا

وهو من قصيدته التي مطلعها :

سما لك وجد بعدما كان اقفرا
= وحلت سليمى بطن قو فعرعرا

وقال في الأفلاج الصحابي الجليل / لبيد بن ربيعة رضي الله عنه :

فتكلم بتلكم غير فخر عليكم
= وبيت على الأفلاج ثم مقيم

وبالمناسبة فإن الأفلاج تحمل اسمين الأفلاج هو الأسم العربي للفلج الذي ينقل المياه في الأرض وهو شبية بالساقي لكنه تحت الأرض ويكثر في سلطنة عمان حالياً واسم ليلى ويقال أن المدينة سميت بليلى نسبة إلى ليلى العامرية معشوقة قيس وابنة عمه وتخليدا لتلك القصة كما أن هذه القرية تقع على مسافة تزيد على350 كيلو متراً من الرياض ناحية الجنوب الغربي . ويقول قيس بن ا لملوح مخاطبآ جبل التوباد بهذه القصيدة الجميلة :

وأجهشت للتوباد حيـن رأيتـه
= وكبـر للرحمـن حيـن رآنـي

وأذرفت دمع العين لما عرفتـه
= ونادى بأعلى صوتـه فدعانـي

فقلت له أيـن الذيـن عهدتهـم
= حواليك في خصب وطيب زمان

فقال مضوا واستودعوني بلادهم
= ومن ذا الذي يبقى من الحدثـان

وإني لأبكي اليوم من حذري غداً
= فراقـك والحـيـان مؤتلـفـان

الصورة التالية من الناحية الجنوبية للجبل .

http://www.9q9q.org/index.php?image=p7Eac8UWt04yJg

وفي عرض الجبل يوجد هذا السور القديم الذي يبلغ عرضه في القاعدة حوالي المتر وأكثر وكنت اتساءل كيف رفعت هذه المواد الطينية لبنائه ، وهي على سفح جبل ، بقي من هذا السور أجزاء لم تتهدم استغل أحد المهتمين عدم اهتمام الجهات المختصة ليكتب عليه جبل التوباد ليعرفه الزائرون .

http://www.9q9q.org/index.php?image=7NTUWTFHe691eD

وكما قلت لكم فإن المنطقة بعمرها الطويل جداً كانت مسرحا لحضارات قديمة وهذه المقبرة القديمة جداً والتي يكثر بها القبور بشكل لم أراها حتى في المدن الكبيرة القديمة ويقترب من المقبرة شرقاً سور منيع وعال جداً وهو امتداد لنفس السور الذي يمتد إلى جزء من جبل التوباد هنا جزء صغير من المقبرة والتي لاتتناسب حاليا مع عدد سكان القرية وهذا دليل قوي وكبير بأن هذه القرية كانت أكبر من ذلك بكثير .

http://www.9q9q.org/index.php?image=CRXKMJhjFSvqql

كان أبناء العمومة قيس وليلى طفلين صغيرين يرعيان البهم صغار الماعز والضان على سفوح هذه الجبال فأعجب بها ، وأعجبت به. وقال فيها قيس بن الملوح :

تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ
= ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
= إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

كبرا معاً وكبرحبهما لكن العواذل لم يتركوهما يتممون هذا الحب بالزواج فبدؤوا يشون بهما لأهل ليلى حتى منعوها عنه . في أعلى هذا الجبل يوجد غار صغير عرف بغار ( قيس وليلى ) حيث ترددت مقولة أنهما كانا يلتقيان هناك لكن قد لايصح هذا القول مقارنة بالوضع الذي يحيطهما فمن الطبيعي أنه عند صعودك لهذا الجبل فإنك سترى ومن مسافة بعيدة ولذا من الصعب أن يترافقان معاً لهذا الغار . هنا قمة الجبل الشرقية وهي الطريق المتدرج للنزول وإلى الخلف يبدأ الجبل بالإرتفاع قليلاً حتى يكاد يكشف جميع المنطقة المحيطة به وهذا يتعارض مع السرية التي كان ينشدها المحبين آنذاك كما يلاحظ ارتفاع النخيل الذي يقدر عمره بمئات السنين وكثرته في هذا الوادي الذي تقع فيه قرية الغيل .

http://www.9q9q.org/index.php?image=Qagz1ykmIkKHQo

قرية الغيل الذي ذكرها قيس في عدد من قصائده ومنها :

أتت ليلة بالغيـل يـا أم مالـك
= لكم غير حب صادق ليس يكذب

وقال قيس ايضآ في الغيل :

كأن لم يكن بالغيل أو بطن أيكـة
= أو الجزع من تول الاشاءة حاضر

هنا يظهر السفح الجنوبي للجبل وتظهر مزارع النخيل القديمة جدًا وتلاحظون جغرافية هذه القرية القديمة التي يحدها جبلين من الشمال ومن الجنوب وعلى مسافة طويلة جدا .

http://www.9q9q.org/index.php?image=xGMz1y7A4ikFUQ

الجهة الشرقية من الجبل و يظهر جزء من المقبرة وأجزاء بعيدة من السور الكبير الذي يحمي القرية قديماً .

http://www.9q9q.org/index.php?image=crxsurNPmPqnsp

في الصورة التالية مكان قيس الذى كان يجلس فيه .

http://www.9q9q.org/index.php?image=5MSikhlnJ7925y

ويقع بوسط قمة جبل التوباد غار يسمى غار قيس وليلى وهو عبارة عن فتحة صغيرة تقع في منتصف الجبل بمساحة لاتتجاوز أربعة أمتار ، يقال : أن قيس وليلى يجلسان فيه ويتبادلان الشعر والغزل وقد كتب على أحد الصخور بجوار الغار بيت لإحدى قصائد قيس بن الملوح المشهورة تخليدا للقصة المشهورة عندما مر بجوار جبل التوباد وتذكر بنت عمه ليلى العامرية والأيام الجميلة التي قضياها معا عندما كانا صغيرين يرعيان البهم على سفوح جبل التوباد بعد أن حرم من رؤيتها و زواجها . قال قيس بن الملوح مخاطبآ ليلى :

تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ
= ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
= إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

فأجابته ليلى باكية لما سمعت شعره :

كلانا مظهر للناس بغضاً
= وكل عند صاحبه مكيـن

تخبرنا العيون بما أردنـا
= وفي القلبين ثم هوى دفين

فلما سمع مقالتها خر مغشياً عليه , فلما أفاق قال :

صريع من الحب المبرح والهوى
= وأي فتى من علة الحب يسلـم

ففطن جلساؤه عند ذلك فأخبروا أباها , فحجبوها عنه وعن سائر الناس ، وقدموه الى الخليفة فأهدر الخليفة دمه إن هو زارها . فلما حجبت عنه أنشأ قيس بن الملوح يقول :

ألا حجب عني ليلى ولي أمرها
= عليّ يمنياً جاهـلاً لا ازورهـا

وأوعدني فيهـا رجـال أبوهـم
= أبي وأبوها ثخنت لي صدورها

على غير شيء غير أني أحبها
= وإن فؤادي عند ليلـى أسيرهـا

وإني إذا حنّت إلى الالف إلفهـا
= همّا بفؤادي حيث حنت سحورها

ولما عرف عنه بين القبائل حبه لابنة عمه وولعه بها قام أبوه واخوته وبنو عمه وأهل بيته فأتوا أبا ليلى وسألوه بالله ثم بالرحم والقرابة والحق العظيم أن يزوجها منه , وأخبروه أنه ابتلي بها فأبى أبو ليلى وحلف فأخرجه أبوه الى مكة كي يدعو الله في بيته الحرام أن يعافيه مما ابتلي فيه فلما قدما مكة قال له أبوه : ياقيس تعلق بأستار الكعبة ففعل فقال : قل اللهم ارحني من ليلى وحبها . فقال قيس : اللهم منّ عليّ بليلى وقربها , فضربه أبوه , فأنشأ يقول :

دعا المحرمون الله يستغفرونـه
= بمكة شعثاً كي تمحـى ذنوبهـا

وناديت يا رحمن أول سؤلتـي
= لنفسي ليلى ثم أنـت حسيبهـا

وإن أعط ليلى في حياتي لم يتب
= الى الله عبـد توبـة لا أتوبهـا

فأخذ أبوه بيده الى محفل من الناس , فسألهم أن يدعوا الله له بالفرج فلما أخذ الناس في الدعاء له فانشأ يقول :

ذكرتك والحجيج لهم ضجيج
= بمكة والقلوب لها وجيـب

أاتوب إليك يا رحمـن ممـا
= عملت فقد تظاهرت الذنوب

فأما من هدى ليلى وتركـي
= زيارتهـا فإنـي لا أتـوب

وكيف وعندها قلبي رهيـن
= أتوب إليك منهـا أو أنيـب

ومرض الشاعر العاشق مرضاً كبيراً وازدادت علته وتعسر علاجه وأعيا الأطباء دواؤه ولم ينجح فيه الدواء وصار الى اسوأ حال من توحشه في الصحاري فشق ذلك على ليلى وأذهلها فدعت بغلام وكتبت اليه تقول : ( بسم الله الرحمن الرحيم والله يا ابن عمي ان الذي بي أضعاف مابقلبك ولكن وجدت السترة أبقى للمودة وأحمد في العاقبة ).

فلو أن ما ألقى وما بي من الهوى
= بأرعـن ركنـاه صفـاً وحديـد

تقطع مـن وجـد وذاب حديـده
= وأمسى تراه العين وهـو عميـد

ثلاثون يومـاً كـل يـوم وليلـة
= أمـوت وأحيـا إن ذا لشـديـد

فأجابها قيس عن كتابها بعدة أبيات منها :

وجدت الحب نيراناً تلظـى
= قلوب العاشقين لهـا وقـود

فلو كانت إذا احترقت تفانت
= ولكن كلما احترقـت تعـود

كأهل النار إذا نضجت جلودٌ
= أعيدت للشقاء لهـم جلـود

وبينما هو في أودية الغيل وهو حزين كئيب إذ مر به فارسان فنعيا إليه ليلى وقالا : مضت لسبيلها فخر قيس مغشياً عليه , فلما أفاق مضى حتى دخل الحي بعدما لم يكن يمر به إلا من بعيد , فأتى أهل بيتها فعزاهم فعزوه فقال : دلوني على قبرها , فلما عرفه رمى بنفسه على القبر والتزمه وأخذ يقول فيها القصائد والأشعار وأصبح قيس هائماً في الصحراء لايرجع إليه عقله إلابذكر ليلى ورثائها حتى يغشى عليه . ويقول أحد الأعراب : فلما أن بكرت إليه وطلبته فلم أقدر عليه فانصرفت الى الحي وأعلمتهم . فقام اخوته وبنو عمه وأهل بيته فطلبناه يومنا وليلنا , فلما أصبحنا هبطنا الى وادٍ كثير الحجارة والرمل إذا به ( ميتاً ) وقد كان خط بإصبعه عند رأسه هذين البيتين من الشعر :

توسد أحجار المهامـة والقفـر
= ومات جزِع القلب مندمل الصدر

فياليت هذا الحب يعشـق مـرة
= فيعلم ما يلقى المحب من الهجر

فرثيناه وعلت أصواتنا بالبكاء وحملناه الى الحي , فبكى عليه الغريب والقريب وكل من سمع باسمه يوماً ثم غسلناه وكفناه ودفناه الى جانب قبر ليلى . مات العاشق الولهان دون أن ينعم بابنة عمه وماتت العاشقة الولهانة دون أن تنعم بابن عمها وهذا حال المحبين دموع , وآهات , وسهر وأنيين , وجراح ومع ذلك لايتوبون أبداً . و قد قال فيه أمير الشعراء / أحمد شوقي قصيدة مشهورة جدا منها :

جبل التوباد حيـاك الحيـا
= وسقى الله صبانـا ورعـا

فيك ناغينا الهوى في مهده
= ورضعناه فكنت المرضعا

وحدونا الشمس في مغربها
= وبكرنا فسبقنـا المطلعـا

وعلى سفحها عشنا زمنـاً
= ورعينا غنم الأهـل معـا

ومن أبيات قيس الخالدة :

لقد ثبتت في القلب منك محبة
= كما ثبتت في الراحتين الاصابع

نهار نهار الناس حتى اذا بدى
= لي الليل هزتني اليك المضاجع

أقضي نهاري بالحديث وبالمني
= ويجمعني والهم بالليل جامع

رحمهما الله على حبهما العذري الذي تقبلا فيه القضاء والقدر وفقدا حياتيهما نتيجة صبرهما وجمعهما في الجنة بعد ظلم البشر . واليكم قصة العاشق العامري الثاني / توبة بن الحمّير من خفاجة من بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ومعشوقته ليلى الأخيلية . وهو أحد عشاق العرب وشعرائهم وقد شهر بذلك وصاحبته ليلى الأخيلية وكان يقول فيها الشعر ولايراها إلا متبرقعة فأتاها يوما فسفرت له عن وجهها أي كشفت له عن وجهها فأنكر ذلك عليها وعلم أنها لم تسفر إلا عن حدث جلل وكان إخوتها قد أمروها أن تعلمهم بمجيئه فسفرت لتنذره ففي ذلك يقول :

وكنت إذا ما جئت لــيلى تبرقعت
= فقد رابني منها الغداة سفورها

وأول الشعر :

نأتك بليلى دارهـــا لا تزورهــــا
= وشطت نواها واستمر مريرهــا

يقول رجـــال لايضـيرك حبهــا
= بلى كلما شف النفوس يضيرها

أظـن بهـا خيــرا وأعلــم أنهــــا
= ستنعم يوما أو يفــك أسـيـرهــا

حــمامة بطن الواديين تـرنمـــي
= سقاك من الغر الغوادي مطيـرها

أبيني لنا لازال ريشـــك ناعمــا
= ولازلت في خضراء دان بريرها

أرى اليوم يأتي دون ليلى كأنما
= أتت حجج من دونها وشهورها

أرتنا حياض الموت ليلى وراقنا
= عيون نقيات الحواشي تديرها

ألا ياصفي النفس كيف تقولها
= ولو أن طريدا خائفا يستجيرها

علي دماء البدن إن كان بعلهــا
= يرى لي ذنبا غير أني أزورها

وقد زعمت ليلى بأني فاجــــــر
= لنفسي تقاها أو عليها فجورها

وله أيضا فيها :

فإن تمنعوا ليلى وحسن حديثها
= فلن تمنعوا عيني البكا والقوافيـا

فهلا منعتم إذ منعتم كلامـــهــــا
= خيالا يمسينا على النأي هاديــــا

يلومك فيها اللائمون نصاحــــة
= فليت الهوى باللائمين مكــانـيـا

لعمري قد أسهرتيني يا حمامــة
= العقيق وقد أبكيت ما كان باكيـــا

ذكرتك بالغور التهامي فأصعدت
= شجون الهوى حتى بلغن التراقيا

وقتل توبة في السنة العاشرة من ولاية / عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة خمس وسبعين 75 هـ وعندما علمت ليلى بذلك قالت :-

لعمرك ما بالموت عـــار على الفتى
= إذا لم تصبه في الحياة المعايـــر

ومــا أحــد حـي وإن كــان سـالمـــا
= بأخـلـد مـمـن غيبتـه المقـابـــر

ومن كان مما أحدث الدهر جازعـــا
= فلا بد يوما أن يرى وهو صـابـر

وليس لذي عيش عن الموت مذهب
= وليس على الأيام والدهر غابـــر

فلا الحـــي مما يحدث الدهر معتب
= ولا الميت إن لم يصبر الحي ناشر

وكــل شـــــباب أو جديد إلى البلى
= وكل امرئ يوما إلى الله صـــائـــر

وليلى الأخيلية هي / ليلى بنت عبدالله بن الرحال ويقال الرحالة بن شداد بن كعب بن معاوية وهو الأخيل ويقال الأخيل بن معاوية فارس الهرار بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة . أحبها / توبة بن الحمير وكانت من أشعر النساء لايقدم عليها في الشعر غير الخنساء قال توبة بن الحمير :

ولــو أن ليلــى الأخيلية سلمت
= علي وفوقــي جنــدل وصـــــــفائح

لسلمت تسليم البشاشـة أو زقا
= إليها صدى من جانب القبر صائح

وأغبط من لـيـلـى بما لا أنــاله
= بلى كل ما قرت به العين صــالــح

ويروى أن ليلى الأخيلية بعد موت توبة تزوجت ثم إن زوجها بعد ذلك مر بقبر توبة وليلى معه فقال : لها ياليلى هل تعرفين هذا القبر فقالت : لا قال : هذا قبر توبة فسلمي عليه فقالت : امض لشأنك فماتريد من توبة وقد بليت عظامه قال أريد تكذيبه أليس هو الذي يقول :

ولــو أن ليلــى الأخيلية سلمت
= علي وفوقــي جنــدل وصـــــــفائح

لسلمت تسليم البشاشـة أو زقا
= إليها صدى من جانب القبر صائح

فوالله لابرحت أو تسلمي عليه فقالت : السلام عليك ياتوبة رحمك الله وبارك لك فيما صرت إليه فإذا طائر قد خرج من القبر حتى ضرب صدرها فشهقت شهقة فماتت فدفنت إلى جانب قبره فنبتت على قبره شجرة وعلى قبرها شجرة فطالتا فالتقتا . ولقد تعدد في العرب العشاق وأولهم في الاسلام من بني عذرة القضاعية واليهم نسب العشق العذري ومن العشاق العرب / جميل بثينة و / كثير عزة و / قيس ليلى و / توبة ليلى وغيرهم ويغلب على ظني أنهما قصتان لأن بلد قيس وليلى هي ليلى الأفلاج ومرابع باديتهم الى الدخول وحومل من عرق سبيع والمعروف قديما برملة بني عبدالله بن كلاب بن عامر وليلى توبة قد عمرت وقابلت الحجاج بن يوسف الثقفي وهي ابنة تسعين عاما كما مر علي في بعض المراجع وأنشدته من شعرها وبيت :

يقولون ليلى في العراق مريضة
= ياليتني كنت الطبيب المداويا

ونسبته الى توبة أظهر لأن ليلى قيس لم تخرج من الغيل وماتت فيه بكرا وقد سئل رجل من بني عذره وقصد السائل الاستنقاص منهم لماذا تموتون من العشق فأجابه الرجل العذري المسلم فقال : له نموت من العشق لرقة قلوبنا ولحصانة فروجنا وخوفنا من الله فبهت السائل وممن اشتهروا من الخلف بالحب العذري حتى الموت الدجيما العتيبي ومحيسن السرحاني وغيرهم كثير وصدق القائل في هذا الزمن اللي محبتهم محبة هرافي . رحم الله العاشقين وعوضهم خيرا عن ذلك الحب العذري العفيف الذي عانق عنان السماء شهرة وسارت به الركبان حتى صار مضرب المثل في جميع البلاد العربية . قال الشاعر :

أمر على الديار ديار ليلى
= أقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وماحب الديار شغفن قلبي
= ولكن حب من سكن الديارا

وهو من قصيدته التي مطلعها :

سما لك وجد بعدما كان اقفرا
= وحلت سليمى بطن قو فعرعرا

وجبل التوباد لا يزال يعرف بهذا الاسم حتى يومنا هذا وهو في الأفلاج بالقرب من مدينة ليلى قاعدة الافلاج كما ذكر . واليكم : ( رائعة مجنون بني عامر في ليلى الأخيلية )

تذكرت ليلى والسنين الخواليا
= وأيام لا أعدى على الدهر عاديا

ويوم كظل الرمح قصرت ظله
= بليلى فلهاني وما كنت لاهيا

فيا ليل كم من حاجة لي مهمة
= إذا جئتكم بالليل لم أدر ماهيا

خليليّ ان تبكيا لي التمس
= خليلاً إذا أنزفت دمعي بكى ليا

فما أشرف الإيفاع إلا صبابة
= ولا أنشد الأشعار إلا تداويا

وقد يجمع اللّه الشتيتين بعدما
= يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

لحى اللّه أقواما يقولون إننا
= وجدنا طوال الدهر للحب شافيا

وعهدي بليلى وهي ذات مؤصد
= ترد علينا بالعشي المواشيا

فشب بنو ليلى وشب بنو ابنها
= وأعلاق ليلى في فؤادي كما هيا

إذا ما جلسنا مجلساً نستلذه
= تواشوا بنا حتى أمل مكانيا

سقى اللّه جارات لليلى تباعدت
= بهن النوى حيث احتللن المطاليا

بتمرين لاحت نار ليلى وصحبتي
= بقرع العصا ترجى المطى الحوافيا

فقال بصير القوم لمحة كوكب
= بدا في سوادا لليل من ذي يمانيا

فقلت لهم بل نار ليلى توقدت
= بعليا تسامى ضوءها فبدا ليا

خليلي لا واللّه لا أملك الذي
= قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا

قضاها لغيري وابتلاني بحبها
= فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا

وخبرتماني أن تيماء منزل
= لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا

فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت
= فما للنوى ترمي بليلى المراميا

فلو أن واش باليمامة داره
= وداري بأعلى حضرموت أتانيا

وماذا لهم لا أحسن اللّه حالهم
= من الحظ في تصريم ليلى حباليا

وقد كنت أعلو حب ليلى فلم يزل
= بي النقض والإبرام حتى علانيا

فيا رب سوّ الحب بيني وبينها
= يكون كفافاً لا عليّ ولا ليا

فما طلع النجم الذي يهتدى به
= ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا

ولا سرت ميلاً من دمشق ولا بدا
= سهيل لأهل الشام إلا بدا ليا

ولا سميت عندي لها من سمية
= من الناس إلا بل دمعي ردائيا

ولا هبت الريح الجنوب لأرضها
= من الليل إلا بت للريح جانيا

فإن تمنعوا ليلى وتحموا بلادها
= عليّ فلن تحموا عليّ القوافيا

فاشهد عند اللّه إني أحبها
= فهذا لها عندي فما عندها ليا

قضى اللّه بالمعروف منها لغيرنا
= وبالشوق مني والغرام قضى ليا

وإن الذي أملت يا أم مالك
= أشاب فؤادي واستهان فؤاديا

أعد الليالي ليلة بعد ليلة
= وقد عشت دهراً لا أعد اللياليا

وأخرج من بين البيوت لعلني
= أحدث عنك النفس بالليل خاليا

أراني إذا صليت يممت نحوها
= بوجهي وإن كان المصلى ورائيا

وما بيَ إشراك ولكن حبها
= وعظم الجوى أعيى الطبيب المداويا

أحب من الأسماء ما وافق اسمها
= وأشبهه أو كان منه مدانيا

خليليّ ليلى أكبر الحاج والمنى
= فمن لي بليلى أو فمن لها بيا

خليليّ ما أرجو من العيش بعدما
= أرى حاجتي تشرى ولا تشترى ليا

وتجرم ليلى ثم تزعم أنني
= سلوت ولا يخفى على الناس ما بيا

فلم أر مثلينا خليلي صبابة
= أشد على الرغم الأعادي تصافيا

خليلان لا نرجو اللقاء ولا ترى
= خليلين إلا يرجوان تلاقيا

وإني لأستحييك أن تعرض المنى
= توصلك أو أن تعرضي في المنى ليا

يقول أناس عل مجنون عامر
= يروم سلوا قلت أنى لما بيا

إذا ما استطال الدهر يا أم مالك
= فشأن المنايا القاضيات وشأنيا

إذا اكتحلت عيني بعينيك لم تزل
= بخير وجلت غمرة عن فؤاديا

فأنت التي إن شئت شقيت عيشتي
= وأنت التي إن شئت أنعمت باليا

وأنت التي ما من صديق ولا عدى
= يرى نضو ما أبقيت إلا رثى ليا

أمضروبة ليلى عليّ أزروها
= ومتخذ دين لها أن ترانيا

إذا سرت في الأرض الفضاء رأيتني
= أصانع رحلي أن يميل حياليا

يميناً إذا كانت يميناً وإن تكن
= شمالاً ينازعني الهوى عن شماليا

وإني لأستغشى وما بي نعسة
= لعل خيالاً منك يلقي خياليا

هي السحر إلا أن للسحر رقية
= وإني لا ألقي لها الدهر راقيا

ذكت نار شوقي في فؤادي فأصبحت
= لها وهج مستضرم في فؤاديا

ألا أيها الركب اليمانون عرّجوا
= علينا فقد أمسى هوانا يمانيا

أسائلكم هل سال نعمان بعدنا
= وحب إلينا بطن نعمان واديا

ألا يا حمامي بطن نعمان هجتما
= عليّ الهوى لما تغنيتما ليا

وأبكيتماني وسط صحبي ولم أكن
= أبالي دموع العين لو كنت خاليا

ويا أيها القمريتان تجاذبا
= بلحنيكما ثم اسجعا علانيا

فإن أنتما استطربتما أو أردتما
= لحاقاً بأطلال الغضى فاتبعانيا

ألا ليت شعري ما لليلى وما ليا
= وما للصبا من بعد شيب علانيا

ألا أيها الواشي بليلى ألا ترى
= إلى من تشها أو لمن أنت واشيا

لئن ظعن الأحباب يا أم مالك
= فما ظعن الحب الذي في فؤاديا

فيا رب إذ صيرت ليلى هي المنى
= فزنى بعينيها كما زنتها ليا

وإلا فبغض إلي ليلى وأهلها
= فإني بليلى قد لقيت الدواهيا

على مثل ليلى يقتل المرء نفسه
= وإن كنت من ليلى على اليأس طاويا

خليليّ إن ضنوا بليلى فقرّبا
= إلى النعش والأكفان واستغفرا ليا

منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

خيَّال الغلباء
04 - 02 - 2008, 18:10
أخي الكريم / جعد الوبر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بعبق الغزل العذري العفيف رحم الله قيس بن الملوح الخفاجي وليلى وتوبة وليلى الأخيلية وجمعما في الجنة وشكرا لاضافتك الماتعة واسلم وسلم والسلام .

خيَّال الغلباء
20 - 03 - 2008, 23:17
بسم الله الرحمن الرحيم

ليلى الأخيلية وتوبة

من هى ؟

هي من أهم شاعرات العرب المتقدمات في الإسلام ولا يتقدمها أحد من النساء سوى الخنساء هي ليلى بنت عبدالله بن الرحال ، وآخر أجدادها كان يعرف بالأخيل . والأخيليون ينتسبون إلى قبيلة بني عامر ، التي اشتهرت بالعديد من عشاق العرب ، كما كانت من أولى القبائل إسلاما ، وجهاداً في سبيل نشر لواء الدين الجديد . لم تكن ليلى شاعرة نكرة أو مجهولة بل كانت ذائعة الصيت ينشد الناس شعرها .

من هو ؟

توبه بن الحمير وكان يوصف بالفصاحة كان أقل منها شهرة بعض الكتب تؤكد أنه كان من لصوص العرب و مع ذلك كان شعره رقيقا فصيح الألفاظ سهل التراكيب وقوي العاطفة .

كيف كان اللقاء ؟

كان اللقاء عند الكبر عندما كانت ليلى من النساء اللواتي ينتظرن الغزاة ، وكان توبة مع الغزاة فرأى ليلى وافتتن بها ، وهكذا توطدت علاقة حب عذري . ولكن رفض والد ليلى كان عائق زواجهما ، لانتشار أمرهما ، وقصة الحب بين الناس . وبعد ذلك

تعلن الحب بكل قوة :

ذات يوم وفدت ليلى على معاوية بن أبي سفيان ولديها عدة قصائد مدحته فيها . وقصيدة لها وصفت فيها ناقتها التي كانت تجوب الأرض لتصل إلى معاوية فيجود عليها من كرمه ، وسأل معاوية ذات يوم ليلى عن توبة العشيق ويحك ياليلى ! أكما يقول الناس كان توبة ؟. فقالت : يا أمير المؤمنين سبط البنان ، حديد اللسان ، شجى للأقران ، كريم المختبر ، عفيف المئزر ، جميل المنظر ، وهو كما قلت له يا أمير المؤمنين :
ثم قال : معاوية وما قلت له ؟
قالت : قلت ولم أتعد الحق وعلمي فنه فأعجب من وصفها وأمر لها بجائزة عظيمة واستنشدها المزيد .

بعيد الثرى لا يبلغ القوم قعره
= ألد ملد يغلب الحق باطله

إذا حل ركب في ذراه وظله
= ليمنعهم مما تخاف نوازله

حماهم بنصل السيف من كل فادح
= يخافونه حتى تموت خصائله

وتمضي ليلى في مدح حبيبها توبة بأبيات أخرى حتى يصيح بها معاوية : ويحك ليلى ! لقد جزت بتوبة قدره .
فقالت : والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته ، وأني لا أبلغ كنه ما هو أهله .
ويسألها معاوية : من أي الرجال كان ؟ فتقول :

أتته المنايا حين تم تمامه
= وأقصر عنه كل قرن يطاوله

وكان كليث الغاب يحمي عرينه
= وترضى به أشباله وحلائله

غضوب حليم حين يطلب حلمه
= وسم زعاف لا تصاب مقاتله

تتزوج من غيره :

رفض والد ليلى تزويجها بتوبه بعد أن ذاع صيت العشق بينهم و لم يكن لديه أى سبب للرفض سوى الخوف من اللوم أو يعتبر هذا تصديق لما انتشر تزوجت ليلى أبي الأذلع ومن أهم صفات زوجها أنه كان غيوراً جداً ، وبعض القصص تقول أنه طلقها لغيرته الشديدة من توبة ، وقصص أخرى أنه مات عنها .

السلطان يهدر دم توبه :

لم يمنع توبة من زيارتها وكثرت زياراته لها ، من بعد ذلك تظلم بنو الأذلع إلى السلطان الذي أهدر دم توبة ، إذا عاود زيارة ليلى ، فأخذوا يترصدون له في المكان المعتاد ، وذات يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه واستغرب خروجها سافرة ، ولكنه فطن أنها أرادت أن تعلمه عن كمين نصب له فأخذ فرسه وركض ، وكانت ليلى هي السبب في : نجاته . وفي هذا الحدث يقول توبة :

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
= فقد رابني منها الغداة سفورها

ويتعذب توبة من الحرمان من رؤية المحبوبة :

أرى اليوم يمر دون ليلى كأنما
= أتت حـجج من دونها وشهوراً

حمامـة بطن الواديين ، ترنمي
= سقاك من الغر الغوادي مطيرها

قتل توبة :

كان شابا طائشا متهوراً ، هناك بعض الأقاويل أنه قتل في عهد الخليفة الأموي معاوية سنة « 55 هجري »، حيث غشيه القوم في إحدى غاراته من ورائه فضربوه حتى قتلوه ، ثم جاء بعض من قومه فدفنوه في الصحراء ، وعندما استقبلت خبر مقتل حبيبها توبة بكته بالدمع الثخين ورثته في قصيدة مطولة تدافع عنه ، وفيها تقول :

وتوبة أحيا من فتاة حيــة
= وأجرأ من ليث بخفان خادر

ونعم الفتى إن كان توبة فاجرا
= وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر

كانت تراه أفضل الرجال وأكملهم خلقا وحسنا ، وظلت تحكي حكايتها معه وتفيض في مدحه حتى شعر الحجاج بالغيظ وكاد يأمر بقطع لسانها :

ما نوع العلاقة ؟

وقيل إن الحجاج بن يوسف الثقفي قد سألها ذات يوم : أن شبابك قد ذهب ، واضمحل أمرك وأمر توبة ، فأقسم عليك إلا صدقتني ، هل كانت بينكما ريبة قط ؟ أو خاطبك في ذلك قط ؟ فأقسمت ليلى للحجاج أن حب توبة لها كان عفيفا شريفا على الرغم من أنهما يخلوان إلى بعضهما وأنه أنشدها ذات ليلة :

وذي حاجة قلنا له لا تبح بها
= فليس إليها ما حييت سبيل

لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه
= وأنت لأخر فارغ وحليل

حتى آخر العمر :

وقد ظلت على حبها لتوبة إلى آخر يوم في حياتها ، حتى كانت ذات يوم على سفر ، فمرت بقبر توبة ومعها زوجها ، فأصرت عليه أن تزور القبر لتسلم على توبة ، وحاول زوجها ( الثانى ) أن يمنعها ولكنها أصرت فتركها .
واقتربت من قبر توبة ، ثم قالت : السلام عليك يا توبة ، ثم حولت وجهها إلى القوم وقالت : " ما عرفت له كذبة قط قبل هذا …. أليس القائل :

ولو أن ليلى الأخيلية سلمت
= علي ودوني تربة وصفائح

لسلمت تسليم البشاشة أو زقا
= إليها صدى من جانب القبر صائح

وأغبط من ليلى بما لا أنا له
= ألا كل ما قرت به العين صالح

فما باله لم يسلم على كما قال ! وفي تلك اللحظة فزعت بومة كانت تكمن بجوار القبر ، فنفر الجمل ورمى ليلى على رأسها فماتت من ساعتها ، ودفنوها إلى جانب توبة . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

ابومحمد القباني
20 - 03 - 2008, 23:54
اخي الكريم خيال الغلبا اشكر لك الموضوع المكتمل والقيم والوافي والمليء بالمعلومة القيمة
لاهنت ياطويل العمر وتقبل من اخيك اجمل تحية

سـعد الجبر
21 - 03 - 2008, 03:07
تسلم يا بعدي

تقبل مروري ...

خيَّال الغلباء
21 - 03 - 2008, 13:11
أخي الكريم وشيخنا الفاضل / أبو محمد القباني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بعبق الغزل العذري العفيف رحم الله قيس بن الملوح الخفاجي وليلى العامرية وتوبة وليلى الأخيلية وجمعما في الجنة ومن قال ما هان هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام مع أطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

خيَّال الغلباء
21 - 03 - 2008, 15:07
أخي الكريم / ولد السبيعي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بعبق الغزل العذري العفيف رحم الله قيس بن الملوح الخفاجي وليلى العامرية وتوبة وليلى الأخيلية وجمعهما في الجنة هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام مع أطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

حزم الجلاميد
10 - 07 - 2008, 09:17
خيال الغلباء بيض الله وجهك

خيَّال الغلباء
10 - 07 - 2008, 20:48
أخي الكريم / حزم الجلاميد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بعبق الغزل العذري العفيف رحم الله قيس بن الملوح الخفاجي وليلى العامرية وتوبة وليلى الأخيلية وجمعهما في الجنة هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

خيَّال الغلباء
20 - 07 - 2008, 16:11
بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : قلما يوجد من لم يسمع بهذا الجبل المشهور جدا الذي أصبح رمزا للحب العذري وإن وجد من لم يسمع به فمن المؤكد أنه سمع أو قرأ عن قيس بن الملوّح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعده بن كعب بن ربيعة العامري و الملقب بمجنون ليلى . ومحبوبته ليلى بنت مهدى بن سعد بن كعب بن ربيعة العامرية الذين عاشا في زمن الخليفة الأموي مروان بن الحكم في حدود السنة الخامسة و الستين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التسليم يقع هذا الجبل في قرية الغيل التي تقع على مسافة 35 كم شمال غرب مدينة الأفلاج التي يعود عمرها لآلاف السنين التي قال فيها أمرؤ القيس الكندي :

بعيني ظعن الحي لمـا تحملـوا
= لدى جانب الأفلاج من جنب قيمرا

وهو من قصيدته التي مطلعها :

سما لك وجد بعدما كان اقفرا
= وحلت سليمى بطن قو فعرعرا

وقال في الأفلاج الصحابي الجليل / لبيد بن ربيعة رضي الله عنه :

فتكلم بتلكم غير فخر عليكم
= وبيت على الأفلاج ثم مقيم

وبالمناسبة فإن الأفلاج تحمل اسمين الأفلاج هو الأسم العربي للفلج الذي ينقل المياه في الأرض وهو شبية بالساقي لكنه تحت الأرض ويكثر في سلطنة عمان حالياً واسم ليلى ويقال أن المدينة سميت بليلى نسبة إلى ليلى العامرية معشوقة قيس وابنة عمه وتخليدا لتلك القصة كما أن هذه القرية تقع على مسافة تزيد على350 كيلو متراً من الرياض ناحية الجنوب الغربي . ويقول قيس بن ا لملوح مخاطبآ جبل التوباد بهذه القصيدة الجميلة :

وأجهشت للتوباد حيـن رأيتـه
= وكبـر للرحمـن حيـن رآنـي

وأذرفت دمع العين لما عرفتـه
= ونادى بأعلى صوتـه فدعانـي

فقلت له أيـن الذيـن عهدتهـم
= حواليك في خصب وطيب زمان

فقال مضوا واستودعوني بلادهم
= ومن ذا الذي يبقى من الحدثـان

وإني لأبكي اليوم من حذري غداً
= فراقـك والحـيـان مؤتلـفـان

الصورة التالية من الناحية الجنوبية للجبل .

http://www.9q9q.org/index.php?image=p7Eac8UWt04yJg

وفي عرض الجبل يوجد هذا السور القديم الذي يبلغ عرضه في القاعدة حوالي المتر وأكثر وكنت اتساءل كيف رفعت هذه المواد الطينية لبنائه ، وهي على سفح جبل ، بقي من هذا السور أجزاء لم تتهدم استغل أحد المهتمين عدم اهتمام الجهات المختصة ليكتب عليه جبل التوباد ليعرفه الزائرون .

http://www.9q9q.org/index.php?image=7NTUWTFHe691eD

وكما قلت لكم فإن المنطقة بعمرها الطويل جداً كانت مسرحا لحضارات قديمة وهذه المقبرة القديمة جداً والتي يكثر بها القبور بشكل لم أراها حتى في المدن الكبيرة القديمة ويقترب من المقبرة شرقاً سور منيع وعال جداً وهو امتداد لنفس السور الذي يمتد إلى جزء من جبل التوباد هنا جزء صغير من المقبرة والتي لاتتناسب حاليا مع عدد سكان القرية وهذا دليل قوي وكبير بأن هذه القرية كانت أكبر من ذلك بكثير .

http://www.9q9q.org/index.php?image=CRXKMJhjFSvqql

كان أبناء العمومة قيس وليلى طفلين صغيرين يرعيان البهم صغار الماعز والضان على سفوح هذه الجبال فأعجب بها ، وأعجبت به. وقال فيها قيس بن الملوح :

تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ
= ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
= إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

كبرا معاً وكبرحبهما لكن العواذل لم يتركوهما يتممون هذا الحب بالزواج فبدؤوا يشون بهما لأهل ليلى حتى منعوها عنه . في أعلى هذا الجبل يوجد غار صغير عرف بغار ( قيس وليلى ) حيث ترددت مقولة أنهما كانا يلتقيان هناك لكن قد لايصح هذا القول مقارنة بالوضع الذي يحيطهما فمن الطبيعي أنه عند صعودك لهذا الجبل فإنك سترى ومن مسافة بعيدة ولذا من الصعب أن يترافقان معاً لهذا الغار . هنا قمة الجبل الشرقية وهي الطريق المتدرج للنزول وإلى الخلف يبدأ الجبل بالإرتفاع قليلاً حتى يكاد يكشف جميع المنطقة المحيطة به وهذا يتعارض مع السرية التي كان ينشدها المحبين آنذاك كما يلاحظ ارتفاع النخيل الذي يقدر عمره بمئات السنين وكثرته في هذا الوادي الذي تقع فيه قرية الغيل .

http://www.9q9q.org/index.php?image=Qagz1ykmIkKHQo

قرية الغيل الذي ذكرها قيس في عدد من قصائده ومنها :

أتت ليلة بالغيـل يـا أم مالـك
= لكم غير حب صادق ليس يكذب

وقال قيس ايضآ في الغيل :

كأن لم يكن بالغيل أو بطن أيكـة
= أو الجزع من تول الاشاءة حاضر

هنا يظهر السفح الجنوبي للجبل وتظهر مزارع النخيل القديمة جدًا وتلاحظون جغرافية هذه القرية القديمة التي يحدها جبلين من الشمال ومن الجنوب وعلى مسافة طويلة جدا .

http://www.9q9q.org/index.php?image=xGMz1y7A4ikFUQ

الجهة الشرقية من الجبل و يظهر جزء من المقبرة وأجزاء بعيدة من السور الكبير الذي يحمي القرية قديماً .

http://www.9q9q.org/index.php?image=crxsurNPmPqnsp

في الصورة التالية مكان قيس الذى كان يجلس فيه .

http://www.9q9q.org/index.php?image=5MSikhlnJ7925y

ويقع بوسط قمة جبل التوباد غار يسمى غار قيس وليلى وهو عبارة عن فتحة صغيرة تقع في منتصف الجبل بمساحة لاتتجاوز أربعة أمتار ، يقال : أن قيس وليلى يجلسان فيه ويتبادلان الشعر والغزل وقد كتب على أحد الصخور بجوار الغار بيت لإحدى قصائد قيس بن الملوح المشهورة تخليدا للقصة المشهورة عندما مر بجوار جبل التوباد وتذكر بنت عمه ليلى العامرية والأيام الجميلة التي قضياها معا عندما كانا صغيرين يرعيان البهم على سفوح جبل التوباد بعد أن حرم من رؤيتها و زواجها . قال قيس بن الملوح مخاطبآ ليلى :

تعلقت ليلى وهي غرٌّ صغيـرةٌ
= ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
= إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

فأجابته ليلى باكية لما سمعت شعره :

كلانا مظهر للناس بغضاً
= وكل عند صاحبه مكيـن

تخبرنا العيون بما أردنـا
= وفي القلبين ثم هوى دفين

فلما سمع مقالتها خر مغشياً عليه , فلما أفاق قال :

صريع من الحب المبرح والهوى
= وأي فتى من علة الحب يسلـم

ففطن جلساؤه عند ذلك فأخبروا أباها , فحجبوها عنه وعن سائر الناس ، وقدموه الى الخليفة فأهدر الخليفة دمه إن هو زارها . فلما حجبت عنه أنشأ قيس بن الملوح يقول :

ألا حجب عني ليلى ولي أمرها
= عليّ يمنياً جاهـلاً لا ازورهـا

وأوعدني فيهـا رجـال أبوهـم
= أبي وأبوها ثخنت لي صدورها

على غير شيء غير أني أحبها
= وإن فؤادي عند ليلـى أسيرهـا

وإني إذا حنّت إلى الالف إلفهـا
= همّا بفؤادي حيث حنت سحورها

ولما عرف عنه بين القبائل حبه لابنة عمه وولعه بها قام أبوه واخوته وبنو عمه وأهل بيته فأتوا أبا ليلى وسألوه بالله ثم بالرحم والقرابة والحق العظيم أن يزوجها منه , وأخبروه أنه ابتلي بها فأبى أبو ليلى وحلف فأخرجه أبوه الى مكة كي يدعو الله في بيته الحرام أن يعافيه مما ابتلي فيه فلما قدما مكة قال له أبوه : ياقيس تعلق بأستار الكعبة ففعل فقال : قل اللهم ارحني من ليلى وحبها . فقال قيس : اللهم منّ عليّ بليلى وقربها , فضربه أبوه , فأنشأ يقول :

دعا المحرمون الله يستغفرونـه
= بمكة شعثاً كي تمحـى ذنوبهـا

وناديت يا رحمن أول سؤلتـي
= لنفسي ليلى ثم أنـت حسيبهـا

وإن أعط ليلى في حياتي لم يتب
= الى الله عبـد توبـة لا أتوبهـا

فأخذ أبوه بيده الى محفل من الناس , فسألهم أن يدعوا الله له بالفرج فلما أخذ الناس في الدعاء له فانشأ يقول :

ذكرتك والحجيج لهم ضجيج
= بمكة والقلوب لها وجيـب

أاتوب إليك يا رحمـن ممـا
= عملت فقد تظاهرت الذنوب

فأما من هدى ليلى وتركـي
= زيارتهـا فإنـي لا أتـوب

وكيف وعندها قلبي رهيـن
= أتوب إليك منهـا أو أنيـب

ومرض الشاعر العاشق مرضاً كبيراً وازدادت علته وتعسر علاجه وأعيا الأطباء دواؤه ولم ينجح فيه الدواء وصار الى اسوأ حال من توحشه في الصحاري فشق ذلك على ليلى وأذهلها فدعت بغلام وكتبت اليه تقول : ( بسم الله الرحمن الرحيم والله يا ابن عمي ان الذي بي أضعاف مابقلبك ولكن وجدت السترة أبقى للمودة وأحمد في العاقبة ).

فلو أن ما ألقى وما بي من الهوى
= بأرعـن ركنـاه صفـاً وحديـد

تقطع مـن وجـد وذاب حديـده
= وأمسى تراه العين وهـو عميـد

ثلاثون يومـاً كـل يـوم وليلـة
= أمـوت وأحيـا إن ذا لشـديـد

فأجابها قيس عن كتابها بعدة أبيات منها :

وجدت الحب نيراناً تلظـى
= قلوب العاشقين لهـا وقـود

فلو كانت إذا احترقت تفانت
= ولكن كلما احترقـت تعـود

كأهل النار إذا نضجت جلودٌ
= أعيدت للشقاء لهـم جلـود

وبينما هو في أودية الغيل وهو حزين كئيب إذ مر به فارسان فنعيا إليه ليلى وقالا : مضت لسبيلها فخر قيس مغشياً عليه , فلما أفاق مضى حتى دخل الحي بعدما لم يكن يمر به إلا من بعيد , فأتى أهل بيتها فعزاهم فعزوه فقال : دلوني على قبرها , فلما عرفه رمى بنفسه على القبر والتزمه وأخذ يقول فيها القصائد والأشعار وأصبح قيس هائماً في الصحراء لايرجع إليه عقله إلابذكر ليلى ورثائها حتى يغشى عليه . ويقول أحد الأعراب : فلما أن بكرت إليه وطلبته فلم أقدر عليه فانصرفت الى الحي وأعلمتهم . فقام اخوته وبنو عمه وأهل بيته فطلبناه يومنا وليلنا , فلما أصبحنا هبطنا الى وادٍ كثير الحجارة والرمل إذا به ( ميتاً ) وقد كان خط بإصبعه عند رأسه هذين البيتين من الشعر :

توسد أحجار المهامـة والقفـر
= ومات جزِع القلب مندمل الصدر

فياليت هذا الحب يعشـق مـرة
= فيعلم ما يلقى المحب من الهجر

فرثيناه وعلت أصواتنا بالبكاء وحملناه الى الحي , فبكى عليه الغريب والقريب وكل من سمع باسمه يوماً ثم غسلناه وكفناه ودفناه الى جانب قبر ليلى . مات العاشق الولهان دون أن ينعم بابنة عمه وماتت العاشقة الولهانة دون أن تنعم بابن عمها وهذا حال المحبين دموع , وآهات , وسهر وأنيين , وجراح ومع ذلك لايتوبون أبداً . و قد قال فيه أمير الشعراء / أحمد شوقي قصيدة مشهورة جدا منها :

جبل التوباد حيـاك الحيـا
= وسقى الله صبانـا ورعـا

فيك ناغينا الهوى في مهده
= ورضعناه فكنت المرضعا

وحدونا الشمس في مغربها
= وبكرنا فسبقنـا المطلعـا

وعلى سفحها عشنا زمنـاً
= ورعينا غنم الأهـل معـا

ومن أبيات قيس الخالدة :

لقد ثبتت في القلب منك محبة
= كما ثبتت في الراحتين الاصابع

نهار نهار الناس حتى اذا بدى
= لي الليل هزتني اليك المضاجع

أقضي نهاري بالحديث وبالمني
= ويجمعني والهم بالليل جامع

رحمهما الله على حبهما العذري الذي تقبلا فيه القضاء والقدر وفقدا حياتيهما نتيجة صبرهما وجمعهما في الجنة بعد ظلم البشر . واليكم قصة العاشق العامري الثاني / توبة بن الحمّير من خفاجة من بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ومعشوقته ليلى الأخيلية . وهو أحد عشاق العرب وشعرائهم وقد شهر بذلك وصاحبته ليلى الأخيلية وكان يقول فيها الشعر ولايراها إلا متبرقعة فأتاها يوما فسفرت له عن وجهها أي كشفت له عن وجهها فأنكر ذلك عليها وعلم أنها لم تسفر إلا عن حدث جلل وكان إخوتها قد أمروها أن تعلمهم بمجيئه فسفرت لتنذره ففي ذلك يقول :

وكنت إذا ما جئت لــيلى تبرقعت
= فقد رابني منها الغداة سفورها

وأول الشعر :

نأتك بليلى دارهـــا لا تزورهــــا
= وشطت نواها واستمر مريرهــا

يقول رجـــال لايضـيرك حبهــا
= بلى كلما شف النفوس يضيرها

أظـن بهـا خيــرا وأعلــم أنهــــا
= ستنعم يوما أو يفــك أسـيـرهــا

حــمامة بطن الواديين تـرنمـــي
= سقاك من الغر الغوادي مطيـرها

أبيني لنا لازال ريشـــك ناعمــا
= ولازلت في خضراء دان بريرها

أرى اليوم يأتي دون ليلى كأنما
= أتت حجج من دونها وشهورها

أرتنا حياض الموت ليلى وراقنا
= عيون نقيات الحواشي تديرها

ألا ياصفي النفس كيف تقولها
= ولو أن طريدا خائفا يستجيرها

علي دماء البدن إن كان بعلهــا
= يرى لي ذنبا غير أني أزورها

وقد زعمت ليلى بأني فاجــــــر
= لنفسي تقاها أو عليها فجورها

وله أيضا فيها :

فإن تمنعوا ليلى وحسن حديثها
= فلن تمنعوا عيني البكا والقوافيـا

فهلا منعتم إذ منعتم كلامـــهــــا
= خيالا يمسينا على النأي هاديــــا

يلومك فيها اللائمون نصاحــــة
= فليت الهوى باللائمين مكــانـيـا

لعمري قد أسهرتيني يا حمامــة
= العقيق وقد أبكيت ما كان باكيـــا

ذكرتك بالغور التهامي فأصعدت
= شجون الهوى حتى بلغن التراقيا

وقتل توبة في السنة العاشرة من ولاية / عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة خمس وسبعين 75 هـ وعندما علمت ليلى بذلك قالت :-

لعمرك ما بالموت عـــار على الفتى
= إذا لم تصبه في الحياة المعايـــر

ومــا أحــد حـي وإن كــان سـالمـــا
= بأخـلـد مـمـن غيبتـه المقـابـــر

ومن كان مما أحدث الدهر جازعـــا
= فلا بد يوما أن يرى وهو صـابـر

وليس لذي عيش عن الموت مذهب
= وليس على الأيام والدهر غابـــر

فلا الحـــي مما يحدث الدهر معتب
= ولا الميت إن لم يصبر الحي ناشر

وكــل شـــــباب أو جديد إلى البلى
= وكل امرئ يوما إلى الله صـــائـــر

وليلى الأخيلية هي / ليلى بنت عبدالله بن الرحال ويقال الرحالة بن شداد بن كعب بن معاوية وهو الأخيل ويقال الأخيل بن معاوية فارس الهرار بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة . أحبها / توبة بن الحمير وكانت من أشعر النساء لايقدم عليها في الشعر غير الخنساء قال توبة بن الحمير :

ولــو أن ليلــى الأخيلية سلمت
= علي وفوقــي جنــدل وصـــــــفائح

لسلمت تسليم البشاشـة أو زقا
= إليها صدى من جانب القبر صائح

وأغبط من لـيـلـى بما لا أنــاله
= بلى كل ما قرت به العين صــالــح

ويروى أن ليلى الأخيلية بعد موت توبة تزوجت ثم إن زوجها بعد ذلك مر بقبر توبة وليلى معه فقال : لها ياليلى هل تعرفين هذا القبر فقالت : لا قال : هذا قبر توبة فسلمي عليه فقالت : امض لشأنك فماتريد من توبة وقد بليت عظامه قال أريد تكذيبه أليس هو الذي يقول :

ولــو أن ليلــى الأخيلية سلمت
= علي وفوقــي جنــدل وصـــــــفائح

لسلمت تسليم البشاشـة أو زقا
= إليها صدى من جانب القبر صائح

فوالله لابرحت أو تسلمي عليه فقالت : السلام عليك ياتوبة رحمك الله وبارك لك فيما صرت إليه فإذا طائر قد خرج من القبر حتى ضرب صدرها فشهقت شهقة فماتت فدفنت إلى جانب قبره فنبتت على قبره شجرة وعلى قبرها شجرة فطالتا فالتقتا . ولقد تعدد في العرب العشاق وأولهم في الاسلام من بني عذرة القضاعية واليهم نسب العشق العذري ومن العشاق العرب / جميل بثينة و / كثير عزة و / قيس ليلى و / توبة ليلى وغيرهم ويغلب على ظني أنهما قصتان لأن بلد قيس وليلى هي ليلى الأفلاج ومرابع باديتهم الى الدخول وحومل من عرق سبيع والمعروف قديما برملة بني عبدالله بن كلاب بن عامر وليلى توبة قد عمرت وقابلت الحجاج بن يوسف الثقفي وهي ابنة تسعين عاما كما مر علي في بعض المراجع وأنشدته من شعرها وبيت :

يقولون ليلى في العراق مريضة
= ياليتني كنت الطبيب المداويا

ونسبته الى توبة أظهر لأن ليلى قيس لم تخرج من الغيل وماتت فيه بكرا وقد سئل رجل من بني عذره وقصد السائل الاستنقاص منهم لماذا تموتون من العشق فأجابه الرجل العذري المسلم فقال : له نموت من العشق لرقة قلوبنا ولحصانة فروجنا وخوفنا من الله فبهت السائل وممن اشتهروا من الخلف بالحب العذري حتى الموت الدجيما العتيبي ومحيسن السرحاني وغيرهم كثير وصدق القائل في هذا الزمن اللي محبتهم محبة هرافي . رحم الله العاشقين وعوضهم خيرا عن ذلك الحب العذري العفيف الذي عانق عنان السماء شهرة وسارت به الركبان حتى صار مضرب المثل في جميع البلاد العربية . قال الشاعر :

أمر على الديار ديار ليلى
= أقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وماحب الديار شغفن قلبي
= ولكن حب من سكن الديارا

وهو من قصيدته التي مطلعها :

سما لك وجد بعدما كان اقفرا
= وحلت سليمى بطن قو فعرعرا

وجبل التوباد لا يزال يعرف بهذا الاسم حتى يومنا هذا وهو في الأفلاج بالقرب من مدينة ليلى قاعدة الافلاج كما ذكر . واليكم : ( رائعة مجنون بني عامر في ليلى الأخيلية )

تذكرت ليلى والسنين الخواليا
= وأيام لا أعدى على الدهر عاديا

ويوم كظل الرمح قصرت ظله
= بليلى فلهاني وما كنت لاهيا

فيا ليل كم من حاجة لي مهمة
= إذا جئتكم بالليل لم أدر ماهيا

خليليّ ان تبكيا لي التمس
= خليلاً إذا أنزفت دمعي بكى ليا

فما أشرف الإيفاع إلا صبابة
= ولا أنشد الأشعار إلا تداويا

وقد يجمع اللّه الشتيتين بعدما
= يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

لحى اللّه أقواما يقولون إننا
= وجدنا طوال الدهر للحب شافيا

وعهدي بليلى وهي ذات مؤصد
= ترد علينا بالعشي المواشيا

فشب بنو ليلى وشب بنو ابنها
= وأعلاق ليلى في فؤادي كما هيا

إذا ما جلسنا مجلساً نستلذه
= تواشوا بنا حتى أمل مكانيا

سقى اللّه جارات لليلى تباعدت
= بهن النوى حيث احتللن المطاليا

بتمرين لاحت نار ليلى وصحبتي
= بقرع العصا ترجى المطى الحوافيا

فقال بصير القوم لمحة كوكب
= بدا في سوادا لليل من ذي يمانيا

فقلت لهم بل نار ليلى توقدت
= بعليا تسامى ضوءها فبدا ليا

خليلي لا واللّه لا أملك الذي
= قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا

قضاها لغيري وابتلاني بحبها
= فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا

وخبرتماني أن تيماء منزل
= لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا

فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت
= فما للنوى ترمي بليلى المراميا

فلو أن واش باليمامة داره
= وداري بأعلى حضرموت أتانيا

وماذا لهم لا أحسن اللّه حالهم
= من الحظ في تصريم ليلى حباليا

وقد كنت أعلو حب ليلى فلم يزل
= بي النقض والإبرام حتى علانيا

فيا رب سوّ الحب بيني وبينها
= يكون كفافاً لا عليّ ولا ليا

فما طلع النجم الذي يهتدى به
= ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا

ولا سرت ميلاً من دمشق ولا بدا
= سهيل لأهل الشام إلا بدا ليا

ولا سميت عندي لها من سمية
= من الناس إلا بل دمعي ردائيا

ولا هبت الريح الجنوب لأرضها
= من الليل إلا بت للريح جانيا

فإن تمنعوا ليلى وتحموا بلادها
= عليّ فلن تحموا عليّ القوافيا

فاشهد عند اللّه إني أحبها
= فهذا لها عندي فما عندها ليا

قضى اللّه بالمعروف منها لغيرنا
= وبالشوق مني والغرام قضى ليا

وإن الذي أملت يا أم مالك
= أشاب فؤادي واستهان فؤاديا

أعد الليالي ليلة بعد ليلة
= وقد عشت دهراً لا أعد اللياليا

وأخرج من بين البيوت لعلني
= أحدث عنك النفس بالليل خاليا

أراني إذا صليت يممت نحوها
= بوجهي وإن كان المصلى ورائيا

وما بيَ إشراك ولكن حبها
= وعظم الجوى أعيى الطبيب المداويا

أحب من الأسماء ما وافق اسمها
= وأشبهه أو كان منه مدانيا

خليليّ ليلى أكبر الحاج والمنى
= فمن لي بليلى أو فمن لها بيا

خليليّ ما أرجو من العيش بعدما
= أرى حاجتي تشرى ولا تشترى ليا

وتجرم ليلى ثم تزعم أنني
= سلوت ولا يخفى على الناس ما بيا

فلم أر مثلينا خليلي صبابة
= أشد على الرغم الأعادي تصافيا

خليلان لا نرجو اللقاء ولا ترى
= خليلين إلا يرجوان تلاقيا

وإني لأستحييك أن تعرض المنى
= توصلك أو أن تعرضي في المنى ليا

يقول أناس عل مجنون عامر
= يروم سلوا قلت أنى لما بيا

إذا ما استطال الدهر يا أم مالك
= فشأن المنايا القاضيات وشأنيا

إذا اكتحلت عيني بعينيك لم تزل
= بخير وجلت غمرة عن فؤاديا

فأنت التي إن شئت شقيت عيشتي
= وأنت التي إن شئت أنعمت باليا

وأنت التي ما من صديق ولا عدى
= يرى نضو ما أبقيت إلا رثى ليا

أمضروبة ليلى عليّ أزروها
= ومتخذ دين لها أن ترانيا

إذا سرت في الأرض الفضاء رأيتني
= أصانع رحلي أن يميل حياليا

يميناً إذا كانت يميناً وإن تكن
= شمالاً ينازعني الهوى عن شماليا

وإني لأستغشى وما بي نعسة
= لعل خيالاً منك يلقي خياليا

هي السحر إلا أن للسحر رقية
= وإني لا ألقي لها الدهر راقيا

ذكت نار شوقي في فؤادي فأصبحت
= لها وهج مستضرم في فؤاديا

ألا أيها الركب اليمانون عرّجوا
= علينا فقد أمسى هوانا يمانيا

أسائلكم هل سال نعمان بعدنا
= وحب إلينا بطن نعمان واديا

ألا يا حمامي بطن نعمان هجتما
= عليّ الهوى لما تغنيتما ليا

وأبكيتماني وسط صحبي ولم أكن
= أبالي دموع العين لو كنت خاليا

ويا أيها القمريتان تجاذبا
= بلحنيكما ثم اسجعا علانيا

فإن أنتما استطربتما أو أردتما
= لحاقاً بأطلال الغضى فاتبعانيا

ألا ليت شعري ما لليلى وما ليا
= وما للصبا من بعد شيب علانيا

ألا أيها الواشي بليلى ألا ترى
= إلى من تشها أو لمن أنت واشيا

لئن ظعن الأحباب يا أم مالك
= فما ظعن الحب الذي في فؤاديا

فيا رب إذ صيرت ليلى هي المنى
= فزنى بعينيها كما زنتها ليا

وإلا فبغض إلي ليلى وأهلها
= فإني بليلى قد لقيت الدواهيا

على مثل ليلى يقتل المرء نفسه
= وإن كنت من ليلى على اليأس طاويا

خليليّ إن ضنوا بليلى فقرّبا
= إلى النعش والأكفان واستغفرا ليا

منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .بسم الله الرحمن الرحيم

ليلى الأخيلية وتوبة

من هى ؟

هي من أهم شاعرات العرب المتقدمات في الإسلام ولا يتقدمها أحد من النساء سوى الخنساء هي ليلى بنت عبدالله بن الرحال ، وآخر أجدادها كان يعرف بالأخيل . والأخيليون ينتسبون إلى قبيلة بني عامر ، التي اشتهرت بالعديد من عشاق العرب ، كما كانت من أولى القبائل إسلاما ، وجهاداً في سبيل نشر لواء الدين الجديد . لم تكن ليلى شاعرة نكرة أو مجهولة بل كانت ذائعة الصيت ينشد الناس شعرها .

من هو ؟

توبه بن الحمير وكان يوصف بالفصاحة كان أقل منها شهرة بعض الكتب تؤكد أنه كان من لصوص العرب و مع ذلك كان شعره رقيقا فصيح الألفاظ سهل التراكيب وقوي العاطفة .

كيف كان اللقاء ؟

كان اللقاء عند الكبر عندما كانت ليلى من النساء اللواتي ينتظرن الغزاة ، وكان توبة مع الغزاة فرأى ليلى وافتتن بها ، وهكذا توطدت علاقة حب عذري . ولكن رفض والد ليلى كان عائق زواجهما ، لانتشار أمرهما ، وقصة الحب بين الناس . وبعد ذلك

تعلن الحب بكل قوة :

ذات يوم وفدت ليلى على معاوية بن أبي سفيان ولديها عدة قصائد مدحته فيها . وقصيدة لها وصفت فيها ناقتها التي كانت تجوب الأرض لتصل إلى معاوية فيجود عليها من كرمه ، وسأل معاوية ذات يوم ليلى عن توبة العشيق ويحك ياليلى ! أكما يقول الناس كان توبة ؟. فقالت : يا أمير المؤمنين سبط البنان ، حديد اللسان ، شجى للأقران ، كريم المختبر ، عفيف المئزر ، جميل المنظر ، وهو كما قلت له يا أمير المؤمنين :
ثم قال : معاوية وما قلت له ؟
قالت : قلت ولم أتعد الحق وعلمي فنه فأعجب من وصفها وأمر لها بجائزة عظيمة واستنشدها المزيد .

بعيد الثرى لا يبلغ القوم قعره
= ألد ملد يغلب الحق باطله

إذا حل ركب في ذراه وظله
= ليمنعهم مما تخاف نوازله

حماهم بنصل السيف من كل فادح
= يخافونه حتى تموت خصائله

وتمضي ليلى في مدح حبيبها توبة بأبيات أخرى حتى يصيح بها معاوية : ويحك ليلى ! لقد جزت بتوبة قدره .
فقالت : والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته ، وأني لا أبلغ كنه ما هو أهله .
ويسألها معاوية : من أي الرجال كان ؟ فتقول :

أتته المنايا حين تم تمامه
= وأقصر عنه كل قرن يطاوله

وكان كليث الغاب يحمي عرينه
= وترضى به أشباله وحلائله

غضوب حليم حين يطلب حلمه
= وسم زعاف لا تصاب مقاتله

تتزوج من غيره :

رفض والد ليلى تزويجها بتوبه بعد أن ذاع صيت العشق بينهم و لم يكن لديه أى سبب للرفض سوى الخوف من اللوم أو يعتبر هذا تصديق لما انتشر تزوجت ليلى أبي الأذلع ومن أهم صفات زوجها أنه كان غيوراً جداً ، وبعض القصص تقول أنه طلقها لغيرته الشديدة من توبة ، وقصص أخرى أنه مات عنها .

السلطان يهدر دم توبه :

لم يمنع توبة من زيارتها وكثرت زياراته لها ، من بعد ذلك تظلم بنو الأذلع إلى السلطان الذي أهدر دم توبة ، إذا عاود زيارة ليلى ، فأخذوا يترصدون له في المكان المعتاد ، وذات يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه واستغرب خروجها سافرة ، ولكنه فطن أنها أرادت أن تعلمه عن كمين نصب له فأخذ فرسه وركض ، وكانت ليلى هي السبب في : نجاته . وفي هذا الحدث يقول توبة :

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
= فقد رابني منها الغداة سفورها

ويتعذب توبة من الحرمان من رؤية المحبوبة :

أرى اليوم يمر دون ليلى كأنما
= أتت حـجج من دونها وشهوراً

حمامـة بطن الواديين ، ترنمي
= سقاك من الغر الغوادي مطيرها

قتل توبة :

كان شابا طائشا متهوراً ، هناك بعض الأقاويل أنه قتل في عهد الخليفة الأموي معاوية سنة « 55 هجري »، حيث غشيه القوم في إحدى غاراته من ورائه فضربوه حتى قتلوه ، ثم جاء بعض من قومه فدفنوه في الصحراء ، وعندما استقبلت خبر مقتل حبيبها توبة بكته بالدمع الثخين ورثته في قصيدة مطولة تدافع عنه ، وفيها تقول :

وتوبة أحيا من فتاة حيــة
= وأجرأ من ليث بخفان خادر

ونعم الفتى إن كان توبة فاجرا
= وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر

كانت تراه أفضل الرجال وأكملهم خلقا وحسنا ، وظلت تحكي حكايتها معه وتفيض في مدحه حتى شعر الحجاج بالغيظ وكاد يأمر بقطع لسانها :

ما نوع العلاقة ؟

وقيل إن الحجاج بن يوسف الثقفي قد سألها ذات يوم : أن شبابك قد ذهب ، واضمحل أمرك وأمر توبة ، فأقسم عليك إلا صدقتني ، هل كانت بينكما ريبة قط ؟ أو خاطبك في ذلك قط ؟ فأقسمت ليلى للحجاج أن حب توبة لها كان عفيفا شريفا على الرغم من أنهما يخلوان إلى بعضهما وأنه أنشدها ذات ليلة :

وذي حاجة قلنا له لا تبح بها
= فليس إليها ما حييت سبيل

لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه
= وأنت لأخر فارغ وحليل

حتى آخر العمر :

وقد ظلت على حبها لتوبة إلى آخر يوم في حياتها ، حتى كانت ذات يوم على سفر ، فمرت بقبر توبة ومعها زوجها ، فأصرت عليه أن تزور القبر لتسلم على توبة ، وحاول زوجها ( الثانى ) أن يمنعها ولكنها أصرت فتركها .
واقتربت من قبر توبة ، ثم قالت : السلام عليك يا توبة ، ثم حولت وجهها إلى القوم وقالت : " ما عرفت له كذبة قط قبل هذا …. أليس القائل :

ولو أن ليلى الأخيلية سلمت
= علي ودوني تربة وصفائح

لسلمت تسليم البشاشة أو زقا
= إليها صدى من جانب القبر صائح

وأغبط من ليلى بما لا أنا له
= ألا كل ما قرت به العين صالح

فما باله لم يسلم على كما قال ! وفي تلك اللحظة فزعت بومة كانت تكمن بجوار القبر ، فنفر الجمل ورمى ليلى على رأسها فماتت من ساعتها ، ودفنوها إلى جانب توبة . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



بكيت على سرب القطا إذ مررن بي = فقلـت ومثلـي بالبـكـاء جـديـرُ
أسرب القطا هل مـن يعيـر جناحـه = لعلي إلى مـن قـد هويـت أطيـرُ
فجاوبنني من فـوق غصـن أراكـة = ألا كلـنـا يــا مستعـيـر نعـيـرُ
وأي قطـاة لـم تـعـرك جناحـهـا = فعاشت بـذل والجـنـاح كسـيـرُ
وإلا فـمـن هـذا يـؤدي رسالتي = فأشكرَهُ إن المحب شكـورٌ

صامل الميقاف
26 - 11 - 2008, 21:41
مشكور وما قصرت والله لا يهينك

خيَّال الغلباء
27 - 11 - 2008, 11:22
أخي الكريم / صامل الميقاف السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بعبق الغزل العذري العفيف رحم الله / قيس بن الملوح الخفاجي وليلى العامرية وتوبة وليلى الأخيلية وجمعهما في الجنة والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام ولا شكر على واجب ومن قال ما هان والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

جعد الوبر
30 - 12 - 2008, 20:11
بسم الله الرحمن الرحيبم

من قصص توبه بن الحمير الخفاجي :-

ذكر ليلى ونسبها وخبر / توبة بن الحمير معها وخبر مقتله هي / ليلى بنت عبدالله بن الرحال وقيل : ابن الرحالة بن شداد بن كعب بن معاوية وهو الأخيل وهو فارس الهرار ابن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وهي من النساء المتقدمات في الشعر من شعراء الإسلام .

وكان / توبة بن الحمير يهواها وهو / توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل .

أخبرني ببعض أخبارهما / أحمد بن عبدالعزيز الجوهري و / محمد بن حبيب بن نصر المهلبي قالا : حدثنا / عبدالله بن أبي سعد الوراق قال حدثنا / محمد بن علي أبو المغيرة قال حدثنا أبي عن أبي عبيدة قال حدثني / أنيس بن عمرو العامري قال : كان / توبة بن الحمير أحد بني الأسدية وهي / عامرة بنت والبة بن الحارث وكان يتعشق / ليلى بنت عبدالله بن الرحالة ويقول فيها الشعر فخطبها إلى أبيها فأبى أن يزوجه إياها وزوجها في بني الأدلع فجاء يوما كما كان يجيء لزيارتها فإذا هي سافرة ولم ير منها إليه بشاشة فعلم أن ذلك لأمر ما كان فرجع إلى راحلته فركبها ومضى وبلغ بني الأدلع أنه أتاها فتبعوه ففاتهم فقال توبة في ذلك :-

نأتك بليلى دارها لا تزورها
= وشطت نواها واستمر مريرها

وهي طويلة يقول منها :-

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
= فقد رابني منها الغداة سفورها

كانت تخرج إلى / توبة بن الحمير في برقع .

أخبرني / أحمد بن عبدالعزيز قال : حدثنا / عمر بن شبة قال : كان / توبة بن الحمير إذا أتى / ليلى الأخيلية خرجت إليه في برقع فلما شهر أمره شكوه إلى السلطان فأباحهم دمه إن أتاهم فمكثوا له في الموضع الذي كان يلقاها فيه فلما علمت به خرجت سافرة حتى جلست في طريقة فلما رآها سافرة فطن لما أرادت وعلم أنه قد رصد وأنها سفرت لذلك تحذره فركض فرسه فنجا وذلك قوله :-

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
= فقد رابني منها الغداة سفورها

قال : أبو عبيدة وحدثني غير أنيس أنه كان يكثر زيارتها فعاتبه أخوها وقومها فلم يعتب وشكوه إلى قومه فلم يقلع فتظلموا منه إلى السلطان فأهدر دمه إن أتاهم وعلمت ليلى بذلك وجاءها زوجها وكان غيورا فحلف لئن لم تعلمه بمجيئه ليقتلنها ولئن أنذرته بذلك ليقتلنها قالت ليلى : وكنت أعرف الوجه الذي يجيئني منه فرصدوه بموضع ورصدته بآخر فلما أقبل لم أقدر على كلامه لليمين فسفرت وألقيت البرقع عن رأسي فلما رأى ذلك أنكره فركب راحلته ومضى ففاتهم .

سبب وكيفية مقتل / توبة بن الحمير :-

أخبرني بالسبب في مقتل توبة / محمد بن الحسن بن دريد إجازة عن أبي حاتم السجستاني عن أبي عبيدة والحسن بن علي الخفاف قال : حدثنا / عبدالله بن أبي سعد قال : حدثنا / محمد بن علي بن المغيرة عن أبيه عن أبي عبيدة وأخبرني / علي بن سليمان الأخفش قال : أخبرنا أبو سعيد السكري عن / محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي ورواية أبي عبيدة أتم واللفظ له قال أبو عبيدة : كان الذي هاج مقتل / توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة أنه كان بينه وبين بني عامر بن عوف بن عقيل لحاء ثم إن توبة شهد بني خفاجة وبني عوف وهم يختصمون عند / همام بن مطرف العقيلي في بعض أمورهم قال : وكان / مروان بن الحكم يومئذ أميرا على المدينة في خلافة / معاوية بن أبي سفيان فاستعمله على صدقات بني عامر قال : فوثب / ثور بن أبي سمعان بن كعب بن عامر بن عوف بن عقيل على / توبة بن الحمير فضربه بجرز وعلى توبة الدرع والبيضة فجرح أنف البيضة وجه توبة فأمر همام بثور بن أبي سمعان فأقعد بين يدي توبة فقال : خذ بحقك يا توبة فقال له توبة : ما كان هذا إلا عن أمرك وما كان ليجترىء علي عند غيرك وأم همام / صوبانة بنت جون بن عامر بن عوف بن عقيل فاتهمه توبة لذلك فانصرف ولم يقتص منه فمكثوا غير كثير وإن توبة بلغه أن / ثور بن أبي سمعان خرج في نفر من رهطه إلى ماء من مياه قومه يقال له : قوباء يريدون مالهم بموضع يقال له : جرير بتثليث قال : وبينهما فلاة فاتبعه توبة في ناس من أصحابه فسأل عنه وبحث حتى ذكر له أنه عند رجل من بني عامر بن عقيل يقال : له / سارية بن عمير بن أبي عدي وكان صديقا لتوبة فقال : توبة والله لا نطرقهم عند سارية الليلة حتى يخرجوا عنه فأرادوا أن يخرجوا حين يصبحون فقال لهم سارية : ادرعوا الليل فإني لا آمن توبة عليكم الليلة فإنه لا ينام عن طلبكم قال : فلما تعشوا ادرعوا الليل في الفلاة وأقعد له توبة رجلين فغفل صاحبا توبة فلما ذهب الليل فزع توبة وقال : لقد اغتررت إلى رجلين ما صنعا شيئا وإني لأعلم أنهم لم يصبحوا بهذه البلاد فاقتص آثارهم فإذا هو بأثر القوم قد خرجوا فبعث إلى صاحبيه فأتياه فقال : دونكما هذا الجمل فأوقراه من الماء في مزادتيه ثم اتبعا أثري فإن خفي عليكم أن تدركاني فإني سأنور لكما إن أمسيتما دوني وخرج توبة في أثر القوم مسرعا حتى إذا انتصف النهار جاوز علما يقال له : أفيح في الغائط فقال لأصحابه : هل ترون سمرات إلى جنب قرون بقر وقرون بقر مكان هنالك فإن ذلك مقيل القوم لم يتجاوزوه فليس وراءه ظل فنظروا فقال قائل : أرى رجلا يقود بعيرا كأنه يقوده لصيد قال : توبة ذلك ابن الحبترية وذلك من أرمى من رمى فمن له يختلجه دون القوم فلا ينذرون بنا قال : فقال / عبدالله أخو توبة أنا له قال : فاحذر لا يضربنك وإن استطعت أن تحول بينه وبين أصحابه فافعل فخلى طريق فرسه في غمض من الأرض ثم دنا منه فحمل عليه فرماه ابن الحبترية قال : وبنو الحبتر ناس من مذحج في بني عقيل فعقر فرس عبدالله أخي توبة واختل السهم ساق عبدالله فانحاز الرجل حتى أتى أصحابه فانذرهم فجمعوا ركابهم وكانت متفرقة قال : وغشيهم توبة ومن معه فلما رأوا ذلك صفوا رحالهم وجعلوا السمرات في نحو وأخذوا سلاحهم ودرقهم وزحف إليهم توبة فارتمى القوم لا يغني أحد منهم شيئا في أحد ثم إن توبة وكان يترس له أخوه عبدالله قال : يا أخي لا تترس لي فإني رأيت ثورا كثيرا ما يرفع الترس عسى أن أوافق منه عند رفعه مرمى فأرميه قال : ففعل فرماه توبة على حلمة ثديه فصرعه وجال القوم فغشيهم توبة وأصحابه فوضعوا فيهم السلاح حتى تركوهم صرعى وهم سبعة نفر ثم إن ثورا قال : انتزعوا هذا السهم عني قال : توبة ما وضعناه لننتزعه فقال : أصحاب توبة أنج بنا نأخذ آثارنا ونلحق راويتنا فقد أخذنا ثأرنا من هؤلاء وقد متنا عطشا قال توبة : كيف بهؤلاء القوم الذين لا يمنعون ولا يمتنعون فقالوا : أبعدهم الله توبة ما أنا بفاعل وما هم إلا عشيرتكم ولكن تجيء الراوية فأضع لهم ماء وأغسل عنهم دماءهم وأخيل عليهم من السباع والطير لا تأكلهم حتى أوذن قومهم بهم بعمق فأقام توبة حتى أتته الراوية قبل الليل فسقاهم من الماء وغسل عنهم الدماء وجعل في أساقيهم ماء ثم خيل لهم بالثياب على الشجر ثم مضى حتى طرق من الليل / سارية بن عويمر بن أبي عدي العقيلي فقال : إنا قد تركنا رهطا من قومكم بسمرات من قرون بقر فأدركوهم فمن كان حيا فداووه ومن كان ميتا فادفنوه ثم انصرف فلحق بقومه وصبح سارية القوم فاحتملهم وقد مات / ثور بن أبي سمعان ولم يمت غيره فلم يزل توبة خائفا وكان / السليل بن ثور المقتول راميا كثير البغي والشر فأخبر بغرة من توبة وهو بقنة من قنان الشرف يقال لها : قنة بني الحمير فركب في نحو ثلاثين فارسا حتى طرقه فترقى توبة ورجل من إخوته في الجبل فأحاطوا بالبيوت فناداهم وهو في الجبل هأنذا من تبغون فاجتنبوا البيوت فقالوا : إنكم لن تستطيعوه وهو في الجبل ولكن خذوا ما استدف لكم من ماله فأخذوا أفراسا له ولإخوته وانصرفوا ثم إن توبة غزاهم فمر على / أفلت بن حزن بن معاوية بن خفاجة ببطن بيشة فقال : يا توبة أين تريد قال أريد الصبيان من بني عوف بن عقيل قال : لا تفعل فإن القوم قاتلوك فمهلا قال : لا أقلع عنهم ما عشت ثم ضرب بطن فرسه فاستمر به يحضر وهو يرتجز ويقول :-

تنجو إذا قيل لها يعاط
= تنجو بهم من خلل الأمشاط

حتى انتهى إلى مكان يقال له: حجر الراشدة ظليل أسفله كالعمود وأعلاه منتشر فاستظل فيه هو وأصحابه حتى إذا كان بالهاجرة مرت عليه إبل / هبيرة بن السمين أخي بني عوف بن عقيل واردة ماء لهم يقال له : طلوب فأخذها وخلى طريق راعيها وقال له : إذا أتيت صدغ البقرة مولاك فأخبره أن توبة أخذ الإبل ثم انصرف توبة يطرد الإبل قال : فلما ورد العبد على مولاه فأخبره نادى في بني عوف وقال : حتام هذا فتعاقدوا بينهم نحوا من ثلاثين فارسا ثم اتبعوه ونهضت امرأة من بني خثعم من بني الهرة كانت في بني عوف وكانت تؤخذ لهم فقالت : أروني أثره فخرجوا فأروها أثره فأخذت من ترابه فسافته فقالت : اطلبوه فإنه سيحبس عليكم فطلبوه فسبقهم فتلاوموا بينهم وقالوا : ما نرى له أثرا وما نراه إلا وقد سبقكم قال : وخرج توبة حتى إذا كان بالمضجع من أرض بني كلاب جعل نذارته وحبس أصحابه حتى إذا كان بشعب من هضبة يقال لها : هند من كبد المضجع جعل ابن عم له يقال له / قابض بن عبدالله ربيئة له على رأس الهضبة فقال : انظر فإن شخص لك شيء فأعلمنا فقال / عبدالله بن الحمير يا توبة إنك حائن أذكرك الله فوالله ما رأيت يوما أشبه بسمرات بني عوف يوم أدركناهم في ساعتهم التي أتيناهم فيها منه فانج إن كان بك نجاة قال : دعني فقد جعلت ربيئة ينظر لنا قال: يرجع بنو عوف بن عقيل حين لم يجدوا أثر توبة فيلقون رجلا من غني فقالوا له : هل أحسست في مجيئك أثر خيل أو أثر إبل قال : لا والله قالوا : كذبت وضربوه فقال : يا قوم لا تضربوني فإني لم أجد أثرا ولقد رأيت زهاء كذا وكذا إبلا شخوصا في هاتيك الهضبة وما أدري ما هو فبعثوا رجلا منهم يقال له / يزيد بن رويبة لينظر ما في الهضبة فأشرف على القوم فلما رآهم ألوى بثوبه لأصحابه حتى جاؤوا فحمل أولهم على القوم حتى غشي توبة وفزع توبة وأخوه إلى خيلهما فقام توبة إلى فرسه فغلبته لا يقدر على أن يلجمها ولا وقفت له فخلى طريقها وغشيه الرجل فاعتنقه فصرعه توبة وهو مدهوش وقد لبس الدرع على السيف فانتزعه ثم أهوى به ليزيد بن رويبة فاتقاه بيده فقطع منها وجعل يزيد يناشده رحم صفية وصفية أم له من بني خفاجة وغشي القوم توبة من ورائه فضربوه فقتلوه وعلقهم / عبدالله بن الحمير يطعنهم بالرمح حتى انكسر قال : فلما فرغوا من توبة لووا على / عبدالله بن الحمير فضربوا رجله فقطعوها فلما وقع بالأرض أشرع سيفه وحده ثم جثا على ركبتيه وجعل يقول : هلموا ولم يشعر القوم بما أصابه وانصرف بنو عوف بن عقيل وولى قابض منهزما حتى لحق بعبدالعزيز بن زرارة الكلابي فأخبره الخبر قال : فركب عبدالعزيز حتى أتى توبة فدفنه وضم أخاه ثم ترافع القوم إلى / مروان بن الحكم فكافأ بين الدمين وحملت الجراحات ونزل بنو عوف بن عقيل البادية ولحقوا بالجزيرة والشام .

أبو عبيدة يروي مقتل توبة وسببه :-

قال / أبو عبيدة وقد كان توبة أيضا يغير زمن / معاوية بن أبي سفيان على قضاعة وخثعم ومهرة وبني الحارث بن كعب وكانت بينهم وبين بني عقيل مغاورات فكان توبة إذا أراد الغارة عليهم حمل الماء معه في الروايا ثم دفنه في بعض المفازة على مسيرة يوم منها فيصيب ما قدر عليه من إبلهم فيدخلها المفازة فيطلبه القوم فإذا دخل المفازة أعجزهم فلم يقدروا عليه فانصرفوا عنه قال : فمكث كذلك حينا ثم إنه أغار في المرة الأولى التي قتل فيها هو وأخوه / عبدالله بن الحمير ورجل يقال له / قابض بن أبي عقيل فوجد القوم قد حذروا فانصرف توبة مخفقا لم يصب شيئا فمر برجل من بني عوف بن عامر بن عقيل متنحيا عن قومه فقتله توبة وقتل رجلا كان معه من رهطه واطرد إبلهما ثم خرج عامدا يريد / عبدالعزيز بن زرارة بن جزء بن سفيان بن عوف بن كلاب وخرج ابن عم لثور بن أبي سمعان المقتول فقال له : خزيمة صر إلى بني عوف بن عامر بن عقيل فأخبرهم الخبر فركبوا في طلب توبة فأدركوه في أرض بني خفاجة وقد أمن في نفسه فنزل وقد كان أسرى يومه وليلته فاستظل ببرديه وألقى عنه درعه وخلى عن فرسه ( الخوصاء ) تتردد قريبا منه وجعل قابضا ربيئة له ونام فأقبلت بنو عوف بن عامر متقاطرين لئلا يفطن لهم أحد فنظر قابض فأبصر رجلا منهم فأقبل الى توبة فأنبهه فقال : توبة ما رأيت قال : رأيت شخص رجل واحد فنام ولم يكترث له وعاد قابض إلى مكانه فغلبته عيناه فنام قال : فأقبل القوم على تلك الحال فلم يشعر بهم قابض حتى غشوه فلما رآهم طار على فرس وأقبل القوم إلى توبة وكان أول من تقدم غلام أمرد على فرسه عري يقال له / يزيد بن رويبة بن سالم بن كعب بن عوف بن عامر بن عقيل ثم تلاه ابن عمه / عبدالله بن سالم ثم تتابعوا فلما سمع توبة وقع الخيل نهض وهو وسنان فلبس درعه على سيفه ثم صوت بفرسه الخوصاء فأتته فلما أراد أن يركبها أهوت ترمحه ثلاث مرات فلما رأى ذلك لطم وجهها فأدبرت وحال القوم بينه وبينها فأخذ رمحه وشد على / يزيد بن رويبة فطعنه فأنفذ فخذيه جميعا وشد على توبة ابن عم الغلام / عبدالله بن سالم فطعنه فقتله وقطعوا رجل عبدالله فلما رجع عبدالله بعد ذلك إلى قومه لاموه وقالوا له : فررت عن أخيك فقال / عبدالله بن الحمير في ذلك قال / أبو عبيدة وحدثني أيضا / مزرع بن عبدالله بن همام بن مطرف بن الأعلم قال : كان أهل دار من بني جشم بن بكر بن هوازن يقال لهم : بنو الشريد حلفاء لبني عداد بن خفاجة في الإسلام فكان بينهم وبين / خميس بن ربيعة رهط قومه قتال على ماءة تدعى الحليفة وعامتها لجد بن همام قال : وشهد / عبدالله بن الحمير ذلك وهو أعرج عرج يوم قتل توبة فلم يغن كثير غناء فقالت : بنو عقيل لو توبة تلقاهم لبلوا منه بغير أفوق ناصل فقال : عبدالله بن الحمير يعتذر إليهم شعر / عبدالله أخي توبة في اعتذاره لقومه :-

تأوبني بعارمة الهموم
= كما يعتاد ذا الدين الغريم

كأن الهم ليس يريد غيري
= ولو أمسى له نبط وروم

علام تقوم عاذلتي تلوم
= تؤرقني وما انجاب الصريم

فقلت لها رويدا كي تجلى
= غواشي النوم والليل البهيم

ألما تعلمي أني قديما
= إذا ما شئت أعصي من يلوم

وأن المرء لا يدري إذا ما
= يهم علام تحمله الهموم

وقد تعدي على الحاجات حرف
= كركن الرعن ذعلبة عقيم

مداخلة الفقار وذات لوث
= على الحزان مقحمة غشوم

كأن الرحل منها فوق جأب
= بذات الحاذ معقله الصريم

طباه برجلة البقار برق
= فبات الليل منتصبا يشيم

فبينا ذاك إذ هبطت عليه
= دلوح المزن واهية هزيم

تهب لها الشمال فتمتريها
= ويعقبها بنافحة نسيم

يكب إذا الرذاذ جرى عليه
= كما يصغي الى الآسي الأميم

إذا ما قال أقشع جانباه
= نشت من كل ناحية غيوم

فأشعر ليله أرقا وقرا
= يسهره كما أرق السليم

ألا من يشتري رجلا برجل
= تخونها السلاح فما تسوم

تلومك في القتال بنو عقيل
= وكيف قتال أعرج لا يقوم

ولو كنت القتيل وكان حيا
= لقاتل لا ألف ولا سؤوم

ولا جثامة ورع هيوب
= ولا ضرع إذا يمسي جثوم

قال ثم إن خفاجة رهط توبة جمعوا لبني عوف بن عامر بن عقيل الذين قتلوا توبة فلما بلغهم الخبر لحقوا ببني / الحارث بن كعب ثم افترقت بنو خفاجة فلما بلغ ذلك بني عوف رجعوا فجمعت لهم بنو خفاجة أيضا قبائل عقيل فلما رأت ذلك بنو عوف بن عامر بن عقيل لحقوا بالجزيرة فنزلوها وهم رهط / إسحاق بن مسافر بن ربيعة بن عاصم بن عمرو بن عامر بن عقيل ثم إن بني عامر بن صعصعة صاروا في أمرهم إلى / مروان بن الحكم وهو والي المدينة لمعاوية بن أبي سفيان فقالوا ننشدك الله أن تفرق جماعتنا فعقل توبة وعقل الآخرين معاقل العرب مائة من الإبل فأدتها بنو عامر قال : فخرجت بنو عوف بن عامر قتلة توبة فلحقوا بالجزيرة فلم يبق بالعالية منهم أحد وأقامت بنو ربيعة بن عقيل وعروة بن عقيل وعبادة بن عقيل بمكانهم بالبادية . ورواية أخرى لأبي عبيدة عن مقتل توبة قال / أبو عبيدة وحدثنا مزرع بن عمرو بن همام قال أبو عبيدة وكان معي أبو الخطاب وغيره قال توبة بن حمير بن ربيعة بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل وأمه زبيدة فهاج بينه وبين السليل بن ثور بن أبي سمعان بن عامر بن عوف بن عقيل كلام وكان شريرا ونظير توبة في القوة والبأس فبلغ الحور وهو الكلام إلى أن أوعد كل واحد منهما صاحبه فالتقى بعد ذلك توبة والسليل على غدير من ماء السماء فرمى توبة السليل فقتله ثم إن توبة أغار ثانية على إبل بني السمين بن كعب بن عوف بن عقيل واردة ماءهم فاطردها واتبعوه وهم سبعة نفر يزيد بن رويبة وعبدالله بن سالم ومعاوية بن عبدالله قال أبو عبيدة ولم يذكر غير هؤلاء فانصرفوا يجنبون الخيل يحملون المزاد فقصوا أثر توبة وأصحابه فوجدوهم وقد أخذوا في المضجع من أرض بني كلاب في أرض دمثة تربة فضلت فرس توبة الخوصاء من الليل فأقام واضطجع حتى أصبح وساق أصحابه الإبل وهم ثلاثة نفر سوى توبة المحرز أحد بني عمرو بن كلاب وقابض بن أبي عقيل أحد بني خفاجة وعبد الله بن حمير أخو توبة لأمه وأبيه فلما أصبح توبة إذا فرسه الخوصاء راتعة أدنى ظلم قريبة منه ليس دونها وجاح فأشلاها حتى أتته ثم خرج يعدو حتى لحق بأصحابه فانتهوا إلى هضبة بكبد المضجع فارتقى توبة فوقها ينظر الطلب فرآه القوم ولم يرهم عند طلوع الشمس وبالت الخوصاء حين انتهت إلى الهضبة فقال القوم إنه لطائر أو إنسان فركب يزيد بن رويبة وكان أحدث القوم سنا وأمه بنت عم توبة فأغار ركضا حتى انتهى إلى الهضبة فإذا بول الفرس وعليه بقية من رغوته وإذا أثر توبة يعرفونه فرجع فخبر أصحابه واندفع توبة وأصحابه حتى نزلوا إلى طرف هضبة يقال لها الشجرة من أرض بني كلاب فقالوا بالظهيرة فلم يشعر شعر إلا والإبل قد نفرت وكانت بركا بالهاجرة من وئيد الخيل فوثب توبة وكان لا يضع السيف فصب الدرع على السيف متقلده وهلا وداجت القوم فطلب قائم السيف فلم يقدر عليه تحت الدرع فلم يستطع سله فطار إلى الرمح فأخذه فأهوى به طعنا الى يزيد بن رويبة وقد كان يزيد عاهد الله ليقتلنه أو ليأخذنه فأنفذ فخذ يزيد واعتنقه يزيد فعض بوجنتيه واستدبره عبدالله بالسيف ففلق رأس توبة وهيت توبة حين اعتوره الرجلان بقابض يا قابض فلم يلو عليه وفر قابض والكلابي وذب عبدالله بن حمير عن أخيه فأهوى له معاوية بن عبدالله بالسيف فأصاب ركبته فاختلعت أي سقطت فأتى قابض من فوره ذلك عبدالعزيز بن زرارة أحد بني أبي بكر بن كلاب فقال قتل توبة فنادى في قومه فجاءه أبوه زرارة فقال أين تريد فقال قتل توبة فقال أبوه طوط سحقا لك أتطلب بدم توبة أن قتلته بنو عقيل ظالما لها باغيا عاديا عليها قال لكني أجنه إذا قال أبوه أما هذه فنعم فألقى السلاح وانطلق حتى أجنه وحمل أخاه عبدالله بن حمير قال فأهل البادية يزعمون أن محرزا سحر فأخذ عن سيفه شعر ليلى في رثاء توبة فقالت ليلى الأخيلية بنت عبدالله بن الرحالة بن شداد بن كعب بن معاوية فارس الهرار بن عبادة بن عقيل :-

نظرت وركن من ذقانين دونه
= مفارز حوضى أي نظرة ناظر

لأونس إن لم يقصر الطرف عنهم
= فلم تقصر الأخبار والطرف قاصري

فوارس أجلى شأوها عن عقيرة
= لعاقرها فيها عقيرة عاقر

شأوها سرعتها وهو الطلق وجريها وقال غيره غايتها عقيرة تعني توبة لعاقرها تعني لعاقر توبة تريد يزيد بن رويبة ووجه آخر في عقيرة عاقر معنى مدح أي عقيرة كريمة لعاقرها ووجه آخر عقيرة لعاقرها فيها الهلاك بعقرها :-

فآنست خيلا بالرقي مغيرة
= سوابقها مثل القطا المتواتر

قتيل بني عوف وأيصر دونه
= قتيل بني عوف قتيل يحابر

توارده أسيافهم فكأنما
= تصادرن عن أقطاع أبيض باتر

من الهندوانيات في كل قطعة
= دم زل عن أثر من السيف ظاهر

أتته المنايا دون زغف حصينة
= وأسمر خطي وخوصاء ضامر

على كل جرداء السراة وسابح
= درأن بشباك الحديد زوافر

عوابس تعدو الثعلبية ضمرا
= وهن شواح بالشكيم الشواجر

فلا يبعدنك الله يا توب إنما
= لقاء المنايا دارعا مثل حاسر

فإلا تك القتلى بواء فإنكم
= ستلقون يوما ورده غير صادر

وإن السليل إذ يباوي قتيلكم
= كمرحومة من عركها غير طاهر

فإن تكن القتلى بواء فإنكم
= فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر

فتى لا تخطاه الرفاق ولا يرى
= لقدر عيالا دون جار مجاور

ولا تأخذ الكوم الجلاد رماحها
= لتوبة في نحس الشتاء الصنابر

إذا ما رأته قائما بسلاحه
= تقته الخفاف بالثقال البهازر

إذا لم يجد منها برسل فقصره
= ذرى المرهفات والقلاص التواجر

قرى سيفه منها مشاشا وضيفه
= سنام المهاريس السباط المشافر

وتوبة أحيا من فتاة حيية
= وأجرأ من ليث بخفان خادر

ونعم الفتى إن كان توبة فاجرا
= وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر

فتى ينهل الحاجات ثم يعلها
فيطلعها عنه ثنايا المصادر

صوت :-

كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ
= قلائص يفحصن الحصا بالكراكر

ولم يبن أبرادا عتاقا لفتية
= كرام ويرحل قبل فيء الهواجر

في هذين البيتين لحن من الثقيل الأول لمحمد بن إبراهيم قريض وهو من خاص صنعته وغنائه :-

ولم يتجل الصبح عنه وبطنه
= لطيف كطي السب ليس بحادر

فتى كان للمولى سناء ورفعة
= وللطارق الساري قرى غير باسر

ولم يدع يوما للحفاظ وللندا
= وللحرب يرمى نارها بالشرائر

وللبازل الكوماء يرغو حوارها
= وللخيل تعدو بالكماة المساعر

كأنك لم تقطع فلاة ولم تنخ
= قلاصا لدى فأو من الأرض غائر

وتصبح بموماة كأن صريفها
= صريف خطاطيف الصرى في المحاور

طوت نفعها عنا كلاب وآسدت
= بنا أجهليها بين غاو وشاعر

وقد كان حقا أن تقول سراتهم
= لعا لأخينا عاليا غير عاثر

ودوية قفر يحار بها القطا
= تخطيتها بالناعجات الضوامر

فتالله تبني بيتها أم عاصم
= على مثله أخرى الليالي الغوابر

فليس شهاب الحرب توبة بعدها
= بغاز ولا غاد بركب مسافر

وقد كان طلاع النجاد وبين الل
= سان ومدلاج السرى غير فاتر

وقد كان قبل الحادثات إذا انتحى
= وسائق أو معبوطة لم يغادر

وكنت إذا مولاك خاف ظلامة
= دعاك ولم يهتف سواك بناصر

فإن يك عبدالله آسى ابن أمه
= وآب بأسلاب الكمي المغاور

وكان كذات البو تضرب عنده
= سباعا وقد ألقينه في الجراجر

فإنك قد فارقته لك عاذرا
= وأنى لحي عذر من في المقابر

فأقسمت أبكي بعد توبة هالكا
= وأحفل من نالت صروف المقادر

على مثل همام ولابن مطرف
= لتبك البواكي أو لبشر بن عامر

غلامان كانا استوردا كل سورة
= من المجد ثم أستوثقا في المصادر

ربيعي حيا كانا يفيض نداهما
= على كل مغمور نداه وغامر

كأن سنا ناريهما كل شتوة
= سنا البرق يبدو للعيون النواظر

وقالت أيضا ترثي توبة عن أم حمير وأمها أبنة أخي توبة عن أمها قال / أبو عبيدة أم حمير أخت أبي الجراح العقيلي قال : وأمها بنت أخي توبة بن حمير قال : وكان الأصمعي يعجب بها :-

أيا عين بكي توبة بن حمير
= بسح كفيض الجدول المتفجر

لتبك عليه من خفاجة نسوة
= بماء شؤون الغبرة المتحدر

سمعن بهيجا أرهقت فذكرنه
= ولا يبعث الأحزان مثل التذكر

كأن فتى الفتيان توبة لم يسر
= بنجد ولم يطلع مع المتغور

ولم يرد الماء السدام إذا بدا
= سنا الصبح في بادي الحواشي منور

ولم يغلب الخصم الضجاج ويملأ
= الجفان سديفا يوم نكباء صرصر

ولم يعل بالجرد الجياد يقودها
= بسرة بين الأشمسات فايصر

وصحراء موماة يحار بها القطا
= قطعت على هول الجنان بمنسر

يقودون قبا كالسراحين لاحها
= سراهم وسير الراكب المتهجر

فلما بدت أرض العدو سقيتها
= مجاج بقيات المزاد المقير

ولما أهابوا بالنهاب حويتها
= بخاظي البضيع كره غير أعسر

ممر ككر الأندري مثابر
= إذا ما ونين مهلب الشد محضر

فألوت بأعناق طوال وراعها
= صلاصل بيض سابغ وسنور

ألم تر أن العبد يقتل ربه
= فيظهر جد العبد من غير مظهر

قتلتم فتى لا يسقط الروع رمحه
= إذا الخيل جالت في قنا متكسر

فيا توب للهيجا ويا توب للندى
= ويا توب للمستنبح المتنور

ألا رب مكروب أجبت ونائل
= بذلت ومعروف لديك ومنكر

وقالت ترثيه :-

أقسمت أرثي بعد توبة هالكا
= وأحفل من دارت عليه الدوائر

لعمرك ما بالموت عار على الفتى
= إذا لم تصبه في الحياة المعاير

وما أحد حي وإن عاش سالما
= بأخلد ممن غيبته المقابر

ومن كان مما يحدث الدهر جازعا
= فلا بد يوما أن يرى وهو صابر

وليس لذي عيش عن الموت مقصر
= وليس على الأيام والدهر غابر

ولا الحي مما يحدث الدهر معتب
= ولا الميت إن لم يصبر الحي ناشر

وكل شباب أو جديد إلى بلى
= وكل امرىء يوما إلى الله صائر

وكل قريني ألفة لتفرق
= شتاتا وإن ضنا وطال التعاشر

فلا يبعدنك الله حيا وميتا
= أخا الحرب إن دارت عليك الدوائر

ويروى :-

فلا يبعدنك الله يا توب هالكا
= أخا الحرب إن دارت عليك الدوائر

فآليت لا أنفك أبكيك ما دعت
= على فنن ورقاء أو طار طائر

قتيل بني عوف فيا لهفتا له
= وما كنت إياهم عليه أحاذر

ولكنما أخشى عليه قبيلة
= لها بدروب الروم باد وحاضر

وقالت ترثيه :-

كم هاتف بك من باك وباكية
= يا توب للضيف إذ تدعى وللجار

وتوب للخصم إن جاروا وإن عدلوا
= وبدلوا الأمر نقضا بعد إمرار

إن يصدروا الأمر تطلعه موارده
= أو يوردوا الأمر تحلله بإصدار

وقالت ترثيه :-

هراقت بنو عوف دما غير واحد
= له نبأ نجديه سيغور

تداعت له أفناء عوف ولم يكن
= له يوم هضب الردهتين نصير

وقالت ترثيه :-

يا عين بكي بدمع دائم السجم
= وابكي لتوبة عند الروع والبهم

على فتى من بني سعد فجعت به
= ماذا أجن به في الحفرة الرجم

من كل صافية صرف وقافية
= مثل السنان وأمر غير مقتسم

ومصدر حين يعيي القوم مصدرهم
= وجفنة عند نحس الكوكب الشبم

وقالت تعير قابضا :-

جزى ا لله شرا قابضا بصنيعه
= وكل امرىء يجزى بما كان ساعيا

دعا قابضا والمرهفات يردنه
= فقبحت مدعوا ولبيك داعيا

وقالت لقابض وتعذر عبدالله أخا توبة :-

دعا قابضا والموت يخفق ظله
= وما قابض إذ لم يجب بنجيب

وآسى عبيدالله ثم ابن أمه
= ولو شاء نجى يوم ذاك حبيبي

خبر توبة مع زنجي لقيه في الشام :-

أخبرني / الحسن بن علي عن عبدالله بن أبي سعد عن أحمد بن معاوية بن بكر قال : حدثني أبو الجراح العقيلي عن أمه دينار بنت خيبري بن الحمير عن توبة بن الحمير قال : خرجت إلى الشام فبينا أنا أسير ليلة في بلاد لا أنيس بها ذات شجر نزلت لأريح وأخذت ترسي فألقيته فوقي وألقيت نفسي بين المضطجع والبارك فلما وجدت طعم النوم إذا شيء قد تجللني عظيم ثقيل قد برك علي ونشزت عنه ثم قمصت منه قماصا فرميت به على وجهه وجلست إلى راحلتي فانتضيت السيف ونهض نحوي فضربته ضربة انخزل منها وعدت إلى موضعي وأنا لا أدري ما هو إنسان أم سبع فلما أصبحت إذا هو أسود زنجي يضرب برجليه وقد قطعت وسطه حتى كدت أبريه وانتهيت إلى ناقة مناخة موقرة ثيابا من سلبه وإذا جارية شابة ناهد وقد أوثقها وقرنها بناقته فسألتها عن خبرها فأخبرتني أنه قتل مولاها وأخذها منه فأخذت الجميع وعدت إلى أهلي قال أبو الجراح قالت أمي وأنا أدركتها في الحي تخدم أهلنا .

جواب ليلى عندما سألها معاوية عن توبة :-

أخبرنا اليزيدي عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : أخبرنا عطاء بن مصعب القرشي عن عاصم الليثي عن يونس بن حبيب الضبي عن أبي عمرو بن العلاء قال : سأل معاوية بن أبي سفيان ليلى الأخيلية عن توبة بن الحمير فقال : ويحك ياليلى أكما يقول الناس كان توبة : قالت : يا أمير المؤمنين ليس كل ما يقول الناس حقا : والناس شجرة بغي يحسدون أهل النعم حيث كانوا وعلى من كانت ولقد كان يا أمير المؤمنين سبط البنان حديد اللسان شجا للأقران كريم المخبر عفيف المئزر جميل المنظر وهو يا أمير المؤمنين كما قلت له : قال : وما قلت له : قالت : قلت : ولم أتعد الحق وعلمي فيه :-

بعيد الثرى لا يبلغ القوم قعره
= ألد ملد يغلب الحق باطله

إذا حل ركب في ذراه وظله
= ليمنعهم مما تخاف نوازله

حماهم بنصل السيف من كل فادح
= يخافونه حتى تموت خصائله

فقال لها معاوية : ويحك يزعم الناس أنه كان عاهرا خاربا فقالت : من ساعتها :-

معاذ إلهي كان والله سيدا
= جوادا على العلات جما نوافله

أغر خفاجيا يرى البخل سبة
= تحلب كفاه الندى وأنامله

عفيفا بعيد الهم صلبا قناته
= جميلا محياه قليلا غوائله

وقد علم الجوع الذي بات ساريا
= على الضيف والجيران أنك قاتله

وأنك رحب الباع يا توب بالقرى
= إذا مالئيم القوم ضاقت منازله

يبيت قرير العين من بات جاره
= ويضحي بخير ضيفه ومنازله

فقال لها معاوية : ويحك يا ليلى لقد جزت بتوبة قدره فقالت : والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته وأني لا أبلغ كنه ما هو أهله فقال لها معاوية : من أي الرجال كان قالت :-

أتته المنايا حين تم تمامه
= وأقصر عنه كل قرن يطاوله

وكان كليث الغاب يحمي عرينه
= وترضى به أشباله وحلائله

غضوب حليم حين يطلب حلمه
= وسم زعاف لا تصاب مقاتله

قال : فأمر لها بجائزة عظيمة وقال لها : خبريني بأجود ما قلت فيه : من الشعر قالت : يا أمير المؤمنين ما قلت فيه شيئا إلا والذي فيه من خصال الخير أكثر منه : ولقد أجدت حين قلت :-

جزى الله خيرا والجزاء بكفه
= فتى من عقيل ساد غير مكلف

فتى كانت الدنيا تهون بأسرها
= عليه ولا ينفك جم التصرف

ينال عليات الأمور بهونة
= إذا هي أعيت كل حرق مشرف

هو الذوب بل أري الخلايا شبيهه
= بدرياقة من خمر بيسان قرقف

فياتوب مافي العيش خير ولا ندى
= يعد وقد أمسيت في ترب نفنف

وما نلت منك النصف حتى ارتمت
= بك بسهم صائب الوقع أعجف

فيا ألف ألف كنت حيا مسلما
= لألقاك مثل القسور المتطرف

كما كنت إذ كنت المنحى من الردى
= إذا الخيل جالت بالقنا المتقصف

وكم من لهيف محجر قد أجبته
= بأبيض قطاع الضريبة مرهف

فانقذته والموت يحرق نابه
= عليه ولم يطعن ولم يتنسف

جميل يظهر غيرة على بثينة من توبة :-

أخبرني / الحسن بن علي عن ابن مهرويه عن ابن أبي سعد قال : حدثت عن القحذمي عن / محارب بن غصين العقيلي قال : كان توبة قد خرج إلى الشام فمر ببني عذرة فرأته بثينة فجعلت تنظر إليه فشق ذلك على جميل وذلك قبل أن يظهر حبه لها فقال له جميل : من أنت قال : أنا / توبة بن الحمير قال : هل لك في الصراع قال : ذلك إليك فشدت عليه بثينة ملحفة مورسة فاتزر بها ثم صارعه فصرعه جميل ثم قال : هل لك في النضال قال : نعم فناضله فنضله جميل ثم قال له : هل لك في السباق فقال : نعم فسابقه فسبقه جميل فقال له : توبة يا هذا إنما تفعل هذا بريح هذه الجالسة ولكن أهبط بنا الوادي فصرعه توبة ونضله وسبقه . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

خيَّال الغلباء
31 - 12 - 2008, 07:31
أخي الكريم / جعد الوبر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بعبق الغزل العذري العفيف رحم الله / قيس بن الملوح الخفاجي وليلى العامرية وتوبة وليلى الأخيلية وجمعهما في الجنة وشكر على الإضافة القيمة والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

وطبان
12 - 08 - 2009, 04:21
مشكور وما قصرت ولا هنت

خيَّال الغلباء
14 - 08 - 2009, 21:29
وطبان جزاك الله خيراً ولا هنت

عواكيس
23 - 09 - 2009, 08:33
مشكور وما قصرت ولا هنت

خيَّال الغلباء
10 - 10 - 2009, 12:42
عواكيس جزاك الله خيراً ولا هنت