خيَّال الغلباء
21 - 09 - 2008, 21:00
بسم الله الرحمن الرحيم
تأملْ أيها المسلم في ساعتك ، وانظر إلى عقرب الساعة وهو يأكل الثواني أكلاً ، لا يتوقف ولا ينثني، بل لا يزال يجري ويلتهم الساعات والثواني ، سواء كنت قائماً أو نائماً ، عاملاً أو عاطلاً ، وتذكّرْ أن كل لحظة تمضي ، وثانية تنقضي فإنما هي جزء من عمرك ، وأنها مرصودة في سجلك ودفترك ، ومكتوب في صحيفة حسناتك أو سيئاتك ، فاتّق الله في نفسك ، واحرص على شغل أوقاتك فيما يقربك إلى ربك ، ويكون سبباً لسعادتك وحسن عاقبتك ، في دنياك وآخرتك . وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره ، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره ، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته ، وموضع الذؤابة منه . ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعظّم هذه العشر ، ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لا يكاد يقدر عليه ، يفعل ذلك - صلى الله عليه وسلم - وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به - صلى الله عليه وسلم - فنعرف لهذه الأيام فضلها ، ونجتهد فيها ، لعل الله أن يدركنا برحمته ، ويسعفنا بنفحة من نفحاته ، تكون سبباً لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله . روى الإمام مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر ، ما لا يجتهد في غيره ". وفي الصحيحين عنها قالت : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخلط العشرين بصلاة ونوم ، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر ". فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان ، وشدة حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات ، فينبغي لك أيها المسلم أن تفرغ نفسك في هذه الأيام ، وتخفّف من الاشتغال بالدنيا ، وتجتهد فيها بأنواع العبادة من صلاة وقراءة ، وذكر وصدقة ، وصلة للرحم وإحسان إلى الناس. فإنها - والله - أيام معدودة ، ما أسرع أن تنقضي ، وتُطوى صحائفها ، ويُختم على عملك فيها ، وأنت - والله - لا تدري هل تدرك هذه العشر مرة أخرى ، أم يحول بينك وبينها الموت ، بل لا تدري هل تكمل هذه العشر ، وتُوفّق لإتمام هذا الشهر ، فالله الله بالاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها وليالها ، وينبغي لك أيها المسلم أن تحرص على إيقاظ أهلك ، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة ، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة . ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره ، وأحيا ليله وأيقظ أهله . وإيقاظه لأهله ليس خاصاً في هذه العشر ، بل كان يوقظهم في سائر السنة ، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد . قال سفيان الثوري : أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ، ويجتهد فيه ، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك . وإن لمن الحرمان العظيم ، والخسارة الفادحة ، أن نجد كثيراً من المسلمين ، تمر بهم هذه الليالي المباركة ، وهم عنها في غفلة معرضون ، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم ، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب ، وفيما لا فائدة فيه ، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر ، ليست له هذه الفضيلة والمزية . وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام ، انطرح على فراشه ، وغطّ في نوم عميق ، وفوّت على نفسه خيراً كثيراً ، لعله لا يدركه في عام آخر .
ومن خصائص هذه العشر : ما ذكرته عائشة من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحيي ليله ، ويشدّ مئزره ، أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحيي هذه العشر اغتناماً لفضلها وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر . وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ما أعلم - صلى الله عليه وسلم - قام ليلة حتى الصباح ". ولا تنافي بين هذين الحديثين ، لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالصلاة والقراءة والذكر والسحور ونحو ذلك من أنواع العبادة ، والذي نفته ، هو إحياء الليل بالقيام فقط .
ومن خصائص هذه العشر أن فيها ليلة القدر ، التي قال الله عنها : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ). وقال فيها : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ، فيها يفرق كل أمر حكيم ) أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكاتبين كل ما هو كائن في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر ، وغير ذلك من أوامر الله المحكمة العادلة .
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله ، ولا يُحرم خيرها إلا محروم". حديث صحيح رواه النسائي وابن ماجه . قال الإمام النحعي : " العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها ". وقد حسب بعض العلماء " ألف شهر " فوجدوها ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشه ر، فمن وُفّق لقيام هذه الليلة وأحياها بأنواع العبادة ، فكأنه يظل يفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة ، فياله من عطاء جزيل ، وأجر وافر جليل ، من حُرمه فقد حُرم الخير كله . وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه " وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان " متفق عليه .
وهي في الأوتار منها أحرى وأرجى ، وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : التمسوها في العشر الأواخر في الوتر " أي في ليلة إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين . وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها لا تثبت في ليلة واحدة ، بل تنتقل في هذه الليالي ، فتكون مرة في ليلة سبع وعشرين ومرة في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو تسع وعشرين . وقد أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم ، ليجتهدوا في جميع ليالي العشر ، وتكثر أعمالهم الصالحة فتزداد حسناتهم ، وترتفع عند الله درجاتهم ( ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون )، وأخفاها سبحانه حتى يتبين الجادّ في طلب الخير الحريص على إدراك هذا الفضل ، من الكسلان المتهاون ، فإن من حرص على شيء جدَّ في طلبه ، وسهل عليه التعب في سبيل بلوغه والظفر به ، فأروا الله من أنفسكم خيراً واجتهدوا في هذه الليالي المباركات ، وتعرّضوا فيها للرحمات والنفحات ، فإن المحروم من حُرم خير رمضان ، وإن الشقي من فاته فيه المغفرة والرضوان ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " رغم أنف من أدرك رمضان ثم خرج ولم يُغفر له ". رواه ابن حبان والحاكم وصححه الألباني . كتبه الشيخ الدكتور / عبدالعزيز الفوزان . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
تأملْ أيها المسلم في ساعتك ، وانظر إلى عقرب الساعة وهو يأكل الثواني أكلاً ، لا يتوقف ولا ينثني، بل لا يزال يجري ويلتهم الساعات والثواني ، سواء كنت قائماً أو نائماً ، عاملاً أو عاطلاً ، وتذكّرْ أن كل لحظة تمضي ، وثانية تنقضي فإنما هي جزء من عمرك ، وأنها مرصودة في سجلك ودفترك ، ومكتوب في صحيفة حسناتك أو سيئاتك ، فاتّق الله في نفسك ، واحرص على شغل أوقاتك فيما يقربك إلى ربك ، ويكون سبباً لسعادتك وحسن عاقبتك ، في دنياك وآخرتك . وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره ، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره ، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته ، وموضع الذؤابة منه . ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعظّم هذه العشر ، ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لا يكاد يقدر عليه ، يفعل ذلك - صلى الله عليه وسلم - وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به - صلى الله عليه وسلم - فنعرف لهذه الأيام فضلها ، ونجتهد فيها ، لعل الله أن يدركنا برحمته ، ويسعفنا بنفحة من نفحاته ، تكون سبباً لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله . روى الإمام مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر ، ما لا يجتهد في غيره ". وفي الصحيحين عنها قالت : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخلط العشرين بصلاة ونوم ، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر ". فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان ، وشدة حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات ، فينبغي لك أيها المسلم أن تفرغ نفسك في هذه الأيام ، وتخفّف من الاشتغال بالدنيا ، وتجتهد فيها بأنواع العبادة من صلاة وقراءة ، وذكر وصدقة ، وصلة للرحم وإحسان إلى الناس. فإنها - والله - أيام معدودة ، ما أسرع أن تنقضي ، وتُطوى صحائفها ، ويُختم على عملك فيها ، وأنت - والله - لا تدري هل تدرك هذه العشر مرة أخرى ، أم يحول بينك وبينها الموت ، بل لا تدري هل تكمل هذه العشر ، وتُوفّق لإتمام هذا الشهر ، فالله الله بالاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها وليالها ، وينبغي لك أيها المسلم أن تحرص على إيقاظ أهلك ، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة ، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة . ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره ، وأحيا ليله وأيقظ أهله . وإيقاظه لأهله ليس خاصاً في هذه العشر ، بل كان يوقظهم في سائر السنة ، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد . قال سفيان الثوري : أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ، ويجتهد فيه ، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك . وإن لمن الحرمان العظيم ، والخسارة الفادحة ، أن نجد كثيراً من المسلمين ، تمر بهم هذه الليالي المباركة ، وهم عنها في غفلة معرضون ، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم ، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب ، وفيما لا فائدة فيه ، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر ، ليست له هذه الفضيلة والمزية . وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام ، انطرح على فراشه ، وغطّ في نوم عميق ، وفوّت على نفسه خيراً كثيراً ، لعله لا يدركه في عام آخر .
ومن خصائص هذه العشر : ما ذكرته عائشة من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحيي ليله ، ويشدّ مئزره ، أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحيي هذه العشر اغتناماً لفضلها وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر . وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ما أعلم - صلى الله عليه وسلم - قام ليلة حتى الصباح ". ولا تنافي بين هذين الحديثين ، لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالصلاة والقراءة والذكر والسحور ونحو ذلك من أنواع العبادة ، والذي نفته ، هو إحياء الليل بالقيام فقط .
ومن خصائص هذه العشر أن فيها ليلة القدر ، التي قال الله عنها : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ). وقال فيها : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ، فيها يفرق كل أمر حكيم ) أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكاتبين كل ما هو كائن في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر ، وغير ذلك من أوامر الله المحكمة العادلة .
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله ، ولا يُحرم خيرها إلا محروم". حديث صحيح رواه النسائي وابن ماجه . قال الإمام النحعي : " العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها ". وقد حسب بعض العلماء " ألف شهر " فوجدوها ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشه ر، فمن وُفّق لقيام هذه الليلة وأحياها بأنواع العبادة ، فكأنه يظل يفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة ، فياله من عطاء جزيل ، وأجر وافر جليل ، من حُرمه فقد حُرم الخير كله . وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه " وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان " متفق عليه .
وهي في الأوتار منها أحرى وأرجى ، وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : التمسوها في العشر الأواخر في الوتر " أي في ليلة إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين . وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها لا تثبت في ليلة واحدة ، بل تنتقل في هذه الليالي ، فتكون مرة في ليلة سبع وعشرين ومرة في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو تسع وعشرين . وقد أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم ، ليجتهدوا في جميع ليالي العشر ، وتكثر أعمالهم الصالحة فتزداد حسناتهم ، وترتفع عند الله درجاتهم ( ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون )، وأخفاها سبحانه حتى يتبين الجادّ في طلب الخير الحريص على إدراك هذا الفضل ، من الكسلان المتهاون ، فإن من حرص على شيء جدَّ في طلبه ، وسهل عليه التعب في سبيل بلوغه والظفر به ، فأروا الله من أنفسكم خيراً واجتهدوا في هذه الليالي المباركات ، وتعرّضوا فيها للرحمات والنفحات ، فإن المحروم من حُرم خير رمضان ، وإن الشقي من فاته فيه المغفرة والرضوان ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " رغم أنف من أدرك رمضان ثم خرج ولم يُغفر له ". رواه ابن حبان والحاكم وصححه الألباني . كتبه الشيخ الدكتور / عبدالعزيز الفوزان . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .