آل سبيعي
24 - 07 - 2007, 23:29
خلق الله العباد ليذكروه، ورزق الله الخليقة ليشكروه، فعبد الكثير غيره، وشكر الغالب سواه؛ لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك، وأحرقوا إحسانك، ونسوا معروفك، بل ربما ناصبوك العداء، ورموك بمنجنيق الحقد الدفين، لا لشيء إلا لأنك أحسنت إليهم ُوطالع سجل العالم المشهود، فإذا في فصوله قصة أبٍ ربى ابنه وغذَّاه، وكساه وأطعمه وسقاه، وأدَّبه وعلَّمه ،، سهر لينام، جاع ليشبع، تعب ليرتاح، فلما طَرَّ شارب هذا الابن وقوي ساعده؛ أصبح لوالده كالكلب العقور، استخفافاً، وخسة، وازدراءً، ومقتاً، وعقوقاً صارخاً، وعذاباً وبيلاً، وبغياً أثيماً اعمل الخير لوجه الله؛ لأنك الفائز على كل حال، ثم لا يضرك غمط من غمطك، ولا جحود من جحدك، واحمد الله على كل شيء، فليهدأ الذين احترقت أوراق جميلهم عند منكوسي الفِطَر، ومحطَّمي الإرادات، وليهنئوا بعظم المثوبة عند من لا تنفذ خزائنه. إن هذا الخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل، وعدم الإحسان للغير، وإنما يوطنك على انتظار الجحود والتنكر لهذا الجميل والإحسان، فلا تبتئس بما كانوا يصنعون.